رواية أحببت فريستي للكاتبة بسمة مجدي الفصل الثامن والعشرون بعنوان: قسوة
تسللت أشعة الشمس الي الغرفة لتشبعها ضوءً ليتململ ذلك النائم بانزعاج ويفتح جفونه ببطء ليجد الغرفة فارغة قطب جبينه لينهض متجولاً بالمنزل وارشدته صوت الضحكات القادمة من المطبخ دلف ليجد زوجته "سارة" تتنقل في انحاء المطبخ كالفراشة بمنامتها القصيرة وترفع خصلاتها للأعلى لتخطف أنفاسه بطلتها تلك وينتبه لضحكات الصغار فهي تعد الافطار وتطعهم اثناء الطهو حتي صغيرته المدللة "تقي" تعلقت بها بتلك السرعة! ليهتف بمرح:
- كل حلفاؤك خانوك يا الياس حتي انتي يا تقي!
هرعت الصغيرة اليه لتتعلق بساقيه ليرفعها مقبلاً وجنتيها وهو يتسأل:
- هي امي فين صحيح ؟
اجابته وهي ترص الاطباق علي الطاولة:
- ماما سافرت البلد النهاردة الصبح...انا قولتلها مفيش داعي بس فضلت مصرة وقالتلي انها هتكلمك اول ما توصل...
نفخ بضيق فهو يعلم تمام العلم رأس والدته اليابس وانها فعلت ذلك حتي يتسنى لهم فرصة للاعتياد علي بعضهم البعض، ليجلوا جميعاً ليتناولوا الافطار وكعادته "إلياس" يضع صغيرته علي ركبتيه ويطعمها بيده الامر الذي أثار غيرة وحزن "يزن" الذي نظر ارضاً بحزن فوالده تخلي عنه ولم يحمله يوماً ويطعمه كما تمني، لفت انظار "الياس" حزن الصغير وخجله من ان يطلب منه ان يطعمه ليلتفت قائلاً ل"تقي":
- روح بابي ينفع تخلي ماما سارة تأكلك ؟!
صفقت الصغيرة بسعادة فقد تعلقت ب"سارة" كثيراً في تلك المدة القصيرة لتحملها وتطعمها بحب وتقبل وجنتيها من حبن لآخر، وعلي حين غرة حمل "الياس" "يزن" ليضعه علي ركبتيه قائلاً بابتسامة:
- ايه يا بطل مبتاكلش ليه ؟
تلك الحركة البسيطة وكلماته المعدودة ادخلت السرور الي قلب الصغير ليهتف بابتسامة مشرقة:
- انا باكل اهو !
ابتسم له بحنان وهو يطعمه غافلاً عن اعين سارة التي تطالعه بأعين دامعة بامتنان فأطفالها حقاً بحاجة لأب رغم اهتمامها بهم لتحمدلله سراً علي شخصية مثله...
ولج الي المنزل بمقعد والده المتحرك ليطلب من "ليلي" مناداتها لتومأ له وتنادي بابتسامة ومازالت دموعها عالقة بجفونها من فرط سعادتها:
- زهرة...زهرة !
هرعت اليهم وقلبها يرفرف من السعادة فهي اصبحت تعد الأيام فقط لتري ابتسامته المهلكة او عيناه التي تري البحر من خلالها لتخرج قائلة بإنجليزيتها الركيكة (الضعيفة):
- مرحباً...كيف...حالك سيد دانيال !
فهي منذ عادت الي المدرسة لا تهتم سوي لدراسة اللغة الانجليزية لتستطيع التواصل معه بلا حاجة لوجود خطيبته البغيضة كما تسميها، لتقطب جبينها فمن ذلك الرجل المقعد لتشرح لها ليلي بابتسامة سعيدة:
- زهرة...ده انكل ابراهيم والد دانيال...احنا فكرنا نجيبه يعيش معاكي هنا بما انك عايشة لوحدك!
ابتسمت فهذه فرصتها ان تهتم بوالده لعلها تلتف انتباهه اليها لتقول بابتسامة:
- دانا هشيله في عنيا يا خبر...
ادخله غرفته برفقة "ليلي" ليهتف أبيه بارتعاش:
- آدم...اوعي...تمشي تاني !
جلس كلاهما علي ركبتيهما أمامه لتبدا "ليلي" في الترجمة قائلة لأبيه برقتها المعهودة:
- متقلقش يا انكل...داني...قصدي آدم بيدور عليك بقاله كتير وهو عمره ما هيسيبك تاني!
ربت علي خصلاتها بحنان ثم انتقل لخصلات "داني" مربتاً عليه بحنو لا يصدق ان طفله عاد اليه وانه صار رجلاً مفتول العضلات لم يكن يصدق لولا عيناه الزرقاء الذي كان يتعجب منها الكثيرون قديماً حين عاد به الي موطنه ليقبل كلاهما كفه بحب غافلين عن تلك الأعين المشتعلة التي تراقبهم وما كانت سوي "زهرة" تنفست بغضب لتراقب خروجهم وتوديع "داني" لخطيبته لتتغير ملامحها حين علمت انه ينوي المبيت بمنزلها لأجل والده ها قد اتت فرصتها علي طبق من فضة فأقسمت الا تضيعها!
جلس في ظلام دامس حتي اصبح لا يميز من اين يأتي الظلام من داخله المحطمة ام من حوله! فتح الدفتر القديم ليتطلع علي صور اولاده الثلاث باشتياق وعبراته الحبيسة تأبي الخروج ليرتكز علي صورة "سارة" ليميل ويقبل صورتها هامساً بصوت مختنق:
- الف مبروك يا حبيبتي...سامحيني حاولت اجي الفرح بس مقدرتش... خفت تزعلي من وجودي وابوظ فرحتك !
لتهبط عبراته الساخنة تشق طريقها علي وجنتيه حين تطلع علي صورة "يوسف" متذكراً اخر مكالمة له منذ شهرين...
Flash back.
هدر به بعصبية ما ان اجاب علي اتصاله:
- انت ازاي تعمل كده في ليلي ؟! يعني ايه كنتوا هتجوزوها لواحد عنده 50 سنة ! حتي لو امي اقترحت ده ازاي انت توافق ترمي بنتك في النار بالطريقة دي ؟!
اجابه بتلعثم وألم يحتل قلبه:
- هي فعلاً فريدة كانت عايزة كده بس انا كنت هشوف حل...وكت لقيت شاب كويس عندي في الشركة وكنت هخليها تتجوزه!
هدر به بغضب:
- انت بتقول ايه بابا ليلي كان عندها 18 سنة انت مستوعب ؟! للدرجادي اخواتي كانوا حمل تقيل عليكم ؟
هتف بسؤاله الأخير بألم ليجيب الاخير بخفوت حزين:
- انا بس كنت عايز انقذها من فريدة...وعشان كده وافقت علي زميلها في الكلية...انا غلطت لما جبتهم يعيشوا مع فريدة...وحاولت اصلح غلطتي...
رد عليه باستهزاء متألم:
- تصلحها بانك ترميهم في اي جوازة والسلام وايه النتيجة ؟ سارة اتجوزت واحد *** كان مطلع البلا الازرق علي جتتها ! وليلي...راحت عاشت في بلاد غريبة لوحدها وكانت اهون من انها تعيش في وسطنا انت متخيل يا بابا ؟!
صمت من شعوره بوخزات مؤلمة بقلبه ليسترسل بشرود:
- اتجوزت علي امي ولجئتلها بعد ما مراتك التانية ماتت...امي كانت بتحبك علي الرغم من غرورها وتكبرها الي خلاك تسيبها! بس بجوازك عليها انت قضيت علي اي حاجة حلوة جواها وعشان تريح ضميرك سيبتها تبهدل في بناتك زي ما هي عايزة حتي انا عمرك ما قربت مني ولا نصحتني ولا عمرك فهمتني ازاي احافظ علي بنات الناس سيبتني في دنيتي احدف يمين وشمال كنت شايف ان زي ما بناتك اتحرموا من حنان ابوهم وامهم حرمتني انا كمان منهم!
End flash back.
تعالت شهقاته المتألمة وكأنها نابعة من أعماق قلبه المظلم فخطأ واحد قد دمر أسرة بأكملها! كان بإمكانه ان يساند زوجته ان بغيرها طالما شاء ان يجعلها تتعلم كيف تشبع رغباته بدلاً من البحث عنها بنساء اخرى كان بيده ان يصلح ما تحطم بمنزله بدلاً من تحطيمه رأساً علي عقب ومحاولة بناء غيره أوليس الرجال قوامون عن النساء ؟!..
رفع الغطاء ليدثره جيداً ثم قبل جبهته هامساً باشتياق:
- اشتقت اليك...أبي !
ثم نهض بعد ان تأكد انه راح في سبات عميق ليخرج من الغرفة وهو يعبث بخصلاته بنعاس بملابس بيتيه تظهر عضلات جسده وبنيته القوية ليقطب جبينه باستغراب حين لمح "زهرة" تجلس علي الاريكة تستذكر دروسها اقترب ليُثني علي اجتهادها فمن يذاكر بعد منتصف الليل! ليلفت انتباهه تلك المنامة القصيرة الضيقة بشدة واحمر الشفاه الذي تضعه! ابتسمت بفرح حين رأته فهذا يعني نجاح خطتها لتنهض وتتجه نحوه بخطوات متمهلة وتتغنج في مشيتها مما اثار استغرابه! لتقول بدلال مفتعل لم تستطع اتقانه:
- مرحباً...كيف حالك سيد دانيال ؟!
لا يدري عدد المرات التي سمع منها تلك الجملة التي تحفظها جيداً، لم يتحرك قيد انامله وهو يراقبها بملامح زادت حدتها لتبتسم بتوتر من نظراته الثاقبة كادت تضع يدها علي صدره ليمنعها بإشارة صارمة ليرمقها بحده ليتجه نحو اوراقها ويلتقط ورقة وقلم ويكتب شيئاً ما ويعيد رمقها بتلك النظرة التي حقرت منها، دمعت عيناها بخوف من نظرته ليتركها ويتجه لغرفة ابيه بلا ان ينطق حرفاً واحداً! لتلتقط الورقة فلم تفهم شيئاً لتفتح هاتفها الذي اشتراه لها مؤخراً وتبحث عن ترجمة تلك الكلمات وياليتها لم تفعل لتشرع في بكاءٍ عنيف ما ان اطلعت علي ترجمتها:
" لقد ظننت انني انقذت فتاة صغيرة بريئة من ذلك المكان المشبوه ولكن مظهرك اليوم أثار شكوكي لربما أخطأت واحضرت فتاة اخرى عاهرة ! فمن فضلك اذا كنت فعلاً أخطأت الاختيار اخبريني حتي اصحح خطئي !"
لتهرع الي غرفتها وتمسح أحمر الشفاه بعنف وتنظر لهيئتها بالمرآة لتصدم بهذه الفتاة، هذه ليست "زهرة" التي حاربت من أجل الحفاظ علي شرفها هذه أخرى ترتدي ثياب كالعاهرات لا تليق بصغر سنها وبراءتها لتتعالي شهقاتها فكلماته تلك قد طعنتها في صميم قلبها وكأنها صفعة قاسية لتوقظها لتنهار أرضاً وهي تبكي عما اوصلها له شيطانها فقد ظنت ان بهذه الطريقة لن يتخلى عنها أفقدت الزهرة بريقها ام توارت خلف الحياة القاسية ؟!.
وعلي الجانب الأخر وقف امام غرفتها يستمع لبكائها يكبح نفسه الا يدلف ويحتضنها بحماية حتي تتوقف عن البكاء فهو قد اعتبرها طفلة مسكينة تحتاجه ولم يبخل عليها برفقة وحنانه لكنه ادرك انها تحتاج بعض الحزم لتعود الي رشدها ليهمس في نفسه بأسف:
- اعتذر عن كلماتي القاسية يا صغيرة لكنكِ بحاجة اليها خوفك ان اتركك استحوذ عليكِ ليجبرك بالتصرف بلا هدي اتمني ان تأتي بثمارها فانا لا ارغب ان اقسو عليكِ أكثر!
فتحت جفونها بضعف لتتسع حدقتيها حين وجدت نفسها في محيط واسع لا يظهر بدايته ولا نهايته! والمثير لدهشتها انها تتنفس رغم انها في أعماق محيط مظلم، حركت ذراعيها لتسبح محاولة ان تكتشف هذا الظلام ليجذب انتباها همس دافئ غريب بأذنها لتسري القشعريرة بجسدها:
- ميرا !
لتشعر بيدين تلتف حول قدمها لتسحبها بعنف الي الأسفل في أعماق الظلام لترفع ذراعيها وتحركهم بعنف وكأنها اضحت خرساء فلا تجد لصوتها سبيلاً لتشهق بعنف وهي ترفع رأسها من المغطس فيبدو انها غفت اثناء استحمامها لتري هذا الكابوس المروع لتتنفس بصورة متسارعة كدقات قلبها وتبتلع ريقها ثم تلتقط رداءها لتنهض من المغطس وترتديه مسرعة وتتجه لغرفتها لتجلس علي طرف الفراش تمسح علي وجهها لتجبر نفسها علي الهدوء لتلتقط الهاتف وما ان أجاب حتي قالت من بين انفاسها المتسارعة:
- طمني...كل حاجة...تمام ؟
اتاها صوته قائلاً:
- اه كله تمام متقلقيش والفرح هيتم زي ما انتي عايزة !
أغمضت عيناه لتردف بانفعال غير مبرر:
- مترغيش كتير...يلا سلام !
واغلقت الهاتف بوجهه غير عابئة بكرامته كرجل التي تتلاعب بها بكل بساطة فهي أصبحت كالزجاج المنكسر الذي يجرح كل من يحاول الاقتراب منه ! ...
- حطيلي الالوان دي زيك يا مامي !
هتفت بها " تقي" بحماس طفولي وهي تمد كفيها بابتسامة بريئة
ابتسمت "سارة" بحنان وهي تمسك بكفها وتضع لها طلاء الأظافر مثلها قائلة بلطف:
- من عنيا يا روح مامي...بس يلا بقي علشان منتأخرش علي بابي ويجي يكلنا...
ضحكت الصغيرة بانطلاق لتصمت فجأة وهي تضع كفها علي وجهها تكتم ضحكاتها، ازدردت ريقها بصعوبة وهي تنظر خلفها بتوجس لتجده يقف يطالعها ببرود قائلاً:
- بقي انا هاجي اكلكم يا سارة ؟!
شهقت بدهشة لتردف مسرعة بأسف:
- مش قصدي والله يا الياس انا كنت بهزر و...
اشار لها بالصمت ثم هتف بصرامة:
- تقي انزلي استنيني تحت !
طالعتها الصغيرة بقلة حيلة لتهرع الي أسفل فيغلق الباب خلفها والأخيرة تطالعه بتوجس من نظراته الغامضة ليقترب ببطء حذر ارسل القشعريرة بسائر جسدها لترتجف بخوف لا تدعيه رفع يده ليجذبها نحوه فتقف يده معلقة بالهواء حين وجدها تضع يدها علي وجهها تحميه وكأنها سيصفعها! لم يكد يتحدث حتي تأتيه الصدمة الثانية بحديثها الباكي:
- ونبي ما تضربني انا مش قصدي !
همس بدهشة:
- سارة !
ازداد بكاءها وارتفعت شهقاتها التي مزقت قلبه إرباً! ليجذبها ويضمها اليه تحت بكاءها الذي كاد يصل الي الهيستريا ليهمس بأذنها بحنو رغم تألم نبرته فهو لم يقصد اخافتها هو فقط كان يمزح كان يعبث معها قليلاً ولم يعلم ان هذه ستكون ردة فعلها!:
- سارة...اهدي يا حبيبتي...والله ما فكرت حتي امد ايدي عليكي !
تسارع تنفسها مع ازدياد بكاءها ليضعها علي الفراش ويهرع الي خزانتها وينتشل منها حقنة طبية مهدئة اعتادها بحكم عمله كضابط شرطة يحتم عليه معرفة الكثير ليعدها سريعاً ويتجه اليها ويضمها مرة اخري الي صدره وهي تبكي بانهيار وقد أعاد لها مشاهد قديمة من زواجها الأول حين كان "ماجد" يغلق باب غرفتهم ويشرع في ضربها بقسوة واغتصابها وصراخات طفليها تتردد بأذنها شعرت بذلك السائل يتدفق في عروقها ليجبرها علي ان تهدأ وتثقل جفونها فتستسلم لذلك الدوار وتذهب في سبات عميق بين ذراعيه اسندها علي الوسادة ولم يحررها من اسر ذراعيه ليتمدد بجوارها وعيناه تشتعل بنيران الغضب، أقسم الا يرحم ذلك المسمى بزوجها السابق فهي لن تصل الي هذه الحالة الا اذا عانت الكثير!
نهض بضيق ووجه ناعس بسبب رنين الهاتف ليجيب بضيق:
- الو...مين معايا ؟
ليصدع صوت الطرف الأخر وما كان سوي رفيقه "سامر" الذي صاح به:
- سيادتك نايم علي ودانك ومراتك بتتجوز ! انت طلقتها امتي عايز أفهم ؟!
انتفض قائلاً بدهشة:
- جواز ايه ؟ مراتي مين ؟!
- مراتك...ميرا السويفي! ده حتي العريس اسمه طارق الألفي والفرح في فيلته بكره بليل !
اشتعلت عيناه تهدد بحرق اليابس والأرض! ليهتف بعصبية:
- طب اقفل ! وديني لمكسر الفرح علي دماغهم !
ليردف بتوجس:
- يوسف اهدي وبلاش جنان !
ليهدر بعصبية:
- مين دا الي يهدي ؟ دانا مش ههدي غير لما اخربها علي دماغهم اما وريتها بنت المجانين دي !
اغلق ليتصل بها بعصبية وما ان اجابت حتي صرخ بصوت كاد يصم أذنها:
- بقي الهانم عايزه تتجوز ومش همك النطع الي انتي متجوزاه !
هتف بها بعصبيه شديدة وقد برزت عروق رقبته وهو يهاتف تلك المختلة كما يسميها "ميرا" ردت الأخيرة ببرود يتناقض مع خفقات قلبها التي تدق خوفاً:
- ملكش دعوة انا حره وبعدين اسمها طليقتك مش مراتك يا يوسف بيه !
هتف بغضب وثوره عارمه:
- اغلطي، اغلطي كمان دانتي ايامك سودا معايا والفرح ده هطربقة علي دماغك انتي وابن **** ده ... !
- انتفضت من نبرته العالية التي لا تبشر بخير وحاولت تهدئه نفسها لتردف بتحدي ونبره قويه زائفه:
- وانا بقي هتجوز يا يوسف وأعلي ما في خيلك اركبه سلام يا... واكملت بسخريه.. يا طليقي !
اغلقت الهاتف بسرعه وهي تتنفس بصعوبة وهي تكاد تموت خوفاً للحظات شعرت بعظم خطأها ولكنها اقنعت نفسها انها علي حق فقد تزوجت حباً مره وفشل فلما لا تجرب زواج المصالح ف "طارق" شاب جيد وسيحقق لها ما تريد من شركة خاصه بها اقنعت نفسها بذلك وذهبت لتكمل استعدادها
علي الجانب الاخر القي هاتفه بعصبيه بعرض الحائط ليتناثر الي عده قطع ويهتف بغضب:
- وديني لاوريكي يا ميرا انتي بتاعتي انا بس وعمرك ما هتكوني لحد غيري تبقي في بيتي بس وانا هوريكِ أيام سودا !
ثم صمت ليلتقط انفاسه الغاضبة وينادي أحد حراسه ليقترب الاخير فيهتف بآمر:
- قول للرجالة تجهز عندنا طلعه !
- رد الحارس بطاعة:
- تحت امرك يا يوسف بيه !
- وعايز في خلال ساعتين زمن تعرفلي كل حاجة عن الي اسمه طارق الالفي من يوم ما اتولد لحد النهاردة !
- اوامرك يا باشا
في مساء اليوم التالي !
انتهت عاملة التجميل من وضع مساحيق التجميل لتعطيها طلة قوية وجذابة بفستانها الأبيض القصير لتبتسم برضا لهيئتها رغم انها ترتجف من الداخل وتكاد تبكي خوفاً من ردة فعله لفعلتها لتتمالك نفسها وترفع هاتفها قائلة ببرود:
- انا خلصت يا طارق انت فين ؟!
أجابها وهو يقود سيارته:
- خلاص انا قربت علي البيوتي سنتر ربع ساعة بالكتير واكون عندك !
اغلقت الهاتف لتمر الربع ساعة ولم يحضر بعد لتزفر بضيق لتأتي فتاة من احدي عاملات المركز قائلة برسمية:
- مدام ميرا في واحد مستني حضرتك بره !
قطبت جبينها لتنهض لتجده رجل ضخم يرتدي بذلة سوداء ليقول برسمية:
- مدام ميرا...طارق باشا قالي أبلغ حضرتك اني هوصلك القاعة الاول لان عنده مشكلة في العربية وهيحصلنا !
اومأت له لتصعد الي السيارة وتستند رأسها علي النافذة وهي تهدأ نبضات قلبها المرتجف...
توقف بسيارته حين لمح سيارة ضخمة تقف بطريقه وامامها مجموعة من الرجال الأشداء ليترجل صافعاً الباب بغضب ليهدر بهم بعصبية:
- انتوا قافلين السكة كده ليه ؟ وسعوا من قدامي !
هتف أحدهم بلامبالاة:
- كيفنا كده اننا نقفل السكة عندك مانع ؟
اغتاظ من برودهم وقد تأخر علي موعد الزفاف ليهدر بعصبية مفرطة وهي علي اتم استعداد للتشاجر معهم:
- احنا هنهزر يا روح ** انت وهو ؟! ابعدوا من سكتي انا اتأخرت علي فرحي !
استقام أحدهم ليصيح بتسلية:
- الله ده طلع عريس ! لا داحنا كده لازم نوجب معاه علي الاخر يا رجالة !
اقترب الرجال ليحاوطوه قبل ان يحاول فتح سيارته لإخراج سلاحه ليتكالبوا عليه وضربه بعنف! ولم يستطع صد ضرباتهم فالكثرة تغلب الشجاعة! بعد مرور بضع دقائق صاح أحدهم حين فقد وعيه من شدة الضرب والدماء تغطيه فلا تعرف من أين تأتي الدماء!:
- باس يا رجالة...الباشا عايزه حي هاتوه !
تأفف المدعون من تأخر الوقت ولم يصل العروسان بعد ليهتف احدهم بضيق:
- وبعدين يعني ؟ هنبات هنا في العرسان ؟!
وصاح أخر:
- تكونش العروسة هربت ؟!
وصاح أخر:
- اكيد في حاجة غلط مش معقول التأخير ده كله !
ليهدأهم رفيق العريس والذي يدعي "محمد" قائلاً بابتسامة متوترة:
- معلش يا جماعة الغايب حجته معاه اكيد حصلت حاجة في الطريق عطلتهم انا كلمت العريس خلاص زمانهم علي وصول !
- ايه الطريق ده ؟! ده مش طريق الفيلا ؟!
هتفت بها " ميرا " في قلق وهي تري السائق ينحرف عن مساره , رفع قبعته و هو ينظر لها بابتسامة غامضه ويهتف:
- ده فعلا مش طريق ڤيلا الفرح ده طريق بيتك عالطول يا عروسه !
انهي جملته بغمزة وهو ينظر لها في المرآه, تسارعت دقات قلبها وشهقت بخوف لدي رؤيتها " يوسف" لتصيح بصدمة ممتزجة بالرعب ..!:
- يوسف !
هتف بابتسامة قاسية:
- اه يوسف الي كنتي ناويه تستغفليه يا حبيبتي !
انكمشت في مقعدها بفزع وردت بقلق ورعب ودقاتها تكاد تخرج من محجرها:
- انت ناوي علي ايه ؟!.
هتف بابتسامة جانبية قاسية وهو ينتوي لها:
- ناوي علي كل خير يا مراتي !