رواية إيفدوكيا للكاتبة إيمان عادل الفصل الخامس عشر
كلانا يحتاج إلى ذلك. اظن هذا هو ما يجمعنا سوياً. قالت بمراره، قبل أن تُغمض عيناها بقوة فور مرور الحافلة من امامها مُضيئة الأنوار الأماميه لها.
هل تحركتِ من عندكِ؟ اردف هاري بينما كانت تصعد ايفدوكيا الحافلة.
نعم لقد فعلت، لقد استقليت الحافلة للتو.
حسناً سأتصل بك مجدداً.
حسناً وداعاً قالت ايفدوكيا و هي تُغلق الخط بينما بداخلها مشاعر كثيرة متناقضة، تشعر بالذنب. التوتر. من مقابلة هاري بالرغم من انها اخبرت ليو نوعاً ما.
شعرت بحماس كبير للتحدث إليه، معرفة ما الذي يحزنه و كم تتمنى لو انها تملك القدرة على حل تلك المشكلات التي تُزعجه.
مرحباً لقد وصلت اين انتَ؟ سألت ايفدوكيا عبر الهاتف وهي تنظر بعيناها يميناً ويساراً بحث عن هاري، الذي جاءها صوته الضاحك
انا هنا قال و هو يُلوح لها بيده بينما يعبر الطريق متجهاً نحوها.
كيف حالك؟ سأل هاري بإبتسامة صغيرة بينما تلمع عيناه.
لستُ بخير تماماً لكن يبدو ان حالي افضل من خاصتك قالت و هي تقهقه.
هل حالتي يُرثى لها لتلك الدرجة؟ سأل و هو يضم حاجبيه في غضب طفولي
اسفة لم اقصد لقد كنت امزح فقط.
حسناً يا سيدة الفكاهه لنذهب من هنا
هيا بنا.
ألن تسأليني إلى أين؟
لا يهم قالت بدون اهتمام.
نسيتِ إكمال الجملة بالمناسبة
كنت تنتظر ان اقول لا يهُم طالما نحن معاً.
هذا تماماً ما اردته
بربك انسى الأمر قالت و هي تقهقه بينما تسير بجانب هاري.
هاري ما رأيك في فعل شيء مختلف
أحب الإختلاف لكن اخبريني اولاً.
ما رأيك ان نستقل حافلة إلى ذلك المكان الذي تنوي أن تأخذني إليه.
اوه.
ماذا؟ أتكره الحافلات؟
لا الأمر انني فقط. لا اعرف كيف اقول ذلك لكني لم استقل حافلة من قبل قال و هو يبتسم بينما تكسو التعابير المندهشه ملامح وجهها.
اوه بالطبع لقد نسيت انكَ شاب ثري
هل هذا يُعد مدح ام ذم؟
صدقني لا اعرف
حسناً لنذهب إلى المحطة.
هيا بنا هي ليست ببعيدة عن هنا قالت و هي تُشير نحو الطريق أمامهم.
حسناً اي واحدة سنستقل تسأل هاري و هو ينظر نحو الحافلات التي تمر من امامهم.
هل يمكنك اخباري اولاً إلى اين سنذهب
لم يمر سوى بضع دقائق و كانت بالفعل الحافلة قد وصلت إلى المحطة.
لكن هذه لن تقوم بإيصالنا تماماً حيث نريد قال هاري فور صعوده الحافلة.
هناك مقعديين خاليين هناك لنجلس قال هاري بينما تسير ايفدوكيا امامه.
انتظر سأجلس انا في الداخل قالت ايفدوكيا و هي تدفع هاري بخفه عن غير قصد.
مهلاً مهلاً كنت سأدعكِ تجلسين اولاً على اي حال.
أنا حقاً اسفة لكني فقط اعشق الجلوس بجانب النافذة.
تُحبين مشاهدة الطرق؟
نعم كثيراً، لقد كنت تقول شيئاً منذ قليل هل يُمكنك إعادته.
مهلاً، نعم تذكرت لقد كنت اقول ان تلك الحافلة لن تقوم بإيصالنا تماماً حيث نريد.
بالطبع هاري إننا في طريقنا لحي من الأحياء الفاخرة بالطبع لن تمر الحافلة هناك. قالت بسخرية.
يمكننا استقلال سيارة أجرة حينما نصل.
هذا حل جيد او ربما يمكننا السير ايضاً قالت ايفدوكيا بإبتسامة تلاشت فور تحدث هاري.
لا اريد ان اُرهقكِ فأنتِ حامل في النهاية قال هاري و هو يشعر بغصة في حلقه.
اشكرك. هذا صحيح. لا داعي لأن تذكرني بالأمر. قالت ثم وضعت رأسها على النافذة بينما تراقب عيناها الطريق بصمت تام.
ألن تخبريني ما الذي يُزعجك؟ سأل هاري ليقطع الصمت الذي ساد لبضع دقائق.
نحن هنا من الأساس لتُخبرني أنتَ ما الذي يُزعجك.
لا يهم من يبدأ اولاً.
لا، يهم. قالت بنبره حازمه.
حسناً كما تشائين لكن سأخبركِ حين نصل إلى وجهتنا.
حسناً، لقد اوشكنا على الوصول على اي حال.
هل وصلنا؟ سأل هاري للمرة الخمسون بتذمر طفولي منذ ان اخبرته اننا اوشكنا على الوصول.
نعم هيا قالت ليهبط كلاهما فور توقف الحافلة.
لقد طلبت سيارة أجرة سننتظر دقيقتين فقط.
حسناً بالمناسبة اين سيارتك؟
لقد تركتها عند مقر الشركة.
و لما؟ لا تُسئ فهمي فأنا معتادة على ركوب الحافلة الأمر لا يشكل ازمة بالنسبة لي.
في الواقع لقد اصطدمت سيارتي بأخرى.
و هل انت بخير؟ هل يؤلمك راسك او ذراعك. سألت بذعر.
اهدئ لا شيء انا بخير، فقط السيارة هي التي تضررت.
أعلم ان تلك السيارة باهظة الثمن بالطبع لكن لا يهم ما اصابها طالما انكَ بخير تفوهت بتلك الكلمات دون ان تُفكر لثانيه فيما تقوله، نظر نحوها هاري وعلى شفتيه ارتسمت بسمة صغيرة هو لم يحظى بمثل هذا الإهتمام منذ مده كبيرة.
اشكركِ على اهتمامك.
بربك هاري ماذا فعلت يستحق الشكر قالت بمزاح بينما لا تُبعد عيناها عن خاصته.
لقد وصلت السيارة، هيا بنا قال هاري و هو يقترب من السيارة و يفتح الباب سامحاً لإيفدوكيا بالركوب اولاً.
لم يمر سوى حوالي احدى عشر دقيقة حتى وصولهم إلى وجهتهم مطعم فاخر آخر، قهقهت ايفدوكيا على سخافتها فهي شعرت بأنها تذهب إلى مطاعم فاخرة كثيرة مؤخراً تكاد تعتاد على الأمر.
من بعدك قال هاري و هو يُشير لايفدوكيا حتى تخطو إلى داخل المطعم الذي فور دخولها اياه داعبت انفها رائحة زكية مزيج بين طعام شهي و عطور فاخرة، وقعت عيناها على اولئك الناس الأثرياء يرتدون ثياب لو عملت طوال حياتها لن تستطيع شراء قطعة من ثيابهم شعرت لوهله ان ثيابها غير مناسبة لهذا المكان.
هل هناك شيء خطأ؟ سأل هاري فور ملاحظتة لشرود ايفدوكيا و عبوسها.
لا أنا بخير.
إذا كان المطعم لا يروق لكِ يمكننا الذهاب إلى مكان آخر.
لا إنه رائع، انا بخير لا عليك.
تودين اختيار طعامك ام اختار لكِ؟
كالعادة، اريد تناول ما ستتناوله انت قالت مع ابتسامة.
حسناً لنرى يمكن على سبيل التغير ان نتناول مأكولات بحرية. ام لا تُحبينها؟
بالعكس اعشقها تماماً.
حقاً أنا ايضاً أعشقها. قال هاري و هو يبتسم ابتسامة جانبيه.
ماذا؟ قالت و هي تقهقه ثم أضافت إذاً اخبرني ما الذي يُعكر مزاجك لتلك الدرجة.
لا أعرف ماذا اقول حقاً.
انتَ تعلم انني لن احكم عليك من ما ستقوله.
نعم اعلم بالطبع. اخجل حقاً من قول هذا لكن والدتي تريد الزواج. قال هاري و هو يغطى وجهه بكلتا يديه.
لما الخجل؟ انه امر طبيعي، اعني اي انسان طبيعي يرغب في الزواج.
لا ليس في ذلك العمر! قال هاري بغضب و هو يصفع الطاولة لينظر نحوهم الجميع.
هاري اهدأ من فضلك، لنتحدث بالمنطق قليلاً انا لا اعرف كم عمر والدتك لكن كلما تقدم الإنسان في العمر كلما زاد احتياجه لشريك، و على حسب علمي انك لا تقطن معها بنفس المنزل لذا هي ربما تشعر بالوحده.
أنا لا اصدق انها قد تخطت أبي. قال بينما رائحة الحزن تفوح من حديثه.
هل انفصالا؟
نعم، لكن بعد مده. لقد مات.
انا اسفة.
لا اصدق. لا اصدق انها تمكنت من نسيان ابي بتلك السهولة!
من قال انها فعلت؟ او انها فعلت بسهولة، هاري لأكون صريحة إذا كانت والدتك تشعر بالسعادة بجانب والدك لما حدث موضوع الإنفصال ابداً.
اعلم لكن الامر مازال يؤلمني. قال بضيق شديد و هو ينظر إلى الجهه الآخرى كي لا تراه ضعيفاً.
انا حقاً اتفهم آلمك لكن لا تقوم بإفساد علاقتك بوالدتك و التي هي اغلى ما تملك بالمناسبة من اجل مشاعر الغضب خاصتك!
اتعلمين ربما لو قال شخص آخر هذا الحديث لربما غضبت لكن. انا لا استطيع ان اغضب منكِ بشكل ما.
اعرف ان حديثي ربما لم يروق لكَ كثيراً لكن صدقني أنا اريد الأفضل من اجلك.
اعلم هذا.
إذاً ألن تخبرني ما السبب الآخر الذي جعلك حزين؟
لا اعلم إذا كان يتوجب على إخبارك او لا.
هل الأمر بشأن فتاة؟ خرجت الكلمات من فم ايفدوكيا دون ان تفكر.
نعم قال لتشعر بغصة في حلقها.
إذاً؟
اتتذكرين ذلك الوشم.
اي وشم؟ مهلاً الذي قمت بإزالته من قبل؟
نعم. لقد كان اسم فتاة. اقصد حبيبتي.
اتقصد إيلين؟ سألت بفضول.
لا. ليس هي بل فتاة أخرى، بالمناسبة إيلين ليست حبيبتي قال هاري لتظهر فوراً ابتسامة على وجه ايفدوكيا لكن سرعان ما تنتبه لغضب وجه هاري.
اسفة لم اقصد ان ابتسم كالبلهاء هكذا.
لقد انفصلنا لذلك قمت بإزالة ذلك الوشم.
هل انفصلتوا منذ مدة قصيرة؟
لا منذ حوالي عام. لكني كنت مازلت محتفظاً بذلك الوشم لأني لم اتخطى الأمر سريعاً.
و الآن قد تخطيته لذلك قمت بإزالته؟
تماماً. لكنها بشكل ما تحاول الإتصال بي مجدداً.
امازلت تحبها؟
لا لقد انتهى الأمر. لقد شغل شخصاً آخر حياتي.
قال هاري بينما ركز جنتة الخضراء على خاصة ايفدوكيا لتشعر بأن الأمر مُريب لذلك تحك مؤخرة عنقها بعدم راحة.
نبضات قلبها تتسارع. تتصبب عرقاً من كثرة توترها.
و تشعر بأن تلك اللحظات من الصمت الغير مبرر تمر كأعوام طويلة. و هي الآن لا تعرف هل ما يحدث سيفتح عليها ابواب السعادة ام ابواب الجحيم.