قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية خادمة الشيطان للكاتبة شروق حسن الفصل الخامس

رواية خادمة الشيطان للكاتبة شروق حسن الفصل الخامس

رواية خادمة الشيطان للكاتبة شروق حسن الفصل الخامس

سطعت الشمس في صباح يوم جديد، لتعلن قدومها بالبهجة والنور لكل من حولها، لتدخل غرفة تلك المشاكسة ولكن على عكس عادتها لم تكن موجودة بفراشها بل كانت تدندن بسعادة وهي ترتدي ملابسها متحمسة لأول يوم عمل لها بتلك الشركة، كانت سعيدة للغاية انها وجدت عمل مناسب لها وبهذا الثمن الباهظ، لم تستطيع النوم لشدة حماسها كما في العادة، فهي عندما تكون سعيدة بشدة ومتحمسة لشئ ما لا تنام طوال الليل من سعادتها وإهلاك عقلها بالتفكير في اليوم التالي.

انتهت من ارتداء ملابسها ناظرو لنفسها برضا في مرآة غرفتها محمكة إغلاق حجابها جيدًا حول رأسها.
ابتسمت ببشاشة معطية لنفسها قبلة أمام المرآة قائلة بغرور مصطنع: طيب والنبي انا قمر ومحدش في جمالي.
اتي من خلفها صوت اخيها المستنكر: دا مين الاعمي اللي قالك كدا؟
نظرت اليه بغيظ مشوحة بيدها في الهواء: والنبي اسكت انت، ايش عرفك انت في الجنس الناعم.
هتف بسخرية: ناعم؟ مش شايفه.

جزت على اسنانها بغيظ وهي تعاود النظر لنفسها بالمرآة: عندك كلمة حلوة قولها معندكش اسرح من هنا الله يسترك.
اقترب منها ونظر إليها بحنان: بهزر معاكي يا حبيبتى، زي القمر.
نظرت اليه بابتسامة متشجعة: بجد يا ساهر؟
قبل رأسها بحنان: بجد يا قلبي، ثم نظر إلى فرحتها تلك: مكنتش اعرف إني مجرد ما اوافق على شغلك دا هتفرحي كدا؟

اومأت له بفرحة هاتفة بسعادة: ايوا انا كان نفسي اشتغل اوي بس كنت خايفة اقولك عشان متزعلش، وكمان كنت شايفاك وانت بتكافح علشاني أنا وماما فكنت عايزة اردلك شوية من جمايلك دي.
ضربها على رأسها بخفة قائلًا بعتاب حزين: وهو انا كنت اشتكتلك؟ وبعدين لو مكافحتش عشانك انتي وماما هعمل كل دا لمين يا هبلة؟
احتضنته بقوة هامسة بحب: ربنا يديمك لينا سند يا ساهر، معوضني عن حنان الأب اللي عمري ما شوفته.

قالت جملتها الأخيرة وهي تتذكر معاملة والدها الجافة لها.
لاحظ ساهر ملامحها التي تبدلت للحزن فقرر مشاكستها قائلًا بمرح: ابو مين يا عجلة انتي، انا لسه صغير ومسمسم وحلو زي ما انا، قال بابا قال.
ضحكت على ملامحه المتذمرة قائلة بتكبر مصطنع: وانت تطول يا معفن، دا انا اشرف الباشا ذات نفسه.
نظر اليها بسخرية تاركًا إياه تغمغم بغيظ لنظرته تلك.

ولكن سرعان ما تبدلت ملامحها للفرحة وهي تأخذ حقيبتها مغادرة المنزل للعمل الجديد، لتواجه مصيرها هناك.

كان يزن يجلس على فراشه صاببًا تركيزه كاملًا على شاشة الحاسوب الذي أمامه متابعًا عمله من خلاله، كان يضرب على لوحة الحاسوب بكل براعة، ابتسم بانتصار عندما انهي اخر شئ يقوم بعمله هامسًا بغل: وكدا تكون أول شركات عدو من أعدائي تحت النقيض.

أغلق الهاتف مغمضًا عينه شاعرًا بالإنتشاء من انتصاره، اعتدل في جلسته ثم وقف ودخل لمرحاض غرفته وهو ينظر أمامه بغموض كأنه على علم بما يحدث أو بمعني أخر بما سيحدث بعد قليل.
بعد دخوله بعدة دقائق فُتح باب غرفته بهدوء فدخلت الخادمة بخوف شديد ولكن هدأت نبضات قلبها قليلًا عندما استمعت لصوت المياه المنهمرة من داخل المرحاض، نفخت براحة ثم قامت بالبحث بما أُمرت به.

ظلت عدة دقائق تبحث في أدراج الغرفة ولكن لا شئ، نظرت إلى خزانته فابتلعت ريقها بتوتر وهي تنظر ناحية المرحاض خوفًا من خروجه في أي لحظة، ذهبت ناحية الخزانة بسرعة وظلت تبحث بين ملابسه عن شئ بعينه ولكن حتى الآن لم تجد شئ، تهللت اساريرها بسعادة عندما وجدت صندوق صغير مخبأ جانبًا، فتحته بسرعة والأن وجدت ضالتها، وضعته في ملابسها بسرعة ووجدت بعض المال امتلأت عينها بطمع فقامت بأخذ المال أيضًا، فبعض المال القليل لن يؤثر على ثروة يزن الراوي، تحولت نظراتها للذعر عندما لم تسمع صوت المياة فأغلقت الخزانة وخرجت بسرعة من غرفته قبل أن يُكشف أمرها.

خرج من المرحاض عاري الصدر ويلف على خصره منشفة طويلة تصل لبعد ركبتيه نظر حوله ببسمة سخرية ثم أكمل ارتداء ملابسه هامسًا في نفسه: طول عمرك هتفضل غبي يا مرتضي، ومشغل معاك اللي أغبي منك.

عاد عمر ومنتصر من مهمتهم، طلب منتصر من عمر الذهاب معه إلى منزله وعندما هم بالرفض قاطعه محاولًا أخذ الموافقة منه: ياعم تعالي هنشرب كوبايتين شاي أو أي حاجة.
رفع حاجبيه بتهكم: كوبايتين شاي؟ لا يا عم انا عايز اتغدي، انا على لحم بطني من الصبح.
نظر اليه منتصر بقرف: طول عمرك طفس، يلا قدامي ياخويا نروح ناكل يارب اختي البومة بس تكون عملت الأكل حلو ومتكسفناش زي كل مرة.

ضحك عليه عمر هاتفًا بمرح: يلا ربنا يستر.
كانت رزان جالسة في غرفتها بعد أن قامت بتأدية فرضها، وضعت يدها على رأسها من شدة الألم وحسمت أمرها بعدم ذهابها إلى جامعتها إلى أن تتعافي تمامًا، قامت بالولوج إلى المطبخ وجدت والدتها تهم بتحضير الطعام فقالت بصراخ: باااااس، استني عندك، انا اللي هعمل الأكل يا فوزية.

نظرت اليها والدتها بفزع قائلة بخضة: جرا ايه يابنت الهبلة انتي، هي ناقصة جنان امك، وبعدين اكل ايه اللي هتعمليه اخوكي جاي النهاردة ومش ناقص عك في معدته يا عين امه.

تشنج وجهها بامتعاض: دلعيه دلعيه ياختي، ما احنا مش بيطولنا من الحب جانب غير سي صاصا بتاعك، لم تجب عليها والدتها وشرعت بتجهيز الطعام ولكنها قالت بعناد: طب طلاق تلاتة لهعمل الأكل معاكي هااا، ثم بدأت بتحضير الطعام مع والدتها بينما والدتها نظرت اليها بغيظ: مش هتسكتي غير ما تجبيله تلبك معوي أنا عارفة.
ومالو فدايا يكش نخلص.
نهرتها والدتها بحدة: بت اتلمي دا اخوكي اكبر منك.

ضحكت رزان بمشاكسة: في ايه يا وزة بس دا انا حتى بهزر يا ولية.
لم تجب عليها والدتها وظهر الغضب جلي على وجهها فذهبت اليها قائلة بحب: خلاص بقا والله بهزر.
ابتسمت لها والدتها بحب قائلة بتنهيدة: طيب روحي اعملي السلطة وسيبي الاكل.
نظرت اليها رزان بعناد: لا بقاااا وخدي الكبيرة هعمل ورق العنب اناا.
بعد ساعة من الوقت وانتهوا من تجهيز جميع انواع الطعام، نظرت رزان إلى الطعام بفخر: تسلم ايدي والله.

حدقتها والدتها بتهكم: يسلم ايدك ايه، دانتي فضلتي تلفي ورق العنب في ساعة الا ربع يا بنت الموكوسة.
ردت عليها بامتعاض: يعني بعد دا كله مفيش شكرًا.
خرجت والدتها من المطبخ وهي تتمتم: ربنا يستر بس وتكوني عاملاه عدل مش زي كل مرة.
سمعتها رزان فهتفت بغيظ: على فكرة انتو معندكوش زوق في الاكل هاااا.

سمعت صوت مقبض الباب يليه صوت اخيها وصوت والدتها المرحب به بحفاوة شديدة، خرجت مسرعة لرؤية اخيها فتهفت بفرحة عند رؤيتها له: منتصررررر.

رفع نظره اليها كاد ان يذهب اليها ولكنها سبقته وذهبت اليه بسرعة شديدة فتعثرت في اسدالها مما ادي إلى وقوعها بشدة امام اخيها وعمر الذي كان يكتم ضحكته بصعوبة، استطاعت الوقوف ولكن لاحظت هذا الذي يقف بجانب اخيها الذي بنظر اليها بيأس من تصرفاتها الهوجاء فقالت بابتسامة غبية: سااموو عليكو.

لم يستطيع عمر كتم ضحكته على منظرها التي بدت فيه كالحمقاء فضحك بشدة، نظرت اليه رزان بغيظ: في ايه يا كابتن اول مرة تشوف بني ادمة بتقع.
لم يستطيع تمالك نفسه اكثر فنظر إلى منتصر بضحك: اسف والله مقدرتش مضحكش.
لوي منتصر فمه بتهكم: مش قولتلك، تعالي ادخل.
ولكن اوقفه عمر وهو يقول بتساؤل: هي دي اختك البومة؟
شهقت رزان بعنف قائلة بغضب: نااااعم بوووومة.

ابتلع منتصر ريقه بصعوبة هاتفًا بتوتر: لا يا حبيبتي دا عمر بس بيحب يهزر، ثم ضربه بجانبه بشدة: ولا ايه يا عمر؟
تألم عمر من ضربته تلك مبتسمًا بغباء هو الآخر: اه اه بهزر.
نظرت اليهم شزرا ثم ذهبت خلف والدتها التي تضرب يدًا بالاخري: خد صاحبك يا حبيبي واقعد على السفرة لحد ما اجيب الأكل واجي، ثم نظرت لرزان: وانتي يا اخرة صبري تعالي ورايا عشان تساعديني.

ذهبت خلفها بتذمر وهي تنظر بغيظ لأخيها وبنظرات متوعدة، بينما اخذ منتصر عمر للداخل وجلسوا على سفره الطعام ونهره بحدة: الله يحرقك يا عمر، ايه اللي انت قولته دا، انت مش عارف اختي دي ولية مفترية وممكن تجيب رقبتي أنا وانت او تلبسنا مصيبة لوز.
ضحك عمر بعدم تصديق من حديثه: ياجدع دي باين عليها كيوت وهبلة وفي حاالها.
تشنج وجه معتصم هاتفًا بتهكم: كيوت؟ اسكت وحياة امك دي مسجلة خطر اصلًا.

كاد عمر ان يرد عليه ولكن لكزه منتصر في كتفه هامسًا له: اسكت عشان داخلة علينا.
ضحك عمر بصوت عالي لم يستطيع منعه: يابني انشف كدا خايف من اختك؟
حدقه بغيظ متوعدًا له بابتسامة شيطانية: بقا كدا! تمام انت اللي اخترت.
جاءت رزان ووضعت الطعام ببسمة بسيطة عكس ما كانت عليه منذ وقت قليل هاتفة برقة: اتفضلوا.

ولكن توقفت على صوت منتصر وهو بنظر لعمر قائلًا بعتاب قليل: عيب يا عمر خلاص، قولتلك دي اختي مينفعش تشتمها كدا حتى لو بهزار.
نظر اليه عمر باستغراب وكاد ان يتحدث ولكن منتصر قاطعه وهو ينظر لرزان التي تنظر اليه بحدة: متزعليش يا حبيبتي، هو اكيد مش قصده بس عمر طيب والله ومش بتاع مشاكل.
حدجته رزان بغل هاتفة بحدة وهي تجز على اسنانها بغيظ: هو قال ايه!

كاد ان يبتسم بخبث على ملامح صديقه المذهولة من حديثه ولكنه منع ضحكاته من الصدوح حتى لا تكتشف رزان خدعته وقتها فقط سيقع هو بورطة حقيقية، فهتف متصنعًا التوتر: لا خلاص، طالما مسمعتيش هو قال إيه يبقي خلاص، كنت مفكرك سمعتي ولا حاجة.
امسكت السكينة التي أمامها ووجهتها في وجهه قائلة بغيظ: انت قولت عليا ايه ياض في غيابي.

نظر عمر للأداة الحادة بتكم قائًلا وهو يرفع حاجبيه باستخفاف: سيبي يا عسل اللعبة اللي في ايدك دي.
غرزت رزان السكينة امامه بحدة ولكن لم يرف له جفن: ها خلصتي؟
لم تحبه واكتفت بالنظر اليه بغيظ، ولكنها اجفلت على صوته المفزع العالي: بقولك خلصتي؟
رجعت للخلف بخوف وابتلعت ريقها بصعوبة من الخوف، بينما منتصر كان يتابع الموقف بصدمة ناظرًا لصديقه هاتفًا بعدم تصديق: يابن اللذينة، عملتها ازااااي دي.

رفع عمر ياقة قميصه بغرور قائلًا بتكبر: عيب عليك يابني وبعدين انا اتعاملت مع النوع دا كتييييير.
كاد ان يجيب ولكن جاءت والدته لوضع باقي اصناف الطعام فوجدت ابنتها تنظر له بحنق فهتفت فيها بصوت عالي: واقفة كدا ليه يا اخرة صبري، تعالي اقعدي كلي.
ذهبت وجلست بجانب والدتها وتنظر إليه بغضب وحنق بالغ بينما هو يبتسم اليها ببرود مما زاد حنقها اكثر، ولكنها توعدت له كثيرًا وبداخلها تثار من شدة الغضب.

بعد مرور شهر كامل.

كانت ضجي تجلس خلف مكتبها تقةن بتجهيز الملفات التي طلبها مرتضي منها، رغم عدم ارتياحها بهذا المكان ولكن ما باليد حيلة فهي تريد هذا العمل وبشدة لمساعدة اخيها ووالدتها، ولكن ما يثير غضبها هو نظرات مرتضي الغير مريحة إليها بالمرة، وكلماته الجريئة الوقحة احيانًا ولكن قررت عدم التفكير بهذا الأمر كثيرًا، فهي قادمة هنا فقط للعمل وليس لشئ أخر، تذكرت حينما طلبها في مكتبه ولكنها تفاجئت بصرف مكافأة لها متحججًا بأنها مكافأة لإجتهادها الواضح في عملها، رغم عدم مرور أكثر من اسبوعين وقتها على عملها معه، وما زاد خوفها أكثر هو صرف مكافأة أخري لها اليوم، تنهدت بتعب من تفكيرها الزائد بهذا الأمر، ولكنه حقًا يحق لها الخوف.

انتهت من تجهيز الأوراق وكادت أن تطرق باب مكتبه ولكنها سمعته دون قصد وهو يتحدث بالهاتف: ايوا يا حمدي، خلصلي كل حاجة النهاردة، عايز أخلص منه في أقرب وقت، بقا عامل زي الشوكة في طريقنا صاح بانفعال: يعني ايه مش هتقدر، احنا بقينا بنتصفي واحد واحد ورا بعض وحاسس إن الموضوع دا فيه إن اسمع انا متأكد إن ابن الراوي هو اللي ورا اللي بيحصلنا دا كله، رغم انه معانا في نفس المركب بس محدش عارف يمسك عليه حاجة خلاص خلاص، قولي عملت ايه في حكاية البنات.

ابتسم بتقزز: طيب كويس أوي وكمان أنا عندي كام بنت هنا يومين كدا وهقول إني رايح مؤتمر برا وهاخدهم معايا، الصراحة البنات تستاهل بزيادة تمام سلام.
ثم اغلق الهاتف وهو يبتسم بشر وفي يده يدخن سيجاره بشراهة وهو يضحك بخبث.

بينما كانت الاخري تقف بوجه شاحب وعيون منصدمة، تجمدت مكانها وظل حديث يدور في رأسها، ارتعشت اطرافها بشدة مما سمعته، ظلت تسأل نفسها ماذا كان سيحدث إن لم تستمع لخطته الدنيئة التي ستقضي على مستقبل الكثير من الفتيات، ماذا كان سيحدث لأخيها ووالدتها، لم تستطيع منع تلك العبرات الخائفة من التجمع، حاولت لمام شتات نفسها قبل أن يلاحظ أحد حالتها تلك، قررت الدخول وكأنها لم تسمع شئ ومن بعدها ستذهب من هنا دون رجعة.

دقت باب مكتبه بيد مرتجفة، سمعت صوته الغليظ يسمح لها بالدخول، اغمضت عينها بقوة تحاول جمع شتات أمرها، ثم خلت بأقدام مرتعشة، حاولت رسم ابتسامة صغيرة وهي تقدم له الملف وهي تقول بتوتر: اتفضل يا فندم.
تناوله منها ثم نظر لها مطولًا فحاولت تشتيت نفسها والفرار منه بسرعة فأذنت منه بالخروج ولكنه صاح: استني عندك.

تجمد جسدها وهي تراه قادم ناحيتها وهو يحاول سبر اغوارها، تقدم منها بشدة على غير عادته فعادت للخلف بعنف ناظرة إليه بحدة: خير يا فندم.
تحدث باستفزاز: كل خير إن شاء الله.

ثم اقترب منها اكثر وعينه تطوف على انحاء جسدها بطريقة تقشعر لها الأبدان، بينما عي استجمعت شجاعتها الزائفة مبتعدة عنه بغضب ولمنه سبقها وامسكها من معصمها بشدة مقربًا إياه اليه بكرؤقة مقززة، حاولت الالتفات من يديه ولكن دون فائدة، فهي لا شئ أمام جسده الضخم بالنسبة لجسدها الضئيل، رفعت يدها وعلى حين غفلة صفعته بشدة على وجهه، استشاط غضبًا من فعلتها صارخًا بحدة: اه يا بنت الكلب، والله لهربيكي.

ثم امسكها من شعرها بشدة واقترب منها بعنف قائلًا بفحيح: فكرك لما تتصنتي عليا مش هعرف، ثم أشار بيده على جدران الغرفة: شوفي شوفي المكان دا كله متراقب حتة حتة، فمش حتة بت زيك هي اللي هتتشطر عليا.
ثم دفعها للخلف بعنف ومازلت بين يده، حاولت التملص من بين يده وهي تصرخ بشدة: سبني يا حيواااااان، بقولك سبني.
ضحك بصخب: صرخي محدش هيسمعك هنا غيري يا حلوة.

ظلت تقاومه بشراسة وتصرخ ولكن دون فائدة، لم تجد أمامها سوي مطفأة سجائره فأمسكتها بصعوبة ثم ضربته على رأسه بقوة هاربة منه بسرعة البرق.
خرجت من مكتبها تحاول منع شهقاتها العالية ولكن لم تستطيع، فمستقبلها كاد أن يضيع بسبب شبه إنسان أراد التعدي عليه بل كان يريد الإتجار بها وهي وبعض الفتيات.
جلست أمام شاطئ النيل قليلًا محاولة التحكم في بكائها الذي كان يتزايد عندما تتذكر ما حدث.

بعد وقت قليل، مسجت دموعها بعنف وقررت العودة للمنزل فالوقت قد تأخر كثيرًا، وصلت إلى الحارة التي تقطن بها ولكن وجدت إحدي جاراتها تبكي وتأن بألم، ذهبت إليها مسرعة للمساعدتها هاتفة بخوف: مالك يا أم رضا.
نظرت اليها بألم: مفيش حاجة يابنتي شوية وجع وهيروحوا لحالهم.
حدقتها ضحي نظرة فاحصة وجدت إنها بالفعل مريضة: شوية وجع إيه، دانتي تعبانة خالص، تعالي ارجعي معايا البيت.

هزت رأسها بنفي وهي تنظر اليها بحسرة: مينفعش ورايا شغل وبقالي كام يوم تعبانة وواخدة إجازة والنهاردة بعتولي إني لو مجتش هيشوفوا غير وأنا بجري على يتامي يا بنتي.
نظرت إليها بألم فيبدو انه لم تكن هي الوحيدة التي تعاني في هذا العالم القاسي، أومأت اليها قائلة بتصميم: طيب قوليلي مكان شغلك فين وانا هشتغل بدالك لحد ما تخفي وبعدين تقدري ترجعي وقت ما تبقي كويسة خالص.

حدجتها بلهفة قائلة بفرحة: بجد يا ضحي؟ بجد يابنتي.
ابتسمت اليها ضحي بحنان عند رؤية فرحتها تلك: اه والله هروح لحد ما تتعافي خالص، قوليلي العنوان فين.
املتها عنوان مكان عملها قائلة: فيلا الراوي.
«ومن هنا هتبدأ أحداث الرواية اللي هتغير مجري حياة جميع الأبطال».

كانت علاقة ساهر ورضوي في تطور مستمر، فقلبه يرقص طربًا عند محاثتها إياه، كان يعيش أيامًا بالنسبة له كأنه في جنة، مجرد سماع صوت معشوقته يجعله يتنهد بعشق، وآااه من عيانها التي جعلته أسيرًا له، قرر مفاتحتها للتقدم لها، لكن عند تلك الفكرة انقبض قلبه بشدة، هو يحبها نعم لا بل يعشقها ويريدها في أحضانه اليوم قبل غدًا ولكن هل سيلقي الموافقة من عائلتها؟ خاصة بأنها من عائلة ثرية للغاية وهو من عائلة فقيرة، أقل فكرة ستُأخذ عنه أنه طامع في ثروتها، مط شفتيه بحيرة من أفكاره تلك ولكن تلك هي الحقيقة.

استفاق على صوت رنين هاتفه، نظر لشاشته وجد اخته هي التي تهاتفه فرد عليها بمرح: محسود ولا ايه يا سيد، بترن عليا عادي كدا؟ لا وكمان معاكي رصيد.
علي الناحية الاخري ردت عليه بغيظ: تصدق إني غلطانة يلا انتي عبرتك، صمتت قليلًا ثم اكملت حديثها بتوتر: بقولك ايه يا ساهر.
اكتشف بأن هناك شئ ما فرد عليها بهدوء: عملتي ايه يا مصيبة؟

قصت له كل ما حدث عندما قابلت جارتها أم رضا والحوار الدائر بينهم وعن فرصة عملها داخل فيلا الراوي، تنهدت تستمع له بتوتر.
بينما على الناحية الأخرى صاح بها ساهر بغضب: هتفضلي لحد امتي تتصرفي من دماغك يا ضحي؟ هتفضلي لحد امتي تاخدي قرارات من نفسك وبعد ما تنفذيها تيجي تقوليلي؟ جاية تقوليلي لوقتي بعد ما اتفقتي معاها لا وكمان مستنية مني إني اوافق؟

تجمعت الدموع في عينيها من صراخه وغضبه عليها، هو معه كل الحق ولكن هي فكرت من منظر أخر، هي لم تخبره بأنها تركت عملها وكأن هذا العمل جاء إليها كفرصة ذهبية، فردت عليه بصوت متحشرج: صعبت عليا والله يا ساهر، كانت تعبانة أوي وكمان بعتولها إنها لو مجتش الشغل النهاردة هيرفدوها وهي عندها عيال عايزة تربيهم، انا بس هشتغل بدالها لحد ما تكون طويسة وهمشي علطول والله.

اغمض عينه بغضب من أخته العنيدة تلك، حاول أن يتحدث بهدوء خاصة عندما تحشرج صوتها بالبكاء: خلاص يا ضحي اهدي، بس لينا كلام تاني لما ترجعي سلام.
واغلق الهاتف دون أن يستمع لردها، بينما هي نظرت للهاتف بحزن وتنهدت بضيق: غصب عني والله يا ساهر.
ثم ذهبت إلى مصيرها.

في مكان أخر يظهر عليه الثراء في إحدي الكافيهات التي يدخلها فقط أصحاب المكانات المرموقة، كانت تجلس هي بين أصدقائها بغرور اعتادت عليه وتمسك بيدها فنجان قهوتها ترتشفه ببرود.
نظرت لهذا الذي يحادثها: بس انتي يا رضوي وقعتي الواد عالأخر، باين عليه دايب.

شردت في حديثه فهي بالفعل اقتربت من ساهر لتثبت لأصدقائها عدم مقاومة أي رجل لها أمام جمالها، لم تعلم تلك الغبية بأنه يعشقها حد النخاع حتى من قبل أن تأتي إليه وتفعل خطتها الدنيئة معه.
تذكرت حديثه المرح معها، فهو كان مرح كثيرًا معها وقتها فقط كانت تضحك من قلبها ولكن لما قلبها يؤلمها بشدة الآن.

هي كانت تأخذ مجري الأمور على انه تحدي سخيف من أصدقائها هي الآن تشعر بعكس ذلك، خاصة معاملته اللطيفة معها، يشعرها بأنها خُلقت لتكون ملكة على عرش قلبه ولكن ماذا تفعل الأن، أعليها تكملة تلك اللعبة السخيفة وتذهب أم تظل معه لا تعلم!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة