رواية نيران انتقامه للكاتبة أميرة أنور الفصل الرابع
تعلم بأنه لن يختارها، لذلك قامت واتجهت نحو باب المدرج لتخرج ولكن وإذا به يقول وهو يتبع خطاها: -
الاسم التالت واللي انبهرت بتفوق صاحبته هو يقين العوضي!
وقفت متصلبة بمكانها، لا تعلم هل هو نطق اسمها أم ماذا، استدارت لتنظر له، الجميع يصفق لها حتى تصعد بجانبه، ولكن أفكارها متبعثرة، تنظر إلى الباب، تريد أن ترحل حتى لا يذُلها بختياره لها، واحتياجها لهذا التدريب يجبرها على الصعود، ظلت ما يقارب للعشر دقائق بمكانها إلا أن طلب الدكتور أحمد منها أن تصعد: -
في إيه يا يقين مش مصدقة نفسك ولا إيه؟!
تعالي هنا وزي ما قال جواد إنتي تستحقي.
بخطوات متوترة تسير، بسمة القلق ترسم على وجهها، هناك شعور بداخلها يقول بأن هذا جواد لم يأتي من وراءه غير الشر، والتعاون معه سيفتح عليها حروب لا تعلمها، مدت يدها وصافحته وقالت: -
شكراً يا أستاذ جواد يارب أكون عند حسن ظنك
نظر لها بخبثٍ، ثم تكلم بتصنع: -
أنا مبسوط جداً باختياري للتلاتة دول وإن شاء الله واثق إننا هنتقابل تاني
ثم حدق بثلاثتهم وقال: -
تعالوا ورايا!
لا يفهمون شيءٍ، نظرت فرحة إلى يقين وسألتها بتوتر: -
هو فيه إيه مش المفروض بيختارنا وبيمشي وإحنا بنعرف التعليمات من الكلية...
ابتسمت يقين بسخرية ثم وبنظرات ثاقبة قالت: -
أنا عارفة كويس جداً ومتاكدة إن جواد دا
مش هيجي من وراه خير وهتشوفي...!
وقفت فرحة عن السير وقالت بهلع: -
إنتي بتخوفيني ليه بس؟ وبعدين هيبقى إيه غايتي بالشر اللي هيقدمه ما هو كل سنة بيعملها والطلاب اللي بيتخرجوا بيشكروا في التعامل معاه..!
قهقهت يقين بعلو ومن ثم قالت بصوت هامس: -
أنا بقى حاسة إن السنة دي الشر بس اللي هيجي على أيده وهتشوفي
كان جواد يسمع كلامها ويبتسم لذلك الذكاء التي تتحلى به، استدار ونظر لهم وقال بصرامة: -
هو إنتوا وقفتوا ليه وبتتكلموا في إيه زميلكم أحمد سبقنا
ابتسمت يقين باسمة صفراء وأجابته ببرود: -
أصلنا كنا بنتكلم على الخير اللي إنت بتعمله...!
لقد استفزته وبقذارة كبيرة، أول مرة يشعر بأن أحد يريد أن يغفله، برغم من معرفته بكلامها ولكنه شعر بأن تلك الفتاة التي أمامه غير سهلة وإن بدأ في أشعال النيران لن ترحمه، صمت وعاد يسير بطريقه إلى المكتب...
تسحبت حتى تطمئن عليه، مر ساعتين وهو بالغرفة، تعلم بأنه لم يغفل قط، فتحت الباب قليلاً لتراقبه، ولكن سمعت صوته يقول: -
عارف إن قلبك هيتعبك عليا بس عقلك هيكابر أنا صاحي يا مريم!
سرعان ما أغلقت الباب، دقات قلبها تتسارع وكأنها في سباق كبير، ابتسمت بتلقائية، لا تقاوم احساسه، تعشقه بشدة ولكن عقلها يكابر، احساس بالذنب يلاحقها بشدة، تنهدت بقوةٍ، أخرجت زفيرها ثم عادت وأخذت شهيقها، لا تسطيع أن تصتنع الجفاف هي تعاقب نفسها، أصبحت كالوردة الميتة أصابها العذاب ولا يتبقى منها غير الشوك، تعاقب حالها وتعاقب حبيبها، ستحن هذه المرة، لأجله ولأجلها، لقد اشتاقت لاحضانه، اشتاقت لقبلاته، لقد اشتاقت لعطر كلماته، ابعدته عنها ولكنه حنون و س يتقبل اعتذارها، يالها من فتاة أنانية، لقد قالت على نفسها هكذا، حين تريده تحن، وحين تشعر بأن ضميرها يؤلمها تبتعد، وهو مسكين لا ييستحمل حزنها، يتقبلها بكل حالتها...
فتحت الباب بهدوء، تسحبت بخطوات ثابتة، يعطيها ظهره ويبتسم بحزن، يعلم بأنها ستأتي ولكن سيأتي الوقت وحالتها النفسيىة س تجعلها تبتعد، سمع صوتها الحنون الذي اشتاق له: -
علي إنت نمت!؟.
يعني لسة كنت بكلمك هكون نمت ازاي بس!
اقتربت منه وجلست بجانبه ثم وبرفق وضعت يدها على كتفه وقالت: -
إنت زعلت مني؟!
شبح الابتسامة رسم على وجهه، أجابها باقتضاب: -
إنتي شايفة إيه يا مريم؟!
طأطأت رأسها قليلاً إلا أن وصلت إلى خده الأيسر، قبلته برقة ثم قالت باعتذار: -
معلش يا حبيبي بقالي مدة متعصبة استحملني!
استدار لها، حدق بها بعدم تصديق ثم قال بصلابة: -
والله أنا مش مصدق إنتي من شوية قولتي ليا أنا مش طايقة نفسي ومش عارف إيه؟!
ولأول مرة تشعر بأن علي ملكها وهي ملكه كيف لها أن تقتنع بفكرة البعد، وأن يكون مع أحد غيرها، هي بتلك الفعلة س تفتح نيران الانتقام التي س تنهش كل القلوب المليئة بالدفء..
الندم رسم على وجهها، همست بحب في أذنه: -
متزعلش مني يا علي ومتخدش على كلامي الفترة دي أنا مش عارفة بقول إيه؟!
لا يسطيع أن يرى ملامحها الحزينة، هي أميرته بل سلطانته من تحتل قلبه بشدة، تعب حتى يفهمها مشاعره، يعلم بأنها تحبه لذلك تضحي ولكن حين يكون الحب متبادل يحق في تلك الحالة التعامل بأنانية..
قبل رأسها، ثم أمسك يدها وقبلهما وقال بحنو: -
يا أميرتي مش بعرف أزعل منك إنتي نوري اللي بينور حياتي
ابتسمت بحب ثم سرعان ما تذكرت ما يحزنها ردت عليه بحزن: -.
والله يا علي أنا ما معترضة على عدم الخلفة بس نفسي يبقى عندي حتة منك
قبل يدها وقال بحب: -
يا مريم ما إنتي حتة مني وحتة كبيرة ولا مليون عيل يقدروا يبقوا أغلى منها وأنا حتة منك
تعشق كلامه المعسول، متيمة به بشدة، دخلت بداخل أحضانه بصمت ليقول هو بنفاذ صبر: -
آاااه يا أميرتي على اللي بتعمليه فيا بتعذبيني وبتختبري حبي ليكي
رفعت أنظارها نحو وابتسمت ثم قالت: -
بحبك
غمز لها بحب وقال: -
وحشتيني.
فهمت ما يقصده فقالت بتجاهل: -
لا إنت قولت إن ماما وبابا هننزلهم
أمسك يدها وقال بتمرد: -
بقولك وحشتيني
اقترب منها ليبادلها القبلات، تلك القبلة التي خطفت أنفاسه وأنفاسها، هي لا تنكر بأنه وحشها بشدة، اقتربت منه لتعود ليالي الحب بينهم...
فتح باب الغرفة، يتلوح يمينً ويسارا، جمرات الغضب تظهر بأعينه، كلما اقترب منها تبتعد بخوف إلا أن وصلت لنهاية الغرفة، إلى أين تذهب، لا تجد مفر، جلست في وضع القرفصاء، بكت بشدة، ليتها ما فعلت ما فعلته، هي لا تعلم انتقام الحب، ليتها وضعت حب عادل ووزنته، يعطي المحب كثيراً ولكن حين يتجاهله الطرف الآخر يبتعد ولكن ما أخذه كان الخيانة، لذلك سينتقم هذا المحب، أمسكها من خصلات شعرها بقوة وصرخ بدموع: -.
كنت منقص عليكي إيه عشان تعملي كدا يا بنت، قولي حب اديتك أمان ادتيتك مال ادتيتك عندك خدم رجولتي مش ضعيفة لدرجة تروحي ودوري على غيري أنا كنت خروف بالنسبة ليكي دا إنتي حتى لو كنتي قدرتي اللي عملته وحابة رميو بتاعك كنت طلبتي الطلاق
ببكاء شديد وندم قالت: -
والله العظيم أنا عارفة إني غلطانة سمحني يا عادل مش هعمل كدا تاني بس سبني
بقهر شديد تحدث: -
وإنتي ما سبتنش في حالي ليه زي ما إنتي مارحمتنش أنا مش هرحمك.
وضع يده على حزام بنطاله، بدأ في إزالته ليحرره ثم كوره بين يده وترك العقدة الحديدة محررة، رفعه للأعلى ثم وبغلٍ شديد نزل على ظهرها به وصرخ بقوة: -
يا بجحة أخر مرة طلبتي مني عربية جديدة الأسبوع اللي فات وجتلك أمبارح قصرت معاكي أنا في إيه؟
صرخات عالية صدرت منها: -
آااااه بالله عليك يا عادل خلاص سمحني ارجوك أنا آسفة خد العربية بس طلقني.
بعد ضربه لها ما يقارب النصف ساعة خرج من الغرفة، وجلس في حديقته يصرخ بقوة: -
هموتك يا هايدي وهتشوفي.
خرجت من بيتها، لقد ملت بشدة، ذهبت إلى النادي حيثُ مجلسها الاجتماعي، جلست مع صديقتها التي قالت لها بخبث: -
يعني مش هنفرح ب جواد!
تتأففت حكمت بشدة، كلما جلست مع صديقتها كلما تذكرت جرح جواد ابتسمت بسمة صفراء وأجابتها بهدوء: -
ريحي نفسك يا فوزية وقولي لحفيدتك تشيل جواد من رأسها هو مش هيتجوز دلوقتي
نظرت لها فوزية باستهجان، كيف عرفت بأنها تلمح لذلك، تحدثت بحنق: -.
أنا حفيدتي متقدملها الأحسن أنا غلطانة اللي عاوزة مصلحته..!
ببرود شديد ردت عليها حكمت: -
لا كل واحد عارف مصلحته كويس عن إذنك هقوم
بفضول شديد سألتها: -
استني يا حكمت هو إحنا لسة قاعدنا مع بعض ألا قوليلي صحيح مريم ما حملتش
ابتسمت بسخرية على ذلك الفضول، الجميع يقولون أن الطبقة الراقية لا يتدخلون فيما لا يعنيهم ولكن من يمتلك صفة الفضول ليس من المهم أن يتحدد وضع طبقته الإجتماعية
ردت عليا بسخط: -.
أنا ذات نفسي يا فوزية معرفش سايبة الأولاد براحتهم كل واحد فيهم حر
قامت من مكانها، انتابها الاحساس بعدم الراحة من الجميع، صرخت على الخادمة وقالت: -
جميلة روحي خلي السواق يجي!؟
أومأت جميلة برأسها بعد أن قالت: -
هدي نفسك يا هانم الزعل مش حلو عشانك
نظرت لها بحد ثم قالت بتهكم: -
مش هيبقى غير الناس وتدخل في أمور أحفادي..
وقف مع ثلاثتهم بغرفة المكتبة، وبدأ في إعطاء التعليمات: -
طبعاً إنتوا فاكرين إن التمرين دا حاجة هايفة بالعكس
حدقت به يقين وجادلته: -
هو مش صعب بس إنت هتصعبه!
بينما أحمد و فرحة كانوا صامتين بشدة، اقترب منها جواد وقال بغضب مكتوم: -
هو ليه يا آنسة بتحبي تقاطعيني وتقاطعي كلامي ها زمايك ساكتين صح
أكمل حديثه بهدوء بأن أخرج أنفاسه المليء بالنيران فكلما نظر ل يقين يشعر بالغضب: -.
طبعاً إنتوا يعتبر مخلصين امتحانكم فضلكم أمتحان أونلاين ودا هيبقى مواله سهل
ردت فرحة بهدوء: -
تمام يا أستاذ جواد
هز رأسه بهدوء، ثم بدأ يجوب المكان يمينً ويسارا، ليقول بعد ذلك بصرامة: -
الساعة 8 بالدقيقة هتكونوا عندي بكرا هيبقى لكل واحد منك مدرب...
شعرت يقين بالاستغراب، عددهم قليل من الممكن أن يتولهم مدرب واحد فقط، ، رفعت يدها وبنفاذ صبر قالت: -
ممكن سؤال؟!
لا يستطيع أن يتحملها ولكنه مجبر لذلك فقال بسخط: -
اتفضلي حضرتك
هو إحنا عددنا صغير فممكن يدربنا واحد
بانفعال طفيف أجابها على سؤالها: -
هو إنتي بتجدلي ليه أولا أنا واتين معايا مسؤلين في شركتي هما صحابي وعندهم شركاتهم بس المشروع دا بتاعنا إحنا التلاتة كل مرة بختار اتين لكل واحد بس المرة دي هختار واحد، هنبدأ نفهمه الإدارة كلها ودا اللي لأزم تفهميه...
انهى كلامه الذي اقنعها به ومن ثم قال بخبث وبصوت غير مسموع: -
ما هو أنا مش هسبلك فرصة عشان تهربي مني بعد ما لقيتك...