رواية خادمة الشيطان للكاتبة شروق حسن الفصل الرابع
غامت عين كلا من مراد وعمر بالحزن عندما هتف صديقهم بتلك الكلمات، حاول عمر أن يخرجه من تلك الحالة قائلًا بمرح: أنا زهقت من الشغلانة دي وعايزة اتجوز.
تحولت نظرات يزن للسخرية هاتفًا بتهكم: ولما انت بتقول الكلام دا سبت ايه للستات يا حيلتها.
تذمر عمر من حديثه: الاااه بتكلم بجد يا جدع عايز اكمل نص ديني.
اتوكس على عينك.
كانت تلك هي الكلمات التي هتف بها مراد بسخرية، ثم اكمل: انتي عارف تربي نفسك لما تتجوز وتجيب عيال وتربيهم.
رفع عمر ياقة قميصه بغرور: لا ما انا هبقي اخد الموزة وابعتلكم العيال.
حدقه يزن بسخرية رافعًا حاجبيه بتذمر: ليه شايفنا بيبي سيتر.
نظر اليه مراد بضحك قائلًا بمرح: سيبك منه، ومين الهبلة اللي هتتجوز المتخلف دا بس.
وقف عمر بغضب قائلًا وهو يهم بالذهاب: تصدقوا بالله إن أنا غلطان، كتكم الهم في معرفتكم الهباب.
كاد ان يغلق باب المكتب ليجد يزن ينادي عليه بصوت عالي حتى يسمعه: خلي بالك من نفسك يا لطخ.
انفجر مراد ضاحكًا على مزحة صديقه ليهز رأسه بيأس على مشاكستهم تلك، بعد ثواني اعتدل ثم حدق بيزن هاتفًا بجدية: عملت ايه في موضوع مرتضي الرفاعي؟
نظر اليه يزن وعادت ملامحه للجمود مرة أخري متحدثًا بغل: لسه بيحاول علشان يوقعني بس ورحمة جدي ما هسيبه وهدفعه تمن كل اللي عيشته بسيبه.
ربت مراد على كتف صديقه هاتفًا بود: شوف انت هتعمل ايه وانا معاك يا صحبي.
خرجت كلا من ايات وضحي من الجامعة وبالطبع لم يخلي حديثهم من حديث ضحي المرح، وقف كلاهما في مكانهم بسبب وقوف مجموعة من الشباب أمامهم فجأة، تحدثت ضحي بحدة متجاهلة تلك العيون التي التفت حولها بسبب صراخها: في ايه يا جدع انت، مالك واقف متنح كدا ليه!؟
تحدث اليها هذا الشاب الذي كان ينظر لها بإعجاب: لسه بردو مش عايزة تديني فرصة نتعرف على بعض فيها؟
هتفت ضحي بحدة وقد امتلأت عينها بغضب جامح من ذاك الشاب الذي يلاحقها منذ اكثر من شهرين طالبًا منها أن يظلوا أصدقاء ولكنها بالطبع رفضت ذاك الحديث فدينها وعاداتها لا يسمحوا لها بذلك: لا فرصة ولا قرصة وغور من قدامي بقا بدل ما اعملك فضيحة دلوقتي.
رفع يديه كعلامة للإستسلام ولكنه تحدث بمرح حتى يري إن كانت ستسنح له الفرصة للحديث معها أم لا: طيب ممكن اسألك سؤال؟، عندما همت بالرفض قاطعها بسرعة: سؤال واحد بس والله.
جزت على اسنانها بغضب هاتفة بحدة: انجز في يومك دا عايز ايه؟
غمز لها هذا الشاب بمشاكسة هاتفًا بمرح لا يعلم عواقبه: انتي جاية من الارض ولا جاية مالسما.
جاية من عند امك.
كانت تلك هي الكلمات التي هتفت بها ضحي بغيظ عندما استمعت لسؤاله، سحبت يد آيات التي كانت تتابع الموقف وتكتم ضحكاتها بصعوبة، لم تري نظرات الدهشة التي ارتسمت على ملامح هذا الشاب وكذلك ضحكات اصدقائه الذين لم يتمالكون انفسهم من الضحك.
نظر إليهم بغيظ قائلًا بحدة: جرا ايه يا خفة منك ليه هي اول مرة ولا ايه؟
ثم نظر على اثرها هاتفًا بتوعد: تمام اوي كدا، انا جيتلك بالذوق اجيلك بقلة الادب بقا، ثم ذهب وهو يتوعد لها بالكثير.
عندما ابتعدوا قليلًا لم تتمالك ايات نفسها اكتر من ذلك لتنفجر ضاحكة بشدة هاتفهة من بين ضحكاتها: انتي مش معقولة، كسفتي الواد حرام عليكي.
شاركتها ضحي الضحك قائلة وهي تبتسم ببرود: هي اللي استفذني، اللي يشوفه وهو بيقولي هسألك سؤال يقول هيسألني على سر حربي ابن الممحونة.
وضعت ايات يدها على فمها لتمنع ضحكاتها عندما رأت نظرات المارة من حولها، بعدما توقفت عن الضحك سألت ضحي بجدية: طيب وليه مدتهوش فرصة يا ضحي!؟
نظرت لها بحدة هاتفة بحنق: فرصة ايه، دا عايز يكلمني ونبقي صحاب، وانا عارفة ايه اللي هيحصل بعد كدا الصداقة هتتحول لإعجاب والاعجاب لحب ودا كله تحت مسمي الارتباط الغير شرعي.
حركت ايات كتفها ببرود: طيب وايه يعني ما الكل بيعمل كدا طالما مفهاش تجاوزات.
نظرت لها ضحي بنظرات ثاقبة قائلة بجدية: مفيش حاجة اسمها الكل بيعمل كدا، انا ماشية على حسب ديني ما بيقولي، وبعدين اللي عايزك هيدخل البيت من بابه ومش هيبقي مرتبط بيكي بعلاقة غير شرعية حتى لو مش فيها تجاوزات زي ما انتي بتقولي.
سارت ضحي عدة خطوات للأمام بينما ايات تفكر في حديثها هذا، فهي معها كل الحق، فهي تتحدث مع مصطفي منذ اكثر من ثلاثة أشهر ولم يأخذ خطوة التقدم لها مدعيًا بأن ظروفه غير مناسبة حتى يتم التقدم لها.
افاقت من شرودها على صوت ضحي الهاتف بإسمها فذهبت مسرعة بإتجاهها ومازال حديثها يدور بعقلها.
تجهز عمر استعدادًا للمهمة، اخذ نفسًا عميقًا وزفره على مهل، هو يعلم أن تلك المهمة خطيرة للغاية ولكن يجب أن يُجازف للثأر بحق صديقه وحقوق الأطفال التي تباع كالدمي وإنقاذ الشباب الواعي من السموم التي يقوموا بتوزيعها رابحين منها مبالغ طائلة تكفيهم للعيش في نعيم طوال حياتهم ولكن لم يكتفوا بذلك ولكن يقومون بهتك عرض الأطفال لبيعها للخارج والإتجار بها.
اشتدت عينه بقسوة عند تخيله ما يحدث لأسر تلك الأطفال والحالة التي يعيشون بها قاسمًا بداخله بأخذ حق كل طفل هُتك عرضه ولكل طفل قُتِل أمام أعين والديه ولكل أسرة انهارت لإختفاء أطفالها ولمستقبل الشباب المتدمر بسببهم.
نظر لهاتفه لصورة تجمعه بعائلته ناظرًا إليهم بحنين شديد هامسًا بحب: لو مرجعتش النهاردة عارف انكو هتكونوا فخورين بيا، على الأقل هكون عملت واجبي حتى لو صغير، ثم اغلق الهاتف ونظر لصديقه الشارد بجانبه ذهب إليه مربتًا على كتفيه بحزم يتخلله الحنان: هنرجع يا وحش متقلقش ومتشلش هم.
رفع اليه منتصر عينه مبتسمًا ابتسامة طفيفة هاتفًا بقلق: انا مش خايف عليا، انا خايف على امي واختي دول ملهمش غيري، تنهد بألم ونظر لعمر قائلًا برجاء: لو حصلي حاجة يا عمر خلي بالك منهم دول ملهمش غيري.
احتضنه عمر بقوة قائلًا بقوة رغم الزعر الظاهر بصوته: هترجع وهتاخد بالك منهم انت متقلش كدا.
ابتعد عنه ثم قال وهو يرتدي جاكيت سترته الواقية من الرصاص هاتفًا بحزم مضحك: يلا يا حضرة الظابط عايز اللي يشوفنا يقول ايه ياخويا.
نظر اليه منتصر باشمئزاز: وهي كل الناس تفكيرها قذر زيك يا غبي.
كاد عمر ان يرد عليه بغيظ ولكن قاطعهم هتاف اللواء للجميع فنظر إليه بغيظ قائلًا: بعد المهمة هعرف مين اللي قذر.
هز منتصر رأسه بيأس على صديقه ثم ذهبوا سويًا للواء، ظل اللواء يشجعهم بكلامته الحماسية مذكرًا إياهم بواجباتهم ومأساة أسر تلك الأطفال مما اشعل نار الانتقام بقلوبهم جميعًا عازمين على القضاء عليهم هاتفين جميعهم بصوت واحد حازم: تماااام يا فندم.
نظر إليهم اللواء متحدثًا بفخر: ربنا معاكم يا ابطال.
صعدوا إلى السيارات المجهزة لهم ومن ثم انطلقوا، بعد وقت ليس بالقليل كانوا على مقربة من تلك المغارة المطلوب الهجوم عليها، نظروا إلى شاشة المكبر التي يرصدون بها جميع تحركاتهم وجدوا شحنة كبيرة محملة بالكثير ومن الأسلحة وبعدها بعدة دقائق جاءت شحنة اخري كان بها العديد من الأطفال مكتوفين الأيدي ومعصوبين العينين.
صك عمر على أسنانه بغضب لافظًا سبابًا فظًا لبشاعة المنظر: اه يا ولاااد ال والله لهتندموا على دا كله.
مر بعض الوقت لتظهر سيارة ضخمة يظهر على أصدقائها الثراء، وقفت تلك السيارة على بعد ليس بالبعيد عن المغارة ليترجل منها مجموعة من الشباب تظهر على ملامحهم بأنهم ليسوا مصريين الجنسية وبعدها ترجل عدد من الفتيات ذات ملامح أجنبية، صفر عمر باستمتاع قائلًا بضحك: اهي الحلويات دي هي اللي بتصبر الواحد على القرف اللي هيعمله دلوقتي.
لكزه منتصر في كتفه بقوة هاتفًا بحنق: داخل تموت وبتعاكس بردو يا معفن.
لكمه عمر لكمة خفيفة بوجهه قائلًا وهو يركز هذا الجهاز على إحدي الفتيات: اخرس انت شايف الصاروخ اللي هناك دي.
نظر اليه منتصر بغيظ ونظر إلى ما ينظر هاتفًا بإعجاب: تصدق فعلاً صاروخ.
نظر اليه عمر وانفجر ضاحكًا، حاول كتم ضحكاته بسبب نظرات الغضب التي حدجها به الجميع، رافعًا يديه باعتذار: اسف يا شباب، ركزوا ركزوا.
حل الظلام قليلًا فقد كانوا وقت الغروب، ظلوا طوال تلك المدة في أماكنهم ليترقبوا تحركاتهم ويستطيعوا إنتهاز الوقت المناسب للقبض عليهم.
عندما وجدوا الحرس بالخارج يتركون أماكنهم تحركوا بخفة إلى الداخل، اخذ كل منهم مكانه المناسب، بالبداية لم يجدوا أي عقبة ولكن بعدها وجدوا حارسان ذو أجساد ضخمة يسدون الطريق، تحرك عمر بخفة ومعه أحد أصدقائه قادمًا من خلفه فقام بضربه على رأسه بطرف سلاحه ثم قام بكسر عنقه، والاخر قام بوضع كاتم الصوت في سلاحه ليقوم بالضغط عليه ناهيًا به حياة الآخر، نظر لعمر غامزًا: كدا اسهل.
أشار له عمر مبتسمًا بعلامة ابليت حسنًا، ثم قاموا بالولوج للداخل ليحاصروا كل من يقف بالداخل.
نظروا اليهم بفزع فتحدث كبيرهم بغضب رغم الخوف الشديد المسيطر عليه: انتو مين؟ ودخلتوا هنا ازاي.
نظر اليه منتصر بسخرية هاتفًا بسخرية: دخلنا هنا ازاي فاحنا دخلنا من الباب، لكن احنا مين احنا عملك الأسود إن شاء الله.
نظر اليه بغضب ثم تعالت أصوات ضحكاته: وانت فاكرين لما تدخلوا كدا هتخرجوا عايشين.
تحدث أحد الضباط باستفزاز: لا يا حيلتها هنخرج بس وانتوا معانا ورقابكوا على حبل المشنقة.
لمح عمر احدهم يحاول الفرار من خلفهم وسحب سلاحه للتصويب عليهم ولكنه سبقه وقام بالتصويب عليهم فأدت إلى مصرعه بالحال.
تبادلوا جميعًا الطلقات، كانت قوات الشرطة تفوقهم عددًا وقوة فاستطاعوا إدراك الموقف، نظر عمر لإحدي الممرات ذاهبًا اليها لتخليص تلك الأطفال المحتجزة من هذا السجن، فتح الغرفة الاولي لم يجد بها شئ سوا نفايات ذات رائحة قذرة، فتح باب الغرفة الثانية على مهل وجد عدد كبير من الأطفال اجسادهم نحيفة ويملأهم الغبار، نظر إليهم بألم، فيا تري ما تعرض هؤلاء الأطفال قبل القدوم وتخليصهم من تحت ايدي الذئاب البشرية، كاد أن يدخل لهم ولكنه انتفض عندما وجد أحدهم يضع يده على كتفه لكمه عمر بشدة فصرخ الأخر بألم وغضب: براحة يا غبي.
نظر اليه عمر بسخرية: كنت كح أو اعمل اي بتنجان، بدل ما تخضني كدا.
غمز له منتصر بمشاكسة: ايه اتخضيتي يا بيضة.
نظر له بغيظ قائلًا بحدة: يلا قوم يا خفيف عشان نطلع الاولاد دول من هنا.
تحولت ملامح كلاهم للجدية فذهب منتصر ناحية الباب لرؤية إذا كان الطريق آمن أم لا ثم عاد ليطمأن عمر ولكنه وجد أحد الرجال تصوب سلاحه اتجااهه بينما هو غير منتبه للواقف خلفه.
صرخ منتصر بفزع: حااااااسب يا عمرررر.
عادت ضحي إلى المنزل يوجه متهجم كلما تذكرت هذا الحقير وفي نفس الوقت تفكر في حديث ايات معها، وجدت أخيها جالس على الاريكة ويظهر عليه الشرود الشديد، جلست بجانبه ولكنه لم يراها من الأساس، لوت شفتيها بسخط: اللي يشوفك يقول عليك عاشق ولهان وانت يا عين امك جبلة.
نظر اليها بطرف عينه بحدة فحمحمت: ايه يا جدع بهزر، وبعدين عامل فيها نيللي كريم وسرحان وك.
لم تكمل حديثها لإمساكه طرف بلوزتها جاذبًا إيها بحدة: انا نفسي اعررررف لسانك دا مش هيتلم.
نظرت اليه بفزع قائلة بخضة: لساني يتلم؟ انتي عايزني اتحرق ولا اموت عشان كاتمة على نفسي كلام كتير وتنبسط انت بقا وتورثني لما اموت صح.
تشنجت ملامح وجهه بسخط: اورثك؟ وانتي؟ يا معفنة انتي حلتك حاجة.
نظرت اليه نظرات مترقبة واقتربت منه بهدوء مميت قائلة بهمس مخيف: انت عارف لو بس حسيت إن الجنيه ونص اللي تحت المخدة مش موجودين هعمل في خلقتك ايه؟
ابتعد بوجهه قليلًا وهز رأسه بالرفض وهو يبتلع ريقه بتوتر، فأكملت هي بنفس الهمس: هشوهك يا ساهر، فاهم هشوه وشك الحلو دا.
ثم تركته ودخلت إلى غرفتها، وما هي إلا ثواني معدودة وسمعها تصرخ بإسمه بغضب: ساااااااااهر الجنيه ونص يا حراااااامي.
خرجت لم تجده ولكنها سمعت بااب المرحاض يغلق بقوة فعلمت انه هرب منها للداخل: اطلع يا جبااااان، اطللللع.
خرجت والدتها من الغرفة على صراخهم قائلة بتعجب: في ايه يا ضحي؟ وفين اخوكي.
ذهبت اليها ضحي مسرعة: تعالي يا ماما، تعالي شوفي ابنك المصوووون عمل ايه.
فتح ساهر الباب قليلًا هاتفًا بضحك: اماال لو عرفتي اني كلت الشكولاتة بتاعتك هتعملي ايه؟
تجمد جسدها عدة دقائق قبل أن تذهب ناحية الباب بسرعة ولكنه سبقها واغلقه مرة اخري: اللهي تطفحه ياااا بعيييييد، تك سمممم يا معفن يا باااارد، والله لهطفحهولك.
نظرت إلى والدتها التي تنظر اليهم بصدمة هاتفة بغضب وحزن: شوفتي يا كريمة ابنك الطفس والله ما هسيبه.
ضربت كريمة يدها بالأخري هاتفة بيأس: عوض عليا عوض الصابرين يارب.
ثم ولجت للداخل قبل أن تهتف: جهزي الأكل ليكي ولأخوكي يا حبيبتي هتلاقيه عندك سخنيه بس.
نظرت ضحي إلى باب غرفة والدتها والي باب المرحاض المغلق بغيظ ثم دخلت إلى المطبخ وهي تتمتم بغيظ بكلمات غير مفهومة.
اتكأ يزن على مكتبه بنظرات انتصار ومن ثم رفع هاتفه طالبًا إحدي الأرقام، انتظر عدة ثواني حتى ارتفع صوته بكلمات شامتة: قلبي عندك يابن الرفاعي، حذرتك قبل كدا تبعد عن طريقي بس انت عملت اللي في دماغك، متجيش دلوقتي تزعل، انت اللي بديت الحرب وانا اللي هكسبها.
استمع لصرخات الآخر الغاضبة قائلًا بغضب حارق ووعيد: والله لهندمك يابن الراوي، إن ما خليتك تخسر أغلي حاجة عندك واحسرك على عيلتك واحد واحد مبقاش أنا مرتضي الرفاعي.
تأجج الغضب بصدره ولكنه أجاب ببرود عكس النار المشتعلة بداخله: كنت عملتها زمان، يزن الراوي دلوقتي جه دوره على كل واحد فيكو، بس هسيبك انت للأخر، عايز اشوفك وانت بتترجاني بس وقتها صدقني مش هرحمك، هخسرك كل املاكك وبعدها هنفيك من على وش الأرض.
ابتلع مرتضي ريقه بخوف شديد فهو اكثر شخص يعلم من هو يزن الراوي الملقب بالشيطان ألد أعدائه.
اغلق يزن الهاتف بوجهه ثم عاد للخلف مستندًا على كرسيه بارتياح قائلًا باستمتاع وعيون يمتلأ بها هدف الانتقام: ودلوقتي اقدر اقول بدأ العد التنازلي لأعدائي.
نظر عمر بفزع لصراخ صديقه منتصر باسمه، استدار للخلف وجد احد الرجال يصوب تجاهه سلاحه بشر، كاد عمر ان يسحب سلاحه من خلف ظهره ولكن سبقه الآخر بإطلاق الرصاص عليه، أغمض عينه بشدة بانتظار مصيره ولكنه فتح عين بدهشة عندما لم يمسه شئ، شعر بتخدر جسده عندما رأي صديقه منتصر ملقيًا أمامه وينزف الكثير من الدماء، اشتعلت عينه بغضب جامح، امسك مسدسه موجهًا إياه في وجه الآخر، ثواني وكان صوت الرصاص يصدح في المكان ناحية رأس الأخر الذي لقي مصرعه فورًا.
ارتمي عمر بجانب صديقه الغارق بدمائه: م منتصر، منتصر قوم، قوم يا صحبي.
لم يجد منه فبكي بصوت مسموع: قوم يا صحبي عشان خاطري، احتضنه بشده باكيًا، ولكنه فزع عندما وجد الآخر يصرخ به بتألم: ااااه ابعد يا حيوان هتكتم نفسي.
ابتعد عنه عمر بشدهشة هاتفًا بتعجب: ايه دا؟ انت لسه عايش.
صرخ به صارخًا: ياخي قول الله اكبر، الله يحرقك، قومني قومني.
سانده حتى يستطيع أن يستعيد اتزانه وما زال على حالة تعجبه تلك: از ازاي؟
غمز له بمشاكسة وهو يمسك جانبه بألم قليل: هي الصدمة قصرت على دماغك ولا ايه يا حضرة الظابط، مش احنا لابسين واقي رصاص ولا إيه.
استوعب عمر حديثه قائلا بغضب حارق بسبب خوفه الشديد عليه: ولما انت متنيل على عينك مقولتش ليه يا حيوان.
هز منتصر كتفيه بدلال: كنت عايزة اشوف غلاوتي عندك يا بيبي.
نظر له بقرف ثم تركه وغادر متجاهلًا مناداة منتصر عليه وهو يكاد يكتم ضحكاته بصعوبة: يابني رايح فين.
هأمن الطريق يا خفيف، عشان تخرج العيال اللي انت فزعتهم دول.
هتف بكلماته بغيظ، بينما يحمد ربه بداخله على سلامة صديقه.
اشار عمر لصديقه بعدما راقب المكان جيدًا بأن يتقدم ومعه الأطفال، نظر للأطفال موجهًا حديثه لمنتصر: اخرج انت من الباب دا وانا هدخل اشوف اذا كان حد جوا تاني ولا لأ.
اعترض منتصر بشدة هاتفًا برفض: مستحيل اسيبك لوحدك هنا.
نظر اليه بحزم متحدثًا بقوة: منتصر، مش وقته الكلام دا دلوقتي لازم نطلع من هنا بأسرع وقت خرج الأطفال دي من هنا بسرعة.
اومأ له بالموافقة وخرج لامتعاض، بينما عمر قام بالولوج للداخل مرة أخري لرؤية اذا كان هناك احدًا من الأطفال بالداخل أم لا.
استطاع منصر إخراج الأطفال بأمان ومن ثم عاد للداخل بسرعة لصديقه، توقف بصدمة عندما وجد عمر يجلس على عقبيه ويحتضن شخصًا ما قائلًا بمواساة: بااااس خلاص اهدي محصلش حاجة.
تقدم منتصر بتعجب فوجده محتضن تلك الفتاة التي كانت معهم بالداخل منذ قليل بينما وجه الفتاة ممتلئ بالذعر وشعرها الاحمر الناري ينزل على وجهها معطيها مظهرًا خلاب، تحدث بغيظ: الله يخربيتك بتعمل ايه يابني ادم.
قاطعه عمر مردفًا للأخري التي كانت تبكي بخوف: ششششش، عيطي ياختي، عيطي وهاتي كل اللي عندك وانا معاكي، ثم اخذ يربت على ظهرها بحنان مكملًا: عيطي وهاتي اللي في نفسك، انا عارف إن صوت الرصاص مخوفك بس انتي اكيد مش زيهم.
ابتعدت عنه الفتاة التي كانت مازالت تبكي قائلة بخوف بلكنتها الإنجليزية: I m so afraid. « انا خائفة كثيرًا».
اعادها عمر لأحضانه مرة اخري قائلًا بحنان: متخافيش ياختي، طول مانا معاكي متخافيش، مش ذنبي انك شوفتيني وانا بقتله، بس انا حنين وطيب وكمان قولت لبويا بلاش جيش يابا يقولي عايزك تبقي راجل ومسمعش كلامي.
نظر اليه منتصر بتشنج: يا حنين، ابوك القاسي دا ملوش حق، ثم صرخ فازعًا: قوم يا حيوان اخلص بقا هما برا بيدوروا عالبنت الرابعة وانت قاعد هنا تحضن وتفعص فيها، ذهب اليه غاضبًا وسحبها من يده بقوة: قومي ياختي، دانتي هتشوفي ايام احمر من شعرك اتجري قدامي، ثم ترك عمر وذهب.
نادي عليه عمر بغيظ قائلًا بغضب: واخد الموزة ورايح غلي فين يا عم، هو احنا هنبص لبعض في الارزاق ولا ايه؟
احضرت صحي الطعام ووضعته امام اخيها بغيظ بينما هو كان لا يزال يكتم ضحكته بشدة، كادت ان تتحدت ولكنها تذكرت عملها فجلست هادئة على غير عادتها، نظر اليها أخيها بشك وجلس جانبها مشاكسًا إياه وهو يتناول قطعة من الطعام ويضعها بفمه: مالك يا سيد، ساكت ليه.
نظرت له بطرف عينها وجزت على اسنانها بغضب ولكنها صمتت حتى تستطيع التحدث معه.
فركت يدها بتوتر مغمضة عينها تحاول ايجاد الكلمات المناسبة حتى تخبره، نظر اليها باستغراب متحدثًا بحنان: مالك يا حبيبتي، عايزة تقولي ايه.
تلعثمت بحديثها في البداية ولكنها قررت اخباره: ب بصراحة، كنت عايزة اقولك على حاجة بس توعدني متتعصبش عليا، وكمان عايزاك تفهمني.
اومأ اليها بهدوء مما شجعها على الإكمال: يعني يعني انا انا كنت عايزة اشتغل.
نظر اليها بهدوء تاركًا الطعام من يده متحدثًا ببرود: لا.
كادت ان تتحدث فقاطعها مزمجرًا اياها بغضب: لما ابقي اموت ابقي اشتغلي براحتك.
ذهبت اليه بخوف متحدثة بحزن وهي تحتضنه: بعد الشر عليك يا حبيبي، والله انا مش قصدي اقدايقك والله العظيم، انا بس كنت عايزة اشتغل واساعدك.
نظر لها بسخرية: ليه كنتي شايفاني عاجز؟
تحدثت بسرعة مصححة خطأها: لا والله أبداً مش قصدي، بس انا شايفة إنك شايل كل حاجة لوحدك، حتى بتستخسر تجيب لنفسك اي حاجة وكل اللي يهمك راحتي انا وماما وناسي نفسك خالص، كاد ان يهم بالاعتراض لكنها اكملت دون إعطائه فرصة: دا غير ان الشغل اللي انا لقيته اربع ساعات في اليوم بس ومش كتير بجانب دراستي ومش ههملها أبداً علشان خاطري يا ساهر اديني فرصة واحدة بس.
لم يجيبها ونظر امامه ببرود، لكن عندما لاحظ الدموع المتجمعة في عينها لم يعد يحتمل فاحتضنها بحنان شديد: خلاص يا حبيبتي اعملي اللي انتي عايزاه، ارتسمت الفرحة على وجهها ولكنه أكمل بتهجم: بس لو عرفت انك مقصرو في مذاكرتك انا الشغل دا ميلزمنيش.
قفزت بفرح واحتضنته بحب: ربنا يخليك ليا يارب.
همس لها بحنان: ويخليكي ليا يا حبيبتي.
كانت سعيدة للغاية بعد اقناع اخيها بصعوبة ولكنها لا تلعم ماذا يخبئ لها القدر.