قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية خادمة الشيطان للكاتبة شروق حسن الفصل الثاني عشر

رواية خادمة الشيطان للكاتبة شروق حسن الفصل الثاني عشر

رواية خادمة الشيطان للكاتبة شروق حسن الفصل الثاني عشر

بعدما قامت ضحي بتوديع اخيها وصديقتها محتضنة إياهم بشدة، صعدت للأعلي بخطوات متمهلة حتى وصلت إلى غرفتها المنشودة الخاصة بيزن، فتحت الباب بهدوء فكادت أن تخطو للداخل إلا أنها تجمدت مكانها، فوجدت يزن يجلس على فراشه عاري الصدر لا يرتدي سوي بنطال قماشي من اللون الأسود وبيده مادة بيضاء يستنشها بنشوة مرجعًا رأسه للخلف لإستنشاق بقاياها.

لم ينتبه لها فكان كل تركيزه بهذا الذي بيده، اقتربت منه بهدوء عكس الخوف الذي احتل معالم وجهها وتلك الرجفة التي سرت بأنحاء جسدها خوفًا من صحة ما تفكر به.
وقفت أمامه ويا ليتها لم تفعل فقد تجمدت قدماها أرضًا وهي تراه يأخذ جرعة أخري يشمها بقوة، واخيرًا خرج صوتها بعد طول عناء قائلة بصدمة: يزن! انت بتعمل ايه!

رفع رأسه عندما استمع لصوتها وجد وجهها شاحب وعيناها مدمعة بخوف. تحدث ببرود وهو يقوم بمسح تلك البقايا التي على انفه: انتِ شايفة إيه!
تحدثت بصعوبة والصدمة ما زالت تحتل وجهها: انتَ مدمن!
الله ينور عليكي. بتفهمي اهو.
نطق بها بسخرية لازعة بعدما وقف قبالتها بطوله المهيب مما تسبب في غضب شديد يحتلها فضربته على صدره بقوة مردفة بغضب: ايه البرود دا! يعني انت مدمن مخدرات وانا معرفش.
وانتِ تعرفي بصفتك إيه!

اردف بها ببرود فتلبسها حالة من الغضب الشديد فأمسكت تلك العقاقير المخدرة بغضب رامية إياها على الأرض بحدة مردفة بهياج: بصفتي مراتك. لازم اعرف كل حاجة عنك. كنت فكراك راجل بس طلعت وسخ بتجري ورا شهواتك القذرة. ان.

كادت أن تكمل ولكنه امسك فكها بقوة كادت أن تهشمه فاقترب منها متحدثًا بفحيح ويده تشتد قسوة حول وجهها: متنسيش انتِ مين وكنتِ هنا بتعملي إيه. متنسيش أصلك عشان مدوسش عليكي. وقتها محدش هيرحمك مني. لسانك الحلو دا لو متلمش مش هيكون عندي أي اعتراض إني اقطعهولك. انتِ فاهمة!

أُصيبت بالشلل والبرودة تكتسح جسدها بلا رأفة، ذلك الواقف أمامها لم يكن سوي شيطان كما يسمونه، عيناه التي تحولت للون الأسود وتلك الشعيرات الحمراء التي تزينها من شدة الغضب، عروق وجهه ورقبته التي برزت وبشدة معطية إياه مظهرًا مُهيبًا يرتجف لها الأبدان.
تأوهت بألم وشعرت بتخدر فكيها لشدة قبضته عليها فقالت بألم: اااه سبني.

لم يهتم لتوسلها فأكمل بهسيس أجفلها: انتِ هنا مجرد تخليص غلط هيتصلح وهرميكي مكان ما جيتي فبلاش الشويتين دول، سامعة!
هتف الأخيرة بصراخ فأومأت هي بخوف موافقة، هي لم تره بتلك الحالة من قبل، هي لم تري سوا الجانب المشرق منه حتى لو كان يواجهها بالبرود والجمود، لم تتوقع بأنه بهذا السوء!

ترك فكها ناظرًا إليها بقسوة ثم أشار للمادة البيضاء بيده هاتفًا بحدة: اللي انتِ عملتيه يتنضف وحالًا. ولو مجرد بس فكرتي إنك تدخلي نفسك في حاجة ملكيش فيها. ساعتها متلوميش غير نفسك. نفسك وبس.

ابتلعت ريقها بتوجس وذهبت مسرعة لتنفيذ طلبه، جلست ارضًا تقوم بتظيف الغرفة وتلبية أمره، ما الذي حدث له! كان يمزح ويتعامل بوقاحة معها منذ قليل، ماذا تغير! ورغمًا عنها نزلت دموعها بقهر، لأول مرة تشعر بالذل والاهانة التي تعرضت لها منذ قليل من شخص ما. إلا من ابيها بالطبع!

كان ينظر لها وشئ ما بداخله يصرخ ما الذي فعلته ايها الأحمق، تلك التي قررت بداخلك أن تبدأ معها من جديد ها انت تقوم بإهانتها الآن، بالطبع ستبتعد مثلما ابتعد الجميع.

تنهد بغضب حارق وذهب لإرتداء ملابسه ثم خرج من الغرفة بل من القصر بأكمله، بينما هي جلست بجانب الفراش بعدما لملمت الفوضي التي افتعلتها ساندة رأسها على الحائط ودموعها تهبط بصمت متحدثة بألم: كنت مفكرة إني هعرف أغيرك. بس واضح إن احنا مش هينفع نكمل مع بعض اصلًا.

صعد مدحت مسرعًا إلى غرفة ميمونة ورضوي تركض خلفه محاولةً للحاق به حتى لا يتسبب في شجار عنيف لا تحسب عواقبه.
فتح باب غرفتها بحدة وجدها تضع طلاء الأظافر كأنها مراهقة عشرينية ليست أم لفتاة تتعدي العشرون عامًا.

انتفضت بفزع على فتح الباب، نظرت فوجدت زوجها يقف أمامها يطالعها بإستنكار وملامح النفور تتجسد على وجهه المتجعد قليلًا، امسكها من ساعدها غارزًا اظافره في لحم يدها متحدثًا بقسوة: بنتي لأ. قولتهالك كذا مرة وهرجع اقولهالك تاني بنتي لأ. مش هسمحلك تدمريها بأفعالك الوسخة وتخليها منبوذة من الكل زيك. انتِ إنسانة حقيرة. ولو رجع بيا الزمن عمري ما هبص ليكي ولا هفكر ابصلك.

ثم اقترب منها متحدثًا بفحيح: ايدك القذرة دي لو لمست بنتي تاني وقتها هرميكي برا القصر دا لكلاب السكك وهرجعك لأصلك تاني. هرجعك شحاتة.
شحب وجهها وفرت الدماء من جسدها لحديثه اللاذع، ورغم خوفها من حديثه إلا أنها تحدثت بغل وسخرية واضحة: لو نسيت فأنت اللي جريت ورايا زمان.
كنت غبي.

نطق بها بقوة وعيناه تلمع بنظرات الكره والإحتقار بينما هي أكملت: قولتلك زمان. اسمع كلامي وامشي ورايا ووقتها ثروة عيلة الراوي هتبقي في ايدينا وملكنا. لكن انت مشيت ورا مبادئك اللي ملهاش أي تلاتين لازمة وسافرت. دلوقتي معظم ثروة عيلة الراوي لأخوك وابنه. والثروة دي أكيد مش هتروح عليا كلها. هجوز رضوي ليزن بعد ما يطلق الحرباية اللي لفت عليه وتجيبله ولي العهد ووقتها هيبقي زي الخاتم في صباعها وهيكتبلها كل حاجة بإسمها هي وابنها.

فتحت رضوي عينها بصدمة ثم نظرت إلى والدتها بدهشة حقيقية، لم تكن تتوقع كم هذا الكره والحقد والجشع الذي يتملكها، بينما مدحت رفع يده لتهوي على وجه ميمونة بغضب جامح هاتفًا بقسوة: انتِ طالق. طالق. طالق بالتلاتة.
حدجته ميمونة بصدمة بينما هو أكمل: الصبح يطلع مشوفش وشك الحقير دا هنا في القصر. مش عايز المح طيفك القذر دا هنا.

صُدم كلًا من رضوي وميمونة فشُلت ألسنتهم عن الحديث، وبعد عدة ثواني تداركت رضوي الموقف فذهبت لتقف أمام والدها ممسكة يده برجاء قائلة بتوسل: لا يا بابا عشان خاطري. متخليش الأمور توصل لكدا.
حدجها بغضب صارخًا بهياج: بعد كل اللي عملته دا ولسه بتدافعي عنها!

كادت أن تجيب ولكنه قاطعها بصرامة قاسية: اللي عندي قولته. ثم وجه حديثه للأخري التي تتابعه بوجه شاحب من الصدمة: النهار ميطلعش وانتي موجودة هنا. مش عايز اشوف وشك تاني.
ثم تركها وذهب بغضب جامح.
بينما نظرت رضوي لوالدتها متشدقة بعتاب يشوبه القسوة: شايفة انانيتك وصلتنا لفين! مش هقدر اقولك غير ربنا يسامحك.

ثم تركتها وغادرت هي الأخري. جلست ميمونة على الأريكة وثواني وتحولت ملامحها إلى الجمود والقسوة هاتفة بغل وهي تصك على أسنانها: هخليك تندم يا مدحت صدقني. وبنتي هخليها لعبة في ايدي. ما هو مش بعد كل اللي عملته هتيجي انت بالساهل وتطردني كدا. الحساب يجمع ووقتها هخليك تبكي بدل الدموع دم.

في غرفة عمر.
أراح رأسه على الوسادة خلفه بعدما بدل ثيابه لأخري مريحة. متذكرًا أحداث اليوم المشيقة وخصوصًا حديثه مع رزان الذي جعل شئ ما بداخله يطرق بشدة.

ذهب عمر إلى المطبخ ليقوم بشرب بعض المياه، سمع صوت دندنة تأتي من الداخل فذهب خلف مصدر الصوت وجد رزان تقف تعد أكواب من الشاي لها وللفتيات الأخريات. قرر مشاكستها فاقترب من خلفها وكاد أن يتحدث إلا أنه شعر بحرارة تحرق جسده وأكواب الشاي الساخنة تسقط على بنطاله مسببة حرقه.
التفتت وهي تحمل الأكواب لتتفاجئ بشخص ما يسد عنها طريقها ففزعت وألقت محتوياته الساخنة على بنطاله فأجفلت من صراخه المتألم.

نظرت للذي أمامها بفزع بينما هو وضع يده على فخذه مكان الحرق فقالت وهي تحاول مساعدته: اقلع البنطلون بسرعة. هتتحرق.
نظر لها بفزع مردفًا بألم: انتِ بتقولي إيه. سيبي البنطلون.
اقلع بسرعة عشان مكان الحرق.
سيبي بنطلوني يخربيتك هتفضحيني.
بقولك بسرعة قبل ما يحصلك حاجة.
صرخ عمر بفزع: يلهووووي الحقوني بنطلوني.
ياعم انجز مش وقته. اقلع.
يابنتي سيبي الزفت على دماغك. انتِ مفكرة نفسك أمي.

ملت هي فقامت بإحضار كوب كبير من الماء وسكبته على بنطاله فصرخ بالمقابل: يلعن ابو معرفتك الهباب يا شيخة.
تحدثت بسخط: دا جزاتي كنت بحاول اساعدك.
نظر لها بخبث مقتربًا منها بعدما قل الألم قليلًا: دي مش مساعدة. دا تحرش يا متحرشة.
حدجته بحدة متحدثة بغيظ: قولتلك انا كنت بساعدك.
ابتسم ومازالت ملامح الخبث على وجهه: امممم نقول إنك متحرشة محترمة.
رفعت سبابتها امام وجهه متحدثة بحدة: اسمع اما اقولك.
قولي يا متحرشة.

نفخت بغيظ فقالت بنفاذ صبر: انا مش متحرشة متعصبنيش.
تصنع التفكير فقال وهو يذهب من أمامها عدة خطوات: لا انا اروح اسأل منتصر واقوله لما اختك تقولي اقلع البنطلون يبقي دا اسمه ايه. تحرش ولا تعدي.
قال الاخيرة بمكر فذهبت إليه مسرعة ممسكة إياه من ذراعه: يخربيتك هتفضحني. علفكرة مش غلطتي دي غلطتك انت.
رحل من امامها وهو يتمتم: هفكر واقولك. باي يا بيبي.
صكت على اسنانها بغيظ: جتك بو في جنابك.

ثم ذهبت لتعد شاي أخر بدلًا من ذلك الذي افسده ذلك الغبي من وجهة نظرها
ابتسم عمر لتذكره تلك المشاكسة بينهم ثم فتح هاتفه وقام بالإتصال برقم ما.
علي الجانب الأخر كانت رزان تستعد للنوم ولكنها سمعت صوت هاتفها يصدح يعلن عن مكالمة، فتحت هاتفها وجدت رقم غير مسجل فلم تهتم، صدح صوت الهاتف مرة أخرى فأجابت بنفاذ صبر: ألو.
المتحرشة معايا!

ابعدت الهاتف عن اذنها ناظرة إليه بصدمة فوضعته مرة أخري على اذنها وهو يقول: ايه مُوتي!
انتفخت اوداجها غيظًا فقالت بعصبية: موتة لما تبقي تشيلك قادر يا كريم. انا مش عارفة انت بتطلعلي من اي مصيبة.
اجاب عليها بإستفزاز: تؤتؤ العصبية مش حلوة علشانك. انتِ رجلك والقبر برضو.
جبت رقمي منين؟
اجاب بثقة: عيب عليكي لما تسألي ظابط السؤال دا.
اجابت بسخرية: يأخي ياريتك محصل ظابط إيقاع حتي.
لا خفة بس مبتضحكش.

اجابت بنفاذ صبر: يعني انت عايز ايه دلوقتي!
اراح ظهره مرة اخري على الفراش مجيبًا بهدوء مثير للإستفزاز: ولا حاجة كنت بتطمن على المتحرشة بتاعتي.
لم يسمع ردها بل سمع صوت صافرة الإغلاق فضحك بملئ فاهه ووضع هاتفه جانبه ثم اسند زراعه إلى جبينه قائلًا بإبتسامة قبل أن يخلد للنوم: متحرشة.

صعد يزن سيارته وظل يسير بها إلا أن وصل ألي منحدر عالي يأتي له منذ مدة بعيد كلما شعر بالضيق، جلس على طرف صخرة ضخمة وامامه يظهر مشهد المدينة بأكملها بمنظر ساحر يسلب الأنفاس، ولكن بالنسبة له هو كان يشعر بالإختناق لذلك فتح أول زرارين من قميصه محاولًا التنفس.
تنهد بإنهاك وظل صامت بضعة دقائق كثيرة لا يعلم عددها وما فعله بها منذ قليل يتكرر بعقله جاعلًا أياه يسب ذاته بقسوة على غبائه.

تذكر ما حدث عندما خرجت من المرحاض حينها كان سعيد ومستمتع بخجلها وبشدة، قرر إعطاء نفسه فرصة للبدء معها من جديد وهذا ما أكده في قرارة نفسه.

خرج من المرحاض وارتدي بنطاله وقام بترتيب خصلات شعره الحريرية ومازال عاري الصدر لتصله رسالة على هاتفه فيذهب لرؤيتها، ولكن حينما رأي محتواها اشتدت عينيه بقسوة واحمر وجهه بغضب فقبض على الهاتف بقوة وهو يري ذلك المقطع من الفيديو حتى ابيضت مفاصله مردفًا بفحيح أفعي وعيناه يملؤها الغل والحقد وهدف الانتقام يزداد يومًا بعد يوم: اه يا ولاد ال، وديني وما اعبد ما هرحمكم.

كان الفيديو يحتوي على مشاهد من الماضي الذي حاول دفنه لأكثر من عشر سنوات ولكنه لا يستطيع حتى الأن فالكوابيس تلاحقه حتى بمنامه فكان من الصعب نسيانه. كان المقطع عبارة عن طفل صغير يبكي ويترجي من يقف امامه الذي يبتسم له بشيطانية كبيرة والخبث يملئ عينه، ظل الطفل يبكي وبعض قطرات الدماء تسيل من وجهه، إلا أن اقترب ذلك الرجل وقام بحل أول ازرار قميصه، وعند هذا الحد لم يحتمل مشاهدة أكثر من ذلك فقام بتحطيم الهاتف ليسقط متهشمًا إلى مئات القطع.

حينها ذهب مسرعًا يفتح ادراج خزانته ليقوم بجذب تلك العقاقير المخدرة التي اعتادها منذ صغره عند إختطافه وكان من الصعب الإقلاع عن هذه العادة حتى أصبح مدمنًا لا يستطيع التخلي عنها، وعندما رأي ضحي تقف أمامه وتحدثه بتلك الطريقة التي يكرهها تراقصت أمامه شياطين الإنس والجن ليحدث ما حدث.

زفر بضيق واضعًا رأسه بين يديه قائلًا بإحباط وألم: كنت مفكر إني هعرف اتغير علشانك، بس اللي حصل النهاردة خلاني اتأكد إنك خسارة فيا وإنك كتير عليا، بس. بس دا مش ذنبي. انا عشت اسوأ سنين عمر وأنا بتعذب وبتهان لحد ما بقيت بالشخصية دي. شخصية الشيطان اللي للأسف هتأذي ناس كتير جنبي.

صمت قليلًا ثم تحدث بتصميم وكأنه يحاول إقناع نفسه: بس مستحيل اسيبك بعد ما لقيت طوق النجاة. ايوا انتي طوق النجاة بالنسبالي ومستحيل افرط فيكي ابدًا.
ظل جالس مكانه بضعة ساعات أخري كأنه يعاقب نفسه على ما اقترفه في حقها. قرر العودة للمنزل فالوقت قد تعدي الثانية صباحًا وبالطبع سيجدها نائمة الآن فهو لا يريد مواجهتها.

ضحك بسخرية على حاله فمنذ متي وهو يهرب من مواجهة شخص ما، ولكن مع تلك المجنونة التي كسرت جميع قوانين حياته البائسة بات يتوقع كل شئ.
بعد نصف ساعة ترجل من سيارته فوجد جميع من بالقصر نيام والسكون يعم الأرجاء ولكن لفت إنتباهه النور القادم من المطبخ، قطب جبينه بتعجب شديد ونظر في ساعته مرة اخري وجد أنها قاربت الثالثة صباحًا، تقدم بهدوء محاولًا عدم إصدار أي صوت ومجرد ما دخل للمطبخ فتح عينه بصدمة مما يري.

وجد ضحي جالسة أعلي الطاولة الرخامية الموضوع في المنتصف وأمامها جميع أصناف المأكولات تلتهمها بتلذذ، كاد أن يتحدث ولكنه سمع تمتمتها وهي تسبه بغيظ: اللهي يولع سد نفسي البعيد. ما يشرب مخدرات ولا يتنيل بستين نصيبة. اهو مخلنيش اتعشي كويس وسد نفسي. اللهي تنفجر في وشه ماسورة مجاري معفنة اللي عامل شبه ابو لهب دا.
كل دا عليا انا!

نطق بها بذهول بينما هي تجمد جسدها عند رؤيته ناظرة إليه بسخط فوضعت الطعام من يدها مردفة بحدة: انت ايه اللي جابك!
حدق بها مطولًا يحاول التشبع من ملامحها مما أخجلها قليلًا ولكنها لم تبين خجلها، فنطق بعد قليل بسخرية: لو مش ملاحظة فدا بيتي.
معاك حق وانا الخدامة ومليش حق إني أسألك على حاجة تخصك.
تعمدت تذكيره بحديثه الذي رماه عليها بقسوة ومن ثَم ذهبت من أمامه بغضب.

بينما هو نظر لأثرها بغضب من نفسه وحديثه الأحمق ولكنه قرر إصلاح خطأه ذلك فصعد خلفها وهو يفكر بمكر محاولةً لمصالحتها.

كان مراد مازال بالخارج يفكر بالحديث الذي قالته آيات، أكثر ما آلمه هو سخريتها من حبه بتلك الطريقة، كان يقضي وقته بعد اعترافه لها في الشركة الخاصة به وبيزن.
قرر النهوض والذهاب إلى المنزل ولكنه سمع صوت سير أقدام يأتي من داخل أحد المكاتب الخاصة بالموظفين، تعجب بشدة من وجود أحد في هذا الوقت المتأخر وذهب لرؤية من ذاك الشخص.

ولج للداخل وجد فتاة خصلات وجهها تتمرد على وجهها وتحوم حول المكتب وكأنها تبحث عن شئ ما، تحدث بغرابة: انتِ مين.
رفعت الفتاة وجهها بفزع، عندما وجدت وجه مراد قالت بتلعثم: م. مستر مراد!
قطب مراد جبينه بتعجب متحدثًا بغرابة: هدير! بتعملي ايه هنا!
ارتبكت في البداية ولكنها حاولت ان تظل صامدة: ك. كنت جاية ادور على السلسلة بتاعتي.

رفع حاجبه بإستنكار لاحظته هي فتحدثت مسرعة: والله السلسلة دي مهمة عندي جدًا. دي اخر حاجة من ماما الله يرحمها.
اومأ لها بغموض قائلًا: ولقتيها؟
هزت رأسها بالنفي قائلة بخفوت ودموعها تهدد بالسقوط: لا لسه. قلبت عليها المكتب كله ومش لاقياها.
حاول تهدئتها فقال بهدوء: طيب افتكري اخر مكان رحتيه كان إيه.
ظلت تتذكر بضعة دقائق حتى هتفت بأمل: ايوا كنت عند حضرتك لما طلبت مني ملف اخر صفقة.

طيب تعالي معايا نشوفها في مكتبي.
تبعته بهدوء حتى وصل لمكتبه ذات اللونين الأبيض والأسود معطيًا إياه رونقًا مختلف.
ظلوا يبحثوا عنه حتى تنهدت هدير بيأس: مفيش حاجة. شكله وقع مني.
كاد أن يجيبها ولكنه وجد شئ ما يلمع على الأرض فذهب ليلتقطه بيده رافعًا إياه أمام وجهها متحدثًا: هو دا؟

تهللت اساريرها عندما رأته فذهبت ملتقية سلسلتها بلهفة قائلة بفرحة: شكرًا جدًا يا مستر مراد بجد. انت مش عارف السلسلة دي غالية عليا أد إيه.
بادلها الإبتسامة فقال وهو يلملم أشيائه: يلا نطلع من هنا الوقت أتاخر.
وافقته وسارت بجانبه حتى هتف هو بتعجب: بس دخلتِ إزاي هنا.
حمحمت بخجل مردفة بحرج: اتسحبت من الحرس ودخلت من ما ياخدوا بالهم.

ضحك بخفوت فبادلته هي حتى خرجوا، قابلهم الحرس بتعجب فنظر إليهم مراد بحدة متحدثًا بصرامة: حسابكم معايا بعدين.
ثم تركهم يذدرقون ريقهم بخوف. اما هي فتحدثت بتوسل: متعملش ليهم حاجة مش غلطتهم.
نظر لها بإبتسامة خفيفة: مش هعمل ليهم حاجة. بس لازم اعرفهم غلطهم عشان يفتحوا عنيهم بعد كدا، يلا تعالي اوصلك.
نظرت له بحرج قائلة: لا انا هروح لوحدي.
تحدث بصرامة لا تقبل النقاش: مش هتلاقي مواصلات في الوقت دا يلا اركبي.

صعدت بجانبه ثم املته عنوان منزلها وبعد وقت قليل وصلوا إلى المنطقة التي تقطن بها. ترجلت من السيارة قائلة بإمتنان: شكرًا يا مستر مراد تعبتك معايا.
لا تعب ولا حاجة. حمدالله على السلامة.
ثم ذهب لمنزله بينما هي ابتسمت بهدوء ثم صعدت إلى عمارتها قائلة بهيام: قمر ابن اللذينة.

صعد يزن خلف ضحي المتهجمة مقررًا مصالحتها. بعد أن دخل لغرفته وجدها جالسة على الفراش وبمجرد رؤيته تمددت عليه وقامت بتغطية نفسها. ضحك بخفوت على تصرفاتها الطفولية فاتجه إلى المرحاض وقام بتغيير ثيابه ثم اتجه للخارج ليجدها مازالت تتمتم وهي على حالتها تلك.

اتجه للفراش وقام بدس نفسه بجانبها حتى التصق بها فابتعدت عنه فاقترب منها مرة أخري فابتعدت حتى وصلت إلى حافة الفراش فالتصق بها مجددًا حتى التفتت له وصرخت بغيظ: هتوقعني يعني الشرير دا كله مش عجبك!
نظر إلى وجهها القريب منه متحدثًا بمشاغبة: تؤ مش بيعجبني غير المكان اللي بتنامي فيه انتِ.
للحظة شعرت بالخجل من حديثه، ولكنها قالت بقسوة وهي تقترب منه أكثر: بيعجبك المكان اللي بتنام فيه الخدامة؟

تألم قلبه لتذكيرها له، فقال بحب ومشاعر صادقة ونبرة توحي بألمه: أنا اسف.
اجفلت من كلمته تلك فعادت للخلف بإرتباك بينما هو اعتدل مستندًا على زراعه قائلًا: مكنتش في وعيي ساعتها صدقيني. غضبي عماني وقسيت عليكي غصب عني.
نظرت له بدموع: الكلام اللي في قلبك مبيطلعش غير وقت غضبك. وانت طلعت كل اللي انت مخبيه.

هز رأسه بنفي واعتدل في جلسته مردفًا: لا مش دا اللي في قلبي. لو عايزة تعرفي اللي في قلبي هعرفهولك دلوقتي.
نظرت له بإستغراب بينما هو اجلسها امامه ممسكًا يدها واضعًا كفها موضع قلبه فقال بهمس عاشق: انتِ اللي في قلبي. من يوم ما جيتي على البيت دا وانتِ مخلية لحياتي معني تاني غير الحياة المملة اللي انا عشتها. بنسي كل اللي حصلي مجرد ما بكون معاكي.

ابتلعت ريقها بإرتباك وهي تستشعر المضخة أسفل يدها، كان قلبه ينبض بشدة، ويا للعجب لم يكن قلبه فقط بل كان قلبها هو الأخر كأن بينهم تواصل روحي تعجز عن فهمه.
وضع يده على فكها عندما طال صمتها فتأوهت بألم فنظر لها بأسف وعنف نفسه بشدة وقال: بتوجعك!
لم تجبه وإنما أومأت بخفوت فاقترب منها مقبلًا فكها بقبلة عميقة وكأنه يتأسف عما بدر منه. بينما هي فتحت عينها بصدمة وارتعش جسدها اثر فعلته تلك.

ابتعدت بتوتر قائلة: ان. انت بتعمل ايه.
عادت نظرات الخبث تحوم في عينه مرة أخري فقال بمكر: بصلح غلطتي.
ابتعدت عنه قائلة بإرتباك: لا غلطة إيه لسمح الله انت أصلًا مبتغلطش.
ضحك بقوة على ملامحها الخجلة ويا الله كم كانت لذيذة للغاية، نظرت له بهيام فقال دون وعي: يخربيت جمال امك يا جدع. هو فيه كدا.
نظر إليها بمكر وحاصرها بين ذراعيه هاتفًا: اه فيه. وفيه اكتر من كدا كمان تحبي تشوفي.

انهي حديثه بغمزة وقحة فصدرت منها شقهة خجلة فدفعته بعيدًا ووقفت هي: انت سافل.
ما انا عارف. ولسه ياما هتشوفي.
نظرت له بغيظ بينما هو وقف قبالتها وأمسك بيدها ثم خرج من الغرفة فقالت بتعجب: انت رايح فين.
هننزل نشوف الملمحمة اللي كنتِ عاملاها من شوية دي.
ما انت اللي سديت نفسي.
نظر لها بتهكم مردفًا: اومال لو نفسك كانت مفتوحة كنتِ هتاكلي إيه.
بقولك إيه اسكت انا اصلًا مش طايقاك.

رفع حاجبيه بمكر فتوقف وقال: ومالو. لسه زعلانة يبقي نصالحك.
فرت من أمامه بسرعة هاتفة: لا انت فهمت غلط. انا مش قصدي انت.
ذهب خلفها وعادت الإبتسامة ترتسم على ثغره مرة أخري ليقول: هتغير علشانك انتِ يا ضحايا.
وها هو قد أقسم أن يتغير لأجلها فهل سيفي بوعده هذا، أم سيأتي من ينغص عليهم معيشتهم؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة