قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الخامس

خرجت اميرة من حجرتها وتتبعت تلك الرائحة الجميلة والتى تسللت الى أنفها لتدرك كم هى جائعة، اقتربت من حجرة ايقنت انها المطبخ، كان الباب مواربا ففتحته بهدوء لتقف مشدوهة تشاهد هذا الرجل يتنقل بين جنبات المطبخ بسلاسة، يبدو انه يطهو شيئا ولكنها لم تميز كنهه، فتلك الرائحة لشئ ذو طابع مميز ومختلف تماما مثل طاهيه، أفاقت من أفكارها على صوته الرجولى الجذاب، يقول ببرود:
هتفضلى واقفة كتير؟
تنحنحت قائلة:.

احم، أنا آسفة انى دخلت من غير استئذان بس بصراحة الريحة شدتنى، انت بتطبخ ايه؟
رمقها ببرود قائلا:
تفتكرى لو قلتلك اسمها هتعرفيها؟
بدت مترددة ولكنها قالت فى عناد:
أكيد.
ابتسم فى سخرية قائلا:
اسمها مكرونة الفوتشينى بالفراخ والبشاميل، ها، تعرفيها؟
اتسعت عينيها دهشة من اسم الأكلة الغريبة تلك و معرفته بطريقة طهيها، لتتجاهل سؤاله وهى تقول:
وفيه حد بيفطر بالحاجات دى؟
لم يجيبها لتقول:
طب دى اكلة فرنسية ولا ايطالية؟

لم يجيبها مجددا لتقول فى تقرير:
أكيد ايطالية. طيب ممكن تدوقنى؟
قال فى برود ساخر:
ايه ده هتفطرى بالحاجات دى؟
ابتسمت فى خجل قائلة:
بصراحة الريحة حلوة اوى وانا جعانة اوى.
قرب منها طبقا به بعض المعكرونة، ووضع طبقا له أمامه وجلس يأكل بهدوء، بينما تذوقت أميرة طعامها لتغمض عينيها قائلة بتلذذ:
اممم، طعمة اوى، تسلم ايديك. ممكن تقولى طريقتها ايه بقى؟

رمقها ببرود ولم يجيبها وهو يعود لطعامه دون أن يعيرها أى اهتمام فأحست بالغيظ منه وكادت أن تمتنع عن الأكل لولا معدتها التى طالبتها بالتغاضى عن بروده، لتركز على طعامها تنهيه وهى تتجاهله تماما بدورها حتى تترك هذا المكان بأقصى سرعة. نهضت قائلة:
أنا متشكرة اوى على الضيافة والأكل، ودلوقتى لازم أستأذن عشان أكمل طريقى، عن اذنك.
وما ان التفتت لتغادر حتى سمعته يقول بصوت هادئ:
مش هينفع.

التفتت تنظر اليه فى حيرة قائلة:
هو ايه ده اللى مش هينفع؟
حمل طبقه بهدوء ووضعه فى حوض الغسيل ليغسله دون ان يجيبها، ثم يقترب ليأخذ طبقها ويفعل به مثلما فعل بطبقه وسط دهشتها لتقترب منه وتجذبه من ذراعه قائلة فى حدة:
ما ترد علية، هو ايه ده اللى مش هينفع؟
ترك الطبق من يده وهو يزيل يدها من على ذراعه ناظرا الى عينيها وهو يقول ببرود:.

كان فيه عاصفة بالليل والطرق كلها بقت مقفولة، خروجك معناه موتك من البرد ده غير انك مش هتعرفى توصلى لأى مكان، ومع الأسف مضطر أستحملك لغاية ما العاصفة دى تمر ويقدروا يفتحوا الطرق، اما بقى لو حبيتى تخرجى للموت برجليكى فانتى حرة، قلتلك قبل كدة القرار فى ايدك.

نظرت اليه بغيظ، حائرة ماذا تفعل؟تود الرحيل من هذا المنزل بأقصى سرعة، تبتعد عن هذا الرجل البارد المتجهم والمستفز لها بطريقة لم تكن لتتخيلها أبدا، وفى نفس الوقت تخشى المخاطرة بخروجها من هذا المكان ليتغلب العقل هنا وهى تقول بيأس:
طيب ممكن أعمل تليفون لأختى أطمنها علية، أكيد قلقانة دلوقتى؟
هز كتفيه قائلا:
التليفون الأرضى حرارته مقطوعة والموبايل مفيهوش شبكة بسبب الجو، مش محتاجة ذكاء طبعا عشان تتوقعى ده.

نظرت اليه بحنق تود لو لكمته على وجهه البارد ذلك لتجعله يتخلى عن بروده للأبد، ولكنها عدلت عن تلك الفكرة، وهى تدرك أنها تحتاج اليه لذا قالت فى اقتضاب:
طب هو ايه ممكن يتعمل فى مكان زى ده عشان الواحدة تعدى الوقت؟
هز كتفيه قائلا:
اعملى اللى يريحك أنا طالع أوضتى.
ثم تركها واتجه الى غرفته لتناديه قائلة:
انت يا...
لم تعرف بماذا تناديه لتدرك فجأة ان هذا الرجل الغامض لم يمنحها حتى اسمه لتضرب رأسها بحنق قائلة:.

ياخيبتك ياأميرة، فى بيته من انبارح ومتعرفيش حتى اسمه.
تأملت المكان حولها لا تدرى ماذا تفعل لتمضى الوقت فيه، فلا وسائل ترفيهية موجودة كما يبدو ولا شئ يسليها، حتى التلفاز غير موجود. لتقرر الصعود الى حجرتها بدورها لتحاول أن تنام قليلا ربما يساعدها ذلك على تمضية الوقت والقضاء على أفكارها التى تدور جميعها حول ذلك الرجل الغامض مجهول الهوية.

ياترى مكلمتنيش ليه ياأميرة تطمنينى عليكى، قلبى مش مطمن، ياترى بابا وصلك؟
قالت أمانى تلك العبارة بصوت هامس قلق وهى تنظر الى هاتفها المحمول للمرة العشرين منذ الصباح لتفيق من أفكارها على صوت فرح وهى تقول بمرح:
بتكلمى نفسك ياأمانى، هو أنا لحقت أجننك؟
ابتسمت أمانى قائلة:
انتى تجننى بلد يافروحة، خلصتى رياضة؟
أومأت فرح برأسها قائلة:
أيوة بس جعت اوى ياامانى وعايزة آكل.
قالت أمانى بابتسامة:.

هتاكلى يافالحة بس أكل صحى ومش عايزة اعتراض ولا برطمة.
أغمضت فرح عينيها فى يأس ثم فتحتهما قائلة:
وانا اللى كنت فاكرة انى هقدر أثر عليكى؟ده انا كنت لسة هعيط.
اتسعت ابتسامة أمانى وهى تقول:
ولا دموعك ولا عيونك الحلوين وغمازاتك هيقدروا يأثروا فية، احنا قلنا ايه؟
قالت فرح فى ضيق:
دايت ورياضة ورياضة ودايت.
أطلقت امانى ضحكة مجلجلة ثم قالت:
بالظبط كدة، تعالى ورايا.
قالت فرح بابتسامة:.

هاجى وراكى، كله يهون عشان خاطر بدر حبيبى، ياترى عامل ايه دلوقت يابدر؟

قال بدر فى ملل:
قلتلك مش عايز أشرب ياهادى
قال هادى بضيق:
مالك بس يابدر؟مش عوايدك خالص، لا عايز تشرب ولا بتهزر؟جرالك ايه بس؟
قال بدر فى حيرة:
مش عارف ياهادى، مخنوق ومش طايق نفسى.
قال هادى:
هى مامتك لسة مخاصماك؟
أومأ بدر برأسه قائلا:
أيوة ياسيدى، كل ده عشان كنت السبب فى هروب فرح وانى كمان مش مهتم.
قال هادى متسائلا:
هى مرجعتش لأهلها؟
هز بدر رأسه نفيا قائلا فى ضيق:.

لأ مرجعتش، عمى على كلم ماما يسألها عليها وماما اتحججت بإنها خارجة معايا ولما كلمنى عمى مردتش عليه، انا مش خايف منه بس مش عايز وجع دماغ دلوقتى.
قال هادى:
وانت مدورتش عليها ليه يابدر، هى مش مراتك بردو؟
قال بدر بضيق:.

ومين قالك انى مدورتش عليها، فى الأول انا كنت مطمن انها رجعت لأهلها، بس بعد ما عرفت انها مرجعتش كلمت كل المستشفيات واصحابى اللى فى الشرطة، مفيش ليها أى أثر، ومش عارف راحت فين؟وبجد قلقان عليها ومش عارف أعمل ايه؟
قال هادى:
طبيعى تكون قلقان مش مراتك ياابنى.
أسرع بدر ينفى قائلا:
لأ مش عشان مراتى، انت عارف انى مش معترف بجوازنا وانى هطلقها بس هى بردو بنت عمى، من لحمى ودمى، وأكيد يهمنى امرها.

نظر اليه هادى متفحصا وهو يقول:
متأكد انها بالنسبة لك مش اكتر من كدة؟
قال بدر فى توتر:
أكيد ياهادى، فرح بالنسبة لى مش أكتر من...
قاطع كلماته صوت فتاة تقول فى دلال:
هاى ياحلوين، ازيكم؟
نظر اليها هادى فى اعجاب قائلا:
هاى نفين، أخبارك ايه؟
ابتسمت قائلة:
كويسة ياهادى.
ثم مالت على بدر وهى تضع يدها على كتفه قائلة:
أخبارك ايه يابدر؟مبقيناش نشوفك زى الأول، مين اللى أخدك مننا؟
قال بدر فى برود:
أنا موجود أهو.

مالت عليه أكثر هامسة فى أذنه:
وحشتنا على فكرة، ايه موحشنكش؟
أزاح بدر يدها من على كتفه وهو يرمقها بنظرة جانبية ثم تجاهلها كلية وهو يقول لهادى:
أنا هقوم أمشى ياهادى، سلام.
شعرت نفين بالغيظ لتجاهله اياها على ذلك النحو، لتقول بسخرية:
بالسرعة دى، ايه فرح لحقت توحشك، مش معقول الفلاحة دى قدرت توقعك فى حبها يابدر؟

كان بدر مغادرا لتوقفه كلمات نيفين، لا يعلم لماذا شعر بالغضب لوصف نيفين فرح بالفلاحة، هو لا ينكر أصله هو وفرح، فكون أصولهم من الفلاحين لا يعيبهم بل يشرفهم ولكن تلك اللهجة الساخرة التى نطقتها بها أثارت حفيظته، خاصة وانه قد نعت فرح بتلك الصفة ونفس الطريقة من قبل، وقد ندم على ذلك، ولن يسمح باهانة فرح من تلك المتعجرفة التافهة نفين، ليعود اليها مجددا وهو ينظر اليها بنظرة غاضبة رافعا اصبعه باتجاهها وقائلا بلهجة تحذيرية:.

أول وآخر مرة هسمحلك تتكلمى عن فرح بخير أو بشر، مفهوم كلامى ولا تحبى أعيد؟
نظرت نيفين الى تلك الشرارات الغاضبة والتى تنطق بها عينا بدر لتوقن أن عليها الصمت وعدم استفزازه بكلماتها لتقول بهدوء:
مفهوم يابدر، مفهوم.
نظر اليها شزرا ثم التفت مغادرا بهدوء تتابعه بنظرات حانقة ثم التفتت الى هادى قائلة:
اتجنن ده ولا ايه؟
هز هادى كتفيه قائلا:
مش عارف، بس سيبك منه وتعالى اقعدى معايا حبة.
ابتسمت ببرود قائلة:.

وقت تانى ياهادى، سلام.
ثم غادرت تتابعها عينا هادى الذى قال بسخرية:
سلام يااختى، سلام.

نادى رأفت جاد قائلا:
جاد، انت ياابنى.
توقف جاد والتفت الى صديقه رأفت قائلا بابتسامة:
ايه يارأفت، مالك؟
توقف رأفت وهو ينثنى بجذعه ليلهث قبل ان يعتدل قائلا:
تعبت ياجاد، بقالنا ساعتين بنجرى، كفاية كدة مش قادر أكمل.
اتسعت ابتسامة جاد قائلا:
عشان بس متقعدش تقول انا بطل مصر فى الجرى ومحدش يقدر علية.
قال رأفت وهو يرفع يده باستسلام:.

أنا ياسيدى غلطان، طلعت عيل وبرجع فى كل كلامى اللى قلته قبل كدة، وانت ياسيدى البطل بس خلينا نقعد، هقع من طولى.
قال جاد:
طب تعالى يااخويا نقعد هناك وهعزمك على الفطار كمان.
ابتسم رأفت قائلا:
أيوة بقى ياجاد ياابو الكرم، آجى يااخويا مجيش ليه، دى فيها فطار.
ضرب جاد على رأس صديقه بخفة قائلا:
انت ياابنى مش هتبطل طفاستك دى.
ثم اشار الى بطن رأفت قائلا:
الكرش ده لازم ينزل، مراتك هتبطل تحبك ياجدع.

نظر اليه رأفت باستنكار قائلا:
ملكش دعوة انت، سوسن عاجبها الكرش يااخويا، وكل يوم قبل ما انزل تحضرلى احلى فطار وتجيبهولى لحد السرير، وتطبطب على كرشى قبل ما انزل عشان تطمن عليه كمان، ولولا انها بايتة عند مامتها من انبارح مكنتش اتحرمت من فطارها واصطبحت بخلقة سعادتك ياجاد باشا.

شرد جاد للحظات وعاد بذاكرته لسنوات مضت، الى ذكرى مماثلة لافطار يجئ اليه على سريره، تلك الذكرى أشعرته بالحنين على الفور، الحنين الى من ملكت قلبه وعقله، الى مشاعر عشق لطالما زلزلت كيانه، وأعادته أيضا الى مشاعر أخرى مازالت تؤلمه حتى اليوم، مشاعر الغدر والخيانة، ليفيق من افكاره على صوت صديقه يقول بمرح:
ايه ياعم سرحت فى ايه، اوعى تكون زعلت ورجعت فى كلامك ومش هتعزمنى.

ابتسم جاد ابتسامة لم تصل لعينيه وهو يقول:
لأ ياسيدى مرجعتش فى كلامى، أدامى هعزمك على أحلى فطار.
قال رأفت بابتسامة واسعة:
ايوة بقى ياابو الأجاويد ياجامد.
قال جاد بغيظ:
أبو الأجاويد، طب ادامى يااخويا بدل ما ارجع فى كلامى بجد.

أسرع رأفت امامه بينما غامت عينا جاد مجددا بالحزن وهو يعود بذاكرته الى حبيبته، تلك التى منحته عشقا رفعه الى السماء ثم طعنته بغدرها ليسقط أرضا لتقتل فيه كل مشاعر الحب والحنان ويبقى بداخله فقط المرارة والحزن ورغبة قوية فى الانتقام.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة