قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السادس عشر والأخير

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السادس عشر والأخير

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السادس عشر والأخير

أين هي؟
بريبةٍ نهضت جالسة على ذاك السرير الغريب عليها، تلفتت حولها بأنفاسٍ متسارعة وخائفة للغاية، بُقع من الدماء تُلطخ ثيابها، أطلقت صرخة قوية وهي ترتجف بقوة، تخشى ما جال بخاطرها الآن!
أين هي؟ أين هي!
يُفتح الباب وإذا بسيدة عجوز تدخل بوجهٍ بشوش، تقترب منها وتربت عليها باطمئنان:
متخافيش يا حبيبتي، متخافيش.
ببكاء عنيف سألتها:
أنتِ مين؟ أنا بعمل إيه هنا؟
فأجابتها السيدة في سرعة كي تهدئ من روعها:.

أنتِ يا حبيبتي كنتِ هتتخطفي، واحد إبن حرام كان هيخطفك وأنا ربنا بعتني ليكي في الوقت المناسب.
زهراء وقد نظرت إلى ملابسها المُلطخة بالدماء:
كان هيخطفني؟ اومال إيه الدم اللي على هدومي دا؟
بابتسامة حانية أجابتها العجوز:
لما شوفتك اتنين بيشيلوكي ويحاولوا يركبوكي عربية وأنا كنت جاية على المحل عشان اشتري ورد فشوفت الموقف وصرخت جامد خافوا وسابوكي فوقعتي يا حبيبتي على راسك اتعورتي وهدومك اتبهدلت كلها.

تنهدت زهراء كمن عادت إليه الروح من جديد، لم تكف عن البكاء وهي تردد:
ألف حمد وشكر يارب ألف حمد وشكر.
أنتِ بخير يا حبيبتي، أنا عالجتلك الجرح على قد ما قدرت وجبتك معايا مقدرتش اسيبك وقفت تاكسي وولاد الحلال ساعدوني أركبك وأجي بيكي لحد هنا.
مسحت زهراء دموعها براحة يدها وقالت بامتنان:
متشكرة جدًا أنا هفضل طول عمري مديونة لحضرتك، . الحمدلله إنك جيتي في الوقت المُناسب.

دا ربك لما يريد الستر للعبد يا بنتي وأنا مجرد سبب مش أكتر.
الحمدلله.
ابتسمت السيدة ابتسامة شقيّة مع قولها:
مش عارفة ولاد الحرام عاوزين منك إيه؟ لتاني مرة كنتِ هتتخطفي اكمنك حلوة والعين عليكي يا حبة عيني.
ذايلت زهراء الدهشة وقالت لها:
عرفتي منين إني كنت هتخطف قبل كدا؟
فضحكت السيدة مع قولها:
عشان ولاد الحلال اللي ساعدوني أنقذك النهاردة، هما هما ولاد الحلال اللي أنقذوكي المرة اللي فاتت!

جحظت عيني زهراء بصدمة ورددت بتلقائية:
تقصدي وليد؟
أيوووة هو بعينه.
زهراء بعدم فهم:
إزاي؟ هو إبن حضرتك ولا إيه؟!
أجابتها ببشاشة:
لأ، أنا عمته هو لما شافك استغرب جدا وحكالي على اللي حصل المرة اللي فاتت، سبحان الله على الصدفة!
فعلا سبحان الله، مش مصدقة ومش عارفه إيه اللي بيحصل معايا الأيام دي بجد.
قولي الحمدلله يا بنتي.
الحمدلله.
حاولت النهوض كي ترحل لكن جاءها الرد من السيدة:.

مش هتمشي إلا أما وليد يجي ويوصلك هو بيجيب حاجة وعلى وصول أهو، قوليلي أنتِ إسمك إيه؟!
زهراء.
ابتسمت بحنو وهي تقول لها:
الله اسمك جميل أوي، أنا بقى إسمي وردة.
بادلتها زهراء الابتسامة بود وهي ترد بتهذيب:
عاشت الأسامي يا طنط وردة.
حقًا إن طِباعه صعبة وللغاية، صدقوا جميعًا ما كذبوا!
له طقوس خاصة وغريبة وحدود ليس من حق أحد التعدي عليها..

وفوق هذا كله عابس الوجه دائمًا، حتى عندما يلين بالكلام لا يضحك فأي نوع من الرجال هذا!
كنتِ فين؟
هكذا سألها وهو يرتدي ساعته دون أن ينظر لها، الساعة الآن الواحدة ظهرًا، وقد استيقظ منذ ساعتان وهي لم تكن موجودة..
فتنهدت بصبر وأجابت عليه:
كنت عند ماما وبابا.
نظر لها أخيرًا واقترب منها ناظرا إلى وجهها بحدة عارمة مع قوله:.

وماما وبابا اللي كنتي عندهم دول معلموكيش إن الخروج بدون إذن جوزك غلط؟ واحدة في سنك متتعرفش حاجة زي كدا؟
دائمًا ما يُظهر أخطائها بوضوح كالشمس، فيجعلها تصمت عاجزة عن الرد، لكنه يعود لعصبيته المفرطة وهو يصيح بها:
ما تنطقي!
انتفضت مكانها وهي تحملق به في صدمة وردت بنبرة متحشرجة:
ما، هو انت كنت نايم ومكنتش عارفة أصحيك وأنا قلت لمامتك وقالتلي روحي وتعالي مع السواق، وأنا متأخرتش دول هما ساعتين زمن بس.

تحلى بالهدوء المُزيف رغم عاصفة الغضب المسيطرة عليه الآن ليقول:
طبعا كلام فارغ كالعادة، ماما مش مسؤولة عنك ولا أي بني آدم غيري الحكاية دي لو اتكررت تاني متلوميش إلا نفسك..
ورغم اقتناعها بخطأها إلا أن روح التمرد كان لها دور في ردها المستفز له:
ليه محسسني إني أني أذنبت يعني ذنب كبير اوي كدا.
أطاح بالمزهرية الموضوع فوق الكومود بيده في عنف، بينما يهتف:
اخرسي خالص.

فأومأت برأسها بوجل وهي تلتفت وتعطيه ظهرها متحاشية غضبه، لتسمعه يقول بحدة:
مستفزة!
أنا أسفة!
وصله أسفها بهذه النبرة المختنقة، فيما يرد عليها بقسوة:
أسفك مش مقبول.
التفتت له بصدمة وهي ترد بدموع:
ليه؟ أنت بتعاملني وحش جدا من ساعة ما اتجوزنا ليه كل دا!

لان كل فعل وله رد فعل ولا أنتي نسيتي كذبك عليا؟، لأ وبكل ذكاء منك قلبتي الترابيزة عليا وقال إيه أنتِ اللي زعلانة عشان الكلمتين اللي قالتهم سيرين روحي اضحكي على حد غيري.
زفرت الهواء بعنف وهي تخبره بغضب:
طيب لو مش طايقني اوي كدا طلقني، وسيبني لحالي.
اقترب خطوة منها فقلص المسافة بينهما وقصد تعمق نظرته إلى عينيها وهو يخبرها هامسًا:
أنا مقولتش إني مش طايقك، ومش عاوز اطلقك.
رفعت حاجبيها باندهاش وقد قالت:.

أنت غريب جدا انت عاوز إيه؟
ششش روحي حضريلي الفطار.
عقدت ما بين حاجباها مع قولها:
احضر الفطار ليه أنا والشغاليين تحت قد كدا يعني.
التقط بإصبعه خصلة من شعرها حيث أدخل يده من تحت حجابها فاختل توازنها قليلا جراء أفعاله الجنونية تلك، فيصلها همسه:
واحد وعاوز ياكل من إيد مراته فيها حاجة دي؟ ولا هو عشان فيه شغاليين يبقى خلاص.
رمشت بعينيها وهي تستمع إلى بقية حديثه:.

عاوز بيض بالبسطرمة وجبنة رومي ومتنسيش القهوة وابقي اعمليها من غير وش زي كل يوم أنا شكلي اتخميت في الجوازة دي أصلا.
على فكرة وأنا كمان.
قالتها قبل أن تفر هاربة منه في مشهد كان كفيلا بأن يجعله يبتسم، يبتسم!

بس الموضوع غريب جدًا إزاي ينقذني مرتين؟
هكذا سألت زهراء بتحيّر، لتجيبها السيدة وردة على الفور:
صدفة عجيبة فعلًا، بس كل شيء مكتوب يابنتي، ويمكن لأن إحنا ساكنين في المنطقة القريبة منك وأساسًا وليد بيعدي يوميًا من الطريق دا وهو رايح شغله فعشان كدا.
أومأت زهراء برأسها وقد قالت:
أه عشان كدا بقى، هو وليد بيشتغل إيه؟
ظابط شرطة.
زهراء وقد رفعت أحد حاجباها:.

عشان كدا بقى أنقذني المرة اللي فاتت بمهارة، مكنتش مستوعبة اللي حصل.
ابتسمت السيدة وأخبرتها:
هو أطيب واحد ممكن تقابليه بس الحلو ميكملش.
قطبت زهراء وهي تسألها:
ليه بتقولي كدا؟
عشان...
بترت جملتها عندما سمعت جرس الباب، فنهضت العجوز ببطء وهي تقول:
استني دا باين عليه وليد جه.
خرجت من الغرفة بعدما أغلقت بابها على زهراء، وراحت تفتح الباب فيلج وليد بالفعل وهو يحمل حقيبة بلاستيكية ويمد يده لها قائلا بجدية شديدة:.

خليها تشوف الهدوم دي هتيجي على قدها ولا لأ، بدل هدومها اللي اتبهدلت.
هزت العجوز رأسها موافقة وذهبت إلى الغرفة مرة أخرى كي تعطيهم لزهراء التي أخذتهم منها بخجل وهي تخبرها:
مكانش له لزوم.
فقالت السيدة وردة:
إزاي بقى يعني هتمشي بالهدوم دي يا حبيبتي، مينفعش يلا غيري كدا وأنا مستنية برا.

ابتسمت زهراء وهي تفتح الحقيبة على عجل لترى ما ذوقه يا ترى؟ فُستان أبيض ناعم ذي كمين طويلين مزركش بورودٍ صغيرة حمراء اللون، حاز على إعجابها واسرعت ترتديه ببسمةٍ رقيقة فكان عليها وكأنه صُنع خصيصا لها، ومن ثم قامت بضبط شعرها قدر المستطاع نظرًا لوجود جُرح رأسها الذي لُف بقماشة بيضاء، تنهدت بعمق وهي تتجه صوب الباب لتخرج من الغرفة على الفور بحياء، ولم يستطع وليد أن يمنع نفسه من النظر إليها بعدما ارتدت الفستان لقد كان جميلا عليها، وسرعان ما أنزل عينيه وهو يقول بجمود:.

اتفضلي.
وأشار بيده نحو الباب، فصافحتها السيدة وردة وربتت على كتفها، انصرفت زهراء معه حيث خرجا من البناية وتوجه إلى دراجته النارية، استقلها أولا وصعدت خلفه بدورها بخجل شديد، أدار محرك القيادة فسمعها تقول بخفوت:
شكرا لأنك انقذتني لتاني مرة!
لكنه لم يرد عليها، فقط تابع تعابير وجهها الحانقة جراء عدم رده عليها عبر المرآة، ليقول مضطرًا:
العفو..
وانطلق بدراجته فورًا قاصدًا بيتها للمرة الثانية...

تناول فطوره اليوم في الحديقة تحت ضوء الشمس وبين نفحات الهواء النقي وتمايل الزرع الأخضر من حوله، حيث صاحبته رنا في جلسته وهي تقول بتذمر:
محتاج حاجة تاني!
تجاهل الإجابة عن سؤالها وسألها قاصدًا مضايقتها يبدو أن رؤيتها غاضبة تروق له:
فطرتي؟
فحركت رأسها نافية رغم حنقها منه، فأعطاها قطعة من الخبز مع قوله الصارم:
يبقى تفطري معايا، ومن هنا ورايح فطارك معايا.
ضمت شفتيها معا بضيق، فقال حازماً:
مفهوم ولا إيه؟

ومفهوم ليه؟ قدر يعني جعت قبل ما تصحى أعمل إيه؟
تاكلي بقسماطة، بسكوتة، لحد ما اصحى تصبيرة يعني، مكدبتش لما قلت عليكي مش ذكية.
انفعلت بشدة وردت عليه:
أنا مش غبية لو سمحت بطل الأسلوب دا بقى!
أنا مقولتش كدا على فكرة.
قالها ببرود وهو يتناول طعامه، فرددت بغيظ:
يا سلام أومال قلت إيه؟
نظر لها وقد رفع حاجبا كعادته:
قلت إنك مش ذكية.

زفرت بقوة وهي تغمض عيناها بغضب، وكان يتابع تعابير وجهها مستمتعًا بذلك وهو يرتشف قهوته فيُتابع:
القهوة مش مظبوطة، بس مضطر اصبر لحد ما تظبطيها، الصبر حلو برضوه.
ألا قوليلي..
تابع مجددًا وهو يعاود وضع الفنجان على الطاولة، فيسألها بهدوء حازم:
إيه اللي وداكي عند أهلك؟ وحشوكي مثلا؟ولا لسبب تاني؟!
تغضن جبينها وهي تكمل:
سبب تاني زي إيه؟
استند بمرفقيه على سطح الطاولة وهو يخبرها بنبرة كانت بالفعل كفيلة لإخافتها:.

سبب زي اللي جه في بالك دلوقتي حالا يارنا.
رغم خوفها، توترها، تحكمت في نفسها وردت باتزان:
مافيش حاجة جت في بالي على فكرة!
أومأ برأسه وأخبرها بصلابة:
تمام، هصدقك يا رنا بس لو أنتِ بتكذبي عليا دلوقتي فخافي مني أوي، المرة اللي فاتت عدتلك الموضوع بمزاجي وقلت حياتك قبل الجواز حاجة وبعده حاجة لكن المرة الجاية، صدقيني مش هعديها وساعتها هتفرق كتير أوي لأنك على ذمتي، اتفقنا؟
أومأت برأسها وقالت بأنفاس متسارعة:.

ماشي..
نهض قائلا وهو يرتدي نظارته الشمسية:
أنا ماشي.
ولم يكد يتحرك ليجد زهراء تقترب من الباب ومعها شخص غريب، هرول نحوها خاصة عندما رأى رأسها المجروح هذا، فُتحت لها ذراعاه وهو يقول بقلق شديد:
زهراء؟ مالك؟ إيه اللي حصل؟
أجابته زهراء باطمئنان:
مافيش حاجة يا يزيد إهدى بس.
أهدى إيه انطقي إيه اللي حصل واتعورتي كدا إزاي اتكلمي!
أخبرته وهي تنظر إلى وليد الصامت ثم تعاود النظر إليه:.

أنا فيه حد كان هيخطفني والأستاذ وليد أنقذني الحمدلله..
توسعت عيني يزيد وهو يكرر كلمتها:
يخطفك؟
رد وليد بدوره بمهنية شديدة:
مافيش داعي للقلق يا فندم عدت على خير وجاري البحث عن الشخص اللي حاول يخطفها بس لازم تتفضلوا معايا دلوقتي عشان تعملوا بلاغ رسمي وخلال ٢٤ ساعة إن شاء الله هيكون عندي البني ادم دا.
تدخلت زهراء متابعة:
يزيد الاستاذ وليد ظابط.
صافحه يزيد بامتنان مع قوله:
مهما قلت مش هوفيك حقك بشكرك جدا.

الشكر لله يا فندم دا شغلي، بس نصيحة المنطقة دي بيحصل فيها الحاجات دي كتير وهي كدا في خطر طول ما هي المحل بتاعها وبعدين بصراحة مش عارف ليه بتسبوها لوحدها خصوصاً إن مش اول مرة يحصل معاها كدا!
نظر يزيد بصدمة إلى شقيقته مع قوله:
يعني إيه مش أول مرة؟ أنتِ حصلك حاجة قبل كدا؟
اومأت برأسها في خوف وهي تجيبه:
أيوة المرة اللي فاتت والاستاذ برضوه اللي أنقذني بس مازن عارف وأنا اللي قولتله ميقولش لحد.

صر على أسنانه وقد أخبرها بقراره:
مافيش خروج تاني من البيت يا زهراء مستحيل هتعتبي خطوة واحدة تاني فاهمة ولا لأ؟
تنهدت بضيق وأجابت:
حاضر.
ضاقت عيني وليد وهو ينظر إلى الموقف ويبدو أنه قد راق له رد فعل شقيقها، وبعد دقائق كان قد انصرف واستمر يزيد في تعنيف شقيقته إلى أن بكت فلم تستطع التحمل كعادتها، تسمعه يهتف بانزعاج:.

إزاي كل دا يحصلك وأنا معرفش؟ إزاي يعني؟ مالكيش رجالة تجبلك حقك ومازن إزاي يعرف حاجة زي كدا ويسكت؟
ازداد بكاء زهراء فأسرعت رنا لتحتضنها وتربت عليها كي تهدئ من حالها، وراح يزيد ينظر إلى البعيد فيجد أن شقيقه مازن يتجه نحوهم بصحبة زوجته وتتبعهم والدتهم على اثر صياحه، ما إن اقترب مازن حتى تلقى سؤاله العنيف:.

أنت إزاي يا بني آدم ياللي معندكش دم أختك تتعرض للخطف قبل كدا وتسمع وتسكت ولا كأن حصل حاجة؟ بذمتك أنت راجل انت؟
صُدم مازن جراء إهانة شقيقه الصريحة له أمام زوجته وشقيقته وامه أيضاً، ليقول محاولا ضبط أعصابه:
ما تهدى يا يزيد في إيه ما هي اللي قالت مقولش لحد عشان اللي أنت هتعمله دا!
اه واهو سكوتك خلاها كانت هتتخطف للمرة التانية شايف شكلها عامل إزاي؟

نظر لها مازن بصمت وصدمة في آن واحد لا يجد ردا مناسبا له، بينما أسرعت الأم تهتف بغضب:
أدي آخرة دلعك فيها يا يزيد مش أنت اللي بتنفذلها طلبها؟أنتوا مافيش حد فيكوا بيسمع الكلام أصلا...
زفر يزيد الهواء بغضب عارم وهمّ بالانصراف، ولكن قبل رحيله حذرها بصرامة للمرة الثانية:
مالكيش خروج نهائي من البيت يا زهراء، ولو حصل أنتِ حرة!

انصرف ما أنهى حديثه حيث أنطلق بسيارته فورًا بعصبية مفرطة، وتفرق الجميع بعد ذلك ما بين غضب مازن وحزن زهراء ومواساة رنا ونورهان وتبقى الأم على موقفها إذ عنفت مازن مرة أخرى حتى ترك لها المكان بأكمله وانصرف في أشد حالاته غضبًا..

لا تعرف كيف تتصرف الآن تغرب الشمس وانقضى اليوم فتمنت أن تغرب مخاوفها معها، ولكن كيف؟ لقد عاد محمود يُهددها، عاد يذبح روحها، لقد تقابل معها اليوم وحاصرها فذكرها بما كان يحدث بينهما، مُحادثات غرامية تحتوي على صورًا خاصة لها ماذا لو علمَ يزيد بها؟
لن يبقيها على ذمته حتما، سيصفها بالرُخص يا ترى؟

تتراود الأفكار في رأسها وهي حقًا لا تعرف ماذا تفعل، صورها ومحادثتها مقابل مبلغ مالي كبير لكن هذا ليس المعضلة..
هي لا تملك هذا المبلغ من الأساس، كيف تطلبه، وكيف تدبره، فلم تجد إلا زهراء مؤكدًا أنها لن تتركها وستساعدها..
وبعد مُناقشة بينها وبين ذاتها دامت لمدة ساعة كاملة قررت وانتهى الأمر..
وعبر الهاتف أخبرته:
محمود أنا هقابلك بكرة زي دلوقتي بس لو طلعت معاك نسخ تانية من الصور دي والله ما هيحصلك كويس.

وضحكة ساخرة ارسلها لها وهو يقول:
متخافيش يا روحي متخافيش...
بقلق أغلقت الهاتف دون مقدمات، وعادت إلى مخاوفها من جديد، وتمر الساعات كالدهور عليها لا تعلم ماذا ينتظرها؟
في الموعد المُحدد ذهبت وكأنها ترتكب جرم فاحش، كلا بالفعل هو جُرم!
في الموعد المُحدد هذا تقابلت معه في إحدى الأماكن وبتوتر شديد سألته:
فين الحاجة؟
وبالمقابل رد عليها: فين الفلوس!

ولم تكد تمنحه الأموال حتى هبط قلبها بين قدميها وكأنها شُلت الآن عندما وجدت سيارة زوجها تُفرمل أمامهما ويترجل منها بهدوء، هدوء قاتل مريب ينذر بعاصفة..!
يغلق باب السيارة بمنتهى العنف ويتجه نحوهما بشراسة قاتلة..
فسقطت منها حقيبة المال وتسمرت مكانها بخزي شديد!
ترى ماذا هو بفاعلٍ؟!

تمت
الجزء التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة