رواية إيفدوكيا للكاتبة إيمان عادل الفصل الثامن
أتدرين كم الساعة؟ أين كنتِ كل هذا الوقت؟ مهلًا مهلًا، لا داعي للإجابة عن ذلك للسؤال، فأين ستكونين في مثل هذا الوقت مثلًا؟ السؤال هنا مع من كنتِ، أتمنى أنكِ حظيتِ بأمسية سعيدة بجانبه! أ إمرأة أنتِ أم عا، أجيبي!
قال بنبرة أشبه بالصراخ كادت أن تسقط لها حوائط المنزل، كانت نبرته يشع منها الحنق الشديد ليرتجف جسدها بقوة وهي تشعر بحرارة في عينيها، كانت في تلك اللحظة تتمنى لو أن تنشق الأرض أسفلها لتبتلعها لتحميها من شرور هذا الشيطان الغاضب...
لقد، لقد، بتلعثم ناجم عن خوف شديد حاولت تبرير موقفا أو إيجاد حجة مُقنعة لكنها لم تستطع أن تتحدث فلقد كانت الكلمات تخنقها وهي تحاول الخروج من حلقها، حاولت التحدث مجددًا لكن لم تستطع إكمال جملتها...
ايفدوكيا! نطق حروف اسمها بتردد لتغلق عيناها وهي تنتظر صفعة منه، فهذا أقل شيء سيقوم بفعله في مثل هذا الموقف لكن كان هناك شيء مريب في طريقه نطقه لإسمها، فلقد بدا وكأنه متوتر بخصوص شيء ما...
لما التوتر؟ ومن الذي من المفترض أن يعاني من القلق الآن؟ أليس من المفترض أن تكون هي؟ مهلًا أين ذهب كل الغضب والصياح؟ سألت نفسها كل تلك الأسئلة لكنها لم تجد إجابة عليها...
تحركت يده فأبتعدت ايفدوكيا على الفور بهلع كرد فعل تلقائي ظننًا منها أنه سيصفعها لتجد أن فقط يخفض مستوى يده التي تحمل هاتفه.
هل، هل كنت تتحدث في الهاتف عزيزي؟ سألت ايفدوكيا بنبرة تنم عن خوف شديد بينما انهمرت الدموع من عيناها بصورة لا إرادية...
أجل، لقد كنت اتحدث بالهاتف لم أكن أعلم أنكِ هنا لما لم تصدرين أي صوت؟
لا أنا هنا،.
منذ متى وأنتِ تقفين هنا؟
ليس، أعني لقد وقفت هنا الآن، فقط، أردفت بتلعثم ليومئ إليها ببعض الشك ويسود الصمت لبرهة قبل أن تسأله بتوتر:
بالمناسبة، متى عدت من الخارج؟
عشرة دقائق فقط،.
إذًا مع من كنت تتحد
لقد، لقد كنت أتحدث مع كاثرين.
شقيقتك؟
أجل قال وهو ينظر إلى الجهه الآخري متحاشيًا النظر إلى عيناها الممتلئة بالتساؤلات، كفكفت دموعها على الفور وهي تسأله:
لماذا كنت تصرخ إذًا؟
لأنها عادت متأخرة إلى المنزل، لقد هاتفت أمي ثلاث مرات اليوم في أوقات متفرقة وكانت لا تزال بالخارج والوقت الآن متأخر.
حسنًا، وماذا تريد منها؟ سألت ايفدوكيا مجددًا وقد تيقنت أن هناك شيء خاطيء فهي تعرف زوجها جيدًا تعرف أنه لا يهتم كثيرًا بشأن شقيقته بل قد تمضي أشهر دون أن يهاتفها ولو لمرة واحدة.
ماذا؟ إنها، إنها مسألة تخصها، مسألة شخصية لا يمكنني إخباركِ، ثم ما بالكِ تتحدثين إلى بلهجة المحققين تلك؟
لم أقصد التطفل، على أي حال كما تريد، سأذهب إلى غرفتي الآن قالت وهي تستدير لتتوجه إلى الغرفه كانت على وشك الرحيل قبل أن يُوقفها صوت ليو وهو يُردف بشك: مهلًا لحظة،.
ماذا؟ سألت بتوتر وهي تستدير لتواجهه ليسألها عن الآتي بالنبرة ذاتها وهو يجذب ثوبها بالقرب من الكتف: لما ترتدين تلك الثياب أين كنتِ؟
لقدد. كنت، أنتَ تأخرت كثيرًا وكنت أشعر ببعض التعب فلم أُعد الطعام، شعرت بالجوع و ذهبت كي أتناول الغداء برفقة صديق.
أنتِ تعلمين أنني أكره أن تخطو قدمكِ خارج هذا المنزل أليس كذلك؟ سأل من بين أسنانه بغضب وهو يغمض عينيه وقد رفع كف يده لتهمس هي وقد أغمضت عيناها هي ايضًا:
أعلم، لكنني،
تعلمين، هذا جيد! إذًا لماذا لم تتصلي بي كي تخبريني بأنكِ تنوي مغادرة المنزل؟ صاح بصراخ لتنظر نحوه برعب قبل أن تنبس:.
لقد حاولت مهاتفتك ولم تجيب ولقد أرسلت لك رسالة وقمت بتجاهلها كالمعتاد، كما أنك تغضب حينما أهاتفك وأنتَ برفقة أصدقائك ليو،
تعلمين كيف تربحين الجدال معي ايفدوكيا، يمكنكِ الذهاب إلى حجرتكِ ولا تكرري فعلتكِ تلك!
قال لتركض ايفدوكيا إلى الغرفه تغلق الباب وهي تشكر الرب بداخلها أن ليو لم يطيل في نوبة الغضب والجنون خاصته فهي لا تريد أن تُنهي هذا اليوم الجميل بمثل هذا الشجار.
بدلت ثيابها لتجلس على سريرها كي تستريح لكن تذكرت على الفور أنها لم تقوم بوضع ثيابها بداخل خزانة الملابس، تمسك بثيابها لتصفعها رائحة عطر سرعان ما تدرك أن تلك مصيبة!
رائحه هاري عالقه بثيابها لأنها ارتدت المعطف خاصته! لو وقعت تلك الثياب بيد ليو سيقتلها بلا شك ولن يمنحها فرصة للتوضيح، لن تستطيع غسل أو تنظيف تلك الثياب الآن ينبغى أن تنتظر حتى الصباح...
يا إلهي ماذا أفعل الآن؟ حدثت ايفدوكيا نفسها بتوتر وهي تعض شفتها، لم تجد خيار آخر سوى أن تعلق تلك الثياب في نهاية الخزانة وهكذا لن تكون ظاهرة ولن تقع في يد ليو فهو لم يعد يضع أغراضه في خزانة ثيابها بعد الآن.
جلست على السرير لتنام بينما كانت تسمع صوت التلفاز يصدر من الخارج يبدو أن ليو لن يخلد إلى النوم الآن، حاولت ايفدوكيا تجاهل الاصوات الصاخبة الصادرة من كلًا من التلفاز وعقلها...
علي الجانب الآخر بعد أن ترك هاري ايفدوكيا ورحلت تذكر أنه قد ترك سيارته أمام الشركه والآن لابد أن يأخذ سيارة أجرة، تحدث هاري إلى نايل ليخبره بأنه برفقة جوردن بإحدى الحانات.
ذهب إليهم هاري ليقضوا السهره سويًا بينما يحتسون عدة كؤس من الخمر العتيق غالي الثمن، وفي النهاية عاد هاري إلى منزله يجد والدته تقف أمام باب البيت خاصته.
آن ماذا تفعلين هنا في مثل هذا الوقت المتأخر؟
آن؟ أنسيت كلمة أمي هاري أم قمت بإلغاءها من قاموسك اللغوي؟ سألت والدته مستنكرة ليعتذر منها على الفور وهو يشيح بنظره بعيدًا عنها.
أسف أمي، لم انتبه.
انتظر لحظة، ما هذه الرائحة التي تفوح منك؟
أي رائحة؟ سأل الأخير بأعين نصف مفتوحة وهو يتحرك بخطوات عشوائية وكأنه على وشك فقدان توازنه لكن أوقفه ذراع أمه وهي تجذبه بينما تُردف بإستياء واضح:
لقد شربت الخمر مجددًا أليس كذلك؟
أجل أمي، والآن، ماذا تريدين؟ دائمًا يصيبكِ النسيان، أمي أنا لم أعد طفلًا أنا شخصًا ناضج ولدي كامل الحرية لفعل ما يحلو لي!
وهل الشخص الناضج هو الذي يقوم بمقاطعة والدته ولا يهتم حتى بأن يهاتفها كي يطمئن على صحتها بسبب اختلاف في وجهة النظر! هل الشخص الناضج سيد هاري هو الذي يقضي الليل بأكمله في الحانات ليثمل؟
صرخت والدته في وجهه موبخة إياه ليغمض هو عيناه وهو يتأفف قبل أن يفتح عيناه بصعوبة بينما يعيد خصلات شعره وهو يُردف:
أمي أنا منهك، تفضلي إلى الداخل ولنتابع حديثنا في الصباح حسنًا؟
لا، هاري هذا لن يحدث سنتحدث الآن!
أمي لقد قلت أنا منهك ألا يوجد في قلبكِ رحمة؟
وأنا قلت سنتحدث الآن، توقف عن المراوغة كالصغار، قف وواجه الأمر كالرجال!
عن ماذا سنتحدث؟ عن الرجل الذي تريدين الزواج منه سيدة آن؟
أنا حقًا لا أعلم ما المشكلة!
أمي، هل حقًا تريدين الزواج وأنتِ في مثل هذا العمر؟ الزواج وأنتِ أولادكِ قد أصبحوا في العمر المناسب للزواج!
هاري أنا لن أقدم على فعل منحرف أنا سأتزوج زواج رسمي ما المشكلة؟ عزيزي أنا مازلت صغيرة بل إنه من ابسط حقوقي أن أحظى بحياة سعيدة!
لم أكن أعلم أنكِ ستستطيعي نسيانه ونسيان كل شيء بتلك السرعة،.
تلك السرعة لقد تحملته سنوات طويلة من أجلك أنتَ وشقيقتكَ والآن، الآن تقوم بإلقاء اللوم علي؟ ماذا دهاك عزيزي؟
أمي، أبي لم يكن سيئًا إلى تلك الدرجة ربما كان، لكنه كان يحبكِ بصدق،.
لقد كان خائن، لم على العيش مع رجل خائن؟
حسنًا أمي، تزوجي أفعلي كل ما يحلو لكِ!
سأفعل، أنا سأذهب وداعًا.
لا أمي من فضلكِ لا تفعلي، نبس هاري وهو يجذب والدته من يدها برفق لتنظر إلى عين ابنها بأعين دامعة ليغمض عيناه لبرهة قبل أن يقوم بنبرة أقرب إلى الهمس:
ابقي معي الليلة أمي، لقد تأخر الوقت و لستُ في واعيًا لكي أقود الآن.
قال بهدوء ثم انتبه أنهما لم يدخلان البيت بعد كان الشجار كله أمام بيت منزله، أخرج المفتاح من أحدى جيوبه ليفتح الباب ويدخل كلاهما.
هيا أمي لندلف إلى الداخل، يمكنكِ النوم في الغرفة التي تبيت بها جيما هنا حسنًا؟
حسنًا، تُصبح على خير.
قالت لتصعد إلى الأعلي بينما يجلس هو على الأريكة يمسك برأسه الذي كاد الصداع أن يفتك به،
أخذ يتذكر كيف كان اليوم غايه في الجمال قبل أن يفسده هذا الشجار بينما بداخله أخذ يدعو أن تكون أخبرت ايفدوكيا ليو بشأن مقابلتهما حتى لا يصبح الأمر أكثر غرابة.
جلس يفكر طويلًا بينما يشاهد التلفاز بالرغم من أنه لم يكن منتبهًا كثيرًا لأحداث ذلك الفيلم أمامه لكنه كان يريد أي صوت حتى لا يشعر بملل الهدوء وفي نهاية الأمر غلبه النعاس ليغفو في موضعه على الأريكة.
بالإنتقال إلى ذلك المنزل الصغير، استيقظت في السابعة صباحًا لتجد ليو نائم بجانبها غريب لم يفعل هذا منذ مدة فبسبب كثرة الشجار بينهم كان ينام هو بالغرفة الآخرى معظم الوقت.
ليو، ليو استيقظ ستتأخر على العمل، قالت وهي تحرك جسده بخفة عله يستيقظ، يتحرك حركة خفيفة قبل أن يجلس في موضعه بينما يهمس:
أجل أجل، أنا مستيقظ،.
هيا ليو ستتأخر.
لقد استيقظت، هل أعدتتِ الفطور؟
أجل لقد فعلت هيا.
قالت وهي تزيح الستائر لتتخلل أشعه الشمس داخل الغرفه كي تزعجه وتساعدها على إيقاظه، استقام من موضعه وهو يقترب منها ليطبع قبله على وجنتها ولكنها ابتعدت عنه سريعًا وهي تتجه نحو الخارج.
إذًا هل ستعود اليوم بعد العمل مباشرة؟ سألت وهي تجلس على الطاولة الخشبية التي يكسوها اللون البني الداكن ومحاطة بعدد من الكراسي.
أجل، لكن لا اعلم متى سينتهي العمل أخبرني السيد ستايلز لان لدينا الكثير من الأمور لإنجازها.
أوه حسنًا، سأنتظرك على الغداء على أي حال.
هذا لطفًا منكِ لكن أليس هذا ما هو المفترض أن يحدث؟ أي هذا ما تقوم به أي زوجة طبيعية؟
سأل بنبره مستفزة ساخرًا منها ليسود الصمت وهي تحاول أن تكظم غيظها بداخلها، أخذت تسأل نفسها بحزن لم لا يمكنه أن يكمل جملة حلوة حتى النهاية بل يجب أن يدس السم في نهاية حديثه؟
ليو أود أن أخبرك بشيء ما،.
عزيزتي اي? ألا يمكنكِ رؤية أنني قد تأخرت، سأغادر الآن ونتحدث عندما أعود وداعًا. قال ليو وهو ينهض لتتنهد بضيق فهي لا تريد أن تُخبئ ذلك الأمر لكنه لا يسمح لها بالتحدث إليه!
يمضي يومها ثقيلًا لا يخلو من ظهور هاري في أفكارها وقلقها بشأن ليو، تذهب لتتبضع وتجلب بعض الاغراض التي يحتاجها المنزل على قدر ما تحمل من نقود...
في نهاية اليوم عاد ليو من الخارج وقد زين ثغره ابتسامه واسعة لا تعرف مصدرها هي.
مرحبًا.
أهلًا بعودتكِ ليو، لقد قمت بتجهيز الطعام وكنت في انتظارك.
جيد فالجوع يكاد ينهش أحشائي.
سأضع الأطباق بينما تبدل ثيابك، هيا!
حسنًا.
إذًا يبدو أن اليوم لم يكن بشع في نهاية الأمر؟ سألته بينما تقوم بوضع الأطباق أعلى الطاولة، أخذ يطالعها بهدوء قبل أن يُردف:
لقد كان شاق، لكنه كان جيد نوعًا ما!
أخبرني إذًا، قالت بينما تدعو بداخلها أن يُذكر اسم هاري بتلك التفاصيل الذي على وشك أن يقولها ليو...
لقد كنا نعمل منذ أن وصلت إلى هناك الكثير من الأرقام، حاسوب باهظ الثمن لكنه ليس معقد كثيرًا في استخدامه يجري العمليات الحسابيه بسهولة وبسرعة كذلك.
همم همهمت وهي تعبث بالطعام بينما تستمع إلى تفاصيله ليتابع هو قائلًا:
كنا مجهدين بسبب العمل ولم ننتبه إلى الوقت حتى وجدنا السيد ستايلز يظهر أمامنا فجاءة ليخبرنا أنها الإستراحة كي نذهب لنأكل شيئ خفيف.
هذا لطف شديد منه.
أجل بالطبع. تمتم وهو يضحك ضحكة لم تفهمها ايفدوكيا قبل أن تساءله بتعجب:
ما المضحك إذًا؟
بينما كنت أقف في الكافتيريا الخاصة بالشركة وهي بالطابق الثاني رأيت السيد ستايلز بالأسفل بحديقة الشركة كان يقف وحده في البداية ثم جاءت فتاة تبدو جميلة للغاية وأنيقة كذلك اقتربت منه ليضمها ويقبلها بسعادة غامرة، لم أعرف من هي مؤكد أنها حبيبته فمن غير حبيبته قادرة على أن تجعل ملامحه الحادة الغاضبه سعيدة لتلك الدرجة!
عقدت ايفدوكيا حاجبيها وقد ظهرت امارات التعجب على وجهها لأنه لم يذكر شيء بخصوص حبيبته تلك، كما أنها لم تتصل مطلقًا عندما كانوا سويًا في ذلك اليوم...
لم زالت ابتسامتكِ؟ هل تغارين لأنني قلت أنها جميلة ايفدوكيا؟
هاه؟ بالطبع لم لا اغار فأنتَ زوجي في نهاية الأمر. أردفت ايفدوكيا بإبتسامة صغيرة بينما شعرت بغصة في حلقها وهي تترك الطعام الذي كان بيدها.
لم توقفتِ عن تناول الطعام؟
لا أعلم أشعر، بتوعك، قالت وهي تنهض ببطء لكن قبل أن تغادر أصابها دوار شديد جعلها تفقد توازنها ومن ثم تسقط مغشيًا عليها ليسرع ليو بالإمساك بها حتى لا تصطدم رأسها بالأرض.
بعد نصف ساعة وفي غرفة داخل أحد المستشفيات وبينما كانت تستلقي ايفدوكيا على السرير جلس بجانبها ليو ليدلف الطبيب بعدها إلى الداخل.
مرحبًا.
مرحبًا من فضلك أخبرني هل هي بخير؟
نعم، إنها على ما يرام حتى الآن ستستيقظ بعض دقيقتان، لكننا نحتاج إلى عينة من دمائها.
دمائها، لماذا هل تشكين في أمر ما؟
لا لنطمئن فقط ولنعرف سبب الإغماء و على حسبقولك حين قدمت إلى هنا انها تناولت طعام هذا يعني أن فقدان وعيها ليس متعلق بمسألة الطعام.
حسنًا، لكن مهلًا متى ستظهر النتيجة؟
يمكنك استلام النتائج بعد ثلاثة أيام.
حسنًا اشكرك. ترك ليو الطبيب ليذهب ليجلس مجدداً بجانب ايفدوكيا التي بدأت في فتح عيناها ببطء شديد وقد شعرت بألم يحتل رأسها.
وأخيرًا استيقظتِ.
ماذا حدث؟ سألت بضعف ليقلب ليو عيناه وهو يُجيبها بتملل:
لا شيء لقد فقدتِ وعيكِ.
وماذا قال الطبيب عن هذا الأمر؟
قال أنكِ بخير وتدللين، على أي حال قام بإجراء بعض الفحوصات لكن يجب أن ننتظر ثلاثة أيام حتى تظهر النتائج.
هذا كثير، أشعر بالقلق،.
لا داعي للقلق أنتِ بخير ايفدوكيا لا داعي للمبالغة عزيزتي. اكتفت بالإبتسام و بداخلها تريد أن تصرخ في وجهه بأنه لا يعرف إذا كانت بخير أم لا، هو لا يعرف أي شيء عنها ولا يهتم حتى...
لقد كانت تشعر بالتعب منذ مدة وكان وجهها كان يبدو شاحبًا طوال الفترة الماضية لكنه لم ينتبه قط فهو لم يعد ينظر إلى وجهها من الأساس...
هل يمكننا الذهاب الآن؟
سنفعل بمجرد انتهاء المحلول المُغذي خاصتكِ.
حسنًا.
بعد مرو ثلاثة أيام على ذهاب ايفدوكيا إلى المستشفى، كانت الأيام تمر بملل وفتور فلقد كانت ايفدوكيا تقضي يومها في المنزل كالمعتاد وفي نهاية اليوم تستمع إلى أخبار هاري على لسان ليو عند عودته من العمل كل يوم، لم تستطع أن تُخبره بشأن هاري فلقد انشغلت بأمر مرضها والنتائج التي لم تظهر بعد...
قطع شرودها هو رنين هاتفها القديم لترد و يجيبها على الجانب الآخر فتاه.
مرحبًا، هل هذا هاتف السيدة ايفدوكيا؟
أجل هذا أنا، كيف يمكنني مساعدتكِ؟
نحن مستشفي لقد منحنا زوجكِ رقم هاتفكي حتى نتحدث إليكِ عند ظهور نتيجه التحليل يمكنكِ القدوم و إستلامها الآن.
حسنًا أنا قادمه الآن، ألا يمكن أن تخبريني عبر الهاتف؟
أعتذر لكن الإدارة منعتنا من إخبار النتائج عبر الهاتف لذا يتوجب عليكي الحضور إلى هنا و استلامها بنفسكِ.
حسنًا شكرًا لكي، أنا في طريقي إليكِ.
لم تكن المسافه كبيرة لكن شعورها بالتوتر جعلها تفضل استقلال الحافلة بدلًا من السير، كان يجول داخل عقلها العديد من الأسئلة وقد نسج عقلها العديد من الإحتمالات السيئة للغاية، ترى هل هي مريضه بمرض خطير؟ هل يا تُرى قد ورثت مرض ما من عائلتها؟ تُرى هل ستصبح بخير أم أنها النهاية؟
أخرجها من شرودها توقف الحافلة أمام المكان المطلوب وفي غضون دقائق كانت تقف أمام إلى الإستقبال ثم الجزء المختص بالتحاليل.
مرحبًا لقد اتصل بي أحدهم قائلًا أنه يتوجب على القدوم لإستلام نتائج التحاليل خاصتي.
حسناً ما اسمكِ؟
ايفدوكيا.
حسناً سيدة ايفدوكيا توجهي إلى تلك الغرفه ستجدين الطبيپه بالداخل ستبلغكِ بالنتائج.
حسناً شكراً قالت بينما تتحرك ببطء نحو تلك الغرفه، وجدت بالداخل طبيبة و التي بالمناسبه كانت تبدو صغيرة بالسن عكس ما كانت تتوقع، ترتدي معطفها الأبيض الطبي و تضع نظارة طبيه و تجلس امام مكتبها و هي تمسك بالأوراق و تنظر إليها بتركيز تام.
مرحباً.
مرحباً تفضلي، انتِ ايفدوكيا أليس كذلك؟ قالت مع ابتسامه.
نعم إنه أنا.
حسناً لما كل هذا القلق. إن كنتِ متوتره لهذه الدرجه يمكنني جعلكِ تقرأين النتيجة بنفسكِ.
حسناً سيكون هذا أفضل. تفوهت لتمنحها الطبيبه الأوراق و التي كُتب فيها العديد من التفاصيل التي لن يفهمها سوى الاطباء لكن هناك جملتان استطاعت هي أن تفهمهم.
نظرت إلى الأوراق بصدمه كبيرة يكاد ثغرها يصل إلى الأرض من هول ما تراه...