قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية صرخات أنثى للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السادس

رواية صرخات أنثى للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السادس

رواية صرخات أنثى للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السادس

انتهت من محاضراتها وخرجت تحمل حقيبتها بملامح منزعجة، لا تبدو سعيدة بفكرة صعودها لسيارة أجرة للعودة لمنزلها، اعتادت على قيادة سيارتها الحبيبة وعدم مفارقتها لها.
خرجت شمس وعينيها تبحث عن ضالتها لتستدعي سيارة، فتخللها صوتًا ذكوريًا مألوفًا يناديها: آنسة شمس.

خفق قلبها بشراسةٍ، وبسمتها الرقيقة ترسم قبل أن تستدير لصاحب الصوت، فبللت شفتيها واستعادت اتزان أنفاسها قبل أن تستدير له، فوجدته يقف قبالتها بثباته الجذاب، يتطلع لها بعينيه التي تخيم على ضوضاء الصباح، لتسحبها لهدوء الليل الساكن من حولها.

بدى مختلفًا بزيه الغير رسمي، لم يكن يرتدى بذلته كالمعتاد، تآلق ببطال من الجينس وقميصًا أسود اللون، يبرز تفننه بالقتال للحصول على جسدٍ منحوت كذلك، لطالما كانت تراقب عمران وهو ينازع برياضته العنيفة ليحافظ على قوامه الممشق، على عكس على الذي يمقت الرياضة ومشتاقتها، فكان يميل لقراءة الكتب بأغلب الأحيان، ومع ذلك حفاظه على أكله الصحي منحه جسدًا رفيعًا ولكنه لا يمتلك جاذبية عمران والتي تمنتها شمس بفارس أحلامها الذي يفصل من أمامها الآن.

دنى آدهم منها، فاكشفت شفتيه عن بسمة هادئة: عاملة أيه بعد ليلة إمبارح؟
وتابع بمرحٍ وهو يراقب تجهم معالمها كمن ذكرها بذكرة تبغضها عمرًا بأكمله: أعصابك تمام ولا خلاص مبقتيش تفكري في الخروج من البيت بعربيات تاني!
علقت حقيبتها على كتفها بعدما مدت ذراعها داخلها لتنحدر على خصرها، وهدرت بانفعالٍ: إنت جاي تقلب عليا المواجع يا كابتن!

وطوفته بنظرة شملته باستخفافٍ: بدل ما أنت جاي تهزر على الصبح روح شوف الباشا بتاعك ليعرض لاغتيال تاني ويبقى ريح وإرتاح.
ضحك بصوتٍ جعلها تراقب المارة من حولها بترددٍ، بالرغم من وجودهما ببلدًا متحررة لا يعني أشخاصها ماذا يحدث بالطريق العام الا أنها قالت بتوترٍ: مينفعش أقف معاك كده، عن إذنك.
لحق بها بخطواتٍ متأهبة لتتباعها إينما ذهب، فتوقفت فجأة وهي تنفخ بضيقٍ، وواجهته: إنت جاي ليه يا كابتن آدهم.

وحذرت باصبعها الممدود: ومتقوليش صدفة والكلام الأهبل اللي ميدخلش عقل عيل صغير ده.
أشمر آدهم عن ساعده وحرر ساعته وهو يراقب الوقت بمكرٍ: لأ طبعًا أنا عارف إنك بتخرجي 11وربع.
ارتبكت عينيها أمام هالته الواثقة، ورددت وهي تبتلع لعابها: إنت بترقبني!
هز رأسه موكدًا ببسمةٍ هادئة، ودث يده بجيب بنطاله ليخرج مفتاح وقدمه لها، وزعت نظراتها بينه وبين ما يحمله متسائلة: ده أيه؟
أجابها بنبرته الرخيمة: مفتاح عربيتك.

وأشار بعينيه على السيارة التي تقف على بعدٍ منهما، رفعت شمس نظارتها الشمسية عن عينيها، وبرقت بصدمةٍ جعلت فاهها يتدلى للأسفل بعدم تصديق، وأسرعت تتأكد مما تراه إن كانت لم تراها تشتعل وتنفجر بالهواء لظنتها سيارتها بالفعل، خطفت نظرة لأرقام لائحتها لتؤكد لذاتها إنها ليس هي رغم تجمد عينيها، وقالت وهي تستحضر كلماتها الهاربة: إنت ازاي قدرت تآآ.

قاطعها بحزمٍ مرن: مش مهم المهم إنها شبهها بالظبط وده مش هيعرضك لعقاب فريدة هانم.
سحبت نظراتها إليه بصعوبة، وبتردد قالت: مش هقدر أقبلها، على أخويا قالي هيشتريلي عربية والموضوع شبه محلول.
أكد لها وهو يقطع المسافة القصيرة بينهما: أنا كنت السبب في اللي حصل لعربيتك ومن حقي أعوضك.

ومد يده بمفتاحها مجددًا إليها، فوجدت ذاتها تتناوله منه دون وعي، وفجأة تمردت تعابيرها المشاكس وصاحت: بص بقى أنا مش مرتاحالك يا كابتن، امبارح تعترفلي إنك اللي اتعمدت تنيم عجل عربيتي وتقولي ابعدي عن راكان، والنهاردة ظاهرلي بعربية وخايف عليا من عقاب والدتي إنت أيه حكايتك بالظبط؟
كبت بسمته الخبيثة ورفع يده للأعلى باستسلام بريء: أنا! ماليش أي حكاية.

احتدت نظراتها إليه وهددته بشراسةٍ: طب على فكرة بقى أنا هتصل حالًا براكان وهقوله على اللي بتعمله ده.
وفتحت حقيبتها تبحث عن هاتفها، لتجد يده ممدودة لها بهاتفه الذي تحرر منه صوت راكان: أيوه يا آدهم.
ابتلعت ريقها بارتباكٍ، وهي تعود للقاء عينيه الواثقة من جديدٍ، ومازال يقف بشموخٍ يقدم هاتفه لها، غير عابئًا بمن يصيح باسمه ويردد للمرة العاشرة: آدهم، ألووو. سامعني!

رفع الهاتف نصب عينيها وهو يكتم المكالمة ليخبرها: الفون يا شمس هانم.
تحرر صوتها الخافت بحرجٍ: مش خايف؟
اتسعت بسمته فأغلق المكالمة وهو يجيبها: مبخافش الا من اللي خلقني.

وضع هاتفه بجيب بنطاله وهو يمنحها بسمةٍ تجعل قلبها يقرع كالطبول، وخاصة حينما همس لها بصوتٍ منخفض بعض الشيء: أنا آسف مكنش قصدي أزعجك بكلامي، بس صدقيني مش هرتاح غير لما تقبلي العربية وقتها هحس بالراحة إني على الأقل متسببتلكيش بأي مشكلة، كفايا عليا عذاب ضميري لما بفتكر حالة الخوف اللي عرضتك ليها آمبارح بسببي.
منحته ابتسامة ترسم بعفوية، وعلى استحياءٍ قالت: شكرًا يا آدهم.

راقب عينيها بتمعنٍ، واختصر بسمته وهو يلتفت من حوله بتوترٍ يهاجمه للمرة الأولى بحضرة تلك الفتاة التي بات يعتني بها فوق مهامه، فقال: هسيبك عشان متتاخريش على البيت وأشوفك مرة تانية.
ولاها ظهره وكاد بالمغادرة، فرفعت يدها وهي تهمهم بتيهةٍ: آآآ، آآ.

سحبت كلماتها وهي تحمد الله بأنه لم يراها، فلا تعلم أي كلمات كانت ستردد، هي بالتأكيد لا تحمل أي كلمات تجذب به طرف الحديث المنهي بينهم، تفاجآت به شمس يقف عن طريقه ويستدير برأسه لها مبتسمًا: أنا كمان مش عايز أمشي بس للأسف ورايا مشوار مهم. أشوفك بعدين يا شمس هانم.

جحظت عينيها صدمة من فهم مشاعرها وما يدور بداخلها دون رؤيتها أو سماع كلمات صريحة منها، اصطبغ وجهها حرجًا وهي تجده يمر من جوارها بسيارته، فأسرعت لسيارتها وكأنها تتهرب منه وهي تعنف ذاتها: هيقول أيه عليا دلوقتي!

قادت شمس السيارة، لتتفاجئ بسيارته تتبع نفس طريقها، ولو لم يكن أمامها لظنته يتبعها، رآها آدهم بمرآة السيارة الأمامية، فخفف من سرعته حتى بات يقود على محاذاتها، فمال بجسده يفتح نافذة السيارة رافعًا صوته: مين بقى اللي بيلاحق مين دلوقتي؟
أخفضت نافذتها وأجابته وعينيها لا تفارق الطريق: هو إنت كاتب الأسفلت باسمك ولا أيه يا كابتن؟
قهقه عاليًا: لا بس على ما أعتقد مش ده طريق البيت!

خطفت نظرة سريعة له وبررت ببسمة هادئة: الباشا اللي بتشتغل معاه مأكد عليا أروح حفلة عيد زواج ناس أنا معرفهمش.
رفع حاجبه بدهشةٍ: تقصدي حفلة ليام وإميلي؟
هزت رأسها مؤكدة له، فغمز لها ومازال يتفادى السيارات ليبقى على محاذاتها: يبقى طريقنا واحد وونس طول الطريق!

بدأ الحفل وازدادت أعداد المدعوون بالحضور، نخبة من أهم رواد الصناعة والتصدير، أغلبهم من جنسيات غير عربية ونادرًا بتواجد عدد من العرب، ساد الحفل عددًا ضخمًا من الفتيات المرتديات لثياب عارية، والكؤؤس محملة بعدد مهول من الخمور قلة من لعصائر لبعض الناس الممتنعة عن شرب المحرمات بين هؤلاء، ومن بينهم كانت تقف ألكس بفستانها الأزرق القصير، وشعرها القصير المصبوغ بالبرتقالي بعد أن انتهت اليوم من صنعه استعدادًا للحفل، تلتهم كوبها وعينيها تبحث عن بين الوجوه عن أبطال قصتها المدموجة داخل عقلها المريض المحدد لطوائف خطتها المدبرة.

وكانت أول أفرادها صديقتها إميلي بعد أن اتفقت معها مسبقًا، ووافقتها على الفور لعنصريتها المندثة داخلها تجاه أي عربي، ولكنها مرغمة على تواجد عدد منهم لمراكزهم الهامة التي تخضعهم لهم مزللين.
اقتربت منها ألكس تميل على آذنيها هامسة وعينيها لا تفارق بوابة المنزل البيضاء: أصابني الخوف من تأخرهما الملحوظ، أخشى أن لا يحضران وتنتزع خطتي بأكملها.

خطفت تلك السيدة الثلاثينية بصرها إليها، ورسمت ابتسامة واسعة وهي تشير لها بمكرٍ: خاطئة ألكس لقد وصلت عائلة السيد عمران بالفعل.
اتجهت عينيها تلقائيًا للبوابة بلهفةٍ، فاعتلتها بسمة شيطانية مخيفة فور رؤيتها لمايسان تدلف برفقة عمران بفستانها الأبيض الطويل المحتشم، وحجابها المتدلي من خلفها، وكأنها عروس تزف لعريسها!

راقبتهما جيدًا فوجدته يستأذن منها ويغادر ليقابل رفيقه جمال الذي استقبله بالاحضان، بينما استكملت مايسان طريقها باحثة عن آميلي، فما أن رآتها حتى دنت منها تقدم هديتها باحترامٍ وبسمة بشوشة: عيد زواج سعيد إميلي.
اغتصبت بسمة فاترة على شفتيها وهي تجيبها: أشكركِ عزيزتي.
وأشارت بيدها على الطاولة القريبة منهم: تفضلي بالجلوس.

انتبهت مايسان لمن تجاورها بوقفتها، فاغتظمت معالمها غضبًا، ظنًا منها إن عمران كعادته لا يستغني عنها بحفلاته الهامة، فلحقت إشارة إميلي بالجلوس، وجلست تترقب انضمام شمس لها بصبرًا لا يطاق.
جلس عمران برفقة جمال الذي يتهرب من التطلع بعينيه بحرجٍ، فابتسم لمعرفته ذاك الشعور جيدًا، فربت على يده الممدودة على الطاولة وهو يخبره: مفيش داعي يا جمال، أنا عارف إنك مش هتعملها تاني، ولا عمرك هتشرب القرف ده.

تنحنح بجلسته وهو يؤكد له: أنا مكسوف من نفسي يا عمران، مش قادر أوري وشي ليوسيف، إنت عارف إنه بيخاف على سيف أخوه أوي هيكون وضعه أيه وهو شايفني بسكر قدامه، الولد صغير ومينفعش يشوفني كده.
تلبسه الألم، فزاغت عينيه بالفراغ وهو يردد بندم: أنا السبب، أنا اللي دخلت القذارة دي بيت يوسف، بس مش هتتكرر تاني.
اتسعت بسمة جمال وبفخرٍ قال: لو عملتها تبقى راجل بصحيح.
أكد له: هيحصل بإذن الله.

وتابع بسؤاله وهو يتابع تلاشيه لهاتفه مجددًا: إنت لسه مصالحتش صبا بردو؟
ألقى الهاتف جانبًا وارتشف عصيره بهدوءٍ: لأ وشكلنا كده مش هنتصالح أبدًا.
ووضع الكوب وهو يسحب جسده للطاولة هامسًا: ولولا الصفقة المهمة اللي بيني وبين ليام مكنتش جيت الحفلة المملة دي من أساسها، بس مش هطول شوية وهخلع عند سيف، النهاردة يوسف قايل إن الدكتورة ليلى محضرلنا محاشي وكفتة من اللي قلبك يحبها.

ضحك بصوتٍ مسموع، وأكد عليه: معاك وش، شوية وهخلع معاك نفس الخلعة.
التفت جمال لطاولة مايسان البعيدة عنهما، وربت على يد عمران: طيب روح إقعد مع مراتك متسبهاش لوحدها ميصحش كده.
ود بالنهوض ولكنه فضل البقاء برفقة جمال حينما وجد ألكس تحاول الاشارة له كل دقيقة، ففضل البقاء بعيدًا عنها، لا يريد أي شيء ينزع حالة السكينة المؤقتة بينه وبين زوجته.

تناول عمران المقبلات من أمامه وهو يتفرس ملامح جمال الذي يقرأ رسالة وصلت لهاتفه، فأغلقه من الزر الجانبي وهو يردد من بين اصطكاك أسنانه: وأدي أم التليفون هددي نفسك بقى!
أبعد طبق المقبلات عنه، وسحب مقعده ليدنو من رفيقه مرددًا بجدية: جمال إنت كده بتدمر حياتك، مش كده اهدى وإرجع بيتك اقعد مع مراتك واتناقش معاها بهدوء.

سحب جمال المقبلات بكمية يدس بها غيظه وغضبه الشديد: قولتلك دي فاضية ودماغها رايقة بالبلدي كده مورهاش حاجة غيري، فتعمل أيه تتفنن في إنها كل يوم تطلعلي عيب شكل.
انفجر عمران ضاحكًا، وقال بصعوبة بالحديث: بسيطة شوفلها شغل، إنت مش بتقول إنها معاها كلية حاسبات ومعلومات يبقى سهل تشتغل!
وتابع حينما تآلقت فكرته: شغلها عندك في الشركة هتفيدك وهتنشغل عنك إسالني أنا!

خطف بسمة ساخرة: مجنون أنا عشان أجيب النكد لنفسي لحد الشغل كمان، أهو ده اللي ناقص!
تحلى بصمته لدقيقةٍ ثم قال: خلاص خليها تشتغل مع مايسان بشركاتي، أنا كده كده محتاج لناس عندهم خبرة في الحاسبات، وفوق كل ده هتسحب مع مايسان اللي طالع عينها وسط الموظفات الأجانب.
ضم شفتيه بحيرةٍ من اتخاذ أمرًا كذلك، ففاه بارتباكٍ: بس آآ.

قاطعه بحزمٍ بعدما وجد الحل الأمثل لمشكلته: صدقني ده الحل، اختلاطها مع الناس اللي هنا هيفيدها جدًا، ومش هيخليها تحس بالوحدة، وهتحل عنك بردو يا سيدي أنا عارفك مبتحبش الرغي ولا الاسئلة الكتير فالليلة دي مقاسك.
هز رأسه باقتناعٍ: خلاص لما أرجع بليل هكلمها في الحوار ده وأشوف.
ورفع يده لكتفيه بامتنانٍ: مش عارف أشكرك ازاي يا عمران، بجد نجدتني من قنبلة الاكتئاب دي!

تمردت ضحكاته مجددًا، وبات مازحًا: يا ابني مش دي صبا اللي حفيت عشان تتجوزها، حبك راح فين؟
لوى شفتيه بتهكمٍ وكأنه يذكره بما مضي ولم يعاد إليه، فسحب رشفة من كوب عصيره، قائلًا: كانت كريزة بعد الجواز بقت كئيبة!

تفحص على النوت الصغير ببسمةٍ هادئة، يقرأ الآن مواقفها الايجابية بحياتها، يدفعها لرؤية ما تحتفظ به داخل ذكرياتها، يدفعها تلامس حقيقة أنها تحوي الذكرى القاسية واللطيفة بآنٍ واحدٍ، وحينما انتهى من القراءة قال وعينيه منصوبتان عليها: شوفتي إن جوانا حاجات كتيرة حلوة حتى لو فيها الوحش!
ابتسمت بمرارة تجرعتها بكلماتها: أنا الوحش عندي أكتر من الذكريات الحلوة اللي تتعد على الأيد يا دكتور.

خلع نظارته الطبية وتطلع لها يخبرها: حتى لو الحلو قليل يا فطيمة اتمسكي بيه ومتسوفيش غيره.
انهمرت دمعتها الصريحة على خديها، فازاحتها وتمعنت بالتطلع له قائلة بجراءة وقوة لم يراها منها قط: دكتور على أنا ادبحت من تلات كلاب أكثر من مرة، قتلوني بالحيا وسابوني أنازع وعقلي مش مستوعب اللي حصلي، سابوني بدور زي المجنونة على أي حاجة أقتل نفسي بيها بس مكنش في حاجة حوليا غير الضلمة وعذاب الضمير على مراد.

وجده طريقًا سلسًا للخوص داخل رحلتها من جديد، وبالرغم من أن النيران تلتهمه هو أولًا قبل أن تصل له، الا أنه استكان بجلسته وهو يحافظ على أنفاسه الهادرة داخل قفصه بانفعالٍ وكأنه يركض لمسافاتٍ وداخله يهمس: اهدى يا علي، إنت في الأوضة دي كدكتور وهتقوم بواجبك على أكمل وجه، مشاعرك ووجعك ارميهم على جنب.
تنحنح وهو يجلي حلقه: أخر مرة اتكلمنا فيها كان عن خطيبك.

وابتلع غصته المؤلمة وردد بحروفٍ طاعنة: بعد ما خضعتي لكشف العذرية أيه اللي حصل بعد كده يا فطيمة؟

أغلقت جفنيها بقوةٍ جعلت دمعها يتدفق بصمتٍ، وكأن أحدًا يتنزع قدميها المثبتة على الدرج الخشبي ويجذبها للقاع من جديد، فقالت وهي تسترد انفاسها الثقيلة: عديت الموقف وكل حاجة عشان أهلي، وابتدينا نحضر للجواز، بالرغم الألم اللي كان جوايا الا إني حاولت أتخطاه وأركنه جنب اللي مريت بيه في سبيل اني كويسة ومحدش مسني وده هو وأهله اتاكدوا منه، بس اللي مكنتش أعرفه إني اتحررت من سجن صغير لسجن أكبر ولجلادين أبشع.

وازاحت دموعها بقهرٍ وهي تردد: خطفوني تاني بس المرادي كانت مختلفة، كانوا عايزين الملاك اللي ساعدنا وهربنا من المكان القذر اللي كنا فيه.
وسلطت عينيه له وهي توضح له: كانوا عايزين مراد، عشان بنتقموا منه ومن اللي عمله بالشبكة الدولية اللي محدش قدر يكتشفها.

واستطردت بصوتٍ مرتعش: عذبوني وهدودني بأختي لو مطاوعتهمش هيقتلوها هي وعيلتي، مكنش قدامي أي حلول تانية اضطريت أخضعلهم واتصلت بمراد وطلبت منه يجيلي على العنوان اللي بعتهوله، كان نفسي أصرخ في نفس المكالمة وأحذره إنه يسمع كلامي وفي نفس الوقت كان جوايا أمل إنه يقدر يخرجني المرة دي كمان من غير ما حد يمسني، بس أحلامي اتدمرت في كل مرة اتعدوا فيها عليا، والبشع إنهم مرحموش مراد، كانوا بيحقنوه بالمخدرات لحد ما بقى مدمن.

وتابعت وهي تزيح عنها دموعها: احساس الذنب كان هيقتلني وأنا شايفاه بالحالة دي، مراد شخص قوي وعزيز كان صعب عليه المهانة اللي عاشها ونظرات عينه كانت كلها غضب لعجزه إنه يدافع عني، لدرجة خلتني أتاكد إن خروجي أنا وهو شبه مستحيل، فهربت من المواجهة، سكوتي كان هرب ليا من كل شيء، من الوجع والقهرة وكسرة النفس، كل يوم بشوفهم في حلمي وهما بينهشوا لحمي، وأنا عاجزة عن إني حتى أصرخ وأتوجع.

واسترسلت وجسدها ينتفض من فرط البكاء: الأيام اللي فضلتها هناك كانت بالنسبالي 100000سنة، كل يوم كنت بتجلد لما أسمع صوت الباب بيتفتح وبدعي إن روحي تفارقني.

وضمت ساقيها لها وهي تستند برأسها عليهما: كنت بتوسل ليهم كل يوم عشان يقتلوني بس دموعي وصراخي كان بيخليهم مبسوطين أكتر، أنا ناري مبردتش وأنا شايفة رحيم أخو مراد بيتقم منهم وبيقتلهم قدامي، نار لسه مبردتش لحد اللحظة دي، أنا أوقات بكره نفسي وبحملها ذنب اللي حصل، بحملها ذنب عجزي.
أغلق عينيه بقوةٍ أدمت تلك الدمعة التي انسدلت على خديه لأول مرة، وصوته المختنق بالعبرات يهاتفها برجاءٍ: كفايا. كفايا يا فطيمة!

رفعت عينيها إليه بصدمةٍ، لم تستوعب مدى تأثره الشديد بحديثها، دمعة الرجال عزيزة وها هو يضعها متخبطة أمامه، لا تعي لماذا تأثر لتلك الدرجة التي جعلته يترك نوته، هاتفه، سماعته، كل شيءٍ ويهرول لخارج الغرفة بانفاسٍ متحشرجة، راقبته بشرود وصدمة مازالت تبتلعها.

نهض عمران ليستقبل راكان الذي يسرع إليه برسميةٍ تتلقفها أعين الصحافة، بعد أن انتشر خبر ارتباط شقيقة عمران سالم براكان مثلما أراد، فمال عليه يهمس وابتسامته المصطنعة تغزو وجهه المرتفع بكبرياءٍ: فين شمس؟
منحه نظرة ساخرة لعنجهيته التي لم تتركه بعد، وقال: أكيد على الطريق متنساش إن المكان بعيد.

هز رأسه متفهمًا، واتبعه للداخل والنقاش المتبادل يخص تجارة عمران وإلقاء راكان أول حبال خطته الدانيئة بعرضه الشراكة الصريحة بالصفقة القادمة بينه وبين عمران الذي أجابه بمهنيةٍ: شرفني مكتبي في أي وقت نتكلم أفضل في التفاصيل.

هز رأسه بانتصارٍ وابتسامته الشيطانية تغادره رويدًا رويدًا لتنقلب للدهشة حينما وجد شمس تقترب منه بملابس عادية لا تليق بحفلٍ كذلك، ضرمت مخططاته بالظهور برفقتها أمام الصحافة، لتنتشر اخبار نسبة المشرف بين زيجات رجال الأعمال، أسرع إليها بخطواتٍ سريعة يمنعها من التواجد لعرضة الصحافة، وعنفها بعصبية استمع لها آدهم الذي يهم بالاقتراب: أيه اللبس ده؟ بتهزري صح!

رمشت بعدم فهم، وادعت برائتها: ماله لبسي، مريح ورقيق جدًا.
كز على أسنانه بحنقٍ: يعني إنتِ مش عارفة إنك جاية حفلة زي دي يا شمس، هتظهري إزاي كده جنبي قدام الصحافة.
أجابته ببرودٍ ونظرات مستشاطة من طريقته بالحديث: والله أنا رفضت أحضر الحفلة دي من البداية إنت اللي صممت آني أحضرها ده أولًا، ثانيًا بقى ودي الأهم أنا كان عندي محاضرات مهمة ومكنش عندي الوقت اللي أرجع فيه البيت وأغير هدومي.

اقترب منهما عمران يتساءل باستغراب وعينيه تجوب وجوهمها: في أيه؟
التفت له راكان بجسده وصاح بانفعالٍ: بذمتك يا عمران ده لبس تظهر بيه خطيبتي قدام الصحافة ورجال الأعمال جوه!

وضع يده بجيب بنطاله ليبجبه بجمودٍ وصرامة مخيفة: خد بالك من كلامك كويس يا راكان، واعرف إنت بتتكلم بإنهي طريقة بدل ما أفهمها تقليل من إختي وأرمي خاتمك في وشك وقدام الصحافة اللي عاملين ليك هوس دول عشان بعد كده تعرف حدودك وأخرك في الكلام.

ارتعب راكان من نبرته وخشي أن تضرم مخططاته هباءًا فقال بلطفٍ: مقصدتش حاجة يا عمران أنا عارف كويس أنا مختار بنت مين، بس الحفلة ليها فساتين ولبس معين ما أنت عارف، ثم إني بعتبرها مراتي ومسؤولة مني وشكلها أكيد من شكلي.
واستدار لشمس التي ترمقه بغيظٍ وقال: أنا آسف يا حبيبتي مقصدتش شيء، ولو عمران باشا يسمحلي أخدك لأي أتليه نشتري فستان سريع ونرجع عشان لازم أعرفك على كذه حد مهمين.

رفعت عينيها لأخيها فوجدته يهز رأسه بخفوتٍ لتتبعه، فما أن استدار راكان ووجد آدهم حتى ردت روحه وانتشت ابتسامته، فأشار له: آدهم.
أنهى آدهم اتصاله ودنى منهما يتساءل: خير يا باشا.

ابتعد به راكان عن نظراتها المحتقنة، ومال عليه يهمس بغضبٍ: خد شمس لأي أتليه شيك اشتريلها فستان قيم وكوليه غالي من الآخر عايزك مترجعهاش ناقصها حاجة إنت عارف الحفلة دي مهمة لينا أد أيه، ليام وإميلي معارفهم مهمين لينا خصوصًا الفترة الجاية.
حك أرنفة أنفه يخفي تعصبه وصاح: أنا ماليش في أمور الحريم دي يا باشا، فستان أيه اللي أجابه!

أكد عليه ومازال يرسم بسمته الساذجة لتلك التي تحاول الاستماع لحديثهما: اتصرف يا آدهم، وشوفلها حد يحطلها ميكب إنت مبتغلبش.
زوى شفتيه تهكمًا: حد قالك إني ساحر!
وأضاف بتحفزٍ: اللي بتطلبه ده أساسًا لا يمت للاسلحة والقتل والحراسة والاكشن ده بشيء، صدقني لو حاجة تانية هقدر أفيدك لكن آآ...
أوقفه حينما أخرج الفيزا إليه: اتصرف يا آدهم قبل ما نتفضح باللبس اللي هي لابساه ده!

وتركه وغادر ومازال آدهم يقف محله، يضم ذراعيه لخصره بانهاكٍ، هامسًا: المهمة دي جابت أجلي، أقتله وأقصر وقتي ولا أصبر لما أوقع اللي وراه وأهو كل بثوابه!
رفع آدهم هاتفه يستدعي فؤاد واتجه يقف قبالة شمس، فما أن تأملها حتى هرولت عنه كل طاقة غضب سكنته، فابتسم وهو يشير لها على السيارة التي وقفت قبالتهما: شمس هانم. اتفضلي.

منحته نظرة غاضبة ومازالت يدها تضم صدرها وقدميها تهتز بعصبية واشيكة على قتل من يقابلها، فصعدت للخلف وهي تبرطم: كان ناقصني راكان الاهبل ده كمان!
كبت ضحكاته فأغلق باب السيارة الخلفي وأتجه ليستقر جوار فؤاد الذي تلقى تعليماته بالتحرك، بينما يتابعها آدهم من مرآة السيارة الأمامية، يبتسم وهو يرآها تكاد تشتعل من الغيظ والغضب، لا يعلم لما تألم لأجلها.

رغم تفاهة الموقف الا أنه كان يتابعها باهتمامٍ، يود بأي طريقة يتحدث إليها ليخرجها عن صمتها الذي بات مقلقًا له، ولكن وجود فؤاد يعيقه عن فعل أي شيءٍ سيجعله يخسر هيبته السرية المعتادة بين فريق عمله السري المحاطين به بكل جانب، التزم الصمت حتى هبط معها لأحد المحلات الفخمة المعروفة، فولجت برفقته للداخل ووقفت تربع يدها ومازال الغضب يحاط بها.

دنى منها آدهم فابتسم وهو يمازحها: أنا عارف إن البنات بتاخد أربع خمس ساعات على ما تجهز فمتوقع بقى عما تنقي اللي إنتِ عايزاه وتلبسي هيكون تقريبًا الليل ليل والحفلة انتهت.
استدارت إليه لتتفجر عما كانت تحتسبه طوال الطريق: أأنا لا عايزة ألبس فساتين ولا أحضر حفله ولا أشوف خلقة الباشا بتاعك من الاساس أنا عايزة أروح.

لم يخسر حكمته بحل تلك المواقف أبدًا، إن تمكن من تفكك القنبلة المؤقتة بالظلام، واستخدام اسلحة مدمرة كتلك التي يتدرب عليها بالجهاز الأمني، الا يستطيع تحقيق الانصاف لتلك الانثى، قلص مسافته منها ورفع الفيزا إليها وهو يشير بمكرٍ: أنا بقول نسمع كلام الباشا أفضل، ونختار الفستان الشيك الغالي عشان نشرفه حتى لو هنصرف نص رصيده ونقهر قلبه المهم نتألق زي ما هو عايز ولا أيه؟

ارتسمت بسمة شيطانية على شفتيها، فاستدارت له بسعادة غريبة: عندك حق أنا هخليه يقول حقي برقبتي ويجري على فريدة هانم يبوس رجليها إني أرمي دبلته في وشه.
تعالت ضحكاته لسماعه أحلامها البعيدة على البعد عن محاربة ذاك الشيطان فقال: راكان مش هيتنازل عنك بسهولة، إساليني أنا.
رمشت بتوترٍ، وازدردت لعابها بارتباك: يعني أيه؟
تعمد تجاهل سؤالها، واتجه لاحد الفساتين الموضوعة بزواية مخصصة، وأشار: أيه رأيك في ده؟

تفحصته جيدًا فوجدت قصته تليق بها، كان يضيق بالاعلى ويهبط باتساعٍ بعدة طبقات تحوي الفراشات الفضية، تحيط به جوهرة بدت ثمينة للغاية، عادت خطوتان للخلف لتكن جواره بالتحديد: بس ده شكله غالي جدًا جدًا يا آدهم، إنت مالي إيدك من غضب راكان ده ليقتلني.
قهقه ضاحكًا وهو يجيبها: هحميكي متقلقيش.
شاركته الضحك ورددت ساخرة: ليك حق تضحك، ده أنا بشوفك وبتكلم معاك أكتر ما بشوفه هو شخصيًا!

قالت كلماتها غير واعية لمن يتمعن بها بشرودٍ، خفق القلب وتمرد من لجامه ليتبعها دون ارادة منه، تنحنح بحرجٍ حينما انتبه لشروده وتحرك للعاملة يقدم لها الفيزا ويخبرها بحمل الفستان للأعلى لتتمكن شمس من ارتدائه، وبقى هو بالأسفل ينتظرها.

لف ظهره يتأمل المارة من خلف الزجاج الشفاف المحاط بالمحل، ينتظرها تهبط للاسفل، مرت ثلاثون دقيقة ومازال يقف محله حتى إنتبه لصوتها اللاهث القادم من الدرج القابع بمسافة منه: آدهم.
استدار وليته لم يفعل، سقط أخر حصن امتلكه، وأوشك الأمر لخطورة يعلمها جيدًا، يكاد بفقدان أكثر ما تمرن عليه، التحكم بالنفس أمام أي أنثى تحاول اغرائه، وفعلتها تلك دون عناء منها.

تحكم بذاته وهو يدنو منها، فوجدها تهبط للاسفل بتعبٍ شديد، لتشكو له: الفستان ده تقيل أوي!
ضحك وهو يغمز ماكرًا: طبعًا مش مدفوع فيه نص مليون دولار.
جحظت عينيها صدمةٍ، ورددت وهي تستند على درابزين الدرج المعدني: ده كتير أوي يا آدهم، لأ خليني أشوف حاجة تانية بدل ما آ.
قاطعها بخبث: يعني مش عايزة تنتقمي من راكان المتغطرس ده اللي طول الطريق بتهري وبتنكتي في نفسك بسبب كلامه.

لاح لها ما فعله، فقبضت على معصمها وهي تستكمل طريقها للأسفل قائلة: ادفع يا آدهم وميهمكش.
انتظر مرورها ولحق بها، فتمكن رؤية فتحة ظهر الفستان وإن كانت صغيرة، فتنحنح وهو يشير لها: شمس.
توقفت وهي تتفحص ما قدمته العاملة لها من أدوات تجميل باهظة للغاية، فاستدارت إليه تتساءل: ده أيه ده كمان؟
زوى شفتيه وكأنه على وشك بترهما: هو اللي طلب إنك تحطي.

اعادتهم ليد العاملة وهي تخبره بغضب: مش هحط حاجة ولحد كده وكفايا هو مش واخدني فرجة للناس سعاته!
ابتسم وهو يردد بنبرة حنونة: اهدي وبلاش تعصبي نفسك، ولا يهمك اللي إنتي عايزاه إعمليه.

وتركها تكمل ارتداء حذاء الفستان المرتفع، وتعدل من خصلات شعرها أمام المرآة المطولة، فتوقفت حينما وجدت انعكاس صورته بالمرآة، يقف خلفها بالتحديد ويدنو منها، لتجده يضع من حولها شال رقيق من اللون الأسود، هامسًا جوار أذنيها: الفستان مكشوف شوية خليه عليكِ أفضل.
وتراجع وهو يشير لها بالتقدم، سحبت قدميها بتوترٍ مما فعله، حتى فتح باب السيارة.

خطفت شمس نظرة أخيرة إليه قبل أن تعتلي المقعد الخلفي، بينما صعد آدهم جوار فؤاد مبتسمًا كلما وجدها تراقبه بالمرآة، وعينيها لم تتركه أبدًا.
كانت تتمعن بهاتفها وهي تراقب رسالة شمس التي توضح لها ما فعله راكان، وأخبرتها بأنها ستستغرق وقتًا لتصل للحفل، أعادت مايسان الهاتف لحقيبتها بمللٍ من الحفل الذي تجلس به بمفردها، فبحثت عنه بعينيها وسط رجال الأعمال، ولكن خاب أملها حينما لم تتمكن من رؤيته.

لا يقف هنا، عمران بالخارج.
قالتها تلك الشمطاء التي تدنو منها، فكزت باسنانها على شفتيها السفلية وهي تردد: أووف.
ثم قالت بعصبية بالغة: ماذا تريدين مني ألم أحذرك من الاقتراب مني!
تعمدت اثارت غضبها بصوت ضحكاتها، وانحنت لجلستها تهمس لها بفحيح أفعى قاتلة: اعتادي وجودي مايا، لقد وافقت اليوم على زواجي من عمران بشرط أن يطلقكِ، ووعدني بأنه سيجد حلًا يرغم والدته على الموافقة.

وتجرعت النبيذ وهي تشير لها بحقد: أخبرتك بأنني من سينتصر هنا.
وقبلتها بالهواء وغادرت تاركة من خلفها عينيان غائرتين لا تستوعبان ما استمعت إليه، وما يعاد لها الآن ما الذي سيفعله عمران ليجبر خالتها على الموافقة، ماذا تقصد بالتحديد؟

لم تحتمل مايسان البقاء بعد سماعها ذلك، فجذبت حقيبتها وهمت بالرحيل في نفس لحظة اقتراب إميلي تبعًا لخطتها، اصطدمت بها عن عمدٍ ليسقط عصير الفراولة على فستان مايسان الأبيض فاتنزع لونها بنجاح، متعمدة أن يصل العصير لنصفها السفلي بانحناءة جسدها الهايل لسقوطها الزائف.
إدعت إميلي فزعها الشديد، وجذبت المناديل الورقية القريبة من الطاولةٍ وهي تردد: أعتذر منكِ مايا، نهضتي عن مقعدك فجأة ولم أنتبه لكِ.

التقطت منديلًا تحاول به ازاحة الاتساخ العميق عنها وهي تشير لها باحترامٍ: لا عليكِ، أنا التي كان ينبغي عليها الحذر.
مالت إميلي عليها تخبرها بصوتٍ منخفض وكأنه يعنيها أمرها كثيرًا: اصعدي معي للأعلى، اغتسلي وسأحضر لكِ فستانًا من ملابسي
اعترضت على ذلك بتهذبٍ: لا بأس، سأغادر على الفور.

أبدت موضحة رأيها وهي تشير بيدها للخارج: لا ينبغي لكِ المغادرة هكذا أمام أعين الصحافة، وفوق كل ذلك لن أسمح لكِ بالمغادرة، الحفل لم يبدأ بعد.
وحينما لمست توترها، مدتها بأمانها الزائف: لا تقلقي سأختار لكِ فستانًا واسعًا ليس عاريًا مثلما ترغبين.
أومأت باستسلامٍ فبالنهاية لن تتمكن من المغادرة بفستانها الذي طغاها اللون الأحمر من تجاه ساقيها فباتت أمورها أكثر حرجًا.

صعدت معها لأحد غرف الطابق العلوي بخجلٍ، لتجدها تفتح باب الحمام مشيرة لها: اغتسلي وسأحضر لكِ فستانًا أخر.
شكرتها مايسان على استحياءٍ: لا أعلم كيف أشكرك على هذا المعروف إميلي، الأمر مخجل برمته.
ردت عليها ببسمتها الشيطانية: أووه مايا أنتِ لا تعلمين ماذا تعنين لي، والآن اعطيني فستانك سأقدمه للخادمة تنظفه لكِ إن وددتي العودة به مجددًا.

قالتها بمكرٍ وهي تفتح يدها لها، وبالرغم من الحرج الشديد الا أنها ولجت للحمام ونزعته عنها لتقدمه لمن تلقفته وابتسامة الشر تنبع على وجهها، لتغادر الغرفة قائلة لمن بداخل الحمام: سأعود بالفستان حالًا.
وحينما أغلقت باب الغرفة أرسلت رسالتها لألكس، وبدورها أرسلت للرجلين وحثتهما على بدء تنفيذ مخططها.

أرهقتها قدميها من فرط البحث عن زوجة أخيها بين المدعوون، أكد لها عمران منذ وصولها برفقة آدهم بأنها بالداخل، بحثت عنها كثيرًا ولم تجدها على أي من الطاولات بالداخل، تخشى أن يعثر عليها راكان مجددًا فيجذبها لتقف برفقة رجال الطبقة المخملية المملة.

رفعت شمس هاتفها في محاولة للاتصال بها، فاستمعت لصوت هاتفها قادم من مكانٍ مجاور لها، اتبعته حتى وصلت لطاولةٍ فارغة تضم حقيبة مايسان، فاعادت الاتصال بعمران الذي أجابها ممازحًا: لحقت أوحشك.
اتاه صوت شمس المرتبك: عمران أن قلبت الحفلة كلها على مايسان ملقتهاش، حتى شنطتها لقيتها على التربيزة!
رد عليها بهدوءٍ: يمكن واقفة مع حد من صديقاتها أو بالحمام يا شمس.

اجابته بقلق وهي تجلس على الطاولة: ممكن، عمومًا هستناها هنا.
أغلق عمران هاتفه وأعاده لجيب بنطاله لينتبه لتلك التي تحاوط رقبته وهي تهمس بصوتٍ مغري: مرحبًا أيها الوسيم.
أبعدها عمران وعينيه تتلصص على من حوله بخوفٍ، ازداد حينما رمقه جمال الواقف بصحبة احد رجال الأعمال بنظرة حازمة، فصاح بها: بربك ألكس ماذا تفعلين؟!

حاولت أن تجعل شفتيها المصطبغة بطلاءٍ باللون الأحمر تلامسه الا أنه شدد على معصمها بغضبٍ، ليخبرها من بين اصطكاك اسنانه: اكثرتي بالشراب ألكس.
وضعت رأسها على صدره، ويدها تتحسس صدره، فأزاحها بنفورٍ: الناس يرقبون ما تفعلينه، كفى!
أجابته وهي تحاول البقاء بأحضانه: وإن يكن، دعهم يراقبون غرامنا عمران، اليوم سأحررك من تلك العلاقة اللعينة، سأقدم لك خلاصك الأخير من تلك الساذجة المصرية.

جحظت عينيه صدمة مما يستمع، وقد بدأ عقله بالعمل على الخيوط المدروسة من أمامه. حديثها بالأمس عن خطة سترغم والدته على أن يطلق مايسان، شمس التي أخبرته بعدم وجود زوجته بالحفل، وحديثها الآن!
أبعدها عمران عنه بقسوةٍ جعلت ذراعيها تلتهب من فرط تمسكه العصبي ليدها، وبنبرة كالجحيم تساءل: ماذا فعلتي بحق الجحيم! أخبريني ماذا فعلتي؟ أين مايسان؟ أين زوجتي؟!

تخبطت وتشتت بمن يقف أمامها، وكأنه شخصًا أخر، سال لعابها من فرط الرعب، فابتلعت ريقها وهي تردد: إهدأ حبيبي، ألم كنت تعاني من وجودها بحياتك!
أنا سأحررك الآن، سيلتقط لها بعض الرجال المتسأجرون صورًا وهي برفقتهم وحينها ستجبرك والدتك على تركها.
دارت الأرض به، فشعر بأنه سيسقط لا محالة، رمش في محاولةٍ لاستيعاب ما تقوله، فخرج صوته هادئًا يعاكس نيرانها المقتادة داخل صدره: تبًا لكِ، سأقتلك ألكس.

وركض للداخل بسرعةٍ، حتى تفادى اسقاط الخادم الحامل لصينية الكؤؤس، ركضت ألكس حوله، جذبته وهي تصرخ بعصبيةٍ: ما بك عمران، هل جُننت؟
رفع يده ليهوى على وجهها بصفعة اسقطتها أرضًا وهو يفوقها بصوتٍ عنيف: سأعود لمحاسبتك لاحقًا، أعدك بأنني سأعود.

وهرول للداخل مقتحمًا المنزل، في محاولة للعثور عليها، صعد عمران للطابق العلوي فجحظت عينيه حينما وجد فستانها ملقي بسلة القمامة القريبة من الدرج وعلى ما بدى له من بعيدٍ بأنه يحمل الدماء!
انتظرتها مايسان لأكثر من ثلاثون دقيقة ولم تعد حتى الآن، بقيت محتبسة بالداخل بقميصها القصير بخوفٍ هاجمها في كل مرةٍ فتحت الباب ولم تجدها بالغرفة، نادتها كثيرًا ولم يجيبها أحدٌ، فهمست برعبٍ: هي نسيتني هنا ولا أيه!

وزفت بغضبٍ شديد: حتى موبيلي مش معايا!
زارتها سعادتها المهاجرة فور سماعها لصوت أقدام تقترب بالخارج ففتحت الباب تتفحص عودة إميلي، تلاشت ابتسامتها ذعرًا حينما وجدت رجلين يتتسلان لداخل الغرفة، واحداهما يحمل كاميرا بيده ويشير للأخر بالتقدم مردفًا بصوتًا شبه هامس: إبحث بالداخل لم تخبرنا هي بأي غرفة، تأكد من تلك الغرفة وسأبحث بالغرفة المجاورة لها.

أشار له وهو يخرج محقنًا من جيبه: ملأتها بالمخدر حتى لا يستمع لصوتها أحدٌ.
تراجعت مايسان للخلف بصدمةٍ، ويدها تكمم فمها الواشك على الصراخ، فأغلقت ضوء الحمام بحذرٍ وتسللت للكايبنه الخاصة بالدُوش، تجلس أرضًا محررة باب الحمام من الداخل وتاركة باب الكابينه مفتوحًا حتى لا يشك بوجودها.

ارتعبت وحافظت على أنفاسها بصعوبة حينما تحرر باب الحمام ومن بعده الضوء، فولج للداخل يلقي نظرة متفحصة، وخرج بعدها يصيح لرفيقه: ليست هنا.
فور انغلاق باب الغرفة هرولت راكضًا لتغلق باب الحمام من الداخل وسقطت من خلفه تبكي بقهرًا وكل ما يحاوطها بتلك اللحظة جملتها
«عمران وعدني بأنه سيتخلص منكِ؛»
هل قصدت بأن زوجها الحبيب أراد أن يلوث شرفها؟!
أليس شرفها هذا هو شرفه هو الآخر؟!

كيف يسلمها بيده لهؤلاء الرعناء؟ أيفعل ذلك لأجل أن يحصل على سببٍ مقنعٍ للطلاق دون أن يخسر المال والممتلكات!
تحلياتها مزقت نياط قلبها، فتحولت يدها لتضرب فمها بقوةٍ ألمت أسنانها وجعلت شفتيها تنزف بقوةٍ، لا تعلم أتضرب ذاتها لتكف عن البكاء حتى لا يستمع إليها أحدٌ، أم من شدة القهر والمهانة التي تخوضها الآن وبالأخص بخطته التي حرصت على تجرديها من كبريائها بلا رحمة!

حمل عمران فستانها وهرع للغرف كالمجنون وهو يناديها بصوتٍ جريح مذبوح: مايا.
تمزقت احشائه كلما بعدت مسافته بينه وبينها، فحرر الباب المقابل له بعنفٍ جعل الرجلين المستمرين بالبحث يرتعبون من نظرات ذاك الراجل.

هبطت نظرات عمران تدريجيًا الكاميرا المحمولة ولهيئتهما فاستكشف أمرهما دون عناءٍ، فلم يدري بذاته الا وهو ينقض عليهما كالأسد الذي طعن بمخالب صغيرة أصابته بوجعٍ جعله يخرج زمام غضب على نملة تمر من جواره مرور الكرام.
انبصق الدماء من فم هذا المقيد أسفل جسد عمران القوي، فاستغل الاخير انشغاله به وتأوه على ذراعه المكسور وهرول للأسفل سريعًا، فدفعه الاخير وهرول من خلف صديقه.

اتكأ عمران على يده وهرول من خلفهما، متبعًا الشرفة الخارجية، وقد صدق حدثه حينما وجدهما يخرجون من الباب الرئيسي، فانتبه لمن يقف على بعدٍ منه، فصرخ آمرًا: آدهم، إمسك الكلبين دول متخلهمش يهروبوا.

أحاطهم آدهم ورجاله بمهارةٍ وقيدوهما أرضًا جوار سيارات حراسة راكان، وانتظر آدهم هبوط عمران ليعلم ماذا فعلوا هؤلاء ليجن هكذا، لم يسبق له التعرف عليه عن قربٍ ولكنه يعلم بأنه مسالمًا لا يخوض حياة تعج بالشر مثلما يفعل راكان فيحتمي بالحرس طيلة الوقت!

ركض عمران بالطابق الثاني في محاولة لايجادها، وصراخه باسمها لا يهديء، يكاد أن يسقط بنوبة قلبية من فرط حالة الهلع التي يخوضها الآن، لا يود تخيل السوء وأن أيدهما القذرة أحاطت زوجته.
مال على الحائط يلكم ما تتلقفه يده وهو يتذكر رؤيته لفستانها الملقي بالخارج فانهال عليه ألمًا جعله يلقي جرفاته أرضًا وهو يردد برعشةٍ: لأ، مستحيل يكون حد لمسها. لأ.

وهرع للخارج يبحث بأخر غرف الطابق، فلفت انتباهه ضوء الحمام المفتوح، والظل القادم من أسفل بابه، كان واضحًا لعينيه بأنها تجلس من خلفه، شهقاتها المكبوتة تصل إليه، ارتعبت نظراته، فجاب الغرفة ذهابًا وإيابًا في محاولة للسيطرة على ذاته أولًا.
واتجه ليطرق على الباب مرددًا برعبًا يسبقه: مايسان، افتحي الباب.
لم يأتيه أي ردًا منها، فقال وهو يعصر قبضته: افتحي من فضلك خليني اتطمن عليكِ.

واسترسل بحدة: أنا ضربتهم ومش هخلي حد يقربلك، افتحي الباب ده.
شهقاتها هي التي تزف إليه فتستهدف ما تبقى منه، مال عمران بجبهته على الباب يحاول باستمتاتة ترويض شيطانه الذي يدفعه لتحطيم الباب، فقال بحزنٍ مقهر: طب حد قربلك؟

تحرر صوتها أخيرًا، ببحته المؤلمة: مكنتش أعرف أنك بالحقارة دي، ازاي تعمل فيا كده وأنا عرضك وشرفك وكل ده ليه عشان فريدة هانم متحرمكش من الميراث والثروة، أنت أحقر إنسان أنا شوفته في حياتي يا عمران.

لكم الباب بقوةٍ جعلتها ترتد ألمًا، وصرخ بجنونٍ نافيًا تهمتها التي تبيد رجولته: انتي مجنونة بتقولي أيه! أنا مكنتش أعرف حاجة يا مايا، وأول ما عرفت جتلك جري، أنا مش حقير للدرجادي إنتِ مراتي واللي يمسك أكله بسناني مهما كان اللي بينا وفوق كل ده بنت خالتي.
وارتكن بجسده على الباب وهو يتوسلها: أرجوكِ افتحي الباب خليني أطمن عليكِ، مش عايز أكسره هتتأذي وأنتِ وراه!

تعالى بكائها بانكسارٍ، شعور عدم الأمان والثقة يجابهان قلبها الضعيف، تخشى أن تسلمه ثقتها فيطعنها بمنتصف قلبها، فاستدارت متكأة على الباب وهي تهمس له بضعف: عمران.
أجابها بلهفة وهو يود أن يخلع ذاك الباب الفاصل بينهما: معاكِ يا مايا ومش هسيبك يا حبيبتي، ولا هخلي حد يلمس شعرة منك أوعدك بس افتحي طمنيني عليكي.

نكزته بقسوة حينما قالت: مشيهم عشان خاطري بلاش تسلمني ليهم يا عمران وأنا هخلي خالتو تقبل بطلاقنا من غير ما تحرمك من ميراثك، أرجوك يا عمران متعملش فيا كده أنا مستحقش منك كده.
رفع يده يححب وجع صدره القافز بين أضلعه تأثرًا من حديثها، يحق لها ظن السوء به، لم يمنحها السعادة يومًا لم يقربها منه لتكتشف شخصيته وتعلم ماذا يفعل وما الذي لا ينطبق لشخصيته.

أزاح عمران دمعة خائنة فرت من عينيه، أزاحها وهو يجيبها بصوتٍ زرع صدق العالم بأكمله به: مش أنا اللي عملت كده يا مايا، أقسملك بالله ما أنا الراجل اللي يسمح لمخلوق يبص لمراته بعين!
وتابع بصوت محتقن بالدموع: أنا مش وحش أوي كده، والله ما أنا، أنا هجبلك حقك من الكلاب دول، كرامتك من كرامتي يا مايا، افتحي الباب ده.

نهضت عن الأرض تقدم يدها المرتشعة للباب بترددٍ، فمالت برأسها فوق الباب بجبينه المقابل لجبينه من الخارج، تخشى أن تفقد أخر أملها بالنجاة.
التقطت نفسًا مطولًا قبل أن تحرر المزلاج، وتبتعد بخطواتٍ مرتعبة للخلف، تضم جسدها العاري ليدها، ولج عمران للداخل فأسرع إليها يتفحصها بأعين تجوبها بلهفةٍ، انهمرت دمعة منه وهو يراها تراقب الباب برعبٍ من دخول أحدًا، رعبًا من أن يكون خائنًا غير موثوق به.

ضمها إليه بقوةٍ، يخبأها بين ضلوعه مرددًا بوجعٍ: أنا لوحدي يا مايا متخافيش.
زال جليدها، فتعلقت بجاكيته وانهمرت باكية، وكأنها تزيل أوجاع تراكمت منذ زمنٍ بعيد، بكت حتى جلس بها على السجادة المفروشة من أسفل قدميهما، يحتوي جسدها بجاكيته، وهمس لها: أنا آسف. أوعدك اني هطربق الدنيا فوق دماغهم ودماغ أي حد كان له علاقة بالموضوع ده.
ورفع ذقنها إليه وهو يسألها: أيه اللي حصل؟ وفستانك فين؟

أجابته وهي تتحاشى التطلع إليه خجلًا من قميصها القصير التي تجلس قبالته به، فقالت: إميلي اتخبطت فيا ووقعت العصير على فستاني، وصممت أغير هدومي ولما طلعت هنا أخدت فستاني تنضفه وقالتلي هتجبلي حاجة ألبسها ومن وقتها مرجعتش.
غامت عينيه القاتمة بقسوةٍ، فاحتضن خديها يضمه لصدره وعينيه تتطلع للفراغ، وصاح بعنفوان: يا ولاد ال.

نهض بها عمران لتقف من أمامه، فنزع عنه جاكيته وهو يشير لها: خليكي هنا، هجبلك فستانك وراجع.
وتركها وكاد بالرحيل فتمسكت بمعصمه تردد بخوفٍ: متسبنيش لوحدي يا عمران هيرجعوا تاني.
حاوط وجهها بذراعيه قائلًا بحزن: محدش هيرجع تاني، الكلاب دول تحت مع آدهم وحرس راكان لسه حسابهم معايا تقيل بس أحاسب اللي جوه الأول، هوريهم مقامهم اللي نسوه.

وتركها وغادر ليعود بعد قليل بفستانها المتسخ، واتصل بشمس بخبرها بالصعود، عاون عمران مايسان المرتشعة بارتداء فستانها وجذب الجاكيت ليلفه من حولها ليحجب بقعة العصير عن الأعين.
كاد جسدها بالتراجع للخلف من فرط ما خاضته منذ قليلٍ، أسندها عمران وخرج بها ليجد شمس قبالتهما، تتطلع لمايسان بصدمة، فهرعت اليها تتساءل: مايا أيه اللي عمل فيكي كده؟!
سلم يدها لشمس وتحرك وهو يخبرها: هاتيها وتعالي ورايا يا شمس.

استندت على يدها حتى هبطت للأسفل، ليجد حالة من الهرج والمرج بعدما لاحظ الجميع ما يحدث بين حرس راكان والرجالين، وانتهى بهبوط عمران للأسفل ليقف قبالة ليام وعيونه تخترق بسهامها زوجته، ومن بعدها صاح بصوته الرعدي: جمال حالًا تلغي كل تعاقداتك مع الكلب ده وأنا هعوضك عن الخساير مهما كان التمن.
أسرع إليه جمال يراقب حالته الغير مهندمة بدهشة ازدادت حينما خرجت مايسان بحالتها تلك، فغلت عروقه لمجرد تخمينه الأمر.

تابعهم الجميع بدهشة وعدم فهم لنبرتهم العربية، ليصبح جمال لمن يراقبه: عذرًا سيد وليام أسحب اتفاقي المسبق بشركتك، فلتعد كل اتفاقنا لم تحدث من الأساس.
ردد بفزعٍ: ماذا حدث سيد جمال؟
تحرر صوت عمران وعينيه تمر بين الحضور: السيدة إميلي أرادت أن تهين زوجتي بمنزلها بالاتفاق مع عاهرة رخيصة وعلى الأحرى ظنت بأنني لن أكشف أمرها.

واستكمل وراكان وآدهم يقتربان منه لمحاولة فهم ما يحدث بالتحديد: ظنت بأنني سأسمح لها بأن تهين زوجتي. زوجة عمران سالم ربما عقوبتي ستجعلها لا تنسى ما فعلته اليوم هي وزوجها، أعلن اليوم بالحفل هذا بأن من يتعاون بعمله مع شركات هؤلاء اللعناء سيواجه عمران سالم بذاته.
جذبته ألكس لتجابه غضبه بحقد: هل جننت عمران أتفعل كل ذلك لأجل تلك الفتاة ال...

بترت كلماتها حينما هوى مجددًا بصفعة جعلتها تسقط بالمسبح القريب منه والجميع من حوله يراقبون ما يحدث بصدمة، وخاصة حينما انحنى يحمل مايسان وهو يشير لراكان غير عابئًا بتوسلات اميلي واعتذاراتها: هات شمس وتعالى ورايا.

عاونها راكان على الهبوط من خلف أخيها، لينسحب آدهم وجمال من خلفه، ليجتمعون بالخارج بعدما وضعها جوار شمس بالسيارة، فقال جمال باستغرابٍ: ما تفهمنا يا عمران أيه اللي حصل خلاك تشن الحرب على وليام ومراته؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة