رواية أحفاد الجارحي الجزء الرابع (أسياد العشق) بقلم آية محمد رفعت الفصل الثامن عشر
بالصباح الباكر ...
ولج حينما أستمع أذن الولوج،رسم بسمته العذباء قائلاٍ بثباته الذي لن يتخلى عنه رغم بسمته!..
_صباح الخير يا ست الكل ...
حملت سجادة الصلاة ثم طوتها ووضعتها على الأريكة بحرص قائلة بفرحة عارمة لوجوده _صباح النور يا روح قلبي ..
أقترب عدي منها ثم أنحنى ليقبل يدها قائلاٍ بوقار_تقبل الله ..
وضعت آية يدها على شعره الغزير ببسمة هادئة _منا ومنك أن شاء الله يا حبيبي ..
نهض ليقف أمامها فتأملته ببسمة بسيطة ثم قالت بصوتٍ مرتبك لعلمها بأنزعاجه بما ستتفوه به
_بتقلب لأبوك ...
تطلع لها بنظرة مطولة محملة بالحزن حينما تذكر سفر أبيه وقلقه على حالته،نعم فمهما كانت التحديات بينهم فهو أبيه بنهاية الأمر،الجميع بالقصر يعلمون بأن علاقة عدي وياسين الجارحي غريبة نوعاً ما ولكن الحائل على الجميع أن الحب يغلفها ! ..
تأملت ملامحه بأهتمام فقالت بتذمر _هموت وأعرف أيه اللي بينك وبينه! ..
أنتشله صوتها من دوامة الفكر المفروضة فأستعاد ثباته من جديد _أنا نفسي ما أعرفش ..
ثم أقترب منها ليحاوطها بذراعيه قائلاٍ بمشاكسة_يمكن حب... تحدي ...عند ...أوعدك لو أتوصل لأجابة السؤال دا أنتِ أول واحدة هتعرفي
تعالت ضحكاتها بعدم تصديق فقالت بسخرية _أنا غلطت بتشبهي ..
ثم أشارت إليه بأن يقترب منها لتهمس بمرح _أنت أصعب من ياسين الجارحي نفسه
غمز لها بطرف عيناه المذهبة قائلاٍ بمكر _عارف ..
_أيه دا خيانة ! ..
قالها عمر بمزح حينما رأى السعادة المتبادلة بينهما،أستدارت برأسها ببسمتها الرقيقة _متأخر عن معادك نص ساعة ..
قبل رأسها قائلاٍ بملامح يلفحها الضيق _أكيد بعد اللي شوفته فى المقر لازم أخد كفايتي من النوم،أنا كنت فاكر أن وظيفتي هى الأصعب بس طلع فى الأسوء ..
لم تتمالك ذاتها فتعالت ضحكاتها قائلة بصعوبة بالحديث _عشان تقدر باباك كويس ..
رمقها بنظرة جانبية ثم أستدار ليتفحص بعناية المسافة بينه وبين عدي وحينما تأكد من أنه بمأمن من عدم أستماعه إليه قال بصوتٍ غاضب ومنخفض بعض الشيء_أنا مقدر من يومي هو إبنك دا اللي عامل فيها توم كروز وداخل فى تحديات مع ياسين الجارحي ومجرجرني وراه هتقولي أيه قدري ومكتوب ...
حاولت جاهدة أن تكبت ضحكاتها فأكتفت بمحاولاتها البائسة على لفت أنتباهه لمن يقف خلفها بنظرات كالجمرات، أستدار للخلف ببسمة واسعة _ دعني أفرغ ما بجعبتي يا فتى فأن الأمر يزداد سوءاً منك ومن ياسين الجارحي سوياً ..
تعالت ضحكات عدي فرسمت مزيج من الدهشة والذهول على وجوههم،رفع يديه على كتفيه قائلاٍ بسخرية _طب يلا يا خفيف ..
وأستدار لها ببسمة مبسطة _عن أذنك يا أمي ..
أشارت له بفرحة لرؤية البسمة والمرح تسود الأجواء بين صغارها ...
بالأسفل ...
أشاحت بعيناها عنه حتى لا يرى وجهها المشتعل من شدة الخجل، رفع عيناه يتفحص القاعه فأبتسم بخبث، حاوطها بذراعيه مسترسلاٍ كلماته المعسولة
_بحاول أخليكِ تقتنعي بكلامي مش أكتر ...
قالت ونظراتها بعيدة عنه _ متشكرين على الكرم دا ..
أستند رائد بجذعه على الطاولة هائماً بنظراته إليها ثم قال بمكر_طيب أفهم بتخبي عني وشك ليه ؟ ..
أشتعلت جمرة الخجل فبدت كأنها أمام حرايق هائل، لعنت ذاتها على ما قالته له بالصباح فأصبح بهذه الواقحة ليؤكد لها بأنها خاطئة فهناك عشقٍ يتغلغل بالأعماق فيلامس اسوار قلبه عن تعمد ليكتب حروفها بنفسه حتى لو غابت عن عقله لثوانٍ يقرأ حروفها المختمة على القلب فيسحبه الحنين لها، أرتكب خطأ ذات مرة فتحطم القلب وشوه ذلك الأسم المحبب إليه، فكلما كان يحاول نسيانها كان القلب يتأجج بالجمرات لتلمع حروفها من جديد بتحدى سافر بأنه لن يتمكن من نسيانها وكذلك هو، ختم بئر ذكرياته ببسمة بسيطة فرفع يديه على يدها لتنهض من جواره بصدمة_أنت أتجننت صح ؟ ..
ضيق عيناه بسخرية فنهض ليقترب منها بكلماتٍ غامضة _ يعني محاولة أثبات حبي ليكِ جنون ؟! ..
تراجعت للخلف بتوتر وعيناها تجوب قاعة القصر بأرتباك من وجود أحداً !، إبتسم بتسلية وهو يراها بهذة الحالة فتذكر تقربه منها منذ الوهلة الأولى لهم فلا مانع للعودة مجدداً لذكريات تجعله يبتسم كالمجنون مثلما وصفته هي ! ...
شيئاً صلب منعها من التقدم أكثر، أستدارت لتجد ذاتها منحصرة بين الحائط وذراعيه،نظراته تتعمق بعيناها كأنها تتوعد لها بأفتضاح مكنوناتها ! ...
أعطت ألاف الأشارات للسانها بالحديث ولكنه عاجز عن ذلك ...فالعقل شارد بالعينان والقلب يستمع لطرب نبض الأخر المقرب إليه، تمكنت بعد لحظات مطولة من الحديث ؛ فقالت بصوتٍ يكاد مسموع_ أبعد يا رائد وبطل جنان ..
كبت ضحكاته قائلاٍ بسخرية _أنتِ اللي بدائتي الجنان يا بيبي يبقى تستحملي للأخر ..
رفعت عيناها تتفحص الدرج الداخلي للقصر فزفرت بأرتياح حينما لم ترى أحداً من أبناء أعمامه، شهقت بصدمة حينما رفع يديها يقبلها بعشق ثم تطلع لها قائلاٍ بمكر منخفي بعيناه _أنتِ فعلا صح أنا أنشغلت عنك بأخر فترة بس أوعدك مش هتكرر ..
سحبت يدها سريعاً ثم قالت بندم _لاااا كنت غلط والله أنا أسفة مش هقول كدا تانى ..
كبت ضحكاته بصعوبة ورسم الجدية مرة أخرى _لا يا روحي مش غلط أنتِ صح ...
صاحت رانيا بغضب وهى تراه يقلص المسافات بينهم _لاااا غلط والله أنا غلط سبني بقى أطلع أشوف أولادي لو سمحت ..
جذبها لترتطم بصدره فكور يديها بين كفة يديه خلف خصرها بينما حرر يداه الأخرى ليمررها على وجهها بهمس_متعودتش أخرج من نقاش من غير ما أنهيه وأنتِ اللي أختارتي المكان دا يبقى تستحملي بقى ..
تاهت بعيناه الرومادية قليلاٍ فشعرت بأنها لم تعى معاني الكلمات التى ستتفوه بها !، لم تجد سوى وصفاً واحد لذلك المغرور الشبيه بأبيه رعد الجارحي من وجهة نظرها فحاولت تحرير يديها ولكن فشلت كالعادة فأستسلمت ليديه برضا تام، إبتسم قائلاٍ بغرور _أحلى حاجة فيكِ يا روحي أنك بتقدري أقصى حد لطاقتك ..
رمقته بنظرة نارية فتعالت ضحكاته بتسلية لرؤية ملامحها الغاضبة ..
_أيه اللي بيحصل هنا دا ؟ ..
صوتٍ قطع النظرات بينهم،فأستدارت لتجد أبيه أمامهم، جذبت يديها منه ولكنه أبى تركها، تطلعت له بصدمة من نظراته المثبتة عليها رغم وجود رعد الجارحي لجواره ...
وزعت نظراتها بينهم بوجه شبه ناري من شدة الخجل الذي تشعر به، رأف بحالتها أخيراً فتركها ببسمة أنتصار لتسرع للأعلى تهرباً من نظرات رعد،وقف يتأملها وهى تختفي من أمامه تدريجياً بنظرته المشتعلة بعشقها، ثم أستدار لأبيه قائلاٍ بهيام _صباح الخير يا بابا ..
رمقه بنظرة نارية ثم قال بسخرية _دانت اللي بابا يا عم ...
ثم قال بحدة _طب على الأقل أظهرلي بعض الأحترام !..
أقترب منه ببسمة مكر ثم قال بزعل مصطنع _الأحترام كله لحضرتك أكيد بس أنا كنت بطبق أحد دروسك ليا ..
ضيق عيناه بعدم فهم فأكمل رائد حديثه الماكر _قولت الراجل الناجح هو اللي يقدر يتغلب على مشاكل بيته دون ما حد يتداخل فأنا حاليت أهو دون تداخلك حضرتك اللي جايت فى أخر الصلح مش ذنبي بقى ..
رمقه بنظرة سخرية _تصدق أقنعتني يالا ! ..
رفع يديه بتحية مرحة _تلميذك يا رعد بيه ..
كبت ضحكاته بصعوبة فقال بحذم _طب على شغلك يا خفيف ..
جذب مفاتيح سيارته الموضوعة على طاولة الطعام ثم لوح له ببسمة واسعة _أشوفك بالمقر يا أبو رائد يا عسل ..
وغادر لسيارته سريعاً فأبتسم رعد قائلاٍ بصوت منخفض _اللي كنت بعمله فى ولاد عمي إبني بيعيد أمجاده ...
وأشار برأسه بخقة فأستدار ليتفاجئ بعز أمام عيناه بنظرات نارية تشيح بالغضب المدفون داخل عيناه، أقترب ليقف أمام عيناه بصمتٍ قطعه بعد قليل بصوتٍ كالجمرات _يحيى فين ؟.
جذبه رعد لغرفة المكتب سريعاً قبل أن يستمع إليه أحداً فدفشه بالداخل بغضب _أبعد عني ...وجاوبني على سؤالي أخويا فييين ؟ ..
أغلق رعد باب المكتب قائلاٍ بضيق _أهدى شوية الله ...
إبتسم بسخرية _لا بجد ! ..واحد يكتشف أن أخوه الكبير مصاب بفشل كلوي ومسافر بره مصر يعمل جراحة خطيرة بدون علمه وعايزه يكون هادي! ..
صاح بغضب_عز أنا مقدر حالتك كويسيحيىكويس وفى ظرف 24ساعة هيتنقل هو وياسين بالطايرة لمستشفي الدكتور اللي بيتابعه فى مصر فأرجوك حاول تتحكم بنفسك عشان محدش يحس بحاجه وبالأخص ملك.
فتحت الباب الذي يفصلها عنهم بنظرة تكل بالصدمة والألم ؛ فشعرت بأن قدماها لم تعد تحملها على الوقوف، معشوقها ينازع للحياة بدونها، نعم كانت تشعر بأن هناك أمراً غامض فظنت بأنه مجرد شك لذا قررت أن تتجه لمكتب أخيها تخبره عن قلقها لتفق على صدمة مريبة، صعق رعد حينما وجد شقيقته أمام عيناه حتى عز تأملها بحزن فهو يعلم جيداً كم تعشق أخيه، رفض العقل تصديق ما يحدث لذا هوت أرضاً،أغلقت عيناها بدموع غزت وجهها بدون توقف، أسرع إليها رعد فحاول أفاقتها ولكن لم يستطيع ...
صرخ ياسين بصدمة حينما كان يتجه للمقر فوجدها تسقط مغشي عليها أمام مكتب رعد فأسرع إليها بصدمة _ماما ...
حملها مسرعاً للأعلى فطلب منه رعد بأن يضعها بفراشها ويذهب ليطلب الطبيب ففعل فى الحال ..
تسللت رائحة الطعام لها ؛ ففتحت عيناها بأستغراب، نهضت عن فراشها تبحث بالغرفة بذهول وحينما لم تعثر على شيء قالت محدثة ذاتها
_أنا متأكدة أن دي ريحة بيتزا ! ..
وضعت يدها على جنينها ببسمة مشاكسة_ أنت كمان بتحب البيتزا زي مامي ...
طرقعت يدها ببسمة نصر _ولا يهمك هنزل أطلب 2بيتزا حجم عائلي ..
وهبطت مروج للأسفل سريعاً، توجهت للهاتف الموضوع على الطاولة، خطت بخطي سريع بعض الشيء ولكن سرعان ما توقفت حينما أزدادت الرائحة شيئاً فشيء ،تتابعت الرائحة بأهتمام ؛ فوصلت لمطبخ الفيلا الرئيسي، تبلدت خطاها حينما رأته يرتدي مريال المطبخ ، مستند بجسده العريض على الطاولة ويتابع على الحاسوب الصغير الخاص به طريقة تحضير البيتزا ويتبعها لأجلها هي ! ..
فرد العجين على الطاولة فتذكر ما بداخل الفرن الكهربي،أسرع إليه فأنحنى قليلاٍ يخرج ما بداخله بعدما أرتدى قفازات عازلة للحرارة،إبتسم بثقة _هتعجبها أن شاء الله...
وحملها لأقرب طاولة ثم حمل السكين وشرع بتقسميها ليصرخ ألماً من فرط الحرارة،تعالت ضحكاتها بعدم تصديق لما يفعله فأنتبه لها، أقتربت منه ببسمة بسيطة ففتحت أحد أدراج خزانة الأطباق وأخرجت سكين دائري الشكل ثم قسمتها بسرعة كبيرة جعلته فى حالة من الذهول ؛ وضع السكين جانباً قائلاٍ بسخرية _بالسرعة دي ! ..لا فى حاجات أتطورت بالمطبخ ..
إبتسمت وهى تتأمل وجهه الملطخ بالدقيق فأقتربت منه تزيحها بسعادة فقالت وعيناها تخطف النظرات لعيناه _كل التعب دا عشاني ! ..
رفع يديه حول خصرها مقربها منه _وأكتر من كدا ..
ثم رفع عيناه ساخراً_أينعم تماديت بأختيار دخول المطبخ بس عشان عيونك أنتِ أروح جهنم الحمرا لو حكمت ..
إبتسمت بسعادة _حبيبي يا مازن ربنا ما يحرمني منك يارب ..
خلع القفازات ببسمة سخرية_ وفري الدعوات دي لحد ما تدوقي البيتزا جايز تغيري رايك ...
جلست على المقعد بدلال _دوقني أنت ..
رمقها بنظرة جانبيه ليتمتم بضيق _كمان ! ..
ثم حمل قطعة وقربها من فمها لتتناولها بتلذذ_واووو بجد تحفة ..
إبتسم بعشق يتربع بين دفئ العينان _ألف هنا يا روحي ..
وضعت عيناها أرضاً بخجل فحمل الأطباق المتسخة ثم وضعها بجهاز التنظيف،تتابعته بعيناها بأرتباك مما ستتفوه به فقالت بتوتر _مازن ..
قال دون النظر إليها _نعم ..
_هو ممكن يعني أ...
قطعت كلماتها بأرتباك شعر به بلهجتها فأقترب منها بأستغراب _ممكن أيه ؟ ..
أجابته بعدما أستردت قدر من الثقة للحديث _مازن أنت تفكيرك مختلف وهتقدر كلامي بس بليز متاخدوش بمعاني تانية ..
تطلع لها بجدية فأسترسلت حديثها ببعض الخوف _أنا حابة أكون مع ماما وبنات عمي فى الأيام دي فياريت تقبل أقتراح بابي ونروح نعيش معاهم لحد بس الولادة ..
بقى صامتٍ يتراقبها بنظرات ساكنة فأكملت بهدوء_أنت عارف يا مازن أني أتعودت أكون بينهم وبجد دا أكتر وقت محتاجة أكون معاهم بس من غيرك لا مش هحس بفرحة ..
صمته جعلها تتنبئ رده المحتوم فوضعت عيناها أرضاً بحزن
_وأهو هتكون فرصة أرزل على أخوكِ وولاد عمك الأرزل منه ...
قالها بغمزة من عيناه فصرخت بفرحة ثم أحتضنته بحماس فأبتسم قائلاٍ بعشق_سعادتك دي عندي الأهم يا مروج
أندست بأحضانه بسعادة فدفشها برفق وهو يهرول للفرن الكهربي بغضب بعدما تسللت رائحة الحرق له _البيتزا الله يحرقك ..
لم تتمالك ذاتها من الضحك على مظهره المضحك فكبتت ضحكاتها بيديها ...
بقصر الجارحي ..
تطلعت للفراغ بصمتٍ يجوب بعيناها،أعطي الطبيب الدواء لرعد بعدما أخبره بعدم تعرضها لصدمات نفسية أخرى، لحق به عز للاسفل وتبقى ياسين لجوارها ...
داثرها جيداً قائلاٍ بحزن لدموعها _هو الحمد لله بقى كويس ليه البكى بقى ؟!..
أجابه رعد بمحاولة لأخراجها مما هى به _معرفش يا ابني هى الظاهر عندها كبت ...
فشل بأخراجها مما هى به فأشار له ياسين بأن لا جدوى من المزح، جلس المقعد وجلس أمامها قائلاٍ بحزن على حالها _ماما عشان خاطري بلاش تعملي بنفسك كدا ..
أستندت على جذعها لتتأمل الغرفة بتفحص فأبتسم رعد وتوجه للمغادرة قائلاٍ ببسمة ساخرة _واضح أن فى شيء خاص بين الأم وإبنها ...أنا بره لحد ما تخلصوا ..
إبتسم ياسين على داعبته ثم أستدار ليكون مقابلها بأهتمام، أزاحت دموعها قائلة بصوتٍ يكاد يكون مسموع _كلم يحيى وخاليني أسمع صوته ..
أخرج هاتفه بترحاب _بس كدا حاضر ..
وبالفعل طلب والده الذي أجابه على الفور ...
_خير يا ياسين أنت لسه قافل معايا من نص ساعة ..
=خير بأذن الله ..أنا بس كنت ا..
وقطع باقي كلماته بالصمت فلم يعلم ما عليه فعله لذا لجئ للصدق فأستكمل حديثه بهدوء
_ماما عرفت بكل حاجة ..
صاح بصدمة _أييه طيب أزاي ؟ ..
تطلعت له ملك بدموع فاضت كالسيل فقال
_مش مهم يا بابا هى سامعه حضرتك ..
صمت قليلاٍ ثم قال بلهفة
_طيب أدهاني أكلمها ...
أشارت له بدموع بأنها لا تود الحديث معه بعد الآن، لا طالما كان يتعمد أغمادها بالدموع، لا طالما كان يتعمد أن يواجه الألم والآنين بمفرده دونها ! ...أليست زوجته ويحق لها مشاركته ألآمه ؟! ...
قرب ياسين الهاتف إليها حتى تستمع ما يقول
_ملك أنا كويس يا روحي متقلقيش ..
عارف أنك زعلانه مني لأني خبيت عليكِ بس أنا محبتش أشوف الحزن والقلق والخوف فى عيونك ...
...ملك ..
ممكن تردي عليا ...
لم ياتيه الرد فعلم بأن تلك المرة لن يتمكن من نيل السماح بسهولة فأغلق الهاتف بعدما أكد على ياسين بأن يحرص بعدما التفوه بالأمر حتى لا يصل الأمر لآية ...
على التراس الخارجي للقصر ...
جلس الشباب لتناول طعام الغداء، وقف عدي على مسافة قريبة منهم هائم بياسين الجارحي وما يفعله فى سبيل تلك العائلة، شعر بفخر من نوعاً خاص به ولكن يصعب بملامحه الثابتة أن يفشي لأحد ما يدور بخاطره ..
_عدي ..
قالها جاسم وهو يقترب منه أستدار بأستغراب من لهجته الجدية، أقترب ليقف على محاذاته قائلاٍ بعد فترة من الصمت _وعدتني قبل كدا أنك دايماً هتقوم بمهامك على أكمل وجه وأنك هتكون فى وش المدفع دايماً لأنك الحفيد الأكبر للعائلة وأخونا الكبير ولا أيه ...
خلع نظارته السوداء بتفحص ثم قال بصوتٍ غامض_أخر مرة قولت فيها الجملة دي كانت من سبع سنين أعتقد لما بدلت حصان معتز من الأسطبل بدون علمه ...
ثم أعتدل بوقفته بثبات _المرادي وقعت مع مين اللي مخليك تطلب مني حماية ؟ .
أستدار يميناً ويساراً ثم إزدارد ريقه الجاف قائلاٍ بصوتٍ شبه معدوم _ياسين الجارحي ..
بقي ثابتٍ للحظات ثم أشار له بأن يبوح بما فعل فأسرع بالحديث _بصراحه هى مش أول مرة أعملها لما عمي بيسافر بره مصر بركب عربيته وأنا رايح الشغل ...
ثم رفع عيناه يتفحص ملامحه فوجده يتطلع له ببرود فأكمل بصدراً رحب _بس المرادي العيار فلت والعربية أتخرشمت وطبعاً أنت عارف الباقي ..
أرتدى نظارته مجدداً قائلاٍ بسخرية_يعني أكتر من 22 عربية وملقتش غير عربية ياسين الجارحي! ..
وتركها وتوجه للمغادرة فأسرع إليه بقلق _يعني أيه هتبيع الأخوة ..
أستدار ببسمة مكر _تحدى جديد مع ياسين الجارحي معتقدش أعتبرني فى صفك ..
وغمز له بتسلية ثم غادر للمقر مرة أخرى فأبتسم جاسم براحة ...
بالمقر الرئيسي لشركات الجارحي ...
أنهى عمله على الحاسوب ثم جذب هاتفه ليبعث برسالة على الواتساب لمعشوقته ..
_ بتعملي أيه ؟ ...
=قاعدة مع مليكة وداليا ونور بالغرف المنفردة ...
_أوكى يا روحي بس خلي بالك من روحك ..هتوحشيني لبليل ..
=بطل بكش يا أحمد أنت لسه ماشي من ساعة تقريباً ...
_بجد طب ليه حاسس أني مشفتكيش من سنة وأكتر ! ...
إبتسمت بخجل _ركز فى شغلك أفضل بدل ما أنكل ياسين يزعلك ..
تعالت ضحكاته فبدا أكثر وسامة _خايفة عليا ؟ ..
=طبعاً مش جوزي وحبيبي وأقرب صديق ليا !..
_لا دانا هكتب أستقالة طويلة عريضة وأجيلك فوراً ...سلام مؤقت لحد ما أجيلك ...
علت الفرحة معالم وجهها فوضعت الهاتف جوارها،غمزت نور بعيناها بمكر لداليا فأشارت له ليشرع الحفل ..
داليا بهيام _أممم يا سلام على الرومانسية والجمال خدتي بالك يابت يا نور ..
نور ببسمة مكر_خدت بالي من حاجة واحدة بس ..
مليكة_ اللي هي؟ ..
نور بهيام_البسمات المرسومة طول ما هي ماسكة الفون تقوليش قاعد جانبها...
تعالت الضحكات بينهم بعدم تصديق فرمقتهم أسيل بغضب لتقذف الوسادة بوجوههم، صعدت رحمة هى الأخرى قائلة ببسمة صغيرة _أيه الجمع الجميل دا ؟ ..
أسيل بفرحة _تعالي يا روما ..
جلست جوارهم لتقص لها أسيل ما حدث منهما بغضب فأنضمت لطرف التحفيل فتركتهم وهبطت للأسفل بخجل ...
بالمشفي ...
أستمع لما يقوله عبر الهاتف بفترة طالت بالصمت، قطعه قائلاٍ بمكر_أقلب الموازين ...شركات الجارحي مش لازم تأخد المناقصة دي فاهمني ...
أجابه الأخر بتأكيد فمن هو ليعارض ياسين الجارحي بذاته! ..
ثم قال بثبات _المكاتب اللي طلبتها فى تكون جاهزة فى أقرب وقت وزي ما قولتلك عايزاها تصميم نسائي ...
وأغلق الهاتف ثم وضعه جواره،أغلق عيناه يريحاهم قليلاٍ غير عابئ بنظرات يحيى المنصدم ..
ياسين بهدوء ومازال مغلق العينان _بتبص كدا ليه ؟ ..
_هموت وأفهمك ودي عارف أنها مش هتحصل لكن على الأقل عرفني أيه اللي هتستفاده من اللي بتعمله دااا !
قالها يحيى بعصبية شديدة بينما يستمع إليه الأخر بهدوئه المتزن الذي جعل يحيى يرمقه بنظرات نارية ...
جذب الغطاء عليه قائلاٍ ببسمة تحمل مجهولا ما _هتعرف كل حاجه فى وقتها ...
وأغلق عيناه تاركاً يحيى يكاد ينفجر من الغيظ ...
بمكتب أحمد ...
أنهى عمله ثم حزم الملفات الخاصة به بالحقيبة الصغيرة، على رنين الهاتف فجذبه بهدوء
حارس الأمن الخارجي _أحمد بيه فى واحدة مصممة تقابل حضرتك وبقالها فترة واقفة على البوابة ...
تعجب أحمد للغاية فقال بأستغراب _مقالتش أسمها ؟ .
أجابه مسرعاً_ لا يا فندم ..
_أوكى دخلها ...
وأعاد ترتيب متعلقاته الشخصية، ولجت للداخل مع السكرتيرة الخاصة بمكتبه فأستدار لتلوح على وجهه الدهشة،قال ببسمة صغيرة _أهلا بحضرتك أتفضلي ...
وأشار لها على المقعد فجلست العجوز ذات الأربعون عاماً عليه ونظراتها تحمل شيئاً من الغضب ! ..
إبتسم أحمد بسعادة لوجودها رغم دهشته فقال مرحبٍ بها _تشربي أيه ؟ ..
أجابته بحدة _مش جاية أشرب أنا جاية أقولك كلمتين وماشية على طول ...
تعجب من لهجتها فقال بشك _طارق وسارة كويسين ؟ ..
تطلعت له بغضب مكنون خلف حاجز الهدوء _بص يا ابني أنت وطارق كنتوا أصدقاء وأنا أعتبرتك زيه بالظبط يعني كنت فى يوم زي إبني فأرجوك متخلنيش أندم على المكانة اللي أدتهالك فى يوم من الأيام ..
صعق أحمد من حديثها المؤلم فقال بأستغراب _أنا مش فاهم حضرتك بتقولي أيه ؟ ..
أجابته بحدة _لا فاهم يا أحمد أخر حاجة كنت أتوقعها أنك تستغل بنتي وأخت اللي كان بيعتبرك أخوه أ...
قطع حديثها ولوج سارة من الخارج فألتقطت أنفاسها بصعوبة جعلته يستنتج كم عانت بالوصول، لحقت بها السكرتيرة بمحاولات عديدة لأن تجعلها تعي بأن الولوج غير مصرح به دون آذنٍ ولكنها غادرت بأشارة أحمد لها، أقتربت سارة من المكتب بوجهها المتورم من أثر ضرباً مبرح، كفوف تركت أثر على خديها، الدماء مندثرة من فمها كالسيل ...
نهضت والدتها عن المقعد قائلة بصوتٍ كالرعد _دا المتوقع من الناس اللي زيكم لما بيكون فى نفوذ وسلطة مش بيهمكم أي شيء لكن الغلابة اللي زينا مبيملكوش أي شيء غير الشرف اللي أنت ضيعته ..
تطلع لعا بهدوء فأكملت بدموع خانتها لكسرة قلبها_ أنا عارفة أن بنتي كمان غلطت أنها تفكر فى جواز عرفي رخيص لكن دلوقتي البنت حامل وبطنها هتكبر وهنتفضح ...
سحب نظراته المتعلقة بها ليضعها على من تقف وعيناها أرضاً ...تبكي كسيل من النيران، الخوف يتربع على معالم وجهها كالوحش المفترس ..
أستكملت العجوز حديثها برجاء _لو أعتبرت أبني فى يوم من الأيام صديقك بلاش تأذي حرمة بيته أكتر من كدا ...
_أيه طلباتك ؟ ..
قالها بثبات فأزاحت دموعها قائلة بكسرة _حول جوازك بيها لرسمي ...
كبتت سارة شهقاتها فشعرت بأن قدماها لم تعد تحملها على الوقوف لذا أستندت على الحائط المجاور لها تبكى بضعف على ما سيحدث لها ! ..
طال صمته لدقائق فأنهاها قائلاٍ بغموض _قريب هيحصل بس لوقتها مش عايز حد من عيلتي يعرف ..
أشارت له بأزلال ثم جذبت إبنتها التى رمقته بنظرة أخيرة ولحقت بها للخارج ...
فتحت باب المكتب للخروج فوجدت من يقف أمامهم بعينان كالشعلة المتأججة بالرماد ..
ردد أحمد بصدمة _عدي ! ..
اكملوا طريقهم للخارج بينما ولج عدي ليقف أمام عيناه بنظراته التى تشهد غضب لا مثيل له لينهيه بلكمة قوية أسقطته أرضاً فربما الآن عليه مواجهة أصعب مجهول سيحتم عليه ...
وضع خطة محكمة بتحدى سافر لهم وذلك بطرق غامضة ومنهما ولوج الفتيات للتنافس بينهما فماذا لو قلبت العاصفة الأجواء لآنين من عشق وطوفان من الحنين ! ...