رواية كن ملاكي للكاتب عبد الرحمن أحمد الرداد الفصل العشرون
الجزء الثاني من بنت القلب
- احنا لقينا زوجة حضرتك نيران
كانت تلك الجملة كافية بأن تجعله يقوم مسرعًا من مكانه وهو يقول بلهفة:
- فين المكان ! بعد اذنك فين المكان وهي كويسة ولا لا ؟
أجابه المتصل بجدية:
- قسم شرطة الدرب الأحمر وهي كويسة أيوة لكن مش فاكرة حاجة
- مش فاكرة حاجة ! طيب طيب أنا جاي حالا
أنهى المكالمة وقبل أن يصعد ليبدل ملابسه أوقفه والده الذي سأله على الفور:
- في ايه يا طيف ! لقوا نيران ؟
هز رأسه بالإيجاب ليقول:
- أيوة يا بابا لقوها وهي دلوقتي في قسم شرطة الدرب الأحمر .. أنا هطلع أغير هدومي علشان أروحلها
وصعد مسرعًا إلى الأعلى حيث شقته دون أن ينتظر رد والده وبدل ملابسه بسرعة شديدة ثم اتجه إلى الأسفل فوجد والده أيضًا قد بدل ملابسه وردد بجدية:
- يلا أنا جاي معاك..
هز رأسه واتجه إلى سيارته واستقل والده المقعد الأمامي بجواره ثم انطلق بسرعة شديدة إلى القسم الذي كان قريبًا من مديرية أمن القاهرة، وصل واتجه إلى رجل الأمن الذي كان يسد الباب وقال:
- الرائد طيف أيمن
فأفسح له الطريق ليمر إلى الداخل ومعه والده، صعدا إلى الطابق الثاني وتحدث والده تلك المرة قائلًا:
- فين المقدم أحمد خالد ؟ قُل له اللواء أيمن ضياء برا ومعاه ابنه الرائد طيف أيمن.
أدى التحيه ودلف إلى داخل المكتب ليبلغه بما قاله «أيمن» فأسرع إلى الخارج وقال مرحبًا:
- اللواء أيمن بنفسه ! اتفضل سعادتك اتفضل
ثم وجه بصره إلى رجل الأمن وقال بلوم:
- ازاي مادخلتش سيادة اللواء على طول ! اتفضل سعادتك
دلف «أيمن» إلى مكتبه وخلفه «طيف» الذي تسارعت ضربات قلبه لأنه سيراها أخيرا بعد فراق دام أكثر من شهرين .. لم يتحمل الانتظار ونظر إلى المقدم «أحمد» وقال بلهفة:
- فين نيران يا سيادة المقدم..
ابتسم وأشار إليه بالجلوس ثم قام بإحضار زجاجتين من المياه ومد بهم يده وهو يقول:
- هي في المكتب التاني خدوا اشربوا بس مياه علشان فاضل دقيقتين على الفجر وأنا هروح أجيبها
تحدث «أيمن» وقال بابتسامة:
- تسلم يا أحمد
- على ايه سعادتك أنا ماعملتش حاجة والله أنا لو أعرف إن حضرتك جاي كنت استقبلتك بنفسي على باب القسم .. بعد اذنكم هروح أجيبها..
لم يجلس «طيف» وظل يتحرك ذهابًا وإيابًا بتوتر وخوف شديدين خاصة أن الضابط أخبره بأنها لا تتذكر أي شيء، لا يعرف كيف يتصرف وماذا سيفعل عندما يراها كل ما يفكر فيه الآن هو رؤيتها وضمها إلى صدره مرة أخرى، نظر إليه والده وقال:
- اقعد ياابني خيلتني بحركتك دي .. ماتفضلش رايح جاي كدا
نظر إليه وأجابه قائلًا بتوتر شديد:
- مش قادر يا بابا .. أقعد ازاي ومراتي اللي ماشوفتهاش بقالي شهرين موجودة هنا وهشوفها كمان لحظات .. أنا مش مصدق نفسي وحاسس إني متوتر ومش عارف أظبط نفسي..
ابتسم وارتشف المياه وهو يقول:
- طب خد اشرب علشان الفجر خلاص هيأذن
هز رأسه بالرفض وقال:
- لا لا أنا مش عطشان وماليش نفس أشرب .. عايز أشوف نيران بس .. يارب استر أنا قلبي هيخرج من مكانه
وفي تلك اللحظة فتح المقدم «أحمد» الباب ودلف إلى الداخل وهو يقول:
- تعالي يا نيران..
دلفت إلى الداخل وهي تقول بغضب غير موافقة على هذا الاسم الذي يناديها به:
- لو سمحت أنا مااسميش زفت نيران ومش عارفة أنا بعمل ايه هنا .. ممكن تسيبني أمشي
رآها طيف ولم يصدق ما رأته عيناه، إنها هي نعم هي، هي من احببها وافتقدها لشهرين مروا عليه سنتين، التقت أعينهما للحظات لكن بدت له أعوام، لم يشعر بنفسه وانطلق إليها ليضمها بحب شديد وهو يقول:
- نيران حبيبتي وحشتيني أوي، مش مصدق نفسي ومش مصدق إنك في حضني دلوقتي .. قولي إني مش بحلم .. قولي إن ده حقيقة وأنتِ معايا دلوقتي..
أبعدت نفسها عنه بصعوبة وتراجعت وهي تقول بغضب شديد:
- أنت حيوان .. ازاي تحضني كدا ؟ أنا هبلغ عنك الشرطة وأقول إنك كنت بتتحرش بيا
اتسعت حدقتيه بصدمة مما قالته وصحح لها:
- أتحرش بيكِ ايه يا نيران أنا جوزك يا حبيبتي
خبطت بكلتا يديها على بعضهما وقالت بعدم رضا:
- برضه هيقول نيران .. ياعم أنت أنا مش نيران بتاعتك، أنت مُصر ليه إنها أنا ؟
نظر «طيف» إلى والده بتعجب الذي قام بدوره ونظر إلى «أحمد» وقال متسائلا:
- أنتم لقيتوها فين وازاي ؟
جلس «أحمد» وبدأ سرد ما حدث:
- جالنا بلاغ من بيت قريب من هنا إن في بنت قاعدة قدام البيت ومش بتنطق ولا بتتحرك ولما يسألوها هي مين تحدفهم بالطوب فروحنا جيبناها وفوجئنا إنها نيران اللي المواصفات بتاعتها وصورتها عندنا .. باين عليها فقدت الذاكرة أو حصل مشكلة معاها
هز «أيمن» رأسه بالإيجاب ونهض من مكانه وهو يقول:
- شكرا يا سيادة المقدم على الاهتمام ده، احنا هناخدها ونمشي..
نهض مسرعًا واتجه إليه وهو يقول:
- لا أبدا سعادتك أنا عملت الواجب واسمحلي أوصلك لبرا
ابتسم واتجه إلى الخارج وخلفه طيف الذي اصطحب نيران التي رفضت أن يمسك يدها وفضلت السير وحدها، استقلت المقعد الخلفي للسيارة واستقل «أيمن» المقعد الأمامي بجوار «طيف» الذي قاد سيارته عائدًا للمنزل ...
اتجه «زين» إلى المسجد ليؤدي صلاة الفجر واصطحب شقيقته الصغرى معه بسبب إصرارها، بالفعل أنهى الصلاة ونظر إلى الصغيرة «رقية» وقال مبتسمًا:
- مبسوطة يا ستي إنك جيتِ معايا ؟
هزت رأسها بالإيجاب وقالت:
- أيوة مبسوطة
قبل رأسها ونهض من مكانه واتجه إلى سيارته وفتح الباب الأمامي وهو يشير بيده بطريقة لطيفة:
- اتفضلي يا سنيوريتا..
ابتسمت الصغيرة ودلفت إلى السيارة فأغلق الباب ودلف هو من الجهة الأخرى وقاد سيارته عائدا إلى الفيلا، وصل وساعدها على الخروج واتجه إلى الداخل بصحبتها فتفاجأ بـ «ياسمين» التي ارتدت ملابسها استعدادًا للذهاب إلى الشركة، لم يتحدث معها لكنها صاحت قائلة بغضب:
- رقية صاحية لغاية دلوقتي ! ازاي تسهرها كدا
نظر إلى شقيقته وقال:
- اطلعي يا حبيبتي أوضتك ونامي يلا تصبحي على خير
ابتسمت وقالت:
- وأنت من أهل الخير..
اتجهت إلى الأعلى ونظر هو إليها وقال بهدوء:
- أولا أنا ماسهرتهاش وصحيتها على السحور واتسحرنا وخدتها معايا المسجد علشان نصلي الفجر ثانيا بقى من امتى وسعادتك مهتمة بيها ؟ دي البنت كرهتك بسبب إهمالك ليها ولولا إني بقولها إن كل ده غصب عنك كان زمانها مش طايقاكي دلوقتي..
تألمت من جملته الأخيرة لكنها أخفت ذلك وردت عليه بغضب:
- طيب يا سيدي أنا الشريرة اللي عايشة معاكم هنا .. خليكوا بقى كدا ونايا كلمتني علشان أفطر معاكم النهاردة بس أنا رفضت وياريت ماتدخلونيش معاكم في الحوارات العائلية الفاضية دي .. وسع بقى علشان أروح الشركة
تركته واتجهت إلى الخارج وبقى هو مكانه غير مصدق الحالة التي وصلت إليها شقيقته ...
خرج من سيارته وفتح لها الباب فخرجت، أشار إلى الطريق أمامه وقال:
- اتفضلي البيت أهو .. ماتخافيش أنا ظابط شرطة على فكرة يعني مش هأذيكي وادي البطاقة بتاعتي
نظرت إليها وتابعت الطريق معه إلى المنزل، فتح الباب وجذبها للداخل فصاحت «رنة» بعدم تصديق:
- ايه ده نيران وحشتيني أوي..
وضمتها بحب لكن «نيران» كانت تنظر إليهم بخوف، هي لا تعرف مَن هؤلاء ولماذا يدعونها بهذا الاسم، اكتفت بالصمت فقط حتى حضرت «أسماء» وقبلتها وضمتها وهي تقول:
- يا ألف نهار أبيض .. نورتِ بيتك يا حبيبتي
لم تجبها فنظرت إلى «طيف» وقالت بتعجب:
- هي مش بترد ليه هي زعلانة مني ولا حاجة ؟
ابتسم واستعد لاصطحابها إلى الأعلى وهو يقول بهمس:
- معلش يا ماما أصلها فقدت الذاكرة..
اتسعت حدقتيها بصدمة وقالت بحزن:
- ياعيني عليكِ يابنتي مالحقتيش تفرحي بشبابك
صعد درجتين من الدرج ونظر إليها قائلًا:
- ايه يا ماما أنتِ هتشحتي عليها
ثم نظر إلى والده وقال:
- بعد اذنك يا بابا..
هز «أيمن» رأسه بالإيجاب وقال:
- طيب وماتنساش علشان الشغل .. هاتها معاك هنوديها لبيتها علشان يتطمنوا عليها وأنت راجع من الشغل عدي عليها وهاتها
هز رأسه بالإيجاب واصطحبها إلى الأعلى فوقفت في منتصف الدرج وهي تقول:
- أنت رايح بيا على فين ؟
ابتسم وقال بحب:
- على الشقة يا عروسة
اتسعت حدقتيها بصدمة وابتعدت عنه حتى التصقت في الحائط وقالت بخوف:
- أنت واخدني على شقتك ليه! أنا مابدخلش شقة حد غريب وبعد اذنك رجعني بيتي..
عقد ذراعيه أمام صدره وقال بتحدي:
- وفين بيتك ده وأنا مستعد أرجعك له
صمتت قليلًا لتفكر لكنها لم تجد إجابة فتحدث هو مرة أخرى:
- شوفتِ يبقى ده بيتك بقى .. يلا يا حبيبتي وأنا هفهمك كل حاجة علشان برضه تفهميني كل حاجة
ترددت كثيرا لكنها تحركت في النهاية معه إلى الأعلى ودلفت إلى داخل الشقة بخوف شديد، أمسكها من يدها وجذبها إلى الداخل بحب قائلًا:
- نورتِ شقتك يا عروسة، يلا علشان أحميكي من التراب اللي على وشك ده..
سحبت يدها وتراجعت بخوف وهي تقول بصدمة:
- أنت قليل الأدب .. ايه تحميني دي ! أنت اتجننت ولا ايه، اوعى تكون فاكريني زي كل البنات اللي تعرفهم يا حلو
ارتفع حاجباه ورفع كفيه ليدافع عن نفسه قائلًا:
- أنا آسف، أيام سو سوري .. هتستحمي أنتِ لوحدك، مبسوطة كدا ولا لسة هتردحيلي كمان ؟
هدأ خوفها قليلا وتقدمت إلى الأمام وهي ترمق الشقة بإعجاب فلاحظ هو ذلك وقال بابتسامة:
- دي كانت شقتي قبل ما نتجوز وبعدين لما اتخطبنا أنتِ اللي اختارتِ الديكور ده ودي أول مرة تدخليها بعد ما اتوضبت علشان كنا في شهر العسل..
نظرت إليه بحيرة وقالت متسائلة:
- ازاي يعني ده كله حصل وأنا مش فاكراه أساسا .. أنت بتجيب الكلام ده منين
جلس وأشار إليها بالجلوس لكنها ترددت قليلا قبل أن تأخذ قرارها وتجلس بجواره، نظر إليها بحب وقال متسائلًا:
- عايزك تقوليلي فاكرة ايه بقى ؟
أغلقت عينيها وفتحتها عدة مرات وهي تتذكر ما حدث معها لكنها تعجبت وقالت:
- أنا كنت قدام بيت وبعدين ناس كتير اتلمت عليا وأنا اتعصبت عليهم..
تابع هو:
- اه وحدفتيهم بالطوب .. أنا أقصد قبل كدا
نظرت إليه ولم تعرف ماذا تقول فهي لا تعرف متى أتت إلى هذا المكان وما الذي حدث قبل ذلك، هزت رأسها وقالت:
- مش عارفة .. هو أنا فعلا زي ما بتقول ! ولو أنا ناسية كل حاجة زي ما الظابط قال فده كله حصل ليه ! ممكن تفهمني ؟
ارتدى ملابسه الخاصة بالعمل واتجه إلى غرفة والده ليطمأن عليها فوجدها مستيقظة، اقترب منها بحب وقال:
- ايه اللي مصحيكِ يا ست الكل
ابتسمت وأجابته بحب:
- صليت الفجر وفضلت شوية أقول الأذكار .. هنام دلوقتي بس قُل لي أنت لابس كدا ليه
أجابها بتلقائية:
- رايح الشغل
اتسعت حدقتيها وقالت معترضة:
- لا يا نائل أنت لسة تعبان شغل ايه اللي تروحه ! بلاش شغل دلوقتي لو بتحبني..
رفع يدها وقبلها وأقنعها بهدوء:
- يا ماما أنا بقيت كويس جدا وزي ما قلتلك امبارح أقدر أجري كمان .. علشان خاطري سيبيني أروح وماتقلقيش خالص
ترددت كثيرا لكنها وافقت في النهاية وقالت بقلق:
- طيب خلي بالك من نفسك علشان خاطري
قبل يدها مرة أخرى وقال بابتسامة:
- حاضر يا حبيبتي، يلا هسيبك بقى علشان ماأتآخرش عن الشغل..
تركها واتجه إلى العمل بصحبة «وحيد» الذي تعجب من عودته سريعا، وصلا إلى الشركة فوجد البعض ينظرون إليه بتعجب والبعض الآخر يتهامسون فلم يعط أي اهتمام لهم واتجه إلى مكتبه، جلس على مقعده وبدأ في العمل لكنه قرر الذهاب إلى مكتب «ياسمين» لمعرفة ما تم خلال أيام غيابه عن العمل...
تعجبت من عطل مكيف الهواء فنهضت من مكانها وخرجت من مكتبها متجهة إلى الفني الخاص بالشركة وأثناء مرورها من أمام مكتبه فتح هو الباب فصرخت بصوت مرتفع لأنها تعلم بغيابه والآن فاجأها بوجوده، تسارعت دقات قلبها ونظرت إليه بغضب قائلة:
- أنت حيوان ! ازاي تخضني كدا ؟
رفع يده ليدافع عن نفسه وقال بهدوء:
- أنا آسف والله مقصدش .. كنت جايلك المكتب ومعرفش إنك معدية من قدام الباب وماأقصدش أخضك خالص
هدأت من غضبها قليلا ونظرت إليه بحدة ثم رحلت من أمامه، لم يتعجب فهو اعتاد على طريقتها في المعاملة وانتظر حتى عادت إلى مكتبها مرة أخرى ثم توجه إليها ودلف إلى الداخل بعدما أذنت له، جلس على المقعد المقابل لها وقال:
- عايز أعرف ايه المستجدات اللي حصلت في الأيام اللي أنا ماجيتش فيها علشان أقدر أتابع الشغل .. ممكن ؟
مدت يدها وفتحت إحدى الأدراج ثم سحبت ملف وألقت به إليه وهي تقول:
- الشركة الأمريكية بخ .. اتعاقدوا مع شركة تانية غيرنا
ارتفع حاجبيه بصدمة وتذكر في الحال ما حدث في المكتب، مَن فعل هذا ؟ مؤكد هو لا أحد غيره، لاحظت صمته فقالت بتساؤل:
- سرحان في ايه ! مش عارف تبرر فشلك صح..
نظر إليها بتعجب ونهض من مكانه بعدما أخذ الملف، قال بشيء من الحدة:
- أولا أنا مافشلتش .. ثانيا أنا كنت هموت علشان الشركة .. ثالثا وده الأهم ياريت تغيري طريقتك دي معايا لأني مابحبهاش
ثم تركها ورحل على الفور دون أن ينتظر أي إجابة منها ...
أخذت حمامها وكان هو في انتظارها بالخارج وما إن خرجت حتى اتجه إليها وقال:
- قمر وربنا .. ايه الجمال ده
ابتعدت قليلا عنه بعدما رفعت يديها بخوف:
- بعد اذنك يا أستاذ سيف
نظر إليها بدهشة قبل أن يصحح لها:
- طيف يا نيران .. طييييف وبعدين منا قلتلك إني جوزك مالك بقى، طيب ايه رأيك أوديكي لبابا وماما وأختك يتطمنوا عليكِ ؟
شعرت بالغرابة قليلا من حديثه لذلك قالت متسائلة:
- أنا عندي أب وأم وأخت ؟
هز رأسه بالإيجاب وقال بابتسامة:
- اينعم .. هوديكي عندهم علشان أروح الشغل وبعدين وأنا راجع هاخدك علشان نفطر مع بعض يا قلبي
هزت رأسها بالإيجاب ولم تقول شيء، ارتدى هو ملابسه وانتظر حتى تنتهي من ارتداء ملابسها، خرجت أخيرا بعدما ارتدت ملابسها فاتجه إليها وقال بابتسامة:
- طول عمرك بتتآخري في اللبس بس هتفضلي جمل يابا الحاج جمل..
اشارت إلى الباب وقالت:
- مش هنمشي بقى
اقترب أكثر منها حتى شعرت بأنفاسه المحترقة وقال:
- ياما نفسي ألتهم هاتين الكرزتين بس هتقولي عليا متحرش وتلمي عليا الخلق فأنا هعمل بأصلي وأدوس على نفسي وهستنى لغاية ما تاخدي عليا
ابتعد قليلا ثم اقترب مرة أخرى فتراجعت بخوف قبل أن يقول هو:
- بذمتك ينفع أروح الشغل بعد ما لقيت حب حياتي ! انا هعيط يا ناس .. هروح أشوف رماح والمجرمين وأسيب العسل ده .. يرضيكي كدا ؟
هزت رأسها بالنفي دون أن تتحدث فابتسم بخبث قائلًا:
- طب ايه رأيك في لبسي ؟
رمقت ملابسه بنظرة سريعة و أجابته باقتضاب:
- حلوة
- حلوة علشان أنا اللي لابسها صح ؟
ضيقت نظراتها وقالت بتحدي:
- لا حلوة علشان حلوة وبس
ابتعد عنها ومثل البكاء وهو يقول:
- ياعيني وأنا اللي فاكرك هتقولي أيوة أنت قمر ومز، أنا على طول الدنيا جاية عليا .. ايه يا نيران كل دي أحزان ؟
حاولت التحدث فقاطعها ببكاء كاذب:
- اقفلي الموضوع أصل أنا موجوع
مدت يدها بحذر ولمست كتفه وهي تقول بحزن:
- آسفة مش قصدي أزعلك .. خلاص أنت قمر ومز ماتعيطش بقى
اتسعت ابتسامته ونزع يده من على وجهه وهو يقول:
- وربنا ما في قمر ومز غيرك يا نيران قلبي .. أنا شمعة تحترق لأجلك يا قطتي
انتبهت لكلمته الأخيرة وقالت بسعادة:
- أنت قلت قطة صح ؟
اختفت ابتسامته وتبدلت تعابير وجهه ورجع خطوتين إلى الخلف قبل أن يشير بيده قائلًا:
- لا لا اوعي يكون اللي في دماغي صح أصل لو اللي في دماغي صح يبقى أنتِ شايفاني معزة قدامك !