رواية شد عصب للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل الخامس عشر
بغرفه خاصه بالفندق
جلس صلاح يعتب على هاشم قائلا: برضوا أصريت تنزل في اللوكانده، مع إن بيت مفتوح لك وكمان خلاص هبنجي نسايب.
إبتسم هاشم وهو يتمعن النظر ب جاويد قائلا: إنت عارف قيمتك عندي يا صلاح من زمان أوي، وبعتبرك بمثابة أخ كبير ليا، بس أنا هرتاح في الأوتيل أكتر كمان إنت عارف انا مش حابب أبقى قريب من مكان صالح، ومش عاوز أتقابل معاه.
تنهد صلاح قائلا: خلاص الزمن مر على الماضي يا هاشم، ودار الأشرف الكبير بجي ليا أنا وصفيه أختي حاولت إمعاها كتير تاخد تمن حقها بس هي اللى مش راضيه، وصالح بجي له دار لوحده صحيح چاري بس تقريبا العلاقه مجطوعه بينا، نادر لما بنتجابل صدفه.
قال صلاح هذا وتوقف للحظه يتنهد بحسره: صالح ملهي في دنيته، ومبيفكرش غير في شهواته وذاته، رغم أنه أخوي بس مش بجول إكده عشان أجاملك، صالح كان يستحق اللى حصل بالماضي.
نظر هاشم ل جاويد قائلا: صلاح قالى إنك إتعرفت عليه سلوان هنا.
إبتسم جاويد قائلا: صدفه من أول ما نزلت من القطر عالمحطه، كنت وجتها هستلم بضاعه جايه للمصانع الفخار والخزف بتاعتنا من أسوان.
إبتسم هاشم بإعجاب قائلا: هاشم سبق وقالي إنك حولت هوايتك في صناعة الفخار وأنشأت مصنع، ومع الوقت بقوا مصانع واضح إنك طموح، عكس صلاح.
ضحك صلاح قائلا بمدح ب جاويد: فعلا جاويد طموح، كمان دراسته إقتصاد وعلوم سياسيه بالذات الإقتصاد فاده جنب معرفة صنعة الفخار، مزج بين الدراسه والمعرفه العامه وقدر ينجح في وقت مش قليل، بس قدر يبجى له شآن كبير مش بس إهنه في الاقصر كمان طور شغله ودخل صناعة الخزف وبجي له زباين أچانب بيصدر لهم.
إبتسم هاشم قائلا بمزح يشوبه بعض الآلم الروحي: المثل بيقول.
السعيد في المال تعيس في الحب وعن تجربه شخصيه مريت بيها بأكدلك صحة المثل ده.
إبتسم جاويد قائلا: كل قاعده وليها شواذ، أنا إتعلمت الرضا وكل شئ نصيب، ومتأكد إن سلوان هي أفضل نصيب حصلي في حياتي.
مع الوقت يستحوذ جاويد على إعجاب هاشم أكثر بثقته الواضحه.
إبتسم هاشم سألا: تمام، بس اللى فهمته إن سلوان متعرفش إنك جاويد الأشرف، النقطه دي مش فاهم معناها.
إبتسم جاويد قائلا: هفهم حضرتك، سلوان عارفانى بإسم تانى وقبل ما تسألني هقول لحضرتك معرفش السبب أيه لما سألتني عن إسمي قولت لها جلال صلاح.
شعر صلاح بنغزه قويه وآسى بقلبه بينما
إستغرب هاشم ونظر الى وجه صلاح الذي ظهر عليه الحزن بحزن قائلا: طيب وليه بعد كده مقولتش لها على إسمك الحقيقى، ودلوقتي كمان، مش عاوزها تعرف إنك جاويد.
رد جاويد: فعلا في البدايه كانت غلطه ميني أن عرفتها عليا بإسم تاني، بس بعد إكده إكتشفت إن ده كان الافضل ليها وليا.
إستغرب هاشم قائلا: مش فاهم غرضك توصل لأيه وضح قصدك أكتر.
رد جاويد بتوضيح: سلوان أكيد عندها علم عالأقل بجزء من اللى حصل بالماضي، زيي كده صحيح معرفش كل شئ بالتوضيح بس عالاقل عندها نبذه عنه، وعارفه إن عيلة الأشرف بينها وبين عيلة القدوسي، نسب قديم وكان ممكن وقتها تاخد حذرها أو تقطع حديثها معايا نهائيا هي نفسها قالت لى إن عندها صعوبه في الثقه في الناس، ولما تعرف إني جاويد الاشرف ثقتها فيا كانت هتنعدم أو عالاقل هتحرص ميني.
أماء هاشم رأسه بفهم قائلا: فعلا سلوان صعب تثق في أى حد وده اللى بستغرب له بعد ما حكيت ليا إنك كنت على صله وثيقه بها الايام اللى فاتت كمان إنت اللى وصلتها لبداية طريق جدها الحج مؤنس القدوسى، رغم تحفظي في إن مكنش لازم تطاوعها في النقطه دي.
رد صلاح قائلا: جاويد كان غرضه خير يا هاشم سلوان كان عندها أمنيه تزور قبر مسك الله يرحمها، كمان كان عندها نية البقاء في الأقصر ومكنش ينفع تقضل في اللوكانده أكتر من كده.
رد هاشم متسألا: هي مكنتش هتقعد لآنى كنت لاغيت إمكانية إنها تقدر تسحب فلوس من الكريديت اللى كان معاها، بس ليه مكنش ينفع تفضل في اللوكانده أكتر.
تنهد صلاح بآسى قائلا بإختصار: بسبب صالح.
إنخض هاشم قائلا: صالح!
سلوان ملهاش دعوه باللى حصل في الماضي وإن مسك فضلتني عليه.
تنهد صلاح قائلا: صالح لساه في قلبه الحقد، وممكن لما شاف سلوان في اللوكانده إحتيا الأمل أو الجديم إشتعل، وكمان سال عنيها، ومش بس إكده ده كمان كان حچز أوضه إهنه.
تحدث هاشم بحده: والله لو كان مس شعرايه واحده من شعرها كنت قتله بدون تردد لحظه واحده، وبعدين إنت لما كنت عارف ده كله ليه لما إتصلت عليك قبل كده عملت نفسك متعرفش حاجه.
إبتسم جاويد قائلا: بلاش تظلم بابا فعلا مكنش يعرف حاجه عن إن سلوان بالاقصر غير منك وأنا دخلت عليه الأوضه بالصدفه وهو بيكلم حضرتك إمبارح وحكيت له وكمان آنى طلبت أيد سلوان من الحج مؤنس والحج مؤنس هو اللى قالي إن بابا على معرفه بشخص وسيط قريب من حضرتك إنه وهو اللى هيوصل بيني وبين حضرتك وفعلا ده اللى حصل، بس بصراحه مكنتش أعرف إن المعرفه بينكم مباشره ومفيش أي وسيط بينكم.
إبتسم صلاح وهو ينظر ل هاشم بإمتنان قائلا بتوضيح: هاشم أنقذ حياة جلال مره وهو عنده سنه ونص تقريبا كان جاله نزيف بعد ما وقع من على السلم ووالوحده الصحيه بتاعة البلد وجتها مكنش فيها بنك دم، وهو كان بيشتغل في مكان قريب منها ووجتها كان عقل يسريه هيطير منيها وكانت ماشيه تسأل أى حد يقابلها في السكه ومن اللى قابلوها كان هاشم، وهو اللى أتبرع له بالدم في الوقت المناسب، وبعدها إتعرفت عليه وبقى بينا صداقه مخفيه.
توقف صلاح للحظات يتنهد يشعر بغصه قويه ثم أكمل حديثه يشعر بمراره: جلال واضح إنه كان إبن موت من صغره.
شعر جاويد بوخز قوي بقلبه.
شعر هاشم بحزن صلاح وأدار دفة الحديث قائلا: تمام، طب ده سبب إنك مقولتش ل سلوان إنت مين قبل كده، طب ليه دلوقتي مش عاوزها تعرف حقيقة شخصيتك.
إبتسم جاويد قائلا: بصراحه عاوز أتأكد في البدايه الأول إن كانت المشاعر بينا متبادله او لاء، وده سبب بس كمان في سبب تاني.
تنهد هاشم بقلة صبر قائلا: إنت مكنش لازم تدرس سياسه علمتك المراوغه وتتكلم بالتنقيط كمل كلامك مره واحده، وأيه هو السبب التاني.
ضحك صلاح كذالك جاويد قائلا: بصراحه عاوز اعرف طريقة رد فعلها مباشرة لما تعرف انا مين وهي مراتي، لأنها ممكن تعند وترفض او تفكر إنى كنت بكذب عليها، وقتها هعرف أحتوي غضبها.
ضحك هاشم قائلا: إنت فعلا كنت بتكذب عليها، بس هي تستاهل كذبك ده، عشان أوقات بتتصرف من غير وعي ومبتفكرش في نتيجة اللى هيحصل بعد كده، عالعموم أنا موافق على جوازك منها، وبتمني إن يكون كلام العرافه كذب، رغم إن إتحقق جزء كبير من تنبؤاتها اللى قالتلي عليها قبل كده، منها إن ربنا هيرزقنى ب بنت واحده والمال لما هيكتر هيقل عمر مسك، بس أنا راجل مؤمن بالله.
وقل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، بس سلوان أمانتك يا جاويد.
ربت صلاح على فخذ جاويد قائلا: جاويد خير من يصون الامانه يا هاشم إطمن على سلوان هتبقى هنا في عنينا.
إبتسم جاويد ونهض واقفا يقول: هفوت بكره الصبح على حضرتك هنا عشان أوصلك ل دار الحج مؤنس، هو أكيد زمانه قالها، وأنا منتظر إتصاله عليا يقولى رد فعلها اللى متوقع طبعا.
نهض صلاح وهاشم أيضا والذي قال ببسمه: متوقع رد فعل سلوان، هتفكر إن جدها بيهزر ولما تتأكد أنه مش هزار هتثور وممكن تسيب له الدار مع أول ضوء للشمس.
إبتسم جاويد قائلا: وده وقت ظهور حضرتك قدامها، وطبعا قرارك هو الحاسم بالنسبه لها.
ضحك هاشم قائلا بمدح ل جاويد: مش قولت قبل كده إنك داهيه، خساره إنك مختارتش تبقى دبلوماسي، كنت هتبقى رجل سياسيه خطير.
ب دار القدوسي.
سعلت سلوان من كثرة الضحك على قول مؤنس، لكن فجأه توقفت ضحتها وهي تنظر ل ملامح مؤنس الصامته ينتظر هدوء ضحكتها، شعرت للحظه من ملامحه الجاده أنه لا يمزح بل صادق فيما قاله.
سئمت ملامح وجهها، لكن قبل أن تتسأل تتأكد إن كان هذا مزحه، إلتقطت مسك تلك السكين الصغيره الموضوعه ب طبق الفاكهه بغضب جم تشهر تلك السكين بيدها وتقترب من مكان سلوان وكادت تتهجم عليها قائله بعنفوان: الخسيسه الوضيعه فتحنا لها دارنا وهي جايه تخطف جاويد.
قبل أن تصل السكين الى سلوان أمسك أمجد يد مسك التي حاولت الخلاص من يديه وتغرس السكين الذي بيدها بقلب سلوان التي نهضت من على مقعدها وعادت للخلف بتعجب وإندهاش من رد فعل مسك الذي بنظرها مبالغ فيه. وتحدثت بحده: أنا مش خسيسه ولا وضيعه، ومعرفشي مين جاويد اللى بسببه هتقتلينى عشانه ده، عموما أنا سايبه ليك البلد بحالها وأنا لو مكان جاويد ده، آخر واحده أفكر فيها هو إنت، لأنك غبيه ومعندكيش عقل ولا تمييز، لو فكرتي للحظه واحده كنت سألتى جاويد ده عرفني فين، عشان يتقدم لي وأنا مشفتوش ولا مره سمعت عنه فقط، وكمان أعرفي سبب يسيب عشقك له الظاهر بوضوح للأعمى ويتقدم لواحده ميعرفهاش، بس عنده حق إنت غبيه ومتتعاشريش.
تعرفي إن لو فيا ذره من غباوتك كنت وافقت أتجوز جاويد ده بس نكايه فيك، بس مش أنا اللى أربط حياتي بشخص معرفوش عشان أكايد واحده غبيه زيك.
قالت سلوان هذا وتركت الغرفه سريعا، بينما صرخت مسك بهستريا تترجي أمجد أن يتركها تذهب خلف تلك الوضيعه وتغرس السكين بقلبها تشفى غليلها منها، بينما صفيه من الصدمه فقدت الإدراك كليا لوقت تشعر أن ما يحدث أمامها تراه مجرد مشهد بداخل شاشة تلفاز، لكن هو حقيقه مره فاقت على هبوط مسك فاقده للوعي بين يدي أمجد ولهفة محمود عليها بدموع سالت من عينيه على إبنته البائسه، تصعب عليه حالها هي رسمت وهم عاشت على أمل تنتظر أن يتحقق يوم ما، لكن ها هي فاقت على قسوة الواقع ورفض عقلها تصديقه وذهب الى غفوه غصبا عنها.
حمل أمجد مسك وذهب بها الى غرفتها بينما صفيه التي بدأت تعود للواقع وتعي ما سمعته، نظرت ل محمود بغضب قائله: بنت أختك طلعت خسيسه زى أمها ورسمت على إبن أخويا وخطفته من بنتك، وإنت واقف ولسه مرحب بها، طب هجول على أبوك راچل كبير وخرف وفي آخر أيام عمره عاوز يحس إنه بيكفر عن سيئاته، لكن إنت عذرك أيه؟
غضب محمود بشده قائلا: تعرفي يا صفيه لو مش باجي على عشرة العمر اللى بينل وكمان سمعة بت مسك لما يتجال ابوها طلق أمها وهي عروسه، كنت طلقتك دلوك، مش عشان عيبك فيا، لاه عشان حديتك الماسخ على أبوي، أبوي أعقل من عيلتك كلها وأولهم جاويد اللى عيشتي بتك في وهم مكنش ليها من البدايه، جاويد لو كان رايدها كان طلب يدها من سنين ما هي جدامه كنت إنت وهي بس تنتظروا إشاره واحده منيه، كتير حاولت أنصحه وأجولك بلاه تزرعي وهم براس بتك حتى خطوبة أمجد ل حفصه كان ليك نوايا تانيه من وراها حتى دي مع الوجت إنتهت، كلمه واحده منيك يا حفصه عيب في أبوي مش هسامح فيها ووجتها تبجي محرمه علي.
تهكمت صفيه قائله: مش قادر غير علي، لكن بت أختك اللى دخلت دارنا ومعاها الفقر والشؤم أولها فسخ خطوبة امجد والحين خطفها ل جاويد وكسرة قلب بتك ووقوعها من طولها بسببها.
شعر محمود بنغرات قويه في قلبه قائلا: وإنت فين قلبك، واجفه جدامي تتهجمي وسايبه بتك الفاجده للوعي، وعماله ترمي إتهامات وكلام ماسخ، أنا رايح أشوف بت اللى فاجت من وهم على حقيقه مره، متوكد مع الوجت هتقدر تتخطى وتعاود حياتها من تاني، بس ياريت كفايه ترزعي بقلبها أوهام تانيه.
غادر محمود وترك صفيه واقفه تشعر بالغلول والحقد، هامسه: سهتانه وداهيه كيف أمها زمان قدرت تضحك على الراچل الخرفان وإستغلت لهفة جلبه، بس مبجاش صفيه لو سيبتها ساعه تتهنى مع چاويد.
بغرفة سلوان دخل خلفها مؤنس وجدها تضع حقيبة ملابسها فوق الفراش وتضع بها بعض الثياب القليله، نظرت له سلوان بحده قائله: أنا ماشيه مستحيل اوافق على التخاريف اللى سمعتها وأتجوز اللى أسمه جاويد الاشرف ده، خليه ل مسك تشبع بيه.
رد مؤنس بهدوء: اللى حصل من مسك كنت متوقعه.
لم تستغرب سلوان وتهكمت قائله بسخريه: آه عشان عاشقه متيمه باللى إسمه جاويد، واللى إتقدم وطلب يتجوزني وهي مشافنيش حتى مره واحده، نكته حلوه واحد بيتقدم للجواز من ولحده وهو عمره ما شافها، حتى يمكن عمره ما سمع عنها، انا عن نفسي لا عاوزه أشوفه ولا أسمعه، وكمان كتب الكتاب بتاع حفيدك إتلغي، كده يبقى وجودي هنا إنتهي معايا تذكرة القطر ممكن أروح أغيرها بغيرها او حتى أشتري غيرها واسافر مع اول قطر راجع القاهره، وأنسى إنى جيت هنا من الاساس، بابا كان عنده حق يخاف إنى أقرب منكم او حتى آجي هنا الأقصر.
تنهد مؤنس بآلم قائلا: الصباح رباح، هتروحي فين دلوك الساعه قربت على عشره المسا.
تهكمت سلوان قائله: ناسي يا حج مؤنس إنى مش طفله وأقدر أصرف نفسي كويس.
انهت سلوان حديثها مع إغلاق سحاب حقيبة ملابسها وحملتها بيدها وكادت تتوجه ناحية باب الغرفه لكن تشبث بها مؤنس قائلا: بلاش تعندي، وخليك إهنه لحد الصبح وبعدها أعملى اللى بتريده، أنا مجدرش أغصب عليك حاچه إنت مش رايداها انا كنت مرسال بلبي طلب إنطلب ميني، وإنت صاحبة الشآن، بلاه تسرع.
فكرت سلوان قليلا بقول مؤنس وللحظه فكرت أن لا تسمع لحديثه وترحل فورا من هذا المنزل، لكن فكرت فيما معها من مال لا يكفي لإستأجار غرفه تبيت بها، فكرت أن تتصل على جلال لكن ماذا ستخبره سبب تركها لمنزل مؤنس بهذا الوقت، عدلت عن فكرة مغادرة المنزل ونظرت ل مؤنس قائله: تمام، مسافة الليل مش هخسر حاجه، هفضل هنا في الاوضه لحد الصبح وبعدها همشى وانسى هنا نهائيا.
شعر مؤنس بوخزات قويه على قلبه صعب يتحملها وهو مثل الشريد بين طريقين صعب على قلبه الإختبار، والإختيار بين
مسك و سلوان الإثنتان حفيدتيه وبنفس الغلاوه واحده في قلبه، لكن القدر صادم وأختار جاويد سلوان من آتت من بعيد لتمتلك قلبه بأيام قليله عكس مسك التي كانت أمامه وقريبه منه منذ أكثر من عقدين من الزمن، هو القدر المكتوب بلحظه يتبدل كل شئ دون إراده.
بمنزل بسيط.
شعرت حسنى بزغد زوجة أبيها لها بقوه قائله بتهجم: نومك تجيل(تقيل)، إصحي شوفى المصيبه اللى أنا فيها.
إستيقظت حسنى من النوم فزعه تقول: في أيه يا مرت أبوي، بتصحيني إكده ليه الجيامه جامت ولا البيت بيوقع.
تهكمت زوجة أبيها قائله: معليشي يا برينسيسه زعچتك وصحيتك من أحلامك السعيده.
تهكمت حسنى لنفسها قائله: وانا أما اصحى على سحنتك هيبجي فيها أحلام سعيده.
بينما قالت لزوجة ابيها: خير يا مرت ابوي هي الساعه كام دلوك؟
ردت عليها: الساعه إتناشر بعد نص الليل جومي إنت هتحاكي إمعاي، بوك عيان ومش جادر يچيب النفس.
نفضت حسني غطاء الفراش ونهضت مسرعه تقول بلوم: أبوي عيان وواقفه تحكي إمعاي.
خرجت حسنى سريعا، بينما وقفت زوجة أبيها تبتسم بظفر.
دخلت سلوان الى غرفة والداها وجدته يسعل بشده ويكاد يستنشق الهواء بصعوبه، جذبت له بخاخ إستنشاق ووضعته سريعا على أنفه، هدأ سعاله قليلا، لكن سرعان ما نزع ذالك البخاخ عن أنفه قائلا بنهجان: مش قادر أجيب نفسي.
إرتبكت حسنى قائله: حاول تتنفس بالبخاخه يا ابوي
هروح أغير هدومى بسرعه وأخدك للمستشفى يعملولك جلسة إستنشاق، كان عيندينا چهاز الإستنشاق بس مرت أبوي شحتته لولد أخوها.
تقابلت حسنى بزوجة ابيها على باب الغرفه قالت لها: هروح أغير هدومي وأخد ابوي للمستشفى شكل أزمة صدره رچعت له تاني.
اومات لها قائله بلهفه مصطنعه: خواتك نايمين وإنت الكبيره، مينفعش أسيب الدار وهما نايمين، يصحوا يتفزعوا.
تهكمت حسنى بغصه: لاه طبعا خليك إهنه وأنا هروح مع أبوي، هي ساعة زمن يعملوله جلسة الإستنشاق ونرچع طوالي.
أماوت لها رأسها بتوافق، حتى ذهبت الى غرفتها شعرت براحه وهي تدخل الى الغرفه وتسمع صوت سعال زوجها الذي عاد أقوي من سابق، كانت خطتها جيده، الآن لو ذهبت حسنى بوالدها الى المشفى، بالتأكيد ستحتجز هي وهو على الأقل حتى يعود تنفس والدها طببعيا، وبذالك اليومين بالتأكيد لن تهتم بإخلاء المخزن، وبذالك فرصه لها تستطيع تنفيذ خطتها التي ستجلب لها الحظ الوفير.
قبل الفجر بقليل بمنزل صلاح.
جافى النوم عيني يسريه، الفكر السئ يتلاعب بها وذكريات آليمه تجول بعقلها ودمعات من عينيها تتساقط كزخات المطر، تحاول كتم صوت بكاؤها حتى لا يستيقظ صلاح، سمعت صوت سيارة جواد
نهضت من فوق الفراش وضعت مئزر على ثيابها وخرجت من الغرفه بهدوء وأغلقت الباب خلفها دون أن يشعر صلاح
ترجل جواد من السياره وجذب معطف بذته وضعه فوق كتفه نظر للمنزل من الخارج كان هادئا، إبتسم قائلا: الهدوء الذي يسبق العاصفه.
دخل الى المنزل، وصعد السلم مباشرة نحو غرفته لكن تفاجئ بمن تقف أعلى السلم، إبتسم قائلا بمزح: ماما، أكيد مش جاي لك نوم وإبنك جاويد أخيرا خلاص هيتجوز، أكيد بتفكري بألاعيب ماري منيب عشان تنفذيها مع عروسة جاويد اللى هتشرف الدار بكره.
نظرت له يسريه في البدايه وتبسمت لكن سرعان ما سئم وجهها حين وقع بصرها على ذالك الاصق الطبي الذي يظهر من أسفل كم قميصه وتلهفت وهي تضع يدها فوق معصمه ترى ذالك الاصق كبير قائله
: حاطط الضماد ده على إيدك ليه.
شعر جواد بآلم قائلا: براحه شويه يا ماما، ومتخافيش أوي إكده، ده چرح بسيط.
نظرت يسريه لمعصمه قائله: كل ده وجرح بسيط، جولى أيه سببه، إنت دكتور ولا بلطجي.
تنهد جواد قائلا: أنا المفروض دكتور، بس كان نفسي أبجى بلطجي وفشلت وبطلت شقاوه من زمان.
رغم شعور يسريه السئ لكن تبمست قائله: ليك نفس تهزر كمان، جولى سبب الجرح ده وبلاش تكدب علي، زى ما بتكدب على ببقع الوكل اللى بتشتريه من الشارع، وبطنش بمزاچي.
ضحك جواد قائلا: طب ما تطنشي دلوك بمزاچك، وتسيبني أروح أوضتى أنام وتوفري التحقيق ده لبكره، أنا هلكان، لو رسمتي لي سرير إهنه عالسلم هنام عليه.
نظرت له يسريه بشفقه قائله: تمام، جولي الاول سبب الجرح، وبعدها روح نام.
رد جواد بقلة حيله: واحد بلطجي إتهجم عالمستشفى وكان معاها سكينه صغيره وانا باخدها من يده چرحني، جرح صغير، كم غرزه.
تنهدت يسريه بسخريه قائله: كل الضماد ده وچرح صغير، تمام بنجي نتحدت في الموضوع ده، بعدين، كنت هجولك لو جعان أحضرلك لجمه خفيفه، بس طبعا كالت من الشارع قبل ما تچي لإهنه.
تنهد جواد قائلا: لاه والله چعان جدا كمان، هروح أستحمي على ما تحضري لى لجمه خفيفه من يدك.
إبتسمت يسريه بحنان له قائله: تمام، على ما تتحمم أكون چيبت لك الوكل.
بعد قليل دخلت يسريه الى غرفة جواد بصنيه متوسطه لكن تبسمت بحنان حين وجدت جواد ممدد فوق الفراش بثيابه نائما، شعرت بشفقه عليه كم يرهق نفسه بالعمل بالمشفى لاوقات كثيره ومتأخره، حتى أنه ذهب للنوم دون أن يخلع ثيابه أو حتى حذاؤه، تنهدت ثم وضعت الصنيه على طاوله بالغرفه وتوجهت الى الفراش ونزعت حذاء جواد الذي سرعان ما إعتدل نائما على الفراش، إبتسمت له قائله بحنان وهي تمسد على خصلات شعره: تصبح على خير يا جواد.
رد جواد بنعاس: وإنت من أهله ياماما.
تبسمت ثم أخذت الصنيه وأطفئت ضوء الغرفه وخرجت منها سارت لخطوات ثم توقفت أمام باب الغرفه المجاوره ل جواد، وضعت الصنيه على طاوله قريبه من الغرفه ثم فتحت باب الغرفه بهدوء وأشعلت ضوء خافت، نظرت على جاويد النائم وجهه مبتسم، رغم شعورها بتوجس لكن تبسمت هي الآخري ربما يري شئ سعيد بمنامه، تنهدت وتمنت له السعاده وخرجت من الغرفه، تسمع أذان الفجر الأول شعرت بلفحة هواء خريفيه رطبه، نظرت الى ذالك الشباك وجدت إحدي ضلفتيه مفتوحه، إتجهت نحوها كي تغلقها، لكن نظرت الى السماء سطع بعينيها نور بسيط، نظرت له كان نور تلك النجمه السابحه بملكوت إلاهي، تذكرت سؤال يوم سأل لها: ماما أنا سوفت فيلم أجنبي إننا لما بنموت بنتحول لنجوم في السما، يعنى نجوم السما دى أرواخ الناس الطيبه...
رأت خيال لم تنساه يسكن بين تلك النجمات الساطعه بالسماء، رغم ذالك، إنشرح قلبها وظلت لدقائق ثم أغلقت ضلفة الشباك بأمل.
إنتهت ليله خريفيه لم تكن قصيره.
ب منزل القدوسى
لم يغمض جفن سلوان
لأوقات كثيره ليلا لكن لا تعلم متى سحبها النوم وإستسلمت له، إستيقظت تشعر بيد على كتفها وصوت تعلمه جيدا يقول لها: إصحي يا سلوان.
فتحت عينيها قليلا، ونظرت أمامها ظنت أنها مازالت نائمه وأغمضت عينيها همست قائله: بابا.
جلس هاشم على حرف الفراش ورد عليها بحده قليلا: أيوا بابا اللى بسببه ركب الطياره في جو عاصف.
فتحت سلوان عينيها بفزع ونهضت جالسه تقول بذهول: بابا إنت جيت هنا للأقصر أمتى.
رد هاشم: أنا هنا في الاقصر من ليلة إمبارح كنت بايت في الاوتيل اللى كنت نازله فيه.
إستغربت سلوان قائله: طب طالما كنت هنا في الاقصر من إمبارح بالليل ليه متصلتش عليا وقولتلى.
تنهد هاشم قائلا: محبتش أزعجك يا عروسه.
إستغربت سلوان من نعته لها بكلمه عروسه قائله: قصدك أيه يا بابا، أنا مستحيل أوافق أتحوز إيهاب ده وخلاص أنا كنت هرجع النهارده للقاهره، وأنسى الرحله دي.
نهض هاشم من فوق الفراش قائلا: إيهاب مين، لاء أنا عرفت إن إتقدملك عريس تانى من هنا من الاقصر، ولما سألت عنه وقارنت بينه وبين إيهاب اللى إنت مش بطقيه، لقيت العريس ده الافضل ليك.
نهضت سلوان سريعا من فوق الفراش بفزع وذهبت لمكان وقوف هاشم قائله برفض: أكيد الحج مؤنس هو اللى قالك عالعريس ده ومدح لك فيه، بس أنا معرفوش أساسا جاويد الأشرف ده
ومستحيل يحصل وأتجوزه يا بابا.
رد هاشم بتعسف: مفيش حاجه إسمها مستحيل، أنا قولتلك وصلني معلومات كتير عن جاويد الاشرف ولقيت أنه الشخص المناسب اللى كنت أتمني إنك تتجوزيه، بلاش رغي كتير عالصبح، هسيبك تغيري هدومك عشان اليوم هيبقى طويل، المسا بعد المغرب كتب الكتاب ولازم تكوني جاهزه.
توجه هاشم نحو باب الغرفه وكاد يفتح بابها لكن قالت سلوان بتصميم: مستحيل كتب الكتاب ده يتم يا بابا، عمرك ما فرضت عليا حاجه، هتجوزني دلوقتي غصب عني، عشان تريح مدام دولت اللى أتجوزتها وأبقى بعيده عنك.
شعر هاشم بغصه قويه في قلبه وإستدار لها وقبل أن يتحدث إقتربت منه سلوان وأمسكت يده قائله بإستعطاف: خلاص يا بابا أنا آسفه ومعتش هسافر تاني لأي مكان بدون علمك، وكمان أنا موافقه أتخطب ل إيهاب عالأقل أعرفه قبل كده.
شعر هاشم بحنين وكاد يرق لرجاء سلوان لكن تذكر قول جاويد أن صالح رأى سلوان هنا بالاقصر وسأل عنها بالفندق، وعلم من تكون، ولن يهدأ قبل أن ينال القصاص من الماضي، والوحيد القادر الآن على حماية سلوان من براثنه السيئه هو، جاويد.
حاول هاشم التغلب على ضعف قلبه ونظر لها قائلا: بس أنا أتقابلت مع جاويد ولقيته الأفضل ليك وخلاص عطيته الرد بالموافقه.
قال هاشن هذا وخرج من الغرفه مسرع، نظرت سلوان حولها وجذبت وشاح راسها وخرجت خلف هاشم سريعا حتى وصلت له قبل أن يخرج من المنزل وامسكت يده برحاء قائله: بابا أرجوك بلاش الطريقه التعسفيه دي معايا، خلاص أنا بعتذر مش هتكرر تاني، وأخالف آمرك.
سحب هاشم يده من يد سلوان يشعر بآسى لكن قال لها بحسم: أنا راجع المسا مع المأذون.
خرج هاشم سريعا من المنزل، وكانت خلفه سلوان، لكن كان هنالك سياره راتها سابقا بإنتظار هاشم الذي سرعان ما صعد اليها وإنطلقت السياره سريعا، مخلفه خلفها غبارا أعتم الرؤيه بعين سلوان التي جثت على ساقيها أرضا، تشعر بضياع، الى ان آتت تلك الخادمه ووضعت يديها حول كتف سلوان قائله: جومي وياي يا بت، ليه رافضه چاويد بيه زينة شباب الأقصر كلياتها، والمكتوب يا بت مفيش منيه مهروب.