قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الثاني والعشرون

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الثاني والعشرون

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الثاني والعشرون

كان الاستقبال من قبل عائلة فرح رائعا حتى ان أمانى تناست حزنها لدقائق مالبث ان عاد اليها بقوة حين قدمها بيجاد بكل برود على أنها صديقة فرح، أثنت عائلة فرح على جمال أمانى ورقتها، وتمنت والدة فرح لو كان لديها ابن لتزوجها اياه، لتشكرهم أمانى بكلمات خجولة، مما أثار غيرة بيجاد بشدة الا انه استطاع اخفاء غيرته بمهارة، كان محور الحديث هو تغيير فرح ليقول الحاج على ببشاشة:.

والله ما عرفتك يابنتى، خسيتى النص وبقيتى حاجة تانية خالص، اوعى يكون بدر حارمك من الأكل؟
ابتسمت فرح قائلة:
لأ طبعا حارمنى ايه، وبعدين كل الموضوع ١٢ كيلو يابابا، بس يمكن طريقة اللبس المختلفة هى اللى غيرتنى بالشكل ده، تصدق على سيرة الأكل، وحشنى اكل ماما أوى، فين البط ياام فرح والحمام المحشى فريك والملوخية أم تقلية، والبقلاوة من ايدك ياست الكل؟، امممم، جعت أوى الصراحة.
قالت منال والدة فرح فى طيبة:.

عيونى يابنتى محضرالك كل الأكل اللى بتحبيه ياغالية، ده النهاردة عيد.
نظرت فرح الى أمانى التى ترمقها بغيظ لتقول بسرعة:
انتى فهمتينى غلط على فكرة، ده، ده مش عشانى، أنا بس بهزر، وبسأل عشان ضيوفنا ياحاجة منال.
لتستطرد بنبرة شبه باكية:
أنا أصلا شبعانة ومش هاكل، ومنه لله اللى كان السبب.

ابتسم الجميع بينما تبادل كل من بدر وأمانى النظرات المبتسمة بيأس من فرح التى ستظل دوما فرح، ليرمقهم بيجاد بنظرة حارقة يشعر مجددا بتسلل أمانى الى قلوب عائلته وهذا ما يرفضه تماما، ليقول بصوت خرج حادا رغما عنه وهو يقول:
لوسمحت ياحاج على تدلنا على اوضنا.
نظر اليه الجميع بدهشة ليقول باحراج:
الحقيقة السكة كانت طويلة وانا محتاج أرتاح شوية.
اومأ الحاج على برأسه قائلا بطيبة:
آه طبعا ياابنى، انا هدلكم بنفسى.

ليوجه حديثه الى فرح قائلا:
بالمناسبة يافرح مجدى ابن خالتك جه من السفر من يومين وكان جايلك اسكندرية يباركلك على جوازك لانه محضرش فرحك عشان كان مسافر بس انا قلتله انك جاية، فرح اوى وهييجى آخر النهار يباركلك ويرحب بضيوفنا.
ظهرت الفرحة جلية على ملامح فرح وهى تقول:
ده احلى خبر سمعته النهاردة.

رمقها بدر بغيرة وهو يتساءل عن هذا المجدى الذى أشرقت ملامح فرح لخبر قدومه اليوم، سينتظر ليرى وفى خلال تلك الفترة يعلم ان باله لن يهدأ وقلبه لن يرتاح فالغيرة تأكل قلبه، وتجعله يدرك أن حبه لفرح قد تعدى الحدود ليصبح عشقا، عشقا لم يكن أبدا فى الحسبان.

كانت اميرة تزرع الحجرة ذهابا وايابا، لا تدرى ماذا تفعل، فتلك الممثلة تثير غيرتها، تدفعها دفعا الى الجنون واستسلام ظافر وصمته على أفعالها يحبطها. يجعلها تشك بوجود مشاعر بداخله تجاه تلك الفتاة، لقد ظلا بالأمس ساهرين حتى وقت متأخر يتبادلان الأخبار والنكات التى وجدتها أميرة غير مضحكة بالمرة حتى فاض بها الكيل حين قامت سناء وأدارت جهاز التسجيل على أغنية رومانسية وطلبت من ظافر أن يرقص معها، الى هنا وكفى، لن تستطيع أن تراه وهو يضمها بين ذراعيه راقصا بها على أنغام وكلمات رومانسية، لتستأذن على الفور صاعدة الى حجرتها تشعر انها على وشك الانفجار وأنغام الموسيقى تصل الى مسامعها تجعلها تدرك أنهما ظلا يرقصان حتى الساعات الأولى من الصباح، وها هما الآن فى الحديقة، تقف سناء مع ظافر، تسرق مكانها تلك المحتالة، وهى تناول ظافر البذور وتميل عليه بطريقة مبتذلة تلامس جسدها بجسده بطريقة تظهر عفوية ولكن اميرة تدرك أنها مقصودة، لم تستطع أن تقف لتشاهد ما يحدث أكثر من ذلك، لتبتعد عن النافذة وهى تشعر بالغضب، لا تدرى ماذا تفعل، لا يمكنها أن تستسلم بسهولة، فلن تكون أميرة ان فعلت، أومأت برأسها بعزم وهى تغادر حجرتها هابطة الى الأسفل بخطوات مسرعة وهى تقترب منهما لتصرخ فجأة بألم، أسرع ظافر اليها بسرعة قائلا بقلق:.

مالك ياأميرة؟
أشارت أميرة الى قدمها قائلة بألم:
مش عارفة، الظاهر رجلى اتلوت.

نظر الى قدمها بتوتر لينزع قفازه بسرعة وهو يمد يده ويضعها خلف ظهرها واليد الأخرى أسفل قدميها ليحملها ويتجه بها الى الداخل بخطوات مسرعة بينما تتابعهما سناء بعيون تتطاير منهم شرارات الغضب، اقترب ظافر من الأريكة يضعها عليها برفق، يتساءل عن سر ارتجافتها بين يديه وتزايد سرعة دقات قلبها، يظهر ذلك فى ذلك العرق النابض بقوة فى رقبتها، هل الألم فى قدمها شديد الى هذا الحد؟لا يدرك ان سر ارتجافتها وتزايد دقات قلبها هو وجودها بين ذراعيه، قريبا منها الى هذا الحد، انحنى يمسك بقدمها فى حذر ليقشعر بدنها بالكامل وتدرك أنها الخاسرة بلا شك فى تلك اللعبة وأنها من جلبت الى نفسها كل تلك المشاعر التى تكاد تطيح بكيانها، ترك قدمها وهو ينظر اليها عاقدا حاجبيه فى حيرة يريد سبر أغوارها، فقدمها بخير تماما ولا وجود لأى شئ قد يجلب اليها تلك الصرخة والشعور بالألم، او حتى الارتجاف وتزايد دقات قلبها، أيكون هو السبب؟

قاطع أفكاره صوت سناء وهى تقول بضجر:
رجلها انكسرت ياظافر؟
نظرت اليها أميرة باستنكار بينما قال ظافر فى غموض:
لأ، سليمة الحمد لله، بس هى محتاجة تقعد فى اوضتها طول اليوم النهاردة ومتخرجش منها خالص عشان ترتاح.
أسرعت اميرة تقول:
بس انا كويسة.
نظر الى عينيها بتلك النظرة الغامضة قائلا:.

حتى لو رجليكى مفيهاش حاجة، انتى شكلك تعبان والظاهر منمتيش كويس وده مأثر عليكى، قومى ياأميرة ارتاحى فى اوضتك وسناء هتبقى تجيبلك الأكل هناك.

تأملت عينيه بحيرة لثوان لتدرك أنه أدرك لعبتها ويخبرها بكل حسم أنها تتصرف كالأطفال، وأنها تقاطع لحظاته مع تلك الممثلة سناء، وهو لن يسمح بذلك، لتطرق برأسها وهى تهزها موافقة ثم تنهض ببطئ، بحزن كسا ملامحها وهى تتجه الى حجرتها تتابعها عينا ظافر الغامضتين، وعينا سناء المنتصرتين، لتدلف اميرة الى الحجرة وتغلق بابها وهى تترك دموعها تتساقط على وجنتيها بحرية، قائلة فى همس:.

انت أكيد بتحبها ياظافر؟و انا شكلى زودتها وخليتك مش عايز حتى تشوفنى، ده انت حتى هتبعتلى الأكل مع الحيزبونة دى، ياريتنى قبلت أتجوزك، كان لازم يعنى كرامتى تجبرنى أرفض، فيها ايه يعنى لو كنت اتجوزتنى شفقة؟مش يمكن كنت قدرت اخليك تحبنى اد ما بحبك، على الأقل كنت قدرت أحط صابعى فى عين الزفتة دى واقولها ابعدى، ظافر ملكى انا، أنا خطيبته وهبقى مراته، أهو أحسن من عذاب قلبى وانا شايفاه معاها..

لتنظر الى السماء قائلة:
ريح قلبى يارب، أنا بجد تعبت.

دلف بدر الى الحجرة ليجد مشهدا اهتز له قلبه، فرح تقف امام المرآه تنظر الى نفسها متفحصة، ترتدى برمودته الجينز بعد أن حولتها الى شورت قصير للغاية وتيشيرته الأبيض قد قصته الى النصف لتظهر بمظهر رائع زاد من سرعة أنفاسه ودقات قلبه، أغلق الباب بهدوء لتلتفت اليه فرح ويحمر وجهها بخجل، تفرك يديها بشدة، لقد أرادت أن تبدل ملابسها فلم تجد حقيبتها ووجدت حقيبة بدر لتنتقى شيئا يصلح لارتداؤه ووجدت نفسها تقصهما مثلما فعلت بملابس امانى، وكادت ان تبدل ملابسها، فلم يعجبها مظهرها الذى يبدو دعوة صريحة لبدر هى أبعد ما تكون عنها، لتجده يدلف الى الحجرة ويضبطها متلبسة، ألا يكفيها وجودها معه فى حجرة واحدة؟مهددا سلامتها العقلية حتى يدخل ويفاجئها وهى على هذا النحو، اقترب منها حتى وقف امامها تماما ليميل عليها هامسا:.

ايه الجمال ده كله؟
تلعثمت قائلة:
انا، انا...
قال لها:
انتى ايه، خايفة منى؟
قالت باضطراب:
وهخاف من ايه يعنى؟
تامل ملامحها الجميلة قائلا:
امممم، من اننا مثلا لوحدنا فى الاوضة، او انك لابسة اللبس ده واللى ممكن يغرى قديس، مش بس العبد لله.
ابتعدت خطوة الى الوراء وهى تقول باضطراب:
انا مش خايفة ولا حاجة وانت مش هتقدر تعملى حاجة.
ابتسم وهو يقترب منها مجددا قائلا بنعومة:
والله اللى شايفه ادامى بيقول غير كدة.

لامس خدها المشتعل قائلا:
وش محمر..
لينزل باصبعه حتى العرق النابض برقبتها قائلا:
وقلب بيدق..
ثم ينظر الى عمق عينيها قائلا بهمس:
وعيون بتقولى قرب، خدنى فى حضنك، طمنى لانى خايفة، خايفة اوى يابدر.
ليزفر بقوة وهو ينزل يده الى جواره ويغلق قبضته بقوة كى يمنع نفسه عن احتضانها قائلا:
انا كمان خايف اكتر منك يافرح، خايف اصدق المشاعر اللى باينة فى عنيكى، خايف أقرب منك و تبعدى.

أصابتها كلماته ولمساته بالضياع ولكنها كانت تدرك مشاعرهما وتريده أن يطمئن، ودت ان تقول شيئا لولا سماعهما لطرقات على الباب ليقول بدر فى ضيق:
أيوة؟
استمعا الى صوت الخادمة وهى تقول:
الست منال عايزة الست فرح تحت.
كادت ان تذهب فرح مسرعة من امامه وكأنها تهرب من مشاعرها الواضحة على ملامحها، ليمسكها بدر من ذراعها قائلا:
رايحة فين بالشكل ده؟
قالت فى تردد:
هدومى فى الشنطة تحت.

أشار الى الحقيبة التى كان يحملها عند دخوله قائلا:
هدومك أهى، حطى اى عباية عليكى وانتى نازلة.
اومأت برأسها وهى تشعر بالسعادة لغيرته عليها، لتفتح الحقيبة لتأخذ اول عباءة وقعت عليها يدها، وتلبسها بسرعة قبل ان تغادر ليجلس بدر على السرير وهو يحمل احدى الوسائد ويضمها اليه زافرا وهو يقول:
المرة دى هربتى منى يافرح بس المرة الجاية مش هسيبك تهربى من ايدى أبدا.

كان الجميع يجلسون بالردهة يتبادلون الأحاديث بينما ظلت أمانى صامتة تسترق النظرات الى بيحاد وصوفيا، يؤلمها تدلل صوفيا على زوجها وسماحه لها بذلك، لتنهر نفسها بعد ذلك قائلة بعتاب موجه الى نفسها...

أولم تكونى أنتى من رفض اخباره بالحقيقة ورضيتى أن تعيشى بجواره خاضعة ذليلة، رغم علمك بأنه تخطى حبك وأحب اخرى؟، أولم ترضى بهوان قلبك وكرامتك باختيار هذا الوضع المشين؟اذا، فلتتحملى، تحملى تبعة اختيارك كما تحملتى من قبل تبعة أفعال أبيكى.

أفاقت من أفكارها على صوت صرخة فرح من السعادة واندفاعها باتجاه رجل دلف توا من الباب، كان وسيما جذابا يماثل بيجاد فى الطول ولكنه يبدو أصغر سنا، داكن البشرة، ذو عيون سوداء يبتسم بسعادة تجاه تلك المندفعة نحوه ليلتقطها بين ذراعيه ويدور بها فى سعادة وسط دهشة الجميع ليهدر بدر قائلا بصرامة:
فرح.

توقف ذلك الرجل عن الدوران بفرح على الفور وأنزلها ليقترب منهما بدر بخطوات سريعة غاضبة وهو يجذب فرح من يدها قائلا فى غضب:
انتى اتجننتى؟ازاى تعملى كدة بكل بجاحة أدامى؟
عقدت فرح حاجبيها بحيرة ليسرع ذلك الرجل قائلا:
الظاهر انك متعرفش انى أخو فرح فى الرضاعة، انت أكيد بدر، وأنا مجدى.
اومأ بدر برأسه وقد شعر ببعض الراحة فى قلبه ليمد يده اليه قائلا:.

اهلا وسهلا ياسيدى تشرفنا، بس وحياة الغاليين عندك ياشيخ، بلاش السلام بالشكل ده، هتقولى اخوها هقولك لو أبوها نفسه هتضايق، اتفقنا؟
ابتسم مجدى وهو يمد يده مصافحا قائلا:
اتفقنا طبعا، فرح مكدبتش لما قالت انها اتجوزت راجل يقدر يحافظ عليها ويحميها.
ألقى بدر نظرة سريعة الى فرح التى أطرقت برأسها فى خجل وسعادة غمرت قلبها لشعورها بغيرته الشديدة عليها.

اقتربا من العائلة ليقوم الحاج على بتعريف مجدى عليهم لتستقر نظراته المعجبة على أمانى وهو يقول:
نورتونا ياجماعة.
أحس بيجاد بالنفور الفورى من هذا الرجل خاصة وهو يشعر باعجابه الواضح بأمانى فى نظراته اليها..
قال مجدى وهو يسترق النظر الى أمانى:
ايه رأيكم لو آخدكم دلوقتى تشوفوا مزرعة الخيل اللى عندنا؟، اكيد هتعجبكم.
قال بدر:
خيل ايه دلوقتى، خليها بكرة الصبح.
قال مجدى باابتسامة:.

احنا لسة بدرى، الساعة لسة ٣ العصر، يلا بينا بلاش كسل.
قالت فرح بسعادة:
فكرة حلوة اوى يامجدى، يلا بينا.
رمقها بدر بنظرة غاضبة وقد أدرك انه يغار على حبيبته من كل ما هو مذكر حتى وان كان أخاها او أباها أو ذلك الهواء الذى يبعثر خصلاتها الحريرية، نظرت اليه فرح بحيرة لا تدرى سبب نظراته الغاضبة، بينما قالت فريدة:
روحوا انتوا ياولاد، اتبسطوا وانا هقعد هنا مع الحاج على والحاجة منال.

كاد بيجاد ان يرفض وهو يدرك انه كره ذلك الرجل منذ ان تجرأ ونظر الى زوجته باعجاب، فأمانى ملكه حتى النخاع، وهو وحده من له الحق فى النظر اليها او لمسها، وان كان عازف عن ذلك بسبب ما فعلته به فى الماضى الا انه لايستطيع تقبل فكرة ان تكون لغيره مهما كان، ولكن نهوض امانى وذهابها معهم قتل فكرة رفضه وهى فى المهد لينهض مرغما وتنهض صوفيا معه لينضما الى الجميع بينما تابعتهم فريدة بصمت، ترى وتشعر بكل ما يحدث، وهى غير راضية عما يحدث، غير راضية بالمرة.

استمع ربيع الى محدثه ثم قال فى ضيق:
حاضر ياعاصم بيه، هروح فورا أشوف الموضوع ده.
استمع اليه مجددا ثم قال:
أنا فعلا كنت فى الطريق، بس هلف وأرجع تانى، وأبقى اروح بعد ما أخلص الموضوع ده، حاضر هطمنك بعد ما أخلص، سلام.

أغلق الهاتف والقاه بجواره بضيق وهو يأخذ أول منحنى ويلف عائدا الى الاسكندرية فى غضب، لقد كاد ان يصل لهدفه، كاد أن يبلغ ذلك المكان الموجود به سيارة حبيبته، ليبحث مع رجاله عنها فى المناطق المجاورة، فهو يريد ان يبحث عنها بنفسه، ان يكون اول من يجدها، ليتصل به عاصم ويحبط مخططاته ويجبره على العودة الى الاسكندرية، للتخلص من تلك البضائع المهربة فى المخازن، ونقلها الى مكان آمن، حيث وصلته اخبارية بأن البوليس سوف يقوم بتفتيش المخازن غدا، لذا عليه ان ينقلها بأقصى سرعة وعليه ان يؤجل لقاؤه بحبيبته ليوم آخر، فقط يوم آخر بعد، زفر بقوة وهو يمسك هاتفه مجددا ويقوم بعدة اتصالات ليغلقه وقد شعر بالاطمئنان ولو، قليلا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة