رواية معشوق الروح للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السادس
بالقصر...
صعد طارق لغرفته والتفكير يكاد يخترق عقله فيجعله عرضة للهلاك، رفع يديه يلامس مقبض باب غرفته بشرود إنتهى إلى أن رأى شقيقاته يقفن أمامه بصدمة من وجوده بالقصر..
إبتسم وهو يقترب منهم قائلا بفرحة: وحشتونى
إبتعدت عنه شاهندة ونظرات الغضب تحتل عيناها فتجعلها كالجمر الذي أفتك به لتنقلب نظرات السعادة لرؤياهن لحزنٍ ليس له نهاية...
وضع عيناه أرضاً ليتذكر كلمات مالك بأن الجميع إمتلأت قلوبهم بالخوف القاتل منه فلمعت الدموع بعيناه وتهرب سريعاً لغرفته تحت نظرات إستغراب منار وشاهندة من وجوده بالقصر مجدداً.
بالأسفل
كان مستنداً برأسه على مكتبه الضخم كمحاولة للثبات لوقت طويل كما أخبره مالك ينتظر عودته ليعلم الحقيقة...
رفع هاتفه حينما صدح برسالة من رفيق العمر يحثه به أن يتواجه للمكان المذكور..
جذب يزيد مفاتيح سيارته وتوجه للمكان بسرعة البرق ليجده منعزل عن الجميع وبالخارج بعض الحرس الخاص بالقصر...
لم يكن وقت الأستكشاف لمعرفة سبب وجودهم بل أسرع للداخل ليجد ثلاث شباب مقيدون، وجههم ممتلأ من الكدمات والضرب المبرح ربما غضب مالك هو من أيصل له مفهوم ما يحدث.
خرج صوته أخيراً: مين دول يا مالك؟!
أرتدى جاكيته ونظراته تفتك بهم قائلا بصوت كالرعد: لو مش هنتعب حضراتكم تقولوا الا حصل تانى
أسرع الشاب بالحديث خوفاً من أن يتلاقى نصيب أضافى منه فأستغل مالك إنصات يزيد لهم وخرج مسرعاً.
صدم يزيد فقال بصدمة كبيرة: وصلت بيكم الحقارة لكدا؟!
ثم رفع عيناه التى تشبه صفارات الموت لهم فحل وثاقه قائلا بسخرية: الا مالك عمله فيكم رحمة عن الا أنا بفكر فيه الا زيكم المعاملة دي متلقيش ليهم
وأنهال عليهم يزيد بالضرب القاتل فما أرتكبوه مجرد من الأنسانية والرحمة..
: يعنى أيه يا فراس؟
قالتها نوال بنفاذ صبر فتمدد على الأريكة بعينان مغلقة: زي ما سمعتى البنت مش هتقع بسرعة كدا ودا الا أنا عايزه.
تأملته بحيرة من أمرها: أنا مش عارفه أفهمك بجد
فتح عيناه وإبتسامة السخرية تعبئ وجهه: ولا عمرك هتفهمينى
وجذب جاكيته ثم توجه للخروج مستديراً بتذاكر: أوه نسيت أقولك بنت أخوكِ أحلى من الصور بكتير.
وغمز لها بسحر عيناه فأبتسمت بسخرية على ما ينوى فعله، أما عو فغادر لشقته الذي أستأجرها بنفس عمارة سيف ليكون قريبٍ منهم.
تناولت القهوة ثم توجهت لغرفة المكتب بالقصر، أضاءت الضوء وتوجهت لتجلس على المقعد المخصص لها ولكن كانت الصدمة كبيرة للغاية حينما وجدت من يجلس محلها وضعاً قدماً فوق الأخرى بتعالى وكبرياء، عيناه تنظران لها بثقة تجعلها تبتلع ريقها بخوفاً شديد، خرج صوتها المرتبك للغاية: أنت دخلت هنا أزاي؟!
تعالت ضحكات مالك فبثت الرعب بقلب نوال فتأرجح بمقعدها قائلا بتسلية: شوفى أنتِ بقى طقم الحرس الا بره دا ممكن دماغه فوتت ولا حاجة.
لمعت عيناها بشرارة الكره والحقد الدافين فصاحت بغضب وهى تتجه لشرفة القصر: أنتوا يا بهايم أ.
كادت أن تكمل ولكنها تفاجئت بعين تشع جمرات من جحيم، رفع يديه فأغمضت عيناها بخوف لا مثيل له ولكنها تفاجئت بكأس من المياه فأكمل قائلا بسخرية مريبة: أعصابك يا عمتى أنتِ ست كبيرة فى السن مينفعش كدا.
تناولت منه الكوب ووضعته على الطاولة جوارها قائلة بشجاعة مصطنعه: أنت عايز أيه يا مالك؟
جذبها للمقعد المقابل للمكتب فجذبت يدها برعب فأبتسم بسخرية وهو يجذب المقعد ليكون على مقربة منها بعيناه المخيفة: قولت أجى أزورك مهما كان فأحنا فى الأخر بينا قرابة وأهو بالمرة أشكرك على الا الواجب الا عملتيه مع طارق
تلون وجهها بالأصفر القاتم دليل الخوف المريب فخرج صوتها المتقطع: واجب أيه؟!
تعالت ضحكاته ثم تلونت الجدية عيناه قائلا بصوتٍ يصعب سماعه: أقذر شلة فى الجامعة يحاولوا يستدرجوا طارق للشرب والمخدرات ولما فشلوا مكنش فى غير خطة ممتازة عشان تدمر الكل يحطوا فى العصير بتاعه مخدر قوى يخلى العقل يتغيب لمدة 12 ساعة متواصلين وعشان تكمل الحكاية زي ما حضرتك عايزة لازم البنت الا تكون موجوده تكون عذراء من طبقة متوسطة الا بتكون متماسكة بالشرف والعفة بقوة فتعمل زي ما البنت عملت بالظبط قضية وشهرة لعيلة نعمان لا بجد شابو ليكِ قدمتى للحيوانات دي بنت بسيطة دمرتوها هى ومستقبلها لمجرد أنها راجعة البيت فى الوقت دا لا والله دانتى كريمة لما طلبتى منهم أي بنت بس تكون باين عليها الاحترام والفقر عشان لما ترفع القضية الكل يدعمها نسيتى ان يزيد ومالك من الصعب تحطيمهم ولا الا عملوه طول السنين دي.
قالت بسخرية: لو جاي عشان تفكرنى بالا أنا عملته تبقى بتضيع وقتك ووقتى
إبتسم قائلا بشر: أنتِ صح وأنا هعمل نفس الا عملتيه بالظبط وهمشي بنفس الطريق وأوعدك أنك هتشرفي السجن قريب أوى زي ما أستخدمتى الأولاد دول أنا كمان هستخدمهم عشان أدمرك مع فرق بسيط أنى معايا الحق وخاليكى فاكرة الكلمة دي كويس.
ورمقها بنظرة مريبة ثم خرج من باب القصر الرئيسي غير عابئ بالحرس، أما هى فألقت ما على الطاولة بغضب شديد تحاول التحكم بأعصابها بداخلها خوف مريب من القادم ولكن زادها حماس التخلص من مالك فهو يشكل خطر مريب بعقله الذهبي على مملكتها..
سرحت بأفكارها بمقارنة خافتة بينه وبين فراس فأبتسمت بسخرية لتشابه نظرات العينان المخيفة ثم قالت بغرور: زي ما قدرت أفرقوا من صغركم 29 سنه هقدر أدمركم كلكم.
ثم تعالت ضحكاتها وهى تنفس السجائر بجنون.
بمنزل ليان
كانت تتناول الطعام بشرود بذاك الظل الذي لاحقها بالحقيقة فحاول محمود أخراجها من صمتها قائلا بخبث: وأنا كمان يا لين العشا مش عجبنى
تطلعت له فاتن بغضب: قوم أعمل لنفسك الأكل بعد كدا
تناول محمود الطعام بلهفة: لا دا عجبنى بشكل يا أم محمود تسلم أيدك
أنفجرت ليان ضاحكة فشاركوها الأبتسامات فشرع جرس الباب بالدق ليرى محمود ماذا هناك؟
رمقته حنان بنظرة مميته ثم دلفت للداخل فأتباعها هذا اللعين كما ينعته محمود..
ولجت للداخل وهى تتأمل المكان بتقزز واضح للجميع فوقفت أمام إبنتها قائلة بشفقة مصطنعة: أنتِ أزاي عايشة هنا يا بنتى؟!
تأملتها ليان بغضب فقالت بشكل مباشر: جاية ليه؟
تدخل حسام قائلا بغضب: كلمى أمك كويس
قالت بسخرية: أمي! هى فين أمي دي الا سابت بنتها لمجرد أنها أتطمنت بأنها عايشة!
رمقت فاتن بنظرة مميته: أنا عارفه مين الا حفظك الكلمتين دول
شاركها حسام السخرية: وتلقيهم كمان الا وزوا الحيوانه دى تعمل عليا نمرة عشان يوقعوا بينا
صاح محمود بغضب: لحد كدا وكفايا أنتى والحيوان دا أتحديتوا حدودكم وأنا مش هسمح بكدا أخرجوا من هنا الا يحترم البيت دا أحترمه غير كدا معنديش كلام تانى
فاتن بعتاب: عيب كدا يا محمود.
قاطعتها ليان: لا مش عيب محمود صح ياريت يا حنان هانم أنتِ وإبن أختك المحترم تفهموا كويس الكلام
تطلعت لها بغضب ثم حملت حقيبتها ورحلت، أما حسام فتطلع لها بنظرات مميته قائلا بصوتٍ مريب: كل الا بتعمليه دا أخره معايا طريق مسدود وأبقى خاليهم ينفعوكى
جذبه محمود بقوة ثم أغلق باب الشقة بوجهه والغضب يكاد يكتظ عيناه..
بكت ليان بضعف فوجدت يد العون من فاتن كالمعتاد قائلة بصوتٍ حنون: والله ما حاجة مستاهلة دموعك أوعى تكونى ضعيفة يا ليان أوعى الأنسان بيحتاج للحظة ضعف بس مش أدام مخلوق أدام ربنا على سجادة الصلاة أشكى همومك وأضعفى زي ما تحبي لكن مش أدام حد يا بنتى
رفعت عيناها تتأملها بتفكير وأحترام يفوقها أضعاف ثم هرولت لغرفتها لشعورها بحاجة اللقاء مع الله بضع ساعات تشكو همها وتزيح كربها..
صف سيارته أمام أمواج المياه الهائج ثم وقف يتأملهم بنظراته الغامضة، الغضب يحتل سكون العينان فيجعلهما مخيفتان..
: لقيت مجنون زيي
أستدار مالك على الصوت ليجد شاباً فى نهاية العقد الثانى من عمره يقف ويتأمل الأمواج دون النظر إليه فقال ببعض الغضب: أفندم مين الا مجنون؟
إبتسم ذاك الوسيم ورفع عيناه من على طوفان الأمواج ليلتقى بعين مالك، طال صمته وهو يدرس عيناه ليجد كما علم عنه الذكاء والمكر يحيلان بهما..
خرج صوت ذاك الغامض قائلا بأبتسامة هادئة: عندي ميول لما بكون مخنوق أنزل الميه أو على الأقل أقف أتأملها ومش بيهمنى الجو حتى لو كانت جايبها سيول فكان البعض بيقولوا أنى مجنون وحاليا صادفت مجنون أخر.
تعالت ضحكات مالك بقوة فخرج صوته أخيراً: لا معاك حق الجنون التفسير المنطقى
إبتسم الأخر رافعاً يديه: فراس
رفع الأخر يديه بأبتسامة واسعه: مالك
إبتسم الأخر قائلا بهدوئه الغامض: عارف
ضيق عيناه ليكمل الأخر بأبتسامة هادئة: مالك نعمان غنى عن التعريف
ثم توجه لسيارته قائلا بصوته الثابت: مدام الجنون واحد يبقا أكيد هنتقابل تانى
أستقام مالك بوقفته قائلا بأبتسامة تسلية: أعتقد عن قريب.
وغمز له فغادر فراس وصعد الأخر بسيارته..
عاد للقصر فوجده ينتظره والغضب يحيل على قسمات وجهه، لجواره كان يقف سيف بخوف بعد أن فشل فى التحكم به.
أقترب منه وعدادت الموت تتطوف بعيناه فخرج صوته بحدة: ممكن أفهم حضرتك كنت فين؟
تأمله بصمت وضيق لعدم تغيره من طباعه الغاضبه: أنت عارف كويس كنت فين وبعدين قولتلك للمرة المليون حاول تتحكم فى أعصابك.
زفر يزيد بغضب: لا فاهمنى كدا وسيبك من العصابية خالص حضرتك روحتلها لوحدك وفى وسط بيتها الملان حرس
صاح بغضب: حد قالك أنى ضعيف ومش هعرف أحمى نفسي؟
تدخل سيف قائلا بحدة هو الاخر: يزيد ميقصدش كدا يا مالك بس فعلا الخطر كان كبير عليك
جلس على المقعد الخارجى قائلا بضيق: كان لازم أعمل كدا عشان تعرف هى بتلعب مع مين؟
جلس يزيد جواره ثم قال بسخرية: وفهمتك بالكلام!
رفع مالك عيناه لرفيقه فأكمل بغضب: الا زي دي مش بتفهم بالكلام يا مالك وأنت عارف كدا كويس
سيف بغضب: يزيد صح الست دي زودتها بجد مش متخيل كمية الحقارة الا فى دمها ذنبها أيه البنت المسكينه دي تعمل فيها كدا
تطلع مالك ليزيد بشرود ثم قال بصوتٍ منخفض بعض الشيء: أنا حاسس أننا ظلمنا البنت دي يا يزيد
أستند بظهره على المقعد مغلق عيناه بقوة كأنه يحتمل آلم لا يقوى عليه..
أنهى ما به حينما صعد لغرفته بصمتٍ مريب أتابعته نظرات سيف ومالك فزفر بحزن: الا بيحصل دا مالوش نهاية
أجابه على أمتعاض: لا له يا مالك نوال دي سبب كل حاجه سلمت رقيبتها تحت إيدك قدم العيال دي للمحاكمة وبكدا نكون خلصنا منها
تطلع للفراغ بعيناه الغامضة: مش بالسهولة دي يا سيف هى مش غبية عشان تقع كدا أنا فى خطة فى دماغى لو مشت زي مأنا رسمها هتكون فعلا نهايتها
أجابه بأهتمام: خطة أيه؟!
جذب جاكيته قائلا بتعب: مش وقته هحكيلك بعدين
جذب سيف مفاتيح سيارته قائلا بتعب هو الأخر: طب أشوفك بكرا أن شاء الله
جذبه قائلا بحدة: الوقت متأخر بات معايا وبكرا أبقى أطلع على الشركة
كاد أن يتناقش معه بذاك القرار ولكن نظراته جعلته يلحق به بصمت.
أنهت صلاتها فوضعت سجادة الصلاة على الأريكة، خرجت للشرفة تتأمل سطوع الشمس بفجر يوماً قضته بالتفكير بهذا المجنون، لا ربما جن عقلها هى، ساورها سؤالا لم يدعها منذ أن ألتقت به، هل هو الظل الذي كان يلاحقها على الدوام...
سطعت الشمس لتنير المكان فطلت على وجه ليان كأنها تخبرها بأن هناك من سينير عالمها عن قريب..
دلفت للداخل على صوت هاتفها المعتاد فأغلقته بعصبية حينما علمت بأنه المتصل، فمازال يحاول أقناعها بأنه برئ وان أخيها من تعمد ذلك.
أبدلت ثيابها بعد أن قررت البحث عن عمل يخرجها من ضغط التفكير المميت لم تعبئ بأنها مازالت مريضة فكل ما يعنيها بأن تخرج مما هى به.
بغرفة مالك
إستيقظ مبكراً عن تعمد فتطلع لسيف قائلا بسخرية: أنا مبحرمش كل مرة أنام جامبك أقوم متبهدل بتضرب باللكمات وأنت نايم!
وتركه ودلف لحمام الغرفة ثم شرع بأداء صلاته فجلس على سجادة الصلاة بتعجب من دعاه كيف طلب من الله أن يلتقى بها مجدداً!.
لما طلبها زوجة له؟! كل ما يعلمه أنه مرتبط بها هى..
أرتدى سروال بنى اللون وقميص بدرجة أفتح ثم صفف شعره بحرافية ليهلك القلوب وربما تصريح للموت بدون شفقة أو رحمة.
بغرفة طارق
أنهى تلاوة القرآن الكريم بدموع فائضة ليتفاجئ بيزيد يجلس بهدوء، نظراته زرعت الخوف بقلبه فكم ود أن يخلص نفسه من تلك الجريمة البشعة ليس خوفاً منه ولا من إبن عمه ولكن خوفاً من الله بعدما لجئ له. نعم تأخر بذلك ولكنه أعتدل بالطريق الصائب بنهاية الأمر...
خرج صوته أخيراً: رجعت ليه دلوقت!
تطلع لكتاب الله بين يديه ثم قال بصوت متقطع: حسيت أنى مأثر من ناحيته فرجعت.
إبتسم يزيد بسخرية: العبادة مش وقت الأحتياج
أجابه بحزن: بس الوقت دا الا فوقنى ورجعنى للطريق الصح
أقترب منه يزيد قائلا بغموض: والصح أنك تقضى على بنت بريئة
صاح بعصبية: مكنتش فى واعي والله ما فاكر عملت كدا أزاي أو أيه الا حصل
وزع نظراته بينه وبين الفراغ بغموض ثم قال بثبات: مصدقك
تأمله طارق بصدمة فأكمل يزيد بهدوء: مالك أثبت برائتك.
مع أخر كلمة هبطت دمعة عزيزة من عيناه، لم ينكر بأنه فعل السوء من قبل ولكن ليس لذاك الحد المتدنى...
لم يكن بالهين ولم يعتاد على الحنان فقال بحذم وثبات مريب: مفيش راجل بيعيط عايزك تفوق لمذكرتك ومتفكرش فى أي حاجة تانيه فاهم
أجابه بفرحة محفورة بدموع الصدمة: حاضر أوعدك أنى هنجح وهحقق كل الا بتتمناه
أشار برأسه فألقى طارق بأحضانه، تطلع له بثبات تمرد بأبتسامة فرفع يديه يحتضنه هو الأخر..
بمنزل ليان
هبطت بعد محاولات عديدة بأقناع فاتن فأخبرتها بأنها بحاجة للخروج بمفردها حتى تزيح ما بصدرها، وأمام رغبتها أنصاعت لها فاتن..
خطت للخارج بخطى بطيئة كأنها تستمتع بالهواء الطلق أو تشعر بشيئاً جديد عليها لم تعش به، لم ترى من يقف على مقربة منها بسيارته ينتظر تلك الفرصة ليرضخها له حتى وأن كانت الطريقة التى يفكر بها وضيعة للغاية.
توجه مالك للأسفل ولكنه توقف حينما وجد طارق يقف أمامه والفرحة تنير وجهه فقال بلهفة: مش عارف أشكرك أزاي؟
خلع مالك نظارته قائلا بأبتسامة محفزة بالسخرية: متفرحش أوى أنت عملت كدا فعلا بس كنت مغيب وبعدين لو عايز تشكرنى معنديش مانع أقولك الطريقة
تعجب طارق من حديثه فأكمل مالك: الطريقة رقم واحد أنك تصحى سيف وتتوالى شرف المهمة التانية أنك تنجح أنت والحيوان ابن خالتك
أتاه صوته من خلفه: حد جايب فى سيرتى.
تأمله مالك بسخرية: أنت بتطلع أمته؟
رفع شريف نظارته بغرور: وقت ما حد بيجيب سيرتى المبجلة
طارق بسخرية: هتفضل مغرور ياض
رمقه بأزدراء: أه وزيد كمان مش بحب هزارك البايخ
شريف بأبتسامة واسعه ؛ غبي وأنا الا كنت جاي أباركلك على البراءة
طارق بتأفف: لا فيك الخير ياخويا
رسمت عين مالك بالخبث ؛ أيه دا يزيد
أرتعب بوقفته فقفز على ذراع طارق قائلا بصدمة: أجرى يالااااا الغول وصل.
تطلع طارق له بغضب وهو يشدد على قميصه فنزعه: هجري أزاي وأنا شايل كوم من اللحم الضانى
رمقه بنظرة محتدة: هو أنا أتخن منك يا زفت
طارق: ودي محتاجة كلام ولمؤاخذة
تطلع لهم مالك بأبتسامة تسلية ثم غادر تاركهم بحرب مازالت تشتعل.
بغرفة مالك
صفف سيف شعره بعد أن أستيقظ من نومه على صوت طارق وشريف بالخارج..
دلفت منار للداخل قائلة بأبتسامة تلقائية: صباح الخير يا مالك
تفاجئت به بغرفته فتخشبت محلها، رمقها سيف بنظرة غريبة ثم توجه للخروج ولكنه توقف حينما قالت بصوتٍ حزين: ممكن تسمعنى يا سيف.
ظل كما هو عيناه على باب الغرفة والثبات بخطاه، أقتربت منه منار لتقف على مقربة منه فخرج صوتها المرتبك: سيف أنا عارفة أنك زعلان منى بس والله ما ذنبي أشوفك أخ ليا
ثم أقتربت منه أكثر: يا سيف لو بصيت حوليك كويس هتشوف الا بتحبك من سنين وبتتمنى تشوفك سعيد لأن حبها صادق
تطلع لها بصدمة من معرفتها الأمر فأكملت بثبات ؛ متستغربش كلنا عارفين بحبها ليك الا أنت صدقنى يا سيف تقى إنسانه كويسة وتستاهلك بجد.
فتح باب الغرفة وغادر بصمت يفكر بحديثها..
أما هى فجلست على الفراش بحزن.
وصل يزيد للشركة فولج لمكتبه ليجد الجميع أجتمع على طاولة الأجتماعات، جلس على مقعده الرئيسي وهى تقف لجواره حاملة الملف الخاص به..
شرع العامل بالتحدث عن التعاقدات الأخيرة للشركة وعن المستحقات والدخل كما شرح الأخر أخر تطورات بتحديثات المبانى الخاصة بالعمالة وهو ينصت لهم بصمت أنقلب لغضب حينما لاحظ نظرات أحد المؤظفين لبسمة..
أستدار بوجهه له قائلا بجفاء: روحى على مكتبك
تأملته بصدمة فخرج صوتها بزهول: والأجتماع؟!
رمقها بنظرة محتقنه: أظن سمعتى كلامى كويس
شعرت بالحرج فغادرت بصمت، جلست على المقعد فدق هاتفها، رفعته بهدوء: أيوا يا بابا
محبتش أزعجك فخرجت وحضرتك نايم المهم طمنى على بسملة الحرارة نزلت؟!
زفرت بحزن: أن شاء الله هتبقى كويسة
حاضر مع السلامة
وأغلقت الهاتف ثم جذبت الملفات تكمل ما بدأته..
بالقصر...
أسرعت لأحضانه بسعادة قائلة ببكاء الحمد لله كنت متأكدة أنك مستحيل تعمل كدا
أبعدها طارق عن أحضانه قائلا بضيق مصطنع: لا مهو كان واضح
دلفت أمل للداخل بمساعدة إبنتها قائلة بأبتسامة مشرقة: قلبك أبيض يا بنى
قاطعها شريف بسخرية: دا قلبه أبيض! والله أنتِ الا عيونك عسل
منار بحدة ^ بتعاكس مامتى وأنا واقفه؟!
طارق بمكر: أطلبي الشرطة بدون تفكير.
تعالت ضحكات شاهندة: قرار عسل أصلى نفسي أزور حد من عيلتنا يكون مسجون وأخدله عيش وحلاوة بالشوكلا
جذبها شريف بغضب والحد دا يبقى أنا يا بت!
إبتسمت بغرور: أنت بتمسكنى كدا وأخويا واقف؟!
شريف بحيرة من أمره ؛ دا سؤال ولا أجابه
جذبه طارق بمرح وهو يكيل له الضربات: أقولك أنا
تعالت ضحكات الجميع فجذبت شاهندة حقيبتها ثم أنحنت وطبعت قبلة على جبين أمل قائلة بأبتسامة هادئة: أدعيلى يا نونو عندي أمتحان صعب جدااً.
إبتسمت قائلة برضا: ربنا يوافقك يابنتي يارررب
إبتسمت شاهندة فجذبت مفاتيح سيارتها وغادرت مسرعة لتلتقى بمن تعمق بنبض القلب منذ اللقاء الأول.
أنتهى الاجتماع فخرج يتأملها بنظرة جعلتها تشعر بأنها أرتكبت جرمٍ ما، أقترب منها بنظرة تتزايد قائلا بصوت مميت: واحدة محترمه كانت حاست بنظرات الحقير دا وخرجت من نفسها لكن حضرتك كنتِ فرحانه أوى أنه مبهور بجمالك
صدمت من حديثه فقالت بصوت متقطع: أيه الا حضرتك بتقوله دا؟!
تأملها بلهيب عيناه ثم صاح بسخرية: لا بريئة ومتعرفيش حاجة!
وضعت الملفات على المكتب قائلة بصوت متمرد مرتفع للغاية: واضح أنك مفكر أنى زي باقى البنات الضعيفة الا هتعدي لمديرها أي حاجه عشان محتاجة الشغل لانها مش لقيه تأكل تبقى غلطان مش أنا الا تكلمنى بالاسلوب دا
رفع يديه أمامه وجهها قائلا بعين تلونت للأحمر القاتم: صوتك ميعلاش عليا وأعتبري نفسك مستقيلة من هنا.
تطلعت له بغضب مميت ثم حملت حقيبتها وغادرت، زفر بغضب لعدم تمكنه من جمح زمام أموره لم يشعر بذاته الا وهو يلحق بها، نعم تمرد قلب الغول ليلحق بفتاة تمرد عليها لسانها..
فتحت باب المصعد ودلفت فولج خلفها قائلا بصوتٍ ثابت كأن لم يفعل شيء: أيه الا مدخلك الأسانسير دا؟
رفعت عيناها له بنظرة لم يفقه بفهمها فتوجهت للائحة الخاصة بالمصعد تحاول إيقافه ولكنها تفاجئت به يقف عند منتصف الطابق الأخير وما قبله..
إبتسم يزيد قائلا بسخرية: لاول مرة ألجئ لحركات الشباب الطايشة
تطلعت له بزهول فزدادت بسمته قائلا بتأكيد: ايوا أنا الا أتفاقت مع العامل يوقفه
زاد الغضب بعيناها فأبتسم قائلا بغرور مصطنع: هنسى أنى مديرك وأنك مجرد مؤظفة وهنتعامل على هذا الأساس
صاحت بسمة بسخرية ؛ شايف نفسك رئيس جمهورية
تعالت ضحكاته فتأملته بصمتٍ وغموض ليقترب منها قائلا بهمس: عيونك الا حلوة شايفانى كدا.
إبتعدت عنه سريعاً وحمرة الخجل تزوار وجهها: أنت عايز منى أيه؟
إبتسم قائلا بهيام بعيناها: مش عارف
كادت الحديث فقاطعها قائلا بشرود: تعرفي أنى من ساعات كنت بقولك لمالك إبن عمى أنه مجنون شكلى طلعت أجن منه
لم تتفهم ما يقوله فتوجهت للائحة تحاول مرات عديدة لجعله يتحرك..
جذبها يزيد بقوة لتقابل عيناه فدب الخوف بعيناها قائلة بدموع: لو سمحت خرجنى من هنا.
إبتسم وهو يرى دمعاتها قائلا بثقة: أنا كدا صح.
أنكمشت ملامح وجهها بعدم فهم فرفع يديه يلامس دمعاتها قائلا بأباسامة هادئة: من أول مرة شوفتك فيها هنا وأنا حسيت أنك غريبة أو مجنونه فى الحقيقة مكنتش عارف أحدد
مشاعري من نحيتك كانت أغرب عارفه ليه؟
أشارت برأسها وهى هائمة بحديثه فأكمل هو: لأنك كنتِ سبب كتير فى سعادتى أنتِ الا حركتى قلبي فى أيام بسيطة أنا خرجت من تفكير الغيرة والحزن عشان دموعك بأنى بحبك يا بسمة.
فتحت عيناها على مصرعها وهى تستمع له فتأمل عيناها بتطرف لأن يعلم كيف تحمل تلك الفتاة القوة والضعف والثقة والجنون بآناً واحد.
تحرك المصعد للأسفل بعد أنتهاء المدة التى حددها يزيد للعامل ومازالت النظرات تحتضن بعضها البعض، مازال ذراعيه تطوف ذراعها وهى بعالم من الصدمة والزهول..
وقف المصعد فأخفض ذراعه قائلا بصوتٍ هادئ: مقصدتش أهينك يا بسمة ولا أقلل منك أنا كدا ودا طبعى لما بتعصب مش بحس بالا حواليا لما تخرجى من هنا فكري فى كلامى كويس وأعتبري النهاردة أجازة ليكِ بس من بكرة عايز أرجع ألقيكى على مكتبك
وقبل أن تستوعب كلماته غادر على الفور وهى بمحلها تتأمله بصدمة وغموض.
أسرعت بسيارتها لتلحق بالجامعة لتأخرها الملحوظ، جن جنونها حينما توقفت السيارة عن العمل فهبطت تتفحصها بجنون...
رفعت شاهندة الهاتف لتصرع حينما وجدت الوقت ينفذ فأسرعت لسيارات الأجرة تنتظر أي منهم..
مرت الدقائق ولما تجد واحدة فتخذت قرارها بأن تخطو للطريق الرئيسي فهناك ستجد الكثير.
وبالفعل أسرعت بخطاها غير عابئة بالطريق ولا بتلك السيارة التى تقترب منها عن تعمد..
صرخت بقوة حينما قطع الطريق عليها بعدما كادت أن تصطدم به فتطلعت للسيارة بستغراب ليخرج من رأته من قبل..
خلع نظارته قائلا بضيق: أنتِ بتطلعيلي منين؟
وقفت أمامه بصمت تتذكره فقالت بهدوء: هو أنا عملت أيه حضرتك الا دخلت عليا بعربيتك
تأملها بهدوء ثم قال بسخرية: لا والله أسف أنى قطعت على حضرتك الطريق لأنى فاضي وبتسلى وواضح أنى عصبت سيادتك
صاحت بغضب: بتتريق حضرتك.
أجابها بنفس مستوى الصوت: رجعى كلامك وبعدين لما حد بيمشى على طريق العربيات بياخد جانب مش بيمشى بنص الطريق
رمقته بضيق: والله أنا أمشى بالحتة الا تعجبنى
بادلها بنظرة مميته فقال بسخرية: أنا مش فاضى للهبل دا
وتركها وتوجه لسيارته فقالت بصوت مسموع: أيه الجنان الا على الصبح دا
ثم صمتت قليلا فتوجهت له بضيق وهى تطرق على زجاج السيارة برقة، تعجب فراس وفتح النافذة قائلا بسخرية: نعم نسيتى حاجه فحابة تضيفيها.
أجابته بحزن: معلش لو ضايقتك فأنا بعتذر بس أرجو حضرتك تسامحنى عشان اليوم ميضعش عليا
أنحنت ملامح وجهه بزهول فقال: مش فاهم
أجابته بهدوء وحزن: يعنى لو غلطت فيك سامحنى لانى خايفة جزاء صيام النهاردة يضيع عليا فالله يكرمك تسامحنى
كان يتوقع منها طلبها لأيصالها ولكن كانت صدمته كبيرة حقاً..
طال صمته فحزنت للغاية وعلمت ان الصمت رافضاً قاطعى فأرتدت حقيبتها بأعتدال وأكملت طريقها..
أكمل خلفها بسيارته فقال بهدوء: سامحتك
إبتسمت قائلة بأمتنان: شكراً
أجابها بأبتسامة هادئة: وممكن أوصلك لأى مكان تحبيه
وضعت عيناها أرضاً ثم قالت بهدوء: أنا مقدرة مساعدتك ليا بس للأسف مش هقدر
وأسرعت من خطاها فأبتسم بغموض وزاد من سرعته ليختفى من أمامها..
كان تفكيره بتلك الفتاة الغامضة لم يلتقى بها سوى مرة فكانت بالصمت والآن وكانت بالصدمات..
رفع فراس هاتفه على صوت رسالة من المغرب تحثه بأن السيدة التى خدمتهم طوال تلك السنوات على فراش الموت وتريد رؤيته بقوة وألحاح لم يبالى بها وألقى هاتفه على المقعد المجاور له وعين تلك الفتاة وحديثها تأبى تركه كأنها عاصفة مدمرة..
جلست على الطاولة الخاصة بالمطعم بشرود بعد أن وجدت عمل وأستقباله بالغد، تاهت نظراتها بالفراغ تتذكر كيف كلماته، نظراته الغامضة، وضع النادل القهوة أمامها وغادر لتكمل رحلة الصمت، ليخرجها منه من يقف أمامها لتحيل الصدمة ملامح وجهها..
بمكتب يزيد
أستند برأسه على المقعد بعالم أخر غير الذي له سيف يتحدث معه بأمور الشركات..
تعجب سيف من هدوئه فقال بقلق: يزيد أنت كويس؟
إبتسم بسخرية فكيف تعلم الراحة والسكينة قلبه الذى أصبح عاشق لتلك الفتاة المجنونه..
أجابه بثبات مخادع: ورينى الأوراق وروح أنت على مكتبك فى بنت عايزاك تعلمها الأدارة فى القسم الخاص بيك أنت ومالك
رمقه بتعجب: ومن أمته وأنا بعلم حد!
إبتسم الغول بمكر: بس أنا طلبت كدا.
زفر سيف بغضب وهو يتوجه للخروج متمتم بكلمات سمعها يزيد جيداً: هموت وأفهم دماغك
وما أن غادر حتى رفع هاتفه ليطمئن على رفيقه، فأتاه صوته المنزعج
: أنت فين؟
مالك=بتفسح، هكون فين يعنى فى المطعم بستنى العميل الا حضرتك صممت أنى أقبله هنا مش عارف ليه؟!
لأن دا الصح مع أمثالهم
=لا متقولش تباعهم!
بالظبط وجوده هنا مش كويس لينا أكيد عاملين كل دا عشان يصورا مداخل المكاتب بس أنا عجبتنى اللعبة وهكملها بعيد عن الشركات وبطريقتك
إبتسم مالك قائلا بأعجاب: واضح أن دروس الهدوء أثمرت
إبتسم يزيد قائلا بسخرية: تلميذك.
وأغلق الهاتف ليفق على حقيقة صادمة، تلونت دقات قلبه بلون مخيف، تمردت الدفوف بدف غامض، مؤشرات قلبه تخبره بأنها بمكانٍ ما، بحثت العينان عنها فوقعت على من تجلس على بعد ليس ببعيد عنه لتكتمل الصدمة بحقيقة جميلة.
رفعة عيناها لتجده يقف أمامها، جذب حسام المقعد فجلس قائلا بغضب: ممكن أفهم مش بترودي على تلفوناتى ليه؟!
تلونت عيناها بجمرات نارية فجذبت حقيبتها وتوجهت للخروج فحذبها بعنف قائلا بصوت كالهلاك: مش هنمشى غير لما أعرف بتهربي منى ليه
جذبت يدها وهى تصيح بصوت مسموع لمالك والجميع: أنت أيه مش بتفهم علاقتنا أنتهت يا بنى أدم ثم أنك بتلاحقنى ليه؟! كل الا بتفكر فيه أنك ترمى خيانتك القذرة على أخويا حتى بعد ما شوفتك؟!
طب لما خرجت من عندك وعملت الحادثة مفكرتش جرالي أيه؟!
لا كل تفكيرك كان إذا كنت كشفت حقيقتك ولا لا بجد أنت إنسان حقير.
وتوجهت للخروج وهو يتلفت من حوله بخجل فلحق بها بوجه متهجم لا ينذر بالخير..
أسرعت بخطاها لتجده خلفها يجذبها بقوة لسيارته فصرخت به بجنون ولكن لم تستطيع تخليص نفسها منه لتجد مقبض حديدى يحيل بينهم ونظراته تهلع القلوب، رفعت عيناها فوجدته يتطلع لها لا تعلم لما كانت بحاجته؟!، لم شعرت بأنه بمكانٍ ما..
تعجب حسام من نظراتهم المطولة فحاول بجذب يده من بين القبضة الحديدية ولكن هيهات لم يستطيع..
أفاق مالك على صوته فنقل نظراته علي عيناه قائلا بصوت كالموت: لو مستغنى عن عمرك خاليك مكانك
رمقها بغضب قائلا بسخرية: مين دا؟ أه قولى كدا بقا أنك شايفه حد غيرى
تلونت عيناها بالدموع فشعر مالك بخنجر طعن قلبه ليهوى على وجهه بلكمة قوية نزف لأجلها دماء كثيفة فربما كان تصريح ليعلم بقوة الخصم..
أسرع لسيارته قائلا بعصبيه بقلمى آية محمد رفعت، : ماشي يا ليان هتشوفى بنفسك هعمل أيه؟
وغادر سريعاً بسيارته، وقفت تتأمل الطريق الخالى منه ثم رفعت عيناها على من يقف جوارها وبداخلها نبضات مريبة..
خرج صوتها أخيراً: بشكرك
قالتها وتوجهت للرحيل فأسرع بالحديث: على فين؟
أجابته وعيناها على الطريق: اكيد على البيت
قال بملامح مازالت منصدمة: طب تعالى هوصلك
أسرعت بالخطى: لا مفيش داعى.
جذبها قائلا بصوت متعب للغاية: لازم تسمعينى الا بيحصل دا مش صدف
لم تستمع لكلماته فعيناها على يديه المطوفة لذراعها، أذنيها على ما تستمع إليه لأول مرة، دقات قلبها تعلو وتخفق بصورة مريبه دوامة الظل تتطوف بها لتجده أمامها ثم بدأ الملامح بالأتضاح لتجده مالك!
محاورات وأسئلة تزورها، نبضات ودفوف تحاربها لم تحتمل كل ذلك لمجرد لمسه لها فأبتعدت عنه سريعاً وهى تلتقط أنفاسها بصعوبة كمن ركضت لمسافة أميال تحت نظرات أستغرابه فقترب منها قائلا بحرص: لازم تسمعينى يا ليان صدقينى مش هأخد من وقتك كتير
حاولت الحديث ولكن لم تعرف الكلمات فتفهم امرها وأخرج هاتفه ثم شعل السماعات الخارجيه لتستمع لصوت محمود قائلا بفرحة: لحقت أوحشك!
مالك بجدية: محمود فى شخص بيحاول يضايق ليان فحبيت أوصلها لو معندكش مانع
صاح بلهفة: مين؟! اكيد الحيوان حسام مكفهوش الا عمله ورحمة ابويا مأنا رحمه وصلها يا مالك
أغلق الهاتف قائلا براحة: اظن ثقة أخوكِ فيا تخليكى تطمنيلى
لم تكن بداومة الواقع وجدت نفسها مستسلمة لقدماها فصعدت معه بسيارته ليتوجه لمكان ربما بعد رؤيته تستطيع أن تفكر وتعلم بأرادة المجهول بجمعهم
خرج صوتها المتقطع: البيت مش من هنا.
أجابها وعيناه على الطريق: عارف يا ليان متخافيش مش هأخد من وقتك كتير
تلفتت حولها برعب حقيقي قائلة بخوف: أنت جايبنى هنا ليه؟
تطلع لها بعيناه الساحرة: متخافيش يا ليان
توقف الزمان بعد نظراته فحاولت التحكم بعيناها ولكنها فشلت فشل مريع.
بالجامعة
أنهى محمود المحاضرة وأسرع بالخروج ولكنه تخشب محله حينما وجد هذا اللعين يجلس على الطاولة الخاصة بكافى الجامعه مع منار، كانت صدمة كبيرة حقاً..
أقترب منهم قائلا لها بغضب شديد: أيه الا مقعدك مع الحيوان دا؟!
لم تتفهم حديثه ولكن أستغل حسام الامر قائلا بخبث: ودا شيء يخصك! أتنين قاعدين أكيد الا بينهم مفهوم
صعقت منار فقالت بجنون: أيه الا انت بتقوله دا!
أشار لها محمود بالصمت ثم أنحنى ليكون على مقربة منه قائلا بصوت هادئ: أوراقك معايا يعنى مكشوف للكل ومتنساش أنا ممكن أعمل فيك أيه؟ يعنى بالعربي كدا بهددك لو مبعدتش عن أختى وعن أي حد يخصنى هتكون نهايتك على ايدى والتصريح منك
قال كلمته الأخيرة وعيناه على منار المرتبكة من نظراته، لم يحتمل هذا اللعين الكلمات فغادر وهو يتوعد له ولمالك ولها بالهلاك..
ما أن غادر حتى قالت ببكاء: دا أخو زميلتى فى الجامعه شوفته مرة معاها فجيه النهاردة وطلب منى دقيقة واحده عشان فى موضوع مهم طلب منى نخرج من الجامعه لاى كافي بس أنا مرضتش وقولتله هنا أتفاجئت أنه بيسالنى عن أخويا وشغله وان هو خاطب او متجوز معرفش ييسأل ليه؟
أجابها بغضب: لأنه غبي عشان مالك أنقذ ليان منه فعايز يدفعه التمن
ثم بدأ بالهدوء: خلاص سيبك أنا هحل الحوار دا أنتِ لسه عندك محاضرات؟
أشارت بمعنى لا فأجابها بأبتسامة هادئة: السواقة فى حالتك دي خطر ووحشة جداً فممكن أتنازل وأوصلك
آبتسمت برقة مشيرة بنعم فأتابعته لسيارته ربما أول الطريق لقصة عشق ستحطم القيود حينها لابد من العقبات ولكن بالأتحاد ستحطم ما يقف عائق أمام عاشق ومعشوق.