قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل الثامن والثلاثون

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل الثامن والثلاثون

رواية فراشة أعلى الفرقاطة للكاتبة منال سالم الفصل الثامن والثلاثون

في غرفة فرح
تململت فرح في الفراش بعد سماعها لصوت ( خرفشات ) تصدر من داخل غرفتها، فإستدارت بجسدها على الجانب، وأزاحت الملاءة عن وجهها قليلا لتنظر بأعين ناعسة إلى تلك الصغيرة الجالسة القرفصاء على أرضية الغرفة..

في البداية، ابتسمت لها فرح في رقة، ثم أمعنت النظر جيدا فيما تفعله، فوجدتها تعبث بملابسها السوداء، وتقصها بالمقص بعد أن لطختها بألوان المياه الملونة، كما أنها كانت ترتدي إحدى قمصان النوم الحريرية الخاصة بها، فاتسعت عينيها في صدمة، وفغرت شفتيها في ذهول، ثم نهضت عن الفراش بفزع، وركضت في اتجاه الصغيرة، وجثت على ركبتيها أمامها، ثم جذبت منها المقص، وحدقت في قصاصات القماش بأعين مصدومة و...

-فرح بصوت متحشرج: انتي عملتي ايه يا سلمى؟!
-سلمى مبتسمة في براءة: تنت بآمل فستان لآلوستى ( كنت بأعمل فستان لعروستي )
-فرح بنبرة متجهمة: بهدومي!
-سلمى ببراءة مصطنعة: ايه لأيك، حوو؟ ( ايه رأيك حلو )
-فرح بنبرة متشنجة للغاية وهي تشير بيدها: لأ مش حلو خالص، اللي انتي عملتيه غلط يا سلمى، مايصحش تاخدي حاجة مش بتاعتك ولا تعملي فيها اللي انتي عملتيه ده!

لوت الصغيرة سلمى فمها في حزن، وعبس وجهها سريعا، وبدأت عينيها الصغيرتين في اللمعان، بينما استمرت فرح في توبيخها بحدة، ثم صمتت حينما رأت الصغيرة قد بدأت في النحيب، فشعرت هي بوخزة في صدرها لأنها انفعلت عليها دون داعي، و..
-فرح بنبرة شبه نادمة: خلاص يا لوما متعيطيش.

استغلت الصغيرة الفرصة وأجهشت بالبكاء العالي – كما أوصاها يزيد -، فحاولت فرح تهدئتها، ولكنها فشلت حيث بدأت سلمى في الانفعال الزائد والتشنج على الأرضية، ثم زحفت في اتجاه الفراش لتختبيء أسفله، فتوجست فرح خيفة عليها، واحتارت فيما تفعله معها لكي تهدئها، وفكرت في أن تلجأ إلى يزيد لكي يعاونها..

وبالفعل نهضت عن الأرضية، وركضت خارج الغرفة بعد أن فتحت الباب، وبحثت عن يزيد فوجدته غافلا على الأريكة العريضة الموجودة بغرفة المعيشة..
ترددت هي في الاقتراب منه، وظلت تفرك في أصابع يدها في حيرة، ثم استدارت برأسها للخلف ناحية باب غرفتها، ولوت شفتيها في امتعاض وهي تستمع إلى صراخ الصغيرة العالي و..
-فرح لنفسها بتوتر: ماهو أنا مش هاعرف أهديها لوحدي، هو أكيد هايقدر يتصرف معاها.

رفع يزيد رأسه قليلا ليراقب فرح التي كانت توليه ظهرها، ثم ابتسم في خبث، وأسند رأسه على الأريكة، وأغمض عينيه مدعيا النوم...
سارت هي بخطوات مرتبكة في اتجاه الأريكة ووقفت خلفها، ومدت إصبع يدها المرتعش من فوقها ناحيته لتلمس ذراعه بحذر وتهزه، ثم سحبته على الفور و..
-فرح بنبرة هامسة: ي، يزيد.

لم تتلق هي أي اجابة منه، فعضت على شفتها السفلى في ارتباك، ثم عاودت تكرار ما فعلته، و...
-فرح بنبرة هامسة ولكن أعلى قليلا: يزيد، انت صاحي؟

ثم مالت برأسها عليه من أعلى الأريكة لتتفقده، فوجدته ساكنا تماما، فمطت شفتيها في امتعاض، ثم وضعت إصبعها على شفتيها لتفكر و..
-فرح بنبرة ممتعضة: طب أصحيه ازاي ده كمان، مش معقول يعني ماسمعش صريخ سلمى.

مدت إصبعها لمرة أخيرة ناحيته، فتفاجئت به قابضا على رسغها، ثم جذبها بقوة شديدة أفقدتها توازنها، وجعلتها تجثو فوقه على الأريكة، فأحاطها بكلا ذراعيه، وأحكم إغلاقهما عليها و..
-يزيد مبتسما في لؤم، وبنظرات متفحصة لها: بتعملي ايه؟

هربت الكلمات من على طرفي شفتيها، ودبت إرتجافة مفاجأة وقوية في جميع أنحاء جسدها، واستندت بقبضتي يدها على صدره، وحاولت أن تتحرر منه، ولكنه أطبق عليها أكثر، فجعلها – رغما عنها – تقترب برأسها من رأسه، فابتسم لها بسعادة و..
-يزيد بنبرة رخيمة ومتمهلة: أنا لو حد تاني غيرك كان بيعمل كده، كنت دخلته حبس انفرادي
-فرح بنبرة متلعثمة، ونظرات خجلة: لو، لو سمحت س، سبني أنا، أنا مقصدش آآ...

-يزيد بخفوت ساحر: أو حتى تقصدي، أنا لازم أطبق القرار ده وش.

حاولت فرح أن تسيطر على الإرتباك الذي اعترى كيانها، وتنجو بنفسها من تيار المشاعر الجارف الذي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الوقوع في هوته، و..
-فرح بنبرة مرتبكة، ونظرات زائغة: انت، انت فاهم غلط، أنا، انا كنت عاوزة أصحيك عشان تشوف سلمى
-يزيد بنبرة عميقة، ونظرات جريئة: سلمى برضوه!
-فرح بتلعثم: ايوه، هي، هي بتصرخ وآآ..

-يزيد بنبرة دافئة، ونظرات متفرسة: بس أنا مش سامع أي حاجة، قولي إنك عاوزاني معاكي، مافيش داعي لأي حجة
-فرح بنبرة متلهفة: لأ، سلمى والله بتصرخ
-يزيد بخفوت آسر: فين ده؟

ثم صمت كلاهما عن الحديث، وأنصتت فرح لصوت سلمى الصارخ فلم تجد سوى السكون الذي يسود المكان، فارتبكت أكثر، وتوترت ملامحها و..
-فرح بنبرة رقيقة رغم ارتباكها: استحالة، ده أنا كنت، جاية عشان آآ..
-يزيد مقاطعا بنبرة مغترة: عشاني، أنا عارف، مافيش داعي للإنكار
-فرح بتبرم وهي تتلوى بجسدها: لأ، انت فهمت الموضوع غلط، سيبني بقى.

اعتلت ابتسامة واثقة على شفتيي يزيد، ورمق زوجته بنظرات راغبة، وكاد أن يطبق على شفتيها اللتان تغريه لكي يقبلهما، وأوشكت هي على الاستسلام لتأثير عينيه الساحر عليها، ولكنها أفاقت في أخر لحظة، وتراجعت بكل ما أوتيت من قوة للخلف، ونجحت في التحرر من حصاره، ونهضت عن الأريكة، وسارت بخطوات متعثرة في اتجاه غرفتها، ولكن أوقفها صوته الصادح ب...

-يزيد بنبرة لئيمة: بس حلو أوي فتحة التهوية اللي عملاها في ضهرك دي! يعني الصراحة كتر خيرك مش حرماني من حاجة!

جحظت عينيها في ذهول، واستدارت برأسها للخلف محاولة رؤية ما الذي يشير إليه، وبالفعل وجدت عباءتها ممزقة من الخلف بالطول فكشفت عن معظم ظهرها الأبيض، فشهقت في ذعر، وركضت مبتعدة عنه وهي تحاول تخبئة جسدها عن عينيه المسلطتين بجرأة عليها..
ثم نهض هو الأخر عن الأريكة، وسار في إثرها وهو يطلق صفيرا خافتا..

دلفت فرح إلى داخل غرفتها فوجدت الصغيرة سلمى تكمل العبث في باقي ملابسها القاتمة، فابتسمت لها الصغيرة في براءة، و...
-سلمى بنبرة طفولية مرحة: فلح لوما خلصت تووين ( فرح لوما خلصت تلوين )
ثم نهضت عن الأرضية، وهي ممسكة بكوب بلاستيكي مليء بالمياه الملونة، وركضت في اتجاهها وهي تضحك ببراءة آسرة، وألقت بنفسها في حضن فرح، وكذلك بمحتويات الكوب، فأكملت تلطيخ عباءتها السوداء وأبتل معظمها بالمياه الملونة..

صعقت فرح مما فعلته تلك الطفلة بها، وكادت أن تنفجر من الغيظ، ولكنها تمالكت نفسها حتى لا توبخها فترتعد الصغيرة منها مجددا، فعضت على شفتيها في حنق، وأغمضت عينيها، ثم تنهدت بعمق..
أحاطت الصغيرة سلمى فرح بذراعيها، و..
-سلمى بنبرة طفولية: حبك فلح أوي
-فرح بنبرة محتقنة رغم هدوئها: وأنا كمان يا لوما.

ثم أرخت الصغيرة ذراعيها الدقيقتين، وركضت خارج غرفتها وهي تبتسم بسعادة إلى يزيد و..
-سلمى ببراءة: آمو زيت، لوما ساطرة، وآملت انت أولت عليه ( عمو يزيد، لوما شاطرة وعملت اللي انت قولت عليه ).

تنحنح هو في صدمة، ورمق الصغيرة بنظرات جاحظة ثم رسم ابتسامة زائفة على فمه، ورفع عينيه لينظر إلى فرح التي كانت فاغرة شفتيها في ذهول، وعاقدة حاجبيها في إندهاش جلي و...
-يزيد بنبرة خشنة: احم، لذيذة أوي لوما، عليها حبة كلام، إنما إيييه، يودي المعتقل طوالي، وإنتي عاملة ايه بقى!

جزت فرح على أسنانها، وكورت قبضتي يدها في غل، ورمقته بنظرات حانقة، فتنحنح مجددا و..
-يزيد بنبرة مضطربة: أنا بقول أروح أشوف البت سلمى أحسن.

توجه هو ناحية باب الغرفة، وقبل أن يدلف إلى الخارج تسمر في مكانه، ثم استدار عائدا و...
-يزيد بجدية زائفة وهو يشير بيده: ثانية بس ألم الحاجات دي، أصل البت سلمى شقية أوي.

قام هو بجمع جميع الملابس الملاقاة على الأرضية، وكورها على بعضها البعض، بينما حدقت فيه فرح بعينين محتقنتين، ولم تعقب بكلمة، ثم ابتسم هو لها مجددا و...
-يزيد بنبرة مازحة: والنبي عسل وانت متعصب كده! أموت أنا!

ثم سار خارج الغرفة، فضربت الأرض بقدمها بعصبية شديدة و..
-فرح بزمجرة غاضبة: يعني انت اللي ورا الليلة دي كلها
-يزيد من الخارج بنبرة عالية: دي التركاية ( الخدعة ) يا مون آمور..!

وضعت فرح يديها على شعرها، وزمجرت بغضب جلي، ثم نظرت إلى عباءتها المبتلة وزفرت في ضيق..
توجهت هي ناحية خزانة ملابسها، وظلت تعبث في محتوياتها لتنتقي ما ترتديه، فكانت الصدمة بالنسبة لها، و..
-فرح بنبرة مصدومة، ونظرات مشدوهة: مش ممكن، دي، دي مصيبة!

لم تجد فرح أي من ملابسها المنزلية المعتادة موضوعة بالداخل، بل على العكس وجدت قمصان نوم حريرية، وأخرى فاضحة، وغيرها مما يظهر مفاتنها كأنثى..
شهقت مجددا في صدمة، وألقت بتلك الملابس على الأرضية، وهي تغمغم بغضب، فأطل يزيد برأسه من باب الغرفة، ووقفت الصغيرة سلمى إلى جواره و...

-يزيد مبتسما وبنبرة مستفزة: عندك حق، دول مش حلوين، في طقم لانجري بحري برتبة لواء إنما ايييه، اوووف، هيبقى نار عليكي، صح يا لوما؟
-سلمى وهي تهز رأسها موافقة: أها.

صرخت هي عاليا بغضب في كلاهما، فتراجع هو للخلف ومعه الصغيرة و...
-سلمى متسائلة ببراءة: آمو زيت انت لاميت هدوم فلح؟ ( عمو يزيد انت اللي رميت هودم فرح )
-يزيد بثقة وهو يبتسم: أيوه، كلهم، مخلتش أي حاجة مش عجباني
-سلمى بنبرة متحمسة: يعني فلح خلاص إلبس زي بالبي ( باربي )
-يزيد مبتسما ابتسامة عريضة: مظبوووووط.!

حدجته هي بعينيها المتقدتين من الغضب، وخاصة بعد أن كشفت الصغيرة خطته، فابتسم هو في برود، فإغتاظت أكثر منه، وكورت قبضة يدها في توعد، فرفع أحد حاجبيه في قلق و...
-يزيد بتوجس: يا ساتر، تعالي يا لوما احنا برا بدل ما آآ..
لم يكمل يزيد جملته حيث هدرت فرح مجددا في وجهه بصراخ حاد، ثم لمحت تحفة موضوعة على سطح مكتبها من زاوية عينها، فركضت في اتجاهه لتمسك بها، و...
-فرح بتوعد: والله ما هاسيبك.

-يزيد بنبرة سعيدة: اجري يا لوما.

ركضت الصغيرة سلمى – وهي تضحك ببراءة - إلى خارج الغرفة بعد أن دفعها يزيد بيده، في حين حاولت فرح اللحاق بهما بعد أن جذبت طرف عباءتها لتتمكن من الركض...
اختبيء يزيد مع الصغيرة في داخل غرفة الراحلة – الحاجة فوزية -، وأغلق الباب خلفهما، واستند بظهره عليه، بينما وقفت فرح أمام الباب والغضب يعتريها و...
-فرح بنبرة مغتاظة: افتح الباب، والله ما هاسيبكم.

تعالت ضحكات الصغيرة سلمى فقد ظنت أن فرح تلعب معهما كما أوهما يزيد، بينما حاول هو السيطرة على نفسه حتى لا يضحك أكثر على هيئتها، وأشار للصغيرة بالابتعاد عن الباب و..
-فرح متابعة بصراخ عالي، ونظرات متوعدة: طيب أنا أعدلكم هنا ومش هامشي غير لما آآآ، آآآه!

تفاجئت فرح بباب الغرفة يفتح على مصراعيه، و بقبضة يزيد تمسك بها من معصمها وتجذبها بقوة إلى داخل الغرفة، ثم قام هو بتقييدها من معصميها بيد، وبالأخرى أحاط بها من خصرها، و...
-يزيد وهو يشير بعينيه للصغيرة، وبنبرة مرحة: اجري يا لوما استخبي أنا ماسكها.

ركضت الصغيرة إلى خارج الغرفة وهي تصرخ في مرح طفولي، بينما تلوت فرح بذراعيها لكي تتخلص من قبضته، فضمها أكثر إلى حضنه، ثم دفع الباب بقدمه لينغلق عليهما و...
-يزيد بنبرة رخيمة وهو ينظر مباشرة في عينيها: وأنا مش عاوزك تمشي أبدا
-فرح بإرتباك واضح، ونظرات متوترة: آآ، ابعد عني، س، سيبني بقى!
-يزيد غامزا وبنبرة شبه جادة: مش قبل ما نلعب عريس وعروسة.

اتسعت عينيها في صدمة جلية، وفغرت شفتيها في ذهول، فلم يمهلها الفرصة، حيث أدار كلا ذراعيها خلف ظهرها، ثم قربها إليه لتلتصق بصدره ومن ثم أطبق على شفتيها بشفتيه لينهل منهما الحب الذي اعتاد تذوقه من عليهما..
أغمضت هي عينيها لتستسلم لمشاعره الحارقة التي ألهبتها سريعا، ثم ابتعد عنها قليلا ليرمقها بنظرات أكثر رغبة فيها، وإنحنى على أذنها لتلفحها أنفاسه الحارة ب...

-يزيد بنبرة أقرب للهمس: بحبك يا أحلى شيء حصلي في حياتي.

ثم أرخى قبضتيه عنها بعد أن قبلها في وجنتها المشتعلة، فظلت هي متسمرة في مكانها للحظة غير مستوعبة ما مرت به توا..
وتوجه هو ناحية باب الغرفة وفتحه ودلف إلى الخارج وعلى وجهه ابتسامة رضا ليمكث مع الصغيرة سلمى في غرفة المعيشة.

على قدر المستطاع، حاولت فرح أن تظل حبيسة غرفتها، ورفضت أن تتناول طعام الإفطار أو حتى الغذاء وذلك لتتجنب أن يراها يزيد وهي مرتدية لتلك الملابس التي تكشف أكثر مما تخفي، حيث ارتدت شورتا قصيرا من اللون الأبيض أبرز رشاقة خصرها وقوامها، ومن فوقه كنزة بحملات قصيرة من اللون ( الفوشيا ) وذات فتحة صدر عريضة تبرز مفاتنها بدرجة كبيرة، كما تركت شعرها منسدلا خلف ظهرها فأعطاها مظهرا مغيا للغاية..

-فرح لنفسها بتذمر: لو الدنيا اتشقلبت حتى، أنا مش هاطلع من هنا، مش هخليه يبص عليا وأنا بالشكل ده...!

ثم أمسكت بألبومات الصور الخاصة بها، ونظرت بأعين مشتاقة إلى ذكرياتها على مدار السنون..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة