نوفيلا صدفة لم تكن عابرة للكاتبة شمس محمد فصل خاص
لم يَعد القمر وحيدًا. لقد وجد له من النجوم ونيسًا.
وعُمري ما أشكي من نار حُبك مهما غرامك لوعني وعُمري ما أشكي من نار حُبك مهما غرامك لوعني.
صدح صوت تلك الكلمات في الشقة و منة تقوم بتقليب الطعام في الإناء وهي تُغني مع الكلمات لتتذكر حديث رائف لها ذات مرةٍ في جلستهما سويًا في أول أيام الجواز في لحظاتٍ رومانسية آسرة حينما صدح صوت كلمات هذه الأغنية: كل ما اسمعها افتكرك. وعمري ما أشكي من نار حُبك مهما غرامك لوعني، بس أعمل إيه بقى؟ كنت بحب بقرة.
ابتسمت بيأسٍ حينما تذكرت هيئته وهو يُهينها، ثم تنهدت بعمقٍ والتفتت على الفور تسأله بلهفةٍ حينما مر عطره على أنفها: اتأخرت ليه يا رائف؟ أنا مستنياك من بدري.
اقترب منها يقول بنبرةٍ هادئة وجهه مُبتسمًا: لو عرفتي اتأخرت ليه مش هتفرقعي في وشي زي حلة الفشار المكشوفة كدا، اتكي على الصبر شوية يا منونة.
اغتاظت من هذا الاسم لذا هتفت بضجرٍ منه: أنا مبحبش الاسم دا بيعصبني، بس ماشي مقبولة منك علشان بحبك بس، قولي بقى اتأخرت ليه؟
تنهد رائف بعمقٍ ثم هتف بنبرةٍ هادئة حينما اقترب من الثلاجة يأخذ منها زجاجة المياه: روحي برة عند الأنتريه وأنتِ هتشوفي اتأخرت ليه.
اقتربت منه تضغط على شفتها السُفلى وهي تقول بحنقٍ: قولت 100 مرة متشربش من الأزايز، نصب في الكوبايات.
راقص لها حاجبيه ثم أقترب منها يُقبل وجنتها وهتف بعدها بمرحٍ يقصد إثارة استفزازها: طب اطلعي كدا يا نجمة وطُلي طلة برة.
تركته وخرجت من المطبخ لينظر في أثرها بابتسامةٍ هادئة ارتسمت على ملامحه حتى استمع لشهقتها الفرحة وركضها له تمسك الشيء المقصود من قِبله بيديها وهي تهتف بصوتٍ مختنقٍ من الفرحة: أنتَ جيبته؟ يا رائف غالي أوي وكنت هلبس أي فستان عادي من عندي، ليه كدا؟
عاتبته بقولها بعدما جلب لها الفستان الذي رأته، فيما تنهد هو ثم اقترب منها يقف مقابلًا لها ورفع كفه يداعب خصلاتها ثم هتف بنبرةٍ هادئة وصادقة: علشان طول عمرك مميزة وبتلمعي، عاوزاهم يقولوا اتجوزها طفاها؟ دا فرح أخوكي يعني أكيد يهمني إنك شكلك يكون بيلمع، بس لو اتحركتي من جنبي هناك! هبعتك باسدال الصلاة علشان تفضحيهم بقى.
حذرها بمرحٍ حتى اقتربت منه تلتصق به وهي تقول بمشاكسىةٍ ومرحٍ: مقدرش هتلقيني لازقة فيك منين ما تروح معاك.
ابتسم لها هو الأخر فوجدها تقول بحزنٍ طفيفٍ تحاول ضبط الحروف قبل النطق بها: بس برضه غالي يا رائف لسه في التزامات كتير عليك، قسط الشقة والتأمين و تكاليف الفرح اللي لسه بتسددها، وجمعيات، لو ينفع رجعه أحسن.
زفر بقوةٍ ثم هتف بنبرةٍ جامدة: منة؟ هو أنا عيل قصادك؟ خلاص مش عارف أصرف؟ يعني حاجة عجبتك وجبتهالك وخلصنا، بعدين تمن الفستان دا هو اللي هيخليني نجيب ساويرس يعني؟
سألها بسخريةٍ جعلتها تبتسم بيأسٍ ليضحك هو الأخر ثم هتف بنبرةٍ عادية: روحي يا بنتي جهزي الأكل الله يرضى عنك، ربنا يهديكي.
تحركت من محلها نحو موضع الطعام فاقترب منها يقف خلفها ثم اقترب من أذنها يهمس بقوله بنبرةٍ مُحبة: هي الست لما قالت الليل وسماه ونجومه و قمره، كانت تقصد بيتي دا اللي بقى فيه القمر ونسان بوجودك يا نجمة؟
التفتت له تحاول كتم بسمتها وعيناها تنطق بسعادةٍ بالغة قرأها هو على الفور لذا هتف يشاكسها بقولها المعتاد: يا سلام هو دا الكلام.
تحولت بسمتها إلى ضحكةٍ عالية جعلته يشرد للحظةٍ ثم ابتسم حينما قالت بدلالٍ وهي تتمسك بعنقه: مشيها بيتك، رغم إن الست من زمان يعني.
رد عليها بضجرٍ زائفٍ من إفسادها مخيلته: متبقيش بومة بقى وتبوظي خيالاتي.
حركت رأسها موافقةً بقلة حيلة ولازالت تبتسم له، فيما تنهد هو بعمقٍ ثم سألها بقوله الذي يتتافى مع طريقته: لما أنتِ واقعة فيا كدا ومش قادرة تعيشي من غيري، عاملة نفسك تقيلة ليه؟
تلاشت بسمتها وتهجم وجهها ليضيف هو بوقاحةٍ: يلا يا بت اعملي الأكل، كفاية تلزيق نفسي موعت.
تركها وتحرك من المطبخ لتتسع عيناها بدهشةْ وهتفت بغير تصديق تحكم بها بعد تصرفاته المتناقضة: أقسم بالله دا مش طبيعي، أكيد عنده خال أهبل.
وصلها صوته وهو يقول بمشاكسىةٍ يرد على حديثها بعدما استمع لها على أعتاب المطبخ: بس احنا مش قرايب يا منة.
خرج من المكان ونظرت في أثره هي بحيرةٍ وهتفت: هو يقصد إيه؟
شهقت بصوتٍ مسموع حينما أدركت مقصده أنه يهين عائلته لذا ضربت الطاولة بكفها تحاول كتم صرختها المغتاظة منه.
في اليوم التالي ارتدى رائف حِلته السوداء وضبط هيئته وتمم على خصلاته ونثر عطره وارتدى ساعة معصمه وجلس ينتظر خروجها من المرحاض حتى زفر بقوةٍ بعدما تخطى ميعادها النصف ساعة فرفع صوته قائلًا بتهكمٍ:
الفنانة قدامها كتير؟ خير حضرتك طالعة مسرح؟
وصله صوتها من الداخل تقول بضجرٍ:
جاية. جاية أهو أصبر شوية.
رد عليها بسخريةٍ هو الأخر:.
هو أنا من يوم ما اتجوزتك بعمل حاجة غير أني بصبر يا ولية يا مفترية؟ دا أنا ريقي نشف في العلاقة المنيلة دي؟
خرجت هي من الداخل ترفع أحد حاجبيها بترقبٍ للمزيد من حديثه وهي تسأله بنبرةٍ أنذرته بالشر:
بتقول إيه يا بابا؟ سمعني تاني كدا؟
لم يهتم هو بما تفوهت به بل ركز بصره عليها وهي ترتدي الفستان الذي جلبه لها بالأمس لكنه أقسم أنه ازداد جمالًا عليها، يبدو وكأنه خُلق خصيصًا لها هي، لم يكن فستانًا بالمعنى الحرفي لكنه سالوبيت، نصفه العلوي يلمع ببساطةٍ لمعةٍ سوداء والنصف الآخر بنطال قماش باللون الأسود فوقه طبقة من خامة الشيفون ليصبح كما الفستان يُخفي تفاصيل جسدها، وارتدت حجابًا باللون الفضي و كذلك الحقيبة التي تمسكها بيدها، وحذاءها ذو الكعب العالي باللون الفضي أيضًا.
وقف رائف مدهوشًا بطلتها الساحرة حتى اقتربت منه تسأله من جديد بقولها:
ها كنت بتقول إيه بقى؟ سمعني يا رائف.
أقترب منها يقف أمامها مباشرةً وهتف بنبرةٍ رخيمة وقد ابتسم وجهه وعيناه أيضًا:
يتقطع لساني لو كنت قولت حاجة كدا ولا كدا.
أبتسمت هي الأخرى، فسألها هو بمشاكسىةٍ:
بقولك إيه؟ هو الفرح دا مهم يعني؟ ما تخلينا.
ردت عليه بنبرةٍ جامدة:
رائف؟
هتف مجاوبًا لها بنفس المشاكسةِ قائلًا:
عيون رائف أؤمرني يا عسل.
ردت عليه هي بنبرةٍ ضاحكة لكنها يائسة:
يلا علشان منتأخرش، مُصعب مستني ودا توأمي.
حرك رأسه موافقًا ثم اقترب منها أكثر يقول بخبثٍ استشفته هي بسهولٍ من نظراته:
طب تيجي نتفق اتفاق؟ أعزمك برة ولو العزومة طلعت حلوة منروحش الفرح، بكلمك بأمانة مش عاوز أروح.
ردت عليه بتهكمٍ:
ريح نفسك الفرح فيه أكل كتير، بابا صارف كويس.
أبتسم بزاوية فمه وهتف بحقدٍ قصده خبيثًا:.
يعني هو على قلبه شوية؟ مسافر برة وعاملهم على قلبه أنا مش بقر بس بحسد بصراحة وعيني مدورة.
تنهدت بعمقٍ ثم أشارت إلى نفسها بتعالٍ وهي تقول بزهوٍ في نفسها:
بص وشوف كويس الصرف باين ولا لأ، وشوف مديك إيه قبل ما تقر وتتكلم يا حبيبي.
أبتسم لها بصفاءٍ وهتف بصدقٍ بعدما شملها بنظرةٍ من أعلى لأسفل يتفحص هيئتها ليتحدث بحبٍ بالغ ٍ لها:.
بصراحة؟ مديني نجمة من نجوم السما، واحدة عاملة زي النجوم بتلمع، مهما العمر مر وفات هتفضل نجمة من نجوم السما، وعيبها مبقاش موجود فيها خلاص.
سألته باهتمامٍ بعدما شغل تفكيرها كلمته الأخيرة:
عيبها؟ إيه هو عيبها؟
رفع ذراعيه يضعهما خلف ظهرها وهو يقول بنفس الهدوء:
البُعد، عيب النجوم إنها بعيدة على قد ماهي جميلة، بس أنا بقى النجوم بتاعتي لقتني غاوي قُرب فقربت هي كمان، مش كدا؟
حركت رأسها موافقةً بعينين دامعتين فسألها هو بنفس الاهتمام:
هتعيطي ولا إيه؟ اتأثرتي؟
حركت رأسها موافقةً فهتف بزهوٍ في نفسه:
لأ وأنا واد مؤثر بصراحة، اسأليني أنا.
ضحكت له ثم وضعت رأسها على كتفه وهي تهتف بنبرةٍ هائمة تُكن له كل الحب:
أنتَ تستاهل كل النجوم تنور حياتك على قد ما أنتَ جميل أوي يا رائف.
رفع ذراعيه يربت على ظهرها وهتف بصدقٍ:
بس أنتِ كفاية وعندي بكل الدنيا وسماها ونجومها.
بعد مرور بعض الوقت وصلوا لقاعة الزفاف ودلف مُصعب بزوجته في يده وهي تبتسم بسعادةٍ بالغة على الرغم من خجلها إلا أن وجهها البشوش كان يضحك دومًا في كل الوجوه.
وقفت منة تبتسم بسعادةٍ بالغة لأخيها حتى وجدته يتحرك نحوها ثم قبل رأسها وهتف بنبرةٍ رخيمة:
فرحتي كاملة بفرحتك مع رائف ماظنش أني كنت هفرح كدا برضه لو أنتِ فيه حاجة مخلياكي زعلانة.
ردت عليه تؤكد حديثه:.
ماظنش أني عمري كنت هفرح كدا مع حد زي رائف، روح شوف عروستك وركز معاها واطمن أنا مع رئوفتي هنا.
قالتها بدلالٍ تقصد به مشاكسته وإثارة غيظه ليتحرك هو ضاحكًا من أمامها يمسك بكف زوجته فيما اقتربت هي من رائف تقف بجواره ليبتسم لها وقد اقترب منهما في تلك اللحظة مالك الصغير يركض نحوهما وهو يقول بحماسٍ:
ميس منة وحشتيني.
تلاشت بمسة رائف حينما وجدها تقترب من الصغير تعانقه ليهتف من بين أسنانه بغيظٍ:.
ملعون رخامتك دا أنتَ تنح زي أبوك باسل.
اقترب منه باسل يسأله بتشككٍ وقد فهم أنه يهينه:
بتقول حاجة يا رائف؟
أبتسم له بسماجةٍ وهتف يبريء نفسه بقوله الودود:
حبيبي يا معلم بقول القاعة نورت بوجودكم فيها.
حرك رأسه موافقًا وابتسم له هو الأخر بينما دُنيا والدة الصغير اقتربت من منة ترحب بها و بوالدتها والأسرة بأكملها، حتى دلف فكري و معه خطيبته ميادة تسير بجواره فابتسم له رائف وهو يقول بصوتٍ عالٍ:.
حبيبي اللي مبطيقش خلقة أبوه، اتأخرت ليه يا صايع؟
هتف فكري بقلة حيلة وهو يشير نحو خطيبته:
والله العظيم لحد ما لبست و حطت المكياج عند صاحبتها جيبتها وجيت، أكيد مش هسيبها تيجي لوحدها يعني.
تحركت ميادة تقف بجوار الفتيات فيما قال رائف بخبثٍ للأخر:
بس إيه؟ ظابطينك على الساعة ولا ظبطة محمد علي للمماليك، بيربوك من جديد ولا إيه؟
هتف فكري بوجهٍ مبتسمٍ:.
بصراحة على هوايا أوي اللي هما بيعملوه دا، خليني اتهد وأتلم بقى كفاية شقاوة العمر مبقاش فيه كتير علشان اتشاقى فيه، عاوز ابقى راجل في بيتي زيك كدا.
وضع رائف كفه على وجه فكري وهو يقول بغيظٍ منه:
ماهي عين أهلك دي اللي مخربة الدنيا، اسلكوا بقى.
ضحك فكري وأبعد نفسه للخلف وهو يضحك حتى اقتربت منهما منة تقول بضجرٍ:
بطل هزار بقى الناس بتبص عليكم.
تنهد رائف ثم وضع يده على كتفها وهو يقول برزانةٍ تتنافى مع سابقها من الأسلوب:
نجدتك من أيدي أحمد ربنا بقى يا صايع يا بتاع البنات.
هتف فكري بحدةٍ مصطنعة:
إيه؟ مين اللي كان بيسلطني في ثانوي علشان اجيب الأرقام؟ ما تخليني ساكت علشان بيتك اللي لسه جديد دا
سحبت منة زوجها من يده وقد نفذ صبرها من طريقتهما سويًا حتى اقتربت ميادة تقف بجواره وهي تقول بنبرةٍ هادئة:.
هو أنتَ وهو مفيش مرة تتجمعوا فيها غير لما تفضحوا بعض كدا؟ حالفين متكبروش خلاص؟
رد عليها بوجهٍ مبتسمٍ يعبر عن مدى فرحته:
بصراحة؟ بفرح أوي لما يهزر معايا وبتأكد إن قلبه صافيلي، عقبال اللي في بالي ما اتاكد إنها صفيالي هي كمان.
فهمت أنه يشير عليها بقوله لذا هتفت بخجلٍ ووجهٍ ملئته الحُمرة:
مش يمكن صافيلك من زمان بس مستني الوقت المناسب؟
أمعن النظر في وجهها وهو يبتسم لها وهي الأخرى تبتسم له ثم قررت الهروب من أمامه والاتجاه لطاولة النساء حتى ابتسم هو باتساعٍ أكثر وهي تؤكد له في كل مرةٍ أن علاقته بها أصح ما قام بفعله في حياته وكأنها تنقذه من هلاك نفسه.
بعد مرور بعض الوقت من الفرح بكامل فقراته وطقوسه صدح صوت هاتف منة في يدها ونظرًا للصوت العالي بالمكان خرجت منه بعدما انسحبت من جوار والدتها و حماتها، وقد لاحظها رائف الذي وقف بجوار الشباب فعقد مابين حاجبيه وقرر تتبعها للخارج حتى يؤمنها ونظرًا لامتلاء المكان بالشباب والرجال ومن الممكن أن تتعرض لأي مضايقات من أحدهم.
وقفت منة في الخارج بجوار بوابة الدخول وهي تطل على الحديقة وجاوبت على المكالمة بقولها معتذرة:
معلش يا عبير بس أنا في فرح أخويا معرفتش أرد علشان جوة القاعة، طمنيني.
ردت عليها صديقتها بحماسٍ وصوتٍ مختنقٍ من الفرحة:
طب هاتي البشارة ياستي، ربنا يديم عليكم الفرح، مبروك يا منة أنتِ حامل في الشهر التاني.
شهقت منة بحماسٍ ورفعت كفها تضعه على فمها وهي تسألها بغير تصديق غلفته الدهشة:.
متأكدة يا عبير؟ أنا لسه بقالي خمس شهور متجوزة وكنت فاكرة. إن ممكن سنة أو أكتر.
ردت عليها صديقتها بنبرةٍ ضاحكة:
ياستي دا نصيب، فيه ناس بتحمل في أول شهر عادي، مبروك يا حبيبتي وربنا يسعدك ويجعله ذرية صالحة ليكي و لباباه يا رب، عاوزة حاجة؟ هستنى بس تيجي تتابعي معايا.
أغلقت الطبيبة فيما وقفت منة تحاول تهدئة توترها وضبط أنفاسها حتى وصلها صوت رائف من الخلف يسألها بتعجبٍ من وقوفها:.
واقفة كدا ليه يا منة؟ حصل حاجة؟
التفتت له بعينين دامعتين وحركت رأسها نفيًا ليسألها هو من جديد بنفس الاهتمام، فقالت هي بحيلةٍ تمنت أن تنطوي عليه:
دي واحدة صاحبتي من زمان كلمتني تطمن عليا بس هي وحشاني أوي علشان كدا عيطت شوية واتأثرت.
حرك رأسه موافقًا ثم أخرج المناديل من جيبه يمد يده لها بها وهتف بنبرةٍ هادئة:.
طب امسكي امسحي وشك بدل ما حد يفتكرني منكد عليكي، ولا أقولك خليهم يفتكروني منكد عليكي أحسن محدش ليه عندي حاجة.
ابتسمت له رغمًا عنها ثم أمسكت ذراعه بتشبثٍ غريب وكأن عيناها تود الإفصاح عما تكتمه هي، فسألها باهتمامٍ جلي في نبرته:
أنتِ عاوزة تقولي حاجة ومخبياها عليا؟
حركت رأسها نفيًا بقلقٍ تحاول كتم الخبر بقدر المستطاع، فقال هو بمعاتبةٍ:
أنتِ كدبتي يا منة بس عينك مبتعرفش تكدب.
اخفضت عينيها للأسفل تهرب منه فقرر هو التحرك بها نحو الداخل وفي قرارة نفسه تأكد انها حقًا تخفي عنه شيئًا.
تم توصيل العروسين نحو بيتهما ومن بعدها تحرك كلٍ منهم إلى حيث سكنه ومستقره وأخرهم رائف و منة اللذان ذهبا إلى بيتهما.
كعادتهما في الليل وقف رائف يُقيم الليل وهي تقف خلفه، لأول مرة في حياته منذ أن تعلم الصلاة والوقوف بين يدي الله يشعر بهذه المشاعر النقية، كان كليهما يشعر بالسعادةِ والأمان في تلك اللحظات الليلية والتي عُرفت بالخوف و الظلام، لتاتي الصلاة وصوت القرآن الكريم يشق سكون الليل وينير ظلامه.
أنهى رائف الصلاة والتفت ينظر لها باهتمامٍ فرأى التخبط على ملامحها واضحًا لذا قبل رأسها ثم جلس أمامها يسألها بنبرةٍ حنونة:
مالك بس يا منة؟ فيه حاجة مزعلاكي؟
سألته بلهفةٍ تعبر عن خوفها:
أنتَ لسه مستني الخلفة تتأخر شوية؟
أبتسم لها وهو يقول بنبرةٍ هادئة:.
أول ما اتجوزت كنت عاوز آجلها علشان أقدر أعيش معاكي شوية من غير ما حاجة تشغلنا، بس لما عيشت معاكي اتمنيت بقى أني أكون أب وأنتِ أم عيالي، أهو تحضنيهم هما أولى من الواد مالك التنح زي أبوه دا.
ابتسمت له بسعادةٍ وهتفت براحةٍ وقد نزلت دموعها على الفور وهي تخبره بأكثر الأخبار الذي يفرح بها المرء:
طب أنا حامل يا رائف.
رد عليها بنبرةٍ هادئة لايدرك ما تفوهت به هي:
ربنا يتمم شفاكي على خير يا. إيه؟ مالك؟
ابتسمت من بين دموعها وهي تقول ببكاءٍ:
حامل يا رائف في الشهر التاني كمان.
اتسعت عيناه بدهشةٍ وفرغ فاهه وتحرك يخطفها بين ذراعيه يطوقها بهما وهو يقول بفرحةٍ كبرى:
يا روح قلب رائف يا وش السعد والهنا، ودي حاجة تزعلك كدا وتخليكي تخافي؟ دي حاجة تطير من الفرحة.
ارتفعت ضربات قلبها وهي تتشبث به أكثر ليصلها صوته يقول بتأثرٍ:
كنا نجمة وقمر في سما واسعة فاضية علينا، اتكتب لينا تونسهم نجوم تانية تلمع في السما دي.