رواية خادمة الشيطان للكاتبة شروق حسن الفصل السابع عشر
كان يحوم بنظراته على الجالس أمامه يبتلع ريقه بتوتر فتحدث بغموض: ما بك بيبرس. لماذا انت متوتر هكذا.
حاول بيبرس الثبات وهو يجيبه: لا شئ سيدي. انت فقط تعلم أن تلك العملية ستكون أخطر من سابقها.
رجع بظهره للخلف مريحًا رأسه على نقعده الوثير المصنوع من الذهب الخالص وبيده كوب من النبيذ يرتشفه مستمتعًا بمزاقه فأردف: انت تعلم أنني الزعيم. لا أهاب شيئًا خاصة وانت معي. فقد وكلتك جميع مهامي وأصبحت زراعي اليمين في وقت قصير أليس كذلك؟
اومأ له وهو يبتسم بهدوء فقال برفق: أجل سيدي. وسأكون عند حسن ظنك بالتأكيد.
بينما هو يحدثه كان قلبه يشتعل بالكره له، يكرهه كما لو كان لا يوجد سواه على وجه الأرض يريد قتله لتهدأة النار المشتعلة بقلبه. أراد الثأر له ولحق عائلته. حدث نفسه قائلًا: نهايتك اقتربت يا زعيم.
فاق من تفكيره حتى يسأله: الم تقل أن الشحنة سيتم تسليمها بعد اسبوعان سيدي.
اجابه وهو يرتشف من الكوب بتلذذ: نعم. ولكن جائتني أخبار من أحد الجواسيس أنهم قد علموا بهذا الموعد.
تأخر بالحديث قليلًا ثم هتف بفحيح: هذا يعني أن هناك جاسوس بيننا هنا وسيدفع الثمن غاليًا. والثمن هو حياته بيبرس.
راود بيبرس الشك بأن الزعيم يعلم كل شئ ولكن نفض تلك الأفكار من رأسه وهو يقول بثقة: لا تقلق سيدي. سأعلم من هو الجاسوس اليوم ثق بي.
اومأ له بإعجاب من ثقته فربت على كتفه وهو يقول: حسنًا يا بطل اثق بك.
اسمح لي بالذهاب سيدي. عن إذنك.
ثم ذهب من أمامه وهو يجز على اسنانه بغيظ وتحولت نظراته للخبث وذهب لوجهته لكي ينفذ ما يفكر به.
امسك يزن ضحي من ثيابها وهو يهتف بغيظ: انا بجري ورا بنت اختي! نفسي افهم مخك دا فين.
تململت من بين يديه بغيظ وهي تقول بضجر: سبني يا يزن الحق سُمية عمر هيموتها.
انا نفسي اعرف حاجة. البنات الرقيقة بتربي قطة. عصفورة. كلب. لكن تعبان! وكمان اسمها سُمية! يا شيخة منك لله هتشليني قريب.
نفخت بغيظ وهي تنظر له بغضب ولكن ثواني وتحولت نظراتها إلى أخري بريئة وهي تقول له: عشان خاطري هاتلي سمية. عمر لو مسكها هيموتها ودي صحبتي.
قرصها من جانبها فصرخت بألم أما هو نظر إليها بغضب وتحدث بحدة: سيرة أي راجل تيجي على لسانك هقطعهولك انتي فاهمة.
اومأت له مواقفة فلا وقت للجدال معه فمن الممكن أن تخسر حيوانها الأليف بالنسبة لها إذا لم تسرع: حاضر يا حبيبي. هاتلي سمية بقا.
تحدث ببلاهة وهو ينظر لها: قولتي ايه!
بقولك هات سمية من ابن عمك.
لا اللي قبلها.
كادت أن تجيبه بغضب ولكن خافت ألا يجلب لها سمية فقالت بدلال: لما تجيبلي سمية هقولهالك.
تحدث ببلاهة وهو يبتعد عنها لجلب تلك الحية: انا اجبلك سمية وامها وابوها كمان.
ضحكت على مظهره وحبه يتضخم بقلبه أكثر، باتت تتنفسه هذا ال يزن المحتال، يسرق قلبها دون أدني مجهود يُذكر.
بالناحية الأخري أمسك عمر تلك الحية من رأسها برعب خوفًا من لدغه، نظر إليها بفزع وهي بين يده فقال بسخط وهو ينظر لها: قال سمية قال. انا قولت إن ضحي دي مصدر خطر على البيت دا.
امسك الحية من ذيلها الطويل وباليد الأخري رأسها ثم وضعها تحت قدمه وجلب مطرقة من الحديد وكاد أن يقتلها ولكنه وجد يزن يمسك بيده فتحدث عمر بضجر: سبني اقتلها يا يزن. وخلي مراتك تسكت بقا مش ناقصة جنان.
اومأ له يزن بهدوء وأخذ منه الحية ليضعها في قفص صغير موجود بالمخزن الموجود بالفيلا. نظر له عمر بإستغراب ثم هتف بصوت خفيض: ماله داا. دا حتى مشتمنيش ولا هزقني ولا حتي. ااااه.
قطع حديثه بسبب لكمه يزن الموجهة لوجهه فجذبه من ثيابه متحدثًا بتحذير حاد: لو سمعتك بتجيب سيرة مراتي تاني هدفنك يا حيوان فاااااهم.
اومأ له بخوف وهتف: بهزر يا رمضان ايه مبتهزرش!
نفض يزن الغبار الموجود على بذلته ثم ضرب على كتفه بسخرية وهو يقول: لا مبهزرش يا خفيف. ومراتي تعمل اللي هي عايزاه حتى لو جابت ديناصور هنا.
ومالو يا خويا ديناصور ديناصور هو يزن هيتجوز كام مرة يعني.
ايوا كدا جدع. روح شوف كنت رايح فين بقا.
بينما ضحي كانت تتابعهم من الخارج ورأت تصرف يزن الذي جعلها تقول بهيام: يا دكررررري.
قابلها عمر وهو يخرج من المخزن فنظرت له بكبرياء مضحك ثم ولجت للداخل متجاهلة نظراته المستنكرة وهو يقول: شوف بتبصلي ازاي! لو مكنتش مرات يزن انا كنت...
واااااقف ليه يا عمرررر.
ابتلع ريقه ثم جري بعيدًا وهو يقول: داخل صاروخ.
ضحكت ضحي بشدة على ماحدث وهتفت بفخر: مشرفني دايمًا كدهون.
كدهون!
هتف بها مستنكرًا لتومأ له بضحك، تحولت نظراته للخبث وهو يقربها منه محتجزًا خصرها بين يديه حتى باتت ملتصقة به فقالت هي بتلعثم خجل: بت. بتعمل ايه؟
تحدث أمام وجهها وهو يقول بهمس أوقع قلبها صريعًا: سمية وبقت بخير، عايز مكافئتي.
ابتلعت ريقها بحرج وهي تدفعه بعيدًا ولكن هيهات، فمن هي حتى تستطيع بدفع يزن الراوي بجسده الضخم الذي يتفوق عليها بمراحل.
تحدث هو ممازحًا إياها: متحاوليش انتِ مفكيش نفخة.
نظرت له بضجر ورفعت حاجبها متحدثة بسخط: والنبي اي! ايش حال ما كان دا كله نفخ.
نفخ!
هتف بها بصدمة من حديث تلك الحمقاء ولكنها أكدت له قائلة: اه نفخ ياخويا. شكلك بتاخد منشطات من إياهم.
احيييييه.
هتف بها بصدمة مرة اخري، فترك خصرها وأمسكها من ياقة ثيابها مقربًا إياها منه: بت انتِ. انتِ بتجيبي الكلام دا منين!
اجابته ببسمة غبية: من الطلافزيون.
طلافزيون! اللغة العربية متبرية منك ليوم الدين.
دفعها بعيدًا فأحست بالغضب من دفعه لها بتلك الطريقة ولكنها لن تصمت، بل ستمارس عليه خداع حواء ليقع بها أكثر.
اقتربت من ولفت ذراعيها خلف رقبته متحدثة بدلال: اخس عليك يا يزونتي. انا زحلانة منك.
كتم ضحكته بصعوبة على طريقتها بالحديث، هو يعلم بأنها تحاول إغوائه ولكن حمقاء هي لا تعلم بأنها تغويه دون فعل أي شئ، ولكن لما لا يقلب السحر على الساحر ويقوم بالإستفادة من ذلك.
مرر يده على خصلاتها من الخلف وهو يقول بهمس: وضحايا زعلانة مني ليه!
ادعت الحزن وهي تنظر له ببرائه: عشان انت بتزعقلي كتير وانا بنوتة حساسة وانت بتستغل طيبتي.
هبط بيده على ظهرها مقربًا إياها أكثر فقال: طيب وحياة امك انتِ مصدقة نفسك!
شعرت بيده التي تقبع على ظهرها فأحست بالقشعريرة تسري بجسدها وحاولت الإبتعاد عنه فهتف بخبث: عايزة تبعدي ليه! انا لسه مصالحتكيش.
اجابت بتلعثم: ومين قال اصلًا إني زعلانة منك! احنا هنخيب ولا إيه.
قهقه على توترها وخجلها الذي جعلها فاتنة للغاية فتحولت نظراته من الخبث إلى الحنان وهو يقول بصوت عاشق: طول ما انا موجود مش عايزك تبعدي عني ابدًا، عايزك تبقي زي ضلي متفارقنيش ولا لحظة.
ليه!
هي تعلم إجابة سؤالها جيدًا ولكنها تود وبشدة الإستماع إليها مرة أخري علها تُهدأ من ضربات قلبها المتزايدة بقربه.
استند بجبينه على جبينها هاتفًا بصوت من يسمعه يقول بأنه عاشقًا لها حد النخاع: عشان بحبك. عشان انتِ ليا وبتاعتي وبس. عشان انتِ مِلك ل يزن الراوي. بقيتي واحدة من ممتلكاتي اللي مقدرش استغني عنها. بقيتي مالكة قلبي وروحي. انتِ اللي رجعتي روح الطفل الصغير ليا تاني بعد ما ماتت واتدفنت. عشان انتِ ضحي حرم يزن الراوي.
ادمعت عيناها من حديثه هذا واحتضنته بشدة مطوقة رقبته بذراعيها وتدفن رأسها في عنقه وهو يخيط بخصرها بتملك يريد إدخالها داخل اضلعه.
خرج صوتها متحشرجًا وهي تقول: انت نعمة كبيرة اوي يا يزن، عوضتني عن حنان الأب اللي انا اتحرمت منه من زمان، بتحسسني دايمًا إني اجمل واحدة وإني غير كل الستات، بجد لو فيه كلام يوصف اللي انا حاسة بيه مش هبخل بيه ابدًا، بس انت الكلام مش هيجي نقطة في بحر من اللي انا حاسة بيه، كل اللي هقدر اقولهولك إني وقعت فيك يابن الراوي.
صُدم من اعترافها وشعر وكأن العالم يقف من حوله وحديثها فقط يدور برأسه، أتبادله العشق! لا لا بالطبع هو يحلم ولكن هي نطقت بها للتو، اذًا ليتأكد مرة أخري.
بتقولي إيه.
خرجت من احضانه وهي تقول بإبتسامة ساحرة سلبت الباقي من عقله: بقول شكلي وقعت فيك يابن الراوي.
ابتسم بسعادة بالغة واعادها لأحضانه مرة أخري ثم حملها ودار بها بفرحة عارمة متمتمًا بعشق: وابن الراوي بيموت فيكِ يا ضحايا.
كادت أن تتحدث ولكنه قاطعها لينهل من شهدها ونعيم قد حرم منه في البداية، وها هي من سلبت عقله تبادله العشق بعشق مماثل يكاد يملأ الأرض واليابس، بعد فترة ليست بالقليلة ابتعد عنها مستندًا على جبينها وهو يلهث بشدة من فرط المشاعر التي اجتاحته قائلًا: اليوم دا اسعد يوم في حياتي كلها. بحبك يا بنت قلبي.
تحول وجهها إلى اللون الأحمر القاني ناظرة في جميع الاتجاهات تحاول التلاشي في النظر إلى عينه، ثواني وشهقت بصدمة قائلة: سمية بتتفرج علينا يالهوووي. هتبوظ أخلاق البنت يا يزن.
مسح على وجهه بغيظ مردفًا بتشنج: بنت! انتِ ليه محسساني إنها اختك.
لو سمحت متتريقش على سمية عشان بتزعل.
اقترب منها بعبث قائلًا بمكر: طيب واللي انقذ سمية مش هتديه مكافأة.
الااااه ما انت لسه واخد مكافئتك.
امسك يدها وهو يسحبها خلفه قائلًا بجدية مزيفة: لا دا كانت تصبيرة بس. تعالي اوريكي المكافأة.
ثم ولجوا لداخل غرفتهم وكادت أن تتحدث ولكنه قاطعها بمعزوفة عشقه الذي يرتلها بحب شديد وهي ذابت بين يده من فرط الحب يبثها شوقه، واغُلقت الستائر على العاشقين لينعموا بدفئ مشاعرهم ويصمت العالم من حولهم وتصعد نغمة الحب المشيد بينهم.
بالأسفل.
حدث عمر منتصر ولكنه لم يجيب على هاتفه، زفر بضيق فصديقه لا يجيب على الهاتف منذ ليلة أمس مما جعل القلق ينهش بقلبه، ف عمر ومنتصر ليسوا مجرد رفاق، ولكنهم أصبحوا أكثر من أشقاء منذ معرفتهم ببعضهم.
قام بالإتصال عليه مرة اخري ولكنه لم يجيب فقرر الذهاب إليه ليري ماذا به.
انطلق بسيارته وبعد قيادة دامت لخمس عشرة دقيقة وصل إلى العمارة التي يقطن بها منتصر وشقيقته تلك المشاكسة التي بات يفكر بها كثيرًا وهذا أكثر ما يقلقه جاعلًا إياه يشعر بأنه يخون ثقة صديقه.
نفض تلك الأفكار عن رأسه وصعد للأعلي حتى وصل إلى شقته. قام بالضغط على جرس المنزب وانتظر لثواني حتى وجدها هي رزان ولكن ما بها! فعيونها حمراء بشدة وكأنها كانت تبكي ووجها شاحب ايضًا.
تحدث بقلق من حالتها قائلًا بلهفة: رزان مالك في ايه!
ابتلعت ريقها متحدثة بتحشرج: اتفضل يا عمر الاول ميتفعش نتكلم على الباب كدا.
اومأ لها بصمت ثم ولج للداخل وجد والدتها ايضًا جالسة وعلى وجهها اثار البكاء، فزاد القلق بقلبه هاتفًا بنفاذ صبر: في ايه يا جماعة مالكوا! وبعدين فين منتصر وايه حالتكم دي!
لم تستطيع والدة منتصر أن تجيب بل شرعت بالنحيب الصامت، فوجه عمر رأسه لرزان وهو يقول: طيب اتكملي انتِ يا رزان. في ايه متجننيش.
حاولت ضبط انفعالاتها والتحكم بالبكاء فهتفت بتحشرج وحزن مرير: م. منتصر يا عمر.
زاد قلقه على صديقه فقال بخوف: ماله.
اكملت حديثها ولكن رغمًا عنها بكت: م. مجاش من امبارح. وفضلنا نتصل بيه كتير بس محدش رد. وال. والنهاردة في جواب وصلنا ولما فتحته لقيت فيه صور منتصر متكبل ورابطينه بسلاسل ومش عارفة اعمل ايه.
كان يستمع لها وعيونه تتسع بصدمة على ما حدث، وقف قبالتها هاتفًا بخوف: انتِ بتقولي ايه. ازاي دا حصل!
حاول الهدوء فقال لها بخفوت: وريتي الجواب دا كدا.
اومأت له ودخلت للغرفة لثواني وبعدها خرجت واعطته ظرف مغلف فقام بفتحه وجد به عده صور ملتقطة لصديقة مكبل بالأغلال الحديدية، فارت الدماء بجسده وضغط على يده بقوة، حاول ضبط انفعالاته امام رزان ليطمئنها فقال بهدوء: اهدي. وهيكون موجود النهاردة قبل بكرا صدقيني.
لم تجبه بل جلست على الأريكة دافنة رأسها بين راحة يدها باكية بشدة فقالت من بين بكائها: لو حصله حاجة هموت مليش غيره انا وماما. حصل قبل كدا إنه اتخطف بس مع اختلاف الأشخاص. اخويا الكبير كريم.
رفعت رأسها فتقابلت بعينه التي تحدجها بحزن فأكملت هي بألم: فاكر كريم يا عمر. كريم اللي مات لما اتخطف بردو. صدقني لو حصل حاجة لمنتصر انا ممكن اموت بحسرتي.
ثم زادت شهقاتها بخوف والم. اما هو تجمعت الدموع بعينه ولكنها ابت النزول فاقترب جالسًا بجانبها متحدثًا بلطف: رزان. رزان بصيلي.
رفعت وجهها الأحمر الملئ بالدموع أما هو تحدث بحنان: صدقيني منتصر هيكون بخير. خليكي واثقة فيا.
اجابته بتحشرج: وعد!
ابتسم بلطف وقال بإطمئنان: وعد، قومي يلا شوفي مامتك وهديها وخليها تعرف طول ما عمر البطل الخارق موجود متخافش ابدًا.
ضحكت بخفة ولكن سرعان ما عاد القلق لينهش بقلبها فهتفت برجاء: عمر عشان خاطري. منتصر.
متقلقيش. منتصر قبل ما يكون صاحبي فهو اخويا. يلا سلام.
خطي عدة خطوات للخارج فنادته مسرعة فالتفت لها فقالت بقلق: خلي بالك من نفسك انت كمان.
اومأ لها بإبتسامة لم تصل لعينه والتفت للخروج فتحولت ملامح وجهه من الحنان إلى الوعيد، فصعد لسيارته وانطلق بها إلى وجهته بسرعة البرق.
كانت رضوي تجلس مع آيات بغرفتها بعد أن تركها ساهر وذهب للشركة لأداء عمله فصعدت هي إليها وجدت دموعها تنزل بصمت فسألتها بقلق ما بها ولكنها لا تجيب، ولكن حينما ذادت دموعها سألتها بنفاذ صبر وهي تصرخ بها: يا آيات ما تنطقي هو انا هتحايل عليكي!
مسحت عبراتها بيدها وقالت بخفوت: قولتلك مفيش يا رضوي. انا بس تعبانة شوية مش اكتر.
لتجيبها الاخري بسخرية: على اساس إني عيلة صغيرة وهصدق صح!
لم تجب آيات على حديثها بل جاء ببالها مراد الذي يغيب عنها منذ ليلة امس ولا تعلم طريقه حتى الآن، فسألتها بلهفة: رضوي متعرفيش مراد فين!
قطبت جبينها بتعجب من سؤالها ولكن اجابتها: سمعته امبارح بيتكلم مع يزن إنه هيسافر يومين عشان اخر صفقة تقريبًا.
هبطت دموعها بخزي مرددة بوهن: سافر!
كادت رضوي أن تجيبها ولكن وجدت هاتفها يصدح معلنًا عن إتصال وارد إليها فنظرت إلى شاشته وجدته ينير بإسم والدتها.
قلقت في البداية فما السبب الذي سيجعل والدتها تهاتفها وهي لم تكن تسأل عنها من الأساس! نظرت إلى آيات فقالت: ثواني يا يوتا هرد على التليفون.
اومأت لها آيات بصمت فخرجت رضوي من الغرفة لتجيب على والدتها فقابلت في طريقها آية لذلك طلبت منها مسرعة أن تذهب لغرفة آيات لتهدئتها.
اجابت رضوي على الهاتف فجائها صوت والدتها الصارم: مستنياكي قدام باب القصر يا رضوي. تعاليلي حالًا انا قاعدة في العربية.
تعجبت من ذلك فقالت متسائلة: في ايه يا مامي!؟
لما تيجي هتعرفي.
حاضر جاية.
ثم أغلقت الهاتف متعجبة من طلب والدتها في مقابلتها ولكنها حسمت أمرها بالذهاب لها.
خرجت من باب القصر فوجدت سيارة والدتها تقف على الجانب الآخر من الطريق فذهبت إليها ثم جلست بجانبها في المقعد الخلفي لتقول بود: ازيك يا مامي!
اشارت ميمونة للحارس آمرة إياه بأن يتركهم وحدهم فخضع لطلبها بينما هي التفتت لرضوي قائلة بنبرة لا تحمل النقاش: لازم تلغي ارتباطك باللي اسمه ساهر دا. انتي سامعة!
صُدمت من طلبها هذا وقالت بدهشة: انتِ بتقولي إيه!
بقول اللي لازم يتعمل. مش على اخر الزمن بنتي انا هتتجوز حتة موظف شغال عندنا.
هزت رأسها عدة مرات علها تتوهم ما تسمعه الآن ولكن يبدو أن هذا حقيقة!
خرج صوتها مبحوحًا لتردف: مستحيل يحصل. انا بحب ساهر وهو كمان بيحبني وهنتجوز قريب.
خرجت ميمونة عن برودها لتقول بإنفعال: انتِ غبية ولا جرا لمخك حاجة! بيحبك ايه دا اكيد طمعان في فلوسك.
تجمعت الدموع بحدقتيها لتقول بنفي: لا مش طمعان في فلوسي. ساهر بيحبني ومستحيل كلامك دا يأثر فيا. متستنيش مني إني اسيبه بسبب كلام زي دا.
نظرت إليها بجمود وعادت للخلف على مقعدها مرة اخري لتهتف ببرود: يا تسيبيه يا تزوري حبيب القلب في السجن بعد كدا.
لم تصدق ما تسمعه اذنيها. هل هذه والدتها حقًا. تريد القضاء على مستقبلها ومستقبل آخر كي ترضي غرورها! صرخت بقهر ودموعها تهبط على وجنتيها بقوة: انتي عااااايزة ايه!
تتجوزي العريس اللي انا جايبهولك. ابن عيلة كبيرة وناس محترمين وغير كدا ليهم اسم في البلد، مش زي الشحات اللي انتِ عايزة تتجوزيه.
مش هتعرفي تعملي حاجة. ساهر معملش حاجة عشان يتسجن.
اجابتها الاخري بمكر: معملش حاجة. بس حبيب القلب خليته يمضي على شيك على بياض من غير ما ياخد باله واظن ان دي حاجة سهلة جدًا بالنسبالي، فكري يا رودي تاني وقوليلي رأيك.
لم تجبها بل نظرت إليها بكره يتسلل إلى قلبها رغمًا عنها ثم هبطت من السيارة ودخلت إلى القصر بسرعة ومن ثم إلى غرفتها ودموعها تهبط على صفحاات وجهها بقوة، لا تعلم ما عليها فعله هي لا تستطيع ترك ساهر فهو اصبح يمثل حياتها بأكملها. لا تستطيع الزواج بغيره، عند تلك النقطة وانفجرت باكية بحزن وصوت شهقاتها يعلو المكان، تناجي ربها لمساعدتها ومن شدة الألم الذي برأسها سقطت غافية مكانها ودموعها مازالت تسيل على وجهها.
وصل عمر إلى القصر وملامح وجهه لا تنم على الخير، وجد الخادمة أمامه فأوقفها قائلًا بجدية: يزن هنا ولا راح الشركة!
اجابته بإحترام: موجود يا فندم.
خلاص روحي انتِ.
قام بمهاتفته للمرة التي لا يعلم عددها، إذًا هو هنا لماذا لا يجيب على الهاتف! انتظر لثواني فجائه صوت يزن المتأفف: عايز ايه يا عمر مش مبطل زن ليه!
صرخ عمر بإنفعال قائلًا: انت فين يا يزن. بقالي ساعة بحاول اوصل ليك وانت ولا معبرني.
اعتدل يزن من نومته مسرعًا فصوت عمر ينذر بأن هناك شئ ما ليردف هو: في ايه يا عمر!
حاول اخذ انفاسه بهدوء ليقول: هستناك في مكتبك يا يزن بس بسرعة الله يكرمك.
ماشي ربع ساعة وهنزلك.
ثم اغلق الهاتف ناظرًا ل ضحي التي تتابع حديثه بإستفهام: في إيه يا يزن!
اجابها بغموض وإبتسامة شيطانية تزين ثغره: شكلهم بدأوا لعب. بس هيخسروا اصل الكورة في ملعبي.
قطبت جبينها بعدم فهم قائلة: مش فاهمة انت بتتكلم بألغاز ليه انا اصلًا بفهم الكلام العادي بالعافية.
تحولت نظراته للخبث وهو ينظر لها يتذكر وقتهم العاصف الذي قضوه سويًا ليقول بوقاحة: سيبك انتِ. ما تيجي.
شهقت بخجل لتقوم بلملمة الغطاء على جسدها: يخربيت سفالتك. على فكرة انت استغليت ضعفي وانا ولية ولوحدي.
اقترب منها اكثر ليقول بصوت آجش: ومالو انا سافل بس اعجبك.
كاد أن يفعل ما يريد ولكن صوت الهاتف صدح مرة اخري ليجيب بإنفعال: نازل يا عمر نازل. دا انت عيل فصيل.
ثم اغلق الهاتف بوجهه بينما هي ضحكت عليه بشماتة ليحدجها بغيظ قائلًا: عادي طالعلك تاني مش حوار. اتنيلي ابعدي خليني اقوم دا انتي فقر.
ضحكت بقوة على ملامحه المتذمرة ولكنه طبع قبلة على وجهها بقوة فصاحت بسخط: يا عم هتفعصني.
نظر لها بإشمئزاز قائلًا: انتي مينفعش معاكي رومانسية. انتي عايزة واحد يدفنك مكانك عشان تحسي.
ثم ذهب ليتحمم وارتدي ثيابه ثم هبط إلى عمر بسرعة.
في إحدي المدن الساحلية الجميلة كان يستند على كرسيه مريحًا رأسه للخلف ولا يعلم هل ما يفعله صواب أم خطأ، قرر الإبتعاد عنها لفترة يعيد فيها ترتيب أفكاره، لو كان بقي هناك سيكون من الصعب عليه تنفيذ خطته الذي أحاكها من البداية.
اخرج مراد تنهيدة قوية ونظر من نافذة مكتبه المطلة على أحد المناظر الخلابة الموجودة بمدينة الغردقة، قرر المجئ إلى هنا ليباشر العمل بنفسه ويبتعد فترة عن ما يؤرقه.
سمع طرق الباب فسمح للطارق بالدخول فولجت سكرتيرته هدير تلك الفتاة التي قابلها من قبل وهي تقول بعملية: العملاء حددوا ميعاد بكرا الساعة 4 يا فندم للإتفاق على الصفقة وانا بعتلهم ايميل فيه كل المعلومات والبنود للتعامل مع شركتنا.
هز رأسه ليقول بهدوء: تمام يا هدير. في اي مواعيد تانية النهاردة!
لتجيبه بجدية شديدة وهي تعطيه احد الملفات: ايوا يا فندم. شركة (، ) جايين النهاردة عشان يمضوا العقد وفي كام ورقة محتاجين إمضة حضرتك عليهم.
أخذ منها الملف وقرأه بسرعة وعملية شديدة ثم قام بوضع توقيعه وأعطاه لها ليردف بإبتسامة: اتفضلي يا هدير. ولو فيه اي حاجة تاني ابعتهالي.
بادلته الابتسامة مجيبة: تمام يا فندم عن اذنك.
ثم تركته وذهبت فجلس هو على مكتبه يواظب على عمله.
وضع الهاتف على اذنه ليقول بنبرة جادة لا تحمل النقاش: تجهزي جيسيكا. سنسافر إلى مصر غدًا.