رواية خيوط الغرام للكاتبة دينا ابراهيم الفصل السادس والعشرون والأخير
هزت رأسها برفض و عناد و هي تفكك ازرار قميصه قائله...
-لا ماليش دعوة خلصه بكره في الشغل و بعدين انت كنت بتحلف ان عندك شركتين و لا بتكذب عليا!
انهت جملتها وهي تخرج القميص من ذراعيه...
ضحك قائلا...
-انا مش عارف انتي ليه مش مصدقه اني عندي اكتر من شركه، اجبلك العقود؟
هزت اكتافها بلامبالاة وهي تقرب قميصه من انفها تحتضنه و تستنشق عطره بعفويه...
ظهرت ابتسامه حب في عينيه وهو يتابعها سعيد بانها متيمه به كجنونه بها!
قرص انفها بمداعبه قائلا...
-طيب روحي اقعدي هناك عشر دقايق بالظبط و هقفل اللاب و اجيلك تمام!
تنهدت بقلة حيله لتهز رأسها بالموافقة...
قفزت من عليه و كادت تضع قميصه جانبا قبل ان يرتفع حاجبها بمشاكسه قائلة...
-انا هستناك قدامك وهعد الثواني و اهو علي الاقل معايا حاجه من ريحتك تواسيني!
دوت ضحكته ارجاء الغرفة وهو يراها ترتدي قميصها فيصل لمنتصف فخدها و يخفي ردائها الاساسي ان كان من الممكن اطلاق لقب رداء عليه!
(الله يرحم الكلسووون يا بنت الدايخة )
اردف بتعجب...
-حاجه من ريحتي هو انا مسافر، انا قاعد قدامك!
-يا اخي سيبني اعيش الدور كلهم بيعملوا كده في الافلام!
قالتها بابتسامه طفوليه قبل ان يصل لهم جرس الباب!
رفع حاجبه بتعجب من مقاطعه الجرس لهم بشكل مستمر ليردف قائلا...
-انتي مستنيه حد ولا دي عادة القدر؟
-لا طبعا، يمكن ظافر ولا يزيد؟
-ممكن متطلعيش طيب لحد ما اجي!
هزت رأسها و خرج مروان ليفتح الباب، جلست هي تنتظر فسمعت اصوات انثوية هادئة...
عقدت حاجبيها بريبه تري من يأتي اليهم؟
اذا كانت فتاة يعرفها و له ماض معها فالله وحده سينجيهم من يدها لأنها ستخرج لتقتلع عينيها و تلتهم قلبه هو الاخر!
مرت دقائق قبل ان تفتح الباب ببطء لتحاول استراق السمع و اختلاس بضع نظرات...
تذكرت شقيقته علي الفور لتستنتج بديهيا ان السيدة الأخرى هي والدته، امالت شفتيها يسارا و يمينا بحسرة علي خيبه الرجا!
المفترض انها كبيرة السن ولكن ما تفعله بنفسها تجعل المرء يظن انها بالعشرينات بل اصغر منها شخصيا...
اغلقت الباب بصدمه واعين متسعه! لما قد يأتون بلا موعد، نظرت بهلع الي هيئتها و ضربت علي وجنتها بخضه متمتمه!
-يالهوي يالهوي!
اندفعت للأمام عندما فتح مروان الباب فدفعها به، نظر لها بهدوء يحسد عليه قائلا...
-دي ماما و اختي!
لاحظ اصفرار و جهها و نظره الرعب في عينيها فاقترب منها بهدوء قائلا...
-انتي قلقانه ليه مفيش داعي للخوف ده!
قالها وهو يربت علي وجنتها و راسها و كأنها طفله صغيرة، اخذت نفس عميق و هي تشير الي ملابسها قائله...
-هطلع ازاي دلوقتي!
نظر لها مروان بتفكير و لكنه انتهي سريعا وهو يري شقيقته تفتح الباب و تحملق بهما او بالأحرى بمنار واخذت تتفحصها بحاجب منمق مرفوع من اسفلها الي اعلاها...
عديمة الذوق! فكرت منار بغيظ وهي تراها تحكم عليها بعينيها، فتنحنحت تعيد نصائح الفتيات لها لتردف بثقه مهزوزة قليلا وهي تمسك يديه...
-اهلا بيكي نورتينا!
لوت شقيقته جانبي وجهها بتهكم وتعجب وهي ترفع حاجبيها في ذات الوقت و كأنها تستخف بجملتها فهي في بيت شقيقها لتردف قائلة...
-اكيد!
شد مروان علي يدها وهو يتخطى شقيقته المزعجة و يجرها الي الخارج حيث والدته لتقوم هي الأخرى بمعاينتها...
اشتعل غضبة وكاد يوبخهم، ولكنها شدت علي يده بابتسامه خفيفة تهدئه...
قررت منار لعب اللامبالاة والصمت في كل جملة و سؤال تستشعر منه بسخريتهم...
لتقرر في النهاية ان تستلقي برأسها علي كتف زوجها فأردفت والدته بغيظ من بين اسنانها...
-واضح اننا مش مرحب بينا يا داليا!
اشارت لابنتها فوقف مروان قائلا بغضب...
-استنوا! منار ادخلي انتي جوا!
و كأنها كانت تنتظر ذلك فهرعت للداخل و اغلقت الباب تتنفس براحه...
وضعت اذنها علي الباب واتسعت ابتسامتها بشماته وهي تسمعه يعطيهم درسا في الاخلاق و المعاملة و زاد حبه في قلبها عندما سمعته يغلق اي انتقادات نحوها نهائيا مقررا انها زوجته سواء اعجبتهم ام لا!
انتهي الفلاش باك...
ضحكت الفتاتان بعنف و ذهول لتردف شروق...
-انتي مش طبيعيه!
-يختي بقي انا عن نفسي منطقتش كنت مؤدبه هما اللي فضلوا يجيبوني من تحت لفوق!
-ده انتي قادرة يا بت يا منار..
اردفت شروق بتعجب لتجيبها منار بضحكه...
-يالا هما اللي جبوه لنفسهم فضلت تتعايق عليا هي و بنتها من تحت لتحت لحد ما قام خرب عليهم!
(يلا مش خسارة في طيبه قلبهم )
-ده انتي سوووسه ربنا يعينك يا مروان!
اردفت سلمي الضاحكة ليسمعوا باب الشقة و الصغار يصرخون بحماسه...
-بابي بابي تيتا عندنا!
نظر ظافر الي يوسف بحاجب مرفوع قائلا..
-تيتا مين ياض!
انتفضت الفتاتان لتردف سلمي اولا...
-احنا نسينا الرجاله خالص قومي يابت يا منار ده احنا هنتنفخ!
ضحكت شروق وهي تتراقص في طريقها للخارج لأنها الوحيدة التي في بيتها و ذهبت له بابتسامه و غمزة منبهه قائله ردا علي جملته السابقة منذ قليل ليوسف...
-تيتا ماما يا حبيبي!
-طيب نستأذن احنا بقي ونسيبكم!
اردفت سلمي بابتسامه ليردف ظافر بابتسامه مهذبه...
-ازيك يا سلمي و انتي يا منار!
-الحمدلله...
اردفت منار وسلمي قبل ان يستأذنا للحاق بأزواجهم...
ودعهم ظافر وهو يوزع قبلاته علي الصغار و توجه نحو شروق يقبل وجنتها بحب قائلا...
-تيتا ماما يا حبيبي ده صنف جديد في السوق!
ضربته شروق بخفه قائله..
-اتلم!
-طيب يلا نسلم علي تيتا اللي لحست دماغ العيال، واتفقي معاها طالما اخوكي سافر تيجي عندنا علي قد ماتقدر!
ضحكت شروق بسعادة قائله...
-قولها انت عشان تفرح ونبي!
ابتسم علي سخافتها قائلا...
-تفرح ايه يا شروق هو انا هطلعها الحج!
-بطل يا ظافر مترخمش عليا!
دلف الاثنان لوالدتها فرحب بها بحراره وهو يردف...
-وانا اقول البيت منور و العيال مزقططه ليه، منورة يا امي!
-الله يكرم اصلك يا حبيبي!
قالت بسعادة وهي تنظر اليه ثم الي ابنتها و كأنها تسعد قلبها بوجود الوئام والمحبة بينهم...
-انا لسه بقول لشروق مينفعش ماما تعلق العيال بيها و تخلي بيهم دول كل يوم بيعيطوا عايزينك...
ضحكت والدتها قائله...
-يابني ده انا كل يوم والتاني هنا!
-مش مهم تعالي كل يوم...
قالها وهو يربت علي يد شروق المتعلقة بذراعه بسعادة، يرضيها بعينيه...
في المساء...
-الو يا مروان!
-هاشم بيلم فلوسه وهيهرب برا البلد هو ومني!
-اشمعني!
-منصور قفشهم و انت سيد العارفين هما لعبوا مع مين ومش هيسيبهم!
-وانت عرفت منين!
-من جوا شركته خلاص بيصفي كله وهيهرب!
هز ظافر رأسه بأسي ليردف بقهر...
-ده لو لحقوا اصلا!
-انت متضايق ليه كل واحد بياخد نصيبه يمكن ربنا عايز يشيل عنك هم انها تتخبل وتعمل حاجه او تنتقم بعد كده!
-انا متضايق علي عيالي يا مروان تتحرق هي الف مره!
-عيالك عندهم اللي احن منها! عيش يا ظافر وانسي، هما اطفال مش فاكرين اساسا و هيشكروك بعدين!
اغلق الاثنان الهاتف بعد محادثه خفيفة بينهم و مروان يخبره بموعدهم للسفر وان يتفق مع والده شروق للاعتناء بالأطفال..
اتجه ظافر يستلقي بجوار يوسف علي فراشه يداعب يحيي ويضحك وهو يستمع الي غوغاءه المبهمة فاردف يوسف المستلقي بجانبه يحاول تقليد افعال والده قائلا...
-هو بيقول ايه يا بابي!
ضحكت شروق وهي تهندم بعض الاغراض جوارهم قائلة...
-بيقول عايز اكبر عشان العب مع يويو!
اتسع فم يوسف بأعجاب فضحك والده علي خدعتها واردف...
-وانتي المترجم الخاص بيه؟!
-ايوة طبعا مش ابني!
قالتها بثقه ليهز رأسه وهو يتابع صدمه ابنه قائلا بتأكيد...
-هو مش بيتكلم اصلا يا حبيبي هو لسه صغير!
مط يوسف شفتيه بخيبة امل لتهتف شروق بتحذير موبخ...
-ظافر! متقولش كده! لا طبعا يا يوسف يا حبيبي ده بيتكلم و بيقول عايزك بس بلغه البيبيهات الخاصة!
خبط ظافر رأسه بقله حيله ليردف...
-روح نام يا يوسف انا هلاقيها منها ولا من الكرتون، ادخل نام يا حبيبي جنب اختك عشان متخافش!
اتجهت شروق تقبل يوسف و تدغدغه وهي تخبره بان ينام و يحلم بسعادة، تابعته وهو يتجه مع ظافر الي غرفته واتجهت تلاعب يحيي قليلا بابتسامه واسعه...
نظرت الي عينيه الصغيرة و تنهدت بأمل، لن يكون يتيما سيكون سعيدا وسط عائله تحبه للغاية...
شعرت بذراعيه قبل ان تراه وهو يحتضنها و يستلقي بجوارها ليردف...
-هيطلع نسخه من ابوة!
-زي ما يوسف نسخه منك!
ابتسم بفخر ليضحك قائلا...
-كده يبقي انا اطمنت ان ظافر و يحيي هيعيدوا نفسهم تاني!
نظرت له بحب وهي تميل تضربه بكتفها علي كتفه قائله...
-انا مبسوطة انك مبسوط، اليومين اللي فاتوا كنت مرهق اوي!
وضع جانب رأسه بجانب رأسها لينظرا مره اخري الي يحيي الذي يقبع تحت رؤوسهم علي الفراش فيردف...
-انا من دلوقتي مش هبقي غير مبسوط طول ما انتوا معايا و حوليه...
نظرت له بتساؤل فروي لها بهدوء وتأني مهمته السرية مع مروان و يزيد للتخلص من زوجته السابقة الي الابد...
شعر بتحول مزاجها الي الحزن والضيق و قال بتعجب...
-انتي مش مبسوطة ولا ايه؟
مررت اصابعها علي وجنتي يحيي وهي تردف بخفوت...
-لا فرحانه طبعا..
-مش باين!
ادارت رأسها تنظر له بشكل مباشر لتردف قائلة...
-كنت احب اني اكون ثقه و تحكيلي كل حاجة!
مال يقبلها بعبثيه قبل ان يردف..
-و عشان انتي ثقه مكنش ينفع تعرفي عشان موضوع سلمي و يزيد انتي مكنتيش هتقدري تمسكي نفسك وهي حزينه كنتي هتقوللها كل حاجه!
هزت رأسها بعد تفكير بموافقه لتردف بإصرار وهي ترفع اصبعها...
-بس اخر مرة، بعد كده من حقي اعرف عنك كل حاجه مفهوم يا استاذ!
قبل اصبعها بمشاكسه ليردف...
-يا خطر انت يا خطر، بقولك ايه يحيي عايز ينام!
ضحكت بخفوت قائله...
-لا مش عايز صح يا يحيي، مش انت عايز تقعد مع مامي! اهوه عايزني!
-لا انت عايز تنام يا يحيي انت ايش عرفك، انا بقولك انت عايز تنام!
انفجر الاثنان في ضحكات مطولة علي سخافتهم، ليطلق الصغير بكاءه معلنا عن رغبته في النوم...
اتسعت ابتسامه ظافر وهو يدفعها بكتفه بخفه قائلا...
-مش قولتلك عايز ينام...
غمز لها لتهز رأسها بسعادة فمن كان يتصور ان ذلك الرجل العابس في بداية معرفتها به سيكون بمثل هذا المرح و الانطلاق فيما بينهما!
في الشقة المقابلة...
كانت تجلس سلمي علي الأريكة تشاهد التلفاز عندما اتاها اتصال تعجبت وهي تري اسم طبيبتها واسرعت في الرد...
-الو يا دكتورة ازي حضرتك...
صمتت تستمع لها لتردف بنصف ابتسامه اسي...
- ابدا انا خلاص رضيت بالواقع قلت علي ايه البهدله اقعد في بيتنا بقي وبلاش دكاترة اصلا بعد التحاليل دي!
صمتت وانعقد حاجبيها بتركيز لتردف...
-مش فاهمه ازاي يعني؟ هو مش حرام؟
القت سلمي ما بيدها بغيظ واردفت من بين اسنانها وقد اضطربت كل مشاعرها قائله...
-حرام عليكي مقولتليش ليه من ساعتها ان في عمليه اقدر احمل بيها!مسدودة ولا مش مسدودة مانا اتبهدلت اربع سنين جربت كل الادويه و مفيش فايدة!
صمتت قليلا واصابعها ترتعش تحاول تمالك تنفسها و اعصابها لتردف بخفوت...
-انا اسفه انتي مالكيش ذنب بس انا مش عايزة ادي نفسي امل عشان افشل! لا انا قلبي مش هيستحمل انا هاجي لحضرتك من النجمه تفهميني و لو في امل عايزة اعملها من بكره!
دلف يزيد بطبق من الطعام و رفع حاجبه بتعجب و هو يراها كتله من الارتباك و التوتر...
اغلقت الهاتف بعدها بثوان ليردف...
-مالك يابنتي مين بيكلمك، ايه ده انتي هتعيطي ولا ايه؟ حصل ايه يا سلمي طمنيني!
-انا ممكن اخلف!
نظر لها ببلاهة وصمت ليردف بعد ثوان...
-مش فاهم؟
-الدكتورة كلمتني لما اتأخرت عليها و قالت تسأل عليا عشان اخر مره كلمتها قفلت في وشها بعد ما عرفت نتيجة التحاليل...
-يعني التحاليل غلط؟
-لا مش غلط، بس في عمليه لو عملتها هبقي حامل و الانسداد مش هيأثر...
ابتسم بذهول و فرحه ليردف...
-يعني ممكن نجيب عيال يبقي ابني او بنتي انا و انتي!
هزت رأسها بالموافقة وقد انفرطت دموع الامل والفرحة، اتجه يزيد نحوها يحتضنها بشده و فرحة و الاثنان يناشدان ربهم بشكر لا يتوقف علي لسانهم...
-الحمدلله الحمدلله!
ابتعدت سلمي و وجهها يعكس فرحتها لتجفف دموعها قائله...
-انا مش عايزة ادي نفسي امل بس قول يارب!
-يارب يا حبيبتي يارب!
اعادها الي ذراعيه يهتز بها لليسار قليلا فاليمين ليردف بثقه وهو يقبل رقبتها...
-مش مهم اي حاجه في الدنيا طول ما انتي معايا و في حضني!
اعتصرته اليها تتنهد بأمل و شوق لفرحه من عند الله...