قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل التاسع والعشرون

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل التاسع والعشرون

رواية توأم الروح للكاتبة شاهندة الفصل التاسع والعشرون

استيقظت امانى على صوت رنين هاتفها المتواصل، لتفتح عينيها ببطئ تشعر بالدفئ يحيط بجسدها لتجد ذراعى بيجاد تحيطانها بحماية ضاما اياها الى صدره، تذكرت الليلة الماضية وكيف اختلفت عن سابقتها، فعندما كانا بالمزرعة تخلل اجتماعهما مشاعر الشوق مع الغضب، عشقا ثم ندما، أما البارحة فكانت ليلة خيالية، الشوق عنوانها والحنان منهجها والعشق ختامها، والشعور بالاكتمال نتيجتها، نظرت اليه لتجده بالطبع مازال نائما على غير عادته فقد سهرا سويا امام البحر حتى بزوغ الصباح، رن الهاتف مجددا لتلعن فى سرها اعادتها لشحنه عندما عادت للمنزل ووجدته فارغا، بعد ان كانت قد نسيته هنا ليلة الحفلة، كانت تريد أن تفتحه لتطمئن على أختها ولكن مجئ بيجاد أنساها الدنيا وما فيها، أزاحت ذراع بيجاد بحذر حتى لا توقظه ونهضت ترتدى روبها ثم نظرت اليه بابتسامة، وهى تراه يتململ فى نومه وقد افتقد وجودها، التفتت باتجاه هذا الهاتف المزعج والذى رن مجددا لتجيبه قائلة فى حنق:.

الوو.
أجابها صوت رجولى أحست بنبرات القلق تتخلله وهو يقول:
مدام أمانى؟
تسلل اليها قلقه لتقول متوجسة:
ايوة، مين معايا؟
قال محدثها:
أنا ظافر، حبيب، قصدى صديق اميرة، الحقيقة هى حاولت تكلمك الفترة اللى فاتت كتير بس تليفونك كان دايما مقفول.
أغمضت عينيها فى حنق لسهوها وتركها هاتفها فى المنزل الفترة الماضية، بينما حاولت اختها الوصول اليها، لتفتحهما مجددا وهى تقول:.

فعلا التليفون كان، كان بايظ، المهم أميرة فين؟من فضلك خلينى أكلمها.
قال ظافر بتوتر:
بصراحة انا بتصل بيكى دلوقتى عشان كدة، أميرة يامدام أمانى، اتخطفت.
أحست أمانى بالصدمة لتقول بجزع:
بتقول ايه؟
انتفضت على احساسها بيد وضعت على كتفها لتلتفت بسرعة الى صاحبها وتجد بيجاد امامها يسألها بعينيه عما أزعجها لتشير اليه بالصمت وهى تستمع لظافر الذى قال:.

مش هينفع أقولك فى التليفون يامدام امانى، كل اللى أقدر أقولهولك انى شاكك ان والدك ليه علاقة بالموضوع وده اللى مخلينى مش قادر ابلغ البوليس، أنا موجود دلوقتى فى القاهرة ياريت تيجى بأقصى سرعة وأنا هشرحلك كل حاجة، من فضلك انا محتاج مساعدتك عشان نرجع أميرة.

لا تعلم لم أحست بالاطمئنان تجاه هذا الرجل ربما لشعورها بنبرة الاهتمام بصوته والتى تدل على أنه يكن شعورا خاصا تجاه أميرة، أومأت برأسها قائلة فى تصميم:
هتلاقينى عندك علطول، ادينى بس العنوان.
اخبرها ظافر بالعنوان لتغلق الهاتف وسط متابعة بيجاد وحيرته وهو يقول:
فيه ايه ياأمانى؟
نزلت دموعها التى كانت حبيسة مقلتيها وهى تقول:
أميرة اتخطفت يابيجاد.
ضمها اليه بسرعة قائلا:
طب اهدى بس، احنا هنبلغ البوليس و...

خرجت من حضنه مقاطعة اياه وهى تقول:
لأ، بوليس لأ.
عقد حاجبيه قائلا:
بس لازم نبلغه عشان...
قاطعته متوسلة:
قلتلك بوليس لأ، الحكاية دى ممكن يكون فيها بابا.
احتلت القسوة ملامحه وهو يقول:
بردو باباكى، الرجل ده عايز ايه تانى؟، مش كفاية دمرلنا حياتنا، عايز كمان يدمر حياة أختك، الرجل ده حله الوحيد طلقة فى دماغه عشان نرتاح منه ومن شره.
قالت امانى فى مرارة:
متقولش كدة يابيجاد ده مهما كان بابا.

نظر الى دموعها قائلا فى حيرة:
لسة بتحنيله ياأمانى وبتخافى عليه؟بعد كله الل عمله فينا.
هزت رأسها وهى تبكى قائلة:
مش بإيدى يابيجاد، والله ما بإيدى.
مد يده يمسح دموعها فى حنان قائلا:
طيب اهدى ياحبيبتى، وان شاء الله نلاقيها من غير مانورط باباكى.
قالت بحزن:
ظافر بيقول ان عنده معلومات هتخلينا نقدر نلاقيها، أنا لازم أنزل القاهرة حالا.
قال بحيرة تغلفها الغيرة:
ظافر ده مين؟
هزت أمانى كتفيها فى حيرة قائلة:.

بيقول انه صديق لأميرة بس انا حاساه أكتر من كدة.
قال موافقا وقد ارتاح قلبه:
تمام، طب يلا بينا نجهز نفسنا بسرعة.
نظرت اليه فى حيرة قائلة:
انت هتيجى معايا؟
رفع حاجبه باستنكار قائلا:
أمال هسيبك فى المحنة دى لوحدك، معاكى طبعا ورجلى قبل رجلك.
نظرت اليه بحب وامتنان ليقول لها بحزم:
بلاش نظراتك دى الله يخليكى، وبلا جهزى نفسك عشان نمشى بسرعة.

أومأت برأسها، وهى تسرع الى الحمام لتجهز نفسها للسفر تدعى من كل قلبها أن يحفظ لها أختها وان تكون أميرة بخير.

جذب بدر فرح من ذراعها قائلا فى استنكار:
تعالى هنا انتى رايحة فين بس؟
قالت فرح فى تصميم:
قلتلك رايحة اطمن على أمانى، من انبارح مفيش أخبار عنها وانا قلقانة عليها وهتجنن.
رفع بدر بصره الى السماء قائلا:
صبرنى يارب على المجنونة اللى اتجوزتها دى.
لينظر اليها قائلا بهدوء:.

فرح، قلبى انتى، اتنين متجوزين واتصالحوا، الطبيعى ياماما ان احنا منسمعش حاجة عنهم، هما دلوقتى غرقانين فى العسل فخليهم فى حالهم ومتطبيش عليهم زى العزول، اقعدى بقى هنا الله يهديكى ومتطيريش البرج اللى فاضل فى عقلى.
قالت فرح فى عناد:
طب انت ايه اللى عرفك انهم اتصالحوا مش يمكن لسة متخانقين، أصل اللى عملوا أخوك مش قليل بردو.
نظر بدر حوله وهو يفرك ذقنه هامسا:
لأ انا هقوم أقتلها واريح نفسى.

ليعود بنظراته اليها قائلا وهو يجز على أسنانه:
فرح، قلبى، بيجاد كان رايح يصالحها بعد ما عرف الحقيقة ومرجعش لغاية دلوقتى، مفهومة يعنى و مش محتاجة ذكاء، ماشى ياحبيبتى، اقعدى بقى بدل ما اتجنن أنا عليكى.
نظرت اليه فرح فى غيظ قائلة:
خلاص هقعد اهو.
جلست للحظة واحدة ثم نهضت مجددا قائلة:
طب هطمن بس...
نهض بدر بدوره يتجه اليها قائلا:
لأ مبدهاش بقى، انا عارف هسكتك ازاى.
ليحملها فجأة وتصرخ قائلة:
يامجنون بتعمل ايه؟

ابتسم قائلا:
هرجعلك عقلك فى راسك ياحبيبتى قبل ما تجنينى أنا.
ليتجه بها الى حجرتهما ويسكتها بطريقته والتى حملتهما سويا الى جنة المشاعر، إنها طريقته الخاصة، طريقة بدر.

قال ظافر لأمانى:
فهمتى هتعملى ايه ياأمانى؟
اومأت أمانى برأسها قائلة:
فهمت والله، متقلقش، هوصل لمكانها باذن الله.
هز ظافر راسه قائلا:
تمام، ربنا معاكى.
كادت أن تنزل من السيارة حين أمسك بيجاد يدها قائلا:
خلى بالك من نفسك.
ابتسمت وهى تربت على يده قائلة:
متقلقش يابيجاد، ده بابا.
قال بيجاد بقلق:
اللى مقلقنى انه باباكى ياأمانى.
قالت فى حنان:.

انا معايا الجهاز اللى انتوا اديتهولى ولو حسيت بأى خطر هضغط عليه، وبعدين انت هنا جنبى وعشان كدة انا مطمنة.

أومأ برأسه لتترك يده وهى تخرج من السيارة بهدوء وتتجه المنزل ليفتح لها الحرس الباب على الفور فور نطقها باسمها واظهار هويتها، لتتجه الى حجرة مكتب والدها وملاذه الدائم، طرقت الباب بهدوء ليأتيها صوته، صوت الأب الذى لطالما افتقدت حنانه بل وجوده الكامل فى حياتها، لتفتح عينيها وهى تفتح الباب وتدلف الى الداخل لينهض عاصم عند مرآها قائلا فى صدمة:
أمانى.
اقتربت منه أمانى تتأمل ملامحه فى هدوء قائلة:.

أيوة أمانى، امانى يابابا.
افاق من صدمته لتنحول ملامحه للبرودة وهو يقول:
وعايزة ايه ياست امانى، مش معقولة بعد السنين دى اكون وحشتك وجاية تشوفينى.
اقتربت منه امانى قائلة:
انت فعلا وحشتنى يابابا.
شعرت باختلاجة فكه، الدليل الوحيد على تأثره بكلماتها، لتستطرد قائلة:
بس ده مش سبب رجوعى النهاردة.
قال فى برود:
وايه السبب؟
قالت امانى فى رجاء:
فين اميرة يابابا؟
قال عاصم فى قسوة:.

مش معقول لسة معرفتيش انها هربت تانى، بعد ما كلمتنى تقولى اخلى الحراس يبعدوا عنها عشان خلوها تحس انها مسجونة ومخنوقة، وأنا بغبائى طاوعتها، وبعدها بووووم، فص ملح وداب، مرجعتش تانى ياأمانى.
عقدت امانى حاجبيها قائلة:
بس اميرة مهربتش يابابا، اميرة اتخطفت.
ظهرت الصدمة على ملامح عاصم ليقول مرددا:
اتخطفت؟
اومأت امانى برأسها قائلة:
ربيع خطفها وعندى شهود على كلامى.
اتسعت عينا عاصم بقوة قائلا:
ربيع؟

أيقنت أمانى أن أباها لا علاقة له بخطف أختها، لتقول متوسلة:
انت أكيد عارف ممكن يكون مخبيها فين يابابا، عشان خاطرى قوللى.
عادت ملامح عاصم باردة لا تعكس ذلك الغضب الذى يسرى بعروقه لاكتشافه خيانة ربيع له، لقد خطف أميرة ولا يدرى السبب، ولذلك لايرد على مكالماته أيضا، نفض أفكاره وهو يقول بهدوء:
وأقولك ليه؟
اتسعت عيناها فى صدمة قائلة:.

عشان أميرة المخطوفة دى بنتك والله أعلم ربيع خطفها ليه، وبيعمل فيها ايه دلوقتى، المفروض تبقى عايز تلحقها، تنجدها من ايده.
قال عاصم بقسوة:
وأساعدها ليه؟تهمونى انتوا فى ايه؟كلكم عملتوا زيها، خنتونى وضربتونى فى ضهرى، كلكم خاينين ياأمانى.
قالت امانى فى غضب:
كفاية بقى حرام عليك، عشت عمرك كله بتكرهنا عشان شبه ماما وبنفكرك بيها، بنفكرك بالست اللى قلتلنا انها هربت منك، صح؟
قال عاصم فى حدة:.

أمكم خاينة وانتوا متعرفوش حاجة.
قالت أمانى فى غضب:
أمنا عمرها ما كانت خاينة، أمنا أعظم أم وزوجة واتظلمت ظلم كبير أوى منك.
هدر بقوة قائلا:
قلتلكم انتوا متعرفوش حاجة، أنا شفتها بعينى.
قالت أمانى فى حدة:
وقتلتها هى وآنكل سامح، مش كدة؟
اتسعت عيناه فى صدمة يتساءل فى جزع، من أين جاءت بتلك الكلمات؟لتقول أمانى فى مرارة:.

متستغربش انا عرفت منين، أميرة يومها كانت واقفة وشافت كل حاجة، انت ظلمت ماما يابابا، ظلمتها اوى، أمانى قالتلى انها شافت آنكل سامح بيترجاها تهرب معاه من العذاب اللى شافته معاك ولما رفضت حضنها بالعافية وساعتها دخلت انت وقتلتهم وطلبت من البواب يخلصك منهم، أميرة شافت ده كله وفضلت ساكتة لانى حذرتها تتكلم عشان كنا خايفين منك، ماما مخنتكش يابابا، ماما كانت مخلصالك لآخر لحظة فى حياتها.

أحس عاصم بأنه كبر سنوات وسنوات فوق عمره، ليجلس مكانه وهو يشعر بالانهيار، لقد ظلم زوجته وقتلها بيديه ثم كره بناته وعذبهما معه وكاد أن يضيع حياتهما وكأنه كان يعاقبهما على ذنب أمهما المزعوم والذى لم تقترفه، ولم يكن لهم جميعا ذنبا فيه، هو المذنب ولا أحد سواه ليردد بانهيار:
أنا المجرم، أنا المجرم.
اقتربت منه أمانى بسرعة وجلست أمامه على ركبتيها تمسك بيده قائلة:
اهدى يابابا، عشان خاطرى.

نظر الى عينيها الجميلتين والشبيهتين بعينى أمها الراحلة، قائلا فى ألم:
سامحينى ياأمانى، سامحينى يابنتى.
قالت له بحزم:
مسامحاك يابابا، بس ده مش وقت الندم ولا السماح، أهم حاجة دلوقتى نلحق اميرة، أميرة هتضيع لو ملحقنهاش.
ظهر التصميم على وجهه وهو يقول:
معاكى حق، يلا نلحقها، أنا عارف ممكن يكون مخبيها فين.
نهضت أمانى تمسك بيده قائلة فى أمل:
واحنا كلنا معاك يابابا.
عقد حاجبيه قائلا:
انتوا مين؟

ابتسمت وقد لمعت عيناها قائلة:
مفاجأة.
عقد حاجبيه فى حيرة، ولكنه مالبث ان هز كتفيه وهو يتبعها ليلحقا بأميرة، يلحقا بآخر امل لها فى الحياة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة