قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل السادس والعشرون

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل السادس والعشرون

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل السادس والعشرون

كان ظافر يراقب منزل أميرة عاقدا حاجبيه وهو يلاحظ تلك الحراسة المشددة عليه، يفكر كيف يخترق تلك الاجراءات الأمنية ليصل الى محبوبته، لمعت عينيه فجأة وهو يراها تخرج من المنزل يتقدمها رجل، يبدو أنه الحارس الخاص بها، لتركب السيارة التى فتحها لها ثم صعد ليجلس فى المقدمة بجوار السائق لتنطلق السيارة بهدوء، تحرك ظافر بسيارته بدوره وتبع سيارتها حتى وصلت الى مبنى شركة السعيد للمقاولات، رآها تنزل برقة خلبت لبه وتمشى بخطوات ثابتة وهى تدلف الى مبنى الشركة ليقرر انتظارها، فلقد كان محظوظا للغاية بخروجها الآن ويجب أن يستغل الفرصة ليراها ويتحدث معها، نعم، يجب عليه ذلك.

دلفت أميرة الى داخل مكتب معتز الذى ما ان رآها حتى نهض سريعا من على كرسيه مقتربا منها وهو يبتسم مادا يده اليها قائلا:
أميرة هانم بنفسها فى مكتبى، يامرحبا.
تجاهلت يده الممدودة اليها وهى تجلس قائلة فى برود:
ازيك يامعتز؟
بهتت ابتسامته وهو يرجع يده الى جواره قائلا:
بخير ياأميرة، رغم انى زعلان منك.
رفعت حاجبيها قائلة:
زعلان منى أنا، طب ليه؟
عاد الى مقعده خلف مكتبه وهو يجلس قائلا:.

يعنى لا تليفون جالى منك ولا سؤال، ولا كأننا مخطوبين، ولا ايه؟
ابتسمت ببرود قائلة:
أولا أنا كنت مسافرة زى مابابا قالك، ثانيا احنا وضعنا غير، أكيد انت عارف انى مش طايقاك وانى مغصوبة على الجوازة دى، فياريت نحط النقط على الحروف وتبقى عارف حدودك معايا ايه يامعتز؟
تراجع معتز فى مقعده ليستند بظهره اليه وهو يرفع احدى حاجبيه قائلا فى برود:
لأ معرفهاش الصراحة، بس ممكن تعرفيهالى عادى، أنا سامعك ياأميرة.

نهضت واستندت بيديها على المكتب وهى تميل لتواجه عينيه مباشرة قائلة:
حدودك معايا هتبقى ورقة هيكتبها المأذون يامعتز، بس لازم تكون عارف ومتأكد انى عمرى ما هكون ليك لانى بعيد عن انى مش طايقاك أساسا ومش بقدر أستحملك دقايق ؛فأنا قلبى مبقاش فاضى وبقى ملك لواحد تانى، صحيح مش هقدر أكون ليه بس مش هقدر اكون بردو لغيره.
طرق معتز على المكتب بقوة وهو يقول بغضب:
انتى اتجننتى؟

أطلقت أميرة ضحكة ساخرة أصابت معتز بالدهشة لتتوقف فجأة وهى تقول بمرارة:
آه اتجننت، اتجننت لما قبلت اتجوزك وانا مبطيقش وجودك فى حياتى ثوانى، بس مادام كدة كدة ميتة يبقى على الاقل حد يستفيد من ورا موتى، والحد ده أكيد مش انت.
قال معتز ببرود:
وانتى ايه اللى مخليكى متأكدة انى ممكن اوافق على الوضع ده؟
هزت كتفيها قائلة:
والله مش عاجبك قول لباباك انك صرفت نظر عن موضوع جوازنا، سلام يا، خطيبى.

غادرت أميرة المكان تتبعها عيون معتز الغاضبة ليقول بحقد ملأ ملامحه:
ان ما وريتك ياأميرة، طب انا فعلا صرفت نظر عن موضوع جوازنا، بس هجيبك لحد عندى وهاخد اللى عايزه منك وهصورك وأفضحك فى كل حتة، هخرجك من حياتى زى الكلبة وورينى ساعتها حبيب القلب هيعملك ايه.
ليمسك هاتفه ويتصل بأحدهم وقد ارتسمت على شفتيه ابتسامة شريرة.

هبطت فريدة مع الطبيية وتوجها الى حيث يوجد بيجاد مع بدر الذى يضم فرح الباكية مهدئا، أسرع بيجاد الى الطبيبة قائلا:
خير يادكتورة؟ أمانى مبتفوقش ليه؟
قالت الطبيبة فى هدوء:
متقلقش حضرتك، المدام بقت كويسة وانا اديتلها حقنة فوقتها بس هى محتاجة ترتاح، مدام امانى اتعرضت لضغط عصبى شديد، وقلة أكلها كمان أثرت عليها، أنا كتبتلها شوية فيتامينات ومع الراحة هتبقى كويسة أوى باذن الله.

شكرها بيجاد لتغادر الطبيبة بينما رمقت فريدة بيجاد بنظرة مؤنبة ليقول بيجاد بتوتر جعل نبرته حادة:
عشان خاطرى ياماما بلاش البصة دى أنا فية اللى مكفينى وهى تستاهل.
خرجت فرح من بين ذراعى بدر وهى تقول بغضب:
كفاية بقى حرام عليك، أمانى متستاهلش أى حاجة من اللى عملتها فيها.
التفت اليها بيجاد بصدمة من اندفاعها الغاضب تجاهه ليفيق من صدمته بسرعة وهو يقول ببرود:
متدخليش يافرح فى اللى ملكيش فيه، انتى متعرفيش حاجة.

اقتربت منه وهى تشير باصبعها اليه قائلة بغضب:
بالعكس انا اللى عارفة كل حاجة وانت متعرفش أى حاجة.
عقد حاجبيه لتستطرد هى قائلة:
انت ظلمت امانى كتير وهى فضلت ساكتة، وأجبرتنى انا كمان أسكت بس لحد هنا وكفاية، أنا مش هسكت بعد كدة، أمانى كده هتضيع مننا وأول واحد هيندم هيكون انت، أمانى عمرها ما خانتك ولا باعتك، أمانى كانت مفكراك ميت ويوم الحفلة اتفاجأت انك حي.
ازداد انعقاد حاجبيه وهو يقول:
انتى بتقولى ايه؟

قالت فرح:.

بقول الحقيقة اللى لازم تعرفها، من خمس سنين جه صاحبك عزيز لأمانى وورالها صورتك وانت غرقان فى دمك وقالها انك عملت حادثة واتوفيت، اغمى عليها المسكينة من الصدمة وقعدت فى غيبوبة لمدة أسبوع، ولما فاقت، باباها قالها انك اتدفنت، حاولت تعرف مكان قبرك مقدرتش توصله، باباها كان بيعاملها بقسوة وكان عايز يجوزها شريكه بس هى رفضت وصممت تعيش على ذكراك، ولما حست ان باباها هيغصب عليها هربت وجت على اسكندرية، على المكان اللى عشتوا فيه اجمل قصة حب، عاشت زوجة وفية مخلصة لذكرى جوزها ولابسة دبلته حتى بعد موته، دبلتك يا أستاذ، اللى لما لبستهالها قلتلها.

《أنا مش بحط دبلتى فى ايدك ياأمانى، لأ بحط قلبى وحياتى كلها فى ايديكى وطول ما انا شايفها فى ايدك هعرف انى لسة فى قلبك》
مش ده كلامك يابيجاد؟
تبادل كل من بيجاد وفريدة نظرات الصدمة، شعر بيجاد بقلبه يتمزق، يتحول الى أشلاء وهو يعود بنظراته الى فرح يطالبها بنفى كلماتها، فان كان ما تفوهت به هو الحقيقة فعلا، سيكون قد ارتكب أبشع جريمة فى حق أمانى، فما فعله بها لا يغتفر، ليتذكر شيئا ما، لمعت عيناه وهو يقول:.

طب والدبلة دى راحت فين؟أنا مشفتش دبلة فى ايدها أبدا.
ابتسمت فرح بمرارة قائلة:
لسة بتكدبنى، ياخسارة حبها ليك وخسارة حياتها طول السنين اللى فاتت اللى قضيتها وهى عايشة على ذكراك.
ليقول بدر بحدة:
فرح!
التفتت اليه فرح قائلة:
فرح ايه بس؟انت مش شايفه لسة بيشكك فيها، ذنبها ايه المسكينة دى تنظلم بالشكل ده؟
لتلتفت الى بيجاد قائلة:.

فى يوم الحفلة ياسيدى، صابعها انجرح واضطرت تخلع الدبلة وتحطها فى السلسلة اللى لابساها فى صدرها عشان تكون جنب قلبها ومتفارقهاش، السلسلة اللى فيها صورتك جنب صورتها، واللى اكيد فضلت مخبياها لما عرفت انها خلاص مبقاش ليها وجود فى قلبك وان واحدة تانية أخدت مكانها.

مرر بيجاد يده فى شعره بعصبية يتذكر جيدا وجود ذلك اللاصق الطبى فى اصبعها عندما سألها عن دبلته وحركتها التى لازمتها طوال الفترة الماضية فقد كانت دائما ما ترفع يدها الى صدرها وكأنها تمسك شيئا أو تلمسه لتشعر بالراحة بعدها، اقترب بدر من بيجاد قائلا:.

كلام فرح مظبوط يااخويا، طول فترة شغلها معانا كان فيه دايما دبلة فى ايدها والكل فى الشركة كان عارف انها متجوزة ومخلصة جدا لجوزها وجد اوى فى شغلها، وده اللى شككنى فى حكايتها من الأول وخلانى ادور على دليل برائتها لغاية ما لقيته وهو جاى فى الطريق حالا.

شعر بيجاد بالضياع، دليل براءة، هى بريئة؟دلف جمال الذراع الأيمن لبدر ومعه رجل قد تشوهت ملامحه من الكدمات التى تغطيها لينظر اليه الجميع ويقول بيجاد فى حدة:
عزيز!
اقترب بدر من عزيز وأمسكه من ذراعه ليلقيه امام بيجاد قائلا:
وآدى عزيز، دليل براءة أمانى، صاحبك اللى باعك لعاصم وراح لمراتك يوريلها صورتك وانت مضروب من رجالة عاصم وسايح فى دمك على أساس انها صورتك وانت عامل حادثة وميت.

نظر بيجاد الى عزيز بصدمة ممزوجة بالغضب فقال عزيز متوسلا:
سامحنى يابيجاد أنا مظلوم، هددونى باولادى، مقدرتش أعمل غير كدة، والله العظيم كان غصب عنى.
اقترب منه بيجاد ليقول بقسوة:
لو كنت مكانك عمرى ما كنت هخون صاحبى واعمل اللى انت عملته، عارف ليه؟
عشان الأعمار بيد الله ولو ابتديت بالخيانة عشان أنقذ حد بحبه مش بعيد ييجى اليوم وأتعاقب بحرمانى منهم.

ظهر الندم على وجه عزيز بينما تجعدت ملامح بيجاد وظهرت المرارة جلية بصوته وهو يقول:
انت مش عارف انت عملت فية ايه؟انت ضيعتنى، خليتنى عشت أسوأ سنين حياتى وانا فاكر ان الانسانة الوحيدة اللى حبيتها واديتها قلبى خانتنى، لأ وكمان لما رجعت وشفتها من تانى مرحمتهاش من عذابها اللى حست بيه وهى مفكرانى ميت، عذبتها وعذبت قلبى معاها كمان، أنا خلاص انتهيت.
أسرع عزيز يقبل يد بيجاد قائلا بندم:.

أبوس ايدك سامحنى يابيجاد، سامحنى.
أبعده بيجاد عنه قائلا بصرامة:
مستحيل هقدر أسامحك، كل اللى هقدر اعملهولك انى ادعى ربنا ان عقابك ميكونش فى ولادك اللى بعتنى عشانهم ياعزيز.
أطرق عزيز برأسه فى ندم بينما التفت بيجاد الى بدر قائلا:
خده من وشى يابدر، مش طايق أشوفه.

أمسك بدر بيد عزيز يجره جرا ليشير الى جمال بأخذه بعيدا ويعود الى أخيه الذى أطرق بحزن، أمسكت فرح بيد بدر تمنعه من التقدم باتجاه اخيه وهى ترى فريدة تتقدم باتجاهه وتضع يدها على كتفه فى تعاطف قائلة:
بيجاد.
رفع اليها عينين ممتلئتين بالدموع وهو يقول بمرارة:.

مستحيل أكون بيجاد، بيجاد لا يمكن يعمل فى حبيبته اللى انا عملته فيها، ازاى قدرت أصدق انها ممكن تعمل فية كدة؟ازاى محاولتش أتأكد، كرامتى وجعتنى ساعتها وكانت اهم عندى من حبى ليها، يبقى أنا فعلا مستاهلهاش، مستاهلش كل الحب اللى حبيتهولى ياماما، مستاهلش أكون بيجاد، أنا مجرم زيى زي عزيز وعاصم باباها بالظبط، وهى...
لتنزل دمعة خائنة من عينيه ليمد يده ويمسحها قائلا بألم:
هى هتكون أحسن مع غيرى.
قالت فريدة:.

هتقدر تسيبها دلوقتى وتشوفها مع غيرك يابيجاد؟

أحس بيجاد بألم يشق صدره، يقتله ببطئ، اللعنة، قطعا لا، انه حتى لا يستطيع تخيلها، لكن ماذا بيده ليفعله، لقد آذاها وبشدة، يتذكر الآن كل ما فعله بها فى شريط أليم، اتضح له الآن كل ما غاب عنه ولم يره بسبب غضبه، صدمتها عن رؤيتها اياه واغمائتها، محاولتها نفى اتهاماته، نظراتها التى كانت دائما ما تحمل عشقا مستترا وعتابا، استسلامها له بالأمس، نطقها حروف اسمه بمشاعر صادقة، أغمض عيونه بألم، يتساءل فى مرارة كيف كان أعمى لهذه الدرجة؟

فتح عينيه على صوت فرح وهى تقول بهدوء:
أمانى مش هتقدر تكون مع غيرك يابيجاد.
نظر اليها بيجاد بحيرة، يحاول ان يتمسك بذرة امل فى كلماتها، لتستطرد قائلة:
انت متعرفش هى بتحبك أد ايه، بتقول عنك ايه، كام واحد كان نفسه يقرب منها وهى مكنتش شايفة غيرك انت، مع انك كنت بالنسبة لها ميت، انا عمرى ما شفت حب واخلاص بالشكل ده.
شعر بالندم والالم يمزقان قلبه لتستطرد هى قائلة:.

اطلعلها يابيجاد اطلب منها الغفران وهى هتسامحك، أمانى مفيش أطيب ولا أحن من قلبها واللى بيحب من قلبه زيها بيسامح حبيبه مهما كانت غلطته واسألنى أنا.
قرنت قولها بالنظر الى بدر الذى ابتسم بحنان لتبادله ابتسامته.
قالت فريدة بحنان:
اسمع كلامها ياابنى واطلعلها.
نقل بيجاد نظراته بينهما لترتسم على وجهه ملامح التصميم. وهو يسرع بصعود السلم تتابعه الأعين لتنتابهم الحيرة حين عاد بسرعة بوجه شاحب قلق وهو يقول:.

ملقيتهاش، أميرة مش موجودة فى اوضتها.
عقدت فرح حاجبيها لتنفرج أساريرها وهى تقول:
أكيد خرجت من الباب الورانى واحنا بنتكلم ورجعت بيتها.
اقترب منها بيجاد قائلا فى لهفة:
بيتها ده فين يافرح؟
نظرت اليه نظرة ذات مغزى وهى تقول:
البيت اللى قصاد أول مكان اتقابلتوا فيه على البحر واللى كانت كل ما تقابلك، بتقابلك فيه.
اتسعت عينيه فى صدمة لتجذبه فرح من يده باتجاه باب المنزل قائلة فى مرح:.

انت لسة هتتصدم، أوام على هناك وابقى طمنا.
ابتسم بيجاد قائلا فى امتنان:
أنا متشكر اوى يافرح
ثم نظر الى اخيه الذى اقترب منهم قائلا:
مراتك دى هدية من السما يابدر.
أحاطها بدر بذراعه قائلا بحنان:
عارف يابيجاد عارف.
أطرقت فرح برأسها فى خجل بينما أسرع بيجاد ليلحق بحبيبته وزوجته وتوأم روحه التى فقدها منذ سنوات وآن الأوان لتعود اليه من جديد.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة