رواية اغتصاب مع سبق الاصرار الجزء الثاني للكاتبة سارة علي الفصل الأول
في مكان اخر..
في احدى الشقق السكنية البسيطة.. استيقظت من نومها على صوت رنين جرس الباب.. اتجهت بسرعة خارج غرفتها وفتحت الباب لتتصنم في مكانها ما ان رأته امامها..
افاقت من صدمتها على صوته البارد يسألها :
ايه هتفضلي ساكته كده كتير..؟!
خالد.. خير..؟!
مش خير للاسف..
ابتلعت ريقها بتوتر ثم سألته بخوف :
حصل ايه عشان تقولي كده..؟!
اجابها بتردد :
اختك..
صعقت بشدة ما ان ذكر اختها امامها لتسأله بلهفة :
هنا..مالها ..؟!
اجابها بجدية :
جوزها مات..
هربت الكلمات من شفتيها ولم تعرف ماذا تقول..
هل عليها ان تحزن الان..؟!
ام تبكي..؟!
فهي لم تتوقع يوما ان يحدث شيئا كهذا..
ولم تظن ابدا ان تنتهي الحكاية بهذه الطريقة البشعة..
افاقت من افكارها تلك على صوت خالد الجاد :
لسه راجع من الدفنة.. هنا وصلت الفجر للبلد.. اتمنى انك تكوني معاها فظروف زي دي خصوصا انها لوحدها.. ومحتاجه اي حد يسندها فالوضع ده..
هزت رأسها بسرعة متفهمة ثم قالت وهي تتجه راكضة الى غرفتها:
ثواني واكون جاهزة..
دلفت ريهام الى قصر عائلة المصري..
وجدت الجميع مجتمع هناك وصوت القرأن الكريم يصدح في ارجاء المكان..
بحثت عن هنا بعينيها لتجد تجلس وحيدة منعزله في احدى اركان الصالة يكسوها السواد من رأسها حتى اخمص قدميها..
تقدمت ناحيتها بسرعة ولهفة..
لمحتها هنا فنهضت من مكانها بسرعة وتقدمت نحوها تحتضنها بشوق ولهفة بينما اخذت الدموع تهطل من عينيها بغزارة..
ابتعدتا عن احضان بعضيهما اخيرا لتجلس ريهام بجانبها وهي تهمس لها بقلق :
انتِ كويسه..؟!
اكتفت هنا بإيماءة من رأسها دون ان تتحدث لتربت ريهام على كف يدها بدعم ومواساة..
انتهى العزاء وبدأن النساء في الخروج من المكان..
لم يتبق في النهاية سوى افراد العائلة المقربين..
حل الصمت في ارجاء المكان والعيون جميعها تتابع ما سيحدث في ترقب واضح...
نهضت هنا من مكانها وهمت بالخروج من صالة الجلوس وهي تنوي الاتجاه الى الطابق العلوي لتغيير ملابسها..
كادت ريهام ان تتبعها الا ان الفتاتين توقفتا على صوت والدة زوجها وهي تهتف بهما :
على فين..؟!
التفتت ريهام نحوها وفعلت هنا المثل والتي اجابتها بجدية :
هروح ارتاح فوق يا طنط.. انتي عارفة السفر والتعب..
عاوزة تنامي وترتاحي وابني مات بسببك..
قالتها الام بملامح كارهة ونبرة حاقدة لتقترب اختها منها وتهمس لها بترجي :
مش وقت الكلام ده يا راجية...
الا انها كانت مصرة على حديثها حيث اكملت :
لا وقته يا راقية .. انتي ملكيش مكان هنا يا حلوة..
كادت هنا ان تبكي من فرط الاهانة التي تتعرض لها تحت انظار الجميع لكنها تحاملت على نفسها وقالت :
اروح فين.. ده بيت جوزي..
اقتربت منيرة منها ثم ما لبثت ان صفعتها بقسوة..
وضعت هنا كف يدها على وجنتها بصدمة بينما قالت ريهان بعصبية :
انتي ازاي تضربيها كده.. انتي ملكيش حق تمدي ايدك عليها..
قبضت راجية على شعر هنا التي اخذت تصرخ ببكاء ثم جرتها وراءها ريهام تجري ورائهما وكذلك اخت راجية وبعض الموجودات..
جرتها من شعرها ورمتها خارج القصر ثم هتفت بها بكره :
مش عاوزة اشوف وشك تاني هنا.. انتي فاهمه..؟!
ومن بعيد كان يتابع الموقف بعينين متقدتين نارا..تمنى لو يستطيع الاقتراب منها..احتضانها.. مواساتها.. لكن لا.. لقد اقسم ان يكون اول الشامتين به.. وسيفعل..
رفعت هنا عينيها لتلتقي بعينيه للحظات، نظراتها ترجوه بصمت، ونظراته تعاتبها، لحظات قليلة واختفى العتاب من نظراته ليحل محلها الكره والجمود..
اخفضت نظراتها ارضا بينما سندتها اختها لتنهض من مكانها..
ركض احد الشباب الموجودين ناحيتهما وهتف بسرعة وقلق :
حصل ايه ..؟!
ليأتيه صوت والدته راقية وهي تقول :
خدهم على البيت يا مصطفى.. الوقت متأخر ومينفعش يروحوا لوحدهم..
اومأ مصطفى برأسه متفهما ثم قال لهما :
تعالوا معايا اوصلكم..
الا ان ريهام رفضت بشدة :
شكرا ملوش داعي..هنروح لوحدنا.. يلا يا هنا..
ثم قبضت على ذراع هنا وسارت بها متقدمة خارج القصر باكمله تحت نظرات الموجودين..
ركبت هنا بجانب سمر في تاكسي استأجرته الاخيرة لتغمض عينيها بألم فتهطل الدموع منهما بغزارة وقد بدأت الذكريات السوداء تعود اليها من جديد..
دلفت هنا الى منزلها
اخذت تتأمله عن قرب..
شعرت بالحنين يغزوها اليه...
الى كل ركن فيه..
تمنت لو يعود بها الزمن الى الوراء ولا تتركه بتاتا..
جلست على الكنبة التي تتوسط صالة الجلوس وهي تتنهد بتعب..
اقتربت ريهام منها بعدما اغلقت الباب وجلست بجانبها...
ظلت ريهام ملتزمة الصمت حتى سمعت صوت هنا يسألها :
ايه..؟ مش هتسأليني عملت كده ليه ..؟!
رمقتها ريهام بنظرات جامدة قبل ان تنهض مكانها وتقول ببرود :
اوضتك لسه زي ما هي..تقدري تدخلي تريحي فيها وتنامي..
منحتها هنا ابتسامة باردة ثم نهضت من مكانها وحملت حقيبتها متجهة الى غرفتها القديمة..
ولجت الى داخل الغرفة لتجدها كما تركتها لاخر مرة..
ادمعت عيناها اجبارا عنها..
عادت الذكريات اليها تباعا..
هنا كانت تمزح مع اختها ..
وهنا كانت تذاكر دروسها الجامعية..
وهنا كانت تنام في احضان امها..
امها..كم اسشتاقت لها..؟!
ليتها كانت هنا..
جلست على سريرها ثم حملت المخدة واخذت تستنشق رائحتها بحنين وألم..
ثم احتضنتها وذهبت في سبات عميق..