رواية انتقام مجهولة النسب بقلم شيماء رضوان الفصل الثامن
إنتهى دوام سلمى وألاء، وعادت كلاً منهما الى الفيلا، وجدوا مراد فى إنتظارهما، فنهض من المكان الذى كان يجلس فيه وقال مازحاً:
-أنا هقول لخليل يخرجكم بدرى شوية بعد كده!
جلسوا أمامه، وتنهدت ألاء بتعبٍ واضح ؛فقد كان اليوم طويلاً بالجريدة ؛حيث كانوا يغطون مؤتمر صحفى لسفراء الدول العربية بمصر.
نظرت سلمى لها لتلاحظ تعبها،ثم نظرت الى أبيها قائلة بابتسامة:
-النهاردة بس كان معانا تحقيق وكنا لازم نخلصه، وبعدين حضرتك مرحتش الشركة ولا إيه؟
أجابها مراد بابتسامة قائلاً:
-أنا رحت الشركة،حضرت الإجتماع، وخلصت شوية ورق محتاجين توقيعى،ورجعت علطول،قلت أستناكم نتغدى سوا.
رفعت ألاء حاجب واحد له،فلماذا يلف ويدور ونظراته توحى إليها أنه يود قول شئ؟ ضيقت نظراتها تتابع كلامه مع سلمى، ثم قالت بابتسامة خبيثة:
-أونكل مراد حضرتك عايز تقول حاجة! فقولها وهات من الأخر،أنا جاية تعبانة وعايزة أنام.
تملكه الغيظ من سهولة كشفها له بتلك السرعة، كان يريد تمهيد الأمر بالبداية،ولكنها فتاة ذكية أكثر من اللازم،فلوى شفتيه قائلاً بضيق:
-وعلى إيه تقولى أونكل وحضرتك طالما فيها هات من الأخر !
صمت مراد يتابع ضحكات سلمى وألاء،ثم ضيق عينه قائلاً:
-على فكرة إنتى أخدتى عليا أوى يا ألاء!
إبتسمت قليلاً، فهو من رباها بعد وفاة والدها بالتبنى وهى فى عمر السبع سنوات، إعتادت على المزاح معه وعدم التكلف، تشعر بالإمتنان له؛ لتربيتها وتحمل نفقاتها،بالرغم من أنه يعلم أنها ليست ابنه صديقه،فقالت:
-ياااه لسه واخد بالك،مش حضرتك برده اللى مربينى ولا ايه؟
ضحك مراد فهو من تحمل تربيتها مع سلمى بعد وفاة صديقه، يشعر تجاهها انها ابنته التى لم ينجبها، ويؤيد صداقة سلمى لها ؛لتتعلم منها القوة والثقة بالنفس، فقال بمزاح:
-فعلا، بس طلعت تربية زبالة والله!
نظرت ألاء لسلمى بملل، فهى تريد النوم ومراد ما مازال يتحدث فى أمور كثيرة، ولا يريد الدخول فى الموضوع الأساسي،فقالت بضيق:
-حضرتك عايز تقول ايه؟ لإنى عايزة أنام بجد!
تنهد مراد ونظر لكلتاهما بخبث ومكر، يحاول اللعب بأعصابهم قليلاً، فتنهد قائلاً:
-عريسك جاى، وعريس سلمى وأهاليهم؛ علشان نتفق على كل حاجة،ونحدد ميعاد للخطوبة.
نظرت ألاء له بعدم تصديق، وقلق بدأ فى التسرب إليها،وسألت نفسها، ما هذا الرجل ؟وما هذه السرعة؟ هل يريد الخلاص منها ؟ولكن أيضاً سلمى معها،ترى ما الذى يخطط له؟
تحدثت بنبرة حانقة:
-أنا لسه قايلة الصبح إنى موافقة، يبقى حضرتك تقول للناس يجوا النهاردة، ونحدد ميعاد الخطوبة بالسرعة دى يا اونكل!
أجابها مراد بمزاح:
-عايز أفرح بيكوا بقى!
ردت بضيق:
-عايز تفرح بينا،ولا تخلص مننا يا أونكل!
أجابها بمرح:
-فعلاً عايز أخلص منكم!
نهضت ألاء، وقالت بضيق:
-أنا قايمة أنام تعبانة.
هتف مراد بسرعة قبل أن تغيب ألاء عن عينه:
-والناس اللى جاية بعد العشا،دى أقولها ايه؟
تأففت ألاء من تلك السرعة،ولكن ما باليد حيلة فقد إتفق معهم وإنتهى الأمر، فقالت وهى تصعد الدرج:
-خلى سلمى تصحينى المغرب!
بقيت سلمى تنظر لأبيها قليلاً، ثم قالت:
-يالا يا بابا،مش هنتغدى ولا إيه؟
نهض مراد وتوجه لغرفة مكتبه؛ ليباشر بعض الأعمال المعلقة على الحاسوب الخاص به، قائلاً:
-لا كلى إنتى،أنا سبقتكم، أنا قلت إنى مستنيكم ناكل سوى تمهيد للكلام مش أكتر.
نظرت سلمى فى أثره بإبتسامة وقالت:
-هو أنا هاكل لوحدى، أنا هقوم أنام أنا كمان.
حل المساء، وإستيقظت كلاً من ألاء وسلمى، وإغتسلوا وأدوا صلاة المغرب،وتجهزت كلاهما: فارتدت ألاء شميز باللون الكشمير،وبنطال جينز باللون الأسود، وتركت شعرها حراً .
أما سلمى ارتدت فستان من اللون الأزرق، به ورود بيضاء،وارتدت حجاب باللون الأبيض .
عندما إنتهت سلمى من ارتداء ملابسها، دلفت لغرفة ألاء وجدتها جالسة على الحاسوب الخاص بها، فشهقت بصوت عالى!
نظرت ألاء لها وعقدت حاجبيها قائلة:
-فى ايه يا بنتى؟
اقتربت منها سلمى بسرعة وهى تنوى إلقائها من النافذة، تلك الفتاة حتماً ستصيبها بذبحة قلبية يوما ما،فجلست بجوارها على الفراش،قائلة بضجر:
-ايه اللى إنتى لابساه ده؟
نظرت ألاء لملابسها، فهى تعلم ما تريد سلمى قوله، وهى لديها بعض الأعمال لا تريد التحدث بتلك الامور، التى بالنسبة لها مجرد اشياء غير مجدية، فقالت بسخرية:
-لابسة مايوه،تحبى أجبلك واحد زيه!
تملك سلمى الغيظ من صديقتها،فلكزتها بخفة وقالت:
-متخلنيش أتعصب بقي، قومى غيرى اللبس ده، الراجل يقول عليكى إيه، هيتجوز واحد صاحبه!
تأففت ألاء من حديث صديقتها الغير مجدى بالنسبة لها،ولا يمثل لها أى شئ، فنهضت من فوق الفراش، ووقفت أمام المراة تتأمل شكلها، وقالت بحدة:
-بقولك إيه يا سلمى،ده شكلى وإنتى عارفة إنى برتاح فى اللبس ده،وإذا كنت لبست المرتين اللى فاتوا فساتين فده تغيير مش أكتر، وبعدين النهاردة هيتفقوا على كل حاجة ويحددوا ميعاد الخطوبة، يعنى وجودنا ملوش داعى أصلاً،وأنا هحضر بس علشان أونكل مراد ميبقاش شكله مش لطيف قدامهم مش أكتر.
أنهت ألاء حديثها، وأمسكت هاتفها وطلبت رقم السيدة التى تسكن بجوار الممرضة، دون حتى أن تسمع رد سلمى على حديثها.
جاءها الرد قائلاً:
-السلام عليكم!
كانت ألاء لديها بعض الأمل من هذه المكالمة،فأجابت بجدية يتخللها بعض التفائل، قائلة:
-وعليكم السلام،ها يا أم أسامه مدام هناء رجعت من السفر ؟
نفت السيده أم أسامة قائلة:
-لا يا بنتى لسه والله، صدقينى أول ما توصل هكلمك تجيلها علطول،مش هستنى أديها رقمك وهيا تكلمك.
زفرت ألاء بضيق ويأس،فقد كان لديها بعض الأمل ان تكون الممرضة التى تدعى هناء قد أتت من السفر، فقالت بنبرة يشوبها خيبة الأمل:
-شكراً ليكى يا أم أسامة.
أنهت ألاء الإتصال وجلست على الفراش بملل، ووضعت يدها على وجهها،لا تعلم ماذا تفعل ؟حقاً لا تعلم، تريد خيطاً واحداً لتتبعه من أجل الوصول لعائلتها،ومحاسبه من أخطأ بحقها منهم،ولكن كل شئ ضدها!
إقتربت منها سلمى وهى تعلم ما بها،واليأس الذى تملك منها،وأربتت على كتفها قائلة:
-متزعليش نفسك،بكرة ترجع من السفر، انتى قلقانة ليه؟ الحقيقة أكيد هتبان، وهتعرفى أهلك والست اللى عملت فيكى كده وبعدتك عن أهلك.
نظرت ألاء لسلمى بغموض، ومشاعر متضاربة بداخلها، لا تعلم ما الصح من الخطأ الآن، ولكن ما تعلمه أنه يجب أن تحاسب المذنب،فقالت:
-نفسي أعرفها يا سلمى؛ علشان أخلص منها القديم والجديد،هخليها تتمنى الموت على اللى عملته فيا.
خافت سلمى من هيئة الاء الغاضبة، فعيناها شديدة الإحمرار، وعروق جبينها بارزة، وقبضتها مشدودة حتى إبيضت مفاصلها، فزفرت بضيق قائلة:
-مش هتستفادى حاجة لو عملتى كده!
نفضت ألاء يد سلمى،ووقفت عاقدة ذراعيها أمام صدرها، وتحدثت بصوت عالى ونبرة غاضبة:
-هو إيه اللى مش هستفاد يا سلمى.. لما أنتقم من اللى بعدتنى عن أهلى أكيد هرتاح وأبقى أخدت حقى،ولا إنتى عايزانى أسيب حقى؟
لا تعلم سلمى ما تقول لها،ولكن الشئ الصحيح أن الإنسان لا يرتاح ولا يهدأ باله بعد أن ينتقم،فالإنتقام يدمر صاحبه أولاً،فإختارت أن تبتسم لها وتجيبها قائلة:
ألاء الإنتقام يا حبيبتى مش بيضر غير صاحبه،ومش بيجيب ليه غير وجع القلب؛ لإن اللى عايزه تنتقمى منهم أهلك مش حد غريب، الناس كلها بتعمل أخطاء وبترجع لربنا وتتوب وتندم.
صمتت ألاء عقب حديث سلمى،ثم إتجهت الى الباب لتخرج .
أمسكت مقبض الباب وأدارته لينفتح الباب،والتفتت لها مرة أخرى قائلة بخفوت:
-فى أخطاء لا يمحيها الزمن يا سلمى!
غادرت ألاء الى الأسفل، وأخذت حاسوبها، وإتجهت الى حجرة المكتب لتعمل بها، أمَّا سلمى هبطت الى المكان المتواجد به أبيها وأخبرته بما تفوهت به ألاء.
جلس مراد على الأريكة، وتنهد بتعب خائفاً أن تعرف ألاء بعائلتها، ستدمرهم وتدمر نفسها معهم .
قاطع حديثه مع سلمى،مجئ الخادمة وإخبارهم أن الضيوف قد وصلوا.
تنهدت سلمى ودلفت حجرة المكتب لألاء ؛لتخبرها بأن يخرجوا ليقابلوا الضيوف .
أما مراد خرج إليهم ورحب بهم، وجلسوا يتحدثون لحين مجئ ألاء وسلمى.
ذهبت سلمى الى ألاء وجدتها تعمل بإهتمام غير منتبهة لدخولها،فأخذت منها الحاسوب قائلة:
-يالا يا حبيبتى الناس وصلت،ومستنيين بره.
أراحت ألاء ظهرها على الكرسي التى تجلس عليه، وخلعت نظاراتها الطبية التى تضعها وقت العمل، ومسدت أعينها، قائلة بهدوء:
-يالا بينا يا ستى، خلينا نخلص!
خرجت الفتاتان حيث يجلس مراد وضيوفه، ورحبوا بالمتواجدين،وجلسوا بجانب مراد.
كان مصطفى يجلس بجوار أبيه، وعينيه وتركيزه على سلمى التى ابتسمت له إبتسامة خجولة،فبادلها إبتسامتها أيضاً، ثم التفت الى أبيها ليشاركهم فى الحوار الدائر بينهم.
أما ألاء نظرت الى جد حمزة، وجدته ينظر لها بأبتسامه حنونة نفذت الى أعماقها،وأثارت لديها شعوراً بالإنجذاب الى ذلك الرجل، إنجذاب ابنه تجاه أبيها.
كان الجد ينظر لها تلك النظرات؛ لأنها تشبه ابنه الغائب فاروق الى حد ليس بكبير،ولكن فى النهاية هى تشبه وتذكره به.
تركتهم ألاء يتحدثون وشردت فى ما يحدث معها، من بداية ما علمته أن العائلة التى نشأت فيها لم تكن إلا عائلة إهتمت بها وتولت رعايتها، بعد أن قذفتها عائلتها الحقيقية كالخرقة البالية، ثم مقابلتها لحمزة وإرتباطها السريع به، لا تعلم كيف تنجذب إليه بتلك السرعة؟ ولكنها سعيدة أنها قابلت رجلا مثله،لكن هناك شعور يتسرب إليها يجعل قلبها مقبوضاً.
فاقت ألاء من شرودها على صوت مراد وهو يقول بإبتسامة:
-خلاص يا جماعة،زى ما إنتوا عايزين الخطوبة بعد تلات أيام من دلوقتى، معرفش إنتوا مستعجلين ليه؟ بس يالا خلينى أفرح بيهم!
رفعت ألاء حاجب واحد لمراد على تلك السرعة، هل فاتها سن الزواج هى وسلمى ليزوجهم بتلك السرعة؟ فنظرت له وجدته يبتسم لها ولسلمى، فنظرت لحمزة وجدته يغمز لها بعينه، والجميع يبدوا عليهم السعادة.
لم تتفوه بشئ وإكتفت بالنظر بغيظ لمراد ولحمزة الذى يبتسم لها بخبث.
إنتهت تلك الجلسة التى أهلكت أعصابها،وما حدث فيها من خطبة سريعة، تسرب القلق إليها ان يجعلوا الزواج قريباً مثل الخطبة!
لم توافق ألاء على الجلوس مع حمزة بمفردها، وتعللت أنها متعبة من العمل بالجريدة اليوم، وفعلت سلمى مثلها وأجلت تلك الجلسة معه ليوم الخطبة.
بعد ذهاب الجميع،وقفت ألاء أمام مراد وعقدت ساعديها أمام صدرها،ونظرات الغيظ تملأ عيناها،إنه يتسرع فى القبول هكذا،إنه زواج يجب فيه التمهل؛ ليفكر الطرفان جيداً،حياةٌ أخرى وبيتٌ أخر ستنتقل إليه،عادات وتقاليد تخص الطرف الاخر يجب أن تعلمها أولاً وتعتاد عليها .
ظلت تحدجه بنظراتها الغاضبة تارة، ونظرات الغيظ تارة أخرى.
فعندما طال صمتها ضحك مراد قليلاً على هيئتها الغاضبة،وجلس بأريحية على الأريكة بجوار سلمى التى تنتظر لترى معركة جديدة من معارك ألاء وأبيها، فمعاركهما شيقة جدا.
عندما طال صمت ألاء، حدجها مراد بنظراته الماكرة قائلاً بإبتسامة جعلت غضب ألاء يتضاعف:
-مالك يا لولو ؟أنا حاسس إنك على وشك الإنفجار، لو هتنفجرى قوليلى؛ علشان أخد ساتر، ماشي يا بنتى.
لم تعد تستطيع الصمت أكثر من ذلك، مراد يتعمد مضايقتها ليري غضبها،فهو أخبرها مرة أنه يحب رؤيتها غاضبة.
فقالت بنبرات تملأها الغيظ والضيق:
-إيه اللى حضرتك عملته ده! خطوبة إيه اللى بعد تلات أيام،ليه يعنى هو سلق بيض ؟وكمان حضرتك بتتعمد تستفزنى وتخرجنى عن شعورى،ليه حضرتك بتمشي الامور بالسرعة دى ؟عايزة أعرف!
ظل مراد يراقب تعبيرات وجهها،التى تتبدل من الضيق الى الغضب،والغيظ أيضاً،فهتف بإبتسامة قائلا:
-أخيرا عرفت أشوف تعبيرات وشك وهى بتتغير، علطول مش بيبان عليكى إذا كنتى زعلانة أو مبسوطة!
هتفت سلمى وهى تصفق بيدها قائلة:
-صح يا بابا، علطول الواحد ميبقاش عارف هيا حزينة ولا فرحانة،أول مرة أشوفها كده!
نظرت لهما بدهشة مما يقولان،هى تتحدث عن الخطبة السريعة،وهم يتحدثون عن تعبيرات وجهها الجامدة دائماً .
جلست بضيق على المقعد أمام مراد وهتفت بإستنكار:
-إنتوا أكيد فيكم حاجة غلط! هو ده اللى يهمكم ؟يعنى يا أونكل أنا متعصبة وبتكلم على الخطوبة اللى جت بسرعة دى، وإنتوا مركزين فى تعبيرات وشي!
نهضت بغيظ وإتجهت الى غرفتها بخطوات سريعة، وصعدت الدرج وعندما وصلت الى نهايته التفتت اليهما،وزفرت بغيظ قائلة:
-الصبر من عندك يارب !
ودلفت الى غرفتها صافعة الباب خلفها بشدة.
أما سلمی بمجرد أن دلفت ألاء الی غرفتها، إلتفتت الی أبيها وعقدت ساعديها أمام صدرها،وتحدثت بجدية قائلة:
-قولی بقی يا بابا، إيه اللی خلاك توافق علی إن الخطوبة بعد تلات أيام؟
وضع مراد يده على رقبته يمسدها بلطف، ونظر الى ابنته يتفرس فى ملامحها،وإبتسم لها قائلاً:
-علشان نفسي أشوفك إنتى وهى بالفستان الأبيض، دى كانت وصية أبوها إنى أجوزها للإنسان اللى يستاهلها ويصونها،وألاء مش هتلاقى أحسن من حمزة، وأنا كمان زى أى أب عايز يطمن على بنته، ويشوفها مع الراجل اللى يحميها ويخاف عليها، وده اللى أنا شايفه فى مصطفى، ووافقت بقى لإن انتى وهيا نفسي أشوف ولادكم، وأشيلهم وألعب بيهم ها فهمتى بقى يا حبيبتى!
اقتربت منه سلمى،وأمسكت يده تقبلها، وقالت بإبتسامة:
-ربنا يخليك ليا يا بابا، وتشوف ولادى وتلعب معاهم زى ما بتتمنى يا حبيبى.
وضع مراد يده على رأسها، وقربها منه يقبل جبينها بدون أن يتفوه بحرف.
إبتعدت عنه سلمى قليلاً، ثم عقدت حاجبيها بتساؤل وقالت:
-قولى بقى ليه مقلتش الكلمتين دول لألاء ؟وليه غاوى تعصبها كده ؟دى طلعت الأوضة وكانت هتفرقع من الغيظ، إنتوا هتفضلوا ناقر ونقير كده لحد إمته يا بابا؟
تعالت ضحكات مراد بشدة عقب إنتهاء سلمى من حديثها،وأخذ يسعل بشدة، فأعطته سلمى كوب الماء فأخذه منها وشربه دفعة واحدة،ثم وضعه بجانبه، وقال بابتسامة واسعة أظهرت نواجزه:
-معرفش ليه بحب أشوفها متعصبة! من وهيا صغيرة وهيا كده خلقها ضيق، وبتتعصب بسرعة، فأنا من وهى طفلة بتقعد على رجلى،وأنا بحب أضايقها.
ابتسمت سلمى لأبيها ونهضت قائلة:
-طيب يا بابا إنت حر معاها، هسيبك أنا بقى وأنام تصبح على خير.
رد والدها بابتسامة:
-وإنتى من أهل الخير يا حبيبتى.