رواية خادمة الشيطان للكاتبة شروق حسن الفصل الثالث
كانت رزان تقف بالخارج بإنتظار ضحي والتوتر بادي على وجهها، تود أن تُقبَل صديقتها في هذا العمل وذلك لإحتياجها الشديد له، هي تعلم أنها عانت كثيرًا في حياتها بسبب أبيها أولاً والناس ثانيًا، استقامت في وقفتها عندما رأتها قادمة من بعيد فذهبت ناحيتها مسرعة قائلة بلهفة: ها طمنيني إيه الأخبار.
كانت ضحي ترتسم على وجهها الحزن المصطنع ولم ترد عليها، خمنت رزان بأنها لن تُقبل متحدثة بمواساة وحب: متقلقيش يا حبيبتي هنلاقي شغل تاني وربنا هيكرمك والله متقلقيش.
عادت للخلف بفزع عندما رأتها تقفز بسعادة: اتقبللللت، اتقبلت يا روزااا مش مصدقة.
صرخت رزان بسعادة قائلة بعدم تصديق: قولي وربنا كدا، لا لا احلفي.
رفعت ضحي رأسها بغرور مصطنع: والله اتقبلت مبسوطة أوي اوي يا روزا.
احتضنتها رزان بفرحة عارمة: الحمد لله ياقلبي، ربنا يجعله خير ليكي.
بادلتها الاحتضان وهي تهتف بحب: الحمد لله، مكنتش هوصل للمرحلة دي لولا تشجعيك ليا، انا ممنونة ليكي بجد.
ابتعد عنها رزان بضجر مصطنع: يوووه مش هنبطل بقا الأسطوانة دي.
ضحكت على صديقتها هاتفة بيأس: خلاص متتعوجيش أوي كدا، ثم أكملت بتكبر: وبالمناسبة دي أنا عزماكي على لبانة.
حدقتها بسخرية لازعة: وليه الإسراف دا يا روحي هتبقي مبزرة من أولها كدا أول ما الفلوس تلعب في ايديكي.
تنهدت ضحي قائلة بغرور: تعالي تعالي، دا انا هدلعك.
لحقتها رزان وهي تتحدث بسخط: ربنا يستر علينا وعليكي ياختي أصل هتتصابي عين عالفلوس دي كلها.
كانوا يتحدثون بمرح طوال الطريق حتى وجدت فتاة وتحيطها أربعة من الفتيات ويبدو عليهم وكأنهم يقومون بمضايقتها، نظرت إلى صديقتها بنظرة تعرفها جيدًا فأومأت إليها الأخري بخبث قائلة بمرح: وحشتنا أيام الشقاوة يا ضحضح.
شمرت ضحي عن ساعديها وهي تضحك: وانا كمان، يلا استعنا عالشقا بالله.
بقصر الراوي.
كانت فريدة تجلس على الأريكة وأمامها زوجها عصام منشغل بقراءة الجريدة، لاحظ شرودها فتحدث بحنان رغم المعروف عنه إنه صارم في معاملته ولكن ودود كثيرًا في تعامله مع أفراد عائلته: مالك يت حبيبتي، حاسك زعلانة ومش على بعضك بقالك كام يوم؟
فاقت من شرودها ونظرت له عدة ثواني قبل أن تتحدث بيأس ظهر بصوتها: مش عاجبني حال يزن يا عصام، كل يوم بصحي مفزوعة يكون عمل اللي في دماغه، يزن لحد دلوقتي مش عارف يتعافي من اللي حصله زمان، وبيرجع أقسي وأسوأ من الأول.
نظر إليها بحزن بالغ قائلًا باستياء: كل دا حصل بسببي، لو كنت بعدت عن القضية دي مكنش هيحصل كل دا، رغم إن الكل حذرني منها بس أنا رميت الكلام دا كله ورا ضهري وكان الضحية هو ابني.
شرد بعيدًا وتذكر حينما طُلب منه هو خصيصًا أن يكون بإحدي المهام للقبض على أحد المتهمين بقضية تهريب وتجارة أعضاء، حينها كان متعجب لماذا أختير هو خصيصًا ولكنه لم يعلق، رغم تحذير جميع أصدقائه له بخطورة تلك المهمة التي تعد مهمة انتحارية ولكنه لم يبالي وقام بالقبض على إحداهم بعد إصابته بطلق ناري في زراعه ولسوء حظه حينما علم الأخرين بما حدث وبهجومهم المفاجئ بل وبالقبض على زعيمهم، قاموا بخطف ابنه ليدفع هذا الثمن، تاركًا إياه يعاني لما حدث له من أحداث بشعة بالماضي.
لاحظت فريدة شردوه ودموعه المتحجرة بعيناه فعلمت إنه يتذكر ما حدث، ذهبت إليه جالسه بجانبه واضعة يدها على كلتا يديه بحنان: متفكرش في حاجة، كل اللي حصل زمان دا انت ملكش دعوة بيه ومش زنبك.
نظر إليها بضعف لم يعهده من قبل: مش ذنبي إزاي وأنا كل ما ابص على عين ابني الاقي فيها ألف إتهام وإتهام وأنا مش عارف ابررله ولا اقوله إيه.
تحدثت فريدة بحنان: دا اختبار من ربنا وصعب علينا كلنا ولازم كلنا نعديه، انا كمان مش صعب عليا اشوف ابني بالحالة دي، مش صعب عليا اشوفه بالقسوة دي بعد ما كان أحن واحد على اخواته، رغم القسوة اللي هو بيبينها دي بس هو جواه حنية الدنيا كلها وعايز حد يطلعه من البير الغويط اللي حابس نفسه فيه دا.
نظر إليها بقلة حيلة ثم قالت بحنان: متفكرش في حاجة كل حاجة هتتحل في الوقت المناسب.
نظر لها بحب فإحتضنها هامسًا بعشق: لو كنت اعرف إن الجواز في سن صغير حلو كدا مكنتش هعارض من الأول.
خرجت من أحضانه قائلة بمرح: كان جواز غلطة وأحسن غلطة.
فزعو من صوت الصراخ الذي جانبهم: قفشتكوووو بتعملو اييييه...
في الشركة التي يعمل بها ساهر، كان يجلس يصب اهتمامه في الاوراق التي أمامه لم ينتبه لتلك الواقفة أمامه من شدة التركيز، كانت تتأمله بتفحص شديد، أهذا هو الشاب الذي رفض عرض صديقتها بالعلاقة المحرمة تحت مسمي الإرتباط؟
رغم أن صديقتها من عائلة غنية وكان من الممكن أن يتقرب منها ليحظي ببعض الأموال كما تفعل معظم الشباب، ولكن هو رفض بشكل صريح أي شئ من هذا القبيل، للحظة شردت بملامحه الرجولية وقسمات وجهه الوسيمة، ولكنها نفضت كل هذا عن رأسها، ولتفعل ما هي قادمة من أجله وتفوز بالتحدي مع أصدقائها.
رفعت حاجبيها باستنكار عندما وجدته لم ينتبه لوجودها حتى الآن، فتحدثت بضجر: مكنتش أعرف إن أنا متشفش كدا؟ ولا الظاهر انت اللي عامل نفسك مش شايفني.
استمع لذلك الصوت الانثوي، فرفع وجهه عن الاوراق التي أمامه ابتسم بخفة عندما رأها جالسة أمامه فمن لا يعلمها فهي رضوي الراوي ابنة رب عمله.
آنسة رضوي؟ انتي هنا من امتي.
نظرت إليه رضوي قائلة بغموض: أنا هنا من ربع ساعة تقريبًا.
انكمش حاجبيه باستغراب قائلًا باستفهام: ومندتيش عليا ليه؟
حركت كتفيها بلامبالاه مصطنعة: عادي، لقيتك مشغول قولت اسيبك شوية يمكن تاخد بالك مني.
ابتسم بود قائلًا بلطف: اسف جدًا مأخدتش بالي من حضرتك، المهم كنتي جاية ليه.
للحظة تلعثمت في الحديث ولكنها حسمت أمرها قائلة بلطف مصطنع: ممكن نتكلم أنا وانت بعد ما تخلص شغل دا لو مش هيدايقك طبعًا.
رد عليها مسرعًا قائلًا بفرحة لم يستطع السيطرة عليها: طبعًا أي وقت تحبيه، ممكن اخلص على الساعة خمسة هبقي اقابل حضرتك.
ابتسمت له: تمام هبقي اعدي عليك ونمشي سوا.
اومأ بالموافقة بينما هي ذهبت وترتسم على ملامحها الخبث الشديد.
بينما هو بالداخل جلس على مقعده بسعادة، فهو منذ فترة كبيرة يكِن لها الإعجاب الشديد ولكنه رفض التقرب منها وذلك بسبب الفارق الشديد بينه وبينها، ولكنها الآن هي من تطلب منه رؤيتها.
تنهد بشدة قائلًا بهمس خافت لنفسه: وبعدين في قلبي اللي هيوديني في داهية دا بقا.
بالخارج.
ارجعت شعرها للخلف بغرور عندما قابلها اصدقائها قائلة بتكبر: هيقابلني النهاردة الساعة خمسة في الكافيه.
فتحت منه عينها بدهشة قائلة بغيظ: اشمعنا انا لما طلبت منه كدا رفض، هو مفكر نفسه مين دا، دا لولا بس إني عايزة اقضي وقت واتسلي مكنتش بصيت للتافه دا.
نظرت إليها رضوي بتهكم: محاولاتك كلها فشلت ودلوقتي وحياتك لهخليه يحبني من شهر واحد بس.
لم تعلم تلك المغفلة إنه بالفعل يحبها بل ربما يعشقها منذ بدأه العمل بتلك الشركة ورفض التقرب منها حفاظًا عليها أولاً والفارق الاجتماعي ثانيًا، ولكنها بهذا الحديث ستدمر عاشق سيعاني فيما بعد من قرار البعد، ولكن لا تعلم هي ما الذي يخبئه القدر لها.
اقتربت ضحي ورزان من تلك الفتاة المحتجزة بينهم بسرعة.
نظرت ضحي لتلك الفتاة الجميلة، ذو الشعر الأشقر وملامح وجهها الطفولية قائلة باستفهام: ايه اللي بيحصل هنا دا، في ايه؟
نظرت اليها تلك آيات واختبئت خلفها كأنها وجدت طوق النجاة قائلة بخوف وهي تشير لتلك الفتيات اللاتي يظهر عليهن الشر: مش عارفة دول بنات معايا في الجامعة وفجأة لقيتهم بيقفوني وعايزين يضربوني.
تحدثت إحدي الفتيات والتي تُدعي ساندي بتهكم: واحنا كدا هنخاف يا حبيبة ماما؟
نظرت اليها ضحي بشر قائلة بصوت عالي: لا بقولك ايه ياعسل اتكلمي عدل يا شاطرة بدل وقسمًا بربي هجيبك من شعرك.
حدجتها بشر وهي تشير للثلاث فتيات الاخريات بالاقتراب: انتي هبلة يابت انتي، انتي مش عارفة أنا مين.
تدخلت رزان في الحديث قائلة بقرف: حصلنا القرف يا معالي الوظيرة، بقولك ايه لو خايفة على كرامتك امشي من هنا احسنلك.
نظرت ساندي إلى آيات الواقفة بجانب ضحي: أنا جاية اقولك كلمتين، ابعدي عن مصطفي احسنلك، بدل ما هعمل تصرف ميعجبكيش، انتي فااااهمة. قالت جملتها الأخيرة بصراخ فنظرت إليها ضحي بإنزعاج: لمي شوية الحشرات دول من هنا عشان منوجبش معاكي وتزعلي.
حدجتها ساندي بخبث وهي تشير للثلاث فتيات الاخريات بنظرة هي تعرفها جيدًا: هنمشي بس هنديكوا هدية صغيرة كدا علشان تعرفي تتكلمي مع ساندي الرفاعي بعد كدا.
غمزت رزان لضحي قائلة بمرح: ومالو استعني عالشقا بالله، حلااال الله اكبر.
ثم هجموا عليهم وظلوا يكيلون لهم الضربات كانت آيات تقف بحيرة لا تعلم ماذا عليها ان تفعل ولكنها حصلت على القوة عندما رأت ضحي ورزان وهم يضربون تلك الفتيات.
رمقت ساندي القادمة اتجاهها توترت وخافت بشدة ولكنها حسمت أمرها بالدفاع عن نفسها فقامت بفتح حقيبتها واخرجت منها قلم جاف لمحاولة للدفاع عن نفسها، حدجتها ضجي بشر قائلة بصراخ وهي تضرب الأخري: يخربييييتك، انتي لو عايزة تموتي مش هتطلعي السلاح الجبار دا كله.
نظرت اليها آيات بعدم استفهام ما لبست حتى وجدت ساندي تدفعها بقوة لتقع أرضًا فتجرح يداها من قوة دفعتها.
كادت ساندي أن تضربها مرة أخري ولكنها وجدت من يكيل لها الضربات بقوة ويسحبها من شعرها قائلة بغضب ساخر: قولتلك متلعبيش معانا في عداد عمرك يا حلوة.
ثم دفعتها بقوة كما فعلت مع آيات لتقع متأوهة بشدة.
مددت ضحي يدها إلى آيات: هاتي ايدك دا انتي شكلك قطة مغمضة لسه.
مددت آيات يدها ونظروا للجهة الأخري ليجدوا رزان تكيل الضربات للفتاتان معًا، ضحكوا على مظهرها لتقول ضجي بمرح: انت ما صدقت يا حج سيد سيبي العيال هيموتوا في ايدك.
نفضت رزان يدها قائلة بفرحة وكأنها كسبت كأس المصارعة: يااه يا جدع الواحد كان مفتقد اللحظات دي من زمان.
صمتوا قليلًا ونظروا لبعضهم ثم انفجروا ضاحكين على تلك المعركة الناشبة التي انتهت للتو.
امسكت آيات معدتها من كثرة الضحك: مش معقول، انتو مجرمين.
رزان بضحك هي الأخري: احنا جوانا بنات محترمة بس الناس هي اللي وحشة.
وظلوا يضحكون معًا مع جو لم يخلي من المرح.
نظرت ضحي لآيات قائلة بتذكر: متعرفناش صح، مددت إليها يدها بود: أنا ضحي، ثم أشارت للأخري: ودي صحبتي رزان.
مددت يدها قائلة بألفة: وانا ايات الراوي.
نظرت رزان في ساعتها قائلة بعجلة: اتأخرت على الجامعة يلا اشوفكوا بعدين يا بنات، ثم ذهبت إلى جامعتها.
بينما قالت ضحي هي الأخري وانا كمان أتأخرت، ثم وجهت حديثها لآيات: وانتي راحة فين.
اجابتها آيات بحزن لمغادرتهم: أنا بردو راحة الجامعة.
لاحظت حالة الحزن البادية على وجهها متسائلة بتعجب: طيب وزعلانة ليه كدا.
تحدثت بحزن: أصل مش عندي صحاب ومش متعودة اصاحب حد دايما باخد ركن لوحدي كدا.
نظرت إليها بحنان فعلي ما يبدو انها لا تعلم عن الحياة شيئًا: طيب انتي جامعتك فين.
اجابتها آيات وهي تشير اتجاهها: اللي في الاول دي.
سعدت ضحي كثيرًا قائلة بفرحة: بجد!؟ وانا كمان هي دي جامعتي.
سعدت آيات كثيرًا بأنها واخيرًا أصبح لديها أصدقاء تشعر نحوهم بالألفة فشدتها ضحي من يدها قائلة بمرح: كويس تعالي بقا عشان نلحق المحاضرة وبعدها اعلمك فنون الرد والشرشحة.
فزع كلا من فريدة وعصام سماعهم لهذا الصراخ بجانبهم، نظر عصام بغضب جانبه فوجد عمر يقف أمامه وهو يبتسم بغباء، رفع يده ليشير لفريدة: هاي يا ديدا، اخبارك يا قلبي.
استشاط عصام غضبًا فوقف امامه: مراتي لأ يا حيوان انت فاهم؟
بينما لم تتمالك فريدة نفسها فجلست مكانها تضحك بملئ فاهها، نظر عمر لعصام الذي يحدق به بغضب قائلًا برومانسية: ضحكتها يالهووي ربابة.
عند هذا الحد ولم يتمالك عصام نفسه فقام بجذب عمر من قميصه صائحًا بحدة: لا انت عايز تتربي بقا يابن ميرفت.
صدح صوت عمر المستنكر: جرا ايه يا خالو، ما هي تبقي اختك يا جدع.
ثم نظر لفريدة الضاحكة: عجبك كدا يا ديدا؟ عايز يفرق بين اتنين بيحبوا بعض.
كان عصام يبحث عن شئ ما حوله، تحدث عمر بإستغراب: اساعدك يا خالو بتدور على ايه.
حدجه عصام بعصبية: كان في سكينة هنا راحت فين.
ابتلع عمر ريقه بصعوبة قائلًا بقلق: طيب استأذن أنا بقي عشان ورايا مأمورية، بس فيها بنات إيه صواااريخ يا خالو صواريخ.
هزت. فريدة رأسها قائلة بيأس: مش هتبطل بقا يابني الحركات دي.
غمز لها عمر بمعاكسة: وهو حد يرفص النعمة يا ديدا، مش هما جواسيس؟ بس طلاج تلاتة قاعده برية متحركة ناااار.
صرخ به عصام: غور يا حيوان هتبوظلي مراتي.
انكمشت ملامح عمر ثم قال بتذمر: خلاص أنا ماشي الحق عليا كنت جاي اسلم عليك قبل ما امشي، كان ان يتحرك ولكنه سمع صوت عصام المنادي عليه قائلًا بغضب حاني: خلي بالك من نفسك يا لطخ.
ابتسم له بحنان وغمز له بمشاكسة: ما تقلقش عليا، القاعدة طرية بردو مش ناشفة زي ما انت مفكر، ثم غادر من امامه بضحك.
بينما هز عصام رأسه بيأس ناظرًا لفريدة التي تضحك على مشاكسته: مش معقول هيجلطني في يوم.
ثم غمز لفريدة: كنا بنقول ايه يا حبة الجلب انتي.
كان يزن يجلس على مكتبه بتحدث بعصبية: يعني ايه مش عارفين توصلوا لأي حاجة،
حازم اسمع خلال اربعة وعشرين بالظبط لو موصليش اعتبر نفسك مرفود، ثم اغلق الهاتف دون أن يستمع للطرف الأخر.
ارجع رأسه للخلف وعينيه عاصفة بشدة تذكرًا لأحداث الماضي قائلًا بوعيد: كلهم هياخدوا حسابهم بس في الوقت المناسب.
عاد لحالة البرود التي كان عليها عندما سمع طرق الباب، اعتدل في جلسته وسمح للأخر بالدخول ولم يكن سوا مراد.
حمحم مراد في البداية ولكنه حسم الأمر للإعتذار له، هو يعلم حب يزن لهم وتحدث ليلة امس بتلك الطريقة خوفًا عليه.
نظر إليه مراد قليلًا قبل أن يتحدث: متزعلش مني، امبارح مكنتش في وعيي وانا بعلي صوتي عليك.
نظر إليه يزن بجمود ثم تحدث بتهكم: فكرك لو انا كنت زعلت فعلاً كان زمانك واقف على رجلك دلوقتي وانت بتكلمني.
صك مراد على اسنانه بقوة قائلًا بهدوء بعدما جلس امامه مباشرة: هو انت منعرفش تقول كلمة حلوة ابدا ياجدع.
رفع يزن حاجبيه باستنكار قائلًا بتهكم: هي طباع عمر طفحت عليك ولا ايه؟
لم يكد يتحدث حتى وجدوه يدلف للداخل قائلًا بمرح: هلااا والله اشتقتولي صح.
نظر له مراد بسخرية: لو كنا افتكرنا ربع جنيه مخروم مكنش جه والله.
رفع ياقة قميصه بغرور: لإني متكايلش بمال الدنيا كلها يابني.
قاطعه يزن ببرود: انجز جاي عايز ايه؟
تصنع عمر الحزن قائلًا بحسرة: دا جزاتي إني جاي اشوفكوا قبل ما امشي.
رمقه مراد باهتمام: والبيه رايح يتسرمح فين.
تهكم عمر على طريقته: بقيت بيئة يا بيبي.
تشنج وجهه عقب كلمته: بيبي! ولا ولااا احترم نفسك بدل ما هاكل وشك بكف ايد، انت مفكرني سيكي ميكي ولا ايه.
صاح يزن بجمود: ياريت لو خلصتوا لعب العيال دا تخرسوا بقا، ثم وجه كلامه لعمر الذي يحدج مراد بتهكم: وانت قول يا زفت رايح فين.
وضع قدم فوق الأخري هاتفًا بغرور: مأمورية بس فيها حلويات جامدة.
تحدث مراد بتهكم: وانت عرفت ازاي ان فيها حلويات يا خفيف.
اعتدل في جلسته موجهًا حديثه لمراد وسيف الذي يتابعه بإهتمام: عرفنا ان هما حاطين جواسيس وإن الجواسيس دول بنات علشان منشكش فيهم وكمان هنهجم عالمغارة اللي هما موجودين فيها وبيسربوا من خلالها المخدرات وتجارة الاعضاء.
تابعه يزن بإهتمام وعيونه مظلمة بشدة فوجه حديثه لعمر: عمر خلي القوات تحيط المغارة كلها وعلى بعد كبير كمان لأن بيكون في ابواب سرية تحت الأرض وبيطلعوا منها بكل سهولة.
ثم غامت عينه بجحيم طاف بعينه قائلًا بهدوء يخفي خلفه الكثير: انا يعتبر عشت معاهم اكتر ما عشت مع أهلي.