رواية أدمنت قسوتك للكاتبة سارة علي الفصل الثالث
وقفت مايا أمام الشقة التي أخبرها كريم عنها، اعتصرت قبضة يدها بقوة وهي تفكر بأنها تخطو اولى خطواتها نحو الجحيم، نعم فتسليم نفسها لكريم هو الجحيم بحد ذاته، ضغطت على جرس الباب بتردد ليفتح لها كريم الباب خلال ثواني وهو يرتدي بنطال برمودا فوقه قميص خفيف ذو اكمام طويلة ازراره العلوية مفتوحة يبرز من خلالها صدره الصلب العريض...
ما ان وقعت عيناه عليها حتى ابتسم ابتسامة من ظفر بمراده أخيرا ثم أفسح لها المجال لتلج الى الداخل واغلق الباب جيدا بالمفتاح...
- نورتي شقتي المتواضعةة...
قالها بإبتسامة عريضة لتتأمل مايا الشقة الواسعة بإندهاش حقيقي، لم تر في حياتها بأكملها شقة كهذه، ما مدى الثراء الذي يتمتع به هذا الشخص ليعيش في شقة فخمة وراقية كهذه؟!
افاقت من أفكارها تلك على صوته وهو يقترب منها ويحيط كتفيها بذراعيه ليشعر بإرتجافة جسدها لا اراديا، ابتسم بسخرية فهذه الفتاة تمثل دور البراءة بشكل متقن...
- متخافيش يا بيبي، انا مش هاكلك...
تطلعت اليه بنظرات كارهة مشمئزة ليقهقه عاليا قبل ان يقرصها من وجنتها ويهتف بها:
- بموت في نظراتك دي...
اشاحت بوجهها بعيدا عنه بينما قبض هو على كف يدها الناعم واتجه بها نحو الشرفة قائلا بنبرة حماسية:
- تعالي شوفي النيل، المنظر من هنا تحفة...
وقفت مايا على رؤوس اصابعها ويدها ممسكة بسور الشرفة تتأمل مياه النيل اللامعة بملامح حزينة، كم تمنت لو تغرق في هذه المياه وينتهي امرها، لفحتها نسمات الهواء الباردة فإقشعر بدنها وقد ترك هذا المنظر شعورا باردا خاليا داخلها...
شعرت بكريم يحتضنها من الخلف محيطها ظهرها بذراعيه فأغمضت عيناها بألم تخفي دموعا ترقرقت داخلهما...
ظلا على هذه الوضعية لفترة طويلة، كريم يحيطها من الخلف مستنشقا عبير شعرها الناعم شاعرا بلذة غريبة تسيطر عليه، مايا تخفي دموعها بمعجزة وتخبئ ارتجافة جسدها اثرا للمساته...
- مش يلا بينا...
نطق بها كريم اخيرا قاطعا اللحظة الصامته لتلتفت مايا نحوه تتأمله بنظرات متوسلة ان يرحمها لكنه لم يبال بيها وهو يجرها خلفه ويقول:
- تعالي اوريكي جبت ايه ليكي...
ثم اتجه بها نحو غرفة النوم الفخمة واخرج من الخزانة قميص نوم اسود اللون مكشوف للغاية خاصة عند منطقة الصدر...
تأملت مايا قميص النوم الاسود بملامح مدهوشة، هل سترتدي هذا امامها؟! رباه ماذا ستفعل؟! هل لم ترتدِ شيئا كهذا من قبل حتى في منزلها...
وجدته يتأملها بملامح منتشية وهو يتخيلها ترتدي هذا القميص الشبه عاري له، ستكون أكثر من رائعة به...
ابتسم ملأ فمه وقال:
- يلا يا مايا، البسيه بقى، عشان منتعطلش اكتر من كده...
مسكت مايا الفستان وأخذت تنظر اليه بنظرات تائهة حائرة...
وجدته يشير الى غرفة صغيرة ملحقة بغرفة النوم قائلا:
- يلا خشي الحمام جوه غيري هدومك والبسيه...
سارت مايا بخطوات ضعيفة نحو الحمام، اغلقت الباب خلفها ثم وقفت في منتصفه تحمل قميص النوم تنظر اليه بنظرات تائهة حائرة...
ظلت متصنمة في مكانها ترفض التحرك او فعل اي شيء وكأنها شعر بذلك فطرق على الباب هاتفا بها:
- لو اتأخرتي اكتر من خمس دقايق هخشلك بنفسي...
ما ان سمعت كلماته حتى سارعت لخلع ملابسها وارتداء قميص النوم...
تطلعت مايا الى ما ارتدته بملامح شبه باكية، لا تصدق انها ستخرج بهذه القطعة العارية امامه...
سمعت صوت طرقات على الباب فقررت ان تخرج اخيرا فلا يوجد حل اخر امامها سوى هذا، مسحت دمعة تسللت من عينها وخرجت اليه...
وقف كريم مذهولا مدهوشا يتأمل مايا بهذا القميص العاري، لا يصدق ما يراه امامه، تحفة فنية بحق، ملاك يسير على الارض...
تأملها بدءا من وجهها الناعم الرقيق الخالي من مساحيق التجميل ثم عنقها الخمري الطويل، صدرها الذي يظهر معظمه من قميص النوم والذي يثير بداخله اشياء متضاربة، جسدها النحيل والذي يلتصق به قميص النوم كجلد ثاني انتهاءا بساقيها النحيلين الطويلين اللذان يظهران بسخاء اسفل القميص...
لم يشعر بنفسه الا وهو يصفر عاليا بحماس شديد قبل ان يقترب منها ويدور حولها هاتفها بانبهار:
- اجمل مما تخيلت، انتي تجنني يا مايا، حقيقي تجنني...
ثم مسك كف يدها وسار بها نحو السرير أجلسها عليه واقترب منها وأخذ يقبل جانب وجهها برقة بالغة...
انحدرت قبلاته من جانب وجهها الى فكها واخذ يتذوقه على مهل، ثم عنقها الذي اثاره وبشدة، يريد ان يتذوق كل قطعه من جسدها، ان يجرب معها جميع الاحاسيس المنشودة، الا يترك شعور واحد دون ان يشعر به معها، شعر بتصلب جسدها ثم ما لبثت ان دفعته بعيدا عنها ونهضت من مكانها تهتف ببكاء:
- لا مش هسمحلك تقرب مني...
زفر أنفاسه بإحباط ثم قال:
- بصي يا مايا، احنا بينا اتفاق، اي واحد هيخل بالاتفاق اللي بينا هياخد جزاه، وانتي عارفة انا اقدر اعمل فيكي ايه ..
- هتعمل فيا ايه اكتر من انك تاخد شرفي...
قالتها بمرارة ليقول بسخرية:
- شرفك، انتي مصدقة نفسك يا بنت، انتي نسيتي انا جايبك منين، ! فوقي يا ماما، متنسيش انا عملت ايه معاكي، انتي كان زمانك متحاكمة بقضية دعارة، عارفة يعني ايه دعارة، !
سالت الدموع من عينيها بغزارة ليهتف بتهديد صريح:
- بكلمة واحدة مني ألبسك بدل القضية قضيتين، وزي مخرجتك منها زي الشعرة من العجينة، هلبسك قضية أتقل منها وبسهولة...
صمتت ولم تتحدث فنهض من مكانها واقترب منها هامسا لها:
- خليكي هادية ومطيعة وانا اوعدك اني هعملك كل الي تحبيه وتتمنيه، بس تسمعي الكلام وتنفذي الي انا عايزة...
ثم سحبها خلفه نحو السرير مرة اخرى، وهجم عليها يقبلها بشوق جارف دون ان يأخذ ردة فعل واحدة منها، جن جنونه عندما وجدها لا تبادله عواطفه ومشاعره تلك فابتعد عنها وهو يسبها ويلعنها قبل ان يقبض على عنقها بقسوة هاتفا بتبرم:
- انتي ليه مش عاوزة تسمعي كلامي؟! ليه مصرة تعذبيني وتعذبي نفسك؟!
تحدثت بصوت مختنق:
- والله العظيم انا مش زي مانت فاكر، انا لسه بنت...
قهقه عاليا محررا رقبتها من يده...
- لسه بنت، ماشاءالله لحقتي تعمليه بالسرعة دي...
نهضت من مكانها وسألته:
- اعمل ايه؟!
- العملية اياها...
قالها وهو يغمز لها بخبث لتنتفض من مكانها وتصرخ به بإنفعال وقد انهارت اعصابها تماما:
- كفاية بقى، حرام عليك، قلتلك مية مرة انا مش كدة، والله العظيم انا مش كدة، اثبتلك إزاي...
ثم اقتربت منه وهتفت:
- انتي ليه مصر تحكم عليا اني كده؟! ليه مش عايز تصدقني؟!
- على فكرة انتي تنفعي تشتغلي فالسينما، انا ممكن أكلملك منتج صاحبي يشغلك معاه...
كان يتحدث ببرود لاذع جعلتها تفقد الأمل به، هذا الرجل بلا احساس بكل تأكيد...
- مايا، قدامك خيارين، يا تكوني ليا زي منا عاوز، يا تخرجي من هنا حالا وتستحملي كل اللي جاي...
في هذه اللحظة تجسد كل شيء امامها، والدتها، اختها، حتى سعد، الجميع ينظرون اليها، يترجونها ألا تفعل بهم هذا، ألا تفرط بشرفها، لأجل أيا كان، مسحت باطن وجهها بكفيها ثم اتجهت نحو الحمام تحت انظاره، غيرت ملابسها وخرجت له، تحدثت اخيرا:
- انا خارجة، خارجة ومش راجعة مهما حصل، انا مش هفرط فشرفي لأي سبب كان، ولو عاوز تأذيني براحتك، ربنا الكبير قادر يحميني منك ومن اللي زيك، عارف ليه؟! لأنوا عارف اني مظلومة...