رواية شد عصب للكاتبة سعاد محمد سلامة الفصل الثاني والعشرون
بعد مرور أسبوع
منزل صلاح
إقتربت سلوان من الإنتهاء من تبديل فرش الفراش بآخر وهي تتذمر قائله: مش عارفه لو شغاله من اللى في البيت دخلت تغير فرش السرير كان هيحصل أيه، أنا أكتر حاجه بكرها هي توضيب فرش السرير؟
بنفس اللحظه خرج جاويد من الحمام، فقط بمنشفه حول خصره، ضحك قائلا: وفيها أيه لما تبدلى إنت فرش السرير، المفروض إن دى أوضة نومنا وخاصه بينا ودى حاجه سهله جدا.
رفعت سلوان وجهها وكادت تكمل تذمر لكن حادت نظرها عنه بضيق قائله بإستهجان: هو مفيش مره تاخد هدومك وتلبسها في الحمام.
قالت سلوان هذا وإدعت إنشغالها بهندمة فرش الفراش، بينما ضحك
جاويد وأراد مشاغبة سلوان كعادته كل صباح قائلا: الحق عليا بخاف الهدوم تتبل ميه ووقتها هتضطري تخرجي لى غيار تاني، أنا بحب راحتك عشان كده بلبس هدومي هنا في الأوضه.
تهكمت سلوان بصوت خافت وهي مازالت تقوم بهندمة الفراس: هتقولى إنت يهمك راحتى عالآخر.
سمع جاويد تهكم سلوان وأكمل مشاغبه معها وإقترب مقدمة الفراش وجلس عليها، نظرت له سلوان بغيظ قائله: قوم من فوق السرير الفوطه أكيد مبلوله، وأنا مصدقت إنى خلاص قربت أنتهي من تبديل الفرش، يعنى خايف على هدومك تتبل ومش بتلبسها في الحمام، وقاعد عالسرير بالفوطه مبوله ومش ملاحظ إنها ممكن تبل فرش السرير.
ضحك جاويد بمغزى قائلا: والله مش عاجبك أقعد بالفوطه ممكن أقلعها عادي، واضح إن بسبب إنشغالك في توضيب فرش السرير نسيتي تجهزيلى غيار ألبسه.
نفخت سلوان أوداجها بضيق قائله: والله إنت خرجت من الحمام وشايفني مشغوله فمش هيحصل حاجه لو تعبت رجلك بخطوتين ورفعت إيديك تفتح الدولاب وتطلع لنفسك غيار وتاخده وتروح تلبس في الحمام، ولا هو نظام صخره، ومن فضلك قوم من عالسرير.
نهض جاويد ضاحك يقول بتكرار: لاء نظام صخره، وبصراحه أكتر نظام إعجاب إنت ذوقك حلو وبيعجبني أكتر وياريت تطلعي الغيار بسرعه عشان الوقت عندي ميعاد مهم بعد ساعه ونص في المصنع.
تنهدت سلوان بضجر وهي تتجه نحو دولاب الملابس تفتحه بحده قائله: ملاحظه من يوم ما إتجوزنا مواعيدك كلها بقت مهمه، ومبترجعش البيت غير المسا، معرفشى قبل كده لما كنت بتخدعني كنت بتجيب الوقت الفاضي ده منين، ولا الخداع كان عندك له وقت خاص مستقطع بتمارس هوايتك الأولى فيه.
ضحك جاويد وذهب نحو مكان سلوان وأصبح خلفها مباشرة ورفع يده أزاح خصلات شعرها على جانب عنقها وهمس جوار أذنها قائلا بمكر وتلاعب: أفهم من كلامك إن غيابي بيفرق معاك.
شعرت سلوان بكهرباء تسري في جسدها مع شعورها بأنفاس جاويد تلفح عنقها كذالك همسه الناعم جعل عقلها للحظات يغفو وهي تشعر بقبلات جاويد على عنقها، لكن كانت فقط لحظات قبل أن يعود عقلها ويتحكم وإستدارت تواجه جاويد بحده قائله: ولا يفرق معايا بس مجرد سؤال، إزاي وقتها كنت بتلاقى وقت.
إبتسم جاويد قائلا: إنت جاوبتي عالسؤال، كنت باخد وقت مستقطع، يمكن الوقت ده هو السبب في إنى مشغول جدا الفتره دي، مع إنى كنت في الفتره دى كان أكتر وقت بحس فيه بالهدوء، بوعدك الفتره الجايه أحاول أخد وقت مستقطع مره تانيه ونقضيه مع بعض، بس متأكد الوقت اللى هنقضيه مع بعض هيختلف عن قبل كده، لإن مش هتفارقيني آخر الوقت زى ما كان بيحصل قبل كده.
نبرة صوت جاويد الهادئه سحبت جزء من عقل سلوان وهي تنظر لعيناه كآن بهم سحر خاص عليها، لكن قطع نظرها لعيناه حين إنحني يقبل وجنتيها ثم كاد يقبل شفاها، لكن بلحظه تحكم عقلها ونبهها أنه مخادع يجيد الحديث الناعم فقط للوصول لهدفه معها، ألقت تلك الملابس التي كانت بيدها على الفراش وقامت برفع يديها ودفعته بهما، لكن جاويد إستمر في مشاغبتها وقبض على إيدي يدها وقام برفعها وثبتها على ضلفة الدولاب، لكن وقع بصره على تلك الخرابيش الظاهره على معصم يدها إستغرب ذالك قائلا: أيه سبب الخرابيش اللى على معصم إيدك دى يا سلوان!
نظرت سلوان ليدها ثم له وصمتت، مما جعل جاويد يعاود السؤال وهو يرفع يدها الآخري ولم يجد بها أى أثر مثل يدها الأخري: ردي على سؤالى يا سلوان؟
تنهدت سلوان بضجر قائله بإختصار: سبب الخربشه قط.
قط!
هكذا إستعجب جاويد قبل أن يكمل قوله: قط!
فين القط ده؟
ردت سلوان: عادي يعنى كان في قط في الجنينه ولما جيت أقرب منه خربشني في إيدي وجري.
إستعجب جاويد قائلا: قط هنا في جنينة الدار.
ردت سلوان ببساطه: أيوا ومالك مستعجب كده ليه من وجود قط هنا في الدار.
رد جاويد: لآن حفصه بتكره القطط من صغرها عشان خربشتها وعضتها وأخدت حقن وعلاج ومن وقتها وماما منعت دخول القطط الدار.
آستغربت سلوان قائله: وهو في حد يقدر برضوا يمنع دخول القطط للبيوت، دى بتدخل بدون إستئذان.
إبتسم جاويد قائلا: فعلا القطط بتدخل بدون إستئذان بس أيه اللى خلاها خربشتك.
ردت سلوان: يمكن فكرتني هأذيها، مع إنى بحب الحيوانات الأليفه وكان عندي ماتيو
كلب شيووا صغير بس سيبته في شقة بابا قبل ما أجي لل الأقصر، أكيد زمان طنط دولت جوعته أو حطت له سم عشان تتخلص منه هي مكنتش بتقبل تشوفه قدامها، هبقى أطلب من بابا يجيبه معاها وهي جاي الزياره الجايه.
ضحك جاويد قائلا: طب بلاش تقربي من القط ده تاني، واضح إنه غدار وخربشك.
أنهى جاويد قوله وهو يقبل معصم سلوان مكان تلك الخربشات قائلا بمكر: بس أيه اللى عرفك إن اللى خربشك قط، مش يمكن قطه.
ردت سلوان ببساطه: عادي جدا أنا أساسا ملحقتش أشوفه كويس، هو أول ما قربت منه هبشني في إيدي وجري، حتى لما جريت وراه ملقتوش كآنه إختفى أكيد خاف مني وهرب بره الدار.
إبتسم جاويد وهو يضع يده على خصر سلوان وجذبها عليه قائلا: على فكره أنا هتأخر المسا.
إرتبكت سلوان وردت بحده: عادي أيه الجديد، ومن فضلك إبعد إيديك عني والغيار بتاعك عالسرير.
قالت سلوان هذا ودفعت جاويد، الذي إبتعد عنها باسما لكن قام بفك تلك المنشفه من حول خصره ونظر نحو الفراش قائلا بإغاظه: فعلا ذوقك بيعجبني.
كادت سلوان أن ترد بإستهجان لكن تلجم لسانها وشعرت بحياء، وإرتبكت قائله بإستهجان وهروب: مفيش عندك حيا، أنا خلصت توضيب الفرش، هاخد الفرش اللى مش نضيف أحطه في سلة الغسيل.
تنهد جاويد ضاحكا على هجاء سلوان وهروبها من أمامه.
بينما سلوان صفعت باب الحمام خلفها بضيق وألقت تلك المفارش ب سلة الغسيل بحده، لكن سرعان ما ذمت نفسها قائله: نسيتي تجيبي معاك غيار يا سلوان
كل ده بسبب المخادع نسيت مفيش قدامي غير إنى أطلع للأوضه أخد غيار وأرجع بسرعه.
حسمت سلوان أمرها وفتحت باب الحمام بمواربه ونظرت بالغرفه، إستراحت حين رأت جاويد قد إرتدى بعض ثيابه خرجت مسرعه وتوجهت نحو دولاب الملابس وأخذت بعض الثياب لها دون حديث وكادت تدخل الى الحمام، لكن شاغبها جاويد قائلا: خدي بالك لا الهدوم تقع منك في الحمام وتتبل خليها هنا.
لم ترد سلوان وصفعت باب الحمام، بينما عاود جاويد الضحك.
عصرا
بمنزل مؤنس القدوسي
إستقبلت صفيه حفصه بفتور ولوم منها قائله: نسيتي إنى عمتك بقالك كام يوم حتى مسألتيش عني بالتليفون، وكمان ناسيه مسك اللى زي أختك ولا عروسة جاويد قدرت تسحرلك إنت كمان.
زفرت حفصه نفسها بإمتعاض قائله: أبدا والله يا عمتوا سلوان أنا أساسا مش برتاح ليها حاسه إنها متكبره ومغروره معرفش جاويد عجبه فيها أيه، أنا والله كنت مشغوله الايام اللى فاتت في الجامعه ولخبطة الدكاتره في مواعيد المحاضرات، حتى أنا لسه راجعه من الجامعه وجولت أفوت على دار عمتي كمان أشوف مسك مش بترد على إتصالاتى ليه زى قبل إكده.
تنهدت صفيه تشعر بحسره قائله: مسك حالها بجي عدم من يوم ما دخلت وش الخراب سلوان دارنا كانها مش بس نحست الدار لاه وكمان سأمت وش مسك، بجت تروح الصبح المدرسه ولما ترجع تنكفى على سريرها لحد ما تنام.
شعرت حفصه بالآسى قائله: يعني مسك في أوضتها دلوك، طب يا عمتى متجلجيش أنا هدخل أتحدت وياها وإن شاء الله هتشوفى، هترجع مسك تفرفش.
تنهدت صفيه بأمل قائله: ياريت، إنت عارفه جاويد كان بالنسبه ليها أيه، أنا جولت ليها كل شئ قسمه نصيب، بس هي قلبها إنجرح بالجوي، ربنا ينتجم من اللى كانت السبب دخلت لدارنا وخطفت جاويد من مسك في لحظه، هقول أيه، ربنا رايد إكده، وإنت كمان معرفش أيه اللى حصل لك فجأه وفسختى خطوبتك من أمجد، البت دى باين سرها باتع جوي، قدم النحس والشوم.
ردت حفصه بثقه قائله: لا سرها باتع ولا حاجه هي يمكن زهوه يا عمتي، وبكره تنطفي، هروح لأوضة مسك أتحدت وياها.
إبتسمت صفيه بخباثه قائله: روحى لها وإتحدتى وياها وجولى ليها إن يمكن ربنا رايد ليها الخير لسه.
إبتسمت حفصه وتوجهت نحو غرفة مسك، بينما زفرت صفيه نفسها بضيق قائله: نسخه من أمك يسريه بتاخد اللى جدامها على هواه، بس وجت الجد تتجبر وتنفذ اللى هي عاوزاه.
طرقت حفصه على باب غرفة مسك ثم دخلت بعد أن أذنت لها...
شعرت حفصه بغصه وهي تنظر نحو الفراش ورأت مسك تجلس شبه شارده تحملق بسقف الغرفه وعينيها حمراء يبدوا أنها كانت تبكي، إقتربت من الفراش قائله بعتاب: بتصل على موبايلك ليه مش بتردي عليا هو إحنا مش إخوات، أنا ماليش أخت بنت وإنت كمان ومن صغرنا كنا بنعتبر بعض أخوات وبنتشارك حتى أسرارنا.
مثلت مسك الدموع قائله: خلاص إنت نسيتني وبجي ليك صاحبه تانيه مرت جاويد.
زفرت حفصه نفسها بإمتعاض قائله: والله ما في بينى وبينها إستلطاف، وبلاش حديت فارغ، أنا جايه ليك نجعد سوا شويه أها مع إنى هلكانه من المحاضرات بس جولت لازمن أفوت على مسك وأطمن عليها واللى حسبته لقيته، أها راجده في السرير ومدمعه عينيك.
دموع فرت من عيني مسك وظلت صامته إقتربت منها حفصه وجلست جوارها على الفراش ووضعت يدها على فخذها قائله: الدموع دى ملهاش لازمه لازمن تبجي جويه، إنت مفكره إن جواز جاويد من سلوان هيستمر كتير طب بكره تجولي قد أيه كنت عبيطه لما كنت ببكي.
إستغربت مسك حديث حفصه وتسألت: جصدك أيه؟
ردت حفصه: جصدي إنك لازمن تفوجي إكده وبدل ما تجعدي وتحبسى نفسك في أوضتك المفروض كنت تظهري إن اللى حصل مش فارق إمعاك، جاويد أخوي زي أمى مش بيحب الشخص الضعيف جدامهم، ويمكن ده اللى علق جاويد ب سلوان هي عينديها شوية كبر وتعالي، لفتوا إنتباه جاويد ليها، لكن متوكده إن مع الوجت الزهوه دي هتروح وتنطفى ووجتها جاويد مش هيستحملها كتير، أنا شوفت إكده بنفسي، جاويد كذا مره سمعته بيحذر سلوان.
إستغربت مسك وتسألت بتسرع: جصدك أيه بأنه بيحذرها وكان بيحذرها ليه؟
ردت حفصه: معرفشي كان بيحذرها ليه، بس هي شكلها عنيده ومدلعه وهو مش بيحب اللى يخالف أمره، وهي عايشه دور إنها دلوعه ولازمن تبجي ليها رأي مخالف، أو معارض، كمان حاسه في حاجه تانيه.
إستغربت مسك متساله: وأيه هي الحاجه التانيه دي.
همست حفصه بصوت مخفض قائله بحياء: سلوان وجاويد واضح أنهم لسه متجوزوش، كمان سمعت بالصدفه ماما بتقول ل بابا إنها حاسه إن سلوان لساها بنت بنوت لما بتلمح ليها بحاجات معينه بتسكت ومش بترد عليها.
إستغربت مسك قائله: وأيه هي الحاجات المعينه دي اللى مش بترد عليها.
ردت حفصه بحياء: إنت مش فهماني ولا بتستعبطي، أكيد أسئلة ماما عن علاقتها بجاويد، حتى كمان سمعت إمبارح خالتي محاسن بتسأل سلوان وبتقولها مفيش بشاره إكده إنها تكون حبلى، بس هي وشها جاب ألوان وسكتت مردتش عليها.
تهكمت مسك قائله: عادي، يمكن حاويطه في الرد، وكمان هي متجوزه بقالها قد أيه عشان خالتك الغبيه تسألها سؤال زى ده؟
نظرت حفصه بغضب ل مسك قائله: خالتي محاسن مش غبيه، بلاش تقولى عليها كده عشان بزعل لما تعيب فيها، إنت عارفه خالتى محاسن ربنا حرمها من الخلفه وبتعتبرنا ولادها، وأنا كمان بحبها زى ماما، وهي عشان عاشت تجربة الحرمان الخلفه بتسأل بحسن نيه، عادي.
إنشرح قلب مسك وتوهمت أن ربما سحر الغجريه آتى بنتيجه.
.
بالقرب من منزل والد حسني.
ترجلت يسريه من السياره حين آتى عليها السائق قائلا: سألت على إسم الراجل اللى جولتيلى عليه ودلونى إهناك داره.
إبتسمت يسريه تومئ برأسها له وتوجهت نحو المكان الذي أشار له بيده عليه، قرعت جرس الباب ثم وقفت على أحد جانبيه تنتظر قليلا الى أن فتح الباب وطلت شابه بملامح بريئه ولكن تبدوا شقيه، وإزدات تيقن من حدسها حين تحدثت لها بذوق وترحيب: أهلا يا حجه، عاوزه مين أهنه من شكلك ست طيبه يبجي مش عاوزه مرت أبوي، يمكن تايهه في العنوان، أو...
قطعت وصلة حديث حسني زوجة أبيها التي آتت بفضول منها ترى من الذي كان يقرع جرس المنزل و يقف يتحدث مع حسني على باب المنزل وحين لمحت يسريه رحبت بها بحفاوه قائله: وسعي يا حسنى من جدام الباب، دى الحجه يسريه.
إستغربت حسني وهمست لنفسها: أول مره مرت أبوي تعرف ست ويبان عليها الطيبه، ولا يمكن المناظر بتخدع، وأنا مالى.
إستغربت حسني أكثر حين دخلت يسريه الى داخل المنزل، ومن رسم ثريا الحنان الزائف أمامها، وتحير عقلها، حين سحبت ثريا يد حسني ودخلن الى غرفة الضيوف خلف تلك السيده، جلسن معا ترحب ثريا ب يسريه بحفاوه التي شعرت براحه وألفه إتجاه حسني تحدثت ثريا: واه الحديت اخدنا ونسيت أسألك يا حجه تشربي أيه أجولك ده ميعاد الغدا، جومي يا حسني حضرى الغدا.
كادت حسني أن تجحظ عينيها فمنذ متى وزوجة أبيها بهذا الكرم المصطنع، لكن نهضت لكن قالت يسريه: لاه كتر خيركم، أنا بس عاوزه كوباية ميه.
قالت يسريه وهي تنظر نحو ثريا التي فهمت النظره ان يسريه تود الإنفراد ب حسني، نهضت ثريا قائله: خليك إنت مع الحجه يسريه يا حسني أنا هجيب الميه وإرجع.
إستغربت حسني ذالك أكثر، زوجة أبيها ترهق نفسها وستأتى بالمياه، لابد أن لتلك السيده سر باتع هكذا أشار عقل حسني عليها، بينما نظرت يسريه ل حسني قائله بهدوء: إنت حسني، إسمك لايق على ملامح وشك.
إرتبكت حسني لاول مره تسمع إطراء من أحد بملامح وجهها، تلجم لسانها الزالف في العاده وشعرت بحياء قائله بإختصار: كتر خيرك يا حجه.
إبتسمت يسريه وأشارت ل حسني بالجلوس.
جلست حسني وظلت صامته لدقيقه تنظر نحو باب الغرفه تنتظر عودة زوجة أبيها بالمياه كي تخرج هي وتترك تلك السيده التي تزيد التمعن بملامحها قبل أن تسألها مباشرة: إنت تعرفي زاهر الأشرف؟
إستغربت حسني قائله بإرتباك: آه، لاه، جصدى، آه ولاه.
إستغربت يسريه رد حسني وضيقت عينيها بإستفهام: مش فاهمه، إنت تعرفيه ولا لاه.
نظرت حسني نحو باب الغرفه ثم نظرت ل يسريه قائله: أنا أعرفه معرفه سطحيه، هو مأجر المخزن اللى في الدور الارضى في دار جدي الله يرحمه مش أكتر من إكده، وإن كان وصلك الحديت الفارغ اللى مرت أبوي ألفته من راسها أنا ماليش دعوه بيه، هجولك سر كمان اللى إسمه زاهر الأشرف ده انا شوفته كم مره بس خدت عنه فكره انه ميتعاشرش عالدوام كشري إكده وقافش في الحديت، بيرد زى ما يكون بتسحبي الحديت من لسانه غصب عنيه زى ما يكون خايف يتحدت لا يدفع عالكلام تسعيره.
ضحكت يسريه وأومأت رأسها...
بينما عاودت حسني الحديث سأله: بس إنت ليه بتسأليني عنيه، أكيد وصلك حديث مرت أبوى الماسخ، هجولك والله أنا ماليش أى علاقه بيه ولا أعرف هو كان إهنه ليه هاديك اليوم، وليه مرت أبوي عملت إكده أساسا هي كدبت الكدبه وصدجتها، ومن يومها وانا بنكسف أبص في وش حد من المنطقه.
إستغربت يسريه حديث حسني وكادت تتسأل لكن بنفس اللحظه دخلت ثريا بصنيه متوسطه عليها.
كوب مياه وجواره بعض قطع الحلوي كذالك أحد أنواع العصائر قائله: نورتي دارنا يا حجه يسريه.
نهضت يسريه قائله: الدار منوره بأصحابها، معليشي لازمن أمشي بجي، عشان متأخرش عاللى في الدار، أصلهم ميعرفوش أنا فين كنت قريبه من إهنه صدفه.
ردت ثريا: واه يا حجه يسريه هتمشى بسرعه إكده.
وضعت يسريه يدها تربت على كتف حسني قائله: أكيد هاجي مره تانيه زياره مخصوص، ودلوك يا حسني وصلنى يا بت لحد العربيه مستنياني قريب من إهنه.
إستغربت حسني وقالت: حاضر يا حجه هجيب الإيسدال بتاعى في ثوانى وأرجع لك.
تركت حسنى يسريه مع ثريا التي قالت لها: شوفتي كيف ما جولت لك بت چوزي ملهاش في العوج، وبالتوكيد زاهر إستغل سذاجتها و ضحك عليها.
نظرت يسريه الى ثريا نظرة تفهم لطبيعة شخصيتها الكاذبه، لكن أومأت رأسها قائله: أنا هحل الموضوع ده، والكل هيبجي مرضي.
إنشرح قلب ثريا بفرحه قائله: ربنا يرضا عنك يا حجه ثريا، طمنتي جلبي، ربنا يستر على ولاياك يارب.
آمنت يسريه على دعاء ثريا، رغم أنها تعلم أنها كاذبه لكن ربما يكمن الخير في كذبه ملفقه، من نظرتها علمت أن تلك الفتاه بريئه لكن تستحق الأفضل من كذب تلك الأفاقه الطامعه.
بعد قليل بمنزل صلاح.
بغرفة الضيوف
دخل زاهر وألقى السلام على يسريه وصلاح الذي كان يجلس برفقتها.
تبسم له الإثنان وردا عليه السلام، ثم طلب صلاح منه الجلوس قائلا: إجعد يا زاهر، خلينا نتحدت بهدوء.
جلس زاهر قائلا: حاضر يا عمي.
بينما إبتسم صلاح قائلا: مرت عمك عملت كيف ما جالت قبل إكده وراحت لدار الحج إبراهيم وجابلت حسني.
بمجرد ذكر إسم حسني تعصب زاهر قائلا: وبالتوكيد البت دى أكدت كدب مرت ابوها ما أهما سابكين الحكايه سوا.
صمتت يسريه بمغزي في رأسها لا تود نفي إتهام زاهر ل حسني وتقول له أن حسني مثله نفت تلك الكذبه، وتبسمت على ثوران زاهر المصر على أخذ موقف سلبي من تلك الفتاه التي إستشفت منها أنها مازالت تحمل قلب طيب وبرئ.
تنهد صلاح قائلا: إهدي يا زاهر، دلوك لحد ما ترد مرت عمك وتجول عن حديتها وياها.
صمت زاهر بضجر ينظر نحو زوجة عمه التي قالت بهدوء: بصراحه أنا شوفت حسني بس مجدعتش وياها بس سألت عنيها في المنطقه والحديت اللى سمعته يأكد كلام مرت أبوها، ودلوك مفيش حل تاني جدامك يا زاهر، البنت سمعتها شبه إدمرت ومرت ابوها كان ناجص تبوس يدي وأنت الوحيد اللى جادر ترد سمعتها جدام الناس.
إنتفض زاهر ثائرا: جصدك أيه يا مرت عمي، إنت عاوزانى أتجوز من الكدابه الرغايه دي، ده شىء مستحيل يحصل.
تنهدت يسريه قائله: جولت مفيش حل غير إكده، إنت سيق وجولت إن الست دى كدابه وأنها بتدعي عليك بالكذب، ولما سألت في المنطقه أكدوا حديتها وأنهم شافوا شاب معها في الدار واهلها مكنوش في الدار، يعنى مش كدابه.
رد زاهر بضجر قائلا: ما أنا جولتلك إنه كان فخ يا مرت عمي أبوها بعتلى رساله عالموبايل ولما روحت للدار قابلت هبابه اللى إسمها حسني وكانت وحديها في الدار وعلى حديتنا جت مرت ابوها بالتوكيد كانت خطه منيهم سوا.
تنهدت يسريه قائله: حتى لو كانت خطه او فخ منيهم فأنت خلاص وقعت فيه وحرام سمعة الصبيه، ومش بس سمعتها كمان سمعة خواتها.
رد زاهر بغضب: وأنا مالى بسمعتها تغور في داهيه هي وخواتها.
يعنى عوازنى أتجوزها غصب عني يا مرت عمي، هو أنا بنته وخايفين على سمعتي.
رد صلاح: بطل عصبيتك دى يا زاهر والقصه مش إنك بنته وخايفين على سمعتك، وبعدين فيها أيه لما تتجوز، ولا إنت رايد عروسه معينه.
إرتبك زاهر قائلا: مش حكاية رايد عروسه معينه يا عمي، بس ده إستغلال وموافجتي عالجواز منيها يبجي بحقق لهم كدبهم.
شفقت يسريه على قلب زاهر التي تعلم أنه مولع بعشق مسك، مسك التي لا تراه ولن تراه أبدا، عليه التخلص من ذالك الوهم وبداية حياته مع أخري علها تخرجه من ذالك الظلام الذي يدفع بنفسه به.
مسك لن تنظر له أبدا حتى بعد زواج جاويد لن تعطي إهتمام لمشاعره، لإنها بالنهايه تراه ناقص بعينيها، ربما لو دخلت أخري لحياته مع الوقت يفيق من ذالك الوهم وتأخذ بيده نحو النور، وذالك ما جعلها لا تقول حقيقة مقابلتها مع حسني وأنها تقول مثله أن ما حدث فخ وقع الإثنين به، لكن ربما يكون هذا الفخ، نصبه القدر لنجاة الإثنين، أو هكذا تمنت.
تنهد زاهر قائلا بغضب: طيب تمام يا مرات عمي خليني عملت اللى كانت سيئه ومرات أبوها رسموه، آخرتها أيه، هتجوزها، طب ما ممكن بعد ما أتجوزها أسود عيشتها، ومش بعيد
أجتل...
توقف زاهر عن تكملة كلمة أجتلها، وهو يشعر بإنهاك في قلبه، وجرح مازال ينزف بآنين، شد على خصلات شعره يكز بقلبه ذالك الألم.
لكن شعر صلاح يآنين قلب زاهر وقال له: بس إنت مش زي صالح يا زاهر.
صحيح إنت إبنه بس إنت عندك نقطة ضوء بلاش تسلم نفسك للعتمه، وأنا مش شايف إن جوازك من حسنى أمر صعب عليك تتقبله، أوجات يا أبني ربنا بيحط جدامنا إختيار واحد بيختبرنا بيه، أنا بعد زيارة مرت عمك لاهل حسني، حاسس إن ربنا بيعطيك فرصه، البت يتيمة الأم ومكسورة الجناح ومش يمكن اللى لفقت التهمه دى مرت أبوها وهي إتغصبت تسكت.
تنهد زاهر مغصوبا يقول بإستسلام: رغم إنى متوكد إن البت دى شيطانه ومشاركه مع مرت أبوها في الفخ، بس أنا موافق أتجوزها يا عمي، بس عشان مجدرش أخالف لك أمر إنت ومرت عمي، لأنها غاليه عيندي كيف أمى الله يرحمها.
قال زاهر هذا وغادر الغرفه بعصبيه مفرطه، لو رأى حسني أمامه الآن لقطعها إربا.
بينما نظر صلاح نحو يسريه قائلا: أنا خايف يا يسريه نكون بنعيد الماضي.
ردت يسريه: لاه متخافيش أنا بعد مقابلتي ل حسنى متوكده إنها الوحيده اللى تقدر تطلع الوهم اللى في راس زاهر، و يعرف إن عشجه ل مسك وهم متعلق بيه، كل ما بتزيد في رفضها له هو بيتوهم أكتر هو محتاج لواحده زي حسني تستفزه وطلع الوهم اللى جواه ومع الوقت هيتحول الإستفزاز ده لعشق، تعرف أنا في البدايه كنت زيك بفكر أبرئ حسني جدامه وأجوله انها أنكرت حديت مرت أبوها، بس كان وجتها هيرفض يتجوزها، وهيفضل عايش في ضلام مستني يطلع له نور، ومسك عمرها ما هتحس بيه لأنها زيه متعلقه بوهم مش بس صفيه اللى زرعته في عقلها، هي كمان عايشه الوهم بإرادتها، مش وهطلع منه غير بإرادتها وأعتقد ده شئ صعب وكمان حتى لو طلعت من الوهم اللى رسماها من صغرها في خيالها مش هتفكر في زاهر نهائى، هتفكر في شخص يشبه شخصية جاويد، وزاهر أبعد شخص عن الشخصيه دي، يبقى لازمن يفوق من الوهم اللى بضيع عمره عليه، زاهر كان الفتره اللى فاتت كاره جاويد بسبب تفضيل مسك عليه، بس لما عرف إن جاويد معندوش أى مشاعر ل مسك فاق من ناحيته، وده اللى هيحصل مع الوجت مع حسني، زاهر محتاج اللى تجذبه ناحيتها غصب عنيه.
مساء.
شعرت سلوان بضجر من تضيع الوقت بين مشاهدة التلفاز وتصفح الهاتف، فكرت في الذهاب الى غرفة حفصه والتحدث معها لكن نفضت تلك الفكره عن رأسها، هي لا تشعر بالراحه إتجاه حفصه أو بالاصح شعور متبادل بينهم، ربما السبب به حفصه نفسها كثيرا ما تتجنبها أو تسخر منها، كذالك يسريه ذهبت مع محاسن لزيارة قريبه لهم مريضه، زفرت نفسها وألقت الهاتف وجهاز تحكم التلفاز، على الفراش وذهبت نحو شرفة الغرفه وقامت بفتحها وقفت قليلا رأت تلك الغيوم كذالك شعرت بالبرد قليلا، ضمت يديها حول كتفيها لكن لفت إنتباهها لمعة عين تلك القطه التي تقف بالحديقه، إبتسمت، وسرعان ما دخلت الى الغرفه وجذبت شال خفيف ووضعته فوق كتفيها وخرجت من غرفتها وتوجهت الى حديقة المنزل بنفس المكان التي كان يقف فيه القط، إستغربت في البدايه عدم وجوده قائله: أكيد مشي تانى، لكن فجأه رأت لمعة عينه يقف أسفل تلك الشجره توجهت نحوه مبتسمه، ظل واقف قليلا، الى أن إقتربت منه، كادت تنحني عليه لكن هو كاد يهبشها، لكن لم يصيبها بعد أن رجعت للخلف قائله: أنا عارفه إنك خايف مني، متخافش أقولك شكلك جعان إستني هروح أجيب لك أكل من جوه.
ظل القط واقفا كأنه فهمها، حتى عادت له بقطع طعام، لكن حين إقتربت منه، هرول بالجري نحو باب المنزل، إستغربت سلوان وسارت خلفه، لكن قبل أن تخرج من المنزل بمسافه قليله توقفت بسبب ضوء سيارة جاويد الذي ضرب بعينيها، ولوهله ظنت أنه ربما دهس القط أثناء دخوله...
توقف جاويد وترجل من السياره مستغربا يقول: سلوان رايحه فين بطبق الأكل اللى في إيدك ده.
إنحنت سلوان تنظر أسفل إطارات السياره تبحث بعينيها عن القط لم تراه، إستقامت ترد على جاويد: ده أكل كنت جيباه للقط، بس هو خاف وهرب.
إستغرب جاويد قائلا: وجايبه للقط أكل وهو جري منك أكيد قط أهبل.
ردت سلوان بتلقائيه منها: لاء هو قط أعور، بعين واحده، أنا شوفته هو ليه عين تقريبا مفقوعه، يعنى أعور، ويمكن ده سبب خوفه مني وجري، وإختفى تاني.
تنهد جاويد قائلا: تمام الجو هنا في الجنينه برد، خلينا ندخل.
إبتسمت سلوان قائله: هروح أحط الأكل ده تحت الشجره اللى كان واقف القط تحتها عشان لو رجع ياكله.
إبتسم جاويد وهاود سلوان الى أن عادت الى جواره وقبل أن يدخلا الى داخل المنزل، بنفس اللحظه سمع الإثنين صوت يشبه طرقعة تكسير الزجاج آتى من ناحية السياره.
بنفس الوقت
بالمشفى
دخلت إيلاف الى مكتب جواد بعد أن أذن لها بالدخول، إنشرح قلبه وتبسم لها بتلقائيه. ، ونظر لساعة يده
قائلا: .
المفروض ميعاد نبطشيك خلص.
ردت إيلاف: فعلا ميعاد نبطشيتي خلص، بس كان في حاله جت للمستشفى وإستدعت وجودي معاها لحد الحمد لله إنتظمت حالتها الصحيه، وكنت خلاص همشى بس كنت جايبه لحضرتك الملف الطبي ده، خاص بمريض كان بيتعالج هنا في الفتره اللى فاتت وخرج قبل ما أروح الأجازه، والنهارده دخل للمستشفى تاني وحالته إدهورت بشكل مفاجئ، انا كنت متابعه حالته من أول ما جه المره اللى فاتت كانت شبه مستقره وده كان تقريري وقتها بس النهارده لما جه للمستشفى حالته إدهورت جدا بشكل ملحوظ.
لم يستغرب جواد قائلا: عادي بتحصل، أوقات المريض ممكن يحصل له إنتكاسه مفاجأه.
ردت إيلاف: أنا عارفه بده، بس في شئ غريب لاحظته المريض ده كان بياخد أدويه غلط مش خاصه بعلاجه.
إستغرب جواد قائلا: إزاي.
ردت إيلاف: المريض ده كان عنده يروس في الكبد وكان بياخد علاج هو اللى خلى الميه تتحبس في جسمه وجابت له تضخم في الكليتين وتقريبا الكليتين فقدوا وظيفتهم بشكل مؤقت وده سبب تدهور حالته الطبيه وهو دلوقتي في أوضة العنايه المركزه.
إستغرب جواد ذالك قائلا: تمام أنا هتابع بنفسى الحاله دي وهسال أهل المريض.
إبتسمت إيلاف وجلست قليلا تتحدث عن بعض الامور الخاصه أيضا بالمشفى، ثم صمتت قليلا.
قبل أن تنحنح بحرج قائله: بصراحه كمان في أمر كنت محتاجه أخد رأيك فيه خاص بالدكتور ناصف.
إبتسم جواد قائلا: الدكتور ناصف!
واضح إن الأمر مهم جدا عندي فضول اعرفه.
إزدردت إيلاف ريقها قائله: بصراحه الدكتور ناصف كلمني من كام يوم إنه هيفتح مستشفى خاص بتكاليف علاج رمزيه، وكان طلب مني إني أشتغل معاه في المستشفى دي.
إستغرب جواد قائلا: بس إنت لسه دكتورة تكليف مش متمرسه، مش قصدى يعنى إنى أقلل من شأنك ك دكتوره، بس مدة التكليف معروف انها سنه وكمان ك خبره العمليه لسه في البدايه، وحسب ما قالى قبل كده إن عاوز يضم كفاءات في المستشفى، حتى طلب مني الإنضمام لهم، بس أنا رفضت.
إستغربت إيلاف بتسرع قائله: وليه رفضت طالما المستشفى تعتبر خيريه زى ما الدكتور ناصف قالى.
رد جواد: أنا رفضت أساسا بسبب الدكتور ناصف، هقولك ليه
لسببين.
السبب الاول عندي شك في نوايا ناصف، ناصف كان متعين هنا في المستشفى قبلي وكان هو الأقرب أنه يكون المدير بعد ما المدير السابق طلع معاش، ولما أشتغل معاه في مستشفى خاصه هو صاحبها أو حتى شريك فيها هيديه إحساس بأنه أفضل مني مهنيا ووقتها يستغل النقطه دي بأنه يتكبر عليا.
ثانيا هيستغل شغلى معاه في المستشفى ويتحجج بأنه مشغول وأنا لازم أعذره وأفوت أوقات غيابه عن ممارسة العمل هنا في المستشفى وبصفته هو صاحب المستشفى أنا لازم وقتها أتحمل أفوت له وده مش هيحصل طبعا...
كمان في سبب تالت إسمح لى أحتفظ بيه لنفسي.
إبتسمت إيلاف قائله: تمام، بشكرك بتوضيحك ليا خليت سهل عليا أخد القرار.