رواية انتقام مجهولة النسب بقلم شيماء رضوان الفصل السادس عشر
استيقظت ألاء من نومها،ونظرت لحمزة الذى ينام بجوارها بإبتسامة هادئة،ونهضت من الفراش متجهة الى الحمام لتغتسل وتأدية الصلاة،ثم توجهت الى المطبخ لإعداد طعام الإفطار.
إستيقظ حمزة ولم يفتح عينيه بعد، وتحسس جانبها من الفراش ولكنه لم يجدها ومكانها بارد، فنهض من الفراش ليبحث عنها، وجدها تقف فى المطبخ تعد الفطور غير منتبهة له، فتنحنح بخفوت فالتفتت له وهى تزين وجهها بابتسامة جميلة سلبت لبه وقالت:
-صباح الخير يا حمزة!
أجابها بابتسامة أظهرت نواجزه:
-صباح النور يا لولو، إيه اللى مصحيكى ده الساعة لسه تمانية والفرح حتى خلص متأخر!
أجابته وهى منهمكة فى إعداد الفطور:
-أنا مبحبش أتاخر فى النوم، حتى لو نايمة متأخر برده بصحى بدرى، وقلت أجهز الفطار علشان نفطر أول فطار سوا.
جلس على إحدى المقاعد أمامها وقال بمرح:
-يعنى لولو صاحية بدرى علشان تجهزلى الفطا،ر إيه الهنا اللى أنا فيه ده.
التفتت له بإبتسامة مشاكسة، وتمعنت فى ملامح وجهه التى أسرتها،وهتفت بهدوء عكس طبعها العصبي دوماً:
-قوم من هنا يا حمزة، خد دش وصلى واستنى بره على السفرة لغاية ما أخلص.
عقد ذراعيه أمام صدره هاتفاً بحنق مصطنع:
-جالك قلب تطردينى من المطبخ يا لولو!
ابتسمت لمظهر وجهه الحانق وقالت:
-قوم يا حمزة وبطل دلع.
نهض بتكاسل من على المقعد واقترب منها مقبلاً جبينها، قائلاً بحب وابتسامة حنونة تزين وجهه:
-صباحية مباركة يا حبيبتى!
غادر حمزة أما هى شردت فى أثره، تُرى هل ستستطيع الإنتقام أمام حبه الذى يغمرها به؟ أم ستستسلم لحبه وحنانه ؟
نفضت تلك الأفكار من رأسها،وحسمت قرارها أنه لابد أن تنتقم منهم على ما فعلوه معها،ولكن حمزة لن يمسه سوء أبداً .
أما مريم لم تنم من الأساس،تدور فى غرفتها لا تعرف كيف تتعامل معه ؟هل تكون زوجة مطيعة كأى زوجة أخرى تساعد زوجها وتعلم ما يؤرقه ؟ أم تتجنبه من الأساس؟ لا تنكر أن الأسبوعين اللذان سبقا حفل الزفاف جعلاها تنظر للدنيا بعين أخرى، وتندم على ما ضاع منها هباءاً منثوراً، تجرى وراء وهماً ظنت يوماً أنه حباً،وتركت الشخص الذى أحبها بصدق،تُرى ماذا عليها ان تفعل؟
ظلت دقائق تفكر،الى أن التقطت هاتفها وطلبت أحب الأرقام على قلبها،رقماً لم تنساه يوماً حتى عندما إبتعدت عن صاحبته.
جاءها الرد بهدوء قائلاً:
-السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ردت مريم باعين دامعة، وإشتياق لتلك الصديقة:
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،إذيك يا سهام أنا مريم فوزى.
صمت وإشتياق من الجهة الأخرى، وأيضاً حزن لما حدث وإبتعاد مريم.
فهمت مريم أن سهام صامتة؛ لأنها مازالت حزينة على إفتراقهما يوما عندما فضلت ملك وأصدقائها عليها، وإخبارها أنها لم تعد تناسبها لتكون لها صديقة.
فتابعت حديثها بندم ودموع هبطت على وجنتيها:
-أنا عارفة إنك زعلانة منى يا سهام، بس أرجوكى إقبلى إعتذارى، عارفة إنى غلطت زمان لما تخليت عن صداقتنا ومشيت مع ملك، بالرغم من إنك حذرتينى منها، أنا ندمت على كل اللى فات يا سهام.
صمت أخر من سهام التى لا تستطيع التحدث ودموعها تهطل على وجنتيها هى الأخرى.
أما مريم لم تستسلم وتابعت قائلة:
-سهام أنا اتغيرت،عارفة إن التغيير ده إتاخر بس أنا اتغيرت ولبست الحجاب، حتى إنى اتجوزت حسن .
صمتت قليلاً تزيل دموعها ثم تابعت بقهر:
-حسن اللى كنتى علطول تقوليلى إنه بيحبنى، ونظراته ليا موضحة كل حاجة، وأنا اللى كنت بقعد أضحك على كلامك،دلوقتى خسرت حسن كمان،أنا عايزة أشوفك يا سهام محتجالك أوى.
أغلقت سهام الهاتف بقلب متألم على صديقة عمرها، لم تستطع أن تسمع منها المزيد، يكفيها ما سمعته منها .
أزالت دموعها وحسمت أمرها بضرورة الذهاب الى مريم اليوم والوقوف بجانبها فى محنتها، فمهما حدث ستظل صديقتها الى الأبد مهما حدث.
أما مريم جلست على الفراش بإنهيار عقب تلك المكالمة التى إستنزفت كل طاقتها،و ظلت فيها سهام صامتة لا تتحدث.
كان حسن يقف أمام باب غرفتها بقلب متألم على ما يحدث بزوجته،كان يشدد الحصار حولها طوال الأسبوعين بدون أن يراها،كان فقط يتحدث مع أمها وهى من تنفذ لأنها كانت تعلم أن ابنتها بحاجة للإصلاح؛ حتى يعيد تأهيلها من جديد،وهى لم تمانع ذلك .
كان يود الدخول الى الغرفة والوقوف بجوارها عقب تلك المكالمة مع صديقتها والتى تسببت فى إنهيارها، يسمع صوت بكائها وشهقاتها المتتالية، ولكنه لا يستطيع أن يدلف الى الغرفة وإحتضانها حتى تهدأ.
مازال كبرياء الرجل بداخله يرفض مسامحتها، رفضت حبه قبل ذلك ولا يمكنه المجاذفة بكرامته مرة أخرى .
عاد الى غرفته وأغلق الباب خلفه بدون أن يتفوه بحرف.
إستيقظت سلمى هى الأخرى باكراً لأنها أيضاً لا تحب النوم لوقت متأخر .
وضعت طعام الإفطار على السفرة،وتجلس بإنتظار مصطفى الذى إستيقظ بعد عناء ويبدل ملابسه الان.
خرج مصطفى من الغرفة وجلس بجوارها ليتناولوا الإفطار قائلاً بمرح:
-صباح النور على البنور!
ابتسمت له ووضعت يدها على خدها تتأمله قائلة:
-صباح الخير يا مصطفى، هو إنت هتفضل تهزر كده علطول، مش هتتكلم جد أبداً، من ساعة ما عرفتك وإنت بتهزر مشفتكش بتتكلم جد أبداً.
ضحك مصطفى بإستمتاع على حديثها،وأجابها قائلاٌ:
-صحيح أنا معظم الوقت بهزر وأضحك، لكن لما بتعصب أو أضايق من حد بقلب علطول، ومحبكيش تشوفينى بالشكل ده أبدا يا سلمى.
أومات برأسها قائلة:
-إن شاء الله مش هيبقى فيه عصبية ولا حاجة، وحياتنا تفضل هادية علطول.
فى المساء
زارت مديحة ابنتها وإدعت مريم أمامهم أنها سعيدة بحياتها مع حسن .
زارت مديحة ألاء أيضاً وباركت لها،وطوال جلوسها معها هى وحمزة تتمنى ألاء لو تنهض من مكانها وتضع الوسادة على وجهها،كاتمةً أنفاسها حتى يهدأ بالها ودمها الساخن فى عروقها،ولكن صبراً فالوقت لم يحن بعد.
قاطع زيارة مديحه لألاء إخبار حمزة لها أن عمه وجده سيصعدون لهما بعد قليل،مما جعل مديحة تستأذن حتى لا ترى فاروق.
طوال زيارة فاروق لألاء ومعه والده كانت ألاء تنظر له باشتياق، تود لو ترتمى بأحضانه وتخبره أنها ابنته، ولكنها تمنع نفسها من فعل ذلك حتى تصل لهدفها،أما الجد ظلت تنظر له باحتقار،وعندما ينظر لها تتصنع الإبتسامة أو إنشغالها بأى شئ ؛حتى لا يرى نظرات الإحتقار بعينيها .
تجلس مريم بغرفتها عقب ذهاب أمها حزينة شاردة، قضت النهار بأكمله فى غرفتها،لم تخرج منها حتى عندما أتت والدتها جلست معها بغرفتها،تحمد الله أن هناك حمام بالغرفة حتى لا تضطر الى الخروج ورؤيته.
أما حسن يجلس بالصالة أمام التلفاز، وينظر بين الحين والأخر الى باب غرفتها فى إنتظار أن تخرج من غرفتها، تلك العنيدة لم تتناول شئ من الأمس، ولكنه لن يذهب إليها لتتناول الطعام يجب أن تخرج هى بإرادتها من الغرفة التى ظلت حبيستها طيلة النهار.
دق جرس الباب فنهض ليعرف من الطارق، وجدها زوجة عمه مديحة وصديقة لمريم رأها معها من قبل مرات عديدة،ولكنه منذ فترة لم يرها مرة أخرى ولم يعنيه الامر، خمن أنها سهام التى كانت تتحدث مع مريم على الهاتف، فالفتاة ملابسها محتشمة وتنظر للأسفل وترتدى الحجاب أيضا.
هتفت مديحة بابتسامة:
-دى سهام صاحبة مريم،جاية تباركلها يا حسن!
إبتسم حسن لصدق حدسه، وأفسح لهم المجال ليمروا قائلاً:
-إتفضلوا جوة لغاية ما أنادى لمريم!
دلفت سهام بإستحياء مع مديحة فى إنتظار مريم.
طرق حسن على الباب فقالت:
-أيوة .
-رد حسن بهدوء:
فى واحدة بره اسمها سهام، عايزة تشوفك!
هبت من مقعدها بسرعة و،فتحت الباب وخرجت الى الصالة بدون أن تتحدث معه،مما أدهشه وحدث نفسه قائلا:
-هو إنتى بتحبيها يا مريم للدرجة دى!
وقفت مريم أمام سهام قائلة بإبتسامة وهى تصافحها:
-إذيك يا سهام!
ابتسمت سهام لها قائلة:
-الله يسلمك يا مريم، ألف مبروك!
ردت مريم بهدوء:
-الله يبارك فيكى.
تحدثت مديحة بهدوء قائلة:
-طيب أسيبكم أنا بقى تتكلموا وأنزل، عندى حاجات عايزة أعملها.
غادرت مديحة، وأيضا دلف حسن الى غرفته ليجعلها تتحدث مع صديقتها بأريحية.
صمتت سهام وظلت تنظر لمريم، أما مريم دمعت عيناها واحتضنت سهام بشدة قائلة:
-كنت فاكرة إنك نسيتينى، لما إتصلت بيكى وفضلتى ساكتة ومتكلمتيش خالص.
شددت سهام من إحتضانها قائلة:
-أنا عمرى ما نسيتك يا مريم، أنا بس مكنش عندى كلام أقوله، وإتأثرت بكلامك وإنتى بتعيطى.
نظرت مريم حولها ثم تكلمت بخفوت قائلة:
-طيب تعالى نتكلم فى أوضتى،مش عايزة حسن يسمع حاجة.
دلفت مريم برفقة سهام الى الغرفة، وجلست أمامها صامتة لا تعلم من أين تبدأ حديثها.
شجعتها سهام لتتحدث قائلة بإبتسامة:
-قولى كل اللى عندك،أنا سامعاكى يا مريم و هفضل ساكتة لغاية ما تحكى كل حاجة.
أخذت مريم نفس عميق وقصت عليها كل شئ، بدايةً من صداقتها بملك وحبها لحمزة ومحاولاتها للتقرب منه،وأيضا خطتها بمساعدة ملك للايقاع بحمزة وإتهامه بأبشع التهم وهى تهمة "الاغتصاب"،وخيانة ملك لها عندما أخبرت حسن،وقامت بتسجيل صوتها عندما كانت تتحدث معها عن خطتهما،وما فعله حسن عندما علم وصفعه لها، وجعلها تتزوجه غصباً، وحصاره حولها بدون أن تراه بمساعدة أمها طوال الأسبوعين الماضيين قبل الزفاف.
كانت سهام تستمع لها بأعين جاحظة،وحمدت الله فى نفسها أن حسن إستطاع منع تلك الكارثة التى كانت ستضر الجميع وأولهم مريم، وتنهدت بعمق لتبدأ حديثها رداً على كلام مريم، هاتفة بجدية وهدوء رزين:
-بصي يا مريم أنا مش عايزة أقعد الوم فيكى على اللى حصل، بس اللى أقدر أقوله إنك غلطتى يا مريم، وندمتى على اللى حصل،إستغفرى ربنا كتير وربنا بيقبل التوبة من عباده، إذا كانوا صادقين فى توبتهم وأخلصوا النية لله،وكمان المفروض إنك تحمدى ربنا إن حسن جه فى الوقت المناسب وقدر يمنع الكارثة اللى كانت هتحصل؛ لإنك كنتى أكتر واحدة هتنضر منها لما يكتشفوا إنك بتكدبى.
-وبخصوص إنك خسرتى حسن زى ما بتقولى، لا يا مريم حسن لسه بيحبك،والدليل على كده إنه هددك بالريكورد علشان يتجوزك، مع إنى مش معاه فى طريقة التهديد اللى اتبعها معاكى، بس قرب حسن منك وإنه طلبك للجواز،والحصار اللى فرضه عليكى بمساعدة والدتك، وإنه قدر يبعدك عن أصدقاء السوء ويخليكى تندمى على اللى فات، ده يبررله الطريقة اللى إتجوزك بيها، الطريقة صحيح غلط بس النتايج مذهلة، خلاكى تشوفى الدنيا بعيون تانية.
صمتت قليلاً تتابع مريم التى تنظر لها بشغف،تنتظر منها إكمال حديثها فتابعت قائلة:
-حسن مضاعش منك يا مريم، حسن لسه بيحبك، هو بس مجروح منك وكرامة الراجل جواه وجعاه؛ لإنك رفضتى حبه،قربى منه، حسسيه إنك مثال للزوجة المخلصة المحبة لزوجها،خلى وجهة نظره عنك تتغير تماما،خليه يحس إنك مريم جديدة مش مريم بنت عمه القديمة،لا مريم مراته اللى مستعدة تعمل أى حاجه فى سبيل إنها تخليه يسامحها وتكسب ثقته،خليه يتأكد إن حبك لحمزة مجرد وهم ملوش أى أساس من الصحة،وإنها كانت تجربة فى حياتك تمر عليكى مرور الكرام، تستفادى منها من غير ما تتأثري بيها، فاهمانى يا مريم.
إحتضنتها مريم بسعادة فقد كانت نعم الصديقة لها وستظل هكذا للأبد، كلامها درر وقد أفادتها كثيراً، فهتفت بسعادة:
-أنا إستفدت منك أوى يا سهام،وهنفذ كلامك كله بالحرف.
غادرت سهام، أما مريم دلفت الى حمامها وارتدت فستان صيفى، وهو فستان ذراعيه تصل الى المرفقين،يصل الى بعد الركبة بقليل، من اللون الوردى الهادئ،وخرجت لترى حسن وجدته بغرفته، فقامت بتسخين الطعام المتواجد بالثلاجة،ووضعته على السفرة ثم اتجهت الى غرفته وطرقت الباب، ففتح لها وأعجب بهيئتها، ولكنه أجاد إخفاء ذلك قائلا بجفاء:
-عايزة إيه يا مريم؟
بالرغم من جفاءه، إلا أنها ابتسمت بوجهه قائلة:
-تعالى يا حسن الأكل جاهز بره على السفرة.
رد عليها بفتور:
-مش جعان يا مريم.
أمسكت يده برجاء قائلة:
-الله يخليك يا حسن تعالى كل معايا، أنا جعانة ومش عايزة أكل لوحدى.
تنهد حسن بضيق،إنها تؤثر عليه بكلامها وطلتها التى تخطف الأنفاس، فاستجاب لها وسار معها الى السفرة، ليتناولوا طعامها سويا كأى زوجين طبيعيين.
مرت ثلاثة أيام لم يحدث فيها جديد،سوى محاولات مريم من أجل أن يسامحها حسن.
فى الصباح، كانت ألاء تقف أمام حمزة تعقد يدها أمام صدرها، قائلة برجاء:
-أنا مبحبش القعدة فى البيت، علطول فى شغلى، عايزة أخرج يا حمزة.
جلس بتأفف من محاولاتها المستميتة للخروج من الشقة فقال بملل:
-يا ألاء مينفعش، المفروض إن العروسة متخرجش من بيتها إلا بعد فترة من الجواز،مش تخرج فى رابع يوم يا حبيبتى!
إبتسمت بخبث وهى على وشك تنفيذ مخططها فقالت:
-طيب يا حمزة ننزل نفطر مع جدك وعمك تحت، أنا زهقت من القعده هنا.
وافق حمزة قائلاً بابتسامة:
-طيب يالا ونجهز الفطار تحت سوا،أكيد لسه مصحيوش.
ابتسمت بإنتصار وهبطت معه الى الشقة التى يقطن فيها جده وعمه فاروق.
دلفت ألاء مع حمزة الى المطبخ، وقاما بتجهيز طعام الإفطار،وعندما انتهت ألاء ذهب حمزة لإيقاظ جده وعمه .
إستيقظ جلال وفاروق وخرجا الى الصالة،ودلف فاروق الى الحمام ليغتسل،فاستغلت ألاء الفرصة ودلفت الى غرفته،وعبثت بأدراجه لتبحث عن ما يمشط به شعره لتاخذ عينه من شعره لإجراء تحليل "DNA"،وقد دعت كثيراً أن توفق فيمل تفعله؛ لأنه إن لم تجد إحدى شعيراته،ستلجأ لحيلة أخرى وحينئذ قد تنكشف حتى قبل أن تبدأ إنتقامها.
وجدت فرشاۃ شعره بها إحدى الشعيرات التى تخص فاروق، فابتسمت لنجاحها وقامت بوضعها داخل إحدى الأكياس البلاستيكية التى كانت بحوزتها، ودستها فى جيبها،ثم شرعت فى توضيب الغرفة وتنظيفها حتى لا يشك أحد بأمرها إن رأها أحد فى الغرفة،وعندما كادت أن ترحل لفت نظرها صورة لإمراة جميلة،لم تعلم من هى ولكن جذبتها صورة تلك المرأة وأحست أنها تنتمى إليها.
قاطع تأملها صوت فاروق قائلاً بتساؤل:
-بتعملى إيه هنا يا ألاء ؟
إلتفتت ألاء له وأجابته بهدوء "
-كنت بوضب الأوضة.
إبتسم فاروق قائلاً:
-وتعبتى نفسك بس ليه يا بنتى!
باغتته بسؤالها وهى تنظر لصورة المرأة قائلة:
-هى مين الست اللى فى الصورة دى؟
وقف فاروق أمام الصورة وابتسم بإشتياق، وتذكر أيامه مع حبيبته وزوجته، ولمعت عينيه قائلاً:
-دى أمينه حبيبتى ومراتى الله يرحمها.
إبتلعت ألاء ريقها فقد كانت تقف أمام صورة والدتها الراحلة،ودققت فى تفاصيلها وقالت بجمود:
-هو حضرتك ليه متجوزتش بعدها؟
جلس على فراشه يتنهد بحزن قائلاً:
-مكنش ينفع يا بنتى، أمينة دى كانت كل حاجة فى حياتى،أنا كنت بعشقها مش بحبها بس،ومفيش أى ست تقدر تحل محلها أو تاخد مكانها، أمينة فى كفة وكل الستات فى كفى تانية، ولولا اللى عملته مديحة كانت هتبقى معانا دلوقتى.
باغتته ألاء بحديثها ليستكمل حديثه قائلة:
-هى طنط مديحة عملت إيه؟
إبتسم لها بتصنع قائلاً:
-لا مفيش حاجة،أنا بس سرحت شوية، تعالى نفطر بره يالا زمانهم مستنيين.
على مائدة إلافطار
كانت ألاء تتابع حديثهم عن عملهم،وقد علمت موعد تنفيذ ضربتها الأولى لهم.
هتف الجد بجدية لابنه فاروق:
-حسن دلوقتى فرحه كان إمبارح،عايزك تتابع الشغل مع أخوك فوزى يا فاروق؛ لإننا هنستلم بضاعة بعد تلات ايام،عايزك تكون واقف معاه.
أوما فاروق برأسه قائلاً:
-طيب قولى تفاصيل الموضوع!
قص عليه والده تفاصيل تلك الشحنة،أمام ألاء التى كانت تنظر لهم بخبث.
بعد يومان
تقف أمام حمزة ترجوه أن يوافق أن تذهب الى سلمى لتراها .
هتف حمزة بنفاذ صبر:
-طيب خلاص روحى، وهعدى عليكى بالليل أخدك وأقعد مع مصطفى شوية.
اقتربت منه بسعادة وقبلته من وجنته قائلة:
-تسلملى يا حمزة.
توجهت أولا الى إحدى معامل التحاليل،وأعطت للطبيب الكيس الذى يحتوى على شعيرات فاروق، وأيضاً أعطته خصلة من شعرها لإجراء التحليل، ثم توجهت لإحدى الإماكن الشعبية لمقابلة شخص ما
تقف الآن أمام أحد الخارجين على القانون قائلة بخبث:
-عايزة منك خدمة يا حمودة!
إبتسم حمودة لها عرفاناً بجميلها عليه،فهى من أنقذت عائلته من القتل .
عندما قامت بلقاء صحفى معه إعترف فيه على الخارجين على القانون الذين معه،فحاولوا قتل زوجته وابنه، وكانت ألاء تتعاون مع الشرطة لحماية زوجته وإبنه لحين إنتهاء القضية،وعلمت أنهم خططوا لقتلهما، فذهبت الى المكان الذى تقطن فيه زوجته وابنه ويومها أخذت رصاصة وهى تدافع عن ابنه خدشت ذراعها فقط،ومنذ ذلك اليوم وهو يحمل معروفها فوق رأسه.
هتف حمودة بإبتسامة:
-أنا رقبتى سدادة يا أستاذة أؤمرينى.