قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية الطاووس الأبيض ملحق إضافي للكاتبة منال سالم الفصل التاسع

رواية الطاووس الأبيض ملحق إضافي للكاتبة منال سالم الفصل التاسع

رواية الطاووس الأبيض ملحق إضافي للكاتبة منال سالم الفصل التاسع

كانت متحرجة إلى حدٍ ما وهي ترى الجميع في انتظارها، ألقت نظرة على طفلتها التي كانت تجلس في حجر جدها يداعبها ويلاعبها بمحبة كبيرة، لتنتقل ببصرها تجاه زوجها المتجهم، تجاوزته لتحدق في وجه الجد سلطان الذي أشار لها بيده لتجلس، سحبت المقعد، واستقرت عليه دون أن تنبس بكلمة، بينما أردفت ونيسة ملاطفة حفيدتها وهي تنتشلها من حجر جدها ليتمكن من تناول الطعام:.

-يا روح قلب ستك، ياختي على الطعامة، ربنا يحميكي ويحرسك من العين.
ظل ذلك الحاجز الوهمي قائمًا بين الزوجين، فحاول تميم إزالته بسؤاله الفاتر:
-عاوزة ليمون على الشوربة؟
ردت بجمودٍ متجنبة النظر ناحيته:
-لأ، شكرًا.
تكلم الجد سلطان مخاطبًا حفيده في صوت هادئ لكنه حازم وجاد:
-اغرف لمراتك بزيادة شوية، وراضيها.
اعترضت عليه بتبرمٍ:
-يا جدي ده هي اللي مزعلاني!
حينئذ خرجت عن طور صمتها، وهتفت محتجة عليه بغضبٍ متزايد:.

-أنا برضوه؟ ولا هو اللي زعقلي قصاد الناس عشان حاجة ماليش ذنب فيها؟
التفت ناظرًا إليها، وصاح بها بتحيزٍ:
-أنا مفهمك إن الحتة دي بقى فيها لبش، وإنتي عاوزة تفضلي شغالة، في حاجة مالهاش تلاتين لازمة.
أغاظها بوصفه الجارح والمهين لطبيعة عملها، فانفعلت عليه بصوتها الحانق:
-بقى أنا شغلي مالوش لازمة؟

بدأت الطفلة تبكي تأثرًا بأصواتهما المرتفعة، فحاولت ونيسة تهدئتها، وقالت في جزعٍ مخاطبة الاثنين، خشية أن تتصاعد وتيرة الحدة بينهما:
-صلوا على النبي يا ولاد، ده شيطان ودخل بينكم.
همهمت فيروزة بصوت خفيض مصحوب بزفرة سريعة:
-عليه الصلاة والسلام.
لم يبدُ تميم راضيًا عن أي مبررات تُقال، كان يريد حسم الأمر نهائيًا، فتساءل بتهكمٍ:
-إيه علاقة الشيطان بالحرامي؟!

كان الجد متسلحًا بصمته غالبية الوقت، يتبادل مع بدير نظرات ذات مغزى، إلى أن حانت اللحظة التي وجب التحدث فيها، وقتئذ صاح بصوتٍ أجش، أجبر الجميع على الالتفاف والنظر إليه عندما نادى:
- تميم!
رد عليه بملامحه المشدودة:
-أيوه يا جدي.
أنذره بنبرة لا ترد:
-خف شوية.
لم يعلق عليه، بينما هبت فيروزة واقفة، دفعت مقعدها للخلف، وأخبرته في تحدٍ معاندٍ كان كفيلًا بإشعال غضبه مجددًا:.

-طب عشان تبقى عارف، أنا مش هسيب شغلي حتى لو طلع عليا مليون حرامي.
نهض مثلها ليواجهها وهو يهدر:
-ابقي قابليني لو عتبتي أصلًا آ...
قاطعه الجد سلطان بصوتٍ أكثر حزمًا:
-أنا قولت إيه!
تدارك غضبته المندلعة، وقال بوجه لا يزال محتقنًا:
-حقك عليا يا جدي.
أبدت فيروزة اعتذارها هي الأخرى من حدة تصرفها معللة ذلك:
-أنا أسفة، بس حضرتك شايف بنفسك.
تدخلت ونيسة في الحوار قائلة بعفوية:.

-خلونا ناكل يا ولاد، كل حاجة مسيرها تتحل.
وجهت فيروزة حديثها إليها عليها وهي تسير نحوها لتأخذ ابنتها منها:
-كتر خيرك يا طنط، أنا شبعت!
استنكرت ذهابها من على المائدة قبل إكمال تناول طعامها بهتافها المنزعج:
-يا بنتي هو إنتي كلتي حاجة؟
هسهست بإيجازٍ لتغادر بعدها في الحال، وقد حانت منها نظرة مستنكرة تجاه زوجها:
-الحمدلله.
صاحبها تميم هو الآخر بنظرته النارية، قبل أن يقول معقبًا في ازدراء:.

-أهوو ده اللي بناخده من الجواز.
عاتبه بدير بملامح عابسة:
-أوام نسيت الحلو اللي بينكم عشان مشكلة هايفة زي دي؟!
أضاف عليه الجد سلطان بصوته الجاد:
-بالراحة، الحكاية مش محتاجة عافية ولا فتونة.
جلس مجددًا، ورد عليهما بضيقٍ مستعر في صدره:
-ما إنتو بنفسكم شايفين عمايلها!
اقتضب والده جبينه، وسأله في شيءٍ من الاستهجان:
-إنت مفكر إن الزعيق هيحل الموضوع؟

نظر إليه صامتًا، فتابع كلامه إليه على أمل ألا تتعقد الأمور كثيرًا:
-وبدل ما تمنع خالص، شوف بديل يريحكم إنتو الاتنين.
همَّ بالاعتراض عليه بترديده:
-يابا آ...
قاطعه بإشارة من يده جعلته يبتلع باقي جملته في جوفه:
-وأوعى تفكر إن هي مالهاش ضهر ولا سند، احنا معاها، وهنعمل اللي فيه مصلحتها، دي من أهلنا.
أطرق رأسه مغمغمًا:
-عارف يابا.
أمره الجد سلطان وهو يريح ظهره للخلف:
-قوم ناديلها تاكل.

اقترحت ونيسة بعدما لمعت نظراتها بشيءٍ من المكر، محاولة رأب الصدع بينهما:
-بعد إذنك يا حاج، خليه ياخد الصينية دي، ويخش ياكل مع مراته سوا، وأهوو بالمرة يتصافوا على طريقتهم.
استحسن فكرتها قائلًا بترحاب:
-وماله.
في التو أعدت ونيسة ما لذ وطاب في عدة أطباق، لتقوم برصها في صينية متسعة وهي تشجع ابنها:
-يالا يا ابني، خدها لمراتك، وربنا يصلح حالكم ويهديكم.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة