قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مقبرة الحب الأول للكاتبة جيهان عيد الفصل الثاني والخمسون

رواية مقبرة الحب الأول للكاتبة جيهان عيد الفصل الثاني والخمسون

رواية مقبرة الحب الأول للكاتبة جيهان عيد الفصل الثاني والخمسون

عزة: خير؟
جلال: أنا زي ما قولت لك أني اتكفلت بإخواتي البنات، الحمد لله علمتهم وجهزتهم وسترتهم التلاتة، وأما فوقت لنفسي لقيت عندي خمسة وتلاتين سنة، فكرت أتجوز وأعف نفسي أنا كمان، كل ما أروح لبنت تقول عايزة وعايزة، شبكة قد شبكة بنت خالتي، وعفش زي بتاع بنت عمي، دي الأساسيات ده غير الفستان والكوافير والقاعة اللي هيتعمل فيها الفرح.

عزة: معلش تكاليف الجواز بقت كتير قوي على الولد والبنت بسبب العادات والتقاليد اللي بقينا بنقلد بعض فيها بعيد عن الدين.
جلال: العادات للأسف بقت أقوي من تعاليم الدين، الناس بقي كل اللي هاممها المظاهر، الأب دلوقتي ممكن يكون عايش بالعافية، لكن مستعد يجهز بنته بالتقسيط، حتى لو هيتسجن، يجيب أطقم صيني وبطاطين وهدوم تكفيها لحد ما تموت، ومش معقول هما هيجيبوا كدة وأنا أجيب عفش أي كلام.

عزة: بس برضو في بنات حلال كتير، مالهاش طلبات.
جلال: يعني هاتجور بنت الحلال دي من غير عفش؟ شوفي أوضة النوم بقت بكام؟
عزة: انوي انت بس وأنا إن شاء الله أساعدك.
جلال: ما أنا نويت.
عزة: طب كويس، اخترت العروسة؟
ظنت عزة أنه اختار بنتا من العاملات معها، مني أو زينب، لكنها فوجئت به يقول.
جلال: من غير لف ودروان أنا أخترت واحدة كنت أعرفها من فترة، كنت بأنقل لها بضاعة للمحل بتاعها.
عزة: سألت عنها؟ أخلاقها كويسة؟

جلال: مش تستني أما أكمل كلامي، دي مش بنت، أرملة.
عزة: وماله؟ أهي طلباتها تكون على قد امكاتياتك.
جلال: هي مالهاش طلبات خالص.
عزة: مش أنا بأقول لك بنات الحلال كتير، بس أنت برضو راعي ربنا فيها، وطالما عاجباك انسي حكاية أرملة دي وفرحها زي أي بنت.
جلال: على فكرة هي عندها 53 سنة ومجوزة كل أولادها.
صدمت عزة مما سمعت، حتى أنها صمتت للحظات، ثم قالت: ليه يا جلال؟ من قلة البنات تتجوز واحدة أكبر منك ب 15سنة؟

جلال: عشان كل الظروف اللي قولت لك عليها، أنا عشان أفتح بيت دلوقتي عايز لي عشر سنين كمان، أتجوز وأعف نفسي وإلا أفضل كدة لحد ما ألاقي نفسي بقي عندي ستين سنة؟

عزة: ده مش حل يا جلال، بص لقدام، بص لنفسك ولها بعد عشر سنين، سيبك من النقطة دي، ما هي طالما فكرت في الجواز في السن ده يبقى أكيد حلوة ومهتمة بنفسها ومش باين عليها، فكرت هاتخلف منها إزاي؟ دي ممكن تكون عدت سن اليأس، ومن غير ما تعدي مش هينفع تخلف في السن ده.

جلال: مش عايز عيال، هأجيب عيال ليه؟ أوروثهم الأبعدية اللي عندي؟ كفاية فقرا، البلد دي الفقير فيها بينداس وتنداس كرامته وتنقتل أحلامه، كفاية أنا، أجيب عيال أعذبهم؟
عزة: لا حول ولا قوة الا بالله، للأسف مش هأقدر أشجعك، ولو ليا سلطة عليك كنت منعتك، بس طالما أنت مقتنع انت حر.
جلال: الرسول عليه الصلاة والسلام اتجوز الأرملة والمطلقة واللي عدت سن اليأس.

عزة: أولا لا أنت سيدنا محمد ولا هي السيدة خديجة، ثانيا الرسول عليه الصلاة والسلام كان قدوة وبيعلم أمه، بيحط منهج نمشي عليه، وبعدين السيدة خديجة كانت في الأربعين والرسول عليه الصلاة والسلام خلف منها كل أولاده.
جلال: أنا تايه وكل السكك قدامى مقفولة.
عزة: طالما سألت يبقى مش مقتنع، راجع نفسك تاني، وزى ما قولت لك بنات الحلال كتير.

جلال: ما كنتش أحب إنى أوصل لكدة، أنا مش عايز واحدة تصرف عليا، أنا اللى هأصرف على بيتى، كل الحكاية أنها...

قاطعته عزة قائلة: عارفة إنك جدع ورجل حر وما فيش رجل حر يقبل إن الست تصرف عليه، أنت بس عايز توفر مصاريف الجهاز والفرح، عموما فكر تانى زى ما قولت، من حقك تتجوز بنت تناسبك، تبدأوا حياتكوا سوى، تكبروا سوى، تخلفوا عيل أو عيلة يهون عليكوا تعب الدنيا، مين اللى قال لك أن الفقرا ما بيخلفوش؟ دول اكتر ناس بيخلفوا.

انصرف جلال، شعرت عزة براحة كبيرة بسبب عدم تمسكه برأيه، ظلت تفكر في أمره، أشفقت وعلى كل الشباب أمثاله، يبتغون الحلال وكل طرقه أمامهم مغلقة، تذكرت زينب ومثيلاتها، هي أيضا وغيرها الكثيرات يبحثن عن الحلال، فكرت أن تلفت انتباهه لها لكنها تراجعت حتى لا تقلل منها وحتى لا يوافق مجاملة لها ثم يعود ويغير رأيه، لكنها خططت لذلك بطريقة أخرى.

بدأت الخلافات بين عمر وسميرة، خلافات عادية، وفي كل مرة لا يحتمل كلاهما غضب الآخر، يتشاجرا وسرعان ما يتصالحا ويعتذر كل منهما للآخر ويعود الحب أقوى مما كان، كانا لا يحتملا بعدهما دقائق، ورغم هذا تكررت المشاجرات، وبدأ صدعا خفيفا يصيب المنزل الذي بنى على أنقاض سعادة أقرب الناس.

زاد عدد مشتركى القناة الخاصة بعزة على اليوتيوب وتضاعفت نسبة المشاهدات عليها، وارتفعت نسبة أرباح عزة بشكل كبير، فقررت فتح أبواب للخير الذي حلمت كثيرا بعمله ومنعها ضيق الحال، كفلت معظم أطفال القرية التي تربت فيها، كما كانت تعد يوميا بعض الوجبات الساخنة لعمال النظافة والباعة الجائلين وبائعى الخضروات البسطاء بالمدينة، كانت ترسلها مع عامل من عمال التوصيل، هذا بخلاف المبالغ التي ترسلها شهريا للمستشفيات ودور الأيتام، أما النصبب الأكبر فكان لمستشفي الحروق، ومستشفى سرطان الاطفال.

زارت سميرة أسرتها وما أن رآها شقيقها حتى ثار عليها.
الشقيق: جاية ليه؟ مش عملتي اللي في دماغك وخربتي بيتك ورميتى عيالك واتجوزتي الرجل اللى ابوكى الله يرحمه رفضه.
سميرة: دي حياتى وأنا حرة فيها، وأنا مش جاية ازورك أنا جاية عايزة حقى في بيت أبويا.
الشقيق: ومن امتى والبنات بتورث في البيوت؟ حقك في بيت ابوكى يفضل موجود أمان لكى من الزمن، حد عارف بكرة فيه إيه؟
سميرة: ما تقلقش أنا خلاص مش هاتطلق تانى.

الشقيق: والمحروس اللى باعتك؟
سميرة: عمر ما يعرفش إنى جاية، أنا عايزة حقى أشترى شقة لابنى.
الشقيق: من أمتى الحنية دى؟ ما أبوه يشترى له.
سميرة: ده مش ابن عبد الرحمن، ده ابن عمر.
الشقيق: ابن الجن الأزرق، زى ما قولت لك حقك محفوظ عشان يفضل بيت ابوكى مفتوح لك.
سميرة: أنا عايزة حقى ولك عليا مش هاجى لك هنا تانى.
الشقيق: لا حول ولا قوة الا بالله، طب روحي وأنا هاشوف حد يتمن البيت وأقدر نصيبك وأبعتهولك.

سميرة: ما تتاخرش عليا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة