رواية كازينو ما وراء الليالي للكاتبة سارة علي الفصل السادس عشر
عاد تيم الى شقته خائبا بعدما حدث...
أخذ يفكر في حديثه مع ليليان...
كيف رفضته ورفضت حبه بعدما كل ما فعله لأجلها...
جلس على الكنبة وهو يفكر في كل هذا حينما رن جرس الباب...
اتجه اليه وفتحه لينصدم بوالده أمامه...
دلف والده الى الداخل فأغلق تيم الباب خلفه وتوجه الى الداخل وراءه...
اجلس ودعنا نتحدث...
قالها الاب وهو يجلس على الكنبة ليجلس تيم أمامه بحرج...
نعم، تفضل...
قالها تيم لوالده الذي سأله:.
ألن تعود الى المنزل...؟!
اجابه تيم بجدية:
كلا، انا مرتاح هنا...
اسمعني يا تيم، انت تعرف جيدا أن ما فعلته خطأ كبير للغاية و...
قاطعه تيم بجدية:
ابي انا اعرف كل هذا، وأفهمه جيدا...
تحدث الاب بصوت عالي:
كلا لا تعرف، بسببك تدمرت علاقتي بعمك، أنت دمرتنا جميعا، وأولنا بيسان...
أبي ارجوك...
اخذ الاب نفسا عميقا ثم حاول تهدئة نفسه فقال بنبرة باردة غليظة:.
اسمعني، انت ستعود الى المنزل وتعيش معنا، فأنا لن اسمح لك بأن تجعل هذه الشقة وكرا لملذاتك الفارغة...
ابي...
صاح به الاب بنفاذ صبر:
لا يوجد ابي، انت ستسمع كلامي وتنفذه من الان فصاعدا...
وماذا بعد...؟! هل توجد أوامر أخرى...؟!
سأله تيم بضيق ليرد الاب:
سوف تترك عملك في الشرطة...
اتسعت عينا تيم بعدم تصديق قبل ان يهتف:
ماذا تقول انت...؟! اترك عملي بالشرطة، لماذا...؟!
لانه لم يعد يناسبك، من الان فصاعدا ستعمل معنا في الشركة، هذا افضل حل لك...
هل تظن بأنني طفل صغير تسيره حسب ما تريد...؟!
انا من الاساس كنت رافض لأمر عملك في الشرطة، لم احبه يوما، لكنك انت من اصريت عليه، والان جائتني الفرصة لأنهي ارتباطك بهذا العمل، والا...
صمت الاب لوهلة قبل ان يكمل بجدية:
وإلا فأنني سأحرمك من جميع اموالي وأملاكي...
هل تظن بأنني سأترك عملي لأجل بضعة أموال...
انتفض الاب من مكانه بعصبية وقال:
يكفي، انت ستنفذ كلامي، ألا يكفيك ما فعلته الى الان، خيانتك لزوجتك، تدمير عائلتنا، هذه فرصتك الوحيدة لتصحيح ما فعلته، حتى لا تخسرنا الى الابد...
شعر تيم بأنه وضع على المحك فهو على ابواب خسارة عائلته بشكل نهائي، هو يعرف والده جيدا ويعرف طريقة تفكيره، سوف يتخذ ما حدث حجة كبيرة ليسيره كيف ما يريد، لكن هل سيوافق...؟! وماذا عن ليليان...؟! هل سيقبل بها كزوجة له...؟!
افاق تيم من شروده على صوت والده يخبره:
لقد قلت ما لدي، اذا كنت تريد منا أن نتقبلك بيننا، فسوف تعود الى منزلنا، وتعمل معنا بالشركة، والا فأنك ستحرم مننا ومن أموالي الى الابد...
في صباح اليوم التالي...
دلفت بيسان الى مكتبها لتجد كريم هناك...
تفاجئت من وجوده فسألته متعجبة:
كريم، ماذا تفعل هنا...؟!
استقبلها بإبتسامة قبل ان يجيب:
جئت لأبلغك بأن هناك اجتماع مهم لنا مع شركة القاضي، ويجب أن نذهب بنفسنا الى هناك...
كان بإمكانك ان تخبر السكرتيرة بهذا...
لقد فضلت إخبارك بنفسي...
ابتسمت بيسان بخجل ثم ما لبثت ان قالت بعدما اخفت ابتسامتها:
هل نذهب الان...؟!
اومأ برأسه ليتجه الاثنان خارج المكتب بل وخارج الشركة بأكملها...
وصل الاثنان الى مقر شركة القاضي...
هبطت بيسان من سيارتها وفعل كريم المثل...
اتجه الاثنان الى مقر الشركة ليجدا مدير الشركة في استقبالهما...
عرفها كريم على مدير الشركة قائلا:
أنور القاضي، رئيس المجموعة ومدير هذه الشركة...
ثم عرف عنها:
بيسان الصالحي، ابنة عمي...
ابتسم أنور وهو يمد يده نحو بيسان التي مدت يدها هي الاخرى رادة له تحيته...
تأملها أنور بنظرات متفحصه بدئا من شعرها الاشقر الطويل وعيناها اللامعتين وملابسها العملية...
اهلا انسة بيسان...
صححت له بيسان بحرج:
مدام ولست انسة...
الاسف ظهر جليا على ملامحه بشكل أربكها قبل ان يتجه بهما الى صالة الاجتماعات...
استمر الاجتماع لاكثر من ساعتين...
كان خلالها أنور يتابع بيسان بإعجاب واضح ازداد اكثر حينما لمح كفي يديها خاليتين من خاتم الخطبة...
انتهى الاجتماع وودع كلا من كريم وبيسان أنور و شركائه بالعمل...
وبعدما خرج كلا من كريم وبيسان من غرفة الاجتماعات...
اقترب صديق أنور منه وسأله:
جميلة، أليس كذلك..؟!
اجابه انور وهو يبتسم بخبث ويعبث بقلمه:
للغاية...
لقد تطلقت منذ فترة قصيرة...
اعتدل انور في جلسته وقال بعدم تصديق
حقا..؟!
اومأ صديقه برأسه ليبتسم الاخير بإنتصار قبل ان يهتف:
يا له من حظ جميل...
اذا سمعتك فريدة فإنها لن ترحمك...
ما ان جاء ذكر فريدة حتى عبست ملامح أنور كليا حيث قال بضيق واضح:
مالذي جاء بذكر فريدة الان...؟! تذكر لنا شيئا جيدا، ثم ابتسم بخبث وهو يقول:
يبدو ان شراكتنا مع عائلة الصالحي سوف تجلب لنا الكثير من الاشياء الممتعة...
بعد مرور ثلاثة أشهر...
أوقفت بيسان سيارتها أمام مقر شركات عائلة القاضي..
هبطت منها وحملت مجموعة ملفات تخص عملها هنا وسارت بخطواتها الرشيقة الى داخل الشركة...
اتجهت الى الطابق الاخير حيث يوجد مكتب مديرها والذي ينتظرها بفارغ الصبر منذ أن علم بمجيئها...
استقبلتها السكرتيرة بإبتسامة بشوش قبل أن تخبرها أن السيد انور ينتظرها بالداخل...
واحدة اخرى مكانها كانت ستتلعثم وتتوتر فالسيد أنور بالتأكيد سيحاصرها بكل إمكانيته وطريقته المعتادة ويظل يتحرش بها بطرق غير مباشرة...
بيسان نفسها لو كانت كالسابق لتوترت كثيرا ورفضت بقائها معه لوحديهما...
لكن الان الوضع يختلف والدليل انها هي من اصرت أن تأتي وتقابله بنفسها ولوحدها بدون كريم الذي ظهر الضيق واضحا عليه...
دلفت الى داخل مكتبه فوجدته ينهض مباشرة لإستقبالها، مد يده لها فمنحته يدها قبل ان تهتف بصوت واثق:
صباح الخير، كيف حالك...؟!
أجابها وهو يبتسم بإنشراح:
رائع بوجودك اليوم...
حررت كف يدها من قبضته وسارت نحو سطح المكتب لتضع الملفات عليه وتجلس على الكرسي المقابل لسطح مكتبه بينما تقدم هو نحوها وترك كرسيه الرئيسي وجلس على الكرسي المقابل لها...
كيف حالك انتِ...؟!
أجابته بعملية:
بخير، لنبدأ العمل...
الا كان قال بمراوغة:
ماذا تشربين اولا...؟!
شكرا، لا اريد اي شيء...
إعترض قائلا:
مستحيل، أنت يجب أن تشربي شيئا...
أخفت بيسان انزعاجها من اصراره وقالت بنبرة مجاملة:
حسنا من الممكن أن أتناول القهوة...
كيف تفضلين قهوتك...؟!
حلوة...
ابتسم لها وقال:
مثلك تماما...
سيد انور...
همستها بنبرة محذرة ليكمل بدوره:
انا اسف، ولكنني لم أقل شيئا خاطئا...
ثم حمل هاتف مكتبه واتصل على سكرتيرته طالبا منها قهوة حلوة لبيسان وقهوة سادة له...
كانت سدن تجلس في مكتبها المشترك مع بشار لوحدها فهو لم يأت بعد...
نظرت الى ساعتها وقالت بنبرة ساخرة:
ويحاسبني اذا تأخرت، الساعة قاربت على العاشرة ولم يأتِ بعد...
ما ان اكملت كلماتها حتى دلف بشار بالفعل الى المكتب...
لم يلق التحية عليها بل جلس على المكتب وكان يبدو عليه الضيق الشديد...
نظرت اليه سدن بإستغراب ثم ما لبثت أن قالت بتعجب:
ما بك...؟! تبدو في أسوء أوضاعك...
رمقها بنظرات مستاءه وقال:.
لا تتدخلي فيما لا يعنيك...
مطت سدن شفتيها وقالت ببرود:
الخطا مني لأني سألتك...
ثم نهضت من مكانها وسارت نحو باب الغرفة حينما أوقفها صوت بشار قائلا بصرامة:
توقفي...
توقفت في مكانها لوهلة ثم استدارت نحوه وقالت:
نعم، ماذا هناك...؟!
تأملها مليا قبل ان يهتف:
ما هذا الذي ترتدينه...؟! ألم تجدي أقصر من هذه التنورة...؟!
نظرت الى تنورتها القصيرة بعض الشيء ثم رفعت بصرها نحوه وهتفت ببرود ؛.
ما علاقتك انت...؟! انا أرتدي ما يناسبني وأنت لست بوصي علي...!
ضرب على سطح المكتب قائلا بعصبية:
يبدو أنك نسيت ان والدي صاحب الشركة، وانا لن أسمح لأي شخص أن يؤثر في سمعة شركتهة...
رفعت سدن بصرها نحو الاعلى بنفاذ صبر ثم قالت بملل:
يبدو أنك فارغ اليوم وسوف تملأ فراغك بي...
تحدثي معي بأسلوب افضل من هذا...!
قالها بشار بصرامة جعلتها ترمقه بنظرات هازئة قبل ان تقول بتحدي:.
انا أتحدث معك بالأسلوب الذي اريده، هذا اولا، ثانيا أنت لا يحق لك أن تتدخل بما أرتديه...
قبض على ذراعها بقوة وقال بتحذير:
هذه الملابس لن ترتدينها مرة اخرى، هل فهمت..؟! وإلا حينها سأتصرف معك بطريقة لن تعجبك اطلاقا...
حررت ذراعها من قبضته وقالت بحدة:
افعل ما تريده، تحذيراتك هذه لن تهمني، انا سأذهب الى والدك وأتحدث معه، أخبره عما يفعله ابنه المدلل بي...
رد بشار عليها بلا مبالاة:.
أخبريه ما تريدين، المهم أنك لن ترتدين ملابس كهذه بعد الان...
اغلقت بيسان اخر ملف بحوزتها ليرتد أنور الى الخلف متنهدا بإرهاق واضح...
لقد أخذوا يدرسون الملفات التي بحوزتهم لأكثر من خمس ساعات متواصلة...
فركت بيسان جبينها بتعب واضح لتجد أنور يتأملها مليا قبل أن يقول لها:
تبدين مرهقة للغاية...
اومأت برأسها وردت عليه بإختصار:
قليلا...
تنهد أنور بصوت مسموع ثم ما لبث ان قال:.
بيسان، أقصد مدام بيسان، يبدو أن هناك الكثير من العمل سيجمعنا، لذا انا اقترح عليك أن تباشري عملكِ في شركتنا لفترة محددة، يعني لحين انتهاء المشروع على خير...
تعجبت بيسان مما قاله فهي لم يخطر على بالها شيء كهذا:
غريب لم أفكر بهذا من قبل، ولكن لماذا سأفعل شيء كهذا...؟!
أجابها بجدية:.
من غير المنطقي ان تأتي كل يوم دون ان يكون لك مكان محدد تعملين به هنا، ومن غير المنطقي ايضا أن تعملي يوما هنا ويوما هناك، طالما انت المسؤولة عن هذا المشروع من مجموعتكم فأنا أقترح ان تنقلي دوامك الى شركتنا لحين انتهاء المشروع..
هذا عرض لطيف منك، لكن انا لدي اعمال اخرى في شركتنا، لذا فأنا لن أستطيع ان ابقى هنا فقط، حتى وان كان هذا المشروع أهم مشروع لدي لهذا العام...
فهمت، ولكن مع هذا أنا سأجهز لكِ مكتبا خاص بك تباشرين به عملك هنا..
هزت بيسان كتفيها قائلة:
كما تريد، لن أمانع...
ثم نهضت من مكانها بنية الرحيل لتجده يقف هو الاخر قائلا:
سعدت كثيرا بلقائك...
ابتسمت بيسان له وقالت:
انا الأسعد...
ثم خرجت من مكتبه تحت انظاهره ليبتسم بخبث وهو يفكر أن امامه الكثير ليصل إليها...