قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل الحادي والثلاثون

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل الحادي والثلاثون

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل الحادي والثلاثون

اقترب آدم من كلاهما ليراقب ما الذي يحدث بأعين منكسرة، ووقفت إلى جواره زوجته شيماء تحاول كبح دموعها التي تقاتل للسقوط من مقلتيها..
ضم يزيد فرح إلى صدره، واحكم قبضة ذراعيه حولها، ورغم أنها كانت تقاومه بكل ما أوتيت من قوة حتى تتحرر منه إلا أنه لم يفلتها، بل على العكس رفع رأسه عاليا ليقبلها من أعلى جبينها، ثم ضغط برأسه على رأسها، و...

-فرح بصراخ مختنق: انت بتمنعني عنها ليه؟ ليه؟ سيبني أروح ليها، عاوز ايه تاني مني
-يزيد بنبرة محتقنة رغم هدوئها: شششش، خلاص اهدي
-فرح بنبرة أقرب للضعف، ونظرات زائغة للغاية: انت زيك زي اللي قبلك، بس ماما وجودها معايا هيعوضني عن اللي فات، ماما هتعرف تحميني منك كويس.

ابتلع يزيد غصة في حلقه وهو يستمع إلى عبارتها الأخيرة، ولم يجب عليها، بل ضمها إلى صدره أكثر من أجل بث الطمأنينة إلى روحها الهائجة والمعذبة في آن واحد، ثم أرخى أحد ذراعيه ليضعها على رأسها، ومن ثم مسد عليه برفق، ثم أمسك برأسها بين قبضة يده، وانحنى برأسه على رأسها ليلتصق بوجهها، ومن ثم همس في أذنها ب..
-يزيد بخفوت شديد: سامحيني.

شعرت فرح بأنفاسه الحارة تلفح أذنها ووجنتها، ثم بدأ يغلف عينيها غشاوة شديدة، وتدريجيا أظلمت الدنيا من حولها بعد أن شعرت بآلم حاد في جانب عنقها...

تفاجيء آدم بما فعله يزيد، ورمقه بنظرات ضيقة، ثم استدار ناحية زوجته ليجدها مشدوهة هي الأخرى بما فعل، حيث قام يزيد بضرب فرح بقوة وثبات في عنقها بجانب يده مما سبب لها الإغماء الفوري، أو ما يطلق عليه ( إغماء الجيب السباتي ) ويحدث هذا نتيجة هبوط مفاجيء في ضغط الدم نتيجة الضغط عليه بطريقة مفاجئة، وخاصة أن تلك المنطقة مزودة بمستقبلات عصبية حساسة للغاية لأي تغيير يحدث...

وقفت شيماء إلى جوار يزيد ورمقته بنظرات خائفة، ثم..
-شيماء بنبرة متوجسة: يزيد، انت هتعمل فيها ايه؟ اوعى تأذيها، دي، دي المرحومة قبل ما تموت موصياك عليها، هي أمانة في رقبتك يا يزيد، الله يكرمك ماتعملش فيها حاجة.

نظر إليها يزيد بنظرات جادة غير مفهومة بالنسبة لها، ثم حدق في زوجته التي تتدلى رأسها الغائب عن الوعي للخلف بنظرات حزينة، وقام بأسندها جيدا بذراعه القوي، ثم ضم كلا يديها المرتختين معا إلى صدرها، ومن ثم إنحنى بجذعه للأسفل قليلا ليحملها من أسفل ركبتيها، وضمها إليه أكثر، وسار بها بخطوات ثابتة إلى خارج النادي.

لحق به آدم الذي أعطى ابنته الصغرى لزوجته لكي تحملها بدلا منه، وسار بخطوات أقرب للركض لكي يفتح له باب سيارته الخلفي..
أسندها يزيد برفق على المقعد الخلفي، ثم وضع يده على وجنتها، ومسح بحنو عليها وهو يرمقها بنظرات آسفة، في حين وصلت شيماء هي الأخرى إلى السيارة وأعطت الصغيرة إلى آدم، ثم..
-شيماء بنبرة جادة: أنا هاركب ورا معاها
-آدم وهو يوميء برأسه، وبنبرة جدية: ماشي، وخلي سلمى أعدة قدام.

رمق يزيد فرح بنظرات متفحصة قبل أن يعتدل في وقفته ويفسح المجال لشيماء لكي تجلس إلى جوارها، ثم استدار بجسده ناحية آدم و..
-يزيد بنبرة شبه آمرة وهو يشير بيده: اطلع على بيت المرحومة، وأنا هاركب معاها في عربية الاسعاف اللي هتوديها على هناك
-آدم بإيجاز: حاضر.

ثم استدار عائدا إلى الخارج حيث تتواجد سيارة الإسعاف التي حملت جثمان الفقيدة قبل قليل، وإلى جوار السيارة وقف بعض الضباط، والمسئولين..
أوميء يزيد برأسه لهم ممتنا على ما فعلوه من أجله، ثم اتجه إلى باب السيارة الخلفي، وفتحه، وركب إلى جوار الراحلة..
أغلق الباب أحد رجال الإسعاف، ثم اتجه ناحية الباب الأمامي ليركب بجوار زميله..

تنهد يزيد بآسى وهو يرى تلك السيدة الفاضلة لا حياة فيها، وهي تلك التي كانت قبل قليل تنبض بالحياة، وها هي الآن قد فارقتهم وذهبت إلى بارئها..
رمقها بأعينه التي اكتست بحمرة الحزن، وقاوم بشدة رغبته في البكاء..
هو متيقن أن رحيلها سيشكل فارقا في حياة فرح التي كانت ترتبط بها ارتباطا وثيقا، كما سيشكل أيضا منحنى هاما في حياتهما معا..

ظل هو طوال الطريق يستعيد كل ما مر به من أحداث، من ذكرياته البعيدة مع زوجته الأولى هايدي، والتي كانت سببا في تحطيم آماله في أن يصبح أبا، وذكرياته الحالية مع فرح، والتي تدمرت فور أن ظهرت هايدي في حياتهما، ولقائه القصير مع السيدة فوزية والتي ذكرته بأمه الراحلة ذات المعدن الطيب والأصيل..
زفر في إرهاق، ثم استند برأسه على مرفقيه، ونظر أمامه في الفراغ..

أخذ يزيد يفكر في ردة فعل فرح حينما تفاجئت بما إدعته هايدي عليها، ثم فكر مليا وبطريقة عقلانية في إدعاءات الأخيرة، هو متأكد من أنه لم يخبر فرح بمسألة زيجته الأولى، ووالدتها هي فقط من تعلم هذا، ولكنها رغم هذا لم تكن تعلم بهوية هايدي، وحينما قابل هو تلك البغيضة في النادي لم تكن تعلم هي أيضا بمسألة زيجته إلا حينما أراد أن يثير حنقها، لذا فكر في أن تكون هناك إحتمالية من أن تستغل الموقف وتطلق الأكاذيب، كما أنه استعاد في مخيلته لقاء فرح بهايدي والذي حيره كثيرا فالأولى لم تنكر معرفتها بها كطبيبة معالجة لها، والأخيرة تصر إنهما على صلة وثيقة تمتد إلى ذكريات زواجها الأول، وهذا ما يزعجه حقا فكيف تعلم هايدي بزواج فرح وتصر على أنه كان فعليا رغم أن فرح مازالت فتاة ( بكر ) لم يسبق لها الزواج، هناك إذن حلقة مفقودة في الموضوع..

كما استعاد في مخيلته صفع فرح لهايدي بقسوة ودفاعها المرير عن نفسها، فإن كانت حقا كاذبة فكيف تأتيها القوة لتفعل هذا مع تلك المستفزة..
و كذلك مر بباله طائف ردة فعلها ونظراتها المذعورة حينما هدد بالإعتداء البدني عليها، فكل هذا يوحي بأنها فتاة نقية ليست ممن يخدع الأخرين..

آلمه حقا أن يكون قد تهور فيما فعل، وأن يكون قد أخطأ في ظنه السوء بها، ربما تكون محقة في أنها لم تعرف زوجته السابقة إلا كطبيبة نسائية تتعالج لديها، والأخيرة ربما تكون قد استغلت الفرصة لتنتقم منه عن طريقها، أسئلة كثيرة أثارت حيرته، وإجابات أكثر يسعى جاهدا لمعرفتها..

ولكن توقف عن التفكير في كل هذا حينما انزاح الغطاء الذي يخفي وجه السيدة فوزية عنها لتظهر ملامح وجهها الشاحب، فنظر هو إليها بتمعن ووجهه يكسوه الحزن والآسى و..
-يزيد لنفسه بنبرة مختنقة ومتشنجة: خايف أكون ظلمتها، خايف أكون ضيعتها فعلا من إيدي، خايف مكونش أستاهل الامانة اللي انتي حملتهالي، يا، يا أمي!

ثم أطرق رأسه للأسفل وبدأ يجهش بالبكاء الحار، ذلك البكاء الذي يحمل الندم في طياته، ومد يده ليمسك بكف يد الراحلة البارد واحتضنه بين راحتي يده، ثم مال برأسه عليه، وظل يمسح به على وجهه ودموعه الحارقة تغرقه وتدمي قلبه...

في مساء اليوم التالي
كان يزيد قد انتهى تماما من الإجراءات الخاصة بدفن المرحومة، ووقف في سرادق العزاء الذي أقيم أسفل منزلها ليتلقى واجب العزاء من الحاضرين..

انتشر خبر وفاة السيدة فوزية كسرعة البرق بين الجميع، وأتي كل من يعرفها ومن لا يعرفها من أجل التعزية فيها، ووصل الخبر أيضا إلى العاملين بجريدة الضحى، وعلى رأسهم إيلين رفيقة فرح المقربة التي لم تصدق أذنيها حينما وصل إلى مسامعها ذلك الخبر المؤسف، وركضت كالمجنونة خارج مقر الجريدة لتصل إلى منزل فرح وتتفاجيء بأن الخبر حقيقي...
سألت إيلين عن فرح فأخبرتها إحدى الجارات ب...

-الجارة وهي تلوي فمها في إشفاق: دي يا حبة عيني غميانة من امبارح، من ساعة ما سمعت الخبر وهي طبت وقعت في الأرض، وجوزها جابها على هنا وجابلها الدكتور اللي اداها حقن عشان تفضل هادية.

هزت إيلين رأسها في عدم فهم، فهي لم تستوعب ما قالته الجارة بشكل جيد، و...
-إيلين بنظرات ضيقة، ونبرة حائرة ومتشنجة: انتي، انتي بتقولي ايه؟ جوز مين، ومهدئات إيه؟
-الجارة بنظرات حادة، ونبرة خافتة تحمل الحماسة: أصل اللي عرفته إن امبارح كان كتب كتاب الست فرح، بس أمها ماتت من فرحتها عليها، والبت ماستحملتش الصدمة، فوقعت من طولها..

ثم صمتت لثوان معدودة لتنظر حولها بربية لتتأكد من عدم متابعة أي أحد لحديثها، و..
-الجارة متابعة بنبرة شغوفة وخافتة: أنا بقى شوفت جوزها وهو شايلها وجايبها على البيت هنا، وبعدها طلع دكتور أبصر ايه كده بيقولوا عليه نفساني، المهم يعني هو اداها دوا كده، ومن ساعتها هي نايمة جوا، مش دريانة بالدنيا.

رمقتها إيلين بنظرات ممتعضة قبل أن تتركها، وتسير في اتجاه غرفة فرح..

توافد بعض الضباط المقربين ليزيد والذين علموا بخبر وفاة والدة زوجته على سرادق العزاء، وقاموا بمصافحته، ودلفوا إلى الداخل..
وقف آدم إلى جوار يزيد يتلقى هو الأخر واجب العزاء، ثم مال على يزيد بجسده قليلا، و..
-آدم متسائلا بنبرة خافتة: ناوي على ايه بعد كده؟
-يزيد بإقتضاب، وبوجه غير مقروء: مش عارف
-آدم وهو يمط فمه في حيرة: ممم، طيب حاول تشوف هتتعامل ازاي مع الوضع الجديد ده.

-يزيد بإيجاز وبنبرة جادة: ربنا يسهل.

وقف قبالتهما أحد الأشخاص ذوي الملامح الراقية، ثم مد يده ليصافح يزيد و...
-أمير بنبرة حزينة: البقية في حياتكم..
-يزيد بجدية، ونظرات ثابتة رغم حزنها: شكرا
-أمير بهدوء: أنا أمير جوز إيلين صاحبة فرح وزميلتها اللي شغالة معاها في الجرنان
-يزيد وهو يوميء برأسه إيماءة خفيفة، وبنبرة جادة: أها..
-أمير بنبرة عادية: أنا عرفت من مراتي إن حضرتك جوزها، احم، آآ، شيدوا حيلكم، واحنا معاكو لو احتجتم أي حاجة.

-يزيد بنبرة متريثة: شكرا، اتفضل حضرتك.

ثم دلف أمير إلى داخل سرادق العزاء ليجلس وسط البقية..
-آدم متسائلا بخفوت: هما كل دول يعرفوا فرح وأمها؟
-يزيد بحزم، ونظرات دقيقة: آدم، أنا مش فايق لأي رغي، خلينا نعدي بقية اليوم ده على خير، أنا تعبان بقالي يومين ومانمتش كويس ومش مستحمل أي حاجة
-آدم وهو يلوي فمه في امتعاض: هو أنا قولت حاجة غلط، ده أنا بسأل بس
-يزيد بحدة وهو يشير بعينيه: مافيش داعي لأي سؤال، وخلينا نشوف اللي جايين دول.

بعد لحظات حضر إليهما بعض زملاء وزميلات فرح في الجريدة، وقاموا بتعزيتهما، وكان على رأسهم الأستاذ عبد السلام، والأستاذ أمجد الذي كان يعرج قليلا، و...
-عبد السلام بنبرة رسمية: البقاء لله، احنا اتصدمنا لما سمعنا بالخبر، يعني بجد مش عارفين نبارك ولا نعزي
-يزيد بإقتضاب: الحمدلله على كل حال
-أمجد بجدية: لو فرح احتاجت لأي حاجة احنا في الخدمة، انت مش عارف هي غالية علينا أد ايه، أنا بعتبرها والله زي بنتي.

-يزيد بنظرات صارمة، ونبرة جادة للغاية: متشكر، انا موجود معاها.

ابتسم له الأستاذ أمجد ابتسامة مصطنعة، ثم صافحه مجددا، ودلف إلى داخل السرادق وهو متكيء على عصاه الخشبية، وسار بخطوات بطيئة وحذرة نسبيا إلى أن جلس على أقرب مقعد شاغر..

دلفت إيلين إلى داخل غرفة فرح فوجدتها غافلة على فراشها، هادئة نوعا ما، فتنهدت في حزن، ثم لمحت إحدى النساء تجلس إلى جوارها على الفراش، وتمسح برفق على جبينها، فضيقت هي عينيها، ورمقتها بنظرات متفحصة تتفرس ملامح وجهها جيدا..
نهضت شيماء عن الفراش فور أن رأت إيلين بداخل الغرفة، وكانت على وشك إصرافها، ولكنها نظرت إليها بنظرات حائرة ودارسة لملامحها، فذلك الوجه إلى حد ما مألوف بالنسبة إليها، و..

-شيماء متسائلة بحيرة: انتي مين؟ شكلك مش غريب عليا! أنا شوفتك قبل كده
-إيلين بنظرات ضيقة، ونبرة متشنجة: انتي اللي مين؟ وبتعملي ايه في اوضة فرح صاحبتي؟
-شيماء وهي تهز رأسها، وبنبرة طبيعية: أيوه، أيوه، أنا أفتكرتك، انتي اللي كنتي معاها يوم عزاء ابن الأستاذ بركات.

تذكرت إيلين هوية تلك الشابة، فأعادت رأسها للخلف وكأنها تصدق على كلامها، ثم..
-إيلين بنبرة شبه هادئة: أها، افتكرتك، بس، بس ايه اللي جابك هنا؟

استدارت شيماء برأسها لترمق فرح النائمة بنظرات حزينة قبل أن تعيد النظر إلى إيلين بنفس النظرات و..
-شيماء بخفوت: أنا، أنا ابقى مرات صاحب يزيد جوزها
-إيلين وهي تعقد حابيها في اندهاش، وبنبرة شبه مصدومة: يعني اللي سمعته صحيح، فرح اتجوزت؟

أومأت شيماء برأسها إيماءة خفيفة، ثم..
-شيماء بنبرة هادئة: بس للأسف مامتها ماتت بعد كتب الكتاب بشوية، وهي انهارت بعدها على طول
-إيلين بنبرة مختنقة: قلبي يا فرووح، مش مكتوبلك غير الحزن وبس، يا ربي، هي عملت ايه بس عشان تعاني حتىفي يوم فرحتها!
-شيماء بنبرة راضية: الحمدلله على كل حال..
ثم سارت هي بضع خطوات في اتجاه إيلين، وقامت بوضع يدها على كتفها، و...

-شيماء بخفوت، ونظرات جادة: طب تعالي نسيبها ترتاح شوية، ونطلع نقعد مع الناس بره
-إيلين بإيجاز: ماشي، بس أطمن عليها الأول
-شيماء بجدية: متقلقيش عليها، هي في عينيا، أنا معاها وماسبتهاش للحظة.

اضطرت إيلين أن تترك الغرفة بعد إلحاح من شيماء، ودلفت الاثنتين إلى الخارج، وجلستا وسط المعزيات، ثم بدأت إيلين في سؤال شيماء عن كيفية حدوث تلك الزيجة، وأسباب وفاة السيدة فوزية ولكن بتوضيح أكبر..
تطرقت الاثنتين إلى أحاديث أخرى جانبية في مواضيع عامة خاصة بعد أن انصرفت معظم المعزيات، ولم يتبق إلا قلة تعد على أصابع اليد..

اتصلت إيلين بزوجها أمير لتبلغه بأنها ستظل ماكثة لفترة أطول حتى تطمئن أكثر على حالة فرح، ووافق هو على طلبها هذا رأفة بحالة رفيقتها، وأخبرها أنه سيمر عليها في وقت متأخر ريثما ينتهي من عمله..

تأكد يزيد من انصراف جميع الذين حضروا إلى العزاء، ثم استدار بجسده ليواجه آدم و..
-يزيد بنبرة متريثة، ونظرات حادة: شكرا يا آدم على تعبك معايا
-آدم بنظرات هادئة، ونبرة دبلوماسية: هو أنا عملت حاجة، انت أخويا، وفرح أختي
-يزيد مبتسما ابتسامة زائفة، وبنبرة عادية: ربنا يخليك ليا
-آدم متسائلا بفضول، ونظرات متفحصة: اومال انت هتعمل ايه الوقتي؟
-يزيد بعدم فهم: أعمل ايه في ايه؟

-آدم متسائلا بهدوء حذر: اقصد يعني هتطلع لفرح ولا هترجع شقتك؟ يعني ناوي على ايه؟

زفر يزيد في الهواء بشدة وهو ينظر أمامه، ثم وضع يديه في داخل جيبي بنطاله القماشي الأسود و...
-يزيد بنبرة هادئة: مش هاينفع أسيب فرح في الظروف دي، لازم أكون جمبها، على الأقل لحد ما أطمن عليها
-آدم متسائلا بتوجس وهو يرمقه بنظرات متفرسة: هو، هو انت ناوي تسيبها؟
-يزيد بإقتضاب، ونظرات حائرة: مش عارف.

مط آدم شفتيه في اعتراض، ولم يطل في الحديث، ثم، أسند يده على ذراع يزيد و..
-آدم بنبرة شبه هادئة، ونظرات منزعجة: طب خلينا نطلع نشوف الجماعة فوق وبعدين نتكلم.

أومىء يزيد برأسه موافقا، ثم سار الاثنين في اتجاه مدخل البناية، ومن ثم صعد كلاهما إلى شقة السيدة فوزية..

دخل آدم أولا إلى صالة المنزل، ولحق به يزيد، فتفاجيء الأول بأن زوجته تثرثر مع إحدى السيدات وكأنها على صلة وثيقة بها، في حين عرف يزيد هوية تلك المرأة الجالسة بجوار شيماء..
لم تنتبه الاثنتين إلى وجود كلا من آدم ويزيد، وأكملتا حديثهما الجانبي أريحية تامة و...
-إيلين بنبرة حزينة، ونظرات مضطربة: أنا خايفة أوي على فرح لأحسن تنهار زي ما حصل قبل كده.

-شيماء بنبرة متريثة: ربنا يستر، بس احنا كلنا معاها الوقتي، وأكيد مش هانسيبها
-إيلين بتوجس، ونظرات حائرة: ايوه، بس المرادي أمها اللي راحت فيها، مش أي حد..
-شيماء وهي تزم شفتيها بحزن: ربنا يعديها على خير
-إيلين بنبرة جادة، ونظرات ثاقبة: عارفة المرة اللي فاتت فرح جالها نزيف لما عرفت بوفاة كريم جوزها، ولولا ستر ربنا كان ممكن الموضوع يطور
-شيماء متسائلة بفضول: نزيف ايه ده؟

-إيلين بنبرة أقل جدية: هي طلعت حاجة مش خطيرة، كان اضطراب في البريود، بس الدكتورة هايدي طلبت منها إنها تبعد عن أي ضغوط نفسية عشان الموضوع مايتكررش.

أثار اسم تلك الطبيبة حفيظة شيماء، وجعل رأسها يدور فجأة حول هويتها، فليس هناك طبيبة متخصصة في أمراض النساء تحمل اسم تلك البغيضة إلا واحدة بعينها، وهي تخشى أن تكون تلك هي المقصودة، لذا قررت أن تتحرى أكثر عنها و...
-شيماء متسائلة بنبرة مهتمة، ونظرات مترقبة: مين الدكتورة هايدي دي؟

-إيلين بهدوء، ونظرات ضيقة: دي صاحبة مركز ماميز المعروف، هي دكتورة شاطرة أوي بس اسلوبها قليل الذوق حبتين، روحتلها أنا وفرح عشان نطمن عليها، وطلعت التحاليل بتاعتها كويسة.

اتسعت عيني شيماء في صدمة بعد أن تأكدت أن ظنونها وشكوكها صحيحة مائة بالمائة، وتبدلت ملامحها للاندهاش الممزوج بالذهول، فاستغربت إيلين من التغيير الذي طرأ على وجه شيماء ورمقتها بنظرات غريبة، ثم..
-إيلين متسائلة بإهتمام: هو انتي تعرفيها؟
-شيماء وهي تلوي فمها في ضيق وانزعاج: هي دي حد ميعرفهاش! ربنا يخلص منها.

-إيلين متسائلة بعدم فهم، وبنظرات ضيقة: هي عملتلك حاجة؟ ده كل الناس بتشكر في شغلها، وهي ممتازة، بس أنا ملاحظة إنك مضايقة منها، هي، هي اتكلمت معاكي وحش قبل كده؟
-شيماء بنبرة ساخطة، ونظرات فارغة: يا ريتها تيجي على آد الكلام وبس، ده الحكاية وما فيها إن آآ...
ثم توقفت شيماء عن الكلام لترمق يزيد الواقف أمامها بنظرات جاحظة و...
-شيماء فاغرة شفتيها في ذهول: ي، يزيد...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة