قصص و روايات - نوفيلا :

نوفيلا بنات عنايات للكاتبة رضوى جاويش الفصل السادس

نوفيلا بنات عنايات للكاتبة رضوى جاويش الفصل السادس

نوفيلا بنات عنايات للكاتبة رضوى جاويش الفصل السادس

أسبوعان مرا على اخر مرة ترى فيها الست خيرية، فها هي المرة الثانية التي تأتى فيها حتى بابها تطرقه و لا مجيب
لقد ادخرت كل ما طلبته منها و كانت تجئ به كل أسبوع اليها و لا مجيب على تلك الطرقات التي اشتكى الباب من كثرتها..

و هذه المرة ليست استثناءً، ها هو الباب يكاد يصرخ فيها ان تكف عن الطرق على جانبه بهذا الشكل المحموم حتى ان طرقاتها دفعت جارة الست خيرية لتفتح بابها مطلة برأسها لتستطلع من بباب الجارة يدق بهذا الشكل..

تنبهت عنايات لتلك الجارة هاتفة في احراج: - هو الست خيرية مش چوة و لا ايه..!؟.
خرجت الجارة بكامل جسدها تواجه عنايات هاتفة في حزن: - لا هو انت مدرتيش يا عنايات..!؟، البقاء لله..
و دمعت عين الجارة و سقط قلب عنايات
ارضا و هي تهتف ضاربة صدرها ببطن كفها في لوعة: - مين اللى مات بعيد الشر عن البيت و صحابه.؟!
بكت الجارة و قد تجددت أحزانها هاتفة بصوت متحشرج: - الست خيرية، البقاء لله..

غامت الدنيا امام عينىّ عنايات، و شعرت بالدوار يكتنف رأسها حتى ان الجارة شعرت بما تعانيه عنايات فدفعت اليها بكوب ماء ترتشف منه بعض رشفات مستعصية البلع جراء تلك الغصة التي استحكمت بحلقها كما يستحكم السوار بالمعصم..
ألتقطت أنفاسها بصعوبة و جذبت قفتها تدفعها فوق رأسها تترنح مغادرة، و دموعها تتسابق على خديها تحجب رؤية الطريق، من جديد امام ناظريها..

ما عاد بيت سيادة المستشار تعمه الضحكة كما كان أيام الست خيرية رحمها الله..
دقت بابه و هي تتوقع ان تراها تفتح الباب
بابتسامتها البشوش ووجها الصبوح العامر بالصحة، لم تشتكى يوما مرضا او تتأوه من علة، يالله، رحلت هكذا ببساطة و تركتها وحيدة، تلك الغالية التي ما كانت تستريح الا و هي تلقى على أعتابها كل ما يقلقها و يضج مضجعها..

فُتح الباب و دمعها يسبق صريره ليطالعها وجه سيادة المستشار المتغضن و الذى أورثه الحزن مزيد من اثرالأعوام على ملامحه..
ابتسم في شجن لعنايات وهو يهمس بصوت متحشرج: - اهلا بحبيبة الغالية..
انفجرت عنايات باكية لا تستطيع التحكم في شهقاتها الموجوعة، مرت عدة دقائق حتى استطاعت السيطرة على حزنها العارم
و هتفت بصوت متحشرج: - البقاء لله يا عونى باشا، الله يرحمها..
رد بصوت متحشرج مماثل: - سبحان من له الدوام..

غلفهما الصمت لثوان قبل ان تهتف عنايات بنبرة تحمل كل الوفاء لتلك الراحلة العزيزة: - بص يا عونى باشا، انا مش جاية النهاردة أَشترى و لا أبيع انا كنت جاية أعزى جنابك، جلى من دلوجت على طلباتك انت و حسام بيه و من السبوع الجاى تكون عِندك، كن الغالية موچودة..
همس عونى: - تسلمى يا عنايات، هاتى اللى كانت خيرية بتطلبه و تحبه..

تحشرج صوته من جديد عند ذكر زوجته الراحلة لتدمع عيناها من جديد و لكنها تقرر التماسك و هي تنهض راحلة..
و قد قررت ان كل ما بجعبتها ذلك اليوم لن تبيعه بل ستخرجه كله رحمة على روح تلك الفقيدة الغالية التي أخذت جزء من قلبها معها و هي التي كانت تعتقد انها ما عادت تتعلق ببشر بعد وهدان و ان قلبها قد دفن معه بقبره..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة