رواية حكاية عشق للكاتبة نهلة مجدي الفصل الرابع
بعد يومان اقتنعت ايمي بكلام خالها وقررت العودة إلى دراستها مره اخرى، ارتدت ملابسها وخذت كتبها واتجهت نحو باب المنزل لتخرج ولكن اوقفها صوت من خلفها يقول بغضب: انتي رايحه فين!
التفتت ايمي لصوت والدتها وقالت بهدوء: عندي درس يا ماما
منال بغضب: خشي اوضتك مفيش دروس
ايمي بدهشه: ليه يا ماما امتحاناتي قربت وانا بقالي كتير مروحتش الدروس
منال: ولا حتى في دراسه تاني
ايمي: ده ليه بقى
منال: هو كدة مفي...
قاطعها صوت زوجها وهو يقول: سبيها تنزل يا منال
منال بغضب: يعني ايه مش كفاية الفضيحه اللي حصلت ثم وجهت حديثها الى ابنتها وقالت بغضب: ادخلي يابت مفيش مرواح
سمير: منااااال اسمعي الكلام وسبيها تروح اهي يبقى معاها حاجة تنفعها متبقاش خسرت كل حاجة
منال: ماهو التعليم ده اللي جابلنا المصايب
كل تلك الكلمات كانت تنغرس في جرحها الذي مازال ينزف، يا الله من اين جاءوا بكل تلك القسوة.
صرخت بهم ايمي بدموع: حرااام عليكوا انتوا ايييييه؟! ليه محملني ذنب حاجة مرتكبتهاش؟! انا عملت ايه عشان تعملوا فيا كدة يارب خدني عشان ارتاح من العذاب ده، ارحمووووني بقى
تركتهم وذهبت ودموعها تغرق وجنتيها، بينما ظل سمير وزوجته ينظرون لبعضهم بصدمه، تنهد سمير بضيق وتركها وذهب.
انتبهت ايمي من شرودها على صوت طرقات على باب غرفتها وظهرت من خلفه لارين
لارين بابتسامه: عاملة ايه دلوقتي ياحبيبتي
ايمي: الحمدلله احسن شويه
نظرت لارين الى كوب القهوه الموجود بجانب صديقتها وقالت بترقب: كالعادة قاعدتي سرحانه ومشربتيش القهوه لحد مابردت
نظرت ايمي الى الكوب وقالت: يووه نسيتها خالص
لارين: طب اعملها واحدة تانيه ونرغي شويه
ايمي: ممكن نرغي بس من غير قهوه عشان مسهرش
لارين: اوكي.
ايمي: قابلتي المهندس
عندما تذكرت لارين عماد بدأت تضحك بشده، نظرت لها ايمي بدهشه وقالت: مالك يا لارين انتي سخنه
هدأت لارين قليلا وتحدثت قائلة: اصلك مشوفتيش اللي انا شوفته
ايمي باهتمام: وايه ياختي اللي انتي شوفتيه
قصت لارين عليها كل ماحدث منذ ان رأت عماد حتى ذهبت
ايمي ضاحكه: يالهووي ده مجنون
لارين: اتصدم اول لما عرف اني مصرية
ايمي: يالا مش مهم المهم المهندس التاني ده اضايق.
لارين بجديه: اه وكان هاين عليه يشتمك
ضحكت ايمي وقالت: سيبك لما يجي بكرا ابقى اعتذرله
لارين: بس انتي مقولتيش انهم مصريين
ايمي: انتي مسألتنيش
لارين: مش مهم انتي هتروحي بكرا تقابليهم انتي
ايمي: اه صح انتي عندك معاد
لارين: يالا تصبحي على خير.
في مصر
دخل احمد غرفته وبدل ملابسه وجلس على فراشه، وحاول ان ينام ولكن فشل زفر احمد بضيق وقال: يارب ارحمني بقى كل لما اغمض عيني افتكر اللي حصل اغمض عينه بتعب ثم اكمل قائلا: انا هنزل اقعد مع ماما احسن
نزل من غرفته وجد والدته تجلس امام التلفاز، جلس بجانبها فقالت: منمتش ليه ياحبيبي
احمد بضيق: مش عارف انام
حنان: ليه
وضع احمد رأسه على قدمها وقال: تعبان ياماما تعباااان.
ملست حنان على شعره وقالت بقلق: مالك ياحبيبي فيك ايه؟!
احمد: خايف ياماما خايف اوي
حنان: من ايه يا احمد
احمد بتعب: خايف ربنا ميغفرليش اللي عملته
حنان بعدم فهم: هو ايه اللي عملته
صمت احمد ولم يجيب
حنان: ماشي انا معرفش ايه الغلط اللي انت عملته بس المهم انك ترجع عن الغلط ده
احمد: ايوا
حنان وتوبت بجد لربنا ومعدتش ترجع للغلط ده تاني.
احمد: توبت والله توبت ورجعت عن اللي كنت فيه بس مش مرتاح يا امي حاسس ان اللي عملته هيفضل يطاردني طول حياتي
حنان بترقب: هو اللي عملته ده ليه علاقه بالحلم اللي انت بتحلمه ومش عايز تحكيلي عنه
اومأ احمد برأسه قائلا: ايوا.
حنان: صلي يا احمد وادعي ربنا وهو اكيد هيغفرلك واهم حاجة انك مترجعش للغلط تاني، وبعدين يا احمد انت اتغيرت بجد بعد ما ابوك الله يرحمه مات بقيت واحد تاني مبقتش لا بتسهر ولا بتخرج وقربت من ربنا ومسكت الشركه مع انك الصغير
قبل احمد يدها وقال: ربنا يخليكي ليا يا احلى ام في الدنيا
ربتت حنان على ظهره وقالت: ربنا يحميك يا ابني ويريح بالك ويبعد عنك اي شر
احمد: يارب، تصبحي على خير
حنان: تلاقي الخير يارب.
في لندن وفي صباح اليوم التالي استيقظ طارق وذهب الى عمله وتقابل مع عماد
طارق: عامل ايه
عماد: الحمدلله انت اخبارك ايه
طارق: زفت
عماد بدهشه: ليه بس
طارق بضيق: انت عارف انا مبحبش اشتغل مع ستات وادي اهو شغل المركز مع واحدة ست واكيد من هنا يعني عليهم تناكه مش على حد
عماد: ياعم سيبك احنا هنعمل شغلنا وخلاص.
طارق: ماهي المشكله اني مبحبش حد يفضل يغير يعني هتختار الالوان وتيجي تغيرها هولع فيها هي والمركز بتاعها
عماد ضاحكا: يخربيت كدة دي اكيد هتطفش منك
طارق: خلاص مش مهم
عماد: بس على فكرة انا مش هاجي معاك
طارق: نعمممم ليه بقى انت هتسبني معاهم لوحدي
عماد: هما هيكلوك يابني
طارق بضيق: خلاص بس ليه
عماد: هروح اشوف الفيلا اللي مفروض خلصت امبارح عشان تتسلم بعد يومين
طارق: خلاص تمام روح شوف شغلك انت.
عماد: طيب سلام يا باشا.
ذهبت ايمي لعملها ولكن لارين لم تذهب معها، بدأت في ممارسة عملها وبعد ان انهت المرور على مرضاها جلست في مكتبها وفتحت الدرج واخرجت منه دفترا صغيرا تدون فيه بعض الجمل التي تعجز عن نطقها او قولها لاحد، كتبت بعض الاشياء لا يمكننا وصفها ولكن نشعر بها فقد، من السهل ان تضع يدك على فمك لتكتم صوت بكاءك ولكن هل يمكنك ان تكتم بكاء وآنين قلبك.
ثم اعادت الدفتر الى الدرج وامسكت بصورتها مع والديها عندما كانت في السادس عشر من عمرها واختها منه في السادسه من عمرها، كيف كانت ايامها سعيده مع والديها ولكن المرء لا يأخذ كل شئ ولا تأتي الرياح كما تشتهي السفن، بعد دخولها الثانويه العامه تعرضت لابشع الجرائم تبدلت حياتها من فرحه وسعاده الى حزن وجحيم، لم تعد تبتسم كما كانت عيناها دائما حزينه من يراها يعلم ان تلك الفتاه تحملت اكثر من طاقتها ببراءتها التي قتلت بسبب ذنب لم ترتكبه، هبطت دمعه على وجنتيها عندما تذكرت، يشاء الله ان يحدث لها هذا من ثم تكون ناجحه في عملها، من اشهر اطباء النساء والتوليد في لندن، ولكن هي حزينه على حالها لم تعد تثق في اي رجل، بالنسبه لها جميعهم ذئب بشريه لا يركضون سوا خلف شهواتهم وملذاتهم، استغفرت ربها وقالت: مش معترضه على قضاءك يارب، عارفه ان كما تدين تدان وانك هتاخدلي حقي من اللي عمل فيا كدة.
جففت دموعها واكملت عملها حتى دقت الساعة السادسه مساء وكانت انهت عملها فاخذت هاتفها وهاتفت والدها، وانتظرت حتى جاءها الرد وكانت والدتها.
منال عبر الهاتف: ايمان
ايمي: وحشتيني ياماما.
منال: وانتي كمان وحشتيني اوي يا ايمي عامله ايه انتي كويسة
ايمي: انا كويسة ياحبيبتي المهم انتوا.
منال: احنا بخير طول ما انتي بخير
ايمي: بابا ومنه عاملين ايه.
منال: كويسين باحبيبتي، مش ناويه ترجعي يا ايمان
تنهدت ايمان بتعب وقالت: ربنا يسهل.
منال: امتى يعني.
ايمي: اخلص تجهيز المركز وبعدين ابقى اشوف.
منال: وانتي بتعملي المركز عندك ليه ماتيجي تعمليه هنا هو انتي ناويه تعيشي حياتك كلها هنا.
ايمي: هتفرق ايه هنا من هناك وبعدين مانا بقالي 9 سنين هنا ايه اللي يرجعني.
منال بحزن: طب واحنا يا ايمان.
ايمي بدموع: مانا مشيت عشانكم.
منال ببكاء: طب ارجعي ومش هنضايقك تاني.
جففت ايمي دموعها وقالت: مبقاش ينفع يا ماما انا استقرت هنا وهفتح المركز.
منال: طب انزلي اجازة حتى.
ايمي لنهي الموضوع: ان شاء الله، سلميلي على بابا ومنه.
منال: الله يسلمك.
ايمي: سلام.
اغلقت مع والدتها وخرجت من المركز الذي تعمل به متجه الى المركز الخاص بها.
في مصر.
جلست منال حزينه، كانت تشعر بالذنب اتجاه ابنتها لانه هي السبب في رحيلها، في تلك اللحظة دخل زوجها عليها وجدها شارده
سمير: مالك يامنال
منال: ...
سمير: منااااال
نظرت له منال وقالت: هه بتقول حاجة
سمير: مالك في ايه
منال: ايمان وحشتني اوي
سمير: والله وانا كمان بس هي منشفه دماغها مش راضيه ترجع
منال بضيق: طالعه لابوها
رفع سمير احد حاجبيه وقال: وماله ابوها.
منال: مالوش ياخويا ثم اكملت بحزن: احنا السبب احنا اللي خلينها تطفش
سمير بحزن هو الاخر: عندك حق مقدرناش حالتها وخلنها كرهت الحياة معانا وعاشت لوحدها
منال: اتصرف ياسمير مش انت ابوها
سمير: عايزاني اعمل ايه
منال: رجعها بالعافية حتى لو اضطريت تسافر تجبها وتيجي
سمير: مش هغصب عليها حاجة وهي ان شاء الله هترجع قريب
منال: وانت عرفت ازاي
سمير: هتعرفي كل حاجة في وقتها.
ونهض وتركها شارده تفكر فيما في رأس زوجها.
دخلت فريدة المكتب بعد ان طرقت الباب وسمعت الاذن بالدخول، وقفت امام احمد ومدت يدها بملف به ورق وقالت بجدية: مستر احمد ده ملف الصفقه الجديدة
اخذ احمد منها الملف ووضعه على المكتب وقال وهو يكمل عمله: قرأتي ولا لسه
فريد بحماس: قرأته يافندم دي صفقه متتعوضش وضمنين مكسب كويس
نظر لها احمد وقال بترقب: متأكدة يافريدة
فريدة بثقة: ايوا طبعا احمد: تمام حددي معاهم معاد عشان نتفق
فريدة بسعادة: امر حضرتك يافندم.
خرجت فريدة من مكتب وهي تبتسم بثقة لقد استطاعت اقناعه بالصفقه...
وصلت ايمي امام المركز ودخلت الى المركز ومنه الى الحديقة المحيطه به لان موعدها مع المهندس تبقى عليه نصف ساعه، فكانت الحديقة هي التي تم تجهيزها فقط، وقفت امام احد الاشجار ونظرت للسماء وظلت تتأملها لبعض الوقت، فتذكرت لارين صديقتها فعيناها تشبه السماء في الصباح وشعرها يشبهها في الليل، لارين لديها شعر اسود يصل الى اسفل كتيفيها بقليل له سواد لامع مثل سماء بها نجوم تلمع، وتذكرت ايضا شقيتها منه التي ستنهي الثانوية العامه قريبا، كانت خائفة عليها للغاية، جلست على احد المقاعد الموجودة وتذكرت الماضي الآليم...
تركتهم ايمي وخرجت مسرعة ودموعها تغرق وجنتيها وظلت طوال الطريق تبكي حتى وصلت الى المكان الذي ستأخذ فيه الدرس، جففت دموعها ودخلت وعندما رأها اصدقائها رحبوا بها فقد كانوا اشتاقوا اليها كثيرا، مر الوقت سريعا وجاء معاد عودتها الى المنزل، عادت الى منزلها، مرت الايام سريعا وكانت لم تخلوا من تجريح منال لها دون قصد او عن قصد ولكنها كانت تضغط على نفسها وتركز في دراستها فقط، حتى انهت ايمي امتحاناتها.
ونجحت بمجموع 98%، وجاء على وزوجته زينب ليهنئوها على نجاحها
علي بسعادة وهو يضمها: الف مبروك ياحبيبتي كنت متأكد انك هتجيبي مجموع عالي كدة
ايمي بابتسامه: ربنا يخليك يا بابا لولا تشجيعك مكنتش هرجع اذاكر تاني
زينب: مبروك ياحبيبتي انتي تستهلي كل خير
ايمي: ربنا يخليكي ياطنط
صمت الجميع قليلا ثم تحدث على قائلا: ها نويتي على كلية ايه
ايمي: اممم انا قررت اسافر...
انتبهت من شرودها على صوت يقول: معذرتا.
وصل طارق الى المركز وسأل احدى حراس الامن فقال له ان الطبيبه لم تأتي بعد فقرر ان ينتظرها خارج المركز، وبعد مرور نصف ساعه نظر طارق الى ساعة يده بضيق وقال بتأفف: استغفرالله العظيم اول مرة اشوف حد هنا مش بيلتزم بالمواعيد بتاعته.
فذهب بأتجاه واحدا اخر من الامن وسأله فقال له ان سيارته موجودة هناك هذا يعني انها اتت ومن الممكن يجدها في الحديقة، فذهب معه الى الحديقه وهو غاضب، فاشار رجل الامن الى الفتاة التي تقف امام الشجرة وتعطيه ظهرها فذهب اليها وقال: معذرة
التفتت اليه الفتاه نظر اليها طارق وعلامات الدهشه على وجهه!
في مصر.
عاد احمد الى منزله فوجد شقيقته لينا تنتظره، قبل رأسها فقالت: احمد عايزاك
احمد: عايزة ايه
لينا: امممم انا كنت، آآ
احمد: يابنتي ماتنطقي عايزة فلوس
لينا بمرح: من ناحية الفلوس متقلقش هاخد منك بس في حاجة تانيه
احمد: ايه هي
لينا: بصراحه كدة عايزة اطلع رحلة شرم الشيخ مع صحابي
احمد...