رواية أحببت فريستي للكاتبة بسمة مجدي الفصل الخامس عشر بعنوان: مواجهة
ارتعدت فرائصها حين رأت نظراته النارية وهي أعلم الناس بغضبه ومظهره ينبئاها انها تخطت جميع الخطوط الحمراء ليقول بنبرة باردة مسيطرة كما عهدتها:
- أخبرتكِ من قبل اني سأمنحك حريتك... و لكني حذرتك من الاقتراب من الرجال... والعبث بغيرتي ..!
ازدردت ريقها لتقول بارتجاف وحدقتيها تتسعان يرعب حين لمحت يده تفك حزامه الجلدي:
- داني عزيزي...ما رأيك ان نجلس ونتناقش بهدوء وأعدك ان انفذ كل ما تقوله !
مازالت ابتسامته الشيطانية تزين ثغره ليردف بتسلية:
- فات أوان الحديث قطتي الشرسة التي تحتاج الي ترويض وانا سأكون اكثر من سعيد وأنا أقوم بذلك !
حسناً لا مفر رمت هاتفها لتركض مسرعة وتدخل المرحاض وتغلق الباب في وجه ذلك الوحش، لم يتحرك ليجلس علي طرف الفراش قائلاً بصوت عالٍ:
- أتظنين حقاً ان هذا الباب سيمنعني عنكِ...إنتِ مخطئة صغيرتي.. !
دمعت عيناها بخوف فهي تعلم انه بركله واحده سيكسر الباب بسهوله لتقول بصوت مرتعش:
- داني...أنت دائماً تخبرني انني فتاتك الصغيرة اليس كذالك ؟!.
صمت لتكمل برقة:
- وفتاتك الصغيرة أخطأت ألا تستحق منك الحديث بهدوء بدلاً من ان تخيفها منك ؟!.
تلك المشاغبة تعلم كيف تلعب علي اوتار قلبه ببضع كلمات لعن في سره ضعفه تجاهها فمهما فعلت لن يستطع ايذائها رمي حزامه ارضاً ليقول بصوت هادئ لم يغادره نبرته الثلجية:
- حسناً كما تريدي أخرجي الأن وسنتحدث بكل هدوء...
ذمت شفتيها لتقول بتردد:
- عدني انك لن تؤذني بأي شكل ؟!.
رفع حاجبه ليقول بنبرته المهيمنة:
- لن أكرر كلامي يا صغيرة...أمامك ثلاث ثواني لتخرجي ونتحدث والا سأغير رأيي..!
فتحت الباب وخرجت مسرعة وقفت أمامه تنظر ارضاً وتشبك أصابعها معهاً فكانت تبدو كطفلة صغيرة مذنبة تقف أمام والدها ابتسم لمظهرها حقاً انها تثير بداخله مشاعر أبوه لم يعرفها يوماً لينهض ويقول ببرود:
- غيري ثياب العاهرات تلك والحقيني سأنتظرك بالخارج...
بكلماته تلك عادت شخصيتها الشرسة ودت لو تلكمه بقوة لكن تراجعت فهي حقاً تهابه..! غيرت ثيابها لترتدي منامه باللون الأزرق بأكمام طويلة خرجت لتجلس أمامه، رفعت ساقها لتضعها فوق الأخرى لكنها أنزلتها سريعاً حين رمقها بحده، تنهد ليقول بصوت هادئ:
- تعلمين أني أعشقك يا ليلي وأعترف بخطائي تركتك تفعلين ما يحلو لكي كي تسامحيني لكن أفعالك تزداد جنوناً ...
شبكت اصابعها لتقول بحزن:
- أنت من اوصلتنا الي هذا الحد دانيال...لقد أحببتك لكنك خذلتني...!
امسك كفها ليقول:
- انتِ لا ترين سوي أخطائي...جربي ان تنظري لأخطائك... قبل ان أخذلك انا مرة خذلتني أنتِ الف مرة !
اشتعلت عيناها لتصيح بغضب:
- متي خذلتك دانيال ؟!. انت من خذلني... انت من خنتني...انت الحقير بيننا ولا تلوم غيرك ... !
نهض ليصيح بغضب مماثل:
- ثلاث سنوات ! ظللت أحاصركِ بحبي لثلاث سنوات لكنك كنتِ مهوسة بالحرية والانطلاق ولم تضعيني في حسبانك...مجرد رجل بعشقك اذا لم تجدي غيره فلا بأس به ! انا بالنهاية رجل لم يجد مقابل لحبه وانتي تعلمين ماذا يعني هذا لرجل مثلي !
صرخت ببكاء اوجع قلبه:
- لقد كنت مجرد طفلة واللعنة...كنت ابلغ من العمر 18 عام حين اخبرتني بحبك كنت طفلة وحيدة تخلي عنها الجميع وتركوها تواجه بلاد غريبة بمفردها ! تركني ابي وأخي وحتي أختي تركتني ! جعلوني أتزوج ما ان اتممت السن القانوني...
تهدج صوتها وهي تهمس بألم:
- كنت طفلة وحيدة تبحث عن الأمان استيقظت لأجد نفسي ببلاد باردة وحيدة خائفة متخبطة ومطلقة ! حين قابلتك أحببتك نعم لكن ليس كما تظن أحببتك كأبي ! أحببتُ دفئ أحضانك...أحببتُ حمايتك...أحببتُ حنانك الذي لا ينتهي ولكنك رغبت بالمزيد وحين لم أستطع أن ألبي رغباتك وجدته في احدى عاهراتك لتحفر علامة جديدة بقلبي باسمك كالباقيين !
اقتربت منه لترفع كفها وتلامس وجنته هامسه بأنفاس متلاحقة:
- كنت ترغب بضربي منذ قليل اليس كذالك ؟!. لكنك فعلت ضربتني أقوي ضربة حصلت عليها في حياتي بخيانتك لي !
اسند جبينه الي جبينها ليهمس بارتجاف:
- دعينا نبدأ من جديد فأنتي لم تعودي صغيرة وأنا لم أعد أري غيرك بقلبي !
نفت بخفه وهي تبتسم بسخرية مشيرة الي قلبها:
- القلوب كالزجاج رقيق هش...حين ينكسر لا نستطيع ترميمه... !
قبل جبينها بعمق ليبتعد ويستعيد قناعه الجليدي قائلاً ببرود:
- إخلدى الي النوم تأخر الوقت...حديثنا لم ينتهي لكن يكفي لليوم !
غادر مسرعاً قبل أن يأخذ الحديث منحني أخر فهو يسيطر علي رغبته بتقبيلها بصعوبة تلك الصغيرة التي يعشقها تذكر حين قابلها كيف كانت رقيقة وصغيرة وبريئة لا ترفع بصرها عن الأرض وكيف أصبحت الأن لا يهم فهو يعشق بكل حالتها...
بعد مرور اسبوع
وقفت تطهي الطعام بشرود ليقطعه صوت أقدام صغيرة التفتت لتجدها تبتسم ببراءة قائلة:
- تيتة انا جعانة ممكن أخد شكولاتة من التلاجة ؟!.
امتعضت ملامحها لتصيح بغضب:
- متقوليش تيتة ! وامشي غوري علي اوضتك !
دمعت عيناها لتغادر الي غرفتها بقلب مفطور، أكملت الطهو وهي تتمتم بضيق:
- شحات وبيتأمر مش كفاية اتبناها وكمان فاكرة نفسها بنته بجد بلا هم...
دلف "إلياس" ليبحث بعينه عن تلك الصغيرة، دخل المطبخ ليتسأل:
-هي تقي فين يا أمي مش سامع صوتها ؟!.
ارتبكت من حضوره المفاجئ فهي تعلم بتعلقه بتلك الصغيرة ودوماً ما توبخها في غيابه وتتجنبها في حضوره لتقول بجفاف:
- وانا مالي تلاقيها بتلعب هنا ولا هنا شوفها لتكون بتبوظ حاجة !
رفع كفها ليقبله برقه قائلاً بابتسامة بسيطة:
- تقي مش شقية يا أمي بالعكس البنت مؤدبة جداا وبتسمع الكلام مع الوقت هتقدري تتقبليها وتعتبريها حفيدتك...
مصمصت شفتيها بحسره قائلاً:
- بلا وكسة جايبلي عيلة من الشارع وتقولي حفيدتك روح يا إلياس الله لا يسيئك...
تنهد فهو يعلم انه لن يصل لنهاية مع أفكارها المتشددة ليقول بهدوء:
- طيب يا أمي انا هطلع ارتاح ساعتين ولما الأكل يجهز صحيني...
اومأت بهدوء، ليصعد الي غرفته يبحث عن صغيرته فقد نقل أغراضها التي ابتاعها لها الي غرفته فيبدو انه يحتاج الي تلك الصغيرة أكثر مما تحتاجه نادي عليها بابتسامة:
- توتا ! انتي فين يا صغنن ؟!.
خرجت من المرحاض بعد ان مسحت دموعها كي لا توبخها جدتها اذا اشتكت له معاملتها السيئة ركضت لتستقر بين ذراعيه الذي حملها بخفه وهو يقبل كل انشاً بوجهها بحنان لتردف بطفولية
- وحشتني اوي يا بابي...
ابتسم ليربت علي خصلاتها برفق وهو يردف بحنو:
- وانتي وحشتيني أكتر يا قلب بابي...
أنزلها لتقول بقلق:
- انت كويس بابي ؟!.
جلس علي الأريكة ليقول بهدوء:
- اه يا توتا بس تعبان شوية...
لمعت بعقلها فكرة لتجلس بجواره وتقول بحماسة طفولية:
- لما بتبقي تعبان بتنام علي رجل تيتا...وتيتا مش فاضية تعالي نام علي رجلي أنا !
لن يبالغ ان قال انها كتلة من اللطافة مدد جسده ليسند رأسه علي ساقيها الصغيرين ويقول بمرح:
- طب حطي ايدك علي شعري بقي زي ما تيتا بتعمل ...
اتسعت ابتسامتها لتلمس علي خصلاته بحنان برئ جعل إحساس بالراحة يتسلل له...
رصت الأطباق علي المائدة لتصعد لتوقظه فقد تركته ينام كما يريد لأكثر من ساعتين فتحت الغرفة ليصدم مشهد انه نائم علي سيقان الصغيرة التي رفعت رأسها لتظهر دموعها التي تنهمر بغزارة من ألم قدميها لكنها لم تصدر صوت فقط تضع يدها علي فمها حتي لا يسمع صوت بكاءها اقتربت بذهول لتهتف بدهشة:
-هو نايم علي رجليكي بقاله ساعتين ؟!.
مسحت دموعها لترد بخفوت:
- وطي صوتك يا تيتة علشان بابي نايم !
دمعت عيناها بتأثر لا تصدق انها تحملت ان يستند عليها لساعتين كاملين وتتألم بصمت خوفاً من أن توقظه ! لتهزه بضيق:
- إلياس ! إلياس ! اصحي يا بني حرام البت رجليها وجعتها...
فتح عيناه ليهب واقفاً حين ادرك انه غفي دون أن يدري نظر الي الصغيرة ليحتضنها بحزن قائلاً:
- يا قلبي انا نمت انا رجليكِ...أنا اسف يا توتا محستش بنفسي من التعب...
أجلسها علي قدمه وهو يدلك ساقيها بحنان ممتزج بضيق من نفسه كيف لم يشعر وغفي ليهتف بحنو وهي يقبلها برقة:
-وجعاكي جامد يا روحي ؟!. نروح للدكتور ؟!.آسف يا حبيبتي آسف...
تأملته والدته بتأثر شديد كيف لها ان ترفض كهذه طفلة حقاً انها هدية الله له لتقول بارتباك وحنان تراه الطفلة لأول مرة:
- طب انا عندي مرهم كويس يا إلياس استني هجيبه...
تركتهم لتهرع الي غرفتها بلهفة لتمسح دموعها وتحضر الدواء مع قرار جديد ان تمنحه تلك الطفلة ما فقدته وأن تعوضها عما عانته وتقسم أنها لن تريها الا حناناً وعطفاً ليس له مثيل...
دلفت الي مكتبه كالأعصار لتصيح بغضب:
- انت قاعد هنا نايم علي ودانك ومش عارف الي بيحصل ؟!.
هب واقفاً ليقول بقلق:
- في ايه يا فريدة ؟!. ايه الي حصل يخليكي تدخلي المكتب بالشكل ده ؟!.
لتردف بغضب:
- بنتك رجعت من برا مطلقة ومعاها عيال كمان !
اتسعت عيناه ليردف بتساؤل:
- قصدك مين فيهم سارة ولا ليلي ؟!.
تأففت لترد بحنق:
- سارة !
لمحة ألم مرت علي عيناه ليقول بتردد:
- انا لازم اروحلها واشوفها عاملة ايه !
رفعت حاجبها لتردف بقسوة:
- وهو انا بقولك علشان تطمن عليها ؟!. انا قولتلك علشان تخليها تبعد عن ابني روح رجعها لجوزها وخليها تغور بعيالها !
اغمض عينيه بغضب ليردف:
- انتي سامعة نفسك ؟!. الي بتتكلمي عنها دي تبقي بنتي !
ضحكت بسخرية لتكمل ببرود:
-دلوقتي بس افتكرت انها بنتك مهي متجوزة بقالها 10 سنين و لا عمرك سألت عنها ولا تعرف عنها حاجة بلاش مثالية...
جذبها من رسغها ليصرخ:
- بسببك ! انتي الي منعتيني عن عيالي وافقت اجوزهم اي جوازه وارميهم بسببك وبسبب انانيتك !
دفعته بحنق لتهتف بقوة:
- كونك ضعيف ده مش ذنبي انت الي غلط من البداية لما اتجوزت عليا حته خدامة ولا تسوي ! أنا فريدة هانم بنت الحسب والنسب تفضل خدامة عليا !
- وانتي خدتي حقك وزيادة لما أهلك أجبروني أمضي علي كل ثروتي وفلوسي وباقت باسمك ! كفاية لحد كده وسيبي بناتي في حالهم...
رفعت رأسها بكبرياء قائلة بتوعد:
- انسي يا حامد... انا مش هسيب بنت الخدامة دي تضحك علي ابني وتاخد منه فلوس زي ما امها ضحكت عليك وخليتك تتجوزها واديك خسرت كل حاجة بسببها ...
غادرت تاركة اياه خلفها بصدمة وألم فهي محقة هو خسر الكثير تحت رحمة زوجته القوية ولكن أن اوان ايقافها لن يسمح لها بأذية أبناءه يكفي ما عانوه...
جلس بمكتبه شارداً بحالة جميلته أيستدعي الأمر حقاً ان يزور طبيباً تنهد ليقرر ان الأمر لا يستحق هي بخير فقط هواجس من الماضي وسيمحيها الوقت...
قطع شرودها دخول مساعدته التي قالت بعملية:
- في واحد عايز يقابل حضرتك اسمه حاتم الشرقاوي أدخله ؟!.
ابتسامة شيطانية ارتسمت علي ثغره ليقول ببرود:
- دخليه !
خرجت ليدخل "حاتم الشرقاوي " متهدل الكتفين جلس أمامه ليقول بضعف:
- انا شركتي بتنهار ارجوك !
ضحك بخفه ليجلس بأريحية قائلاً ببرود:
- المفروض تشكر ربنا انك لسه عايش...دي حاجة بسيطة اني ادمر شركتك بالنسبة لمحاولة قتل مراتي !
طالعه بانكسار قائلاً بتوسل:
- الي تطلبه مني هعمله بس ارجوك سيبني في حالي انا مش بس شركتي انهارت ومراتي سابتني بسببك... !
مط شفتيه ليجيبه ببراءة زائفة:
- والله مش ذنبي انك كنت بتخونها انا بس ساعدتها تعرف مش أكتر...
تنهد ليردف بإنهاك:
- طلباتك ايه علشان تسبني في حالي ؟!.
اعتدل ليردف بجدية وقوة جديدة علي طبعه:
- هتبيعلي شركتك برخصة تراب وبعديها مشوفش وشك في مصر تاني تاخد بعضك وتسافر في اي داهيه لأني قسماً بربي لو لمحتك تاني لهيكون أخر يوم في عمرك !
كان تهديده شديد اللهجة مما جعله يرتجف ويزدرد ريقه بصعوبة أومأ بانكسار ليغادر بضعف بعد سنواته واكتساحه للسوق استطاع في فترة قصيرة ان يحطم اسمه وإمبراطوريته ثأر لمعشوقته...
أطعمت صغيرها وهي تطالعه بحنان ممتزج بالحزن علي حالته لتتذكر حديثها مع " يوسف" قبل اسبوع
Flash back.
- انا عايزة أتبرع بكليتي ليزن...
أخرج سيجارة ليشعلها ويستنشقها مردفاً ببرود:
- وانتي فاكرة اني هستناكي لما تتبرعيله انا كنت ناوي اتبرع انا بس فصيلة دمي مش نفس فصيلته ده غير ان الدكتور قال ان اللي عمله العملية عملها بطريقة غلط ومش هينفع معاه عمليه نقل كليه الا بعد سنة او سنتين علي الاقل... !
نزلت دموعها قائلة بحزن:
- يعني ابني هيفضل عايش كده !
امسك كفها يلمس عليه بحنان قائلاً بتنهيده:
- انا هفضل جمبك يا سارة ومتقلقيش انا هدورله علي أحسن دكتور حتي لو هسفره بره بس الموضوع محتاج وقت وصبر...
كعادتها احترقت الطبخة لتزفر بضيق يبدوا انها والطهي لا يتوافقان مطلقاً...صدع رنين هاتفها لتجيب بجفاف:
- ألو مين ؟!.
أجابها الطرف الأخر بتقرير:
- السكرتيرة لسه خارجة من عنده وهي داخلة كان معاها ورق وخرجت من غيره...
تحولت ملامحها للبرود وهي تقول بأمر:
- حلو أوي يعني هو دلوقتي لوحده في البيت ؟!.
- اه حضرتك ...
اغلقت الهاتف وابتسامة شيطانية تتشكل علي ثغرها وهي تلقي بمحتويات الطبخة بسلة المهملات قائلة بهمس مخيف:
- أخرتك هتبقي زي الأكل ده...مجرد رماد يا محسن بيه !