قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية عندما يعشق الرجل الجزء الثاني الفصل السادس

عندما يعشق الرجل الجزء الثاني

رواية عندما يعشق الرجل الجزء الثاني الفصل السادس

 

ارتدى على عجالة بذلته التى كان يرتديها ليلة أمس .. وبخطوات حذرة اقترب من السرير التى تنام عليه أروى و تعابير وجهها مسترخية.. أخذت عيناه تتشرب من ملامحها وكأنه يحاول حفظها فى ذاكرته ...
ما ان علمت بأمر سفره ليلة أمس .. بعد ان كانت جالسة على السرير ورأسه على ركبتيها.. نام لساعات وما ان شعر بأن نومه هكذا قد يتعبها حتى حاول الابتعاد وجعلها تنام جيدا بفرد جسدها لكنها رفضت .. وما ان وافقت .. حتى ارتمت بين احضانه ووجهها يعلوه الحزن .. وضعت رأسها على صدره وكلما حاول اقناعها ان تغمض عيناها وتنام قليلا فتقابله هى بالرفض .. حاربت حتى لا تنام وهو أيضا كان ساهرا معها .. لم يتحدث اى منهما .. كل ما كان يسمعه هو أصوات تنفسه وتنفسها...

وفى خلال تلك الساعات التى قضاها معها رغم الصمت ... إلا انه شعر باضطرابها الشديد .. وجسدها الذى يرتجف وهو لا يعلم سببه وكأنها تحارب موجة من البكاء ...
فى الصباح الباكر استطاع سيف بصعوبة أن يبتعد من بين يديها المتشبثة به و ذراعيها الذان تلفهما حول جسده بتملك ...ما ان اغلقت عيناها اخيرا و استسلمت للنوم الذى ظلت تحاربه طوال الليل ..
لف ربطة عنقه حول رقبته .. و بهدوء وحذر اقترب ومال منها حتى أصبح بالقرب من وجهها وطبع قبلات هادئة ومتمهلة للغاية على عيناها تبعها وجنتيها فشفتاها..
" سأعود انتظرينى فقط .. سأذهب ولكنى ساعود .. "
همس بكلماته بنبرة خشنة ومصممة للغاية ..

ما كاد يبتعد حتى شعر بذراعيها تلفهما حول رقبته وهى تحرك شفتيها وتهمهم بكلمات غير مفهومة .. وعيناها ما زالت مغلقة .. فقد غابت فى ثبات عميق بعد محاولاتها للاستيقاظ والبقاء معه ..
تشدق فم سيف بابتسامة وهو يفكر .. أن زوجته حتى وهى نائمة تفكر به وترفض ذهابه .. هل أصبح يشاركها أيضا فى أحلامها ...
" سيف ..لا تتركنى.. "
هذه هى الجملة الذى التقطها باذنيه وهى ما زالت نائمة وعيناها مغلقة بطفولية ...
ببط شديد ابعد ذراعيها عنه .. وقبل أن يبتعد عنها ..
طبع قبلة على بطنها الشبه منتفخة وهو يتمتم بخفوت وكأنه يحدث طفله أمامه بصرامة و أبوية
" انت اهتم بها جيدا ... ولا تؤذيها بحركتك "
ثم تابع وهو يقبل جبهت رأسها
"فقط تحلى بالصبر زوجتى العزيزة .. فأنا ساعود .."
وبصعوبة خرج من الغرفة .. بعد ان أقنع نفسه بتركها .. فلو لم تكن حاملا .. لما تركها هنا لأخذها معه بدون تفكير ...

 

بأعين تخباها نظارة سوداء وجسد مغطى بالسواد وقفت روز وهى تحارب نفسها بالا تصرخ بأعلى صوتها وتبكى... من كان يوما اغلى ما لديها..تقف أمام قبره الذى غطاه التراب ...
طال البعاد
وطال معه الانتظار.. للقاء لم يكن يوما محسوبا او مقدرا ..
غادرها وتركها ... هكذا قبل أن تشبع عيناها منه
قبل أن تصرخ .. و تلومه على ما فعله بها ..
عمرها الذى قضته بالانتظار .. و الخوف
خوف من ان يكون لغيرها ..
وعندما عادت .. وجدته لا هو لغيرها .. ولا حتى سيصبح لها يوما ...
ربما ما سيصبرها على هذا الفراق هى نور .. نور ثمرة زواجهما .. لكن هل ستتقبلها ابنتها ام انها ستصبح ام منبوذة من ابنتها ...
تنهدت بقوة وغصة حادة ألمت حنجرتها ومعها قلبها ..

ياسين .. كان لغزا بالنسبة لها منذ ان قابلته أول مرة ..
كان له دفئ خاص به هو .. وكم كانت تحتاج إلى هذا الدفى وهذا القرب لهذا اقتربت من دون ان تخاف او ترتجف لقربها منه ..
اقشعر بدنها و بتلقائية وجدت ذراعيها تلتف حول جسدها .. ما ان تذكرت تلك الأيام واللحظات التى عاشتها معه .. شعرت فيها و كأنها طفلة صغيرة مدللة ..شعرت معه بأنها امرأة .. لها أنوثتها .. عرفت معه كيف تكون امرأة بعيدا عن الحياة العملية وصرامة العمل ..

فلطالما قضت شبابها فى العمل وبين جدران شركة والدها التى كانت مسئولة عنها .. لم تعرف طعم للحياة حتى شاء القدر وقابلته.. أحبته .. وتزوجها .. وبدأت معه أجمل ايام عمرها
رغم أن زواجهما قد وجد معارضة من والديه .. وهى لم تخبر اى من والديها كان زواجهما سرا .. حتى علم والدها بأمر حملها .. وهو عندما وصل إليها فى يوم انجابها لنور حتى تركها .. واعتقدت لأعوام انه لا يحبها .. كرهها لأنها سبب موت طفلتهما..
هبت موجة من الهواء شديدة جعلتها تتمسك جيدا بذلك الايشارب الذى يلتف حول رقبتها .. وتعدل من وضع نظارتها السوداء ..
خرجت من باب الحديدى الكبير متوجهة حيث تصطف سيارتها ..
التفتت روز بجسدها ما ان سمعت بعض الأصوات الاتية من خلفها .. للحظات لم تهتم للمرأة الواقفة وحولها مجموعة من الأطفال يمدون أيديهم إليها .. وبجوار تلك السيدة الماءلة للسمنة فتاة شابة تحمل بين يديها قفة من الخوص معبأة بالمعجنات و الفطائر الطازجة ...

اتسعتا عينا روز ما ان علمت من تكون تلك المرأة الواقفة على بعد منها .. لكنها سرعان ما ان تشدق فمها بابتسامة ممزوجة بالحزن والسخرية ..
أبعدت ذلك الايشارب الذى كان حول رقبتها و لفته على رأسها مخفيا شعرها وراسها وساعدها أكثر على عدم تبين ملامح وجهها تلك النظارة التى كانت على عيناها ... وبخطوات متمهلة .. اقتربت من الجمع واستغلت شرود المرأة فى توزيع معجناتها للصغار ومدت يدها هى الأخرى حتى حصلت على واحدة من المعجنات ..
وبخفوت ونبرتها الناعمة قالت

" شكرا "
لم ينتبه اى من المرأة ولا تلك الشابة الصغيرة منها إلا عندما ابتعدت عنهم .. فلم تحصل المرأة إلا على رؤية ظهرها و مشيتها التى تكاد تشبه العدو بكعبها العالى ..
" حاجة هيام .. سيدتى .. لقد انتهينا من توزيع المعجنات والفطائر هل نذهب الآن "
أخرج صوت الخادمة الشابة الحاجة هيام من تاملها ونظرها الفاحص لتلك المرأة التى اختفت بلمح البصر من أمام ناظريها
وضعت الحاجة هيام يدها بتلقائية على صدرها وهى تمتم بخفوت وذعر
" بسم الله الرحمن الرحيم .. بسم الله الرحمن الرحيم .. هل أصبحت أتخيل وأرى الموتى "
" سيدتى .. حاجة هيام ..لقد انتهينا"
ظلت ترددها تلك الشابة بملل وهى تلاحظ شرود سيدتها
فنهرتها هيام بيديها .. وتحركا مبتعدتان من أمام المقابر الخاصة بعاءلة المنشاوي ..

وقف بجوار السيارة وهو يمسك بيده تلك العصا العاجية التى لا تفارقه .. ينتظر والدته حتى تنتهى من توزيعها لمعجانتها والتى صممت لعجنها وخبزها بنفسها .. ما ان استيقظت فجرا .. وأيضا توزيعها على الأطفال وأهل البلدة ..
" خالد باشا ... خالد باشا "
اعتدل خالد فى وقفته ووقف بشموخ ما ان اقترب منه الغفير ..
" ماذا هناك؟!"
هتف بها خالد بوجه صارم
وقف الرجل ذو الشارب الكثيف أمام سيده بخنوع وقنوط وقال بصوت خشن
" لقد علمت من أحد الساكنين فى هذا المكان .. انه كان هناك امرأة تسأل عن مقابر عائلة المنشاوى فدلها أحدهم .. اعطت لحارس المقابر بعض النقود وادخلها بعدما أخبرته انها أحد معارف العائلة .. وأيضا كانت هياتها مهندمة توحى بالثراء الفاحش "
ضيق خالد ما بين حاجبيه وقال بخشونة وصوت حاد
" اذهب واحضره إلى "
وما كانت إلا لحظات .. وإلا وقد حضر الحارس مهرولا تلبية لأوامر سيده الذى نظر إليه بقسوة .. فهتف الرجل مدافعا عن نفسه بخنوع وخوف
" أقسم سيد خالد لم ادخلها إلا عندما اخبرتنى انها على صلة بالعائلة...
ثم تابع بتبرير أكثر عن فعلته
"انا لم أتركها لحظة وكنت اراقبها وهى واقفة أمام القبر "
" وقفت أمام قبر من؟! " سأله خالد بنبرة حادة
" أمام قبر سيدى المستشار ياسين المنشاوى "
قالها الرجل وهو يحاول أن يرجو السماح من سيده
اصرفه خالد من أمامه بعد أن أمره وعنفه بنبرة حادة .. بأن الأمر إذا تكرر فهو لن يبقى عليه بل سيقوم بطرده ..
زم قبضة يده بشدة على رأس العصا القابعة بين اصابعه وهو يفكر من هى تلك المرأة التى زارت خاله ..
ابعد أفكاره تلك بسرعة عن رأسه ما ان رأى اقتراب والدته منه .. فتح لها السائق باب السيارة و جلس هو بجوارها للخلف .. وانطلق السائق بهم
لاحظ لدقائق شرود والدته ووجهها المتجهم
فسالها بقلق
" أمى هل بك شى ؟"
" لا ..انا بخير لا تقلق على .. انا كنت فقط أفكر بنور .. يجب ان نرسل إليها ما تحتاجه وألا نقطع بها .. حتى لا يظنوا أهل زوجها بأنها ليس لديها أحد بعد وفاة والدها .. وأفكر أيضا بالذهاب إليها "
أبتسم بخفوت وقال بنبرة دافئة
" لا تقلقى ... كل ما ستحتاجه نور سيصل إليها كما إننى سارسل لها بعض المال .. لن اجعلها يوما تحتاج إلى شئ فهى بمثابة أخت لى.. و سنذهب انا وانتى لزيارتها قريبا "
ربتت على قدمه بحنان وقالت بصوت حنون
" ليباركك الله يا بنى ويرزقك بالزوجة الصالحة التى تصونك وتصون اسمك .. "
قالت كلماتها بابتسامة صمتت ثم تابعت بهدوء
" عمك عنده فتيات ... البلدة بأكملها تتحاكى عن جمالهن و ادبهن. . ما رأيك ان أتحدث مع زوجة عمك عن إحدى بناتها وأنت تتحدث مع عمك أيضا "
بلع ريقه وحاول أن يكون هادئا فهو لا يرغب بزواج كهذا .. وأيضا ليس الآن عليه ان يحقق ما يريده أولا يستعيد ما سلبه خاله عزيز منهم ثم بعد ذلك يفكر فى الزواج ...
فقال بصوت هادى كتوم
" ليس الآن يا أمى .. ليس الآن .. لم يحن الوقت بعد "
حاولت والدته التكلم لكن نظراته جعلتها تصمت .. وفعلا فضلت الصمت واشاحت بوجهها ناحية نافذة السيارة شاردة مرة أخرى فيما رأته منذ قليل .. وهى تتساءل هل يعود الأموات .. هى لم تكبر لهذه الدرجة لتهلوس او ترى شيئا ليس موجودا من الأساس .. روز هل حقا ماتت ..

 

دلف إلى مكتبه بعد أن ذهب إلى منزله وبدل ملابسه بحلة سوداء .. تبعه ماجد ما ان رآه يدلف إلى المكتب
"هل فعلت ما طلبته منك؟! "
سأل سيف بسرعة ما ان شعر باقتراب ماجد منه
" نعم أنهم بالخارج .. لقد اخترتهم بعناية فائقة لا تقلق "
اجابه ماجد بعملية
" حسنا اجعلهم يدخلون "
أمره سيف بنبرة حادة
بعد لحظات دخل أربعة من الرجال .. أن كان حقا يمكن وصفهم بالرجال بل كانوا عبارة عن أربعة من الثيران .. او يمكن القول أربعة من الفحول .. كل واحدا منهم يقول لا يوجد من هو أقوى وأطول منى .. من ينظر إليهم يعتقد انه قزم أمامهم .. جسد رياضى مبنى بمهارة عضلات بارزة بقوة ..
لكنه رغم ذلك وقف أمامهم بشموخ وتكبر ولم يهتز قيد أنملة لوقوفهم هكذا أمامه فهو لم يكن يوما قزما فقد ورث طوله الفارع عن والده وجسده الرياضى الذى حرص جده منذ نعومة أظافره ان يبنيه له .. فجده رباه بعناية واهتمام
وقال بنبرة خشنة حادة ..
" انا لا أريد مجرد أجساد فارهة وعقول لا تعى شئ انا أريد رجالا يعرفون التصرف جيدا إذا حدث اى شئ خطير .. فأنا لن أسمح أن تمس منها شعرة .. "
نظر أقصر الرجال قليلا إلى سيف وهو يقول بنبرة عالية مخترقا الحديث الذى كان سيدور بين سيف وماجد
" سيدى نحن لن نخذلك لا تقلق السيدة تحت رعايتنا ولن تمس بسوء طالما نحن معها "
رفع سيف إحدى حاجبيه باستهجان من نبرة الرجل وقال بسخرية
" انا لا أريد مجرد كلاما انا أريد فعلا معه .. والوقت سيثبت قولك هذا "
قال سيف كلماته بغرور وتكبر واضح ثم استدار بجسده معطيا الرجال الأربعة ظهره ..
فصرف ماجد الرجال بنظرة آمرة لا تقبل جدلا
" سيف لقد تأكدت من كل شئ واخترتهم بعناية "
قالها ماجد بتأكيد
" حسنا .. يجب ان اذهب انا الآن .. ستهتم بكل شى كما أخبرتك .. واروى وطفلى تحت رعايتك فهما ما يخص أخاك "
فرد مالك بتشجيع وهو يربت على كتفه
"هما فى عيناى لا تقلق "

 

هبت من نومها هلعة وهى تبحث بعيناها عنه .. لقد ذهب وتركها .. لا تعلم لماذا تشعر بانقباضة فى صدرها .. انها خائفة من ذهابه ..
وضعت إحدى يديها على بطنها وأخرى على وجهها وهى تحاول كتم دموعها ..
لقد ذهب من دون أن يقيظها ويخبرها انه يحبها .. لا هى لن تكتفى بكلمة حب منه .. هى تريده عاشقا لها بجنون .. هى تريده لها بكل كيانه ... تريد حبيبها و زوجها بقربها .. لا تريده ان يبتعد عنها .. تريده بجوارها و ان تمسك بيديه وتتدلل عليه
.. تريده ان يقبلها ويسحقها بجسده فى كل وقت ولحظة .. لا تريده ان يبتعد .. هى تحتاج قربه منها أكثر مما تحتاج اى شئ ..
خرجت من أفكارها على صوت دقات على الباب تبعها دخول والدتها
التى قالت بوجه يعبر عن فرحتها للمصالحة التى تمت بين ابنتها وزوجها فى خلال الليلتان التى قضاهما فى منزل عمته
" صباح الخير يا نور عينى والدتك "
همست اروى بخفوت وهى تغطى جسدها العارى بملاءة السرير بعد ليلة محمومة بينها وبين سيف ليلة أمس .. ووجنتبها محمران خجلا .
" صباح الخير "
تابعت والدتها كلامها قائلة بهدوء
" ريم تنتظرك فى الأسفل .."
فنطقت اروى بدهشة وتساؤل
" ريم .. ماذا هناك؟!. . ارجو أن تكون الأمور بخير "
" حسنا استحمى حالما أنتهى من تحضير الفطور لكما .. "
قالت والدتها كلماتها ثم خرجت من الغرفة
ابتعدت أروى من السرير و تناولت من على الأرض قميصها الذى كانت ترتديه ليلة أمس ... ارتدته ودلفت إلى الحمام ..
انزلقت فى حوض الاستحمام .. وهى تفكر بشرود عن سبب انقباض قلبها وصدرها إلى تلك الدرجة ...
...
بعد فطور دسم أعدته السيدة فريدة لكلا من أروى وريم .. وجلوس الفتاتان كلا منهما شاردة و صامتة وتناولا القليل من الطعام ... انتهيا من تناوله ... وجلسا على الطاولة التى توجد فى الحديقة الخلفية لمنزل أروى...
راقبت اروى التوتر الظاهر على وجه ريم .. وعيناها التى تحاول أن تحدانها عنها .. بالإضافة إلى شحوب وجهها
" ريم ماذا بك؟! "
سألتها اروى بحنان ودف
مررت ريم أصابع يدها المرتعشة على وجهها وهى تقول بصوت مكتوم من البكاء واعين دامعة
" لست بخير .. لم انم ليلة امس .. أشعر إننى اختنق.. حتى إننى لم اذهب إلى المشفى .. حتى عملى الذى كان كل شئ بالنسبة لى أصبحت اهمله.. ما ان رايت ان الوقت سامح بأن أتى إليك .. حتى ارتديت ملابسى واتيت إليك "
اقتربت منها اروى وربتت على ظهرها وهى تحثها على الكلام ..
بدأت ريم تقص على اروى وتخبرها بما حدث من بداية تحاليل الحمل التى كانت تجريها إلى ما حدث بينها وبين مالك ليلة امس على أمل ان ترشدها صديقتها إلى الصواب ...
" ريم اخطاتى بردة فعلك .. وأيضا كان يجب عليكى ان تخبريه بما تعانيه .. وليس ان تصمتى وتكتمى ما تفعلين بعيدا عنه .. "
انبتها اروى بشئ من الشدة لكنها أيضا لم تقسو
" اخطاتى بابتعادك .. وانزواك عن نفسك بعيدا عنه .. اخطاتى عندما لم تخبريه بما تشعريه "
" لم أخطأ .. هتفت بها ريم بمكابرة
وتابعت وهى تخفض رأسها بحزن
" كان يجب ان يشعر بى ويبتعد لو كان يحبنى حقا مثلما يقول .. لما حاول الضغط على اعصابى وانا أخبره إننى متعبة "
صمتت اروى وهى تراقب تعبير وجه ريم الذى يغلب عليه الحزن والضيق .. فصديقتها تائهة.. لا تعلم ما الذى يجعل حياتها تعيسة لهذه الدرجة .. رغم أن مالك يعشقها .. ولو استطاع أن يحضر لها نجمة من السماء لفعل .. لكن ريم لا تفهم .. ريم ما زالت تعيش على أحزانها وتعاستها السابقة ... ريم خائفة ان تفرح ... خائفة ان تحب ... واكثر من كل هذا خائفة من ان تحتاج .. أن تحتاج لمالك .. خائفة ان تخبره أنها تحبه تحتاج إلى يده لتربت عليها فقط .. أن يستمع وهى تثرثر وتتحدث من دون خوف .. من ان يكون كلامها صلبا او قاسيا كما كان يخبرها أصدقائها سابقا .. ما زالت تجاربها السابقة تنغص عليها حياتها .. تجعلها خائفة من إصدار اى ردة فعل .. فى مقابل هذا هى تريد أن يفهم زوجها انها مريضة او متعبة كما تقول من دون حتى ان تنطق ..
اتسعت عينا اروى وهى تستمع لهلوسات صديقتها وكلامها الذى لا يعبر إلا عن جنونها
" يا ليتنى لم أتزوج .. يا ليتنى كنت رفضت هذا الزواج بكل ما أستطيع من قوة .. لو لم اتزوجه لما عشت تعيسة الآن هكذا .. أبحث عن إرضاء الجميع .. لما عشت مع حمى لا تريدنى ولا تطيق رؤيتى. . ولا مع زوج يريد أن يحصل على أكثر مما أستطيع أن أعطيه له ..
هتفت بها ريم وكأنها حيوان جريح يأن من الألم
" يا ليت .. كلمة لا تفيد لا أستطيع أن أعيد بها حلقة الماضى .. لا أستطيع بها ان أعيش وحيدة .. وأرجع لعالمى الذى كنت انا به فقط .. لا أحد يطلب .. ولا أحد يريد فقط اعيش لنفسى .. "
اقتربت اروى منها أكثر وهى تقول بحشرجة
" ريم .. ما هذا الذى تقولينه .. هل مالك معك سى إلى هذه الدرجة .. اخبرينى ..
ثم إدارتها بيديها مجبرة ريم للنظر
" ثم اخبرينى من قال انك تعيشين لنفسك ما هذا الكلام .. وخير دليل هو انك نسيتى جرحك وصدمتك بعدم حملك وذهبتى إلى نور .. هل هذا تسمينه نفس ووحدة .. "
اجهشت ريم بالبكاء وهى تقول بصوت مبحوح
" هو ليس سىء .. لكن انا من لا أستحقه .. طيبته وتسامحه معى .. تجعلنى خائفة. . خائفة من ان اقترب منه .. وبعد ذلك يتركنى. . وحينها لن أتحمل فراقه .. "
ضمتها اروى إلى صدرها وتترك العنان لدموع صديقتها للسقوط .. و ريم مستمرة بالبوح بكل ما يضيق بها صدرها .. ما يجعلها حزينة ومتالمة
" ما المنى أكثر هو معرفتى بعدم حملى .. خائفة من الا أستطيع أن أنجب له .. وحينها هو سيتركنى. . لن يبقى على ..."
" مجنونة .. ما هذا الذى تقولينه مالك لن يتركك يوما لسبب تافه كهذا "
نهرتها اروى بقوة ثم تابعت بنبرة حانية هادئة
" عليك فقط ان تتصالحى مع نفسك أولا .. عليك أن تخبريه انك تحبينه مثلما يحبك .. خذى إجازة من المشفى .. و لا تقلقى من هذا سأتحدث انا مع ماهر بنفسى وساخبره بأمر الاجازة .. وانتى اذهبى إلى منزلك .. اظهرى اهتمامك به .. اخبريه انك تحبينه .. اعدى ما يحبه .. وهو طالما وجد كل هذا منك.. لن يفكر يوما بتركك .. لكن طريقتك هذه ستخبره انك لا تريدنه وحينها ستتغلب عزة نفسه على حبه لك .. و سيتركك.. احبيه. . احبيه يا ريم بلا عقد .. "

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة