قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الثامن والعشرون

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الثامن والعشرون

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الثامن والعشرون

وصل بيجاد الى ذلك المكان الذى التقيا فيه لأول مرة، نظر الى المنزل الذى يواجهه وكاد أن يدلف اليه لولا أن لمحها تقف هناك، أمام البحر، ظهرها يواجه بيجاد ناظرة باتجاه الأمواج المتلاطمة، تبدو كحورية فاتنة تتناثر خصلات شعرها الحريرية فتمنحها مظهرا يخطف الأبصار، ألقى نظرة على محيطه ليتأكد أنه لا أحد هنا من رواد الشواطئ ليرى محبوبته بتلك الصورة، فتلك البقعة تبدو بعيدة الى حد ما ولا يرتادها الكثيرون ليتأكد أن لقائهم الأول كان قدرا، اقترب منها يسرع فى خطواته ليتوقف هو متجمدا عندما التفتت فى تلك اللحظة وهى تمشى مطرقة الرأس حزينة، تمد يدها برقة تمسح دموعها المتساقطة على وجنتيها ليشعر هو بالدمار، فالسبب فى هذا الحزن وتلك الدموع هو غباؤه، غباؤه فقط.

رفعت وجهها فى تلك اللحظة لتتوقف مكانها وقد ظهرت الصدمة على ملامحها، ليتخلى هو عن جموده ويبدأ فى الاقتراب منها وسط صدمتها لمعرفته بمكانها و نظرات عينيه التى غابت عنها القسوة والغضب وامتلأت بحنانا وعشقا خالصا شملها بأكملها، تساءلت فى صمت، هل أخبرته الطبيبة بشئ عن حالتها وسبب اغماءتها. ترى هل هى مريضة بشدة؟، هل بات الآن يشفق عليها؟لا، لن تقبل منه شفقة ولن ترضى بعد اليوم باحسانه، لقد انتهى تماما ما كان يجمعهما، انتهى للأبد، فلم تعد قادرة على احتمال عذاب عشقه، تبدلت ملامحها على الفور من الحيرة الى البرود عندما وقف قبالتها وهو يقول:.

أمانى أنا...
قاطعته قائلة:
أنا مش هرجع تانى أعيش معاك، وده قرارى النهائى. ياسيدى انت معاك حق، أنا الشيطان وانتوا الملايكة، أقولك حاجة كمان، انا اللى شجعت مجدى عشان يتقدملى، لما لقيته اغنى منك، على الاقل ميعرفش حقيقتى ومش هيعمل فية اللى بتعمله انت، ارتحت كدة، ابعد بقى عن حياتى من فضلك، خلينى أعرف أعيشها.

امتلأت عيون بيجاد بالحنان تظلل شفتيه ابتسامة لتعقد أمانى حاجبيها فى حيرة فلم تكن تلك أبدا ردة فعله التى توقعتها، بل توقعت هجوما ضاريا وغضبا لا حدود له وربما يمين طلاق يدمى قلبها ولكنها ستعتاد بعاده فذلك افضل ألف مرة من غيرة تنهش عروقها وهى معه، وتجاهل وجفاء وقسوة كابدتهم فى ظل عشقه، هى فقط تتمنى الآن لو كان فى أحشائها بذرة تتكون لتكون طفلا منه يعوضها غيابه الوشيك عنها فهى لم تأخذ حبوب منع الحمل عندما كان معها فى الليلة الماضية، أفاقت من أفكارها على يده التى امتدت اليها لتغمض عينيها بقوة تظنه سيلامس وجنتها وهى لن تستطيع أن تمنع نفسها عن التأثر بلمسات يديه ليظهر ضعفها وعشقها فى عينيها، فتحت عينيها بقوة عندما شعرت بيديه تسحب سلسالها المختفى داخل طيات ملابسها، تراه يتأمل دبلته التى يضمها السلسال بألم، ليمد اليد الأخرى ويفتح ذلك القلب ويرى صورته تجاور صورتها لتترقرق بعينيه الدموع وهو يرفعهما ويواجه بها نظرات أمانى التى حملت العديد من المشاعر، دهشة ثم حيرة وحزن ليقول بصوت متهدج النبرات:.

ظلمتك وقسيت عليكى، اتهمتك بأبشع التهم، وعاملتك أسوأ معاملة، وانتى متكلمتيش، كان ممكن بكل سهولة تقوليلى الحقيقة، تثبتيلى انك ملاك برئ وأنا شيطان مستحقكيش.
أخذت أمانى السلسال من يده وأغلقت القلب ثم قالت وهى مطرقة الرأس بهدوء:
وهيفيد بإيه انى اقولك الحقيقة؟
لترفع اليه عينين مغروقتين بالدموع قائلة بمرارة:.

خلاص كنت نسيتنى وخرجتنى من قلبك وحياتك، خليت واحدة تانية تاخد مكانى، كنت هتعيش حيران مابين حاجتين، واجبك وقلبك وانا عمرى ماكنت هرضى اكون بالنسبة لك واجب تدوس على قلبك عشانه، كنت متصورة انى هقدر أعيش جنبك واتحمل أى حاجة فى سبيل انى مبعدش عنك تانى، مكنتش متخيلة انى هتعذب بالشكل ده، أصعب حاجة على ست بتحب انها تشوف حبيبها مع واحدة تانية، آخدة مكانها، وكل ده قصاد عيونها، وفى الآخر كمان تتهمنى بانى مشجعة مجدى، مغمى عنيك ورافض تشوف حقيقة واضحة لكل الناس الا انت وهى أن عيونى اتقفلت على صورتك وقلبى قفل بابه عليك، مفيش راجل فى حياتى قبلك ولا هيكون فيه بعدك، كلامك مش بس آلمنى لأ ده دبحنى.

تأمل ملامحها التى يعشقها قائلا فى ندم:
أنا آسف يانور عينى، آسف على حاجات كتير اوى.
أمسك يديها وسط تخبطها واضطرابها ينظر الى عمق عينيها قائلا بعشق:.

آسف لانى ظلمتك وسبتك السنين دى كلها، كان لازم ثقتى فيكى تكون من غير حدود، بس عذرى ساعتها انك كنتى غنية اوى وانا فقير اوى، وتصورت انك مقدرتيش تتحملى حياتى المتواضعة، وآسف لانى قسيت عليكى وعاملتك معاملة أنا نفسى خجلان منها، وآسف كمان لانى اوهمتك ان غيرك بقى فى مكانك، وده مستحيل يكون، أنا كمان من يوم ما شفتك وانا دخلتك قلبى وقفلت عليكى ومفيش واحدة قدرت تاخد مكانك او حتى تلفت نظرى.

نظرت اليه بصدمة ليقول بندم على أفعال آلمتها:
أيوة ياأمانى، صوفيا مش اكتر من صديقة احتجت لمساعدتها فطلبت منها تعمل خطيبتى أدامك، كنت عايز اوصلك انى قدرت أكمل حياتى من بعدك، وانى قدرت احب من تانى، مكنتش اعرف انها بالنفسية دى وانها ممكن تستغل الفرصة عشان تبعدنى عنك، أكيد حست بمشاعرى من ناحيتك رغم كل اللى افتكرتك عملتيه فية.
قالت أمانى بصدمة:
انت بتتكلم جد يابيجاد؟
اغمض عينينه ليفتحهما مجددا قائلا بعشق:.

وحشنى اسمى من بين شفايفك، كنت كل ما بنام بحلم بيكى وانتى بتنادينى بيه، كان اسمى منك ليه شكل وطعم تانى، ومن كتر ما اشتقت أسمعه من بين شفايفك منعت اى حد ينادينى بيه عشان ما اشتقلكيش أكتر، وبجد ياروح بيجاد، أنا عمرى ما حبيت ولا هحب غيرك، انتى توأم روحى ياأمانى.
قالت أمانى بعشق:.

وانت توأمى اللى كنت افتكرته خلاص راح منى بالموت، ومع ذلك كنت بسمع صوتك دايما وبشوفك فى كل مكان، حتى اليوم اللى اتقابلنا فيه، شفتك هنا أدام البحر.
ابتسم قائلا:
لانى كنت هنا فعلا ياأمانى، جيت أودع المكان لآخر مرة، أودع ذكرياتى معاكى، جيت اودعك وانا معرفش ان فى نفس اليوم هنتلاقى من جديد.
ابتسمت بدورها قائلة:.

افترقنا واتلاقينا ومشاعرنا فضلت زى الأول يابيجاد، والظاهر ان قلبى ضعيف وهابلة كمان، عشان من اول كلمة اعتذار حنيت ليك من جديد ونسيت كل عذابى معاك.
ابتسم وهو يمد يده يمسك سلسالها مجددا يفتحه ويخرج دبلته ثم يعيد غلقه ويمسك يدها واضعا دبلته فيها وسط ابتسامتها قائلا:.

ده مش هبل، دى طيبة قلب ياحبيبتى، احنا وجودنا مع بعض قدر، وطول العمر هنفضل مع بعض، قربنا يزيد حبنا قوة، خلاص مبقاش فيه بعد تانى، بحبك ياأمانى، بعشقك.
ابتسمت أمانى وهى تضم يده قائلة:
وانا كمان بعشقك يابيجاد.
نظر الى عمق عينيها قائلا:
يعنى خلاص سامحتينى؟
ابتسمت وهى تومئ برأسها لتشهق بقوة حين وجدت نفسها محمولة بين يديه لتقول بحيرة:
بيجاد، بتعمل ايه؟
ابتسم قائلا بعشق:.

هتأكد بنفسى انك سامحتينى ياقلب بيجاد، خلينا نعوض اللى فاتنا بقى، دول خمس سنين غياب ياايمى.
قالت بابتسامة:
كانوا خمس سنين و٣ أشهر و٦ أيام ياحبيبى.
رفع احدى حاجبيه قائلا بابتسامة:
حاسباهم بالشهور والأيام كمان.
نظرت الى عمق عينيه قائلة:
وبالدقايق والثوانى كمان، وعلى رأى أم كلثوم، ان مر يوم من غير رؤياك، ما يتحسبش من عمرى.
ابتسم فى حنان قائلا:
الله ياست.
لتغيم عينيه بالمشاعر قائلا:.

أنا محظوظ بيكى ياقلب وعقل وعمر بيجاد كله.
دفنت رأسها فى عنقه خجلا من نظراته العاشقة ليسرع فى خطواته باتجاه المنزل لينهلا من السعادة، والعشق.

أفاق ظافر من أثر المخدر ليرى الممرضة بجواره، نظر اليها ثم نظر الى ذراعه المضمدة قائلا:
أنا فين؟ومين اللى جابنى هنا؟
قالت الممرضة بعملية:
حضرتك لقوك مضروب بالنار وجابوك على المستشفى هنا، الحمد لله الجرح سطحى والرصاصة عدت من دراعك وكل شئ تمام.
أومأ ظافر برأسه وهو ينهض من سريره لتسرع الممرضة اليه وهى تقول بسرعة:.

حضرتك مينفعش تقوم من السرير، انت محتاج ترتاح النهاردة على الأقل، ده غير ان البوليس برة عشان ياخد اقوالك يعنى كدة كدة مش هتعرف تخرج دلوقتى.
عاد ظافر الى سريره بإحباط فقد كان يود الخروج لينقذ حبيبته التى لا يدرى عن خاطفها سوى اسمه والذى سيدعى عدم معرفته أمام الشرطي، فهو يشك بتورط والد أميرة بالموضوع لذا سيلتزم الصمت وسيتصرف هو فى هذا الأمر ولكن بالتأكيد سيحتاج الى مساعدة صغيرة.
لذا سأل الممرضة قائلا:.

طب ممكن الموبايل بتاعى لو سمحتى.
ناولته الممرضة اياه فقام بالاتصال برقم ليرد عليه محدثه قائلا:
أيوة ياعم هنيالكوا، الفرح امتى؟
قال ظافر فى حزم:
عادل، أنا فى المستشفى، تعالالى حالا.

ظلت أميرة تبكى منذ أن أفاقت لتجد نفسها فى هذا المخزن القديم، تتذكر سقوط ظافر أمامها مضرجا بدماءه لتتصاعد شهقاتها مجددا.
قال ربيع فى نفاذ صبر:
مش معقول يعنى كل الدموع دى عشان الفرفور بتاعك، اللى مستحملش رصاصة واحدة، أنا عارف بس عجبك فيه ايه؟ده لا شكل ولا منظر ولا حتى رجولة، ده ولا أى حاجة خالص.
قالت أميرة بغضب:.

اخرس خالص مش عايزة أسمع صوتك، انت فاكر نفسك راجل، انت ولا حاجة وأنا بكرهك، بكرهك ياربيع.
اقترب منها ربيع قائلا بقسوة:
بلاش تستفزينى ياأميرة أنا صحيح بحبك بس مش ممكن هسمحلك تهينينى، مفهوم؟
قالت فى مرارة:
هتعمل فية ايه يعنى؟هتموتنى؟ياريت عشان ارتاح من العذاب اللى انا فيه، وهى حياتى لازمتها ايه بعد ما راح أغلى ما فيها؟
زفر قائلا:
اللهم طولك ياروح، انتى يا...

قاطعه دخول أحد رجاله الذى همس فى أذنه ببعض الكلمات ليبتسم ربيع قائلا بخبث:
آه طبعا دخله.
ابتعد الرجل مغادرا ليقول ربيع:
عارفة مين اللى جاى دلوقتى؟
نظرت اليه بلا مبالاة ليستطرد قائلا:
ده آخر معجبينك، اللى أجرنى عشان أخطفك، خطيبك، معتز السعيد.

نظرت اليه اميرة فى صدمة لا تصدق أن معتز قد يلجأ لخطفها، لماذا؟، لقد كانوا على وشك الزواج، ترى أيكون لزيارتها الأخيرة علاقة بالأمر؟، رأته يدلف الى المكان بابتسامة مقيتة، حيا ربيع بهزة من رأسه ثم اقترب منها يراها جالسة على مقعد ومقيدة به، ليقول بسخرية:
والله وعشت لما شفتك مذلولة أدامى يا بنت السلحدار.
قالت أميرة بغضب:
تصدق انك طلعت أقذر ما كنت أتخيل يامعتز.
اقترب منها معتز قائلا بصوت كالفحيح:.

مش هتلمى لسانك بقى ياقطة ولا اقطعهولك.
قالت أميرة بغضب لمعت له عينا ربيع اعجابا:
طب فكنى كدة وأنا أوريك انى أرجل من عشرة زيك.
أحس معتز بدمه يغلى غضبا ليرفع يده ويصفعها بقوة لتصرخ أميرة بقوة، ليس ألما من صفعة أسالت من شفتيها الدماء وانما من مرأى معتز ورصاصة تخترق صدره لتتسع عينيه برعب قبل أن يسقط جثة هامدة تحت قدمى أميرة، عجزت عن النطق وهى ترى ربيع يقترب من جثة معتز ليبصق عليه قائلا بغضب:.

تستاهل عشان تمد ايدك على حاجة مش ملكك.
لينظر الى أميرة بعشق وهو يمد يده ليلمس وجنتها لتشيح هى بوجهها بعيدا عنه وهو يقول:
انتى بتاعتى أنا وبس، بكرة تعرفى ان مفيش حد بيحبك أدى ياأميرتى.
ليتأملها بنظرة أخيرة قبل أن يبتعد مغادرا وهو يأمر رجاله بأخذ جثة معتز بعيدا بينما كانت أميرة ترتجف من الصدمة، والخوف.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة