قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

طرقت أميرة باب ذلك المنزل عدة مرات فلم يجيبها أحد، زفرت بقوة، لقد كانت موقنة من وجود أحدهم بالمنزل أما الآن فيقينها ذهب ادراج الرياح، أعطت اميرة ظهرها للباب وهى تنظر الى محيطها، احتارت ماذا تفعل؟هل تقتحم المنزل وتبيت فيه للصباح أم تبيت ليلتها على هذا الكرسى هناك تنتظر شروق الشمس لتكمل مسيرتها، فجأة فتح الباب التفتت أميرة بملامح مشرقة لتقابلها عينان عسليتان غاضبتان فى وجه رغم ملامحه المتجهمة الا أن وسامته تخطف الأنظار، ابتلعت ريقها وهى تنظر الى ملامح ذلك الرجل النافرة والوسيمة فى نفس الوقت لتقول متلعثمة:.

أنا، كنت، سايقة عربيتى و، وعطلت منى...
صمتت وهى تراه يزداد تجهما لتبتلع ريقها مجددا فى توتر قائلة:
يعنى لو مفيش عند حضرتك مانع أبات هنا الليلة دى بس لغاية الصبح، وبعدين همشى علطول.
لم يجيبها لتستطرد قائلة فى رجاء:
حضرتك شايف الجو برد ازاى، والمطر كمان، ليلة واحدة بس.
ظل على صمته لتصاب هى بالحنق وتقول بحدة:.

قول أى حاجة طيب بدل سكوتك ده، يا ساتر، خلاص مش مهم، أنا هتصرف ومتشكرين أوى على خدماتك اللى مقدمتهاش أصلا.
التفتت لتغادر المكان لتسمع صوته لأول مرة يقول بنبرة صارمة:
استنى.

التفتت اليه أميرة تطالعه بهدوء لا يعكس رجاءها الداخلى بأن يكون قد غير رأيه الرافض لوجودها والواضح بشدة على ملامحه، ليسمح لها بالمكوث فى بيته تلك الليلة وحسب، فهى رغم مشاعرها المتناقضة تجاه ذلك الرجل مابين الانجذاب له والنفور منه تخشى ان تبيت ليلتها بالعراء فى ذلك الجو البارد، وجدته يفسح لها الطريق وهو يقف جانبا مشيرا لها بالدخول، لا تعلم لم ترددت لثوان رغم أنها كانت تستميت منذ قليل لقضاء تلك الليلة الباردة فى دفء أحضان ذلك المنزل، أرجعت ترددها ذلك لأنها الى أنها لا تعلم شيئا عن هذا الرجل الغريب الأطوار، ببروده وتجهمه وعينيه اللتان تطلقان باتجاهها سهام قاتلة، حسمت رأيها عندما هز السماء صوت رعد قوى لتسرع بدخول المنزل بلهفة، أغلق ذلك الرجل الباب خلفه بهدوء ووقف يطالعها، ألقى نظرة على حقيبتها التى تضمها الى صدرها ليتقدم باتجاهها ويجذبها منها بحدة ثم يفرغ محتوياتها على الطاولة وسط دهشتها وصدمتها من تصرفه لتقترب منه وهى تراه يعبث بمحتوياتها الشخصية قائلة بغضب:.

انت يابنى آدم انت، بتعمل ايه؟انت مجنون؟
حدجها بنظرة غاضبة أخرستها على الفور ليعود ويكمل عبثه بمحتويات حقيبتها وهى تقف عاجزة عن منعه تخشى تصرفاته المجنونة أن تطالها هى، لتلمع عينا الرجل وهو يرى بطاقة هويتها ويقرأ اسمها بنبرة أرسلت القشعريرة بجسدها قائلا:
أميرة عاصم السلحدار.
عقد حاجبيه وهو يستطرد قائلا:
مترجمة بدار حور للنشر والتوزيع.

اقتربت منه مجددا وقد ادركت انه يريد فقط معرفة هويتها، لتجمع حاجياتها الشخصية فى حقيبتها مرة أخرى وهى تقول بغضب:
أيوة ياسيدى أنا زفت أميرة السلحدار وعلى فكرة بقى اللى انت عملته ده منتهى قلة الذوق، كان ممكن بكل هدوء تطلب منى البطاقة بتاعتى وكنت هديهالك عادى، ولو علشان هبات هنا يبقى تتعامل معايا بالأسلوب ده يبقى آسفة، أنا أهون علية أبات فى الشارع ومتعاملش المعاملة دى.

أغلقت الحقيبة مع آخر كلماتها لتأخذ من يده البطاقة الشخصية الخاصة بها والتى مازال يحملها بيده قائلة فى حنق:
عن اذنك ياأستاذ.
كادت أن تغادر لولا أن استوقفتها يده التى أمسكت بذراعها لتنظر الى يده ثم اليه قائلة فى حدة:
سيب ايدى، انت اتجننت؟
ترك يدها على الفور قائلا بلهجة باردة زادت من حنقها:
أنا آسف بس كان لازم أتأكد من اسمك وعملك، حضرتك هتباتى فى بيتى، وده بس مجرد اجراء للأمان.
رمقته بغضب قائلة:.

مين فينا المفروض يخاف من التانى و يتأكد من بطاقته ووظيفته، ها؟انا بنت والمفروض انا اللى أخاف منك وأشوف بطاقتك ولا ايه؟
مال ينظر اليها قائلا فى برود:
انا مش مجبر أوريكى بطاقتى، مفيش أدامك غير حاجتين يااما تباتى هنا وتقبلى ضيافتى من غير ماتعرفى عنى حاجة وده طبعا لليلة واحدة بس، أو تخرجى للبرد والمطر وكلاب السكك، القرار فى ايدك.
قالت فى غيظ:
على فكرة انت انسان بارد ومستفز.
ابتسم بسخرية قائلا:.

وانتى لسانك عايز قصه، بس أظن دى مهمة أهلك مش مهمتى ولا تهمنى.
ظهرت لمحة سريعة من الحزن، اختفت ولكن ليس قبل أن يلاحظها ذلك الرجل، نظرت الى عينيه بهدوء قائلة:
خلاص من فضلك، لو سمحت، قوللى انا ممكن أنام فين للصبح عشان انا تعبانة وبجد محتاجة أرتاح.
تأملها ذلك الرجل للحظات أربكتها ليشيح بنظراته عنها وهو يتقدمها قائلا:
تعالى ورايا.
تبعته حتى وصل الى حجرة ليقف أمامه قائلا ببروده التى بدأت تمقته:.

دى اوضتك لغاية الصبح، انا هكون فى الاوضة اللى أدامك دى، مبحبش الازعاج لأى سبب من الأسباب، وياريت أصحى الصبح ألاقيكى مشيتى.
ثم تركها ليتجه الى غرفته فتمتمت بصوت منخفض قائلة:
بارد ومستفز وقليل الذوق كمان.
وصلها صوته الساخر قائلا:
سمعتك على فكرة، بالمناسبة باب الاوضة بمفتاح من جوة، اقفلى الباب عليكى كويس.
دلفت الى الحجرة بسرعة وهى تغلقه خلفها بالمفتاح وتستند اليه بظهرها قائلة:
طبعا هقفله، ودى فيها كلام.

ثم عقدت حاجبيها قائلة:
ياترى حكايتك ايه يا...؟
ضربت على رأسها قائلة:
نسيت أسأله على اسمه.
لتهز كتفيها قائلة:
وأنا مالى باسمه او حكايته، يلا نامى ياأميرة خليكى تصحى بدرى وتمشى قبل ما تشوفى تكشيرة وشه دى تانى، وتسمعى كلامه السم.
ثم نظرت الى ملابسها المبتلة قائلة:
طب هنام ازاى بس وانا بالشكل ده؟
استمعت الى طرقات على الباب لتنتفض قائلة:
أيوة.
وصلها صوته قائلا:
افتحى.
قالت متوجسة:
ليه؟
سمعت صوته وهو يقول بعصبية:.

مش هغتصبك يعنى، ما انتى كنتى أدامى من شوية، قلتلك افتحى.
ابتلعت ريقها وهى تفتح الباب لتجده يطالعها بغضب وهو يمد يده اليها بمنامة تناولتها منه ليغادر دون كلمة.
نظرت الى المنامة بدهشة، ثم أغلقت الباب مجددا بالمفتاح وهى تبتسم قائلة:
الراجل ده أكيد مجنون.
اغتسلت و بدلت ملابسها بسرعة ثم أسرعت وارتمت على السرير لتغط فى سبات عميق بعد يوم طويل ومرهق.

خلاص ياأمانى مش قادرة أستحمل، فين اليوم الفرى؟
نطقت فرح بتلك العبارة فى يأس لتبتسم أمانى قائلة فى مرح:
فرح، ماما، احنا لسة فى أول يوم دايت ياحبيبتى، يوم فرى ايه بس؟اخزى الشيطان كدة واهدى.
جلست فرح قائلة فى ضيق:
مش قادرة ياأمانى، جعانة أوى فيه أفيال دلوقتى بتصوصو فى بطنى.
اتسعت عينا أمانى باستنكار قائلة:.

أفيال وبتصوصو، فرح، انتى الجوع أثر على عقلك، أنا هقوم أعملك سلطة، أهى حاجة ترجعلك عقلك اللى راح ده.
قالت فرح باستنكار:
سلطة ايه بس اللى عايزة تعمليهالى.
لتشرد وهى تقول بنبرة حالمة:
أنا عايزة فرخة محمرة، وبطاطس شيبسى، وأحلى بجاتوه ويكون غرقان شوكليت.
ابتسمت أمانى قائلة:
وايه رأيك فى بيبسى دايت عشان ضميرك يبقى مرتاح؟
قالت فرح بسعادة:
أيوة بقى، الله عليكى يا إيمى ياعسل، فاهمانى والله.

ضربتها أمانى على رأسها بخفة قائلة:.

فاهماكى؟بصى بقى يافروحة، أحلامك دى تنسيها خالص، فيه دايت وشرب مية كتير، و أكلك الفترة اللى جاية دى كلها هيبقى سلطة ومسلوق او مشويات، المحشى والمكرونة البشاميل والمقليات والحلويات والكابتشينو ابو سكر كتير ده خلاص بح، تنسيهم خالص، وزنك ده هينزل وبسرعة، وده آخر كلام عندى، مفهوم؟ يااما تنسى انك تبهرى سى بدر بتاعك ده، أقولك حاجة سيبيه لواحدة تانية تاخده منك وانتى واقفة تتفرجى.
قالت فرح فى سرعة:.

لأ واحدة تانية ايه؟ده أنا آكلها.
أغمضت امانى عينيها قائلة:
مفيش فايدة، كل دماغك فى الأكل.
ابتسمت فرح قائلة:
بهزر ياأمانى، بهزر، انت مبتهزرش يارمضان.
ابتسمت أمانى قائلة:
لأ بهزر يااختى، قومى بقى ياحبيبتى تعالى معايا المطبخ، هعملك فرخة مشوية مع السلطة وأمرى لله.
قبلتها فرح فى سعادة قائلة:
مشوية مشوية بس لايمينى عليها.
ابتسمت امانى قائلة:
هنزود ساعة رياضة كمان عشان تحرقى اللى أكلتيه، مفهوم؟

تمتمت فرح بصوت خفيض قائلة:
هو أنا لسة أكلت حاجة؟
قالت أمانى بتساؤل:
بتقولى حاجة يافرح؟
قالت فرح بابتسامة:
لا مبقلش حاجة، قومى ياقلبى نحضر الأكل، مت من الجوووع.
نهضت أمانى تبتسم بحنان، تدرك أن مشوارها مع فرح طويل ومتعب ولكنها ستكمله حتى النهاية، ففرح تذكرها بأميرة، تملأ فراغها وتشغل تفكيرها عن الذكريات التى تملأها حزنا وحنينا، تمنحها سببا لتنهض به من سريرها بدلا من عملها الذى أخذت منه أجازة تلك الفترة.

قال معتز متساءلا:
هى فين أميرة ياآنكل؟
قال محمود فى برود:
صحيح، أميرة بنتك فين ياعاصم؟من ساعة ما جينا مشوفنهاش، هى مش عايزة تقابلنا ولا إيه؟
قال عاصم بابتسامة مفتعلة:
لا طبعا، ازاى الكلام ده بس يامحمود؟أميرة بس خالتها تعبانة وسافرت تقعد معاها وتاخد بالها منها، يومين وترجع تانى.
أومأ محمود برأسه فى هدوء ليقول معتز بضيق:
كانت قالتلى يا آنكل وانا كنت وصلتها.
قال عاصم:.

الموضوع جه فجأة يامعتز، عموما هى مش هتتأخر كلها يومين بالكتير وترجع.
ثم التفت الى محمود قائلا:
المهم يامحمود مقلتليش هتشاركنى ولا غيرت رأيك؟
نهض محمود قائلا فى برود:
أنا مغيرتش رأيى ولا حاجة ياعاصم، قلتلك قبل كدة، يوم جواز الولاد هنكتب العقدين، عقد الجواز وعقد الشراكة، ودلوقتى مضطرين نمشى عشان ورانا مواعيد كتير، سلام.

غادر محمود وولده معتز تتابعما عينا عاصم فى حنق وما ان ابتعدا حتى امسك عاصم منفضة السجائر وقذفها بقوة لتتحطم إلى آلاف من القطع المتناثرة وهو يقول بغضب:
بتذلنى يامحمود، ماشى، كله بسبب بنتى، لو عرفت اربيها مكنتش خرجت عن طوعى، وكنت دلوقتى مضيت عقد الشراكة معاك، بس ملحوقة بكرة اجيبها وأجوزها ابنك التافه ده، وساعتها هقف على رجلى وأعرفك مقامك يامحمود وهوريك بجد، مين هو عاصم السلحدار.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة