رواية صرخات أنثى للكاتبة آية محمد رفعت الفصل السابع والثمانون
أحاطوه بدائرة بشرية، وبأيديهم أسلحة بيضاء، يحاولون السيطرة عليه دون أن يتعرض لأي أذى، على ما يبدو بأن هناك تعليمات صارمة ببقائه حيًا، درس آدهم أماكنهم بنظرةٍ سريعة، بينما يطوف كبيرهم من حولهم وهو يهتف بحدةٍ وأمرًا صارمًا: إنحني أرضًا ويديك خلف ظهرك بهدوءٍ، والا سيتلقى ما يجبرك على الخضوع رغمًا عن أنفك.
نظرة الثقة التي تحتل عينيه، شموخ قامته، عدم اهتزازه قبالتهم، الخوف المهجور عنه، جعل من حوله في حالة دهشة وإرتباك، وخاصة حينما منحهم ابتسامة ساخرة، وهدر ببطءٍ قاتل: خُلقت لأكون مرفوع الرأس، لم أنحني يومًا الا بصلاتي لله الواحد الأحد.
وأضاف وهو يمرر بصره بينهم باستهزاءٍ صريح: لم تحمل الأرحام رجلًا قادرًا على أن يحني شموخي، وإن تمادى ظنك بأن هناك من يستطيع فعلها، فلتجرب أنت ورجالك إذًا!
اكتظم وجهه بغيظٍ قاتلًا من ثقته بذاته، لذا وبدون تردد صاح بالمسلحون: حطموا عنق ذلك المغرور، أريده مسجي أرضًا الآن.
بمجرد نطق أمره المباشر، تهالت عليه الضربات القاتلة بالسكاكين الحادة، تفادى آدهم ما تمكن ان يتفاداه، وبالطبع طالته عدد من الجروح، بسائر جسده، ولكن إرادته ورغبته بالصمود أذهلتهم، تركزت إصابتهم بساقيه ليجعلوه ينحني، وما أن يسقط ارضًا يتمكنون منه، ولكنه كان حذرًا، ولم يسقط بقذارة افكارهم الخائنة، بل نجح بانتشال سكينًا من احدهم وتحول لماكينة قاتلة، تحصد أحشائهم بلحظاتٍ محدودة.
يعلم بأنه إن سقط سيسقط مصير بلده من خلفه، لذا استجمع كل قوته ليحارب ببسالة، حتى تمكن من القضاء على من المجموعة التي أحاطته، وما لبث يقف ملتقطًا أنفاسه بصعوبة حتى وجد مجموعة تفوق التي حاصرته بالعدد، وقد انهكه القتال بشكلٍ جعله لا يستطيع الوقوف بشكلٍ مستقيم.
السقوط بين أيدي هؤلاء هو ابشع مصيرًا قد يحظى به ضابط شجاع مثله، لذا سيعافر لينجو بحياته، وحتى لو كتب عليه الاستشهاد سيتلقن الشهادة ولن يتنازل عن ترك جسمانه يلوث بأيدي هؤلاء الخنازير.
وما لبث يدرس ما سيفعل، حتى إنهمر وابل من ستار الرصاص الحي، يلتقم هؤلاء المعاتيه، ويبيدهم كفئران التجارب، وإشارة تخرج من أحد الملثمين على بعد ارتفاع يخت قاع البحر بأن يستغل بقائهم ويلوذ بالفرار.
تأكد آدهم بأنهم رجال رحيم زيدان لذا وبدون أي تباطئ، فر هاربًا من محيطهم، وبمجرد صعوده للسيارة حمل الظرف المطوي داخل جيب سرواله، وانتزع منه قطعة الألماس، يحطمها بأداة حادة، واستخرج منها الميكروفيلم، وبمهارة فائقة ثبت إحدى العصا بالدريكسيون ليتابع القيادة، بينما يفعل هو ما جعل رحيم زيدان يختص ضابط محترف مثله لينهي الأمر بغموض تام، لم يكن ليصدق يومًا بأنه سيحميه بما فعله!
جلس بمدخل منزله ينتظر قدوم عُمران، الحزن والألم جعل وجهه مهمومًا، أجاد خداع الشيخ مهران والسيدة رقية بأنه على ما يرام، ولكن الحقيقة عكس ذلك، فبمجرد خروجه من المنزل، عبثت ملامحه كالكهل العجوز.
تسلل لآيوب صوت دعسات حذاء، لقدم تسرع بخطاها للأسفل، ولم يكن سوى يونس الذي تهللت معالمه فور أن رأه يجلس على الأريكة بمدخل المنزل، هرول إليه يناديه بلهفته الصادقة: آيوب، الحمد لله إني لحقتك.
رفع عينيه القاتمة إليه، وبجمود رد: خير يا يونس؟
لم يكن بحاجة ليتساءل عما به، يعلم ما يشعر به آيوب بالتحديد، إنساق لجواره بهدوءٍ، وقابله بأعين أدمعت بها دمعاته، وحرر نبرته الخشنة: الغربة اللي جوه عينك دي مينفعش تحس بيها وإنت بينا يا آيوب، مهما حصل ومهما إتقال هتفضل أخويا الصغير وابن عمي.
ابتسم وهو يهز رأسه تقديرًا له، ولم يرغب بالحديث حتى، فحثه يونس قائلًا: ساكت ليه؟ أتكلم!
قال بوجعٍ وفتور بنتابه: مش قادر ولا عايز أتكلم يا يونس، أنا غريب حتى عن نفسي، مبقتش عارف ولا فاهم أي حاجة.
استقام بوقفته، وهو يجذبه ليقابله بغضب، صارخًا فيه: يعني أيه غريب عن نفسك، هتنسى أخوك وأبوك وعيلتك عشان حقيقة زي دي يا آيوب، ده مكانك واحنا أهلك، مهما اتقال ومهما عقلك صورلك مش هتغير الحقيقة دي.
رفع فيروزته إليه، وردد بحزن: كل ما هنسى إني مش منكم إسمي هيفكرني يا يونس!
ومال برأسه على كتفه، يردد ودموعه تبلل قميص يونس: أنا عمري ما كرهت حد، ولأول مرة أتعلم كره شخص كان لمصطفى الرشيدي، وحاولت أكره آدهم معرفتش، آدهم الوحيد اللي لمست فيه حنيتك وحنية الشيخ مهران، حبه ليا خلاني مشفوش غير أخويا.
وبدمعة انهمرت على خده هتف: وطلع فعلًا أخويا!
أجابه بضيقٍ نافر: أنا كمان حاولت أكرهه، بس لما قربت منه وسمعته حسيت إنه أكتر، حد إتظلم ما بين أخطاء أبوه وما بين واجباته.
وربت عليه بحنان وهو يستطرد: هو مالوش ذنب فعلًا يا آيوب، لو طلعت من وسط الوجع ده بمكسب فآدهم هو المكسب، بلاش تخسره.
ابتعد عنه يتطلع له بهدوء شعر به بمجرد ضمته إليه، لمس فيه نفس مقدار الحب إليه، لم تغير حقيقته شيئًا بأفراد عائلته، وحينما كان شاردًا به، ولج عليهما إيثان يهتف بصدمة درامية: أيه ده! يونس وآيوب في مدخل بيت الشيخ مهران الطاهر وفي عز الصبح! عيني عينك كده!
أزاح آيوب دموعه سريعًا قبل ان يستعد لمشاكسات إيثان المعتادة، بينما هدر يونس بانزعاج: يا فتاح يا عليم، إنت حضرت!
زم شفتيه ساخطًا من طريقة استقباله: وماله محضري يا معلم يونس!
رفع يديه باستسلامٍ: زي الفل يا كابتن، أسيبك مع الأخ آيوب وأخلع انا أكل عيشي يناديني.
تابعه بنظرة ساخطة وهو يخرج من المنزل، وهمس بدهشة: مهو أكل عيشي انا كمان، ولا يكنش النداء يخصك لوحدك إنت ولا أيه؟
والتف لآيوب قائلًا بعدم لا مبالاة: يلا مش مهم، انا أصلًا جاي عشانك إنت وعشان أكل الحمام.
ابتسم آيوب وقال باستهزاءٍ: ألطف بيا يا رب، خير يا كابتن إيثو، اي مصيبة ألقت بك عليا!
قطع نبرة المزح المتبادلة بينهما، وقال بقلقٍ: لا مفيش انا بس كنت قلقان عليك.
وحك ذقنه النابتة، هاتفًا بصعوبة اختياره للكلمات الطيبة: إنت يعني تمام؟ حاسك مش مظبط كده.
صنع إلتهائه بتظيم ملابسه المكونة من قميص أسود وبنطال من نفس اللون، وقال: أنا بخير يا إيثان، متقلقش.
منحه نظرة شك احاطته: متأكد؟
اكتفى باشارة صغيرة له، فسأله إيثان في محاولة لاستنباط أي معلومة: طيب كلمت حضرة الظابط؟
هز رأسه وهو يجيبه بايجاز: أيوه كلمته.
احترم عدم رغبته بالحديث وقال يشاكسه: طيب بقولك أيه، بنت إيفون منكدة على أهلي بقالها كام يوم، ما تيجي نسقط على الجيم نجرب أجهزة الخواجة المستوردة دي، أهو فش غل مؤقت لحد ما تجيلي بيتي أربيها في كيس الملاكمة، بأمانة هتكيف أوي وأنا بفش غلي في كائن بشري هاش وضعيف وطري كده.
تحررت ضحكة آيوب المكبوتة منذ الصباح، ورد عليه ساخرًا: كيس الملاكمة مش هيشيلك يا إيثان.
تساءل ببلاهة: ويشلني انا ليه، أنا هحط بنت إيفون جواه.
ربت آيوب على كتفه كالذي يرضي صغيره المشاكس: منجلكش في حاجة وحشة يا إيثو، قال تحطها قال!
وهمس بصوتٍ منخفض: مسكين، مجربش يتحدى واحدة ست!
وما كاد بتبادل طرف الحديث حتى اقتحم حديثهما صوتًا أنوثيًا رقيق: آيوب استني أنا عاوزك.
قالتها سدن وهي تسرع للأسفل، فتعالت ضحكات إيثان ومال لايوب هامسًا: كلمي مراتك يا مزة.
دعس قدمه بحذائه فصرخ إيثان من الألم، ومال يستند على الدرابزين، متفحصًا قدمه، بينما وقفت سدن قبالة آيوب بابتسامتها الساحرة، وما كادت بالحديث معه حتى انتبهت لمن يقف خلفها، فاستدارت تبلغه بانزعاج: إنتي واقفة ليه إيثان، انا عاوز آيوب في حاجة سر!
تعالت ضحكات آيوب بشماتة، وغمز له ساخرًا: جاوبي يا أخت آيثو، ولا صوتك عورة!
أسبل إيثان باحتقانٍ، ونصب عوده بعدما عاد يرتدي حذائه، هادرًا بانفعال: ما تعلمها تميز بين الرجالة والحريم، هي ناقصة لخبطة يا عم!
وتطلع لها يخبرها بضيق: يا تدي المذكر والمؤنث حقوقهم، يا تبطلي تتكلمي عربي أحسن، متقرفناش معاكِ!
واضاف ساخطًا: العملية مش ناقصة لخبطة، هي خربانة من غير أيُتها حاجة!
احتقنت زرقتاها، وقالت تشير له: اطلعي فوق كده هتأخر، عاوز أقول لآيوب حاجة!
ضم شفتيه في أسفًا، وانحنى يحمل حذائه، ثم صعد مرددًا في مرارة: طالعه أهو متزعقيش.
كاد آيوب ان يسقط أرضًا من فرط الضحك، كاد ان يدافع عنها بحمئته الرجولية، حينما كان يذم إيثان نبرتها، ولكنها لم تترك له المجال، وقد استردت حقها كاملًا.
تأكدت سدن من صعوده للأعلى، فقالت بابتسامة هادئة: آيوب خديجا عاوز ياخدني معاه عند دكتورة، وصوته شكله زعلانه، ينفع أنا ياخدها يفسحها بعد دكتورة.
أخفى ضحكته بصعوبة من حديثها العفوي، وكأنها طفلته الصغيرة التي تجتهد لتعلم الحديث، وتنحنح بخشونة: روحي يا سدن، بس خلي بالك من نفسك.
وسحب مبلغ من المال، ثم منحه لها قائلًا بلطفٍ: خلي دول معاكِ، عشان لو احتاجتي حاجة.
تطلعت للمال بابتسامة واسعة، وقالت: هجيب درة مشوية وأيس كريم كتير أوي، ليا ولخديجا.
واتجهت للدرج تصعد درجاته بحماس، ثم مالت من البسطة العلوية تخبره بحب: هجيبلك معايا مش هنساكي آيوب.
هز رأسه بابتسامة جذابة، وما أن استكملت صعودها للاعلى حتى همس بسخرية: تقريبًا مش ناسية حاجة غير فروق المذكر والمؤنث، شكلي كده هوديها لمدرس لغة عربية، مفيش أي حلول تانية للأسف!
افاق من شروده بفاتنته على صوت أبواق سيارة عُمران، خرج آيوب إليه، ينحني للنافذة قائلًا بضجر: انا تعبان ومش هقدر أبدأ شغل من النهاردة يا عُمران.
وتطلع لجمال الجالس جواره: قوله يعتقني لوجه الله يا بشمهندس.
اجابه وهو يحرك رأسه في أسف: شوف حد يتطوع ويقوله يعتق البشرية كلها، أنا كان نفسي أساعدك يا آيوب بس للأسف لسه متثبت من شوية.
عادت فيروزته لعمران الذي ردد ومازالت عينيه على الطريق من أمامه: اركب وبسرعة.
تنهد بسخطٍ، وصعد بالخلف باستسلامٍ صريح.
ما أن إطمئن لخروج آيوب من المنزل، فأمر من يدفعه: يلا يا سيد.
أومأ له القادم ودفع مقعده المتحرك إلى منزل الشيخ مهران، تركه بالاسفل وصعد يستدعي الشيخ مهران، الذي هبط ليقابله بنظرة حزينة، جلس قبالته على احد الأرائك، وأجلى أحباله الهادرة: رد فعل آيوب طبيعي ومتوقع، متزعلش بكره هيروق ويسامح.
انهمرت دموع مصطفى دون توقف، وردد بندمٍ ومرارة: وده الشيء الوحيد اللي انا عايزه يا شيخ مهران، عايزه يسامحني ويعفي عني، وحتى لو كرهني انا راضي والله.
وأضاف ببكاء: عمري ما هبعده عنك والله العظيم، ولا طالب أكتر من السماح والعفو.
ومال على يد الشيخ يردد بحرقة: أبوس إيدك خليه يسامحني.
سحب الشيخ كفه، وردد بشفقة: استغفر الله، متعملش كده تاني يا مصطفى.
وأضاف بوعد قاطع: أوعدك إني هحاول معاه تاني، آيوب حنين وقلبه من دهب، بس إديله وقته.
ابتسامة طاعنة ارتسمت على وجه مصطفى، قبل أن يجيبه: لو عليا هستناه العمر كله، بس العمر مبقاش باقي فيه كتير يا عم الشيخ.
وأضاف وهو يزيح دموعه المنهمرة: أنا مبقاش نفسي في حاجة بالدنيا دي غير سماح آيوب وإني أخده في حضني مرة واحدة قبل ما أموت.
وتطلع إليه بنظرة متوسلة: بالله عليك ما تحرمني من طلبي الوحيد، هو بيحبك وبيسمعلك، قوله يسامحني ويزورني مرة واحدة حتى لو كل شهر مرة، أو حتى يسمعني صوته بالتليفون، أنا راضي بالقليل منه والله العظيم.
ترقرقت الدموع بعيني الشيخ تأثرًا به، وبحنان وشفقة مسد على كتفه وقال: هحاول معاه والله، استريح انت بس عشان صحتك والله المستعان.
أومأ برأسه بامتنانٍ، وأشار لخادمه بأن يصله للسيارة من جديد، فلحق بهما الشيخ حتى تأكد من صعوده للسيارة، وقبل ان يغادر السائق، قال مصطفى بحرجٍ وتردد: خلي بالك من آيوب يا عم الشيخ، مالهوش غيرك في الدنيا.
ابتسم وأجابه بصدق: ده ابني يا مصطفى، مينفعش توصيني عليه.
هز رأسه بتفهمٍ، وابتلع مرارة العلقم داخل خوفه، ثم مال للسائق مرددًا: اطلع يا سيد!
صدقت توقعاته، حينما ظهرت على الطريق ثلاث سيارات فجأة، تتبعه، أغلق عينيه بألمٍ واستعاد ثباته الفعلي للقيادة بتركيزٍ، فإذا بهاتفه يستقبل دقة رسالة تصل له، قلبه عرف صاحبتها دون أن يتأكد من هوايتها.
سحب آدهم هاتفه، وبصعوبة تمكن من فتحه، حرر رسالتها الصوتية، فوجدها تردد بحب: «آدهم أنا آسفة على اللي قولتهولك، أنا مكنش ينفع أقولك الكلام ده، أنا بحبك وإنت عارف ده، فأكيد كلامي ده راجع لغيرتي عليك، لو ممكن ترجع السويت نتكلم، أوعدك إني عمري ما هكلمك بالنبرة دي ولا هشك فيك تاني، أنا أسفة! ».
مرر يده على فمه ودموعه تعتصر وجهه، بينما يهمس بندم وحرقة: حقك عليا يا أغلى ما في حياتي، حقك عليا يا شمس.
أزاح دموعها بأطراف أصابعه، وتفادى بصعوبة طلق النار المنهمر من خلفه على عجلات السيارة، يريدون إيقاف سيارته، وليس قتله، كاد ان يغلق هاتفه ولكنه وجدها تستحق رسالة أخيرة منه، يخبرها كم يعشقها، يعتذر لها عما تسبب بفعله، يريد أن يخبرها بأنه قبل بتلك المهمة لسلامتها وسلامته كما خطط رحيم، ولكن الموازين قد انقلبت، وبين كبرياء وكرامة بلده سيختار أن يموت بشرف، يعلم كل العلم بأن قراره هو الصائب، وأن ما قاله رحيم كان شفقة منه، يخشى ان يفقد حياته وهو شابًا بريعان شبابه، يخطو أيامه الأولى برفقة زوجته، ولكن الحقيقة الصادمة أنه إن لم ينجح فريقه بمحاولتهم الاخيرة باسترداد الميكروفيلم ستصبح ذلة ستُسجل بتاريخ المخابرات المصرية.
آدهم ليس أنانيًا، بل بطلًا اختار الموت بصدر رحب دون أن يصل العدو لمبتغاه، حتى ومع رحيله لا يهمه سواها هي!
استمد ثباته بصعوبة، ومد يده يجذب الهاتف من جديد، يخرر زر التسجيل الصوتي، وقال بصوت مبحوح من تأثير بكائه: «أنا اللي بعتذرلك عن كل دمعة نزلت من عيونك، أنا آسف ألف مرة يا روحي، خليكِ عارفة ومتأكدة إني محبتش غيرك، إنتِ الوحيدة اللي اتمنيت أعيش ليها ومعاها يا شمس، قلبي إتكوى قبل ما النار تطولك يا أعز ما ليا، ولو في يوم إتوجعتي مني، إفتكري إني بحبك، ومهما كان حبي ليكِ صعب وصفه قلبك عارفه وحاسس بيه من أول دقة! ».
أنهى الريكورد الموجه لها، وألقى هاتفه جانبًا، ثم بدأ بتفادى اصطدام السيارة التي تحاول إبطاء سرعته، فعكس اتجاهه، وصدمها بضربة جعلتها تسقط أعلى الجسر، مصدرة دوي عنيف جراء إنفجرها، مما دفع السيارتين يحزمان قوتهما لاصابته، فتسابقوا معًا لسد الطريق عنه.
انجرف بسيارته يتفادى احتكاك المقود بصعوبة، وبداخله شعورًا قويًا بأنها النهاية، ولم يكن تعيسًا لها بل مرحبًا بموتة ستخلد إسمه بجهاز المخابرات للأبد، كان يعلم من البداية بأنه أمسك بيده طرف فتيلًا مشتعل، وها هو الآن ينتهي ليصبح على مشارف الانفجار الاخير.
عقله الذكي حتمه على سرعة التفكير، فجذب هاتفه يحرر سماعته الخارجية ووضعه قبالته ومازال يحارب للنجاة ممن خلفه عساه يحصل على دقيقتين يُسلم رسالته لمن هو أحق منه، فتحرر له صوت المتصل به يردد بغضب: طلبتك على مكتبي النهاردة ومجتش، عاملي فيها عريس! إتقي شري أحسنلك يا عمر!
تحرر صوته الخافق بقوةٍ واضطراب تسلل لقائده: مراد باشا!
تسلل للجوكر صوت أسلحة نارية تهاجم جسد سيارة تحتك بقوتها المفرطة، فصرخ بجنونٍ: عمر! أنت فين؟!
رد عليه آدهم يثير ما إحتبس داخله: بيني وبين الموت خطوة، هيصفوني يا باشا!
صرخ فيه، وكأنه يكاد يخرج من الهاتف إليه: مين اللي هيصفيك! إنت عملت أيه يا عمر!
ارتفعت أنفاسه الهادرة فور احتكاكه بمكابح السيارة حينما تلاقي صدام سيارة دبع رباعي تحيط به، فصاح متلهفًا: معيش وقت كتير من فضلك اسمعني! مراتي هنا في الاوتيل أرجوك ابعتلها دعم لو إتأذت مش هسامح نفسي...
سيطر الجوكر على انفعالاته مستحضرًا ثباته: اتكلم أنا سامعك!
أجلى آدهم أحباله المتقطعة، وقال: الميكروفيلم في أمان، طمن القادة إن مفيش مخلوق هيقدر يوصله، ويمكن محاولتهم لقتلي بعد يأسهم إنهم مش هيقدروا يمسكوني، فعايزين يتخلصوا مني!
ارتجت السيارة مجددًا، ومازال يتحكم بالمقود بسيطرةٍ تفوق الاستيعاب: باشا مراتي ترجع مصر بأمان، دي مهمتك إنت، وأنا معنديش ثقة غير فيك، اعتبره طلبي الاخير ومكافأتي الوحيدة على إخلاصي لبلدي!
بطل أسلوب الحريم ده، إنت تلميذي أنا يعني مش ظابط خايب داخل الجهاز برشوة، إنت هتقدر تخرج من اللي انت فيه لو كنت اتعلمت مني شيء فعلًا، أوعى تستسلم لولاد الدول!
انقطعت جملته فور سماعه صوت انقلاب السيارة وتأويهات خافتة يعلم صوتها جيدًا، فصرخ مراد بذعرٍ: آدهم!
انقطع الاتصال واصطحبه إنهيار الجوكر، الذي ألقى الهاتف أرضًا بغضب، تشربته بشرته بجدارة، فاندفع لمكتب أخيه، والشياطين تتقاذف أمام عينيه.
دفع الباب بقدميه، ليجده يجتمع بعدد من الضباط حول طاولة الاجتماعات، ومن أمامه خرائط عديدة تخص مداخل ومخارج ميلانو، صب الغصب بزرقة عينيه، فلم يرى قبالته سواه، اندفع إليه يسدد لكمة قوية أصابت رحيم المتفاجئ من تصرفه، وقبل أن يصيبه بالاخرى كان يقيد حركته بمنتهى البراعة، وبصرامة مخيفة صاح: الكل بره!
هرع الضباط للخارج برعبٍ مما يحدث بين إثنان من أمهر القادة، وما أن تأكد رحيم من مغادرتهم حتى حرر أخيه وقال: إنت اتجننت يا مراد! أيه الاسلوب الهمجي ده، هنرجع للعبة القط والفار تاني.
دفعه الجوكر للخلف بقوة وشراسة اسقطت الجهاز العارض للخرائط، وصاح بعنفوان: قولتلك آدهم لأ، عنادك وغرورك وصلك إنك تختاره وتعرض حياته للخطر لمجرد إنك تعاندني!
راقبه بجمودٍ تام، ورد عليه: بطل تخلط عواطفك ومشاعرك بشغلك يا مراد، فووق من جنانك ده، آدهم هو المناسب لمهمة زي دي، وإنت أكتر واحد عارف ده، إنت عارف إني مستحيل اطلع حد تحت التدريب يشاركني مهمة أنا بقوم بيها، الوحيد اللي سمحتله بده كان آدهم بالرغم من حساسية المهمة، لاني شوفت فيه اللي يخليني أختاره وده نادرًا لما بيحصل.
وأضاف بغضب: كان مطلوب لتهريب الميكروفيلم شخص عنده نفس الكفاءة اللي عندك عشان يهربه بدون ما حد يحس بيه، وللاسف انت أخر واحد تقدر تقوم بالمهمة دي، مكنش قدامي خيار تاني، وقبل ما تتعصب وتفرد ريشك بص حواليك، وشوف إنت واقف فين!
واستكمل بعصبية بالغة: المكان ده مش مكان للعواطف والمشاعر، لو كل واحد في منصبك خاف على تلاميذته من الموت مكنش هيكمل هنا، لو هو وحيد أبوه دخل الجهاز ليه من البداية وهو عارف انه هيشوف الموت ألف مرة!
ودفعه بانفعال جحيمي وهو يصيح: كلنا هنا ورانا اهل وبيت وزوجة وأولاد، كل ده بيتنسى بمجرد دخولنا هنا، لان لو فكرنا فيهم مش هنلاقي اللي يحمي البلد دي من الكلاب اللي عايزة توقعها، تحب اقولك اللي بيحصل للاطفال وللشيوخ والستات على ايدهم!
وتابع باستهزاء وسخط: عيب لما أدي محاضرات لقائد بحجمك طلع أكتر من 66 مهمة، وشاف بعينه الاطفال وهما بيستخدموها قطع غيار ليهم، ولحد النهاردة بنكافح عشان نمنع تجارة الاعضاء والدعارة، لحد النهاردة بنجاهد عشان البلد دي.
ومنحه نظرة أخيرة قبل أن يقول بهدوء كأنه لم يكن يصبح بانفعال منذ قليل: اللي آدهم عمله ده أثبتلي بيه ان اختياري كان صح، لو كان سمع كلامي وخرج كان فرصة حصولنا على الميكروفيلم متتعداش ال30 في المية، ولو فشلنا كانت هتكون ذلة صريحة في تاريخنا كلنا، آدهم بطل واختار يكمل البطولة للاخر، وأنا واثق ومتأكد آنه أدها.
وأضاف برزانة: أنا لو ابني نفسه قرر الدخول للجهاز، مش هقفله ولا همنعه، بس هحرص إني أجهزه بالشكل اللي يرضيني ويخليني متأكد إن الكلاب دول مش هيقدروا عليه، بالعكس أي مهمة مستحيلة هرشحه ليها وأنا واثق ومتأكد إن لو ربنا إختارله الموت هيموت حتى لو كان في سريره!
واتجه لمقعد مكتبه يحتله بصلابة، يعود لعمله متجاهلًا أخيه الذي مال على الطاولة بوجعٍ، تدارك ذاته بعد لحظات من الصمت، ولحق به، جذب المقعد المقابل لمكتب رحيم، وألقى بثقل جسده عليه، ثم تطلع له وقال بوجع يشق صدره: مراته ملهاش ذنب في حاجة، خليهم يجهزولي طيارة آدهم أمني عليها، لازم أتحرك.
رفع زيتونته إليه وقال بهدوء: متقلقش الدعم في طريقه ليها. وانا وانت هنتحرك كمان نص ساعة، الفريق حدد موقع سيارة آدهم بالتحديد، وعارفين كويس هيعملوا أيه.
رق قلبه لرؤية وجهه الشاحب، فمال للثلاجة الصغيرة المجاورة له، يسحب كيس من العصير، ودفعه تجاهه: إشرب ده يهدي أعصابك.
استدار له يوزع نظراته بينه وبين ما بيده، ثم قال بحزن: آدهم لازم يخرج منها سليم يا رحيم، آدهم مش مجرد تلميذ بالنسبالي.
هز رأسه وقال بثبات: عارف إنك بتعزه، بس اللي لازم تعرفه إنك مش أي حد، مدام إنت اللي دربته يبقى هيعرف ينفد منها إزاي!
خفق قلبها بجنونٍ حينما استمعت لصوت قادم من الخارج، انتهت شمس من وضع زينتها الاخيرة على وجهها، بعدما ارتدت فستان احمر اللون طويل، يضيق من الصدر ويهبط باتساعٍ، وعلى الرغم من أنه بأكمام ومحتشم الا ان وسع طرفه منحها مظهر جذابًا للغاية.
سحبت رابطة شعرها، وتممت على تنساقه خلفها، طبعت قبلة طويلة على هاتفها المفتوح على رسالته التي استمعت لها لأكثر من ثمانٍ مرات، ثم هرولت للخارج بكل لهفة تمتلكها للقاء معشوقها.
تجمد جسدها صدمة حينما وجدت أمامها أربعة رجال ملثمون، يلقون أشيائهما الخاصة باهمال، وعلى ما يبدو بأنهم يبحثون عن شيء.
استشفت من النقود المبعثرة، ومجوهراتها الثمبنة الملقاة أرضًا أنهم ليسوا لصوصٍ، بل الأمر يفوق حد عقلها، تراجعت شمس للخلف برعبٍ، وهي تتساءل بخفوت: من انتم؟ ماذا تريدون؟
أشار احدًا منهم للاخر، فاتجه إليها، وتلقائيًا هرولت شمس راكضة لباب الخروج لباحة الفندق الداخلي، ولكنه كان الأسرع حينما عركل قدمبها، فسقطت أرضًا تصرخ بجنون: آدهم!
صراخها الهيستري لم يصل لمسمع أحدٌ، لزويد الغرف بكاتم الصوت، لضمان خصوصية النزلاء، دفعته شمس بساقيها الاخرى، وتراجعت للخلف تبكي بهلعٍ، وجل ما تردده هو إسمه هو، كأنها تطرق ناقوس سحري تنتظر خروجه منه!
قيدها الرجل بذراعيه باحكام، بينما يفتش الباقية بالجناح الضخم، حتى ردد احدهما بفتور: لا يوجد شيئًا هنا.
تسلطت أنظار احدهم على شمس، فاقترب منها يقف قبالتها، وسألها بملامحه الاجرامية: أين الميكروفيلم؟
ابتلعت ريقها بصعوبة، ورددت باحتقان: عن أي ميكروفيلم تتحدث؟!
هوى على وجهها بصفعة قوية، جعلت الدماء تنهمر من جانب فمها، بينما يجذبها إليه من خصلات شعرها، بكت شمس وصرخت بلا يأس منها: آدهم!
عاد يصفعها مجددًا وهو يعيد سؤالها: بأي مكان خبئه زوجك؟ أخبريني والا سأقتلك هنا.
ارتعشت بين يديه، ورددت بتلعثم: لا أعلم شيئًا، اتركني.
دفعها بعنف فوق الفراش، وأخذ يتفحصها بنظرة جعلتها تتراجع للخلف بقلب سقط عن صدرها، اقترب منه الاخر وقال باستهزاء: إنها فاتنة كحال نساء العرب، يمتلكن جمالًا خارق.
دنى الثالث وأضاف وهو يصعد الفراش من خلفها: سأكون أولكم.
تعالى صراخ شمس الجنوني، وتراجعت تنزوي جوار السراحه، تجذب احدى زجاجات العطور، هشمتها ومسكت قطعة من الزجاج تشير بأوجوههم والاربعة يضحكون ساخرين منها ومن قلة حيلتها، حتى أن احدهم مال برأسه لها قائلًا بفجور: هيا فلتجرحيني أيتها الساقطة ال.
ابتلع باقي كلماته حينما أصاب عنقه جرحًا بالغًا جعله يتقييء الدماء بغزارة، وسقط أرضًا على ركبتيه يتطلع للسواد الحالك المقابل لعينيه، حاول رفع رقبته للاعلى، فوجد جسدًا مريبًا، يتشح بالأسود، لا يرى منه سوى قرصان الشمس المضيئان عينيه القاتمة، ومن فوق كتفه يقف طائرًا جارحًا لا يملك ترويضه الا سيدًا وحق له السيادة!
وكان ذلك مشهده الاخير قبل أن تُنتزع عنه الروح، يتلقفه ظلامًا أبديًا، فتحت شمس عينيها لتقابل ذلك الرجل المهيب، الذي نخر عظام الاخرون رعبًا لرؤيتهم كيف قتل رفيقهم بدمٍ بارد، فأسرع اثنان منهم إليه، يتفنون باستخدام الملاكمة وفنون القتال معه، ليصعقوا من ادمية هذا الكائن، وفجوره بالقتال، حتى أنه كسر قدم احدهم وخلعها من محله، متلذذًا بسماع صوت الكسور، وبأصابعه الخمسة انتزع حنجرة الاخر، حتى بصقها من فمه من شدة ضربته، ولم يتبقى الا ذلك المتفرج الاخير، وشمس التي تجاهد إغمائها من فرط الدماء المسكوبة من حولها، ومن هوية ذلك الملثم الأسود المخيف.
تراجع الناجي الاخير للخلف برعبٍ، كأنه يرى ملاك موته من أمامه، بينما يطالعه ليل بثبات ونفور يتحدث بين قهوة عينيه الملتهبة، فلم يجد الا ضربه بالرصاص اخر فرصة تنجيه، لذا سحب سلاحه وسدده إليه، وكلما صوب رصاصة تفادها ليل بحركة بطيئة، رزينة، حتى لم يتبقى معه سوى رصاصة واحدة، فحانت منه نظرات متفرقة حول ما اصاب زملائه على يد هذا الأدمي، وبلا أي تردد أصاب صدره بأخر طلقة من سلاحه قبل أن يقع بيد هذا الجامح.
صرخت شمس بهلع وهي ترى ما يحدث أمامها، وما زادها رعشة حينما انحنى ليل إليه يتأمله وهو ينازع لالتقاط أخر أنفاسه، فلم يلقى بالًا لتأمله كثيرًا، لذا احاط رقبته بيدٍ واحدًا، يرفعه بها للحائط، تشبث الرجل بلثام ليل، ينازع لتركه يموت في سلام، ولكنه لم ينجو من ختام قبضة ليل الاخيرة، وسقط وسقط معه لثام الليل الجامح، لتظهر ملامحه كاملة لمن تراقب ما يحدث بصدمة ورعب.
خصلات بنية تنهمر من فوق أذنيه، وجهًا قمحي اجتمعت فيه كل القسوة، يشقه جروحًا بالغة، أصابته بتشويه مروع، أساسهما جرحان كبيران للغاية، جرح ضخم أعلى جبينه، والاخر على أحد وجنتيه، بينما عينيه تعوض تشويهه فاجتمع فيهما الجمال والجاذبية معًا، كتلة إغواء القهوة وما يدور من حوله قرص الشمس الذاهي.
كل شق على وجهه يقص قصة مريبة، كل جرحٍ خلفه لغز جعله بتلك الأدمية والقسوة، رفيقه الجارح على صدره أكبر دليل على زهده للبشر ورفقته لأكثر الحيوانات شراسة (#قريبًا رواية منفردة ليل العربي. ).
استدار يطالع تلك المصعوقة ببرود جعلها تتراجع لشق الحائط، إن خشيت هؤلاء الرجال قيراط خشيت من ذلك الكائن ألف قيراط، وخاصة حينما رأت وجهه المشوه، لذا وباستسلامها الواقعي هوت فاقدة للوعي، بينما يراقبها ليل بجمود، بل فرد ذراعه يستقبل عناق طائره عُقاب، ويده تخطو فوق ريشه ببرودٍ، يلطافه وهو يميل إليه كأن الهدف الذي أتى سعيًا لانقاذه ليس على حافة الموت!
بل واستغرق مع طائره وقت لا بأس به يلطافه، حتى زفر بحدة وهو يتطلع لشمس مرة أخرى بتقززٍ، أطلق ليل طائره عاليًا بعدما همس إليه بأمرٍ قاطع، ثم نهض يسحب غطاء الفراش، يطرحه فوقها، ويكومه من فوقها حتى لا يلمسها، كأنها عدوى بكتيريا!
رفعها كالهاوية فوق كتفه، وتحكمه الفعلي بأطراف الغطاء، وخرج بها بهذا الشكل، كأنه ترعرع بالصحراء دون أن يتعلم كيف يتعامل مع أنثى!
خرج بها ليل بعدما شد لثامه على وجهه مجددًا، فوجد طائره المطيع قد أطاع أمره وأحضر فرسه الأسود، طاحها ليل على الفرس بعنف، وسحب اللجام ليخطى الفرس من خلف خطاه الواثقة، حتى لا يصعد خلفها على نفس الفرس!
صاح مراد بغضب جنوني لاحد ضباط فريق الاسطورة: يعني أيه مش لاقينه! انت بتهرج معايا!
ارتاب الضابط منه، ولأول مرة يراه غاضبًا لتلك الدرجة، أشار رحيم له بالعودة للبحث بالمكان الذي يحمل بقايا سيارة آدهم المتحطمة، بينما وقف رحيم جواره يقول: ممكن تهدى شوية، زي ما انت شايف بيدوروا بكل جهدهم.
انجرف مراد للجرف الحاد يهتف بحزن: آدهم ذكي، أكيد نط من العربية قبل وقوعها.
وتابع وهو يمرر عينيه على المكان جيدًا: يلا يا آدهم، ساعدني، محتاج بس أي إشارة!
أتاه تلميذه يلبي قائده، اذا تسلل للجوكر صوت طرقات خافتة على بعد منه، اتبعها مراد وهو يهرول إليه، حتى وجد يد تخرج من جوف أحد فروع الاشجار، أسرع إليه ومن خلفه يتبعه رحيم، فصعق حينما وجده يتمدد أرضًا وبركة الدماء تحيط به، جسده ينزف بغزارة، فشق صوت صراخه المكان بأكمله: آدهم!