رواية أحفاد الجارحي الجزء الثاني بقلم آية محمد رفعت الفصل الأول
أقترب منها فتراجعت للخلف بذعر حتى أصبحت محاصرة بين ذراعيه وحافة شرفته المميزة، تطلعت للحرس المطاوف للمكان وله بخجلا شديد، فأبتسم إبتسامة هادئة، ثم رفع يديه يشير لهم فأنسحبوا على الفور، تطلعت له بغضب نجحت رسمه على وجهها بعد معانأة ليخرج صوتها بعصبية شديدة:_أنت عايز منى أيه ؟
رمقها بنظرات متفحصه ثم قال بهدوء:_لسه زعلانه منى
تطلعت لتلك العينان الساحرة بأرتباك، حتى أنها حاولت التحرر من بين يده ولكن من تكون تلك الفتاة أمام قوة الحفيد الأكبر لعتمان الجارحي، لم تستطع التحرر فرفعت يدها تحاول تدفعه بعيداً عنها ولكنها توقفت ما أن لامست يدها يده المعتصرة لذراعيها، شعرت أنها ليست بهذا العالم، حتى هو تأمل تلك العينان التى أخترقت قلباً قد فقد مزاق الحياة ...
كانت لحظات كتوقف الزمان يدها تلتمس حباً بلامسته وعيناه تنقل عشق متوج لعيناها قطعت تلك اللحظات حينما أستمعوا لصراخ قوى يأتى من حديقة القصر، أرتعبت آية وأخذت تبحث بعيناها عن مصدر الصوت كذلك فعل ياسين فأتى الحارس على الفور ليلبي نداء ياسين له.
الحارس وعيناه أرضا:_تحت أمرك يا ياسين بيه
ياسين بثبات:_أيه الصوت دا ؟
الحارس:_ عز بيه وحمزة بيه بيتنافسوا بصالة الرياضة يا فندم
أشار له ياسين بالمغادرة فغادر على الفور، ثم أستدار لها ليجد القلق ينهش قسمات وجهها
ياسين بثبات مخادع فهو يبتسم خفاء لخططته التى قدمت على طبق مذهب:_ كنا بنقول أيه ؟
آية بصدمة ؛_أنت مش هتروح ؟
تطلع لها قليلا ثم جلس على الأرجيحة الموجودة بشرفته ببرود ينجح ياسين الجارحي بالتحلى به قائلا بثبات:_المفروض أروح فين ؟!
أسرعت بخطواتها إليه قائلة بنبرة متسرعة:_حمزة وعز بيتخانقوا المفروض أن حضرتك تروح تشوف فى أيه
حرك الأرجيحه وضعاً قدماً فوق الأخرى بتعالي وكبرياء:_يحيى ورعد هيفضوا الخناق متقلقيش
آية بغضب:_أنت عارف ان محدش هيقدر يعمل كدا غيرك
إبتسم إبتسامة هادئة ثم قال:_أنا نفسى أعرف شجاعتك دي بتروح فين لما بقرب منك.
أخفضت نظراتها بخجل شديد ثم قالت بأرتباك:_ من فضلك متغيرش الموضوع
إستمتع برؤية خجلها وأرتباكها الملحوظ فقال بخبث:_أوك
نهض عن الأرجبحة ثم أقترب منها قائلا بمكر:_هنزل بس بشرط
آية بخوف:_شرط ايه ؟
فضل التحلى بالصمت لدراسة تعبيرات وجهها ثم قال بنبرة هادئة:_أنك متزعليش منى صدقينى أنا مقصدتش أرفع أيدى عليكى أنتى الا عصبتيني
رفعت عيناها المغمورة بالدمع لتذكرها ما فعله ثم قالت بسخرية:_عصبتك ! يعنى لو عملتلك أي حاجة هترفع إيدك عليا وترجع تقولى أنا الا عصبتك
ياسين بهدوء:_آية أسمعيني
قاطعته بعصبية شديدة:_أنت الا تسمعنى أنا قبلت أساعدك مش خوف منك ولا من سلطتك أنا لما وفقت وقتها عشان حسيت أنك فعلا بتتعذب عشان تعرف الحقيقة، ساعدتك وأنا عارفه أنى هواجه مصاعب وأنا فعلا بواجهها لحد دلوقتى، مش ندمانه أنى دخلت حياتك دي بالعكس أنا متحملة عشان دا كان غلطى من البداية والغلط دا هفضل أسدد فيه لحد أما أخلص من سجنك دا .
قالت تلك الكلمات بشجاعة لأول مرة ثم توجهت للخروج ولكن يده كانت الأسرع لها .
جذبها لتتأمل عيناه الغاضبة فدب الخوف بقلبها، فألتمسه ياسين فخرج سريعاً من الغرفة قبل أن يفقد أعصابه مرة أخري ...
بالخارج
خرج من غرفته، يجاهد لفتح عيناه، يحاول ظبط قميصه المهمل على جسده الرياضي ليتفاجئ بيارا أمامه
حمدت الله كثيراً لرؤيته فقالت مسرعة بالحديث:_أبيه رعد ألحقنا بسرعة
أعاد خصيلات شعره المتمردة على عيناه الرومادية بضيق قائلا بعدم فهم:_فى أيه على الصبح ؟
تلفتت خلفها بزعر ثم قالت بخوف:_عز وحمزة بيتخانقوا ومش عارفة أعمل ايه ؟
رعد بنوم:_ولا حاجة يا حبيبتي أنتى تروحى ذي الشاطرة كدا تريحى بأوضتك عشان البيبي العسل دا والا يحصل لأخوكى أنا متنازل عنه
يارا بعدم فهم:_أخويا مين وبيببي مين ؟!
أنا يارا مش ملك
رعد بنوم وهو يتجه لغرفته مرة أخرى:_مفرقتش ياختى على أوضتك
ركضت خلفه قائلة بزعر:_عز هيقتل حمزة
رعد:_ياررريت والله هعمله تمثال شكر
ودلف لغرفته وأغلقها بوجهها، صدمت يارا وتطلعت لباب تارة ولصوت حمزة الصادح تارة أخري ثم ركضت لغرفة يحيى
بغرفة يحيى
شعر بسعادة العالم بأكمله وهو يلامس جنينه ثم وضع أذنيه لعله يستمع لنبضات قلبه الضعيفة ولكنه لم يستمع لشيء، افافت من نومها لتجده يتأملها بعشق فخجلت للغاية
ملك بخجل ؛_أنت صحيت أمته ؟
أنفجر ضاحكاً ثم قال من وسط ضحكاته ؛_كل يوم كدا مفيش صباح الخير
تأملت ضحكته الفتاكة التى تجعله أكثر وسامة ثم قالت بتذمر طفولى:_بتتريق حضرتك ؟
كاد أن يبدأ مشاجراته اليومية معها ولكن دقات يارا المسرعة حالت بينهم
دلفت يارا ثم ركضت لتقف امامه قائلة بسرعة كبيرة:_أبيه يحيى الحقنا الله يكرمك عز هيقتل حمزة
ملك بزعر:_أخويااا
وضع يحيى يديه على أذنه بأزعاج قائلا ببرود هو الاخر:_بره أنتى وهى وياريت تخدوا الباب وراكم
تطلعت يارا لملك بصدمة ثم تحاولت النظرات ليحيى الجاذب للغطاء ببرود تام فلم تجد الفتيات سوى ياسين ...
توجهت يارا وملك لغرفة ياسين برعب، تقدم قدماَ وتأخر الأخرى قدماً، إلى أن وصلوا للغرفة، دقوا بخوف، عاد التنفس بشكل منتظم حينما فتحت آية الباب ...
هبطت للأسفل ثم توجهت للمكتب بأرتباك، دلفت لتجده يعتلى مكتبه بكبرياء يأبى ترك هذا الغامض فقتربت بتوتر حينما رمقها بنظرات تعجب
آية بأرتباك ؛_موافقة بس شوف المسكين الا بره دا
إبتسم بثقة وغرور فهو يعلم أن يارا وملك سيكون لهم تأثير قوى عليها .
وقف ياسين الجارحي ثم أقترب منها قائلا بسخرية:_قلبك الطيب مش هين عليكى حمزة وزوجك كدا عادي
تطلعت له بأهتمام ثم قالت بتأكيد:_زوج مؤقت
كاد أن يتحدث ولكن صيحات عز وصراخ حمزة تمادت الحدود فهرولت آية سريعاً للخارج فأتبعها ياسين بنفس خطاه المحفورو بالثقة والهدوء التام
بمكان منعزل عن القصر قليلا يشبه الصالات الرياضية
كان يصرخ بفزع حتى يتركه ولكن هيهات ما أرتكبه هذا الأحمق يحقق موت وهلاك
حمزة بألم:_ااااه يا ناااااس الحقونى هموت أنتوا أيه يا ظالمه
كان يوجه حديثه للحرس المقيدون بأوامر عز الجارحي، هل منهم أحمق ليخالف تلك القوانين...
يارا:_سيبه يا عز كفاياااااا
عز بغضب جامح:_والله مأنا سايبه يأنا ياهو النهاردة
ملك بعصبية:_والله يا عز أنت فاكرها سايبه ولا أيه سيبه بقولك.
لم يستمع عز لأى منهم وظل يكيل الضربات بشكل عشوائي لحمزة الذي تتعالى صراخاته، أتت آية على الفور فشهقت فزعاً من هول ما رأت
حمزة بألم شديد:_والله ما راضى أمد أيدى عليك عشان أنت أكبر منى ااااه
عز بسخرية:_لا محترم يالا
ولكمه لكمة قوية أوقعته أرضاً فرفع عيناه ليجده يقف أمامه ونظراته توشك على الدمار، حتى عز تخشب محله حينما رأى من يقف أمامه
تطلع بكبريائه يتأملهم بصمت، فأسرع عز بمساعدة حمزة ومعاونته على الوقوف
ياسين بغضب مغلف بهدوئه الفتاك:_وقفتوا ليه ! كملوا
حمزة بوجع:_أنا معملتش حاجه المفترى دا هو الا نازل ضرب فى مخاليق ربنا
عز بغضب:_أنا يالا طب والله لأكمل عليك
نظرة من ياسين جعلته يتراجع عن حديثه قائلا بصوت منخفض:_بس أما ياسين يمشي
حمزة:_شوفت بيقول ايه ؟
عز:_بص يا ياسين محدش سأل فى الحيوان دا لانه ببساطة حيوان
آية بصوتاً غاضب:_هو عمل أيه لكل داا
عز بسخرية:_عمل أيه !قولي معملش أيه الزفت دا دخلى هنا وقالى أنه عايز يتدرب ويكون قوى
يارا بصدمة:_وهو الا أنت بتعمله دا تدريب !
عز بعصبية:_هو أنا لحقت أدربه الغبى دا جايب كرتونتين بيض و4علب لبن وقال أيه أستنا لما سيادته يخلص الاكل الصحى بتاعه
ملك بصدمة:_نهار أبيض دا فطار ولا أنتحار
حمزة بحزن:_حتى انتى كمان هتبصيلي فى الأكل
يارا:_هو دا أكل ؟!ثم أنك عمرك ما أكلت الكميات دي كلها
حمزة بغرور:_ذكية البت دي هقولك ليه
ملك:_يارريت
حمزة:_جوزك أنتى وهى مربين عضلات من أيه ؟!
حل الصمت على الفتيات فتحدث قائلا بغضب:_أغبية ياسين ويحيى ورعد والزفت الا جامبي دا بيأكلوا كل يوم بيض ولبن عشان كدا أفتروا على خلق الله فأنا قولت بقا بعد أما أكتشفت السر الخطير دااا لازم أخد الكميات الكتيرة دي عشان افوقهم أضعاف مضاعفة
تطلعت يارا لملك ثم لآية المنصدمة فأغلقت فمها حينما رأت بسمة ياسين المحفورة بسخرية
غز بغضب:_هندم طول عمري أنى صدقت واحد غبي ذيك وقولت دا عايز يدرب فعلا.
وجذب عز المنشفة ليجفف قطرات العرق المبللة جسده بفعل التمرينات الشقة ثم غادر بهدوء فأتبعته يارا وملك على الفور فلم يتبقا سوى ياسين العاقد لذراعيه أمام صدره بكبرياء وتلك الفتاة التى توزع نظراتها بين هذا الاحمق والغامض الفتاك فلم تجد سوى الرحيل الحل المناسب لها فرحلت سريعاً
تطلع حمزة لياسين بخوف شديد فأستغل نظراته المغيبة عنه تراقب تلك الحورية فأنصرف سريعاً للداخل يحتمى بغرفته حتى لا يقع فريسة لبراثين أحفاد الجارحي ...
وقفت تنتظر الباص اليومى لها لتذهب للعمل، بعد أن أستلمت عملها منذ بضعه أيام بشركات الجارحي وخاصة بشركة زوجها رعد الجارحي، توقف قلبها عن النبض حينما إستمعت لصوته لا لم تتخيل ..
أستدارت دينا لتجده يقف أمامها بطالته الجذابة كالمعتاد فتحلت بالهدوء لعلمها بأن الحرب التى عزمت دلوفها على وشك ان تبدأ
أقترب منها بخطى ثابت ولكن عيناه فاقت الحدود بالعشق نعم لم ينتظرها لتأتى له فأتى سريعاً ليراها قبل الذهاب للشركة
رعد بنظرات عاشقة:_صباح الخير حبيبتى.
وضعت عيناها أرضا تخفى الخجل الساطع بعيناها ثم أكملت مسيرتها بحرب المتعجرف فرفعت عيناها تنظر لجوارها بخوف قائلة بغضب:_أيه الكلام دا الماس تقول ايه ؟
رعد بستغراب:_نعم مراتى يعنى أقولك الا أنا حابه وفى أي مكان
أقتربت دينا منه لتصبح امام عيناه نعم أقسمت أن الهلاك اوشك على الأقتراب على يد هذا المتعجرف فقالت بغضب ذائف:_وهو كل الناس الا هنا عارفين أن حضرتك جوزي طب هقولك حاجه حط قسيمة الجواز فى أيدك وكل ما حد يبصلنا بستحقار طلع القسيمة.
تطلع لها بغضب وصمت دافين فتلك المشاكسة تنجح فى أثارة غضبه منذ اليوم الأول لها بالعمل ولكنه تمالك نفسه فقال بهدوء وبسمة كاذبه:_أوك يا دينا مش هقول الكلام دا تانى هنا، ممكن تتفضلى بقا عشان أتاخرنا على الوفد
دينا بصدمة وزهول:_أتفضل ! أتفضل فيين
رعد بعصبية:_هتتفضلى فين يعنى أكيد بالعربيه
دينا بصوت مرتفع:_والله أنا فاهمه سعاتك كويس محدش قالك أنى مش بسمع بس الا حضرتك متعرفهوش أنى مش بركب عربيات مع حد
رعد بصدمه:_هو حضرتك فاقدة الذاكرة ولا أجبلك القسيمة أنتى كمان
دينا بغرور مصطنع:_لا مفيش داعى تجبلي حاجه بس انا مش بركب عربيات مع حد، عايز تركب معنا أوك أتفضل
رعد بعدم فهم:_معنا مين ؟!
دينا بخبث:_معنا يعنى مع الشعب المصري فى الأتوبيس
رعد بصدمة الجمته عن الحديث:_نعم أنتى مجنونه صح أنتى عايزة رعد الجارحي يركب باص
دينا بسخرية:_أولا أسمه أتوبيس مش باص على فكرة
ثانياً أنا مأجبرتش حضرتك وقولتلك تيجى تركب أنا أقترحت
ثالثا الباص جيه أقصد الأتوبيس جيه عن اذن سعاتك
ثم اكملت بخبث:_كنت أتمنى أنك تكون موجود معيا بس يالا مرة تانيه بقا عن أذنك
وغادرت سريعاً للباص أما هو فوقف يتطلع لها بغضب لا يعلم ما عليه فعله فهل سيلقى تعجرفه أرضاً ويلحق بها أما سيلتزم بغروره المعتاد ؟!