رواية ذئاب لا تعرف الحب الجزء الثالث تأليف منال سالم الفصل التاسع والعشرون
( وانحنت لأجلها الذئاب )
في منزل أوس الجديد
عاد أوس إلى منزله مرهقاً بعد أن قضى معظم الليل في تصفية بعض الحسابات العالقة مع من تجرأ على زوجته، واتهمها في عرضها، وأطلق الشائعات عنها ...
شعر بإرتياح مؤقت .. ومع هذا مازال أمامه الكثير ..
نزع سترته عنه، وفرك وجهه براحته، وسار في إتجاه الصالة ..
إنتبه هو إلى صوت التلفاز الخافت .. فحدق في شاشته، فوجده يعرض فيلماً كرتونياً، فقطب جبينه مندهشاً ..
وألقى بالسترة على طرف الأريكة ..
أدار رأسه في اتجاه تقى فوجدها نائمة بعمق ..
ابتسم لها بنعومة .. ودار حول الأريكة ليجلس إلى جوارها ..
نظر إلى الصحن شبه الفارغ والمليء بالفشار المسنود إلى جوارها، وتسائل بفضول:
-هما كانوا بيعملوا ايه بالظبط ؟
أبعد أوس الصحن، ووضعه على الطاولة المنخفضة، ثم أخذ نفساً عميقاً، وإستند برأسه على الأريكة ليتطلع إلى تقى بقرب شديد ..
شعر بأنفاسها المنتظمة تلفح وجهه، فزاد شوقه ورغبته إليها .. وهمس لها بشغف:
-وحشتيني أوي! النهاردة أنا خدت حقك من اللي آذاكي، وزي ما وعدتك مافيش حاجة هتضايقك بعد كده!
أخفض عينيه للأسفل فوجدها قابضة على ذلك الحذاء الصغير، فإلتوى ثغره بإبتسامة راضية.. ثم بحذر شديد رفع كفها إلى فمه، وقبله بإشتياق، وأضاف بصوت هامس للغاية:
-وقريب أوي هانرجع طبيعيين، ومافيش حاجة هتمنعنا من .. من حضن بعض!
مرر أوس أصابع كفه الأخر في فروة رأسه، وتطلع بنظرات شغوفة إلى تعابير وجهها المرتخية ..
ظل على تلك الوضعية لفترة .. ثم تمطع بعنقه للجانبين، وزفر بتعب وهو يتلفت حوله بريبة ..
حدث نفسه بتوتر وهو يزم فمه:
-الوقتي ليان هنا، ولو في أي وقت صحيت من النوم وشافتنا واحنا كده ممكن تفكر إن في مشاكل بينا، وهي أصلاً متعرفش حاجة عن اللي عملته مع تقى!
فرك طرف ذقنه بحيرة، وتابع حديث نفسه بجدية:
-مش قدامي غير إني أخد تقى على أوضتنا، وأحاول بدري أرجعها تاني هنا!
وبالفعل ضم أوس كفي تقى إلى صدرها، ثم مرر ذراعيه أسفل جسدها، وقام بحملها بحرص شديد من على الأريكة، وسار ببطء نحو غرفة نومهما .. ثم ولج للداخل، وأسندها على الفراش، ودثرها جيداً ..
بدل أوس ثيابه، وعاد للتمدد إلى جوار تقى، وبخفة لف ذراعه حول كتفيها، وحرك رأسها قليلاً لتنام على صدره فتستمع إلى دقات قلبه وهي تنبض بإسمها ...
حركت هي رسغها لا إرادياً، وأسندته على صدر أوس، فنظر لها مدهوشاً، وتنهد بحرارة ثم أغمض عينيه وعلى وجهه إبتسامة عابثة ..
في صباح اليوم التالي
تململت تقى وهي شبه غافية على جسد أوس، و تأوهت بصوت خافت .. ثم بتثاقل جاهدت لتفتح عينيها الناعستين ..
شعرت بنعومة غريبة أسفل منها، وبأن الأريكة التي إعتادت أن تكون شبه صلبة باتت مريحة للغاية ..
استغرقها الأمر بضعة للحظات لتدرك أنها ليست نائمة في الصالة ..
فتحت عينيها مصدومة، وشهقت بذهول وهي ترفع رأسها للأعلى ..
نظرت حولها بخوف، وصاحت بذعر جلي وهي تهب من على الفراش:
-أنا ايه اللي جابني هنا ؟ ازاي جيت على السرير!
انتفض أوس مذعوراً من نومته على إثر صوتها، ونظر لها بإستغراب، بينما ضمت هي كفيها إلى صدرها، وبدت مرتجفة وهي تطالع الفراش بنظرات زائغة ...
تثاءب أوس بهدوء، وفرك عينيه، ثم أردف قائلاً بنبرة شبه ناعسة:
-انتي اللي طلبتي تيجي هنا.
فغرت شفتيها مصدومة، واتسعت عينيها بإندهاش واضح .. وهزت رأسها نافية وهي تقول:
-محصلش، أنا مش فاكرة حاجة!
تابع هو بثقة وهو يعاود التمدد على الفراش:
-انا رجعت بالليل لاقيتلك بتقوليلي بردانة وعاوزة تنامي هنا
صاحت مصدومة وهي ترمش بعينيها:
-أنا ؟!
هز رأسه قليلاً، وأجابها بصوت ثقيل بعد أن أغمض عينيه:
-أيوه، بصراحة أنا استغربت من طلبك ده، بس إنتي صممتي تيجي هنا!
حركت رأسها نافية، وهتفت بإستنكار:
-مش ممكن، أنا استحالة أطلب كده!
تصنع التثاؤب وهو يكمل:
-مش عارف، بس يمكن تكوني بتمشي وانتي نايمة
هتفت بعدم تصديق:
-أنا ؟
رد بصوت خافت:
-جايز .. الحاجات دي بتحصل! ودي مش أول مرة، إنتي عملتيها قبل كده!
-هاه
أولته ظهرها، وحكت جبينها وهي تتسائل بعدم تصديق:
-أنا بأمشي وأنا نايمة ؟ طب .. طب ازاي ؟!
جاهد أوس ليخفي إبتسامته المتسلية من على ثغره بعد أن إنطلت عليها خدعته، ودفن وجهه في الوسادة .. بينما ظلت تقى على حالتها المصدومة محاولة إستيعاب فكرة كونها تسير وهي غافية ...
لكنها أيقنت شيئاً هاماً مما حدث، أنها لم تعد تعاني من تلك الرهبة الجلية من ذلك الفراش مثلما كان يحدث مسبقاً ..
هي تحتفظ ببوادر من الخوف، ولكنه لا يقارن بفزعها السابق منه ..
في المشفى الحكومي
وصل عبد الحق إلى المشفى الحكومي الذي أخذ زوجته بطة إليه قبل سابق، ثم سار في إتجاه غرفة مكتب الطبيبة التي تحدث معها عن حالتها، وطلب من الممرضة مقابلتها، فحددت له ميعاد بعد عدة كشوف نسائية ..
انتظر دوره حتى سمحت له الممرضة بالدخول ..
أشارت له الطبيبة بالجلوس، ففعل هذا .. ثم أردفت قائلة بجدية:
-مراتك انسانة طيبة، ونيتها صافية، واحدة غيرها كانت أصرت انها تعمل محضر، وتوديك في داهية، دي جناية!
ابتلع ريقه، ونظر لها وهو يتابع بتلهف:
-ما هو .. عشان كده انا عاوز .. آآ.. اعوضها عن اللي حصل!
هزت رأسها بخفوت وهي تصغي إليه بإهتمام:
-اها
فرك عبد الحق فكه، وأكمل قائلاً بإستفهام:
-انتي كنتي قولتي ان في أمل انها تخلف، صح ولا .. ولا أنا فهمت غلط ؟
أجابته بثقة وهي شابكة لكفيها:
-ده حقيقي، هو مش أكيد بس الأمل موجود!
سألها بإستفسار:
-ازاي ؟
ردت عليه بنبرة هادئة:
-عن طريق الحقن المجهري، هو مكلف لكن ممكن يجيب نتيجة فعالة
ضرب بيده على سطح مكتبها وهو يصيح بتلهف:
-ماشي، أنا عاوز ده، اعمليه!
نظرت له بإستغراب، وتابعت بصوت جاد:
-الموضوع مش بالشكل ده، هو محتاج فحوصات للزوجين والتأكد من آآ...
قاطعه بنبرة متحمسة رغم ارتفاعها:
-أنا يا ضاكتورة مش بأفهم اللي بتقوليه، بس أنا مستعد أدفع كل اللي ورثته عشان مراتي تخلف وترجع زي الأول
ابتسمت له مجاملة وهي تقول:
-ربنا يسهل، أنا هاشرحلك المطلوب، وانت اعمل ده
في منزل أوس الجديد
أصاب تقى الغثيان الشديد بعد تناولها لوجبة الإفطار، وتقيأت معظمه .. فأعدت لها عفاف مشروباً ساخناً لتهديء به معدتها ..
خرج أوس من غرفة النوم وعلى ثغره ابتسامة صافية، ونظر إلى زوجته متعجباً من حالة الوهن المسيطرة عليها، فأسرع نحوها، وسألها بقلق:
-مالك ؟
ثم جلس إلى جوارها .. وتناول كفها بين راحتيه، ورمقها بنظرات قلقة للغاية ..
أجابته بفتور وهي خافضة لرأسها:
-أنا كويسة!
استطردت عفاف قائلة:
-اطمن يا باشا، ده العادي في الحمل
هتف أوس بنبرة جادة وهو محدق بها:
-لو تعبانة اخدك عند الدكتورة بارسينيا
هزت رأسها نافية وهي تقول:
-لأ .. أنا هابقى احسن
أضافت عفاف بهدوء:
-أنا معاها يا باشا، لو في حاجة هابلغك على طول.
أومأ برأسه قليلاً، ثم داعب أصابع تقى، ورسم على ثغره ابتسامة ناعمة وهو يردد بحنو:
-طب يا حبيبتي، أنا عاملك مفاجأة
إنعقد ما بين حاجبيها في استغراب، وسألته بإيجاز:
-ايه ؟
زادت ابتسامته إشراقاً وهو يجيبها:
-ايه رأيك لو قضيتي اليوم النهاردة عند أهلك
اتسعت مقلتيها بإندهاش، وهتف بعدم تصديق:
-انت .. انت بتكلم جد؟
هز رأسه إيجاباً وهو يتابع بهدوء:
-ايوه، وليان هتروح معاكي
هتفت بتلهف، وقد بدى الحماس واضحاً على تعابير وجهها:
-يعني .. يعني هاشوف بابا وماما وآآ..
قاطعها بصوت رخيم:
-ايوه
بدت الفرحة جلية في عينيها، وتنهدت بسعادة، وعفوياً أحتضنته ممتنة .. ثم تداركت سريعاً ما فعلته، فتوردت وجنتيها خجلاً منه .. وتراجعت مبتعدة للخلف ..
فإلتوى ثغره بشبح إبتسامة متحمسة، ولكنه لم يردْ إظهارها أمامها .. وتنحنح بصوت خشن ليضيف:
-جهزي نفسك، وأنا هاوصلك قبل ما هاروح شغلي
-ماشي
قالتها تقى وهي تنهض من على الأريكة، وتسير على استحياء في اتجاه غرفة النوم ..
راقبتهما عفاف بنظرات حانية، وتمتمت مع نفسها برجاء:
-ربنا يهدي سركم، ويكرمك يا رب!
نهض أوس هو الأخر من مكانه، واستطرد قائلاً بجدية:
-شوفي ليان صحت ولا لأ، وخليها هي كمان تجهز، هاتروح مع تقى
أومأت برأسها بخفة وهي تجيبه بإيجاز:
-حاضر
في منزل تقى عوض الله
ولجت تهاني إلى داخل المرحاض لتغتسل، بينما شرعت فردوس في ترتيب الصالة الخارجية، وتلميع أثاثها القديم قبل أن تتجه للمطبخ لإعداد الإفطار ..
استمعت هي إلى صوت دقات ثابتة على باب المنزل، فسارت نحوه، ثم فتحته، وشهقت مصدومة حينما رأت مهاب أمامها ..
وضعت يدها على ثغرها، وإندفعت خارج المنزل، وواربت الباب خلفها، وهتفت بهمس وهي جاحظة العينين:
-ايه اللي جابك هنا ؟
رد عليه بنبرة شرسة وهو يحدجها بنظرات قاتلة:
-جاي أفكرك بالاتفاق اللي بينا
ارتعدت من رؤيته، وهمست بتلعثم:
-م... ما أنا قولتلك هانفذه
سألها بجمود:
-امتى ؟
رد بإيجاز وهي تتلفت حولها برعب:
-قريب
أشار لها بإصبعها وهو يحذرها يصوت قاتم:
-معاكي لأخر الاسبوع وإلا آآ...!
قاطعته بتوتر جلي:
-من غير ما تكمل، أنا هاتصرف
تابع مهاب قائلاً بنبرة شبه مهددة
-اوكي .. بس خليكي فاكرة إني نفذت اللي يخصني! ولو خالفتي اتفاقك، فإنتي الجانية على نفسك وعلى بنتك!
هزت رأسها بفزع وهي تهتف بخفوت:
-حاضر يا بيه، أنا هاتصرف، يالا الله يكرمك من هنا قبل ما حد يشوفك وتحصل مشكلة
مط فمه ليضيف بإيجاز:
-تمام ..
راقبته فردوس وهو يوليها ظهره ليتجه نحو الدرج، فولجت داخل منزلها، وتنفست الصعداء بعد رحيله، ثم أوصدت الباب بهدوء، وأخذت نفساً عميقاً لتسيطر على حالة التوتر الرهيبة التي إجتاحتها ...
-انتي كنتي بتكلمي مين ؟
سألتها تهاني بإستغراب وهي تجفف يدها بالمنشفة القطنية
إستدارت فردوس فجأة للخلف، وبدى على وجهها وكأنها قد رأت شبحاً للتو ..
رمقتها بنظرات شبه زائغة، وعجزت للحظة عن الإجابة عن سؤالها ..
اقتربت منها تهاني وسألتها بإندهاش:
-هو في حد كان على الباب ولا انتي كنتي بتطلعي الزبالة!
ازدردت فردوس ريقها، وعبست بوجهها بزيف، وهتفت بتذمر:
-في ايه يا تهاني ؟ هو انتي بتراقبيني ولا ايه ؟ أيوه كنت بأشوف بتاع الزبالة جه ولا لأ!
ضاقت عيني تهاني، وتشدق قائلة:
-طيب الموضوع مش مستاهل العصبية دي كلها!
أسرعت فردوس في خطواتها نحو المطبخ حتى تضمن عدم ملاحظة أختها لحالة الإرتباك البادية عليها .. بينما عادت أختها للغرفة الخاصة بها لترتبها ..
في سيارة أوس الجندي
جلست ليان في منتصف المقعد الخلفي بين أوس وتقى، ومالت بجسدها ناحية الأخيرة وسألتها بحماس:
-انتي شوفتي البيبي في السونار ؟
فركت تقى أصابع كفيها، وتلعثمت وهي تجيبها بخجل:
-هه .. آآ.. لأ
عاوت النظر إلى شقيقها، وهتفت بنبرة شبه ساخرة:
-و Sure ( طبعاً ) إنت لأ يا أوس.
أجابها بإستغراب يكسو قسماته:
-تصدقي أنا.. أنا مفكرتش أشوفه
أشارت ليان بكفيها، وهتفت بحماس:
-يبقى لازم الزيارة الجاية كلنا نشوف البيبي سوا
هزت أوس رأسه قائلاً بجدية:
-تمام
أشاحت تقى بوجهها لتنظر عبر النافذة الملاصقة لها ويديها موضوعة على بطنها تتحسسه بحذر، وشبح إبتسامة مطمئنة تلوح على ثغرها ...
في منزل الجارة أم بطة
أفرغت أم بطة الشاي الساخن في الأكواب الزجاجية المتراصة على الصينية، ثم حملتها إلى خارج المطبخ، وهتفت بصوت مرتفع:
-تعالي يا بطة اشربي الشاي قبل ما يبرد
أتاها صوتها من الداخل قائلاً:
-حاضر يامه!
انتبهت أم بطة إلى صوت قرع الجرس، فإلتقطت الحجاب المسنود على المقعد، ولفته حول رأسها، وسارت نحو الباب وهي تصيح:
-ايوه يا اللي بتخبط، أنا جاية أهوو
فتحت الباب لتجد عبد الحق يقف منكساً لرأسه أمامها، فنظرت له مندهشة، وهتفت مصدومة:
-عبده!
رفع رأسه تدريجياً للأعلى، واستطرد قائلاً بنبرة حزينة:
-ازيك يا حماتي ؟
لوت فمها بإمتعاض وهي تجيبه:
-كويسة!
ثم لوحت بذراعها وهي تضيف بتهكم:
-متأخذنيش، معرفتش أجي أعزي في أمك، كفاية النصيبة اللي عندي
ضغط على شفتيه وهو يتنهد بخفوت:
-معلش ..!
ثم إشرأب بعنقه للأعلى، وتسائل بحذر:
-هي .. هي بطة موجودة ؟
ردت عليه والدتها بصوت شبه محتد وهي ترفع حاجبها مستنكرة:
-عاوز ايه منها يا عبده ؟ مش كفاية اللي حصلها على ايدك انت وأمك! جاي تكمل على بقيتها ؟!
ضرب على صدره بكفه، وأجابها بأسف وقد لمعت عينيه بشدة:
-حقكم عليا، وأنا جاي النهاردة أصلح اللي عملته
لوت ثغرها لتقول متهكمة:
-هو اللي راح بيرجع!
هتف متوسلاً وهو يشير بيده:
-أدوني بس فرصة
-مين يامه اللي واقفة ترغي معاه ؟
تسائلت بطة من الداخل وهي تلوك لقمة من الخبز في فمها
تحول وجهها سريعاً للقتامة، وأظلمت عينيها بشدة حينما رأته أمامها .. فقد لاحت ذكرى واقعة تدمير أنوثتها نصب عينيها ..
توقفت عن إبتلاع الطعام، وضغطت على شفتيها بقسوة، وهتفت بصوت مختنق:
-اقفلي يامه الباب، العالم دي ماتستهلش حد يعبرها.
نهرتها والدتها بصوت شبه منخفض:
-عيب يا بت، الراجل جاي لحد عندنا، نقوم نقفل الباب في وشه ونطرده، ده حتى مايصحش!
صاحت بصوت محتد، وقد تحولت نظراتها للشراسة:
-اييييه يامه، نسيتي عمل فيا ايه هو وأمه!
صمتت للحظة قبل أن تتابع بنبرة متشفية:
-وأهوو ربنا انتقملي منها.
هتف عبد الحق مستعطفاً إياها:
-اسمعيني يابطة، أنا جاي عشان أعوضك عن اللي هي عملته فيكي، صدقيني أنا ماليش ذنب، اضحك عليا منها
لوحت بذراعها وهي تصرخ بإهتياج:
-هتعوضني ازاي وانت .. وانتو حرمتوني من أغلى حاجة في الدنيا، حرمتوني أكون أم وآآ...
قاطعها بصوت شبه مختنق وهي ينظر لها بتوسل:
-لألألأ .. في أمل، الضاكتورة قالتلي كده
ضاقت عينيها الحادتين، ورددت مندهشة:
-ضاكتورة!
هز رأسه إيجاباً وهو يقول:
-أيوه، أنا روحت عندها وقالتلي في عملية كده بتتعمل بتخلي المرة تحبل
تسائلت أم بطة بفضول وهي تضع اصبعيها على طرف ذقنها:
-عملية ايه دي ؟
أجابها بصوت جاد:
-أنا مش فاكر اسمها!
ثم استدار برأسه ناحية زوجته، وتابع بنبرة متفائلة:
-بس .. بس انتي هاتعمليها يابطة وهتحبلي
تقوس فمها لتقول بإزدراء:
-هه، وهي العمليات دي بتتعمل ببلاش ؟!
رد عليها بجدية:
-لأ بفلوس، وأني هادفع كل ما أملك فيها إن شاء الله أبيع آآ...
قاطعته بتهكم ساخر:
-هو من امتى الحداية بتحدف كتاكيت، ولا انت ورثت وأنا معرفش ؟!
أجابها بثقة:
-أيوه، ربك مخلف معوض!
حكت أم بطة رأسها وهي تتسائل بحيرة:
-أنا مش فاهمة حاجة يا عبده!
وزع نظراته ما بين الإثنتين وهو يجيبهما بهدوء:
-أنا هفهمكم...!