رواية مزرعة الدموع للكاتبة منى سلامة الفصل العشرون
انطقت السيارة بالمسافرين فى طريقهم الى المنصورة. جلست ياسمين بجوار الشباك فى المقعد الخلفى وبجوارها ريهام ثم والدهما. كانت ياسمين طول الطريق تنظر الى الشباك وتشرد بخيالها. أسندت رأسها بقبضة يدها وأخذت تسترجع ذكرياتها. أول يوم لها فى الجامعة والفرحه التى كانت تشعر بها. يوم تخرجها وفخر والدها ووالدتها بها، والدتها لكم اشتاقت اليها تجمعت فى عينيها عبره حائره. لماذا تسقط؟ أتسقط لانها فقدت حضن والدتها الحاني؟ أم تسقط على حالها وما يحدث لها؟ تذكرت يوم جاء مصطفى الى بيتهم لطلب يدها. آه لو كانت تعلم لكانت طردته يومها شر طرده. لكنها لم تكن تعلم الغيب. ومازالت لا تعلم الغيب. فلعل طريق الاشواك الذى تسير فيه ينتهى نهايه جميله. لعل الله يخبئ لها خيراً لا تعلمه. ظلت تفكر فى الضربات التى تعرضت لها. كانت ياسمين تملك قدراً كبيراً من العزيمة والاصرار. ليست ممن يستسلمون لالامهم وأحزانهم وينكبون عليها. صممت ألا تدع شيئاً أو أحداً يحطمها. الضربة التى تأخذها ستقويها ولن تكسرها. ستظل عزيزة النفس أبيه. لن تسمح لاحد بإهانتها أو اذلالها. وقريباً ستتخلص من مصطفى وتصبح حرة نفسها. لن تسمح لاحد أن يجبرها مرة أخرى على شئ ترفضة خاصة لو الامر متعلق بحياتها هى. ستتعلم من كل ما مر بها. ولن تقع فى الخطأ مرتين. عزمت على بدء حياة جديدة لا وجود فيها لليأس. هى تثق بالله عز وجل. وتثق بأنه لن يضيعها مادامت قريبه منه. حانت من ريهام التفاته الى أختها. شعرت بغصه عندما رأت الدمعه التى تلمع فى عينيها. أرادت أن تخفف عنها فمالت عليها قائله بصوت منخفض: - هو احنا ليه حظنا فقر مع الرجالة؟
ابتسمت ياسمين رغماً عنها والتفتت تنظر الى ريهام التى أكملت قائله: - معتز و مصطفى وآخرهم ابن أمه وائل. رجاله عرر
لم تتمالك ياسمين نفسها ووجدت نفسها تضحك بشدة. حاولت كتم ضحكاتها حتى لا يسمعها أحد الركاب. نظرت لها ريهام قائله: - أنا قلبي حاسس ان القاهرة دى كانت نحس و ان شاء الله بدون مقاطعة المنصورة دى هيكون وشها حلو علينا.
ابتسمت لها ياسمين قائله: - هو انتى ناوية على ايه بالظبط؟
- يختى مش ناوية على حاجة غير الدعاء. ايه مدعيش. ربنا كبير وان شاء الله نطلع من البلد دى بفردتين لوز واحد ليا ووالد ليكي
- فردتين؟! لا شكرا كفاية فرده واحده ليكي
- لا. وان شاء الله فردتين متقاطعيش انتى بس. ده أنا متفائله من ساعة مطلعنا على الطريق وأنا حسه ان النحس ابتدى يتفك. بكرة تشوفى
ابتسمت لها ياسمين وعادت لتنظر من الشباك تراقب الاشجار على الطريق.
فى المزرعة كان عمر فى مكتبة يدقق فى الملفات أمامه عندما طرق أيمن الباب ودخل. ابتسم له قائلا: - صباح الخير يا عمر
بادله عمر الابتسامه قائلا: - صباح الخير يا أيمن
ثم استطردت قائلا: - الجماعه اتحركوا
- مش عارف بصراحه بس أكيد أيوة
قال بجديه: - مش تكلمهم يا ابنى عشان تعرف ركبوا ولا لسه وعشان تتابعهم وهما على الطريق دى أول مرة ييجوا هنا
- طيب حاضر. هجيب رقم ياسمين من سماح.
اتصل أيمن ب سماح وطلب منها رقم ياسمين ليتابعهم على الطريق. أخبرته أنهم ركبوا بالفعل وأعطته الرقم فدونه أيمن ثم انهى المكالمة معها واتصل ب ياسمين
نظرت ياسمين الى هاتفها وهى تشعر بالتردد فسألتها ريهام: - مين اللى بيتصل
- مش عارفه رقم غريب
- طيب ردى
قالت ياسمين بخوف: - لا خايفه يكون مصطفى
صمتت قليلا ثم أكملت قائله: - ممكن يحس من الصوت انى فى المواصلات ويشك اننا مش فى البيت. بلاش أرد أحسن.
- طيب ممكن يكون حد من المزرعة. افتحى ولو سمعتى صوت مصطفى اقفلى على طول
- خلاص فصل
عاود الهاتف الرنين مرة أخرى. فحثتها ريهام قائله: - ردى
فتحت ياسمين الخط وانتظرت أن يتحدث المتصل. فأتاها صوت لا تعرفه: - ألو السلام عليكم
ردت بحذر: - وعليكم السلام. مين حضرتك
- أنا أيمن زوج سماح. كنت عايز أعرف انتوا فين بالظبط وأدامكوا أد ايه
- طيب لحظة واحدة لو سمحت.
نظرت الى والدها وقالت له: - بابا زوج سماح. كلمه انت عايز يعرف أدامنا أد ايه
تكلم مع والدها وعرف أن أمامهم ما يقرب من ساعة. أنهى المكالمة وقال ل عمر: - أدامهم ساعة تقريباً ويوصلوا
- طيب تمام
صمت عمر قليلا ثم قال: - هى مكنتش راضية تكلمك؟
- أعتقد كانت خايفه ترد حسيت بصوتها فى البدايه بتتكلم بحذر أوى. شكل جوزها ده مربيلها الرعب
- لا مش قصدى. قصدى لما قولتلها ان انت زوج سماح.
- قالتلى لحظة واحدة وبعدين لقيت باباها بيكلمنى
أومأ عمر برأسه ولم يعقب
- طيب هقوم أشوف شغلى. أشوفك بعدين. أما يوصلوا هعرفك
رد عمر قائلا: - تمام
خرج أيمن وترك عمر يفكر فى تصرفات تلك الفتاة الغريبة.
اقتربت السيارة من المزرعة فأعطت سماح الهاتف لوالدها ليتصل ب أيمن. وصلوا أخيرا الى المزرعة بعد عناء ثلاث ساعات على الطريق. كانت الشمس فى كبد السماء. استقبلهم أيمن على بوابة المزرعة ورحب بهم. أدخلهم الى الداخل. وقعت ياسمين فى حب المزرعة من أول وهله. كانت بطبيعتها تحب الهدوء والخضرة والطبيعة الساحرة. وكانت المزرعة فعلا ساحرة. خطفت لُبها من أول نظرة. بمجرد أن عبرت البوابة شعرت بمزيج من الهدوء والسلام والطمأنينة. تغريد العصافير على الشجر كان يبعث فى نفسها التفائل والامل. وجدت نفسها تبتسم وهى تتأمل الطبيعة الساحرة حولها، كان يبدو أن مالك المزرعة ذو ذوق خاص. لم يبخل على مزرعته بشئ. فكانت من أجمل ما يكون. كان أيمن يسير مع والد ياسمين فى المقدمة و ياسمين و ريهام خلفهما. التفت أيمن الى الفتاتان قائلاً: - عجبتكوا المزرعة.
قالت ياسمين بحماسه: - جداً. شكل صاحبها مهتم بيها أوى
- فعلاً عمر على طول مهتم بيها.
إذن فإسم صاحب المزرعة عمر. تساءلت فى نفسها. ترى هل هو شخص طيب ومحترم مثل أيمن. أم أنها ستجد مشاكل فى العمل معه. كانت ريهام تسير بجوار أختها تتأمل المزرعة بدورها عندما حانت التفاته منها لترى رجلين يتحدثان معاً أمام احدى الشجيرات. دققت النظر وفجأه فتحت فهمها دهشة عندما تعرفت على أحد هذين الرجلين. أدخلهم أيمن الى مكتب عمر والذى كان فارغاً. ثم طلب لهم مشروب واستأذنهم فى الذهاب للبحث عن عمر.
بعدما رحل أيمن. انحنت ريهام على أذن ياسمين هامسه: - ياسمين عارفه شوفت مين بره؟ الراجل الجامد اللى كان عندك فى المستشفى
قالت ياسمين بإستغراب: - راجل مين؟
- ايه يا ياسمين دماغك ساحت من الشمس ولا ايه. الراجل اللى خبطك بالعربية
- ماله؟
- لسه شايفاه واقف بره
قالت ياسمين لاختها بعدم تصديق: - وده ايه اللى هيجيبه هنا يا ريهام. شكل دماغك انتى اللى ساحت من الشمس.
أصرت ريهام قائله: - والله هو أنا واثقه مش هتوه عنه. أبو برفيوم يجيب لاخر الشارع ده
ضحكت ياسمين ضحكه خافته. والتفتت الى حقيبتها تفتحها لتخرج منها الهاتف. سألتها ريهام:
- هتكلمى سماح
- أيوة هطمنها اننا وصلنا
فى هذه الاثناء ذهب أيمن للبحث عن عمر فوجده قادما نحوه. فقال أيمن:
- الجماعة وصلوا وفى مكتبك
- طيب كويس.
سارا الاثنان معاً فى اتجاه المبنى الذى يحوى مكتبه ومكاتب الموظفين العاملين فى المزرعة. خطر ل عمر سوال. تُرى ماذا سيكون رد فعلها عندما تراه. فهى حتى الان لا تعلم أنه هو نفسه من صدمها بسيارته منذ فترة. بالتأكيد ستُصدم لرؤيته. ابتسم لنفسه وهو يتوقع الصدمة التى ستشعر بها. طرق أيمن الباب ودخل أولا ثم لحقه عمر وأغلق الباب كانت ياسمين جالسه بجوار أختها. و عبد الحميد يجلس على أريكة أمامهما. تقدم الرجلان تجاه عبد الحميد. فرفعت ياسمين رأسها لترتطم نظراتها بنظرات عمر. خفق قلبها بشدة. نظرت الى ريهام لتنظر لها تلك الاخيرة بنظره معناها (مش قولتلك ). حاولت ياسمين ربط الخيوط ببعضها. ما علاقة ذلك الرجل ب أيمن هل هو صديقه صاحب المزرعة. وهو نفسه من صدمها. هل يعلم بأنها هى هى. أم أنه صُدم مثلها. تابعته بعينيها وهو يسلم على والدها. كلا لا يبدو عليه أنه صُدم أو دُهش. اذن فقد كان يعلم بأنها هى صديقة سماح. لماذا اذن عرض عليها العمل فى المزرعة. أمجامله لصديقه؟ أم محاوله منه لتخفيف شعوره بالذنب بسبب تلك الحادثه؟
قدم أيمن الرجلين لبعضهما البعض قائلا: - أستاذ عبد الحميد والد مدام ياسمين، الباشمهندس عمر صاحب المزرعة
مد عمر يده لوالد ياسمين فسلم عليه والدها ونظر اليه قليلا وقال: - أهلا بيك يا باشمهندس. بس أنا حاسس انى شوفتك قبل كده.
حانت من عمر التفاته الى ياسمين فتلاقت نظراتهما. فأسرعت بخفض بصرها بعدما تضرجت وجنتاها خجلاً. قال فى نفسه اذن فقد تذكرته كما تذكرها. التفت عمر الى والدها مرة أخرى قائلا: - اتقابلنا فى المستشفى بعد الحادثة بتاعة مدام ياسمين
قال والدها وقد تذكر: - أيوة أيوة انت اللى خبطها بعربيتك
كان أيمن يتابع ما يحدث فى دهشه فسألهم: - حادثة ايه مش فاهم
قال له عمر: - هبقى أشرحلك بعدين.
بعدما سلم الرجلين على بعضهما البعض التفت أيمن حيث تقف ياسمين و ريهام وقال ل عمر: - مدام ياسمين و أختها الانسه ريهام.
اقترب عمر منهما ولدهشتها مد يده ليسلم عليها. عقد لسانها. نقلت بصرها من يده الى وجهه فى توتر. ثم استجمعت شجاعتها وقالت بصوت خافت دون أن تنظر اليه: - أنا أسفه مبسلمش بالايد
عقد ما بين حاجبيه فى دهشة. ثم أعاد يده الى جواره قائلا: - أهلا بيكي فى المزرعة
ردت قائله: - أهلا بحضرتك.
التفت الى ريهام مبتسماً قائلا: - أهلا بيكي يا آنسه ريهام
- أهلا بحضرتك
جلس الجميع. كانت ياسمين تحاول استيعاب الامر. سمعت صوت عمر الرخيم يقول: - احنا عندنا هنا فى المزرعة أقسام كتير. منها قسم خاص بالانتاج الحيواني. تربيه وتسمين. أنواع كتير بنربيها هنا فى المزرعة. وكمان فى معمل عشان نفحص نتايج التحليلات اللى بنعملها أول بأول.
ثم التفت الى ياسمين قائلا: - شوفى المكان اللى تحبي تشتغلى فيه وأنا معنديش أى مشكلة.
انتظر عمر ردها. فكرت فترة وساد الصمت فى الغرفة. ثم قالت وهى تحاول قدر الامكان تلافى النظر اليه: - بصراحة دى أول مرة أشتغل فيها. وأنا بعيد عن الدراسة بقالى 5 سنين. يعني أى مكان هشتغل فيه محتاجه أتدرب فيه الاول. فأنا مش فارق معايا حاليا هشتغل فى ايه تحديدا لانى معرفش ايه اللى هقدر أعمله وايه لا. لازم التجربة الاول. عشان كدة أقترح انى أساعد القسم اللى محتاج مساعده. لحد ما أشوف ايه اللى أنا أصلح للشغل فيه.
أومأ عمر برأسه وقد أعجبه ما قالت. فهى إذن لا تعتبر نفسها فى نزهه هنا. بل انها تنوى العمل بالفعل. نظر اليها قائلا: - مفيش مشكلة عندى. زى ما تحبي. ولو واجهتك أى مشكلة عرفيني. هسيبكوا النهاردة ترتاحوا من السفر. وبكرة ان شاء الله هعرفك على المزرعة وتبتدى شغلك
ثم نظر الى والدها قائلا: - اتفضلوا معايا عشان أوريكوا مكان السكن.
أخذهم عمر الى المبنى الذى يضم غرف العمال. كان قد جهز غرفتين. غرفة ل عبد الحميد وغرفة بسريرين ل ياسمين و ريهام. كانت غرف متواضعه لكنها تفى بالغرض. شكره عبد الحميد وذهب الجميع الى غرفهم ليرتاحوا. دخلت ريهام الغرفة بعد ياسمين وأغلقت الباب وهتفت قائله: - مش قولتلك هو. مكنتييش مصدقانى.
نظرت اليها ياسمين قائله: - بصراحة أنا مصدومة. آخر حاجه كنت أتصورها ان الراجل اللى خبطنى بالعربية يكون صاحب أيمن زوج سماح
- سبحان الله. الدنيا صغيره. بس باين عليه ابن ناس أوى
قالت ياسمين تغير الموضوع: - أنا تعبانه وعايزه أنام نوم عميق. أنا معرفتش أنام طول الليل من التوتر كنت خايفه مصطفى يطب علينا ومنعرفش نسافر.
اقتربت منها ريهام مطمئنه اياها: - خلاص انسي حاجه اسمها مصطفى احنا فى مكان مش ممكن يعرفه. اطمنى
أومأت ياسمين برأسها ودخلت فراشها وغطت فى سبات عميق. بعد ساعتين استيقظت على صوت طرقات على باب الغرفة. استيقظت فزعه. ونظرت الى ريهام التى استيقظت بدورها. ارتدت ياسمين اسدال الصلاة ووقفت خلف الباب وقالت: - مين؟
أتاها صوت رجل من خلف الباب: - الباشمهندس عمر باعت الحاجات دى.
فتحت الباب وأخذت من الرجل لفة شعرت بسخونتها. أغلقت الباب ونظرت لما تحمله بدهشة. سألتها ريهام قائله: - ايه ده؟
قالت ياسمين بحده: - الافندى ده فاكر ايه بالظبط. جايين نشحت منه.
هبت ريهام واقفة وقالت: - ليه ايه اللى حصل
تركت ياسمين اللفة التى تحملها وخلعت اسدالها وقالت بغضب: - الباشا باعت أكل
- والله كتر خيره.
قالت بحده: - احنا مش مستنيين منه حاجه. هو فاكر نفسه ايه بالظبط عشان يبعتلنا أكل أكننا جايين هنا نشحت منه
هدئتها ريهام قائله: - أكيد مش قصده كده يا ياسمين. أكيد كل اللى قصده ان احنا فى بلد غريبه مبقلناش كام ساعة ولسه معرفناش النظام هنا ولا الاماكن هنا
- ولو. ميصحش اللى عمله ده
- طيب خلاص هدى نفسك حصل خير
ثم توجهت الى لفة الطعام تفتحه قائله: - مممم ريحته تجنن.
تركتها ياسمين وتوجهت الى فراشها. فسألتها ريهام: - ايه مش هتاكلى
قالت بحزم: - لا مش عايزه. هكمل نومى. تصبحى على خير
لكنها كانت غاضبة لدرجة هرب معها النوم. بعدما فشلت فى النوم. قامت وارتدت ملابسها فسألتها ريهام بإستغراب: - راحة فين؟
- هتمشى شوية. هحاول استكشف المكان هنا. احنا هنعد هنا فترة ولازم نعرف الاماكن اللى حوالينا كويس.
خرجت ياسمين من البناء فإستقبلتها النسمات تلفح وجهها. ورائحه الزهور تملا أنفها. تمشت فى المزرعة وهى تنظر خلفها بين الحين والاخر حتى لا تضل طريقها وتنتبه الى علامات حوالها حتى تهتدى الى طريق العودة. فعلا كما قالت سماح المزرعة كبيرة جداً. ويتم العناية بها الى حد كبير. فجأة تذكرت صديقتها فأخرجت هاتفها لتتحدث معا: - السلام عليكم
- وعليكم السلام. المنصورة نورت
ضحكت ياسمين قائله: - منوره بأهلها.
قالت سماح بحماس: - ها ايه رأيك المزرعة حلوة؟
- حلوة بس دى جنه
- بجد عجبتك
- جدا جدا فوق مالا تتصورى. ما انتي شوفتيها وأكيد عارفه انها تجنن
ضحكت سماح قائله: - تصورى أنا لسه مشفتهاش لحد دلوقتى
قالت لها بدهشه: - بجد؟
- أيوة. بس أيمن وعدنى ياخدنى يفرجنى عليها. آه صحيح قبل ما انسى. انتى و ريهام وعمو معزومين عندنا بكرة على الغدا
قالت لها ياسمين فى حرج: - سماح بلاش تتعبى نفسك مفيش داعى.
- احترمى نفسك يا ياسمين. لو بجد اتعاملتى كده معايا أنا هزعل منك جدا. متحطيش فرق بينا لو سمحتى
ابتسمت ياسمين قائله: - مش بحط فرق بس مش عايزة أتعبك
- تعبك راحة يا ستى. ملكيش دعوة هو حد اشتكالك
صاحت ياسمين فجأة: - صحيح نسيت أقولك
- خير
- تصورى صاحب المزرعة طلع مين؟
- يعني ايه طلع مين
- طلع الراجل اللي خبطنى بالعربية يوم خطوبتك
قالت سماح بإندهاش: - بتتكملى جد
- آه والله. أنا اتصدمت أما شوفته.
ضحكت سماح قائله: - يعني اللى خبطك بالعربية يوم خطوبتى هو صاحب أيمن اللى محضرش الخطوبة
- اه. عشان كان فى المستشفى معايا. شوفتى الصدف
- صدفة غريبة فعلا. زمانه هو كمان اتصدم لما شافك
قالت ياسمين بإستغراب: - أهو هو ده اللى أنا مستغرباله. مبنش عليه أنه اتفاجئ. اما انه كان عارف. واما انه من النوع اللى بيعرف يدارى ردة فعله.
انهت ياسمين المحادثة بعدما أكدت عليها سماح عزومة يوم غد. فجأة نظرت ياسمين حولها لتجد أنها قد ضلت طريقها. فكانت تسير بغير هدى أثناء حديثها مع سماح.
فجأة سمعت صوت من خلفها قائلاً: - كنت واثق انك هتوهى
التفتت لتجد نفسها فى مواجهه عمر. الذى استطرد قائلا: - شوفتك وانتى ماشيه الجهه دى وكنت واثق انك هتوهى لان الطرق من هنا متداخله وشبه بعضها.
قالت ياسمين بإباء: - كنت بتكلم فى الموبايل وعشان كده مركزتش. لو مكنتش بتكلم كنت عرفت أرجع لوحدى
التقطت أذنا عمر نبرة التحدى فى صوتها. فقال فى تحدى مماثل: - سواء كنتى مركزة أو مش مركزة المزرعة كبيرة وصعب حد غريب يمشى فيها لاول مرة وبدون دليل وميتهش
صمتت وهى تحاول أن تكتم غيظها. فأشار بيده على الطريق الذى جاء منه قائلا: - امشي من هنا على طول بدون ما تحودى هتلاقى مبنى السكن فى وشك على طول.
مشيت خطوتين ثم التفتت اليه قائله: - أحب أوضح لحضرتك حاجه مهمة
التفت عمر بجسده ليواجهها وقد أولاها كامل انتباهه. قال لها: - اتفضلى
قالت بحزم: - أنا جيت هنا بعد ما سماح أكدتلى ان المنفعة بينا هتكون متبادلة يعني شغل مقابل مرتب. يعني اللى عايزه أقوله ان مفيش داعى ان الصحوبية والمجاملات يكون ليهم تأثير على وجودى هنا. أنا هنا فى شغل وزيى زى أى حد بيشتغل فى المزرعة هنا. بدون تمييز.
قالت ياسمين ذلك ولم تعطيه فرصه للرد و توجهت الى الطريق الذى أشار اليه.