نوفيلا حبيبتي طفلة للكاتبة حنان قواريق الفصل الثامن
وبدأت وكأنني أريدك بقوة منذ أن رأيتك! أتنفس حبك وكأنه الهواء المنقذ لثنايا قلبي المتعبة، هل تعلم يا عزيزي لما متعبة؟! لأنك بعيد عن روحي، روحي تلك التي أقسمت بأنها لم ترى سواك حبيبا، أبقى بجانبي فأنا بدونك وحيدة حتى لو امتلكت العالم بأكمله، !
جلست على إحدى الطاولات المطله على نوافذ المقهى التي اتفقا على اللقاء به، بدأت تتنفس بهدوء وراحه وهي تستمتع بنسمات الهواء الدافئة التي تتسلل من خلال النافذة تداعب ثنايا وجهها الجميل، تبتسم بين الحين والأخر وهي تطالع طفل يلعب بالشارع مع والدته، كم تمنت بهذه اللحظة بأن تحصل على طفل منه هو وحده! ولكن سرعان ما أنبت نفسها بقسوة على أفكارها الأنحرافيه تلك!
هذا هو الحب! يمكن أن يأخذك إلى ضفاف لا تريد الذهاب إليها...!
بدأت تطالع فستانها الأسود الجميل الذي ترتديه برضا كامل، يغطي جسدها بحشمه كاملة تتخلله ببيونه صغيرة من الخلف، ارتدت فوقه حجاب أبيض ممزوج باللون الأحمر ليظهر نظارة بشرتها الحليبية، ويعكس سحر عينيها الخضراء الجميلة، لم تنسى أن تضع القليل من الكحل العربي الأصيل فقط ليمنحها براءة ساحرة، حملت كوب القهوة الذي طلبته منذ وصولها ترتشفه بهدوء ثم تضعه مكانه لتعود تطالع النافذة من جديد!
دقت أجراس الساعة السادسة مساء لينتفض قلبها بقوة فقد حان موعد اللقاء، هي تعمدت أن تأتي قبل نصف ساعة من الموعد لتستقبله بهدوء وليس بأرتباك..
لحظات قليلة ووجدته يقترب منها بأطلاله جعلتها تبتسم بعشق جعله يبادلها الابتسامة من بعيد، يرتدي قميص أسود وبنطال من نفس اللون ليمنحه اطلاله رجولية ساحره ويحمل بين يديه علبة حمراء متوسطة الحجم..
وصل أمامها يهتف:
- ايه الحلاوة دي كلها بس!؟
توردت وجنتيها بحمرة الخجل لتبتسم بهدوء، جلس ولم ينزل عينيه عنها فيبدو بأنه الأن وقع بحبها للمرة الواحدة بعد المئة، تنحنح وهو يمد العلبة لها يهتف:
- دي إلي طلبتيها مني يا طفلتي!
زمت شفتيها بغضب طفولي مجيبه:
- طفلتك؟!
اجتاحها الغضب الكبير، لقد بذلت جهدها الليلة لتكون أنثى بعينيه ولكن يبدو بأنه يراها طفلة مهما فعلت!
حملت العلبة بغضب تفتحها وهي تكاد تقطعها بين يديها بينما هو بدأ يضحك بسعادة كبيرة على شكلها الطفولي ذلك، لحظات وعادت إليها ابتسامتها من جديد وهي ترى قطع شوكولاته فاخرة وورود حمراء رقيقة تملئها لتهتف بطفولة:
- دي كلها ليا أنا؟!
لا يدري لنا شعر بقلبه يكاد يقفز من مكانه عندما وجدها تضحك بتلك الطريقة ليهتف لها بنظرات ساحرة:
- حتى طريقتك الطفولية دي بعشقها يا كرمل!
خجلت من جديد لتترك ما بيدها تكاد تطير من فرط سعادتها التي شعرت بها الأن..!
وبتلقائية هتف من جديد:
- بحبك
دقت طبول الفرح أبواب قلبها بقوة لتهتف بدورها وهي مستسلمه لتيار المشاعر تلك:
- وأنا كمان
زفر بأرتياح كبير بعد أن تأكد من حبها ذلك مجيبا:
- بس قبل ده كله عايز اقولك على حياتي إلي عشتها قبل ما أعرفك يا كرمل، عايز ابني معاكي حياة جديدة بصدق والله..!
ابتسمت له مجيبه:.
- انا عايزاك زي ما أنت كده، حياتك قبلي متهمنيش يا مصطفى..
هز رأسه يمينا ويسارا بنفي مجيب:
- لا، لازم تعرفي كل حاجة يا كرمل، دي حياة هتكون بيني وبينك مش لعبة
اومأت برأسها بتفهم، بينما تنحنح هو ليبدأ كلامه قائلا وهو يطالع عينيها بقوة:.
- أنا حبيتك من أول ما شفتك يا كرمل، مكنش هاممني حاجة غير إني احصل عليكي بأي طريقة، شعور قوي بيجذبني ناحيتك وحبيتك اكتر مع الأيام، ودلوقتي فرحت جدا بحبك ليا وعلشان كده قررت اتقدملك واخطبك من أهلك بس بالأول لازم احكيلك على حياتي علشان تعرفيني كويس!
اومأت له بتفهم وقلبها يقفز فرحا لأنها ستكون له وللأبد، بينما تابع كلامه قائلا:.
- أنا سافرت كندا وأنا 19 سنة علشان اشتغل وأساعد والدتي واخويا سيف بعد وفاة ابويا الله يرحمه وبالفترة دي تعرفت على بنت من هناك أكبر مني بعشر سنين وتجوزتها علشان اخد الجنسية الكندية وفعلا بالبداية وقفت معايا وساعدتني بشغلي لكن بعد سنتين بدأت المشاكل ما بينا وطلقتها، بعدها بست شهور تعرفت على بنت من نفس عمري وحبيتها وتجوزنا، كنت اغير عليها اووووي وطلبت منها انها تسلم وتلبس حجاب ووافقت وأسلمت، بعد سنة اكتشفت أنها بتطلع مع أصحابها الشباب يوم أكون مسافر هنا بمصر، خلعت الحجاب ورفضت تلبسه تاني وللأسف اكتشفت أنها بتخوني كمان، قررت اطلقها وفعلا طلقتها وخلصت منها، بفترة بعد الطلاق حسيت إني وحيد اوووي وقررت أعمل علاقات مع البنات علشان اعبي وقت فراغي وكده، عرفت بنات كتيرة ومن بين البنات دي عرفت بنت وحبيتها وقررت اسيب كل علاقاتي واتجوزها، هي حبتني اوي كمان وتجوزنا، عشنا تلات سنين حلوين مع بعض لحد ما هي في يوم جت وحكتلي ( انا حامل )! فرحت اوي إني خلاص هبني عيلة، لكن فرحتي مكملتش علشان طلعت حامل من واحد صاحبي، وقتها أنا انهرت زي يوم وفاة ابويا، قررت اطلقها لكن هي رفضت وعملتلي مشاكل كبيرة وفي يوم جابتلي الشرطة البيت بتهمة إني ضربتها وانا فعلا كنت ضربتها وقتها علشان دمي الشرقي مسمحليش اسمع إنها بتخوني مع صاحبي، انسجنت سنة كاملة بسببها، بعدها خرجت وطلقتها بصعوبة بعد ما أخدت نص فلوسي ونص البيت، خلصت منها وقررت ابدأ حياة جديدة بعيدة عن جنس الستات، اشتغلت كتير وقدرت اوقف على رجليا من جديد، الحمدلله أنا حاليا بشتغل بشركة أغذية كبيرة بكندا وعندي بيت ووضعي المادي كويس جدا، بساعد امي واخويا وهم كل حياتي، قررت أسكر قلبي ومدخلش فيه بنت من جديد بعد إلي حصل معايا لكن ربنا أراد أنك تطلعي قدامي وأتعلق بيكي واحبك زي المجنون، حاسس ان رباط قوي بشدني ناحيتك...
أخيرا صمت بعد سلسلة طويلة من الاعترافات والحقائق ينتظر ردة فعلها، تنهد بهدوء وهو يراها جامدة الملامح تطالع علبة الورود من أمامها بقوة، ابتلع ريقه ظنا منه بأنها سترفض لا محاله!
لم يتكلم بل بقي ينتظر ردها..
دقائق وحدقت به بقوة مجيبه:
- أنا طول الوقت بتمنى ان ان الراجل إلي هحبه وارتبط بيه اكون انا أول بنت بحياته، أكون أول حب وأول حياة! بس للأسف منقدرش نتحكم بقلوبنا..
أوشكت على البكاء فما سمعته كان صعب عليها كأنثى ولكنها لن تبكي، عادت تتحدث من جديد قائلة:
- أنا قولتلك قبل شوية إني بحبك برغم من كل حاجة حصلت معاك، انا راضيه فيك كده يا مصطفى..
شعر كأنه تمتلك العالم بما فيه، سعادة كبيرة سيطرت عليه ليمسك يدها يهتف:
- بكرا هجيب والدتي واخويا واطلبك من أهلك، عايزك تسافري معايا يا كرمل، عايزك من اليوم معايا وجمبي على طول...
لم تصدق السيدة سمية اذنيها منذ أن أخبرتها ابنتها بأن شاب سيأتي الليلة ويتقدم لها، أسرعت تنظف البيت وكأنه يوم عيد، فهي مثلها مثل باقي الأمهات تتمنى اليوم الذي سترى فيه ابنتها عروس ويبدو بأن هذا اليوم قد حان، بدأت تدور بالبيت كنحلة نشيطة توضبه على أكمل وجه، بينما السيد عصام بدأ يتجهز لهذه الليلة التي سيتعرف فيها على الشاب الذي سرق قلب ابنته، سيختطفها من بين احضانه ولكن هذه هي سنة الحياة!
لقد تقدم لها العديد وهي من كانت ترفض ولكن هذه المرة هي من جاءت به لبيت والدها، يبدو بأن ابنته الصغيرة قد وقعت بالحب وانتهى الأمر...
سيبذل قصاره جهده بمعارضة هذا الزواج كما يفعل أي أب يخاف فقدان ابنته الوحيدة...!
إذا تجهزت العائلة بالكامل لأستقبال العريس المنتظر الذي تكتمت كرمل على البوح بأسمه!
قرع جرس المنزل فيبدو بأن اللقاء قد حان.
دق قلب الجميلة وهي تجلس بغرفتها تنهي التجهيزات لأطلالتها لتسرع السيدة سمية بفتح الباب بجانب زوجها...
لحظات ودخل مصطفى بكامل اناقته وكأنه بالعشرين من عمره بجانب والدته وشقيقه الوحيد لينصدم السيد عصام بشدة هو و زوجته..
جلس الجميع ونظرات السيد عصام لا تبشر بالخير مطلقا، تنحنحت والدة مصطفى تهتف:
- احنا يشرفنا نطلب ايد بنتكم كرمل لأبننا مصطفى على سنه الله ورسوله!
منحتها السيدة سمية ابتسامة صفراء!
إذا هل عريس ابنتهم الذي لطالما انتظروه هو مصطفى الذي يكبرها بخمسة عشر عاما...!
هنا دخلت كرمل تتباهى بمشيتها بفستان أحمر جميل تحمل صينية المشروبات بين يديها ليمنحها والدها نظرة غاضبة جعلتها تخاف قليلا...!
جلست والهدوء سيد الموقف ونظرات مصطفى تطالعها بحب..
هنا لم يحتمل السيد عصام ذلك لينهض من مكانه يهتف بغضب كبير:
- طلبكم مرفوض يا مدام...!