قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

استيقظت فرح تفتح عينيها ببطئ لتطالع محيطها الغريب كلية عنها، كانت الحجرة جميلة بسيطة وأنيقة ولكنها ليست حجرتها، تساءلت فى حيرة أين هى؟ وما الذى جاء بها الى هذا المكان؟ آخر ما تتذكره هو هروبها من منزل زوجها بدر وعبورها ذلك الطريق، نعم، تتذكر الآن تلك السيارة المسرعة تجاهها وارتطامها بها، ترى هل ماتت وتلك هى الجنة؟

سمعت طرقات على الباب ثم دخول فتاة جميلة ذات بشرة بيضاء وعيون عسلية وملامح رقيقة وشعر بنى منسدل حول وجهها بنعومة، كانت ابتسامتها الرقيقة هى اجمل ما يميزها، اقتربت منها الفتاة قائلة بابتسامة عذبة:
ما شاء الله ايه العيون الجميلة دى، كنت عارفة انك قمر.
ابتسمت فرح لا اراديا على كلمات تلك الفتاة لتتذكر فجأة كلمات بدر ووصفه لها، عبست وترقرقت الدموع بعينيها لتجلس الفتاة بجوارها قائلة فى قلق:.

طب ليه بس كشرنا ودارينا الغمازات الحلوة دى وعينينا اتملت بالدموع، فيه حاجة بتوجعك؟
رفعت فرح عينيها إليها قائلة:
انتى مين؟وأنا فين؟وازاى جيت هنا؟
قالت الفتاة باابتسامة:.

أنا ياستى اسمى أمانى، وبشتغل فى العلاقات العامة فى شركة كبيرة، وانتى فى بيتى، ظهرتى أدام عربيتى فجأة وخبطك، بس الحمد لله الدكتور طمنى ان مفيش اى اصابات، يعنى ممكن تروحى بيتك دلوقتى لو حبيتى، ادينى بس رقم حد من أهلك وانا أتصل بيه عشان ييجى ياخدك او لو معندكيش مانع أنا ممكن أوصلك بنفسى.

أطرقت فرح بوجهها فى حزن، تتساءل الى أين ستذهب؟الى بيت بدر مجددا لتتحمل اهاناته لها وتجعل نفسها حملا غير مرغوب به؟أم تذهب الى أهلها فينتابهم الغضب مما حدث لها وينتقمون من بدر، فوالدها رغم طيبته لن يتسامح أبدا فى اهانتها، وهى تخشى على بدر حبيبها، نعم حبيبها، فمهما فعل سيظل هو من ملك قلبها بحب لعين، أسر قلبها بعشقه ولا سبيل لينال ذلك القلب حريته، لتتساقط دموعها مجددا فى صمت.

مدت أمانى يدها ترفع بها ذقن فرح لتتلاقى الأعين، قالت امانى فى حنان وتأثر بدموعها:
مالك ياحبيبتى فيكى ايه بس؟احكيلى.
نظرت اليها فرح بتردد لتبتسم امانى فى حنان مستطردة:
واضح ان عندك مشكلة حبيبتى، افتحيلى قلبك، مش يمكن اقدر أساعدك؟
لا تعلم فرح لما شعرت بالاطمئنان الى تلك الغريبة كلية عنها، شعرت انها سترتاح ان أفضت لها بمكنون قلبها، ربما شعرت بالراحة ان هى أخبرتها بألمها، لتقول فرح بهدوء:.

أنا اسمى فرح وهحكيلك يا أمانى، هحكيلك كل حاجة.

زفرت أميرة بقوة وهى تمشى بين تلك الأشجار، لعنت غبائها الذى جعلها تترك سيارتها بعد أن تعطلت منها وتمشى بين تلك الأشجار تبحث عن بيت قريب تقضى به ليلتها وتستخدم هاتفه لتتصل بأحدهم ليجئ ويصلح سيارتها حتى تكمل طريقها، كانت خطتها تبدو جيدة فى حينها، أما الآن فبدت لها سخيفة للغاية، فأمان سيارتها ودفئها أفضل لها الف مرة مما تعانيه الآن من الخوف والبرد، فربما مرت سيارة اخرى من الطريق وساعدها راكبيها، فها هى تمشى منذ ساعتين تقريبا ولا أثر لأى منزل قريب، فقط أشجار وأشجار، والليل قد أسدل ستاره عليها ولن تستطيع تلمس طريق العودة، خدش ذراعها غصن صغير فتأوهت متألمة، وتوقفت تلعن غبائها مجددا وتسرعها قائلة فى حنق:.

امتى بقى هتتصرفى بعقل يااميرة؟أديكى وديتى نفسك فى داهية بتسرعك ده.

رفعت عينيها تتأمل محيطها بضيق، لتنفرج أساريرها وتلمع عيناها وهى تلمح بعض الأنوار لمنزل متطرف ظنته للحظة مهجورا، ولكن تصاعد أدخنة المدفئة منه أنبأها بأن هناك من يقطنه، ترددت للحظة، تتساءل عن قاطنيه، ومن ذا الذى يعيش فى منزل متطرف كهذا بعيدا كلية عن العمران؟ولكنها ما لبثت ان حسمت رأيها فأى شئ بالتأكيد افضل لها الف مرة من هذا البرد الذى تعانيه والذى يجمد أطرافها الى جانب ذلك الخوف ااذى يغمر كيانها فلطالما كرهت البرد والظلام، لتتجه الى ذلك البيت بخطوات سريعة وهى تدعوا الله أن يكون قاطنى المنزل من بنى البشر وليس من آكلى لحوم البشر، لتضرب رأسها بخفة، تحذر نفسها بأن عليها الكف عن مشاهدة افلام الرعب فقد أثرت على عقلها بالتأكيد.

أنهت فرح حديثها قائلة بألم:
هى دى كل حكايتى ياأمانى، وزى ما انتى شايفة، حيرانة ومش عارفة أعمل ايه، أرجع لبدر وأدوس على كرامتى ولا أرجع لأهلى وساعتها الدنيا هتولع.
أطرقت أمانى برأسها تفكر قليلا بصمت، احترمت فرح صمتها فلم تنطق بحرف، حتى رفعت أمانى وجهها الى فرح قائلة بهدوء وهى تنظر الى عينيها مباشرة:
بتحبيه يافرح؟

أدركت فرح من تقصد أمانى بسؤالها لتشرد مستحضرة صورته فى خيالها، عينيه، نبرة صوته الرجولية الجذابة، تقطيبة حاجبيه عندما يفكر فى أمر هام يشغله، ضحكته التى تخلب الألباب لتقول بهيام:
أنا مش بس بحبه، أنا بعشقه، من أول لحظة عينية جت فى عنيه وقلبى بقى ملكه ولما عرفته حبيته أكتر.
لتلتفت الى أمانى قائلة بابتسامة:.

تعرفى، الكل فاكر بدر بشخصيتين، فى حياته الشخصية شاب مستهتر وروحه فى البنات لكن فى شغله جد ومبيحبش الهزار وبيعملوله ألف حساب، لكن أنا الوحيدة اللى عارفة هو مين فى دول، بدر بيحاول يظهر كدة عشان يدارى الألم اللى فى قلبه، لكن هو من جواه طفل صغير خايف يتعلق بحد والحد ده يخونه أو يجرحه زى ما عملت حبيبته قبل كدة، أنا شفت صورتها فى دولابه وكان مكتوب على ضهرها(أول قلم علمنى مآمنش لجنسكم)، ساعتها بس فهمت انى لازم أخليه يثق فية قبل ما أخليه يحبنى أد ما بحبه، كان لازم أخليه يشوف ان احنا مش زى بعض وان زى ما الخيانة موجودة، الاخلاص بردو موجود، وان اللى بيحب بجد الاخلاص بيكون بالنسبة له شئ بديهى ومش قابل للمساومة.

ابتسمت أمانى قائلة:
الاخلاص لحد بتحبيه من كل قلبك بيلازمك حتى لو فرق القدر بينكم.
لتشرد بدورها قائلة:
لما بتحبى حد، بتبقى أسيرة ليه، حتى لو حررك من كيانه مش هيقدر يحررك من عشقه.
عقدت فرح حاجبيها قائلة ف تقرير:
انتى كمان بتحبى ياأمانى.
عادت أمانى اليها بعينيها قائلة بابتسامة:
أنا زيك بعشق مش بحب وبس يافرح، ورغم انه خلاص فارق دنيتنا بس قلبى لسة بيعشقه وكأنه مفارقنيش ولا لحظة.
ترقرقت الدموع بعينى فرح قائلة:.

هو...
قاطعتها أمانى قائلة:
أيوة بس لسة عايش جوايا، ولما بشتاقله بفتح صندوق ذكرياتى معاه، وساعتها بيمسك ايدية وبنرقص على أنغام قلوبنا، ولما بيضمنى ساعتها بحس انه مبعدش عنى، يمكن فرقنا الموت بس ذكرياتى معاه مفارقتنيش أبدا.
قالت فرح فى حزن:
الله يرحمه، أكيد كان انسان جميل عشان قدر يخليكى تعيشى على ذكراه وتحبيه بالشكل ده.
ابتسمت أمانى قائلة:.

كان أعظم راجل ممكن تقابليه، خطفنى من أول نظرة، سرق قلبى من أول كلمة، ولما اتجوزنا عيشنى اجمل أيام حياتى معاه، مكنش زوج وبس، كان أب وأخ وابن وحبيب، كان بالنسبة لى كل حياتى، عمره ما زعلنى بكلمة ولا دمعت عينى معاه دمعة، الراجل اللى زى ده يافرح بتعيشى بعده على ذكراه، بتكونى متأكدة انك مهما قابلتى بعده مش هتلاقى زيه، و مش هتعيشى اللى عشتيه معاه مع حد تانى، الله يرحمه، كان ملاك.
قال فرح فى مرح:.

من وصفك ليه حبيته ياأمانى.
أدركت أمانى محاولة فرح لتبديل حزنها لابتسامة لتقول بدورها بمرح:
خليكى فى بدر بتاعك ده و ملكيش دعوة بحبيبى، ده بتاعى أنا.
عاد الحزن الى ملامح فرح وهى تقول:
بدر بتاعى، طب ياريت، مع الأسف بدر لازم أشيله من قلبى، لازم أنساه عشان اقدر أعيش اللى جاى.
تأملتها أمانى لثوان قائلة:
هتقدرى؟
زفرت فرح قائلة:.

لازم أقدر، حكايتى معاه ملهاش نهاية سعيدة، مفيهاش أمل واحد أقدر أتمسك بيه، مش هقدر ارجعه لية لأنه مكنش ملكى أساسا، مشفش فية حد يقدر يحبه، أنا اصلا مفيش فية حاجة تتحب.
قالت أمانى:
لأ طبعا، ايه الكلام ده؟انا شايفة فيكى حاجات كتير تتحب، انتى جميلة اوى على فكرة من جوة وبرة، ده كفاية عيونك الملونين دول ولا غمازاتك.
قالت فرح فى حزن:
وجسم الفيل ده ولا انى مبتكلمش كلمتين على بعض.
ابتسمت أمانى قائلة:.

فيل ايه بس حرام عليكى، كل الموضوع عشرة، ١٢ كيلو بالكتير ودى فى ايدينا بشوية رياضة ودايت بسيط ننزلهم، وتبقى قمر بزيادة، وانك مبتتكلميش فده اعتقد من خجلك أدامه لكن انتى اهو بتتكلمى زى الفل معايا. يبقى هنشتغل على حاجات بسيطة وهتبقى جاهزة يافرح.
عقدت فرح حاجبيها قائلة:
قصدك ايه؟
قالت أمانى فى حنان:.

قصدى انى هساعدك تكونى حلم بدر يافرح، هخليكى تهبليه، تسحريه بجمالك وأناقتك، تخليه يتمنى بس كلمة منك، ابتسامة، هتعذبيه فى حبك لغاية ما يسلم ويرفع الراية البيضا كمان، وبعد ماكنتى أسيرة عشقه هيكون هو أسيرك يافروحة.
اغروقت عينا فرح بالدموع وهى تقول:
بجد ياأمانى، هتساعدينى أحقق كل اللى قلتى عليه ده؟
اتسعت ابتسامة أمانى وهى تمد يديها تمسح دموع فرح التى نزلت على وجنتيها قائلة بحنان:.

وحياة أختى أميرة اللى حاسة انك بتفكرينى بيها، هفضل وراكى لغاية ما تحققى حلمك.
أسرعت فرح لتضمها وهى تقول بامتنان:
ربنا يخليكى لية ياأمانى وميحرمنيش منك أبدا، بجد اللى زيك فى الزمن ده مبقاش موجود.
ربتت أمانى على ظهرها قائلة فى حنان:
سيبك بقى من الكلام ده ويلا ياقمر، أنا حضرتلك لقمة صغيرة كدة عشان تاكليها، أكيد جعتى.
أصدرت معدة فرح فى تلك اللحظة صوتا لتبتعد عن أمانى بخجل قائلة:
الظاهر كدة.

ابتسمت أمانى تمد يدها اليها قائلة:
طب يلا بسرعة عشان أنا كمان جعت، ومن بكرة هنبدأ الدايت والرياضة.
ابتسمت فرح وهى تمسك بيد أمانى تتبعها وهى تحمد الله على ارسال أمانى الى حياتها فى ذلك الوقت، فلولاها لم تكن لتعلم الى أين تذهب؟حقا يرزقك الله فى حياتك بأناس يكونون لك كالأخوة ويعوضونك عن أخوة الدم المفقودة.

قالت صوفيا فى حزن:
ستتركنا جاد وتعود الى وطنك، ستبتعد حقا، ألن تفتقدنا؟
ابتسم جاد قائلا:
لن تطول غيبتى صوفيا، سأعود اليكم ما ان أطمأن على أمى وأخى، لقد افتقدتهم كثيرا، سنوات أطمأن عليهم فقط من خلال الهاتف.
اقتربت منه صوفيا لتحيط عنقه بذراعيها قائلة فى دلال:
اذا خذنى معك.
أبعد ذراعيها عن عنقه قائلا فى توتر من اقترابها منه على هذا النحو:
ربما فى مرة أخرى، ولكن تلك المرة مستحيل.
قالت فى حزن:.

لماذا؟لقد تعلمت اللغة العربية من أجلك، وأنا احبك وأنت تعلم، وبالتأكيد أود أن أتعرف بعائلتك.
زفر جاد قائلا:
اسمعينى جيدا صوفيا، لقد أخبرتينى بمشاعرك سابقا وأخبرتك أننى لن أستطيع مبادلتك اياها، قلبى ليس ملكا لى وأنتى تعلمين ذلك ايضا، أنتى صديقة غالية وربما يوما ما أعرفك بعائلتى ولكن كصديقة فقط، أرجوا ان يكون كلامى واضحا، فأنا لا احب تكرار كلماتى.

عقدت صوفيا حاجبيها فى غضب لثوان ثم ما لبثت أن لانت ملامحها وهى تقول:
حسنا جاد، كما تريد، ولكن عدنى أن لا تتأخر.
قال بابتسامة:
أعدك.
قالت بابتسامة:
حسنا، متى ستسافر؟
قال جاد:
مازال أمامى شهرا كاملا قبل السفر.
اتسعت ابتسامتها قائلة:
اذا هيا، ارتدى ملابسك ودعنا نخرج الى أي مكان.
اومأ برأسه موافقا وهو يتجه الى حجرته ويغلقها خلفه بينما لمعت عينا صوفيا قائلة:
طال الزمن أو قصر ستكون لى جاد، لى وحدى.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة