رواية أحببت فريستي للكاتبة بسمة مجدي الفصل الثاني عشر بعنوان: خطر
حسبي الله ونعم الوكيل فيك يالي في بالي !
هتفت بها "ميرا" وهي ترتجف من البرد وتلف حولها غطاء سميك وتنظر لذلك الجالس بغطاء أخر امامها بغضب وهو يجلس ببرود أخفي نظراته المستمتعة بغضبها ليقول ببرود:
- عيب تحسبني علي جوزك !
هتفت بغيظ:
- يا برودك يا اخي انت مش شايف حالتنا بقي في حد ينزل البحر في عز الشتا !
هتف بابتسامة سخيفة:
- مش أحنا نزلنا ؟!
ردت بعفوية:
- اه
اتسعت ابتسامته ليهتف بمرح:
- يبقي في !
ودت لو تلكمه بعنف وتهشم وجهه تركها لينهض ببرود ويعود حاملاً تبدو مألوفة بالنسبة لها لتقول بتساؤل:
-ده ايه ده يا يوسف ؟!.
جلس جوارها ارضاً ليحيطها بذراعه قائلاً وهو يرتشف من هذه الزجاجة:
-دي شامبانيا يا بيبي !
شهقت رادفه باستنكار:
-خمرة يا يوسف !
نظر له بضيق ليقول بلامبالاة:
-اه خمرة ايه المشكلة ؟!.
جذبت الزجاجة لتصيح بغضب:
-انت بتهزر يا يوسف ! بتشرب خمرة قدامي عادي كدا ؟!.
تأفف ليجيبها بحنق:
-بقولك ايه يا ميرا انا مش فايق لمحاضرات الاخلاق بتاعتك سبيني اشرب بمزاج !
كادت تصرخ بوجهه لكنها ادركت ان الحده ستولد عناده لتقول بهدوء نسبي:
-يوسف خلينا نتكلم بالعقل الخمرة دي محرمات ! وانا مش هقبل ان جوزي يكون بيشرب !
جذب الزجاجة ليقترب من وجهها هامساً بنبرة ثقيلة:
-سيبك من الكلام ده خلينا في القمر الي قدامي ده داحنا ليلتنا فل !
اقترب وما كاد يلامس شفتيها حتي شعر بكفها يوقفه ليجد نظراتها لم تقل حدتها لتنهض قائلة بعنف ونبرتها القوية:
-كمل ليلتك مع الشامبانيا انا ميلمسنيش واحد خمورجي !
اتسعت حدقتاه بصدمة أحقاً ما قالته أم انه يتوهم فاق من صدمته علي صوت اغلاف باب الغرفة بعنف ! منذ زواجهم لم ترفض قربه ولأول مرة تحدثه بتلك النبرة منذ زواجهم لينهض ويدق الباب صائحاً بغضب:
-لا دانتي اتجننتي رسمي ! افتحي يا ميرا وخلي ليلتك تعدي !
لم ترد ليلكم الباب ويصيح بتحدي غاضب:
-طب ايه رأيك بقي اني هقضي الليلة شُرب !
جاءه صوتها ببرود:
-Have fun يا بيبي !
ركل الباب بغيظ ليجلس علي الاريكة ويتجرع الزجاجة كاملة حتي راح في سبات عميق من كثرة الشرب هو بالفعل تغير لأجلها ولكن لا شئ يتغير بليلة وضحاها...
عدل من ياقة قميصه ليستعد للخروج ليجدها تراقبه بحسره فيقول ببرود:
-بلاش النظرات دي أمي انا زي الفل ومش ناقصني حاجة !
اقتربت لتقول بحزن:
- لا طبعاً ناقصك...ناقصك زوجة تبقي جمبك وتاخد بالها منك وترعاك !
-وانا جربت مشروع الجواز ده قبل كده وفشل ولا يلدع المؤمن من حجر مرتين يا أمي !
ربتت علي كتفه بحزن:
-مش كل الستات زيها يا إلياس في ستات أصيلة وبنت ناس وتوقف جمب جورها في اي وقت !
اختفي بروده ليقول بأسي:
-الموضوع مش موضوع بنت ناس اصل مفيش واحدة هتقبل براجل مبيخلفش !
نظرت له بإشفاق هامسه بحب:
-قدر الله وما شاء فعل يا حبيبي ربك كريم وهيرزقك وتقول فتحية قالت !
قبل كفها ليغادر متجهاً لعمله ليختي حزنه ويرتدي قناع الخشونة والبرود فالبرود ليس طبعاً بل قناعاً يخفي خلفه ألف وجه...
تغاضت عما فعله مع وعد بالامتناع عن الشرب تدريجياً وكعادتها منذ قابلته يقود قلبها زمام الأمور وإختفي صوت العقل...
بعد مرور شهر
بعد عودتهم من رحلتهم الذي اصرت علي العودة من أجل العمل جلست تتابع التلفاز بملل نقلت بصرها نحوه لتجده مشغولاً بالعبث بهاتفه كعادته..! لتهتف بضجر:
- يوسف انا زهقانة احنا تقريباً مش بنعمل حاجة يوم الاجازة غير الفرجة علي التليفزيون..!
اجابها ببرود وهو مازال ينظر بهاتفه:
- وانا أعملك ايه يعني انا قولتلك اتفرجي ؟!
لتلكمه بكتفه بغيظ قائلة:
- بطل برودك ده..! انا قصدي نعمل حاجة مختلفة !
تأوه بخفوت وهو يرد لها لكمتها لتصيح بألم:
- آه ايدك تقيلة ايه الغباء ده ؟!.
ليرفع حاجبه في تحدي قائلاً بحده:
- قولتي ايه ؟!.
لترد بابتسامة مصطنعة وهي تدلك كتفها بألم طفيف:
- بقول تسلم ايدك يا سيد المعلمين !
ليبتسم بسخرية فتردف بحماس مفاجئ:
- طب ايه رأيك ننزل نعمل شوبينج بقالي كتير مشترتش هدوم...
ليقطب جبينه في تساؤل:
- بس انتي عندك هدوم كتيره يا حبيبتي ؟!.
اجابته بملل:
- ايوة بس في حاجات طالعة جديد !
ليومأ بتفهم ويقول بهدوء:
- اوك براحتك خدي الكريديت بتاعتي وانزلي هاتي الي انتي عايزاه !
لتجيبه بخبث:
- انا مش بتكلم في فلوس لان ده أمر مفروغ منه انا بتكلم انك تنزل معايا ونقضي اليوم مع بعض...
ليصيح باستنكار:
- ايه..! انا انزل أعمل شوبينج والف علي المحلات مستحيل طبعاً...!
يشعر ان قدماه تصرخان من الألم فيذكر انهم لم يتركا متجراً الا ودلفوا اليه..! ليقول بضيق:
- ميرا ده تاسع محل ندخله ومفيش حاجة عجباكي انا رجلي ورمت ارحميني شوية...!
لتجيبه باستخفاف:
- في ايه يا يوسف احنا مكملناش ساعتين يعني..!
ود لو صفعها بقوة او صدم رأسها بأحد الحوائط كبت انفعاله وهو يقول من بين اسنانه:
- هما الساعتين دول قليلين...! ليه الهانم بتبات في المول ؟!.
لم تنظر لتعابير وجهه الحانقة والمتوعدة وهي تكمل بلا اهتمام:
- لا مش للدرجة بس بلف بال5 او 7 ساعات علشان اعرف اجيب حاجة كويسة !
كاد ان يصيح بغضب الا ان فكرة التمعت بعقله ليجبرها علي الرحيل بل والتوسل اليه للتوقف ليجيبها بابتسامة زائفة:
- خلاص يا بيبي زي ما تحبي تعالي كده نشوف المحل ده !
قالها وهو يشير لاحد المتاجر ويجذبها للداخل، نظرت له بدهشه فقد توقعت ان يصمم علي الرحيل..!، دلفوا الي الداخل لتجده يتجه نحو العاملة ويحدثها بلطف استغربته.!:
- بعد اذنك يا قمر كنت عايز فستان سواريه لمراتي ومفيش مانع تجيبه علي زوقك..!
نظرت له العاملة بانبهار بجماله ووسامته واسلوبه اللبق ايضاً لتجيبه بنعومة ورقة:
- أكيد يا فندم حضرتك نورتنا..قصدي نورتونا !
ليقول بإطراء:
- المحل منور بالي فيه يا...
لتسارع بلهفة:
- جميلة
نظر بطرف عينيه ليجدها وجهها احمر من الغضب وتكاد تنفث نيراناً من اذنها من الغيظ ليكمل بلطف وابتسامة:
- اسمك جميل اووي مشاء الله اسم علي مسمي...
الي هنا ويكفي هي تعلم بكونه قد كان متعدد العلاقات وبطبعه اللعوب ولكن لم يسبق لها ان رأته يغازل احداً من قبل..! لتصيح بشراستها المعهودة وهي تلوح بيدها في حركه عصبية وهي ترفع حاجبها الايسر وتسند يدها الأخرى علي خصرها في حركة سوقية لا تمت للرقي بصلة ونظراتها لا تبشر بخير..:
- اروح انا ادعيلكم بالذرية الصالحة بقي !
تنهد بسأم وهو يستمع لها منذ ساعة كاملة..! لم يتفوه بحرف وتركها تتحدث كما تشاء، استشاطت غضباً من بروده لتردف بغضب:
- انت مش هتبطل بقي ! انا مش هفضل ماشيه ابعد الستات عنك...وانا الي فكرتك خلاص توبت عن الحريم وبطلت تبص بره بس هقول ما هو ديل الكلب عمر...
قطعت كلماتها عند نهوضه المفاجئ من الاريكة اقترب منها بهدوء حذر وتعابيره جامده ارتبكت لتقول بتلعثم:
- ايه ؟!..مالكَ؟!.ط طب انا هدخل اغير هدومي بقي.
قالت كلمتها لتهرع للداخل لكنها توقفت حين هتف بحده وأمر:
- أقفي عندك !
لا تنكر ان صوته الحاد دب الرعب بقلبها حاولت اخفاء خوفها لتهتف بنبره مهزوزة جاهدت لجعلها ثابتة:
- ايه ؟! عايز ايه ؟!
اقترب ببطء وهو يمنع نفسه بصعوبة من الضحك علي مظهرها الخائف كالأطفال فلم يخف عليه رجفتها يدها وتوترها ومحاولتها الخرقاء للهروب ليتسأل بحده:
- كنتي بتقولي ايه من شوية ؟!.
ازدرت ريقها بخوف لتجيبه بتوتر:
- أأأانا بس كنت متضايقة ومش قصدي يعني ان ااا...
اتسعت ابتسامته لتصدع ضحكاته بقوة فمن النادر ان يري جميلته خائفة.! نظرت له بحنق وكادت ان تغادر ليمسك بكفها بعد ان توقف عن الضحك ليردف بجدية:
- لازم تعرفي انك مراتي واي واحدة غيرك اخرها معايا كلمتين حلوين وخلاص !
صمتت لثواني وهي تطالعه بغموض...توجس من نظراتها الغير مفهومة لتباغته بدفعه علي الأريكة خلفه وتقترب وتضع كلتا يديها علي جانبي الكرسي وتهمس بأذنه بنبرة متملكة:
-اوعي تفتكر اني زي أي حد أنا واحدة مبتقبلش حد يقرب من الي يخصها ! انا غيرتي صعبة اوي منصحكش تحاول تجربها !
قبلت وجنته تحت صدمته من فعلتها لتكمل هامسه بإغواء:
-غيرتي زي النار لو خرجت بتحرق كل حاجة واولها انت !
ابتسمت بخبث لتعض علي شفتيها وتبتعد فجأة وتدخل غرفتها تحت صدمته! حقاً هذا المرأة مما صنعت؟!.يقسم انه لم يري بقوتها! انها تستحق لقب المرأة الحديدة بجدارة! فاق علي صوت إغلاق الباب ! أفعلتها مجدداً ؟!.نهض ليطرق الباب صائحاً بتحذير:
-بقولك ايه مش معني اني عديتلك الحركة دي في الساحل يبقي تكرريها ! افتحي أحسنلك !
لم ترد كاد ان يصرخ لكن لمعت بعقله فكره ان مفتاحه الاحتياطي بالغرفة الأخرى ليقول بخبث:
-ماشي يا ميرا بس مترجعيش تندمي !
غيرت ثيابها وهي تبتسم بمكر لتتجه نحو الفراش وتمدد جسدها وما كادت تغمض عينيها حتي شعرت بيد تلتف حول خاصرتها اتسعت عينيها ليضع كفه علي فمها هامساً بنبرته الرجولية التي تعشقها:
-انا مش ناوي اقضي ليلتي مع الشامبانيا تاني !
خرج الصغيرين من مدرستهم الجديدة لتقول مشرفة حافلة المدرسة:
-يلا يا حبايبي كله يطلع الباص
ركض الأطفال ليصعدوا الي الحافلة عائدين الي منازلهم وبوسط الزحام أفلت الصغير يد أخيه الأكبر " مازن" يتذكر انه رغب في شراء بعض الحلوى ليقول بصوت ضعيف لم يسمعه احد بسبب ضوضاء الأطفال:
-ميس انا هروح اشتري حاجة وارجع...
ذهب الي ذلك المحل الصغير ليشتري ما رغب به عاد ليجد ان حافلة المدرسة رحلت !
بداخل الحافلة
التفت السائق للمعلمة قائلاً بصوته الغليظ:
-مش هتعدي العيال يا ابلة ليكون حد ناقص ؟!.
نظرت الي المرآه لتتأكد ان زينتها لم تفسد وهي تقول ببرود:
-لا مش لازم اعدهم العيال كلها طلعت متقلقش !
دمعت عيناه خوفاً فالطريق خاليٍ ومدرسته أغلقت ولم يبقي أحد ليشرع في بكاء عنيف منادياً علي أمه...اقترب منه أحد الرجال ليقول بابتسامة شيطانية:
-انت تايه يا صغنن متقلقش انا هرجعك بيتك تعال معايا !
امسك الصغير بيده ليسير معه غير مدركاً لعواقب ذلك...
أخفض صوت الاغاني ليجيب علي اتصالها وهو يقود سيارته متجهاً للشركة فقد قرر الالتزام بالعمل ليقول بمرحه المعهود:
-ناموسيتك كحلي يا عم ضبش !
فركت عيناها لتستيقظ لتتسع عيناها وتهتف باستنكار:
-ضبش ! في واحد يصبح علي مراته يقولها ضبش ؟!.
ضحك بمرح ليردف:
-أصل بصراحه انتي دبش اوي يا بيبي فقررت اسميكي ضبش !
نهضت لتعد قهوتها الصباحية وهي ترد بانزعاج:
-بطل رخامة يا يوسف ! انت فين صحيح ؟!.
التوي ثغرة بابتسامة متسلية قائلاً:
-رايح الشركة !
لمعت عيناها لتقول بفرح:
-بجد يا چو ؟!. روح يا أخي اللهي يسترك ويجعلك في كل خطوة سلامة و...
قطب جبينه ليقاطعها باستنكار:
-ايه يا ميرا انتي بتشتغلي شحاتة بعد الضهر ولا ايه ؟!.
ضحك كلاهما ليوقف السيارة ويترجل أكمل حديثه علي الهاتف وهو يدلف من بوابة الشركة غافلاً عن الضوء الأحمر الذي يشير الي ظهره صادراً من أحد البنايات المقابلة للشركة ولنكن أكثر دقه من سلاح ملثم !
تشاجر "مازن" مع أحد رفاقه في الحافلة ولم ينتبه لغياب أخيه حتي وصلت الحافلة لتصيح المعلمة:
-يلا مازن ويزن ينزلوا !
التفت مازن حوله ولم يجد أخيه الصغير "يزن" ليقول بخوف:
-ميس ! يزن مش موجود في الباص !
انتفضت المعلمة لتبحث عنه فلم تجده لتقول بارتباك:
-طب روح انت يا مازن يا حبيبي وانا هرجع مع الباص ونشوف يزن !
ترجل بخوف ليهرع الي المنزل دق الباب بارتعاش لتفتح والدته "سارة " بابتسامة حانية وما كادت ان تتحدث حتي ارتمي بأحضانها ليصيح ببكاء لتختفي ابتسامتها ويهوي قلبها أرضاً:
-يزن ماركبش الباص ومش لقينوه يا ماااااما !
يعني ايه الواد مش موجود !
صائحت بها المعلمة بارتياع ليردف السائق بقلق:
- الواد مالوش أثر المدرسة فاضية ومفيش حد !
شهقت بخوف وهي تندب حظها قائلة:
- يا مصيبتي ! انا كده هترفد واهل الواد مش هيسبوني !
تركها لثواني ليقود والرعب يرتسم علي ملامحه ليقول باقرار:
- الراجل بتاع الكشك قالي انه شاف الواد ماشي مع واحد وركبوا عربية ومشيوا !
وقع قلبها أرضاً لتقول بصدمة:
- يعني الواد اتخطف !
قبل بضع دقائق بداخل المبني المقابل للشركة
جهز سلاحه حين وجده يترجل من سيارته ابتسم بخبث وهو يجيب علي هاتفه قائلاً بصوت أجش:
متقلقش يا باشا يوسف الحديدي هيبقي في خبر كان !
اغلق الهاتف لينخفض يصوب تجاه ظهره مستغلاً تحدثه بالهاتف ليطلق رصاصته !