قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه الجزء الأول للكاتبة منال سالم الفصل السابع والأربعون

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه الجزء الأول للكاتبة منال سالم الفصل السابع والأربعون

رواية خطأ لا يمكن إصلاحه الجزء الأول للكاتبة منال سالم الفصل السابع والأربعون

في المشفى
بدأ مروان يتماثل للشفاء، ظل يوسف مرابطاً إلى جواره، لم يتخلى عنه للحظة.. ما كان يهون على مروان الأمر هو أن والده قد رق قلبه إليه، وحاول كثيراً أن يغير من نفسه.. كان يعد الأيام والليالي لكي يخرج من ذلك المكان الكئيب، فقد مل الجلوس فيه و..

-مروان: أنا زهقت، نفسي أخرج من هنا واشم هوا
-يوسف: هانت، يتفك بس الجبس وهاتنطلق يا معلم
-مروان: يا مهون.. المهم مافيش برضوه أي أخبار عن الجماعة
-يوسف: والله ما اعرف، أنا بقالي كتير ماروحتش الكلية، بس أنا وصيت رضوى لو هي شافت ندى تتصل بيا فورا
-مروان: اها.. طيب.

-يوسف: ان شاء الله بس تخرج من هنا ونظبط كل حاجة
-مروان: يا معين يا رب... أنا خلاص هاتجنن، نفسي أشوف نيرة أوي واطمن عليها
-يوسف: ومين سمعك، أنا ندى معششة جوا قلبي وعقلي، ولولا اللي حصل كان زماني عملت حاجة في موضوعنا
-مروان: الحمدلله ع كل حال، ماهو اللي حصل ده خلى حاجات كتير تتغير
-يوسف مازحاً: ايوه يا سيدي مصايب قوم عند قوم فوائد
-مروان: انت هتفول في وشي؟

-يوسف: لأ هافول العربية!
-مروان: آآآه.. دخلنا في الألش الرخيص
-يوسف: أهي حاجة بنحاول نهون بيها ع نفسنا لحد ما نشوف المزز
-مروان: ألا البت مايا فين
-يوسف وقد لوى شفتيه: يا عم افتكرلنا سيرة عدلة
-مروان: أنا مشوفتهاش من يوم ما فوقت
-يوسف: ولا هاتشوفها.

-مروان: انت عملت فيها ايه
-يوسف: اسكت يا عم انت متعرفش عملت ايه
-مروان: حاجة تانية غير اللي ابوها عمله
-يوسف: اها
-مروان: طب قولي
-يوسف: بلاش لأحسن تزعل
-مروان: لأ انا مش بزعل بالساهل
-يوسف: ماشي، براحتك.. بص هي كانت آآآآآ...

قص يوسف على مروان ما حدث من مايا أثناء مرضه، ولكن لم يبدو على مروان التأثر فقد كان يتوقع منها شيئاً كهذا خاصة أنها تعشق تدمير العلاقات وتسعى في تخريب الروابط خاصة إن كانت بين الأحبة و...
-مروان: مش جديد عليها، هي طول عمرها كده
-يوسف: الحمدلله، أدينا خلصنا منها
-مروان: ايوه.. المهم بقى نركز في اللي جاي
-يوسف غامزاً: بالظبط.. واللي جاي احلى اكييييييد
-مروان والابتسامة تعلو شفتيه: طبعااااااااااااا...

في شركة النقيب للاستيراد
علم فهمي النقيب من سكرتيرته الخاصة بأمر سفر صلاح وعائلته بعد أن انتهى من تصفية مكتبه الخاص بالمقاولات وبيع ما يملك تقريباً لسداد ديونه و..
-السكرتيرة: هو صفى المكتب بتاعه وسرح الموظفين، وباع كل حاجة يملكها عشان يسدد الديون
-فهمي بصدمة: كل ده حصل.

-السكرتيرة: ايوه يا فندم، مكتبه ماستحملش الضغط عليه وانسحاب العملاء منه، فانهار على طول
-فهمي وقد أسند ظهره للخلف بقلق: طب أتصرف أنا الوقتي ازاي؟ ده لو مروان عرف مش بعيد.. مش بعيد آآآآ... لألألأ.. أنا لازم أحاول أوصل لصلاح ده وأتكلم معاه
-السكرتيرة: للأسف هو سافر خلاص
-فهمي وقد نهض من مكانه: ايييه سافر!

-السكرتيرة: ايوه يا فندم
-فهمي: طب.. طب سافر لوحده ولا خد حد معاه
-السكرتيرة: سافر هو وعيلته يا فهمي بيه
-فهمي بصدمة: يادي الكارثة، لأ كده الموضوع اتعقد أوي!
-السكرتيرة: تؤمرني بحاجة تانية يا فندم
-فهمي: لأ، اتفضلي ع شغلك.

ظل فهمي يفكر في حل لتلك المعضلة التي هو بصددها، هو يخشى على ابنه من صدمة معرفته بما حدث مع صلاح وانهيار عمله الخاص، فما باله إذا علم بأمر سفره هو وأسرته للخارج وتركهم القاهرة للأبد.. هو يخشى كثيراً من ردة فعله.. لذا قرر ألا يخبره بما عرف حتى يصل إلى حل ما...

بعد مرور عدة أيام
كان مروان قد تماثل للشفاء تقريباً، لم يبقى في جسده إلا كدمات بسيطة تكاد تكون تلاشت.. خرج من المشفى وجلس بالفيلا إلى أن قرر أن يذهب إلى الاستاذ صلاح، فهم لم يعد يطق الانتظار أكثر من هذا..
-مروان هاتفياً: ايوه يا جوو، انت فاضي
-يوسف هاتفياً: ولو مش فاضي، هافضيلك نفسي
-مروان: طب اشطا، عدي عليا عشان عاوز أروح مشوار مهم.

-يوسف: مممم.. اوعى يكون اللي بفكر فيه
-مروان: أه، هو.. بس اطمن أنا هاروح المكتب بتاعه، أنا فاكر كان العنوان في الاستقبال عند شركة بابا، أنا هاكلمهم وأجيبه ونروحله ع هناك
-يوسف: اوك.. خلينا نتوكل على الله ونخطب البنات
-مروان: أيوه.. كفاية الوقت اللي ضاع ده كله وأنا مش عارف حاجة عنها ولا عارف حتى أوصلها
-يوسف: اوك.. البس وأنا هاكون عندك كمان نص ساعة
-مروان: تمام.. وأنا مستنيك!

عند مكتب صلاح الدسوقي للمقاولات ( سابقاً )
وصل مروان أسفل البناية التي يوجد بها مكتب الأستاذ صلاح بعد أن حصل على العنوان من موظف الاستقبال بشركته..
-يوسف وهو ينظر من نافذة سيارته: هو ده المكان
-مروان: باين هو
-يوسف: طب يالا بينا
-مروان: ماشي.

ترجل الاثنين من السيارة وتوجها إلى المبنى، صعدا عدة طوابق إلى أن وصلا للطابق المنشود، وكانت المفاجأة انه لا يوجد أي لافتة تشير لوجود مكتب خاص بالمقاولات بالطابق.. شك مروان أنه ربما قد دون العنوان الخاطيء، ولكنه تأكد من صحة ما لديه من معلومات حينما قابل حارس البناية و...
-مروان بصوت مرتفع: يا عمنا
-البواب: ايوه يا بيه
-مروان: بقولك يا بلدينا هو فين مكتب المقاولات اللي هنا؟

-البواب: مافيش إهنه مكاتب يا بيه
-مروان: ازاي مافيش؟ الظاهر عليك شغال هنا جديد
-البواب: لأ يا بيه أنا بجالي 3 سنين بواب إهنه
-مروان: يعني المفروض تكون عارف ان في مكتب مقاولات هنا
-البواب: لا يا بيه مافيش أي مكاتب إمقاولات إهنه، أني واثج من اللي بجوله
-يوسف: لألألأ.. أكيييد انت غلطان، كان في هنا مكتب بتاع الاستاذ صلاح!
-البواب: تقصد عم صلاح الدسوقي
-مروان: أيوه هو
-البواب: ياااااه، ده مشي من زمان بعد ما قفل المكتب بتاعه وباع الشقة.

صدم كلاً من يوسف ومروان مما قاله حارس البناية.. لقد أثارت كلماته تلك عدة تساؤلات في عقليهما و...
-مروان بصدمة: قفل مكتبه طب ليه؟
-البواب: ماخبرش
-مروان: يعني ماتعرفش أي حاجة
-البواب: لع
-يوسف: طب ولا قالك راح فين؟
-البواب: لع يا بيه
-مروان بحيرة: طب احنا هنوصله إزاي؟
-يوسف: مش عارف
-مروان: مقدمناش غير إننا نروحله ع بيته
-يوسف: ماشي.

انطلق يوسف بسيارته وبصحبته رفيقه مروان إلى منزل صلاح الدسوقي، وما إن وصل الاثنين إلى هناك حتى صف يوسف السيارة، ثم ترجل كلاهما منها وصعدا إلى منزله.. ظل مروان يطرق الباب عدة مرات ولكن دون جدوى.. تعجب الاثنين كثيراً، فعادة في مثل هذا الوقت تكن معظم الاسر المصرية متواجدة في منزلها...

كانت في تلك الآثناء الجارة آمال تصعد الدرج حينما وجدت الاثنين يقفان أمام باب المنزل و...
-آمال متسائلة: عاوزين ايه يا حضرات.

التفت كلاً من يوسف ومروان إليها، ثم بدأ يوسف أولاً بالحديث و..
-يوسف: لو سمحتي مش ده بيت الأستاذ صلاح الدسوقي
-آمال وهي توميء بايجاب: أه كان بيته
-مروان بتركيز: يعني ايه كان بيته؟ أنا مش فاهم.

دققت آمال النظر في مروان جيداً وكأنها تشبه عليه، هي رأته قبل فترة ولكن لا تتذكر أين.. ثم أكملت حديثها و...
-آمال بنظرات فاحصة ومدققة: يعني هو ساب البيت بتاعه وسافر
-مروان بصدمة: اييييه؟ سافر؟ ده امتى الكلام ده
-آمال: من كام يوم يا بني؟ انت بتسأل ليه؟ تكونش انت المشتري الجديد للبيت، أصله عرضه للبيع
-مروان بصدمة اكبر: كمـــان!

كانت الصدمات تتوالى على مروان بصورة متدافعة، لم يتوقع أن يحدث كل هذا خلال فترة رقوده بالمشفى، جلس على سلم الدرج محاولاً استيعاب وفهم ما يحدث، وضع رأسه بين كفيه محاولاً إجبار نفسه على تقبل ما يُقال و..
-آمال: هو ماله
-يوسف: آآآ.. معلش هو تعبان شوية
-آمال وهي تمط شفتيها: الف سلامة عليه
-يوسف: شكراً.

كان يوسف يحاول أن يبدو متماسكاً أمام تلك المرأة الغربية حتى يستطيع أن يستشف منها أي معلومات تفيده عن مكان صلاح الدسوقي الحالي.

-يوسف متسائلاً: هو سافر فين بقى
-آمال: رجع السعودية
-يوسف بصدمة: السعودية!
-مروان: كله كده ضـــاع، المكتب والبيت وحتى. حتى نيرة!.

حاول يوسف أن يغطي على انفعالات مروان حتى لا تشعر تلك الجارة بالشك أو الريبة..
-آمال ناظرة إليه: بتقول ايه يا بني.

-يوسف: معلش يا حاجة، ممكن بس تركز معايا
-آمال: أه وماله
-يوسف: طب.. طب لو حبينا نتفرج ع الشقة، نقدر نكلمه ازاي؟
-آمال: والله الست زينب مراته الله يمسيها بالخير سابتلي رقم واحد صاحبه، أنا مش فاكرة حاطها فين، بس كانت قيلالي لو حد جه سأل عن الشقة ولا اللي يخص الحاج صلاح يبقى يكلم الراجل ده
-يوسف بلهفة: اسمه ايييه الراجل ده..

-آمال: مش فاكرة، كله كان مكتوب في ورقة صغيرة
-يوسف: طب الله يكرمك ممكن الورقة دي
-آمال: هابقى ادورلك عليها يا بني
-يوسف: طب ينفع تشوفيهالي الوقتي؟
-آمال بتردد: بس آآآ...

-يوسف: بصي حضرتك، احنا هنستناكي تحت ولو لاقيتها هانكون شاكرين أفضالك اوي
-آمال: طيب
-يوسف: معلش يا حاجة هنتعبك معانا
-آمال وهي تجز على شفتيها: أها.. ولا يهمك.

صعدت آمال إلى منزلها، بينما ظل مروان جالساً والحزن يكسو كل خلجات وجهه، حاول يوسف بث الأمل فيه من جديد، ولكن كان مروان على يقين أن كل شيء تغير، ولم يعد بإمكانه أن يعيد كل شيء كما كان.. فهناك أخطاء لا يمكن إصلاحها...

-مروان بنبرة كلها آسى وحزن: كله راح يا يوسف، وأنا وأبويا السبب.. الراجل بيته اتخرب ع ايدينا، باع كل حاجة وساب البلد وخد نيرة معاه ومش، خد كل حاجة يا يوسف
-يوسف وهو يمسك بذراعه: اهدى يا مروان مش كده، لازم نفكر بالعقل، احنا عاوزين نلحق نتصرف، مش عاوزين نفضل نندب حظنا وتقف محلك سر، بالشكل ده مش هنعمل حاجة.. أنا عاوزك تكون أقوى من كده..
-مروان: أنا.. أنا خلاص فقدت الأمل في كل حاجة
-يوسف: اهدى بس، وتعالى نستنى الست دي تحت.

جلس مروان في السيارة في المقعد الأمامي، ظل شارداً مع نفسه، يفكر في كل شيء مر به مع نيرة، يتذكر لحظات غضبها عفويتها برائتها عنادها.. كل حركة كانت تقوم بها، حاول كثيراً أن يتماسك وألا يذرف الدمع، ولكن خانته العبرات.. فهي عبرات الاشتياق واللوعة.. لقد كان يفتقدها بكل جوارحه، شعر أن ما كان يعطي لحياته معنى قد سلب منه ورغماً عنه.. ود لو كان يعلم بأمر سفرها مبكراً لكان منعها بالقوة...

وقف يوسف أسفل العقار السكني منتظراً نزول الجارة، وبالفعل بعد وقت ليس بالقليل نزلت آمال وفي يدها ورقة مطوية و...
-آمال: معلش يا بني اتأخرت عليك
-يوسف بلهفة: ها لاقيتي الرقم؟
-آمال وهي تمد يدها: آه يا بني، أهي في ايدي
-يوسف وقد أخذ الورقة: متشكر أوي
-آمال وهي تنظر بعينيها لنافذة السيارة: الجدع اللي معاك ده أنا بشبه عليه، أنا حاسة اني شوفته قبل كده، بس فين؟ الله أعلم!
-يوسف: يخلق من الشبه أربعين.. عن اذنك بقى يا حاجة.

ركب يوسف السيارة ومعه الورقة المطوية، ورغم محاولته أن يبدو أكثر صلابة وتماسكاً أمام مروان، إلا أنه كان يعتصر آلماً وحزنا على فراق ندى.. ندى قلبه وروحه.. لا يريد أن ينهار هو الأخر، يريد أن يتصرف بعقلانية حتى يصل إليهما، لذا قبض على تلك الورقة المطوية بقوة، وقرر أن يتصرف بمقتضى ما فيها...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة