رواية حب في الزمن البائد للكاتبة سارة ح ش الفصل الثاني عشر
انكسار
(الكاتبة)
تمضي الايام يوم بعد اخر ورغم ذلك تجدنا ثابتين حيث تركتنا اخر مرة. حياتنا الفارغة لن يملأها الف موعد ولا لقاء. لن يلون اسودها ضحكة ملونة وكلمة مراوغة، سنجدها فجأة توقفت عند لحظة معينة من غير مستقبل!
جلست لوجين تعزل نفسها حتى عن نفسها وتعيش بعالم افتراضي خلقته لذاتها لا يحوي سوى كلمات قاسية تواجه روحها الهشة وتصرفات ساذجة اوقعتها ببئر ذنوب مجبرة على ارتكابها.
حدقت من خلال نافذة غرفتها بالسماء الخالية من سحب متراصفة. كسجين يشتهي طعم حرية ممنوعة عنه ولو دفع حياته ثمناً لذلك!
- لوجين!
حدقت بعيونها الواهنة المحاطة بهالات بنية تُذبل لها بشرتها النقية بعيون رنا المنكسرة عليها!
تطلعت بها لثواني بجمود وبرود وكأنها تحاول استيعاب وجودها هنا ثم قالت بعد ثواني: - متى اتيتِ؟
- قبل دقائق.
اعادت ابصارها حيث كانت من غير كلمة اخرى. رفعت رنا يديها وملست بهدوء شعر لوجين المبعثر الذي تربطه بفوضويه فقط لتبعد الخصلات المزعجة عن وجهها.
- انتِ لم تذهبي للجامعة منذ اسبوع يا لوجين. وتعزلين نفسكِ هنا وكأن هذا سيغير من الواقع شيئاً!
- اعلم انه لم يغير.
ثم تطلعت نحو رنا واكملت من وسط رؤيتها المشوشة بدموع لم تجف بعد: - ولكني عجزت عن التحمل.
جلست بجوار رنا وانزلت اقدامها فوق ارضيتها الدافئة واسندت يديها بجانبها لتسند جسدها الضعيف واكملت بأنكسار لتندب حظها الذي ظنته في يوم الاجمل: - انا اعيش بين نارين يا رنا. وكلاهما تحرقني. لا يمكنني الاعتراف لرسلان بشيء خوفاً عليه من التهور. ولا يمكنني تحمل كلماته التي يظلمني به!
مسحت رنا برفق على ظهرها وهي تقول بتحفيز لتنكث هذا الغبار عن روحها الراقدة بسبات حزن طويل: - يا لوجين لا تفعلي بنفسك هذا عزيزتي. لا تتشائمي بهذا الشكل لربما كل ما يحصل الان هو من مصلحتكِ. الحياة احياناً تلقننا درساً ثم تهبنا هداياها لنقدر ثمنها ونحافظ عليها. ربما هذا اختبار لصبركِ وتحملكِ!
ومن غير توقعها استعادت لوجين قوتها المفقودة فجأة ونهضت من فوق سريرها واستدارت نحو رنا وصرخت بها: - متى ستكفون عن هذه الكلمات الساذجة؟ متى ستدركون ان الحياة لا تهيئني لسعادة بل تعاقبني؟ انا لست مظلومة يا رنا. انا اذنبت. لقد اذنبت والله يعاقبني الان على سذاجتي وتسرعي!
بقيت رنا تحدق بها بتوجس من غير رد فعل غير القلق. فلقد كان يبدو جلياً ان صراخ لوجين بهذا الشكل الهيستيري لن يمضي على خير. وبالفعل!
ما هي ألا ثواني من صمت رنا وعدم تعليقها حتى استدارات لوجين نحو كل شيء قابل للكسر في غرفتها وبدأت بتحطيمه والصراخ بجنون!
نهضت رنا فوراً وحاولت ايقافها بأي شكل ولكنها فشلت. انها لحظة غضب. لحظة انهيار. لحظةٍ حيث تتصلب كل الاعصاب والعضلات الموجودة في الجسد ويرتفع الادرينالين ليمنحنا قوة لا نملكها. ولن يسيطر علينا احد!
ما هي ألا ثواني حتى انضمت سعاد وسهير لرنا وهن يحاولن ايقاف لوجين التي دخلت بحالة عصبية من كثرة الضغط الذي تعرضت له. ولكن جميعهم فشلوا. ولم يسيطرو عليها ألا بعد جرحت معصمها بتلك الزجاجة المكسورة لينهكها الدم المتدفق وترتخي عضلات قديمها وتسقط على الارض!
ما بين صراخ امها. ما بين ضربات سعاد فوق خدها. ما بين صوت رنا. ما بين كل هؤلاء كانت لوجين بين عالمين. عالم مظلم يجعلها لا تشعر بشيء. وما بين وعيها الذي يربطها بالواقع من غير قدرة على عيشه مع فتور قوتها واضمحلالها. وبلحظة تلاشى كل شيء ليفقدها ضعفها بقية وعيها، اختفت الاصوات. طفى جسدها في الهواء. ارتخت اطرافها المحمولة. تضمها رائحو مميزة. رائحة رجولية تعرفها. بل تدمنها. رائحته هو. ثم لاشيء. عالم اسود ابعدها عنهم جميعاً!
- لوجين؟ لولي؟ حبيبتي؟
كان صوت تعرفه وتميزه من بين ملايين الاصوات. صوت اجبرها على محاربة التصاق جفنيها لتفتحهما. ليقع اول ما يقع على ذلك الذقن الملتحي قليلاً الذي بللته الدموع. تلك العيون ذات اللون النادر في بلدها. ذلك الشعر الناعم القصير. تلك اليد التي تمسح على شعرها برفق كمن يلامس طفل حديث الولادة يخشى عليه البكاء. انها مواصفات بطل حكايتها منذ الطفولة!
- رسلان؟
قالتها بضعف فكسرته اكثر ليلصق جبينه على جبينها وتلفح انفاسه بشرتها الشاحبة بينما ينحب بين يديها:
- ماالذي فعلته بنفسكِ؟ بل ماالذي فعلته بي؟ لماذا يا لوجين لماذا؟
قوست شفتيها نحو الاسفل واجهشت ببكاء مرير بينما تقول بصوت اوهنه المخدر الذي غرسوه بيدها قبل ان يقطبو لها جرح وريدها:
- لِما لم تتركني اموت يا رسلان؟ لما احضرتني الى هنا؟ لما لم تتركني اتخلص من حياتي وارتاح؟
افقدته صوابه كلماتها هذه فتناسى ما تعايشه فهزها من دون وعي من كتفها وهو يصرخ بها:
- هل فقدتِ عقلكِ؟ كيف تسمحين لنفسكِ ان تفكري بهذا الشكل؟ ان حصل لكِ شيء انا سأموت يا لوجين سأموت!
غطت وجهها بكلتا يديها لتجهش ببكائها المتواصل فابعد يديها فوراً وادخل يديه خلف ظهرها ورفعها نسبياً وهو يضمها اليه بقوة بينما يغرس انفاسه داخل خصلات شعرها وهو يقول بتوسل:
- لا تتركيني يا لوجين. افعلي اي شيء ولكن لا تتركيني!
احاطت فوراً عنقه واكملت بكائها بصمت من غير تعليق تضيفه. فلا يمكنها ببساطة ان تبوح بأي شيء!
تسمرا على هذا الوضع لدقائق دون فعل شيء سوى البكاء. فكلاهما يحتاجان عناق مماثل ليتخلصا من فوضى روحهما بعد سنين طويلة!
سحب يديه برفق وتطلع داخل عيونها القريبة من عينيها وقال بينما يمسح لها دموعها:
- سأخبر الباقين بأستيقاظكِ. انهم ينتظرون في الخارج ومنعنا الطبيب من الدخول جميعنا قربكِ!
اومأت بصمت فطبع قبلة على قمة رأسها فوق خصلات شعرها ثم ابتعد عنها وخرج من الغرفة. راقبت تلك الدماء التي تلون قميصه من الامام فأدركت ان ظنها لم يخيب. كان هو من حملها!
ما هي ألا لحظات حتى دخلت رنا وسعاد وسهير الغرفة ولكن من دون رسلان. استغرقو الثواني الاولى في عناقها وحمد الله على سلامتها واستثمرن الدقائق الاخرى في اللوم والتأنيب من غير رد من لوجين. فالله وحده يعلم ما احس كل واحد فيهم من خوف عليها لذلك كانت تقدر موقفهم!
- هل تظنين ان حل كل الاشياء بموتكِ؟
قالتها سهير بقهر من وسط دموعها وجفونها المتورمة فأكتفت لوجين بالتحديق بها من غير اجابة لتكمل سهير بعصبية:.
- ألم تفكري بما سيحصل لنا انا وابيكِ ان تأذيتِ؟ ألن تكفي عن انانيتكِ هذه وتفكري لمرة واحدة بنا؟ بدل ان تساعدينا لنخرجكِ من المصيبة التي ورطتي نفسكِ وورطتنا بها، تأتين الان بكل سهولة لتتخلصي من حياتكِ وتتركينا؟
اشاحت لوجين رأسها بعدم اهتمام اتجاه النافذة لتقرص سعاد سهير في محاولة منها لتنبيهها انه ليس الوقت الملائم لكلام مماثل حتى وان كان قلب الام هو من يدفعها لهذه العصبية!
اكتفت سهير بالصمت وسعاد بالدعاء وحمد الرب في ثانية واخرى على سلامة لوجين بينما تواصلن لوجين ورنا بنظرات مبهمة لا يفهمها سواهما!
حضر رسلان برفقة الطبيب ليجرو لها المعاينة الاخيرة قبل الخروج ليطمئنهم ان كل شيء بخير وبأمكانهم اخراجها. وهنا كان الوقت لتبقيا لوجين ورنا وحدهم بينما البقية خرجو مع الطبيب للأستفسار والنصيحة!
- كيف عرف بالامر؟
قالتها لوجين بخفوت فور خروجهم بينما تجلس على طرف السرير بمساعدة رنا لتبتسم الاخرى برصانة لم تعتد عليها بضحكها وقالت:
- حين فقدتِ وعيكِ خرجت كالمجنونة اصرخ في الشارع واطالب الناس بأحضار سيارة. هو قد سمع صوتي وحضر وفور ان فهم الامر اقتحم المنزل وحملكِ!
توردت ملامحها بإستحياء لتكمل رنا بابتسامتها المشاكسة:
- وهنا فعل المستحيل وتوسل الى ان انقطعت انفاسه كي يجواركِ لحين استيقاظكِ!
وقبل ان ترد لوجين بشيء قطع عليهما همساتهما السرية دخول سعاد مع الممرضة التي يتقدمها كرسي متحرك فاقتربا من لوجين بينما سعاد تشير لابنتها قائلة:
- ساعديها في النهوض يا رنا كي لا يختل توازنها!
فاسندتها لتجلسها فوق الكرسي ليخرجو من الغرفة التي يقف عند بابها سهير ورسلان. كان يسند احدى يديه على خاصرته بينما الاخرى يمررها على شعره بتعب. تلاقت ابصارها المتوترة بابصاره المتعبة فحرمتهما خطوات الممرضة السريعة من هذا اللقاء الزمني فاكتفى بالسير خلفها كما يفعل البقية!
كان اخر لقاء بصري لهما حين حركت سيارة الاجرة التي تحملها وامها وسعاد ورنا واستقل هو اخرى، اسندت رأسها على النافذة بينما تستمع لهمسات امها مع رنا اللواتي بجوارها عن كيفية ايصال الخبر لعادل. فمهما تكتموا على الامر لابد ان يسمع خبره من الجيران لذلك كان لا بد لهم سوى البوح بانفسهم!
(رنا)
الحياة ليست قاسية. الحياة هي واقع. واقع نرفض تقبله فنتهمه بالقسوة. كما اتهمته لوجين وحاولت الهرب منه. ولكن كيف سنهرب من شيء يحيطنا من كل الجهات؟ كغرفة مستديرة خالية من الزوايا. هكذا هو الواقع!
راقبتها باشفاق وهي تسند رأسها بانكسار على نافذة السيارة تحدق بعدم اهتمام بالاشياء والاجساد التي تمر بسرعة من قربنا حين تخترقها السيارة. ابصارها لا تتحرك معهم. كل ما نمر به يمر بسرعة ألا ان عينيها ثابتة بنقطة معينة لم تكن تبدو لي انها نقطة موجودة من الاساس! اشعر ان الحياة اهلكتها بين ليلة وضحاها بعد ان كانت الفتاة الاوفر حظاً!
وصلنا الى المنزل وعيون لوجين تتعانق مع الارض تخجل من رفعها لتلتقي مع عيون الجيران الذين لا يرحمون من سوء الظن واخرون يشفقون على حالها. وكم كان الاشفاق يجرح اكثر من الاتهام!
فور دخولها صعدت الى غرفتها لتعتزل من جديد فاخافني بقائي هنا او لحاقي بها. في الحالتين اشعر انها لربما ستؤذي نفسها من جديد. انعزالها مؤخراً ومزاجيتها غير المعهودة معي اصابتني بتشوش جعلني لا افقه كيفية التعامل معها. ولكني ببساطة لم اكن ذلك النوع من الاشخاص الذي حين لا يفهم تصرفات المقربين منه يبتعد ويتركهم بمفردهم. لذلك تبعتها. جلست هناك قربها دون ان افعل شيء سوى البقاء قربها. وربما هذا مااحتاجته مني. قربي وصمتي في ان واحد. وربما هذا ما دفعها للغط بنوم عميق وهي تضع رأسها فوق حجري متناسية هموم العالم اجمع!
حلّ المساء وبالكاد سيطر العم عادل على صوته المرتفع من ان يعلو اكثر بعد ان علم بالخبر. ولا نعرف ما دار في راسه حين صمت فجأة من وسط سيل كلماته المجروحة.
- انها تعيش ضغوطات ومصير اسود لم تكن تتوقعه. لذلك كان متوقعاً ان تتصرف تصرفات مماثلة يا عادل.
قالتها الخالة سهير ليتمتم العم عادل من بين انفاسه الحادة:
- لن اجلس مكتوف اليدين واشاهدها تنساب مني يوم بعد اخر!
سألته الخالة سهير بتوجس:
- ما الذي تنوي عليه؟
- لن افقدها يا سهير والوم القدر على ذلك. سأفعل المستحيل!
- يا عادل لا تتهور. يكفيني تهور ابنتك!
تبسم بسخرية وهو يقول:
- يا للعجب! نعيش هذا الالم والقلق كله فقط لان ابنتي عبّرت عن رأيها بابن الرئيس وليس حتى بالرئيس؟
وهنا انكسر سور الهدوء الذي كانت الخالة سهير تطوق نفسها به وهي تقول بعصبية:.
- ما فعلته خاطئ يا عادل فكف عن تبرير ذنبها. ان ادرك احد غيرنا انك راضي على تصرفها فسنبدأ بوضعك ايضاً ضمن خطة الهروب!
اكتفى الاخر بالصمت على مضض وهو يستوعب القلق الذي تعيشه زوجته واكتفى بافكاره لنفسه. للوقت الحالي على الاقل!
عدنا بعد ساعة انا وامي نحو منزلنا. كعادة امي منذ سنين فهي قد غطت بنوم عميق فور وضع رأسها على الوسادة. وهذا بالفعل اكثر شيء احسدها عليه!
وضعت شمعة صغيرة قرب فراشي الذي اتوسده ارضاً بينما امي على سريرها. فتحت دفتر مذكراتي الذي لا ابصره النور ألا ليلاً بعد ان يغط الجميع بالنوم وانا يصيبني الارق.
مر اسبوعان و15 ساعة وبضع دقائق. ولم اراه من جديد. وكأنه لم يتواجد في حياتي ابداً. وكأني لم اكن في يوم الاحب اليه، احياناً استعيد كلماته التي يليقها على مسامعي وكم انه يؤذيه ابتعاده عني. كم يؤذيه حبي الذي يبقيه عاجزاً. وكأي انانية في حبها كان هذا الكلام يسعدني. ولكن احياناً اخرى كنت اقارن كلماته بتصرفاته. حين يتقن الغياب لايام. حين يضحك هنا وهناك ويسمعني صدى قهقهته فقط. حين يثبت له صدقه من خلال كذبه. حين يريد مني ان اصدق ما اسمعه منه واكذّب ما اراه بنفسي، اتراه يعلم كم من الم يعشعش داخل روحي؟ بل اتراه يهتم؟ اليوم ادركت ان.
وفجأة قطع على تسلسلي بكلماتي صوت طرقات خفيفة فوق باب منزلنا، انتابني الفزع بادئ الامر واوشكت على مد يدي نحو سرير امي لاوقظها ولكني تراجعت. لربما كان احد نعرفه فلما اقلق لها نومها؟ او لربما لا يوجد اي احد من الاساس. فقررت ان اسأل عن هوية الطارق قبل ان اعود لاوقظها.
انسحبت من فراشي بهدوء ووضعت وشاح فوق منامتي التي تكشف عن يداي كلها وسرت بقدماي العارية بخطوات متأنية نحو الباب. وقفت خلفه وهمست بخفوت شديد:
- من هناك؟
- انه انا!
وهنا شهقت بصدمة فكتمت شهقتي بيدي فوراَ، انه يزن! هل فقد عقله هذا المجنون؟
اسرعت نحو غرفتنا واغلقت بابها ثم لبست مئزر نومي كي يستر جسدي المتشح بملابسي الخفيفة، اسرعت مجدداً نحو الباب واغلقت الستارة التي كانت تفصل مدخل المنزل عن الصالة كي استشعر حركات امي ان استيقظت.
فتحت الباب فاطل على وجه يزن المتعب. متعب بشكل كسر لي قلبي. لقد نمت لحيته بعض الشيء وذبلت عيناه وتحوطت بهالات سوداء مشابهة لتلك التي تمتلكها لوجين. فادركت في لحظتها فوراً ان غيابي عن يزن يشابه غياب رسلان عن لوجين!
- ماالذي تفعله هنا يا يزن؟
قلتها بذعر وقلبي يرتجف خشية ان تستيقظ امي وتفهم وقوفنا بشكل خاطئ او حتى ان يراه احد الجيران ويفهمه بشكل اسوأ!
- ضروري ان نتحدث!
فهتفت به بحدة مع المحافظة على نبرة صوتي:
- الان؟ انها الواحدة بعد منتصف الليل ايها المجنون. ان استيقظت امي ورأتنا فستربطني امام قطار او تلقيني من فوق السطح هذا ان لم تجلدني بحزام ابي اولاً!
لم اتوقع ان بحالته هذه قادر اساساً على الضحك. حسناً اعلم اني ظريفة. ولكني كنت جادة 100%!
وهل تعلمون ما الذي لم اتوقعه ايضاً؟ ان يدفعني ليدخل وهو يقول:
- ذاتاً انا هنا لاتحدث مع امكِ!
ودخل الى الصالة من غير ان يبالي بهتافاتي، ضربت خدي ثلاث مرات وانا ادعي بالويل والثبور. اليوم انا مقتولة لا محالة!
اغلقت الباب ولحقته وامسكته من يده احاول سحبه وانا اقول بذات الخفوت:
- اذهب الان يا يزن وسنتحدث غداً انا اعدك وبأي مكان تحدده انت!
قال بنبرة اعتيادية من غير ان يخفضها:
- قلت لكِ اني.
فاغلقت فمه فوراً بيدي وانا اقول:
- شششش ستستيقظ امي اتوسل اليك!
انزل حدقتيه نحو يدي ثم ضاقت زوايا عيناه بابتسامة وهو يعيد ابصاره إلى فاحمرت وجنتاي فوراً وانا ابعد يداي واقول بارتباك
- اخرج الان ارجوك!
فعاد بذات نبرته بل واعلى:
- اخبرتكِ اني لن اخرج!
وقطع على جوابي الذي لم الفظه بعد صوت انفتاح الباب وخروج امي وهي تفتح عينيها بصعوبة تقاوم نور الصالة المرتفع مقارنة بظلام الغرفة!
- يزن؟!
قالتها امي باستغراب شديد فقلت انا بنبرة اقرب للبكاء:
- يرحمكِ الله يا رنا!