رواية قلوب مقيدة بالعشق للكاتبة زينب محمد الفصل الثالث والثلاثون
_ ها بقى قوليلي هو اتجوزك غصب ازاي؟!.
لكزها والدها حتى تجيب على الضابط كما قال لها من قبل ولكن هى كانت في عالم أخر، عالم رأت به وجع عمار منها وانكساره وخذلانه، كورت يديها عندما شعرت بأن انفاسها بدأت بالانسحاب تدريجيًا، ما يجب عليها فعله، حقًا تمنت الموت في هذة اللحظه حتى تتخلي من أي شئ يقهرها، شعرت بالعجز والضابط يحدثها، لسانها اللعين لما لا ينطق بالحق، متى يتخلص عقلها من الخوف ... متى تصرخ بأعلى صوتها وتنفجر بوجهه والدها عديم الرحمه والقلب..تململ الضابط في جلسته ليقول بصوتً أجش بعدما طال صمتها: انتي يابنتي، مبترديش ليه جوزك هو اللي ضربك كده، أبوكي بيقول هو اللي عمل وانتي جيتي تستنجدي به..
انفجرت بالبكاء وتعالت شهقاتها تعجب الضابط لحالها ولكنه رجحه من حاله القهر التى عاشتها مع زوجها أشار اليها قائلًا بنبرة هادئة: اقعدي تعالي، قعد بنتك ياعلي، هاتولها ميه بسرعه..
جذبها علي من مرفقها وغرس يده ب لحمها قائلاً بهمس غليظ: لو متكلمتيش هموتلك الامورة اللي هناك.
أجلسها على الكرسي..اعطها الضابط زجاجة المياه قائلًا: اشربي، واهدي، متخافيش من حاجة...لو جوزك عمل كده فعلًا ف أنا مش هاسيبه.
طالع علي زميلة وتحذيراته التى كان يرسلها له، ف تنحنح علي قائلًا بعجالة: ياباشا هو، البت جاية منهارة وبتعيط وبتقولي الحقني يا بابا، انا كنت هقتلة على اللي عملة فيها، بس مرضتش وقولت أمشيها قانوني..
هز الضابط رأسه متفهمًا ليقول: طبعًا اوعي تتهور وتاخد قرار غلط يأذي شغلك، وبعدين احنا رجال أمن ناخد حقنا بالقانون...
قطع حديثهم طرق الباب ودخول العسكري ليقول: باشا في واحد اسمه عمار بيقول جوز خديجة..
انقبض قلبها وعلمت انها النهاية، وقفت تنتفض بخوف ليس منه ولكن عليه..أمر الضابط قائلًا: خليه يدخل جه برجليه.
زم على شفتاها بضيق بالغ وهو ينظر لخديجة بغضب وبدأت أعصابه في التوتر، دخل عمار يبحث عنها ب لهفه، وقعت عيناه عليها وعلى وجهها المتورم والكدمات تملئه وشعرها المشعث، انتفض قلبه لرؤيتها هكذا، هتف بخوف وقلق: خديجة...
جاء ان يتقدم منها قابله علي بجسدة يمنعه من الوصول اليها قائلًا: ايه عاوز تكمل عليها، مكفكش اللي عملته فيها، جاي تكمل عليهااا..
أبعده عمار عنه بعنف قائلًا: انا عملت ايه، ابعد عني..
تحدث الضابط بحدة: ارجع يا علي، سيبه..
ابتعد علي عنه تنفيذ لامر قائدة، فقال الضابط وهو يمسك الورقه بين يديه: خديجة عامله فيك محضر ان انت غصبتها على الجواز وكمان بتضربها...
أشار على نفسه ناظرًا اليها بصدمه: أنا يا خديجة!.
هتف علي مؤكدًا: آه انت...
أشار على نفسه غير مصدقًا ما تفعله، ليقول بنبرة صادمة: أنا يا خديجة عملت كده..
هتف الضابط مؤكدًا على حديثة: أيوه انت، متجوزها غصب وبتضربها مش عارف عقوبتك!.
لم يعد يعى بأي شي، ولا يبالي لأي حديث، ولا يهتم بمن حوله ولا يري احد من الاساس، فقط هي من تشابكت نظراتهم، فأخرست ألسنتهم و تحدثت عيونهم لتبوح بكل ما يجيش بصدروهم، تشابكت في نظرات طويلة لا يفصلهما سوى ردها القاطع:
لأ.
حبست الانفاس عندما تفوهت برفضها لحديث والدها، توجهت الانظار لها، ابتعدت عن نظرات ابيها التى أقسمت كأنها مثل السهام الحارقة التى يطلقونها في الحرب فتخترق هدفها بلا رحمه..نهضت وتقدمت من عمار تمسك يديه بشجاعه وتحدِ: عمار جوزي ومغصبنيش على جوزانا انا موافقه برضيااا.
حاول والدها الانقضاض عليها، منعه عمار بيدة قائلًا بصوت غليظ: ابعد عنهااااا...
وقف الضابط أمامهم قائلًا بصوتٍ حاد: عاوز اعرف ايه اللي بيحصل هنا بالظبط...انتي حكايتك ايه، مين ضربك جوزك ولا لأ..
هزت رأسها بنفي قائلة: لأ مش هو..
_ امال مين!.
أشارت على والدها باصابع مرتجفة: بابا، هو اللي عمل فيا كده..
رمقه الضابط بحدة ليقول: أبوكي اللي عمل كده!، قولي متخافيش، لو كان هددك بحاجة متخافيش انا معاكي..
تمسكت بعمار أكثر لتستمد منه الشجاعه والقوة وقالت بنبرة مهزوزة باكية: آه هو، هو اللي ضربني وعمل فيا كل ده، هو اللي عاوز يطلقني من عمار ويبعدني عنه..
قطب الضابط ما بين حاجبية متعجبًا حديثها: ليه!، يعمل كل ده ليه؟!.
هتف على بلهفه وغضب: دي كدابة، يابنت ال...
بتر الضابط حديثه قائلًا بصرامة: اخرس مسمعش صوتك..
أكمل حديثه قائلًا: احكى بالضبط عمل ايه..
حاوطها عمار بيدة وشجعها بصوته الحنون قائلًا: قوليله كل حاجه عملها فيكي متخافيش مش هيقدر يأذيكي انا معاكي وجنبك..
مسحت دموع القهر من على وجنيتها، تحدثت وهى تنظر في عيون أبيها مباشرةً، لاشك ان هناك رجفه هاجمت جسدها خوفًا من نظراته لها، ولكن يد عمار التى كانت تمسد على ذراعها بحب، جعلها تأخذ نفسًا طويلًا وتخرجة ببطئ وتبدأ في سرد حكايتها مع أبيها منذ ان غصبها على الزواج من والدها ل ايلين وصولًا الى زواجها من عمار ولم يخلو سردها من قصه والدتها وكم العجز والقهر والعنف التي تتعرض له على يد والدهااا، كتمت تلك التنهيدة بصعوبة عندما انتهت من سردها، اتسعت عيون الضابط مما تعرضت له هى ووالدتها، التفت ل علي قائلًا وهو يقترب منه: نهارك أسود، أنت عملت ده كله..
تراجع على عده خطوات للخلف قائلاً بتلعثم: ياا..يا باشا دي واحدة هى وأمها أصلًا مش مظبوطين...
قطعه عمار صارخًا بغضب: اخرس دول أشرف منك مليون مرة...
امسكه الضابط من تلابيبه قائلًا بنبرة لاشك انها ارعبت علي: هتروح دلوقتي مع قوة من القسم وهيجيبوا مراتك وعيالك وتجيب وصل الامانه اللي بنتك بتقول ايه يا علي، يا أما ويمين الله لاوريك شغل محمد فاضل على حق، ولو انت مسمعتش عن اسمي، اسال عني كويس..يا ويلك لو مراتك شهدت عليك هوريك أسود ايام حياتك..
حرك رأسه يمنيًا ويسارًا يحاول استيعاب حديثها، ماذا، يارا تبلغه انها لا تريد سماع أسبابه، لايصدق أذنيه ولا حتى عيناه، عاد وتحدث بنبرة يتخللها لهفه لسماع ردها مرة أخرى: قولي كده تاني، انتي قولتي ايه!.
عضت على شفتاها من الداخل قائلة بتوتر: بقولك انا فكرت ومش هستني لبكره علشان أعرف اسبابك انا مش عاوزه اسمعها...
اختصر المسافة بينهم في لحظه وحاوط وجهها قائلًا بسعادة: بجد!.
رمقته بعدم فهم قائلة: هو انت فرحان للدرجادي علشان مش هعرف اسبابك لدرجة دي الاسباب صعبة انك تقولها!.
حرك رأسه بنفي ليقول بنبرة يتخللها السعادة: لا انا فرحان علشان انتي وثقتي فيا، انتي متعرفيش قد ايه فرحتيني، وبعدين هى مش صعبة هو بس مجرد ان قطعت وعد ومسكت كتاب ربنا ان مقولش لحد..
وضعت يدها على يده قائلة بخفوت: فكرت كتير وحسيت ان كده هبقى بكسرك لو خليتك تقول، وخصوصًا انك قولتيلي متستنيش راجل في حياتك...
أغلقت عيناها لثواني تستجمع حديثها، احتضنها ليتولى هو التحدث: انا عاوزك تفهمي حاجة واحدة ان والله قلبي ده ما دق غير ليكي انتي، يارا انا بحبك بجنون لدرجه ان انا بعمل مصايب لو حد كان قالي انت هتعملها مكنتش صدقت، ارجوكي متحطيش سبب جوازي من ياسمينا ما بينا، متخلهوش عائق في حكايتنا، سيبه على جنبك وانا هعوضك عن السنين اللي أذيتك فيها و وجعت قلبك فيها، بس قبل ما كنت بوجعك كنت بتوجعك زيك وأمر منك.
ابتعدت عنه قائلة بهدوء: انا أسفة، بس انا حقيقي كنت عاوزه أعرف علشان أبرد ناري، فارس والله ما في حد كان حاسس بيااا، بس خلاص انا كنت زمان بكابر علشان كنت بعيدة عنك، بس دلوقتي وانا معاك ومراتك هاجرب اتنازل مرة، بس انا بطلب منك حاجة...
قبل وجنتها قبلات مطولة قائلاً من بينهم: اؤمريني يا روحي.
ابتلعت ريقها قائلة بتوتر خوفًا ان يفهما خطأ: انا عاوزك تديني مساحتي في ان اتعود على القرار اللي انا أخدته ده وأستوعبه كويس، علشان مرجعش اندم تاني او اضايق منك.
رمقها بعدم فهم ليقول: افهم من كده ان حياتنا لسه على المحك..
حركت رأسها بنفي ووضحت وجهه نظرها: انا خلاص اخدت قراري، بس لسه بحاول استوعبه ف بطلب منك ان تديني مساحة اتعود عليك ولما أحس ان انا خلاص من جوايا جروحي قدرت اداويها هيجيلك وأقولك.
ردد خلفها قائلًا بضيق: تيجني!، ده يعني هتسيبي البيت..
رفعت عيونها تنظر في عيناه مباشرةً، توترت للحظات بعد ان رأت الرغبة واللهفه في بقائها بجانبه: لأ هفضل هنا، مش هسيبك.
ارتفعت ضحكاته عاليًا: ايه ده انتي عقلتي امتي!.
رمقته بغيظ دائمًا وأبدًا يفسد عليها قرارتها المهمه، لكزته بكتفه ودفعته بعيدًا عنها قائلة وهى تنهض: تصدق ان انا غلطانه، ابعد بقى..
جذبها بقوة وأجلسها على ساقة، شهقت بصدمه من جنونه لتقول بحدة يتخللها خجل: فارس عيب...اوعى.
قطب حاجبية ليقول بتعجب زائف: عيب ايه، انا حياتي ممسوح فيها كلمه عيب دي، متقوليهاش تاني.
زفرت بضيق لتقول وهى تحاول الابتعاد عنه: يووه هو انا مش لسه قايلالك اديني مساحتي.
غمز لها بطرف عيناه قائلًا بوقاحة: ماهى المسافه القريبه اللي بينا دي هى مساحتك، اكتر من كده متحلميش، بصي انا هالغيها أحسن..
اتسعت عيناها من تلميحاته الوقحة، حاولت الابتعاد بوجهها عنه قائلة: يا قليل الادب..
دفعها على الفراش فأصبحت ترقد على ظهرها وهو فوقها، حاولت الزحف للخلف بعيدًا عنه قيدها بجسدة الضخم ليستمر في وقاحته: اعترفي انك هتموتي من جواكي كده واكون قليل الادب واقرب منك..
شهقت بخجل منه واحمر وجهها فقالت بتهديد: وربنا لو مبعدتش لاروح بيت اهلي، وابقى وريني هتقرب من مين.
غمز لها بطرف عيناه قائلًا: ومين هيسيبك تمشي، انا يابنتي قافل عليكي وحابسك..
مدت يدها تبعده عنها وتحاول دفعه: لا باب الشقة مفتوح وانا بقى ه هرب.
مسك يدها وارجعها للخلف وقيدهم بيد واحده اقترب منها بجسده اكثر، اقتربه منها أحدث ضجه بداخلها، ظهرت انفاسها المتقطعه و جعلت صدرها يعلو ويهبط بسرعه عجيبه وخاصة عندما سمعته يقول امام شفتاها: انا اقصد على قلبي، قلبي اللي انا حابسك جواه..
زاغت انظارها وهى تقرأ العشق بعيناه، وتشعر به في صوته وانفاسة الساخنة التى تلفح بشرتها وصفحات وجهها عندما مرر شفتاه على بشرتها الناعمه، انهارت حصونها وتقلصت تلك المساحة التى كانت تطلبها بقربه منها بهذا الشكل، ودت الرفض، أردات النهوض، أردات الابتعاد ولكن ذلك القلب اللعين المقيد بعشق فارسها جعلها تستكين لقبلاته الناعمه في بادئ الامر وتحولت فيما بعد لشئ لم تستطيع هى مجاراته، شئ حاولت سلب أنفاسها وعقلها وقلبها، شئ جعلها تتقيد كالاسيرة له ولعشقه المجنون...
اما هو ف كان في حاله لا يرثى لها حربًا بداخله يريد الاستمتاع بحبيته وان يروي عطش قلبة بها ويطفئ نيران عشقها بصدره حتى يهدأ وأخر يحثه على الابتعاد حتى يعطيها تلك المساحة الحمقاء التى تريدها، اي مساحة تلك بربك وانت بين يدي وامام عياني، تبًا لكِ ولمساحتكِ، ول قلبي الذي يُحثني على التهامك كالاسد الجائع الذي ينتظر فريسته بفارغ الصبر، لم يتحكم بنفسه ولا بعاصفته الهوجاء التى هاجمتها بلا رحمه، فجعلتها تتأوة وتتلوى بين يديه بسبب عشقه العاصف، لم يستفيق الا على رنين هاتفهه، فصلهم عن تلك الحالة التى غرقوا بها ولم يستطيع اي منهم ان ينجوا بالاخر..
ابتعد عنها بصعوبة فائقه والقى بجسدة بجانبها وفرك وجهه بيدة ناقمًا على ذلك المتصل، اما هى ف حاولت فتح عيناها لاستيعاب ما يحدث لها ولكن تلك الهالة التى حاوطتها قيدتها وجعلتها مسترخية لا تتحرك ولا حتى ترمش...أجاب على المتصل وما كان هو الا مالك يخبره بمجئيهم..اعتدل بنصف جسده يحدثها بحنو:
_ يارا مالك جاي وهو عيلتك يالا قومي أغسلي وشك وظبطي هدومك.
فتحت عيناها وهربت منه بنظراتها الخجولة تبحث عن مأوى تختبئ به.. عدلت من وضعيه شعرها المبعثر واغلقت ازرار قميصها بتوتر.. حولت بصرها نحوه ترمقه ببلاهه توتر عندما وجدته يشير لها على عنقها قائلًا: البسي طرحه او حاجه متقفله أكتر من كده علشان رقبتك..
قالت باندفاع قاطبه الجبين: ليه؟!..
ابتسم بوقاحه وهو يعدل من شعره المبعثر: هنتفضح بس لو حد شافك كده..
لم تفهم في بادئ الامر، ولكن شهقت بخجل عندما وصل اليها قصده، نهضت بخفه تدخل للمرحاض تقف امام المرآه وتتفحص عنقها، اتسعت عيناها بخجل وعضت على شفتاها السفلى وهى تحاول تبريد سخوينه عنقها بالماء البارد...أملاً منها ان تختفي تلك العلامات الحمراء..حتى لا يفتضح امرها امامهم ...
دلف للقسم وهو يضع جواله على أذنه قائلًا بخفوت: حاضر يا ندى،مش هتأخر، أنا اصلًا كلمته وقولتله اننا جايين، قوليلهم بس ان انا عندي مشوار مهم بعمله...
_ مشوار ايه؟!.
ابتسم بخفه ومازحها: بقيتي فضولية أوي من وقت ما حملتي...
استمع لاعتراضها وهو يكتم ضحكاته بصعوبة، وقف امام غرفه زميلة واستعد لدخول وانهى معاها الحديث لمح بطرف عيناه ايلين تحملها سيدة والصغيرة تبكي بإنهيار، اقترب منهم مالك متحدثًا: استنوا..
التفت الجميه له، راقب بعيناه الوجوه جيدًا تعرف على والد خديجة ذلك الرجل الذي بغضه في مرة واحدة، اما السيدة لا يعرفها وهى تلك الصغار الذين يتشبثون بساقها...انتبه لبكاء ايلين ويدها التى تمدها نحوه حتى يأخذها، امتثل لها وجذبها من منى قائلًا بحنو: مالك يا حبيبتي فين خديجة...
أشارت على علي بخوف: ضربها وضربني..
تحدث أحد العساكر: انت مين يابيه، عاوزين ندخل ل نائب رئيس المباحث..
توجه مالك للغرفه وهو يحملها الصغيرة ومنى واولادها خلفه وخلفهم العساكر وعلي مقيد الايدي..
دلف مالك الى الغرفة، صرخت خديجة باندفاع نحو ايلين..دقق مالك بها النظر واحتدت عيناه بغضب..نهض الضابط وحياة برأسه: مالك باشا نورتنا في القسم..
صافحة مالك قائلًا: بنورك، هو مين اللي اتعرض كده لمدام خديجة ..
وقعت عيناه على عمار وهو يحمل ايلين ويقبل رأسها بحنان: ازيك يا بشمهندس..
صافحة عمار قائلًا: تمام..
التفت مالك لضابط قائلًا: انا عاوز افهم في ايه!..
سرد عليه الضابط ماحدث، تفاقم الغضب بداخل مالك حتى نهض يوجه حديثه القوى والحاد ل علي: هو انا مش قولتلك ابعد عنهم، انت هتتحاسب كويس أوي على اللي انت عملته ده، ومهنتك اللي انت بتتحامي فيها دي انا هسجنك بيها..
هدئه الضابط قائلًا بجدية: هو مش كان جاي عامل فيها بيفهم أوي وفاكر انه هيسجن جوزها بالمحضر، المحضر اتقلب ضدة اهو وهناخد شهادة والدتها واخواتهااا.
بلعت والدتها ريقها بارتياح بعد ان جف حلقها عندما رأته يدلف الى المنزل مكبل الايدي من قبل العساكر، دلف الى غرفته معاهم وانقلبت رأسًا على عقب وبعدها خرج الحقد والكره يملؤ عيناه، توترت عندما استمعت لحديثهم بأن تأتي معهم هى واولادها وظل عقلها يدور ببعض المشاهد ماذا حدث لابنتها، لم تفهم شئ طوال الطريق، ولكن الان فهمت وأدركت وخاصة بعدما استمعت لحديث خديجها الذي فاجئها:
ماما متخافيش اتكلمي وقولي هو عمل فينا وقوليلهم على وصل الامانه، هما معانا متخافيش..
حولت بصرها نحوه وجدت جسده يتشنج وعروق يدة تنتفض من تحت الحديد الذي يكبل يدة، لاول مرة تراه مذلولاً هكذا، لاول مرة ترى التوسل في عيناه ان لا تنطق ولا تتحدث، استمعت لتهديدهم وتوعدهم له بالسجن، شعرت بنار تبرد قلبها المسكين، هذة هى فرصتها الوحيدة ولن تتكرر مرة ثانية فقالت بنبرة مهزوزة: انا هقول وه حكي بس بعد كده عاوزاه يطلقني، ويبعد عني انا وعيالي ويسيبنا في حالنا مش عاوزة أشوف وشه تاني...
زمجر من بين أسنانه بعد حديثها وجاء بأن يتحدث ليبوخها فوقف مالك امامه قائلًا بصرامة وعيون ترعب من أمامها: وصل الامانه فين!؟.
تحرك بعصبيه بين يدى العساكر المحاوطين له، فأشار مالك لاحد العساكر قائلًا: فتشوااا.
امتثل العسكري لأمر مالك، اخرج محفظه من الجلد وورقة فوقها التقطها مالك وقال للضابط: عن أذنك يا باشا..
حرك الضابط رأسه بإيجاب، قطع مالك الورقه الى قطع صغيرة ثم القاها نحوه: مش دي اللي كنت بتخوفهم بيها، خلاص بح، مبقوش هيخافوا ولا من ورقه ولا من شغلك ولا من أي حاجة، وان فكرت بس لمجرد التفكير ان تقرب منهم قول على نفسك يالا السلامة..
نهض الضابط أيضًا ووقف بجانب علي قائلًا بصيغة أمر: ارمي عليها يمين الطلاق بالتلاته..
هتف علي بقسوة: محدش هيخليني اطلق...
الصقه مالك بالحائط وضعًا يديه عند عنقة ليقول: هتطلق ورجلك فوق رقبتك..
اختنق علي ليقول وهو ينازع للالتقاط أنفاسة: خلاص هطلق..
ابتعد عنه مالك اما هو فحرك رأسه يمنيًا ويسارًا ليتلقط أنفاسه المحسوبة..حثه مالك على التحدث..رفع بصره ينظر لمني بكره وحقد: انتي طالق..طالق..طالق.
تفاجئ الجميع عندما وجدونها تتطلق الصيحات السعيدة او ما يسمى بالمصري " الزغاريد" وعيون السعادة تنهمر على وجهها بسعادة احتضنت اولادها وضمتهم لصدرها لتقول بكلمات متقطعه: غمه وانزاحت..
نظرت خديجة لعمار بسعادة وهى تحتضنه غير عابئة للموجدين، طبع عمار قبلة أعلى جبينها قائلًا بهمس: ثواني..
أبعدها عنه وذهب باتجاة مالك قائلًا وهو ينظر في عيون علي بقوة وكره: انا المفروض اقتلك على اللي عملته فيها والاذى اللي اعترضتله انهارده، بس انا هسكت مش ضعف مني لأ، بس احترام لقانون اللي انت كنت هتتحامي فيه..
صمت لبرهه ووجه حديثه لضابط: انا بطلب انه يمضى على تعهد ميتعرضش لمراتي او بنتي وامها واخواتها..واعمل محضر على اللي عمله فيها..
ربت مالك على كتفه قائلًا: متقلقش انا مش همشي من هنا الا لماا المحضر يخلص وحضرته يتسجن...والباشا محمد فاضل احسن واحد في الداخلية ودايمًا مع الحق وهياخد حق مدام خديجة ووالدتهااا...
حول بصره لزميلة: انا كنت شاهد على واقعة تعدى قبل كده انا وصديق ليا، عاوزني اشهد ويعزز من حبسة انا موافق جدًا..
أشار الضابط للعسكري: خده السجن تحت..يالا..
ثم اسطرد حديثة: يالا يا مدام خديجة تعالوا نعمل المحضر ومعلش هتتحولوا للطب الشرعي علشان يبقى سليم وتاخدوا حقكوا..
للحظات أرادت التراجع، ولكن لم ترى في عيناه لحظه ندم او حب لها، دائمًا ما ترى الكره والحقد، دائمًا ما ترى مشاعر تكسر قلبها لاشلاء، سامحت كثير ولكن لم يعد لديها طاقة بأن تسامح يكفي بأن يبتعد عنهم، يكفي ما يحدث لها، أليس من حقها ان تعيش حياة سعيدة خالية من اي عنف، حسنًا ف لتأخذ جزاتك ليس مني ولكن من والدتي التى عاشت وتحملت الكثير...
دبدبت بقدمها أرضًا بغيظ بعدما تعدت الساعه الثانية بعد متتصف الليل ولم يأتي الى الان حتى ذهابها ليارا الغى هو برسالة قصيرة يعتذر عن حضوره ويتأجل ذهابهم لموعد أخر، تعنته ان يفصح عن مكانه او سبب تأخيره ضايقها كثيرًا، زفرت بحنق على نفسها وحالها وسرعة تغير شخصيتها، رجحت ذلك لهرمونات الحمل وتجاهلت سبب حبها له، جلست على فراشه تبعد خصلات شعرها للخلف، تفكر بجدية كم يطول الوقت الذي تريدة حتى تستطيع لم شتات نفسها..شعرت بالحنين له، رغم عدم ابتعاده عنها ورغم عدم بخله في اغداقها بكلماته الحنونه ونظراته الوقحة لها،توردت وجنتاها بخجل تنهر نفسها على ما تفكر فيه، حقًا تبًا لهرمونات حملها، فالاميرة تشتهي على مالك نفسه وليس طعام مثل بقيه النساء...
انفتح الباب فجعلها تنتفض في مكانها وتعود لعبوسها: ايه ده في حد يدخل كده، مش عيب..
وقف أمامها مستنكرًا حديثها الحاد توبخه وكأنه ابنها وليس زوجها: في ايه يا نودي!.
هتف بضيق: متقوليش يا نودي..
ضيق عيناه بمكر: نداياا.
عبست أكثر: ولا حتى دي..
اقترب منها يطالعها بخبث: طب ندى..
هزت رأسها برفض ايضًا وهي توجه بصرها نحو الاتجاة الاخر، هى لم تدرك رفضها لألقابه، كانت تريد مضايقته فحسب، انحنى نحو يلثم شفتاها بعدما القى بسترته بعيدًا: طيب في ايه يا حبيبي .
نبرته الخافته العاشقة دغدغت كيانها وقلبها، توردت وجنتاها خجلاً فهمست وهى تضع وجهها بين يديها: بس بقى ..
جلس بجانبها يقربها منه قائلًا: بس ايه، ما تقولي انك هتموتي وتعرفي أنا كنت فين؟!، اعترفي انك بتحبيني اوي لدرجه انك بتغيري عليا...
رفعت وجهها ترمقة بدلال: كنت فين!.
اتسعت ابتسامته قائلًا بمزاح: كنت مع واحدة تانية..
توسعت عيناها لوقاحته وبدأت الدموع تتجمع بمقلتيها، ف تحدث بسرعه: بس بس، اهدي، دي خديجة صاحبتك..
مسحت دموعها بسرعة قائلة بعدم فهم: خديجة ازاي؟!.
_ قوليلي الاول شهيرة هانم دايقتك...
_ قولي انت الاول كنت مع خديجة بتعمل ايه .
اعتدل في جلسته وجذبها لتتوسط صدره وبدأ يسرد ما حدث عليها...
اعطت والدتها المنديل قائلة بحزن: خلاص يا ماما والله بتقطعي في قلبي بعياطك ده!.
هتفت والدتها من بين شهقاتها المستمرة: اعمل ايه بس يابنتي، صعبان عليا انه مشي لوحده..
مسدت ماجي على يد والدتها بحنان قائلة: طيب هو انتي قولتيله ايه علشان يمشي ويسافر لوحده...
أرجعت والدتها رأسها للخلف وبدأت في سرد ما حدث...
( فلاش باااك ) .
_ قولتلك انك هتحني وتقعدي معاهم وتسيبني أسافر مصدقتيش، على العموم متشكر..
تحدث بغضب وهو يضع ثيابه بحقائبه مقررًا السفر بعدما أبلغته والدته بقرارها بالبقاء..قالت شهيرة ببكاء: طب اعمل ايه حفيدتي بتطلب مني افضل جنبها عاوزة تشبع مني، وانا كمان عاوزة اشبع منها، اسيبها وأسافر ازاي..
التفت لها برأسه يرمقها بغضب قائلًا بغيظ من بين اسنانه: انا بكره البت دي، بكرهااا، عامله زي أبوها فرقني زمان عن نادية، ودلوقتي بتفرقني هي عنك.
نظرت له بصدمه فقالت: وهي ذنبها ايه، وبعدين ياعني له حق محمود بقى يخبيها عننا..
هز رأسه مؤكدًا والشر يتطاير من عيناه: آه له حق انا عمري ما كنت ه احبها، ولا كنت حتى ه تعاطف معاها، بل بالعكس انا كرهي ليها كان هيأذيهااا.
شهقت بصدمه من حديثه العنيف: ايه اللي بتقوله ده، فوق لنفسك، علشان انت غرقتني زمان معاك، غرقتني لما خلتني اخاصم بنتي وابعد عنها، فوق لنفسك قبل ما تلاقي نفسك لوحدك لاني مش هامشي وراك تاني ولا ه خاف تأذي نفسك تاني، لانك بالفعل بتأذي روحك وقلبك، الحق روحك وروح اتعالج علشان انت كده ماشي في سكه صعبة..
أغلق حقائبه وهو يستمع لحديثها مغلقًا عيناه رافض الاستماع لاي شئ قد يعيدة لصوابة، جر حقائبة خلفه قائلًا: انا مسافر ومش هاتشوفي وشي تاني، عارفه انا مش هقعد ليه، علشان الخوف اللي في نبرتك والنظرة اللي في عينيكي كلهم بيضحولي حاجة واحدة بس وهى انك خايفة مني عليها...اشبعي بيهم وسيبني انا لاحزاني وجروحي اللي عمر ما الزمن هيدوايها الا بالموت..ومتخافيش مش موتها هي، موتي أنا.
عادت من شرودها وهي تبكي وتنحب بقوة بعد حديثه قائلة: خايفة ينتحر او يموت نفسه يا ماجي..
ربتت ماجي على يدها قائلة: متخافيش أحمد اجبن من كده، سيبه يمكن يحس بالوحدة والضعف ويتعالح ويرجع زي زمان، اوقات الوحدة والضعف بيفوقوا يا ماما..انتي...وانتي جنبه كنتي بتقويه، دلوقتي سيبه لنفسه واحزانه هايساعدوه يا يوحله أكتر.
مسحت شهيرة دموعها قائلة: البت قطعت في قلبي وهى بتطلب مني اقعد معاها حسيت ان ده واجبي عليها، جمدت قلبي من ناحيته وقررت افضل علشانها..
مازحتها ماجي قائلة بعتاب: كده يا ماما قاعدة علشان خاطر ندى، امال خاطري انا فين، ده حضنك ده وحشني أوي..
جذبتها والدتها لاحضانها قائلة بنبرة حنونه: وحشتيني أوي أوي يا ماجي..تعالي في كلام كتير عاوزين نقوله ونرجع ايام زمان.
أشار عمار لخالته قائلاً: الكنبه دي كويسة بتتفتح سرير خليهم يناموا هنا...وانتي مع خديجة جوا..
قاطعته خالته قائلة: لا يابني سيبني انا مع عيالي هنا، وخليك انت مع خديجة هى محتاجك بعد اللي شافته انهارده..
أشار لليلى قائلاً: طيب تعالي نامي في اوضه ايلين هى هتنام معانا..
ذهبت خلفه ليلى بجسد مجهد تبحث عن اي فراش حتى ترقد في أمان وسلام .
أغلق الانوار ودلف الى غرفته وجد خديجة تخرج من المرحاض تحمل ايلين بعد ان حممتها، أخذها عمار منها ومشط لها شعرها الصغير بحنان تحت نظرات خديجة له، جعل الصغيرة ترجع برأسها للخلف تستند على صدره ناعسة، حملها برفق ووضعها بالفراش طابعًا فوق جبينها قبله دافئة..
التفت للخديجة وجدها تقف بجانب الفراش تنظر له ملتزمه الصمت، أشار له بيدها ف اندفعت نحوه تتعلق بعنقة وتدفن وجهها به تبحث عن أمانها..مسد على ظهرها بحنان قائلًا: خلاص مفيش ابوكي تاني، ومفيش اي حاجة ممكن تقهر قلبك تاني، انا موجود أهو ومعاكي ومش هاسيبك وهحافظ عليكي لغاية اخر نفس فيااا، كل ما تخافي افتكري ان انا جنبك ومعاكي... بحبك.